23‏/12‏/2010

- إن اللَّه هو إلَه الكل



بقلم قداسة البابا شنوده الثالث
هو إله الكل، خالق الكل، والمُعتني بالكل، ورازق الكل. وكل أحد له نصيب فيه. وهو ضابط الكل ومُدبِّرهم.  هو إله جميع الكائنات: إله الملائكة والبشر، والحيوان والطير، والطبيعة الجامدة.
 مادام اللَّه قد خلق السموات والأرض، فهو إذن إله السماء وكل ما فيها، وإله الأرض وكل ما فيها، وكل ما تحت الأرض، وما بين السماء والأرض.
هو إله الحقول التي يرويها الماء فتحيا وتنمو. وهو إله الزهور الموجودة في الحقول. وإله النحل الذي يمتص رحيقاً من الزهور ويحوله شهداً. وإله الإنسان الذي يأكل هذا الشهد المصنوع من هذا الرحيق.
 إنه إله الطيور التي لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلى مخازن، وهو الذي يقوتها. وهو إلَه زنابق الحقل التي لا تتعب ولا تغزل، ومع ذلك ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. هو أيضاً إلَه العصفور يُنجيه من فخ الصيادين. وهو أيضاً إلَه الصيادين الذين نصبوا الفخ للعصفور.
 هو إلَه الأرواح، وإلَه الأجساد. إلَه الأحياء الذين على الأرض، وإلَه الذين أدركتهم الوفاة وتركوا العالم الحاضر.
  إنه إلَه الأقوياء وإلَه الضعفاء. إلَه هابيل الذي قتله أخوه، وأيضاً إلَه ذلك الأخ القاتل.
n إنه إلَه الحُكماء، وإلَه البُسطاء. هو إلَه سقراط وأفلاطون وأرسطو، وهو إلَه أي إنسان أُمي لا يعرف القراءة والكتابة. وهو يفيض بنعمته على هؤلاء وأولئك.
n إنه إلَه الملائكة الذين يُسبِّحونه في السماء قائلين: قدوس قدوس قدوس ... وإلَه الملائكة الذين يرسلهم إلى الأرض لعمل إنقاذ أو لتبليغ رسالة. أولئك الذين يطيعون أمره للفور وينفِّذون مشيئته بدون إبطاء ... وهو في نفس الوقت إلَه البشر الذين يكسرون وصاياه أحياناً أو يترددون في تنفيذ إحدى الوصايا.
n إن اللَّه هو إلَه الأبرار الذين يعيشون في حياة الفضيلة والقداسة. وفي نفس الوقت هو إلَه الخطاة الذين يقودهم إلى التوبة. إنه إلَه أولئك الشيوعيين المُلحدين، الذين على الرغم من إلحادهم أعطاهم القوة والمعرفة لكي يصعدوا في سفينة الفضاء إلى القمر. وأطال آناته عليهم سبعين سنة حتى رجعوا إلى الإيمان ... هو إلَه أوغسطينوس الذي عاش بعيداً عن الإيمان وعن الحياة الطاهرة زمناً طويلاً. إلى أن أرجعه لحياة التوبة وقاده في حياة البِرّ حتى كتب كتاب اعترافاته وقال فيها: " كنت يارب معي، ولكنني لفرط شقاوتي لم أكن معك. لقد تأخرت كثيراً في حبك أيها الحب الذي لا حدود له ".
n إن اللَّه الذي خلق الكُل، وبنفسيات متنوِّعة، لم يطلب من الجميع أن يكونوا في نسق واحد من الحياة. لذلك فهو إلَه البتوليين وإلَه المتزوجين. إلَه النُّسَّاك الذين يعيشون في البراري وشقوق الجبال، وأيضاً إلَه الذين يُجاهدون في خدمة المجتمع وفي العمل وسط الناس. إنه إلَه الذين يعيشون في حياة التأمل والصلاة، وإلَه الذين يعيشون في حياة الخدمة. إنه إلَه القديس أنطونيوس المتوحد في جبل، وإلَه يوسف الصديق الذي كان يعمل كوزير تموين في مصر، يُخزن القمح ويبيعه بحكمة لكي ينقذ الناس من المجاعة. وهو أيضاً إلَه الرعاة الذين يبذلون كل جهدهم في إفتقاد الرعية والإهتمام بها ... إنه إلَه الذين يعملون في مجال التعليم، وفي نفس الوقت هو إلَه الذين يتتلمذون على أيديهم. مُبارَك هو الرب الذي يُشعر كل إنسان أيَّاً كان عمله، وأيَّاً كان وضعه في المجتمع، إنه تحت رعاية اللَّه وتحت حفظه وتحت إهتمامه.
 إن اللَّه هو إلَه المرضى الذين يطلبون منه الشفاء، وإلَه الأطباء الذين يُعالجونه. الكل يتطلَّعون إليه، ويضعون حياتهم بين يديه. فهو يُعطي الطبيب الحكمة في معرفة المرض وفي طريقة التعامل معه وعلاجه. وهو يُعطي المريض الصبر وإحتمال المرض والثقة في اللَّه الشافي.
n إن اللَّه يهتم بالكل، ويبقى أن الكل يهتمون بأنفسهم. هو يعمل بنعمته في الجميع، ولكن المُهم أن يستجيب الجميع لعمل نعمته. والبشر في ذلك ليسوا في إتجاه واحد. منهم مَن يناديه اللَّه فيسمع ويسعى وراءه. ومَن يرفض النداء ويرفض السير في طريق اللَّه. وهنا نتذكَّر أيضاً عبارة القديس أوغسطينوس حينما قال للَّه: " كنت معي ولكنني لم أكن معك ".
n وهنا نسأل عن الرافضين للَّه: هل اللَّه أيضاً يرفضهم؟ هو إلَه لهم، ولكنهم لا يريدون أن يكونوا له! ومع ذلك فإن اللَّه الطيِّب والطويل الروح، الذي لا يشاء موت الخاطئ مثلما أن يرجع ويحيا ... هو يطيل أناته على أولئك الرافضين. رُبَّما الذي لا يأتي اليوم، سوف يأتي غداً. والذي لا يريد أن يتوب، يُقدِّم اللَّه له أسباباً كثيرة للتوبة، ومؤثرات تعمل فيه. لأن اللَّه ليس هو إلَه للطائعين فقط، وإنما للعُصاة أيضاً، حتى يُخلِّصهم من عصيانهم بسعة صدره. وإن كان إنسان أضعف من أن يحيا في حياة الفضيلة، فهذا إن تخلَّى عنه الكل، لا يتخلَّى عنه اللَّه. لأن اللَّه هو إلَه الضعفاء أيضاً، يسندهم حتى يقيمهم. إنه مُعين مَن ليس له مُعين، ورجاء مَن ليس له رجاء. وهو يُشجِّع صغيري النفوس، وينتشل الواقعين في اليأس، فيغرس فيهم القوة والرجاء والأمل. إنه يشفق على المساكين، ويعصب مُنكسري القلوب. ويُنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق.
 لذلك يا أخي القارئ: لا تُفكِّر أبداً في وقت سقوطك أن اللَّه قد تخلَّى عنك. كلا بل هو يهتم بك بالأكثر، لأنك مُحتاج إليه بالأكثر. حتى إن قَوِيَت عليك الحروب الروحية أو الحروب التي من سائر البشر، فثق تماماً أن اللَّه سوف يتدخل برحمته لكي يعينك وينقذك من تعبك. وإن تعرَّضت إلى خطية متعبة. فقل في ثقة كاملة: إعطني يارب قوة لأصمد وأنتصر. موقناً أن اللَّه ليس فقط إلَه القديسين، إنما هو أيضاً هو إلَه المُحارَبين بالخطية يساعدهم في الانتصار عليها.

.

- اللَّه القوي القادر على كل شيئ



بقلم قداسة البابا شنوده الثالث
 من صفات اللَه ـ جل جلاله ـ أنه قوي ( قدير ). وقوة اللّه قوة عجيبة غير محدودة، وتشمل كل شيء. وهى أولاً قوة ذاتية أي أنها صادرة من ذاته الإلهية. وليست مثل قوة الملائكة، أو قوة بعض البشر. فكل هؤلاء مصدر قوتهم من اللَّه خالقهم.
 إن قلنا إن العقل البشري له قوة هائلة استطاعت أن تصل إلى الفضاء، وأن تقوم بإختراعات مذهلة قد تفوق الخيال مثل الطائرات، ومركبات الفضاء التي تصل إلى القمر، والطائرات التي بدون قائد، واستخدام الفاكس والكمبيوتر والـ mobile phone، وما يُستخدم في مجال الطب والصناعة وعلوم الفضاء والبحار، واستخدام الذرَّة والليزر، وما إلى ذلك ... فإن العقل البشري هو أيضاً من صُنع اللَّه، ومواهبه منحة من اللَّه أيضاً. وحتى إن أُتيح لبعض البشر من الأنبياء والرسل والأبرار أن يصنعوا بعض المعجزات، فذلك أيضاً ليس بقوتهم الشخصية وإنما بموهبة ممنوحة لهم من اللَّه.
ونفس الوضع نقوله عن قوة الملائكة، الذين يمكنهم أن ينتقلوا من السماء إلى الأرض في لمح البصر، وأن يقوموا أحياناً بأعمال معجزية يُكلِّفهم اللَّه بها ... وكل ذلك ليس بقوة ذاتية منهم، إنما بطبيعة وموهبة منحها اللَّه ... أمَّا اللَّه فقدرته ذاتية. بعكس الملائكة والبشر الذين بدونه لا يقدرون أن يفعلوا شيئاً.
n أيضاً من صفات قوة اللَّه التي ينفرد بها، أنه قادر على كل شيء. وهذه صفة خاصة باللَّه وحده. ومن تواضع اللَّه في قوته أنه منح بعض الملائكة والبشر قدرات مُعيَّنة، ولكنها ليست قدرات على كل شيء. وحتى الطبيعة أيضاً، قد يستطيع زلزال أن يهدم منطقة بأثرها ولكنه لا يقدر على كل شيء. وحتى الشياطين: قدرتهم أيضاً محدودة. ويستطيع اللَّه في أي وقت أن يوقف عملهم. ولا ننسى أن هذه الأرواح الشريرة هى من خلق اللَّه، وإن كان لم يخلقها شريرة في البدء، إنما بحرية إرادتهم انحرفوا وتحوَّلوا إلى شياطين. وهم أيضاً تحت عقوبة اللَّه، وسوف يلقيهم في النار المؤبدة المعدَّة لإبليس وأعوانه.
n ومن أعظم الدلائل على قوة اللَّه التي لا تُحد: قدرته على الخلق. والمقصود بالخلق أنه يوجد كائنات من العدم. وهذا أمر لا يستطيعه أحد على الإطلاق. فأقصى ما يمكن أن يصل إليه الإنسان، أن يكون صانعاً أو مكتشفاً، يكتشف طبيعة الأشياء وخواصها، ويصنع منها ما يستطيعه عقله. أمَّا الخلق أي الإيجاد من العدم فهى قدرة اللَّه وحده. وبخاصة قدرته العجيبة على خلق أنواع عجيبة من الكائنات، سواء من الجمادات أو الأحياء، ما يُرى ولا يُرى، مِمَّا لا يستطيع إحصاءه أي عقل بشري.
n ومعجزة أخرى مذهلة هى إقامة الموتى. وتصل هذه المعجزة إلى وضع فوق عقولنا جميعاً. وأعني إقامة الأموات كلهم في اليوم الأخير. ملايين الملايين في كل بقاع الأرض، مِمَّن قد تحلَّلت أجسامهم وعظامهم وتحولت إلى تراب!! وتقوم كلها في وقت واحد وتدخل فيها أرواحها. وتقف أمام اللَّه في يوم الدينونة الرهيب، ليُجازي كل منها حسب أعمالهم. ومعروف أن هاتين المعجزتين، أعني الخلق وإقامة الأموات، هما فوق العقل البشري، وفوق كل علومه.
n أضيف إلى ذلك باقي المعجزات والأعاجيب التي قام بها اللَّه. نذكر من بين ذلك منح البصر للعُميان، وشفاء الأمراض المُستعصية، وشق البحر الأحمر، وغير ذلك من الأعاجيب، التي سمح أن تحدث على أيدي بعض البشر أو الملائكة، بقوته الممنوحة لهم.
n تظهر قوة اللَّه العجيبة أيضاً في معرفته. فهو يعرف جميع الخفيات والظاهرات. ويعرف كل ما في السماء وما على الأرض وما تحت الأرض أيضاً، وما في شقوق الجبال. ويعرف ما يدور في عقول البشر، كل البشر، من أفكار، وما في قلوبهم من مشاعر، وما في إرادتهم من نيَّات ... إنها معرفة عجيبة، خاصة باللَّه وحده، تدل على قدرته على كل شيء.
n وقوة اللَّه العجيبة تظهر أيضاً في محبته وعطائه. فهو يعطي كل شيء. ويعطي الجميع بسخاء. ويعطي قبل أن نطلب، ودون أن نطلب، وفوق ما نطلب. يفتح كوى السماء ويفيض على الناس من إحساناته. يعطي البشر، ويعطي أيضاً جميع الكائنات الحية التي تسكن الأرض أو البحار أو الهواء. وحتى الدودة التي تدب تحت حجر يعطيها أيضاً طعامها. ما أعجب قدرة اللَّه وما أعجب قوته في حنوه وعطفه على الكل.
n ما أعجب قدرة اللَّه أيضاً في احتماله: هذا الذي يحتمل كل أخطاء البشر وشرهم وفجورهم، وكسرهم لوصاياه، ويحتمل إلحاد البعض منهم. ونحن الذين لا نستطيع أن نحتمل بعض إساءات إخوتنا لنا. بل بتأثر وحساسية شديدة نغضب ونثور. بينما اللَّه يحتمل كل هؤلاء في صبر. بل أكثر من ذلك احتمل كثيرين من الذين تعمَّقوا في الخطية. وصبر عليهم بشكل عجيب حتى تابوا وصاروا أبراراً.
n بل قوة اللَّه أيضاً تظهر في مغفرته. إنه صعب على البشر أن يغفروا للمسيئين إليهم. وإن غفروا ربما لا يستطيعون أن ينسوا. وإن خيّل أنهم قد نسوا، يعودون فيتذكرون كل الإساءات القديمة إن تعرَّضوا لإساءة جديدة! أمَّا اللَّه فهو في قوة مغفرته، يغفر القديم والجديد، لمجرَّد توبة الإنسان.
n إنني لا أستطيع أن أحصي كل عناصر قوة اللَّه وقدرته الفائقة، وقوته أيضاً في تدبيره وفي حكمته، وفي أمور أخرى لا يتسع لها المجال ... ولكننا في كل ذلك نفرح أننا في حماية إله قوي تشمل قدرته كل شيء ... في حماية إله يقدر أن يحفظ، وأن ينقذ، وأن يحمي خليقته من كل شر ومن كل ضرر ... وفي قدرته أيضاً أن يضع حداً لكل أعمال الشيطان وكل أعوانه من الناس الأشرار. فهو إله لا يعسر عليه شيء. وكل ما هو غير مستطاع عند الناس، هو مستطاع عند اللَّه القادر على كل شيء. لذلك يمكن أن يحيا الناس في رجاء واطمئنان وسلام قلبي، واثقين بقدرة اللَّه وتدخله.

.

19‏/12‏/2010

- إنجيل الأحد 2010/12/19


( الأحد الثاني من شهر كيهك المبارك )



19 ديسمبر 2010

10 كيهك 1727









مزمور القداس



من مزامير أبينا داود النبي ( 44 : 13 )



اسمعي يا ابنتي وانظُري وأمِيلي سمعكِ، وانسي شَعبَكِ وكلَّ بيتِ أبيكِ. فإنَّ المَلِكَ قد اشتهى حُسنَكِ، لأنَّه هـو ربُّـكِ. هللويا.







إنجيل القداس



من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 1: 26 ـ 38 )



وفي الشَّهر السَّادس أُرسِلَ جبرائيل الملاك من عند الله إلى مدينةٍ من الجليل ا‘سمها ناصرةٌ، إلى عذراء مخطوبةٍ لرجلٍ مِن بيتِ دواد اسمه يوسف. واسم العذراء مريم. فدخل إليها الملاك وقال لها: " سلامٌ لكِ أيَّتُها المملوءة نعمة! الربُّ معكِ. مُبارَكةٌ أنتِ في النِّساء ". فلمَّا رأته اضطربت من الكلام، وفكَّرت ماذا يكون هذا السلام! فقال لها الملاك: " لا تخافي يا مريم لأنَّكِ قد وجدتِ نعمةً عند الله. وها أنتِ ستحبلينَ وتلدينَ ابناً وتدعين اسمه يسوع. وهذا يكون عظيماً، وابن العليِّ يُدعَى ويعطيه الربُّ الإلهُ كرسيَّ داودَ أبيهِ، ويملك على بيتِ يعقوبَ إلى الأبدِ، ولا يكون لملكهِ انقضاءٌ ". فقالت مريم للملاكِ: " كيف يكون لي هذا وأنا لا أعرف رجلاً؟ ". فأجاب الملاك وقال لها: " الرُّوح القُدس يحلُّ عليكِ، وقوَّة العليِّ تُظلِّلُكِ، فلذلك أيضاً المولود منكِ قدُّوسٌ ويُدعَى ابن الله. وهوذا أليصابات نسيبتُكِ هيَ أيضاً حُبلى بِابنٍ في شيخوختها، وهذا هو الشَّهر السَّادس لتِلكَ المدعوَّة عاقِراً، لأنَّه ليس شيءٌ غير ممكن لدى الله ". فقالت مريم للملاكَ:

" هوذا أنا أَمَةُ الربِّ. وليكُن لي كقولِكَ ". فانصرف عنها الملاك.







( والمجد للـه دائماً )
.




18‏/12‏/2010

- إنجيل السبت 18/12/2010


( يوم السبت )
18 ديسمبر 2010
9 كيهك 1727




مزمور القداس

من مزامير أبينا داود النبي ( 33 : 18 ، 67 : 4 )

كثيرةٌ هي أحزان الصدِّيقين. ومن جميعها يُنجِّيهم الربُّ. والصدِّيقون يفرحونَ ويتهللونَ أمام اللهِ. ويتنعمون بالسرور. هللويا.



إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 12 : 32 ـ 44 )

لا تَخف أيُّها القطيع الصَّغير، لأنَّ أباكم قد سُر أن يُعطيكُم الملكوت. بيعوا ما لكُم وأعطوا صدقة. اعملوا لكم أكياساً لا تقدم وكنزاً لا يفنى في السَّموات، حيث لا يقرب سارقٌ ولا يُفسده سوسٌ، لأنه حيث يكون كنزكم هُناك يكون قلبكم أيضاً.

لتكُن أحقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدة ، وأنتم أيضاً تشبهون أُناساً ينتظرون سيِّدهم متى يعود من العرس، حتى إذا جاء وقرع يفتحون له في الحال. طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيِّدهم يجدهم ساهرين. الحقَّ أقول لكم: أنه يتمنطق ويُتكئهم ويقف ويخدمهم. وإن أتى في الهزيع الثَّاني أو إذا أتى فى الهزيع الثَّالث ووجدهم هكذا، فطوبى لأولئك العبيد. وإنَّما اعلموا هذا: أنه لو عرف ربُّ البيت في أية ساعة يأتي السَّارق لسهر، ولم يدع بيته يُنقَب. فكونوا أنتم أيضاً مستعدِّين، لأنَّه في ساعة لا تعرفنها يأتي ابن الإنسان.

فقال له بطرس: ياربُّ، ألنا تقول هذا المثل أم قلته للجميع أيضاً؟. فقال الربُّ: فمن هو يا ترى الوكيل الأمين والحكيم الذي يُقيمه سيِّده على عبيده ليُعطيهم طعامهم في حينه؟ طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيِّده يجده يفعل هكذا! حقاً أقول لكُم: أنَّه يُقيمه على جميع أمواله.


( والمجد للـه دائماً )


.

12‏/12‏/2010

- إنجيل الاحد 12/12/2010


( الأحد الأول من شهر كيهك المبارك )
12 ديسمبر 2010
3 كيهك 1727




مزمور القداس

من مزامير أبينا داود النبي ( 101 : 11 ، 14 )

أنتَ ياربُّ ترجعُ وترأفُ على صِهيونَ، لأنَّهُ وقتُ التحنُّن عليها. لأنَّ الربَّ يبني صِهيونَ ويَظهرُ بمجدِهِ. هللويا.



إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 1 : 1 ـ 25 )

مِن أجل أن كثيرين أخذوا في كتابة أقوال مِن أجل الأعمال التي أُكملَت فينا، كما سلَّمها إلينا الأولونَ الذينَ عاينوا وكانوا خدَّاماً للكلمةِ، اخترتُ أنا أيضاً إذ قد تَتَبَّعتُ كلَّ شيءٍ مِن الأوَّل بتدقيقٍ أن أكتُبَ إليكَ أيُّها العزيزُ ثاؤفيلُس، لتَعرفَ قوَّة الكلام الذي وُعِظتَ بهِ.

كانَ في أيَّام هيرودسَ ملك اليهوديَّةِ كاهنٌ اسمهُ زكريَّا مِن أيَّام خدمة آبيَّا، وامرأتُهُ كانت مِن بناتِ هرونَ واسمُها أليصاباتُ. وكانا كلاهُما بارَّين أمام اللـهِ، سالكينِ في جميع وصايا وحقوق الربِّ بلا لوم. ولمْ يكُن لهُما ولَدٌ، إذ كانت أليصابات عاقراً. وكانا الاثنان مُتقدِّمين في أيَّامهما.

فبينما كان يَكهَنُ في رُتبة أيام خدمتهُ أمام اللـهِ، حسبَ عادة الكهنوت، أصابتهُ القُرعةُ أن يَرفع بخوراً فدخل إلى هيكل الربِّ. وكان كلُّ جمهورِ الشَّعبِ يُصلُّونَ خارجاً وقتَ البخورِ. فظهرَ لهُ ملاكُ الربِّ واقفاً عن يمينِ مذبح البخورِ. فلمَّا رآه زكريَّا اضطربَ ووقعَ عليهِ خوفٌ. فقال له الملاكُ: " لا تخفْ يا زكريَّا، لأنَّ طلبتكَ قد سُمِعتْ، وامرأتُكَ أليصاباتُ ستَحبل وتلِدُ لكَ ابناً وتسمِّيهِ يوحنَّا. ويكونُ لكَ فرحٌ وابتهاجٌ، وكثيرونَ سيفرحونَ بولادتهِ، لأنَّه يكونُ عظيماً أمام الربِّ، وخمراً ومُسكراً لا يشربُ ومِن بطنِ أمِّهِ يَمتَلِئُ من الرُّوح القدسِ. ويردُّ كثيرينَ من بني إسرائيلَ إلى الربِّ إلههم. ويَتقدَّمُ أمامهُ برُوح إيليَّا وقوَّتهِ، ليردَّ قلوبَ الآباءِ إلى الأبناءِ، والعصاةَ إلى فكرِ الأبرارِ، لكي يُهيِّئ للـربِّ شعباً مُبرراً ".

فقال زكريَّا للملاك: " كيف أعلَمُ هذا، لأنِّي أنا شيخٌ وامرأتي مُتقدِّمةٌ في أيَّامها؟ " فأجاب الملاكُ وقال لهُ: " أنا جبرائيل الواقفُ قدَّام اللـهِ، وأُرسِلتُ لأُكلِّمكَ وأُبشِّركَ بهذا. وها أنتَ تَصيرُ صامتاً ولا تستطيعُ الكلام، إلى اليوم الذي يكونُ فيهِ هذا، لأنَّكَ لم تُصدِّق كلامي الذي سَيَتمُّ في وقتهِ ". وكان جميعُ الشَّعبُ ينتظرُ زكريَّا وكانوا مُتَعّجِّبينَ مِن إبطائهِ في الهيكل. فلمَّا خرجَ لم يستطع أن يُكلِّمهُم، فعلموا أنَّهُ قد رأى رؤية في الهيكل. فكان يُشيرُ إليهُم بيده وبقيَ صامتاً.

ولمَّا كَمِلَتْ أيَّام خدمتهُ مضى إلى بيتهِ. وبعد تلكَ الأيَّام حبِلت أليصابات امرأتهُ، وأخفتْ نفسها خمسة أشهر قائلةً: " أنَّه هكذا قد صنَعَ بي الربُّ في الأيَّام التي فيها نظرَ إليَّ، لينزعَ عاري مِن بين النَّاسِ ".


( والمجد للـه دائماً )

- إنجيل السبت 11/12/2010


 يوم السبت 11 ديسمبر 2010
2 كيهك 1727




مزمور القداس

من مزامير أبينا داود النبي ( 91 : 10 ، 11 )

الصدِّيقُ كالنَّخلةِ يزهوُ. وكمثلِ أرز لبنان ينموُ. مَغروسِينَ فى بيتِ الربِّ. وفى ديارِ بيت إلهنا زاهرينَ.
هللويا.



إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 12 : 32 ـ 44 )

لا تَخف أيُّها القطيع الصَّغير، لأنَّ أباكم قد سُر أن يُعطيكُم الملكوت. بيعوا ما لكُم وأعطوا صدقة. اعملوا لكم أكياساً لا تَقْدُمْ وكنزاً لا يفنى فى السَّموات، حيث لا يَقرَبُ سارقٌ ولا يُفسده سوسٌ، لأنَّه حيث يكون كنزكم هُناك يكون قلبكم أيضاً.

لتكُن أحقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدة ، وأنتم أيضاً تشبهون أُناساً ينتظرون سيِّدهم متى يعود من العرس، حتى إذا جاء وقرع يفتحون له فى الحال. طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيِّدهم يجدهم ساهرين. الحقَّ أقول لكم: أنه يتمنطق ويُتكئهم ويقف ويخدمهم. وإن أتى فى الهزيع الثَّانى أو إذا أتى فى الهزيع الثَّالث ووجدهم هكذا، فطوبى لأولئك العبيد. وإنَّما اعلموا هذا: أنه لو عرف ربُّ البيت فى أية ساعة يأتي السَّارق لسهر، ولم يدع بيته يُنقَب. فكونوا أنتم أيضاً مستعدِّين، لأنَّه فى ساعة لا تعرفونها يأتي ابن الإنسان.

فقال له بطرس: ياربُّ، ألنا تقول هذا المثل أم قلته للجميع أيضاً؟. فقال الربُّ: فمن هو ياترى الوكيل الأمين والحكيم الذى يُقيمه سيِّده على عبيده ليُعطيهم طعامهم فى حينه؟ طوبى لذلك العبد الذى إذا جاء سيِّده يجده يفعل هكذا! حقاً أقول لكُم: أنَّه يُقيمه على جميع أمواله.



( والمجد للـه دائماً )

11‏/12‏/2010

- أمام اللَّه




بقلم قداسة البابا شنوده الثالث


أنت يا أخي أمام اللَّه باستمرار، ليس فقط في وقت الصلاة أو في دور العبادة، بل أنت أمامه في كل مكان وفي كل حين، في مكتبك ووقت العمل، وفي الشارع، وفي البيت، وحتى في حجرتك المغلقة. نعم أنت أمام اللَّه الذى يَرى ويَسمع ويلاحظ.

+ من المُلاحظ عملياً في أخطاء الناس، أن أي شخص يخطئ قد يستحي أن يخطئ أمام الناس، أو أمام أحد من محبيه لئلا تتغير ثقته عنه، أو حتى أمام أعدائه حتى لا يعيروه بذلك الخطأ. ولذلك يفضل الخطاة أن يرتكبوا أخطاءهم في الخفاء، أو في الظُّلمة حتى لا يراهم أحد. ولذلك قيل عنهم إنهم " أحبوا الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم شريرة ". فإن كان الخطاة يخجلون أن يخطئوا أمام البشر أمثالهم، أفلا يخجلون من إرتكاب الخطية أمام اللَّه الذى يراهم؟! يقيناً إنهم لو شعروا ـ أثناء خطيئتهم ـ أنهم يفعلون ذلك أمام اللَّه، لخجلوا وخافوا، إلاَّ لو كانت درجة محبتهم للخطية، أو درجة استهتارهم، أقوى بكثير من الشعور بالوجود أمام اللَّه. أو أن الخطاة ينسون أنهم أمام اللَّه، أو يحاولون أن ينسوا ذلك، أو أنهم يبعدون عن ذهنهم أثناء الخطية كل فكر يختص باللَّه وبوصاياه. لذلك فإن الشيطان وهو يقود إنساناً إلى الخطية، يُنسيه اسم اللَّه بالكلية، ويُنسيه وصاياه. وكما قال أحد الآدباء: إن الخطية تسبقها الشهوة أو الغفلة أو النسيان.
+ لذلك نقول للخاطئ: إن كانت خطيتك بالعمل، إخجل من اللَّه الذى يراك. وإن كانت خطية لسان فإخجل من اللَّه الذى يسمعك. وإن كانت الخطية بالفكر أو بمشاعر القلب، إخجل من اللَّه فاحص القلوب وقارئ الأفكار. نعم إخجل من اللَّه الذى يقول لك في أعماقك: " أنا عارف أعمالك ".
  عليك أن تخجل أيضاً من الملائكة التى تراك وتسمعك والتى تحيط بنا باستمرار. وفي كثير من الخطايا البشعة التى لا يحتمل الملائكة رؤيتها أو سماعها، وقد يحدث أنهم يتركونك، فتلتف حولك الشياطين وتتعبك.

عليك أن تخجل أيضاً من أرواح القديسين وهم يرونك. إخجل من أرواح أقربائك وأصحابك وزملائك الذين انتقلوا من عالمنا، وهم يرون ما تفعله وما تقوله. وبعضهم كان يثق بك جداً، وما كان يتصوَّر أنك تُخطئ هكذا! وكل أولئك مندهشون جداً مما يحدث منك!
+ وإلى جوار عنصر الخجل يوجد عنصر النسيان: ففى وقت إرتكاب الخطية تنسى أنك أمام اللَّه، وتنسى أنك بالخطية تكون في حالة إنفصال عن اللَّه بالفكر والقلب، وأنك في حالة عدم شعور بوجود اللَّه، وعدم شعور بقدسيته، وبنسيان كامل وصاياه. وتكون أيضاً في حالة نسيان للأبدية ولدينونة اللَّه العادلة. وفي الواقع أنت أمام اللَّه الديان العادل، ليس في السماء فقط، وإنما أيضاً هنا على الأرض. 
+ وفي غير موضوع الخطية، فإن الذى يدرك أنه أمام اللَّه، لاشكَّ أنه يشعر بخشوع أمامه. فنخشع أمام قوة اللَّه، وأمام لاهوته، وأمام قدسيته. ومن هنا يكون الشخص في حالة تواضع. فإن الذى يحيط نفسه بالعظمة، ويمشي في الأرض مرحاً، ويتكبَّر في علاقته مع الآخرين ... لا شك أنه لا يشعر أبداً أنه أمام اللَّه الذى يرفض هذا التعاظم وهذه الكبرياء. وذلك مهما حصل الإنسان على مناصب أو درجات. وأذكر أنني قلت مرة في بعض أبيات الشَّعر:
قُل لمِنَ يعتز بالألقاب إن
أنت في الأصل تراب تافه
***

***
صاح في فخره مَن أعظم مني
هل سأنسى أصله مَن قال إنى



ولذلك يا أخى لا تجلس بكبرياء ولا تمشي بكبرياء، ولا تُكلَّم أحداً بكبرياء. لأنك في كل ذلك أمام اللَّه الذى لا يُسر بتعظمك. بل عليك أن تقول في صلاتك: أنا أخجل أمامك يارب من أن أُعامل الناس بكبرياء أو بعظمة أو بسُلطان، ناسياً إنني تراب ورماد، وأنهم خليقتك ورعيتك.

وبنفس الوضع يكون الإنسان الحكيم متواضعاً أمام اللَّه في صلاته. فيقول له: مَن أنا يارب حتى أقف أمامك، أو أتحدث إليك؟! أنت الذي تقف أمامك الملائكة ورؤساء الملائكة وكل الأجناد السمائية ... هذا بعكس الذين في صلواتهم قد يشعرون بالبِرِّ لأنهم أتقياء ويصلون! بل إن الذي يشعر في الصلاة أنه أمام اللَّه القدوس البار، الذى لا حدود لقدسيته ولبِرِّه، إنما يشعر بهذا المُصلِّي بخجل شديد في أنه يقف أمام اللَّه ناسياً خطاياه الكثيرة التى نجَّس القلب بها. لذلك فإنه يعترف بإنه أخطأ أمام اللَّه ولم يخجل! وأنه أخطأ كثيراً ثم تجرَّأ أن يقف أمام اللَّه ويُكلِّمه ناسياً ما فعله من أخطاء!

+ إن الذى يشعر أنه أمام اللَّه، لابد أن يكون حريصاً جداً في معاملاته مع الناس. وهو يشعر أنه أمام اللَّه الذى ستر عليه ولم يكشفه في كل ما ارتكب من خطايا. لذلك يحرص أنه يستر على باقى الناس، ولا يُشهّر بنقائصهم أو بخطاياهم. لأنه بإدراكه أنه أمام اللَّه، يقول له: كما سترت عليَّ يارب ينبغي أن أستر على غيري. وكما غفرت لي، ينبغى أن أغفر لغيري إساءتهم. ولا أحكم على أفعال الناس، لأنني إنسان محكوم عليَّ منك، الذى يعرف كل أعمالى في العلن وفي الخفاء.

 
+وفي الضيقة أيضاً ينبغى أن ندرك كل متضايق إنه أمام اللَّه الذى يهتم به، والذى هو قادر على أن يُنقذه ويُنجِّيه. إن مشكلتنا في الضيقات أننا لا نرى إلاَّ الضيقة، ولا نرى اللَّه الذى يحمينا منها! والواقع أن اللَّه كما يرى خطايانا، يرى أيضاً متاعبنا. ولذلك في الضيقة ينبغي أن تدرك أنك أمام اللَّه الحافظ والراعى والمُعين والمُنقذ. وبهذا تطمئن ويملك السلام على قلبك مهما حدث.

 
+ إن شعورنا أننا بإستمرار أمام اللَّه الذى يضبط حياتنا كضابط للكل، ويراقبها، هذا يجعلنا أكثر احتراصاً في حياتنا، لا نتسيب في شيء ولا نخطئ. مؤمنين أن اللَّه يرى كل ما نفعل، ويسمع كل ما نقول، ويطَّلع على أفكارنا ومشاعرنا، وكل تفاصيل حياتنا مكشوفة أمامه ... وفي نفس الوقت هو ليس فقط يراقبنا، وإنما أيضاً يُعيننا.

بهذا الإيمان نحيا، واضعين أمامنا في كل حين وفي كل مكان أننا أمام اللَّه.

09‏/12‏/2010

- فيديو لقداسة البابا شنوده الثالث يرد فيه على طلب رسامة كاهن لكنيسة البشاره للاقباط الارثوذكس بالناصره

 فيديو لقداسة البابا شنوده الثالث
يرد من خلال اجتماع الاربعاء 08/12/2010
على طلب ابناء الطائفه القبطيه برسامة كاهن لكنيسة البشاره للاقباط الارثوذكس بالناصره



نتمنى رسامه راعي جديد فالحصاد كثير والفعله قليلون

.

05‏/12‏/2010

- إنجيل الاحد 05/12/2010


( الأحد الرابع من شهر هاتور المبارك )
5 ديسمبر 2010
26 هاتور 1727




مزمور القداس

من مزامير أبينا داود النبي ( 99 : 2 )

أنتَ أيُّهَا الربُّ الإلهُ خلقتَنَا، وليِس نَحنُ. ونَحنُ شَعبُـكَ، وغَنمُ رعيتُـكَ. هللويا.



إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا مرقس البشير ( 10: 17 ـ 31 )

وفيما هو خارجٌ على الطَّريق، أسرع واحدٌ وجثا على ركبتيهِ وسأله:
" أيُّها المُعلِّم الصَّالح، ماذا أعمل لأرثَ الحياة الأبديَّة؟ " فقال له يسوعُ:
" لماذا تدعوني صالِحاً؟ ليسَ أحدٌ صالِحاً إلاَّ واحدٌ وهو الله. أنت تعرف الوصايا: لا تقتُل. لا تزن. لا تسرق. لا تشهد بالزُّور. لا تظلم. أَكرم أباك وأُمَّك ". فقال له:" يا مُعلِّم هذه كلُّها حفظتُها مُنذ حداثتى ". فنظر إليه يسوع وأَحبَّه، وقال له: " أتُريد أن تكون كاملاً يعوزك شيءٌ واحدٌ. اذهب بع كل مالك وأعطه للمساكين، فتربح لك كنزٌاً في السَّماء، وتعالَ اتبعني حاملاً الصَّليب ". أمَّا هو فاغتمَّ على القول ومضى حزيناً لأنَّه كان ذا أموالٍ كثيرةٍ.

فنظر يسوع وقال لتلاميذه: " ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله! " فخاف التَّلاميذ من الكلام. فأجابهم يسوع أيضاً وقال: " يا بَنيَّ، ما أعسر دخول المُتَّكلين على الأموال إلى ملكوت الله! مرور جمل من ثَقب إبرةٍ أيسر من أن يدخل غنيٌّ إلى ملكوت الله! " فبُهتوا إلى الغاية قائلين له : " مَن يستطيع أن يَخلُص؟ " فنظر إليهم يسوع وقال: " عند النَّاس غير مُستطاع، ولكن ليس عند الله، لأنَّ كلَّ شىءٍ مستطاعٌ عند الله ".

وابتدأ بُطرس يقول له: " ها نحنُ قد تركنا كلَّ شىءٍ وتبعناك ". فأجاب يسوع وقال: " الحقَّ أقولُ لكُم: ليس أحدٌ ترك بيتاً أو إخوةً أو أخواتٍ أو أباً أو أُمَّاً أو امرأةً أو أولاداً أو حقولاً، لأجلي ولأجل الإنجيل، إلاَّ ويأخُذ مئَة ضعفٍ الآن في هذا الزَّمان، بيوتاً وإخوةً وأخواتٍ وأُمَّهاتٍ وأولاداً وحقولاً، مع اضطهاداتٍ، وفي الدَّهر الآتي الحياة الأبديَّة. ولكنْ كثيرونَ أولونَ يَكونونَ آخِرينَ والآخِرونَ أوَّلينَ ".



( والمجد للـه دائماً )

04‏/12‏/2010

- إنجيل السبت 04/12/2010


( يوم السبت )
4 ديسمبر 2010
25 هاتور 1727




مزمور القداس

من مزامير أبينا داود النبي ( 44 : 5 )

تقلَّد سيفك على فخذك. أيُّها القويُّ. بحسنِك وجمالِك. استلّه وانجح واملك. هللويا.



إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا متى البشير ( 12 : 9 ـ 23 )

ثمَّ انتقل من هناك ودخل مجمعهم، وإذا إنسانٌ يده يابسةٌ، فسألوه قائلين: " هل يَحلُّ أن يُشفى في السَّبت؟ " لكي يشتكوا عليه. فقال لهم: " أيُّ إنسان منكُم يكون له خروفٌ واحدٌ، فإن سقط هذا في السَّبت في حفرةٍ، أفما يمسكه ويُقيمه؟ فالإنسان كم هو أفضل من خروفٍ! إذاً يَحلُّ فِعْلُ الخير في السُّبوت! " حينئذٍ قال للرجل: " مُدَّ يَدكَ ". فمدَّها. فعادت صحيحةً كالأخرى.

فلمَّا خرج الفرِّيسيُّون تشاوروا عليه لكى يهلكوه، فعلِم يسوع وانتقل من هناك. وتبعته جموعٌ كثيرةٌ فشفاهم جميعاً. وأمرهم أن لا يظهروه، لكي يتمَّ ما قيل بأشعياء النَّبيِّ القائل: " هوذا فتاى الذي ارتضيت به، حبيبي الذي سُرَّت به نفسي. أضع عليه روحي فيُخبِر الأُمم بالحقِّ. لا يُخاصِم ولا يصيح، ولا يسمع أحدٌ في الشَّوارع صوته. قصبةً مرضوضةً لا يقصف، وفتيلةً مُدخِّنةً لا يُطفئ، حتَّى يُخرج الحقَّ إلى النُّصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الأُمم ".

حينئذٍ قُدِّمَ إليه أعمى مجنونٌ وأخرس فشفاه، حتَّى أنَّ الأخرس تكلَّم وأبصرَ. فَبُهتَ كل الجموع وقالوا: " ألعلَّ هذا هو ابن داود؟ ".



( والمجد للـه دائماً )

02‏/12‏/2010

- آذان ولكنها لا تسمع


بقلم قداسة البابا شنوده الثالث





كل إنسان لابد أن تصل إلى فكرهِ أو إلى قلبهِ ـ في وقتٍ ما ـ رسالة مناسبة ونافعة له أو لغيره: عن طريق إرشاد أو عظة أو في كتاب يقرأه، أو تصله نصيحة أو حتى توبيخ أو إنذار... فإن كان حكيماً يستوعب الرسالة، ويُطيع ويُنفِّذ. مثل هذا يُقال عنه بالعامية إنه (إنسان يسمع الكلام). أي يُطيعه. له أُذُن من النوع الذي يسمع. وهنا لا نقصد الأُذُن الخارجية الجسدية، بل الأُذُن الداخلية أي الإرادة.

+ في مقدمة أصحاب الآذان التي تسمع: الملائكة القديسون الذين ما أن يسمعوا كلمة من اللَّه، حتى يُبادرون بتنفيذها على الفور. ومثلهم أيضاً الأنبياء الذين يتلقُّون الرسالة عن طريق الوحي. أو بعض الأبرار الذين قد تصلهم رسالة عن طريق رؤى أو أحلام من عند اللَّه. ومن أمثلة مَن لهم آذان للسمع، الأبناء البرَّرة، أو التلاميذ المُطيعين جداً لمرشديهم ومُعلِّميهم، أو كل مَن هو مطيع بدقة لرؤسائه.

على أن هناك آخرين لهم آذان لا تسمع. وما أكثر الأمثلة لهذا النوع وما أكثر أسبابها.

+ هناك آذان لا تسمع بسبب وجود شهوة في القلب تمنع وصول الكلمة إليه. كالشهوة المُسيطرة والإنفعالات الداخلية، تحجب كل وصية وكل كلمة نافعة حتى لا تصل إلى الإرادة.

هناك نوع مُستعد أن يسمع للنصيحة في كل شيء، ما عدا شيئاً واحداً لا تقبله أُذناه. هنا عدم السمع ليس مطلقاً، ولكنه مُركّز في شيء واحد. في نقطة الضعف، كالرغبة الداخلية المُسيطرة. كشخص يُمكن أن يستمع إلى النصح في أمور عديدة، ما عدا في شهوة المال أو شهوة النساء.

+ وهناك نوع آخر تملكه مشاعر الحقد والغضب على شخص ما أو مجموعة مُعيَّنة. هذا الحقد يكون في قلبه كأنه حاجز قوي، يمنع كلمة النُّصح من أن تدخل إلى أُذنيه. فإن سمعها يكون كأنه لم يسمع. فيمضي ويُنفِّذ ما يريد، لأنه مشغول جداً لسماع صوت الحقد أكثر من سماع نصيحة.

+ أحياناً يكون عدم قدرة الأُذُن على السماع يرجع إلى قساوة في القلب. هذا النوع القاسي لا تستطيع أُذنه أن تسمع إنذارات اللَّه، كما حدث لفرعون الذي كانت له أُذُن لا تستطيع إطلاقاً أن تسمع لصوت موسى النبي.

وقساوة القلب تلد العناد. والعناد أيضاً يمنع من سماع الكلمة. ذلك العناد الذي يغلق القلب، ويغلق الفكر. ومهما قيل له من كلام نافع ومُقنع، فإنه لا يسمع. له أُذُنان ولكنهما لا يسمعان. إنه مُتشبِّث بفكرهِ. مهما كلمته، فكأنك لم تتكلَّم. والتَّشبُّث بالفكر هو نوع من الكبرياء يغلق الأُذُن عن السماع. بعكس الإنسان الوديع المتواضع يمكنه أن يسمع الكلمة ويقبلها. حتى إن كانت له أخطاء، فهو مُستعد أن يستمع كلمة التأنيب والتوبيخ والنصيحة، ويصلح طريقه دون تذمُّر.

المبتدعون أيضاً في العقيدة أو في طرق أخرى هم أيضاً يتصفون بالعناد والكبرياء. وآذانهم لا تسمع النصيحة ولا الإقناع من الجانب الآخر. وقد يموت كل منهم وهو مُتمسِّك ببدعته وبفكره.

وقد تحاور إنساناً من هذا النوع، فتجده متحفِّزاً للرد عليك قبل أن تكمل كلامك. لسانه أسرع من أُذنيه. فأُذنه لا رغبة لديها في السماع، ولا في قبول الإقناع. يمنعها التشبُّث والعناد. وبالمثل كل إنسان يتمسك بفكره الخاص، مُصرّ على فكرِهِ. تُكلِّمه وكأنك تُكلِّم صخراً صلباً لا توجد فيه منافذ تدخل منها الكلمة.

ونفس الوضع مع كل إنسان مُعتزّ بكرامته. فأُذناه ترفضان السماع لأيَّة نصيحة. إنه يشعر أن النصيحة كأنها إهانة، تهز كرامته، وتشعره بالخطأ، وتتعب نفسيته. فلا يكون مستعداً إطلاقاً لأن يسمع. ولهذا فإن العتاب مع هذا النوع لا يأتي بنتيجة إطلاقاً. فالمُتكبِّر المُعتز بكرامته، إن عاتبته يزداد الأمر سوءً.

+ هناك عقبة أخرى تمنع تأثير حتى كلمة الرب نفسه من الوصول إلى الأُذنين. وذلك إن كانت هناك محبة أخرى تطغى على محبة اللَّه في القلب. فكم من وصايا اللَّه وكلماته يسمعها الشخص. وطبعه هو نفس الطبع لا يتغيَّر، مهما سمع. كذلك أيضاً الذين تملك عليهم الحرفية في سماع وصايا اللَّه وليس روحانية الوصية. وتمنعه عن سماع التفسير السليم. وترفض آذانهم أن تسمع ذلك التفسير.

+ هناك نوع آخر يمنع الأُذُن من السماع وهو الخوف: الخوف من التهديد، والخوف من الضياع. وقول البعض لمثل هذا الشخص: إن فتحت فمك لتتكلَّم سيحدث لك كذا وكذا. وكذلك إن حاولت أن تهرب مِنَّا، أو أن تكشف المؤامرة أو إن لم تخضع سيدركك تنفيذ التهديد الواقع عليك. مثل هذا الإنسان لا تدخل إلى أُذنه كل نصيحة لإنقاذه. تُكلِّمه كأنه لا يسمع. الخوف يسد أُذنيه.

+ هناك سبب آخر يمنع الأُذُن من السماع، وهو الاستهتار واللامبالاة. ويشمل ذلك الغارقين في الخطية أو في الضلال. فلا يقبلون كلمة النصيحة بجدية، بل رُبَّما يقابلونها بالتَّهكُّم والإزدراء، أو بتحويل الجو إلى عبث. هؤلاء أيضاً لهم آذان ولكنها لا تسمع. ويشبه هؤلاء النوع المتردد الذي يسمع كلمة نافعة من مرشده فيمنعها عن أذنيه تأثير أصدقاء السوء.

+ وأنت يا أخي القارئ إن وجدت أن أُذنك لا تسمع، فإبحث عن السبب في ذلك. لا تذهب إلى طبيب آذان يُعالجك. بل إذهب بالأكثر إلى طبيب قلب يكشف ما في قلبك من موانع تمنع الكلمة من الوصول إلى أذنيك. إبحث هل هناك شهوة في قلبك تريد أن تحقِّقها. والشهوة من طبيعتها أن تصُم الأذنين عن السماع. وإعرف أنه لكي تكون لك القدرة على السماع، ينبغي أن تكون لك الرغبة في أن تسمع، وأن تكون لك الجدية في التنفيذ. بل أن تكون بالأكثر مشتاقاً في سماع كلمة من أجل منفعتك ... ولهذا كله علينا أن نُحاسب أنفسنا كم مرة سمعنا ولم نعمل، وكأننا لم نسمع!!