30‏/09‏/2010

دون أن تطلب



بقلم قداسة البابا شنوده الثالث


إنه لاشكَّ شيء مفرح أن يُعطينا اللَّه ما نطلب، وأكثر من هذا أن يُعطينا فوق ما نطلب. ولكن أعمق الفرح هو أن يُعطينا اللَّه دون أن نطلب. وهذه عُمق الرعاية الإلهية، التي يهتم فيها اللَّه بخليقته. فيعطيها من فيض محبته، وليس لمُجرَّد الاستجابة لصلواتهم. وهذا الأمر واضح منذ البدء.
 
بديهي أن اللَّه خلق البشر دون أن يطلبوا. لأنهم لم يكونوا موجودين حتى يطلبوا الوجود. وبنفس جود اللَّه وكرمه خلق جميع الكائنات الأخرى العاقلة والجامدة، التي لها حياة والتي ليس لها. طبعاً دون أن تطلب. لقد خلقها كلها من العدم، والعدم ليس له كيان لكي يطلب. ونحن كبشر حينما خلقنا اللَّه، وهبنا العقل والضمير دون أن نطلب. وأعطانا السُّلطة على كثير من الكائنات ومن الطبيعة دون أن نطلب. وأبونا آدم وهبه اللَّه حواء دون أن يطلب. كذلك لكي تكون مُعينة له في الأرض.

+ في كثير من الأمور لا ينتظر اللَّه من البشر أن يطلبوا لكي يعطيهم. بل هو يعرف ما يحتاجون إليه فيعطيهم دون أن يطلبوا. ولكي نوضِّح هذا الأمر في حياتنا العملية، نجد أن الطفل الصغير لا يملُك أن يُعبِّر عن جميع احتياجاته. ولكن أباه يعلم ويفهم ماذا يحتاج إليه ابنه، فيُعطيه دون أن يطلب. وهكذا نحن مع خالقنا الكُلِّي الحكمة والكُلِّي الحنو والرحمة والشفقة. هو أدرى بما نحتاج إليه، ويُدبِّر كل احتياجاتنا دون أن نطلب. بل ويُدبِّر احتياجات الأمم والشعوب والجماعات. ولا ينتظر من كل هؤلاء أن يطلبوا ... ورُّبَّما لا يطلبون ما يفيدهم وما يفيد غيرهم معهم!!
 
+ مثال آخر هو الراعي. وكل راعٍ يرعى غنمه حيث توجد احتياجاتها من العُشب والماء، كذلك دون أن تطلب ... ونرى اللَّه أنه يرعى شعبه. وكما قال داود النبي في المزمور: " الرب يرعاني فلا يعوزني شيء. في مراعٍ خضر يربضني، وإلى ماء الراحة يوردني، يهديني إلى سُبُل البِرّ ". وهكذا اللَّه راع الكون: يعولهم، ويطلب الضال ويسترد المطرود ويجبر الكسير ويعصب الجريح ويهتم بكل واحد حسب احتياجه. وما أكثر الأمثلة في الكتاب وفي التاريخ عن رعاية الرب للبشر.

إنَّ اللَّه يشبع كل حي من رضاه، دون أن يطلب. هو يرسل المطر والشمس، ويُدبِّر أمور الناس من جهة الكون، ويعطي الطعام لكل ذي جسد. حتى للمُلحدين الذين لا يؤمنون به وبالتالي لا يطلبون منه شيئاً. بل اللَّه يُعطي أيضاً جمالاً لزنابق الحقل، وصوتاً جميلاً لكثير من الطيور، طبعاً بدون طلب، وليس بسبب استحقاق الخليقة. وإنما هو جود اللَّه وكرمه.

واللَّه ـ تبارك اسمه ـ من فرط جوده أيضاً وعد الناس بالنعيم الأبدي " بما لم تره عين، ولم تسمع به إذن، ولم يخطر على بال إنسان ". وطبعاً من المستحيل أن أحداً كان يطلب ما لم يخطر على باله. إننا قد نطلب نعيماً. ولكن هذه الصورة بالذات، هى فوق ما نطلب بكل تفاصيله.

+ وأيضاً النبوءات منحها اللَّه للأنبياء دون أن يطلبوا، وما كانوا يفكرون أنهم سيصيرون هكذا. ومنحهم النبوءات لفائدتنا دون أن نطلب نحن. وواضح جداً أن اللَّه يرسل الوحي دون طلب. وهو أيضاً يُقدِّم لبعض قديسيه الحلم أو الرؤيا دون أن يطلبوا. ورُبَّما في وقت لا يتوقَّعه أحد منهم على الإطلاق. إن يوسف الصديق منحه اللَّه أحلاماً، ومنحه موهبة تفسير الأحلام دون أن يطلب. ويوسف الصديق كل ما كان يطلبه أن يخرج من السجن الذي أُلقيَ فيه ظُلماً. ولكن اللَّه جعله الوزير الأول في مصر والثاني في المملكة. وما كان هو يطلب ذلك أو يحلم به. ولكن اللَّه الحنون المُحب أعطاه دون أن يطلب. ومعروف أن الدعوة الإلهية وصلت إلى البعض دون أن يطلبوا.

لذلك يا أخي القارئ. إن كنت في يوم من الأيام تحت سيطرة خطية مُعيَّنة، ولا تستطيع الخلاص منها، بل لا تطلب نعمة من اللَّه لكي تخلص. ولا حتى تقول: " توِّبني يارب فأتوب " ... ومع ذلك كله لا تيأس. فإن كنت لا تسع إلى خلاص نفسك، فإن اللَّه يريد لك هذا الخلاص. ولابد أنه سيُدبِّر لك طريقاً للتوبة، أو يُرسل لك مرشدين، أو يرسل لك زيارة من النعمة دون أن تطلب فيتأثَّر قلبك ويخشى ويرجع إليه.
 
إنَّ اللَّه لا يعطِ فقط من أجل صلواتنا وطلباتنا، أو من أجل استحقاقنا، إنما كثيراً ما يُعطي من أجل جوده وكرمه، ومن أجل احتياجاتنا ... ولاشك أن هذا يغرس في قلوبنا الرجاء مهما كانت حالتنا، ومهما كُنَّا غير مستحقين لشيء.
 
إنَّ القديسين بإيمانهم بأن اللَّه يُعطي حتى دون أن نطلب، كانوا في كثير من الأوقات يخجلون أن يطلبوا شيئاً. بل كانت طلبتهم الوحيدة هى القُرب من اللَّه. كما قال دواد النبي في المزمور للرب: " طلبت وجهك، ولوجهك يارب ألتمس. لا تحجب وجهك عنِّي " ... ومع ذلك أعطى اللَّه الضعفاء أن يطلبوا ما يشاءون ... إن الذي يؤمن باللَّه وعطائه، ينام في حضن اللَّه ويستريح. ويكون واثقاً إن اللَّه يُدبِّر له كل شيء. ولا يتركه معوزاً شيئاً. بل إنه يقول للرب في صلاته: " هل تركت يارب لي شيئاً أطلبه؟! إنني يارب لو قضيت عمري كله شاكراً فلن يكفي. لذلك إن رأيتني يارب أحتاج شيئاً، أعطني إيَّاه دون أن أطلب. إنك أدرى بما ينقصني، إن كان هناك شيء ينقصني. إن عملي الوحيد هو أن أشكرك، وأن أُسبِّحك على كرمك، لا أن أطلب ".

+ والإنسان المؤمن، مهما أُغلِقَت الأبواب أمامه، فإنه بالإيمان يرى باب اللَّه مفتوحاً، ولا يستطيع أحد أن يغلقه. لذلك هو يطمئن إلى عمل اللَّه من أجله، ويعيش في فرح كامل، لا تهتز نفسه لأيَّة ظروف ضاغطة. شاعراً أن حياته هى في يد اللَّه. وأن اللَّه يستطيع أن يغير المواقف، ويُغيِّر القلوب، ويُمهِّد له طريق السلام دون أن يطلب.


27‏/09‏/2010

- تأملات في الصليب





المتنيح القمص بيشوي كامل










* ربى يسوع... هبني فهما و إدراكا لقوة صليبك، و أشعرني عندما أكون في شدة العالم و ضد مبادئ العالم أنى لست مهزوما بل منتصرا بقوة صليبك ....


* ربى يسوع... إن عطشك لا يرويه الماء و لا الخل بل ترويه توبتي و رجوعي لك تحت أقدام الصليب حيث تبقى هناك عطشانـــا......


* أتأمل كيف بصقوا على وجهك و أرى إني أنا الذي أستحق هذه البصقات لأن عيني الشاردة هي المتسببة فى هذه البصقات....


* أيها الرب يسوع أن الصليب كان الوسيلة الوحيدة للقاء اللص معك. ما أسعدها ساعة و ما أمتعه صليب .....


* ربى يسوع.. أعطني روحك المملوء حبا الذي قال لصالبيه: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. لأن هذه الصلاة هي التي أوقعت اللص القاتل أسيرا في أحضان محبتك ....


* ربى يسوع.. جبيني المملوء بالأفكار هو الذي يستحق إكليل الشوك، فأربط فكري بأشواكك المقدسة، و أعطني فكر المسيح....


* إلهي.. عرفت جيدا معنى قولك لي أن أحمل صليبي كل يوم كما حملت صليبك أنت.. صليبي هو جهادي ضد الخطية، و صليبك هو خطيتي التي فشلت أنا في مقاومتهــــــــا........


* ربي يسوع أنا لا أطلب صليبا معينا.. و لكن الذي تختاره مشيئتك لي، و أنا لا أريد أن أعرض عليك خدماتي.. بل أن تستخدمني أنت فيهــــا .....


* ربى يسوع.. إني أتأملك مصلوبا و قلبي كالصخر، ما هذا الجفاف الروحي؟ يارب أفض فيّ ينبوع دموع.. يا ربي يسوع اضرب الصخرة فتفيض دموعــــا...


* ربى يسوع ... أعنى أن احمل صليبي بقوة و شجاعة و حب للحق و تمثلا بك و بفرح و سعادة للشهادة لك في عالم مخــادع.....


* ربى يسوع أنت الذي تعطى الماء الحي الذي يشرب منه لا يعطش إلى الأبد، ثم بعد ذلك تعطش إلىّ.. سبحانك ربى.!!!!!. يا لمحبتك لي أنا الساقط!!!!!!!!


* ليس هناك قوة في الوجود تربط يسوع إلا خطيتي... لأنه صنع هذا محبة لي. إذا لم تكن هذه الرباطات إلا رباطات خطيتي


* يا أبتاه.. الآن أعطني أن أقرأ في كل حركة طول يومي، ما هي مشيئتك، و أتممها بأسرع ما يكون، و بفرح عظيم. عندئذ سأرى من حيث لا أدري إني في حضن أبي ...


* يا أبتاه.. أعطني أن أكون سريع الاستجابة لإلهامات روحك القدوس فيّ عن طريق الصلاة....


* إن حياتي ستظل بلا معنى و لا طعم و لا فائدة إن لم تعلن مشيئتك فيّ لأتممها


* إن أخطر لحظة فى حياتى هى التى أنسى فيها التفكير في المسيح ... انها لحظة الانحلال و الضعف، و التعرض للسقوط فى أبسط خطية


* ما أقواك أيتها التوبة و ما أروعك، انك أروع أيقونة للقيامة


* ربنا يسوع غلب العالم لأنه لم يكن للعالم شئ فيه. إذا كان للعدو جواسيس داخل بلدي كيف أستطيع مواجهته؟


* نحن نحمل قوة لا نهائية أمام عالم مادي مغلوب رغم مظهره القوي، هذا هو إيماننا


* يارب.. أنت ترشدنا، و لكننا نتركك و نبحث عن إرشاد العالم و تعزيته، ثم نفشل فنجدك كما كنت. عندئذ نحس بخطئنا نحوك


* أنت يا الهى أب... كلك حبك للبشرية و سكبت روح حبك فىّ ، و هذا هو الطريق الوحيد لمعرفتك و الحياة معك


* الخادم هو إنسان غسل يسوع قدميه القذرتين، و يغسلها كل يوم... من أجل ذلك هو يجول مع يسوع من كل قلبه ليغسل أقذار كل الناس


* ربي.. أعطني أن أبكي على خطية أخي مثلما أبكي على خطيتي لأن كلاهما جرحاك يا حبيبي يسوع ......


* إن النفس الساقطة عندما تقوم تشع منها قوة هائلة من قوة قيامة الرب يسوع


* يا نفسي اهتمي بداخلك لتعجبي يسوع، العريس السماوي لا يهمه نوع الموضة بل يهمه الجمال الداخلي للنفس .

26‏/09‏/2010

- عيد الصليب المجيد


تحتفل الكنيسة القبطية وأيضاً الكنيسة الاثيوبية بعيد الصليب المجيد فى السابع عشر من توت وفى العاشر من برمهات من كل عام.. كما تحتفل به الكنيسة الغربية فى الثالث من مايو..



لقد ظل الصليب مطمورا بفعل اليهود تحت تل من القمامة وذكر المؤرخون أن الامبراطور هوريان الرومانى (117 – 1038 م) أقام على هذا التل فى عام 135 م هيكلا للزهرة الحامية لمدينة روما.. وفى عام 326م أى عام 42 ش تم الكشف على الصليب المقدس بمعرفة الملكة هيلانة أم الامبراطور قسطنطين الكبير.. التى شجعها ابنها على ذلك فأرسل معها حوالى 3 الاف جندى، وفى اورشليم اجتمعت بالقديس مكاريوس أسقف أورشليم وأبدت له رغبتها فى ذلك، وبعد جهد كبير أرشدها اليه أحد اليهود الذى كان طاعنا فى لاسن.. فعثرت على 3 صلبان واللوحة التذكارية المكتوب عليها يسوع الناصرى ملك اليهود واستطاعت أن تميز صليب المسيح بعد أن وضعت الاول والثانى على ميت فلم يقم، وأخيرا وضعت الثالث فقام لوقته. فأخذت الصليب المقدس ولفته فى حرير كثير الثمن ووضعته فى خزانة من الفضة فى أورشليم بترتيل وتسابيح كثيرة.. وأقامت كنيسة القيامة على مغارة الصليب وأودعته فيها، ولا تزال مغارة الصليب قائمة بكنيسة الصليب ... وأرسلت للبابا أثناسيوس بطريرك الاسكندرية فجاء، ودشن الكنيسة بأورشليم فى احتفال عظيم عام 328م تقريبا.

بعد هذا اصبح الصليب المقدس علامة الغلبة والافتخار بعد أن غلب به السيد المسيح الموت على الصليب فأتخذه الامبراطور قسطنطين الكبير علامة النصرة فى كل حربوبه، وبنى الكثير من الكنائس وابطل الكثير من عبادة الاوثان.. قيل أن هرقل أمبراطور الروم (610 – 641 م) اراد أن يرد الصليب الى كنيسة القيامة بعد أن كان قد أستولى عليه الفرس، فأراد أن يحمله بنفسه فلبس الحلة الملوكية، وتوشح بوشاح الامبراطور، ولبس تاج الذهب المرصع بالاحجار الكريمة، ثم حمل الصليب على كتفه، ولما أقترب من باب الكنيسة ثقل عليه فلم يستطيع أن يدخل به – فتقدم اليه أحد الكهنة وقال له: اذكر ايها الملك أن مولاك كان حاملا الصليب وعلى هامته المقدسة اكليلا من الشوك لا اكليلا من الذهب فلزم ان تخلع تاجك الذهبى وتنزع وشاحك الملوكى.. فعمل بالنصيحة ودخل الكنيسة بكل سهولة.

وفى رشمنا للصليب اعتراف بالثالوث الاقدس الاب والابن والروح القدس اعتراف بواحدانية الله كاله واحد، اعتراف بتجسد الابن الكلمة وحلوله فى بطن العذراء، كما أنه اعتراف بعمل الفداء وانتقالنا به الى اليمين. ايضا فى رشم الصليب قوة لاخماد الشهوات وابطال سلطان الخطية.. وهكذا صارت الكنيسة ترسمه على حيطانها واعمدتها واوانيها وكتبها، وملابس الخدمة.... الخ. يقول القديس كيرلس الاورشليمى: (ليتنا لا نخجل من طيب المسيح.. فأطبعه بوضوح على جبهتك فتهرب منك الشياطين مرتعبه اذ ترى فيه العلامة الملوكية.. اصنع هذه العلامة عندما تاكل وعندما تجلس وعندما تنام وعندما تنهض وعندما تتكلم وعندما تسير، وبأختصار ارسمها فى كل تصرف لأن الذى صلب عليه ههنا فى السموات..اذا لو بقى فى القبر بعد صلبه ودفنه لكنا نستحى به..) انها علامة للمؤمنين ورعب للشياطين.. لأنهم عندما يرون الصليب يتذكرون المصلوب فيرتعبون.. برشم الصليب نأخذ قوة وبركة.. لا تخجل يا اخى من علامة الصليب فهو ينبوع الشجاعه والبركات وفيه نحيا ونوجد خليقة جديدة فى المسيح.. ألبسه وآفتخر به كتاج.. ليس الصليب لنا مجرد اشارة فقط، بل معنى أعمق من هذا بكثير فهو يحمل شخصية المسيح الذى صلب عليه ويستمد قوته منه ولذا (فنحن نكرز بالمسيح مصلوبا) (1 كو 3: 2).. لذا فحينما تقبل الصليب الذى بيد الكاهن للصليب اشارة الى مصدر السلطان المعطى له من الله لاتمام الخدمة، فموسى النبى لما بسط يديه على شكل صليب انتصر، ولما رفع الحية النحاسية نجى الشعب، ولما ضرب الصخرة بالعصا قيل أنه ضربها على هيئة صليب فانفجر الماء منها. والاباء القديسون عملوا المعجزات وانتصروا وغلبوا باشرة الصليب المقدس، ان الاقباط استعملوا الصليب المقدس منذ أن بزغت الشمس المسيحية.. أما الكنيسة الغربية فلم تستعمله بصفة رسمية الا فى عهد الملك قسطنطين الكبير.

لا ترشم الصليب بعجلة.. فيقول الاباء: الذى يرشم ذاتته بعلامة الصليب فى عجلة بلا اهتمام أو ترتيب فان الشياطين تفرح به، أما الذى فى ثبات وروية يرشم ذاته بالصليب فهنا تحل عليه قوة الصليب وتفرح به الملائكة.. كذلك عندما يرشم المؤمن الصليب انما يعنى الاستعانة بشخص الرب يسوع المتحد بأبيه وروحه القدوس، هى استدعاء القوات السمائية باستحقاقات الرب المصلوب لاجلنا، هى صلاة موجزة للثالوث الاقدس كما هى قبول عمل الفداء أى تعبير موجز عن العقيدة المسيحية.. هى رفع لواء المسيح.. كما يقول القديس أثناسيوس الرسولى: أن كل من يحترم الصليب ويكرمه انما يكرم صاحبه لذا حتى الملائكة تحبه وتسرع الى من يرشمه بايمان، الله يفرح ويسر بعلامة الصليب لانها علامة المصالحة بين الله والبشر التى تمجد الله والتى انكسرت بها قوات الشيطان.. وكما كانت علامة لادم مميزة لبيوت الاسرائليين فنجوا من الملاك المهلك، هكذا استعمال الصليب.. وهذا الرشم تقليد رسولى فيقول العلامة ترتليانوس (ان المسيحين اعتادوا رشم اشارة الصليب قبل كل عمل للدلالة على أنه ما يعملونه هو لله ولمجد باسم الثالوث الاقدس الاب والابن والروح القدس).


استعمال الصليب:

فى بدء جميع اعمالنا وفى جميع ما يحدث لنا به، نبدا ونحتم جميع صلواتنا، به نبطل جميع تعاليم الشيطان كالسحر وغيره، كما نرشم الصليب أثناء عمل المطانيات الجماعية بالكنيسة (كما فى اسبوع الالام) ايضا فى المطانيات الخاصة الفردية وبالاجمال فى جميع صلوات الكنيسة وطقوسها.. لا يتبارك شئ الايقونات والزيت وملابس الكهنوت واغطية المذبح ولا يتقدس الميرون.. ولا يتم شئ مامور الكنيسة حتى التحول الى جسد الرب ودمه الا برسم الصليب مقترنا بالصلاة والطلبة.

وليس فقط فى كل ما سبق بل وحتى فى شكل الكنيسة.. فقد بنيت بعض الكنائس القبطية على شكل صليب كالنظام البيزنطى الذى أصله مدينة الاسكندرية.. وأهم الكنائس التى بنيت على هذا الطراز كنيسة الدير الاحمر بسوهاج، وكنيسة اجيا صوفيا بالقسطنطينية (التي تحولت إلى جامع!!)، وكنيسة القديس بطرس بروما.. كما سميت بعض الاديرة باسمه منها دير الصليب بحاجر نقادة (الذى كان قائما فى زمان القديس بسنتأوس أسقف قفط – القرن السابع) أيضا هناك دير القديس ابو فانا (أبيقانيوس) عل شكل صليب. وهو فى برية جبل دلجا (المنيا) بيعته كبيرة رسمت على شكل صليب وكرست للصليب المقدس وبها أشكال كثيرة رسمت على شكل صليب وكرست للصليب المقدس وبها أشكال كثيرة جدا للصليب المقدس.. كذلك ايضا الكاتدرائية المرقسية الكبرى الجديدة بالانبا رويس على شكل صليب.. يرسم الصليب داخل الكنيسة على الحجاب والابواب والمنجليات وآنية المذبح والستور وملابس الكهنوت.. يستخدمة رجال لاكهنوت فى مباركة الشعب وفى الصلوات الطقسية لاسرار الكنيسة السبعة.. ففى سر المعمودية (فى صلاة التحليل للمراة أولا 20 رشما, حجد الشيطان 6 رشومات، الدهن بزيت الغاليليون 6 رشومات فى تقديس ماء المعمودية 13 رشما. قداس ماء المعمودية 5 رشومات) وفى سر الميرون.. (36 رشما على اعضاء الجسم وفى حل الزنار 9 رشومات.. غير الرشم بالميرون عند تكريس الكنائس والايقونات وأواني خدمة المذبح) وفى سر التوبة (3 رشومات الاول والثانى على الشعب والثالث على نفسه، ثم على الخبز والخمر 18 رشما) فى سر مسحة المرضى (قبل أوشية المرضي ثم الطلبة والصلاة السرية قبل الانجيل، فى الاواشى الثلاثة. وأيضا فى بداية كل صلاة والصلاة السرية قبل الانجيل فى كل صلاة من الصلوات السبعة، فى التحليل الثلاثة: فى رشم المرضى بالزيت بعلامة الصليب وعلى شكل صليب، فيدهن الحاضرون أو من الجبهة ثم فى الرقبة ثم اليد اليسرى ثم اليد اليمنى). فى سر الزيجة (قبل الانجيل 2، الطلبة والاواشى 3، الدهن بالزيت 2، على الاكاليل 3، التحاليل الثلاثة 6 رشومات، كيرياليسون 12 مرة)، سر الكهنوت (يرشم الاب البطريرك او الاب الاسقف على المدعو للكهنوت بعد الصلوات التى يقرأها أمام المذبح 3، ثم 3 رشومات على جبهة مثال الثالوث القدوس. ثم يرشم الملابس الكهنوتية) فى رفع بخور عشية وباكر (24 رشما) فى القداس الالهى (48 رشما بالصليب فى اختيار الحمل حتى صلاة الصلح 24 رشما، من بداية القداس حتى نهايته 24 رشما). ومن المعروف أن القداس الالهى فى كلماته تتضمن تجسد السيد المسيح وصلبه وقيامته وصعوده ومجيئه الثانى والدينونة. فكثيرا من كلمات القداس وألحان الكنيسة وتسبيحتها بها ذكر للصليب المقدس ككلمة أو كرشم.


طقس العيدين:

تحتفل الكنيسة فى 17 توت و10 برمهات من كل عام.. ونظر الان يوم 10 برمهات هو اليوم الذى ظهر فيه الصليب لأول مرة (326 م) على يد الملكة هيلانه يجئ دائما فى ايام الصوم فقد رتب أباء الكنيسة الاحتفال بظهور الصليب فى يوم تكريس كنيسته وهو يوم 17 توت، وتبدأ فى يوم يعامل معاملة الاعياد السيدية الصغرى، فطقسه فرايحى من حيث الابصاليات أما مجمع التسبحة والذكصولوجيات ومردات الدورة والاناجيل والتوزيع فطقسها شعانينى. كما أنه له ابصاليتان (واطس وآدام) بكتاب الابصاليات والطروحات الواطس والادام... وله ارباع من أرباع الناقوس وذكصولوجية بكتاب الابصلمودية السنوية، دورة الصليب التى تعمل بعد صلاة افنوتى ناى نان فى رفع بخور باكر هى نفس الدورة التى تعمل فى رفع بخور باكر عيد الشعانين غير أن هناك اختلافين هما:

- هناك طرح خاص بعيد الصليب، هناك مرد ثابت يقال بعد كل ربع يختلف عن مرد الشعانين الثابت ومرد الصليب الثابت هو (ايفول هيتنى بيف اسطافروس: نيم تيف أناستاسيس اثواب: ان طاستو مبى رومى ان كى سوب. ايخوب ايبى باراذيبسوس). ومعناه: من قبل صليبه وقيامته المقدسة رد الانسان مرة اخرة الى الفردوس).

- أما فى القداس فيقبل بعد تى شورى، لحن (فاى ايتاف انف..) وتوجد هيتينية للملك قسطنطين وامه الملكة هينه.. كما يوجد فرد ابركسيس خاص ولحن بدء قراءة الابركسيس (ايطاف ان نى ابسخاى.. هو يقال ايضا قبل طرح العيد فى دورة الصليب يرفع بخور باكر..) وله مرد انجيل واسبمسينى (آدام واطس).



- انجيل الاحد



انجيل يوم السبت الموافق 26 سبتمبر 2010 , 16 توت 1727 ش (شهداء)









مزمور القداس









من مزامير أبينا داود النبي ( 17 : 46 ، 49 ، 50 )







حيٌّ هو الرَّبُّ ومُباركٌ هو إلهي. ويتَعالى إلهُ خَلاصِي. مِنْ أجلِ هذا اعترِفُ لكَ ياربُّ في الأممِ. وأرتِّل لاسمِك. هللويا.















إنجيل القداس







من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 19 : 1 ـ 10 )







ولما دَخلَ كان يمشي في أريحا. وإذا رَجُلٌ يُدعَى اسمُهُ زكَّا، هذا كان رئيساً للعَشَّارينَ وكان غَنِيّاً، وكان يطلبُ مُريداً أن يَرى يَسوعَ مَنْ هو، فلم يَقدِر مِنَ أجل الجمع، لأنَّهُ كان قَصيراً في قامَتِهِ. فأسرعَ إلى قدام وصَعِدَ على جُمَّيزةٍ لِكي يَراهُ، لأنَّهُ كان مُجتازاً مِنْ جِهتها. فلمَّا جاءَ يسوعُ إلى الموضِعِ، نَظرَ إليهِ وقال لهُ: " يا زكَّا، أسرع وانزِل، لأنَّهُ ينبغي لي أن أكونَ اليَومَ في بَيِتكَ ". فنَزَلَ وقَبِلَهُ فَرحَاً. فالذين رأوا تَذَمَّرُوا أجَمِعينَ قائلينَ: " إنَّه دَخَلَ إلى بيتِ رجُلٍ خاطئٍ لِيستريحَ ". فوقَفَ زكَّا وقال للربِّ: " هأنذا ياربُّ أُعطِي نِصفَ مالي للفقراءِ، ومَنْ ظَلمتُهُ شيئاً أُعوضُهُ أربعَةَ أضعَافٍ ". فقال لهُ يسوعُ: " اليومَ صار الخلاصُ لهذا البيتِ، فإنَّهُ هو أيضاً ابنَ إبراهيمَ، لأنَّ ابنُ البَشَرِ جاءَ لِيطلُبَ ويُخَلِّصَ مَا قد هَلَكَ ".















( والمجد للـه دائماً )


























25‏/09‏/2010

- إنجيل السبت


انجيل يوم السبت الموافق 25 سبتمبر 2010 , 15 توت 1727 ش (شهداء)

مزمور القداس

من مزامير أبينا داود النبي ( 20 : 3 ، 5 )

أَدركتَهُ ببركاتِ صلاحِكَ. ووضَعتَ على رأسهِ إكليلاً من حجرٍ كريم. مَجدهُ عظيمٌ بخلاصِكَ. مَجداً وبهاءً عظيماً جعلتَ عليهِ. هللويا.



إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 10 : 1 ـ 20 )

وبعد ذلك عيَّن الربُّ سبعين آخرينَ وأرسلهُم اثنَيْن اثنَيْن أمام وجههِ إلى كلِّ مدينةٍ وموضع حيث كانَ هو مُزمِعاً أن يَمضي إليهِ. فكانَ يقول لهُم: إنَّ الحَصَاد كثيرٌ ولكنَّ الفَعَلة قليلون، فاطلُبوا إلى ربِّ الحَصَاد أنْ يُرسِل فَعَلَةً إلى حصادهِ. اذهبوا. ها أنا أُرسِلكُم مِثل حُملانٍ في وسطِ ذئابٍ. لا تحمِلـوا كيسـاً ولا مِزوَداً ولا أحـذيَة ولا تُسـلِّموا على أحـدٍ في الطَّـريق وأيُّ بيتٍ دخلتُموهُ فقولوا أولاً السَّلام لهذا البيتِ. فإنْ كان هُناك ابنُ السَّلام يَحِلُّ سلامُكُم عليه وإنْ لمْ يَكُن فسلامُكُم يَرجع إليكُم. وأقيموا فـي ذلك البيتِ آكِلينَ وشارِبين ممَّا عندهُم، لأنَّ الفاعِل مُستحقٌ أُجرَتهُ، لا تنتقِلوا من بيتٍ إلى بيتٍ. وأَيَّةُ مدينةٍ دخلتُموها وقَبِلوكم إليهم فَكُلوا ممَّا يُقدَّم لكُم. واشفوا المرضى الَّذين فيها. وقولوا لهُم: قـد اقتربَ منكُم ملكوتُ اللهِ. وأَيَّةُ مدينةٍ دخلتُموها ولم يَقبَلُوكُم فاخرُجُوا إلى شوارعِها وقولوا: حتَّى الغُبارُ أيضاً الذي لَصِقَ بأرجُلِنا من مدينتِكُم نَنفُضُهُ لكُم، ولكن اعلَمُوا هذا أنَّهُ قد اقتربَ منكُم مَلكوتُ اللهِ. وأقول لكم: أنَّهُ سَيَكونُ لِسادُوم في ذلك اليوم راحةٌ أكثرُ مِن تِلكَ المدينةِ.

ويلٌ لكِ يا كُورَزِينُ، ويلٌ لكِ يا بيتَ صَيدا، لأنَّهُ لـو صُنِعـتْ في صُور وصَيـدا هذه القـوات التى صُنِعـتْ فيكُمـا لتَابَتَا قَـديماً جالِسَـتَيْـن في المُسُـوح والرَّمادِ. ولكنَّ صُور وصَيدا سـتكون لهُما راحـة في الدينونةِ أكثر مما لكما وأنتِ يا كفرَناحوم أَترتفِعِين إلى السَّماءِ ( إنكِ ) سَتَنْحطِّينَ إلى أسفلِ الجحيم. الذي يسمعُ مِنكُم فقد سَمِعَ مِنِّي، والذى يُرذِلكُم يُرذِلُني، والذى يُرذِلُني يُرذِل الذي أرسَلَني.

  فَرَجَعَ السَّبعونَ بِفرح قائلينَ: ياربُّ حتَّى الشَّياطِينُ تخضعُ لنا بِاسمِكَ. فقال لهُم: رأيتُ الشَّيطانَ ساقِطاً مِن السَّماءِ مِثْلَ البَرقِ. ها أنا أعطَيتكُم السُّلطان لِتَدوسُوا الحيَّاتِ والعقاربَ وكلَّ قوَّةِ العدوِّ ولا يَضُرُّ بِكُم شيءٌ. ولكِن لا تَفرَحُوا بِهذا أنَّ الأرواحَ تَخضَعُ لكُم بل افرَحُوا أنَّ أسماءَكُم مكتوبة في السَّمَواتِ.



( والمجد للـه دائماً )

23‏/09‏/2010

حساب ردود الفعل


بقلم قداسة البابا شنوده الثالث


لا يوجد شيء ليست له نتائج. وكل أمر له ردود فعله. سواء تصرف الإنسان، أو الأحداث التي تحدث. وأنت يا أخي حينما تتعامل مع الناس، فلست تتعامل مع جمادات، وإنما مع نفوس لها مشاعر ولها انفعالات. فكل كلمة تقولها، أو كل تصرف أو معاملة، له رد فعل مع مَن تتعامل معه: المحبة لها ردود فعلها، والعداوة أيضاً لها ردود فعلها. فالقسوة لها رد فعلها، والطيبة أيضاً لها رد فعلها. بل ما يمر على العالم من الأزمات أو المشاكل له أيضاً ردود فعله.








فالبطالة مثلاً كانت لها ردود فعلها: لأنه لمَّا لم يجد الشباب عملاً ينشغلون به، كان رد فعلهم هو الإنشغال بما يضرهم ويضر غيرهم. وإذ لم تكن لهم فرصة للزواج وإنشاء بيت، كان رد الفعل هو الفساد الخلقي. بل إن البطالة عند البعض، كان من ردود فعلها اللجوء إلى المخدرات، لكي ينسى الشخص ما هو فيه من ضيق. وأيضاً الفقر له ردود فعله، والجوع له ردود فعله. وهذا الموضوع واسع جداً كمشكلة إجتماعية تحتاج إلى حلول عملية. لأنه رُبَّما من نتائج الفقر، قد يلجأ البعض إلى الإحتيال أو إلى السرقة. وأيضاً من ردود فعل هذه المشكلة ما نراه من أطفال الشوارع.






+ وإن كان ينبغي على الإنسان قبل كل كلمة يقولها، أن يُفكِّر في ردود فعله. ويحسب حساباً لتأثيرها على مَن يسمعه، ومدى إنفعاله بها. لذلك عليه أن يتحاشى الألفاظ القاسية، وعبارات التَّهكُّم، والكلمات التي لها أكثر من معنى، وقد يفهمها البعض على معنى سيئ. ويلزم أن يكون هناك إحتراس شديد في الكلام مع الأطفال. فالطفل يأخذ فكرة عنك من كلامك، ولا تستطيع أن تنزعها منه. لذلك عليك أن تكون صادقاً في كل ما تقوله له، وأن تفي بكل وعد تعده به، ولا تهز المثاليات التي في ذهنه بأخطائك في الكلام. ومن الناحية الأخرى، ثق أن كل إبتسامة منك في وجه طفل، تضع إبتسامة أخرى على شفتيه، فيُحبك ويستريح لك.






+ إن أدبك في معاملة الناس، وإحترامك لمشاعرهم، يكون لذلك رد فعل عندهم وعند غيرهم. أمَّا عبارات القسوة فلها ردود فعل تناسبها. بها تخسر الناس في مشاعرهم نحوك وأيضاً يكوِّنون فكرة عنك وعن طباعك لا تريحك. لذلك كن رقيقاً في معاملاتك للغير. فالرقة لها رد فعل عميق فيمَن يتعامل معك. لا تكن سريعاً في مهاجمة غيرك، أو بالتشهير بالغير. فكل هذا له ردود فعل سيئة.






+ وفي محيط الأسرة أيضاً، ينبغي أن تكون المعاملة في رقة وأدب وإحترام. ولا يظن البعض أن الدالة تسمح بزوال هذا الإحترام بين الزوجين أو حتى مع الأولاد. إحترم زوجتك أيضاً، واستخدم الرقة واللطف في معاملتها. وثق أن رد الفعل سيكون طيباً جداً في نفسيتها، وستبادلك نفس المعالمة. وعلى الزوجة أيضاً أن تراعي شعور زوجها، ولا تضغط عليه في الحديث أو الطلبات. لأنه ربما تطلب الزوجة شئ من زوجها، وتلح عليه إلحاحاً، وتكرر الإلحاح حتى تسبب له شيئاً من التبرُّم والضجر. وربما يكون رد الفعل أنه لا يحتمل المزيد من الإلحاح، فيرد عليها بشدة. إن السعادة التي يجدها الرجل في بيته، يكون من رد فعلها أنه يُفضِّل الوجود في بيته أكثر من الخروج إلى النادي وإلى الأصدقاء. وذلك إذا لم يجد ما يشبعه في بيته، حتى من جهة الأحاديث التي قد تدور كلها حول أمور تافهة تختلف تماماً عن أحاديثه مع أصدقائه خارج البيت.






+ كذلك في مُحيط الأسرة نذكر أن ما يظنه الآباء من الحزم الشديد في التربية وعدم منح بناتهم ما يحتاجون إله من الحب والحنان. فإن قسوة هؤلاء الآباء لها ردود فعلها. إذ قد تبحث الفتاة عن مصدر خارجي للحُب والحنان، فتستجيب لإغراء أحد الشبان وتخطئ معه، أو تهرب من بيتها، وبخاصة إذا كانت لا تجد من والدها سوى الإنتهار والكلام الجارح وسوء المعاملة. ونصيحتنا إلى الآباء والأمهات أن يشبعوا أبنائهم وبناتهم من الناحية العاطفية، في بعد عن التقيدات الكثيرة، حتى لا يصير البيت بمثابة سجن عند الأبناء.






نفس الوضع نقوله أيضاً في مجال الإدارة بالنسبة للمسئول الذي يقسو على الذين هم تحت رئاسته مِمَّا يُسبِّب لهم ضيق النَّفس وشهوة التَّخلُّص منه كرد فعل لمعاملته السيئة. ونفس الوضع يحدث مع كل رجل من رجال الأعمال يُقابل العاملين عنده بالإهمال وعدم مراعاة ما يحتاجون إليه من الرزق والظروف الإقتصادية الصعبة. أمَّا الذي يشتهر بالعطاء، فعطاؤه له رد فعل عميق في قلوب الذين يُحسن إليهم. وعكس ذلك البخيل فرد الفعل هو كراهيته، ورُبَّما سرقته أيضاً.






هناك أيضاً ردود فعل للحرية، وردود فعل أخرى للتسيب، تتفق على مدى نضوج الناس الذين يحسنون إستخدام الحرية، أو عدم نضوجهم بحيث يكون رد فعل الحرية عندهم هو المغالاة في الأخطاء.






ورُبَّما يكون من مظاهر التسيب نشر الشائعات الضارة. أو كرد فعل لإستخدام الحرية إستخداماً خاطئاً، والتعليم الخاطئ، وقيادة الغير إلى تفكير يضرهم وكما تقول كلمات الحكمة: " أعمى يقود أعمى كلاهما يسقطان في حفرة ".






+ إن ردود الفعل تظهر واضحة في الحياة الروحية لكل إنسان. فالذي يهمل ذاته، يهمل علاقته باللَّه، ويسمح لنفسه بقراءات لا تليق أو يترك نفسه ضحية لِمَا يُنشر أحياناً في النت، يكون رد فعل ذلك هو إنحرافه وسيره في الملاهي والعبث، أو تشويه فكره بأخبار أو معلومات تضلله وتقوده إلى الإنحرافات.






كما أن معاملة الآخرين لها ردود فعلها، كذلك تعاملك مع نفسك له أيضاً ردود فعل سواء من جهة ضبطك لنفسك أو تراخيك مِمَّا يكون رد فعله هو السقوط والضياع.













20‏/09‏/2010

- صفات الإنسان الوديع


بقلم قداسة البابا شنوده الثالث


الإنسان الوديع هو شخص هادئ لا حدة في صوته ولا صياح. وقد قيل عن السيد المسيح الوديع أنه: لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ.

الوديع لا يصرخ في الناس منتهراً، ولا يثور. أنه إنسان دمث الخلق، هادئ، يريد دائماً أن يكسب محبة الناس سواء على الأرض أو في السماء.



+ هنا وأحب أن أفرق بين هدوء الطبع، وبرودة الطبع ... فالإنسان الوديع الهادئ لا يثور على الناس، ولا يثيرهم. بينما البارد في طبعه، قد لا يثور، ولكن ما أسهل أن يثير ببروده! وذلك بأن يرد عليهم بردود باردة قد تتعب أعصابهم أو تحطمها. أمَّا الوديع فهو إنسان هادئ يشيع الهدوء في النفس وهو أيضاً طيب القلب، يحب أن يرضي الناس. يحب أن يكون في علاقة طيبة مع الجميع. فلا يغضب من أحد مهما حدث ... ولا يستريح إن ترك أحداً غاضباً عليه. بل يهمه أن الكل يدعون له بالخير.



+ والإنسان الوديع يكون هادئاً من الداخل كما من الخارج. إنه ليس مثل بعض الناس الذين يظهرون هادئين من الخارج، بينما في داخلهم ثورة وغليان. وهم يكتمون غضبهم لسبب روحي أو غير روحي، أو لسياسة ما، أو احتراماً لِمَن هو أكبر منهم أو خوفاً من نتائج الغضب ... أمَّا الوديع فهو هادئ تماماً. فمِن الداخل مشاعره وعواطفه وإحساساته في هدوء وسلام قلبي ... ومن الخارج له ابتسامة لطيفة بشوشة، يقابل بها أحاديث الناس ومعاملاتهم. ولا يحدث أن يراه الناس وقد اكفهرت ملامحه، أو احمرَّت عيناه. أمَّا الإنسان الذي يبدو هادئاً من الخارج، بينما يغلي في داخله، ليس هو وديعاً في الحقيقة. أقصى ما نقوله عنه إنه يحاول أن يتدرَّب لكي يصير وديعاً!



+ والإنسان الوديع لا ينتقم لنفسه. بل في كثير من الأحيان لا يُدافع عن نفسه، بل يترك اللَّه ليُدافع عنه. أنه كثيراً ما يتنازل عن حقوقه، بدون أن يحزن. فهو لا يشاء مُطلقاً أن يخسر أحداً من الناس بسبب هذه الحقوق. فسلامه مع الناس هو عنده أهم من التَّمسُّك بحقوقه. وهو يفعل ذلك تلقائياً، دون أن يناقش الأمر في داخله. وهو لا يحب أن أحداً يصيبه أذى بسببه، أو من أجله.



+ والإنسان الوديع يكون دائماً سهل التفهم، لا يتعب أحد في التعامل معه. إنه يحب باستمرار أن يكسب غيره، لا أن يكسب من غيره. وإذا ما تناقشت أو تحدثت مع إنسان وديع، تجده لا يُقاطعك في الكلام، ولا يحاول أن ينتصر عليك في المناقشة. بل يعطيك كل الفرصة أن تتكلَّم كما تشاء، وتقول ما تشاء، مادام الموضوع لا يمس عقيدة أو إيماناً. وفي الأمور الإيمانية يقول الرأي القوي بهدوء وبساطة، دون أن يجرح مَن يناقشه. ويترك قوة الرأي تتكلَّم، دون أن يقسو، ودون أن يفتخر. أمَّا في الأمور العادية، فلا يهمه أن ينتصر في نقاش. فليقل القائلون ما يريدون أن يقولون، إن كانت المسائل لا تعنيه.




+ وأحياناً يجلس في بعض المجالس صامتاً. ومادام ليس مكلَّفاً فيه بمسؤلية، فلا داع له أن يظهر! وإن طلبوا إليه أن يتكلَّم رُبَّما يقول: " أنا أحب أن أسمع وأستفيد "، أو يقول: " البركة في فلان " ... وإن تكلَّم، قد يمتدح مَن سبقوه في الحديث، ولا مانع من أن يقول في كلامه: " على رأي فلان ... وفلان ... ". إنه إنسان لطيف، يحب الناس صمته وهدوءه إن صمت. كما يحبون كلامه وأسلوبه في الحديث، إن تكلَّم ... 



+ إن الإنسان الوديع ناجح فى تعامله مع الناس: يحبهم ويحبونه. وإن سكت أحياناً، يكون ذلك بدافع من التواضع والحب، وليس عن انطواء. فهو يُعطي فرصة لغيره لكى يتكلم، ويقدم غيره على نفسه فى الكرامة. كما أنه يصمت أحياناً لكى يستفيد من حديث غيره، ويضيف معلومات جديدة إلى معلوماته. وهو أيضاً لا يميل إلى الدخول مع الناس فى صراعات الجدل، مفضلاً السلام ... وهو يرضي الذين يحبون الكلام.
 
+ والإنسان الوديع لا يضغط على أحد، ولا يستعمل العنف. ولا يلح على أحد إلحاحاً شديداً، لكى يأخذ موافقته على أمر من الأمور، بغير إرادته، بأسلوب الإلحاح والضغط! فهو لا يبحث عن راحته، وإنما عن راحة الناس. لذلك فإن الذين يعاشرونه، يشعرون براحة فى عشرته. ويقول كل من يعامله إنه يشعر براحة فى التعامل معه. والوديع لا يصر على أن ينتصر لفكرته أو رأيه فى الأمور العادية. أمَّا من جهة المبادئ السليمة فهو لا يتنازل. ولكن لا يتشاجر مع الغير بسبب ذلك. ولعل هذا الأمر يحتاج إلى حكمة تمتزج بالوداعة. ومن أجمل ما قيل فى ذلك: " مَن هو حكيم وعالم بينكم، فليرِ أعماله الحسنة في وداعة الحكمة ". لأن هناك ( حكماء ) قد يكونون في شرح حكمتهم عُنفاء، يصرون على رأيهم في غيرة وتحزُّب. وقد يسببون بذلك إنقساماً وتشويشاً!! فحكمة هؤلاء ليست روحية لأنها خالية من الوداعة. أمَّا الحكمة الوديعة فهى مسالمة مترفقة مملوءة أخباراً صالحة. وليست حكمة حقيقية، تلك التي تفقد أصحابها حياة الوداعة والهدوء، وتجعلهم عنفاء في الدفاع عن آرائهم! يجرحون كل من يهاجمهم، ويخدشون مشاعره!!

إن العُنف قد يكون إسلوباً سهلاً وقصيراً، يوصل بسرعة! ولكن الوديع لا يمكن أن يستخدمه. فإن أعطاه الرب حكمة، فإنه يوصلها إلى الناس بأسلوب هادئ، في طيبة في رقة في لُطف. ولا يغضب ولا يثور إن خالفوه في وقت، أو كانوا بطيئين أو متباطئين في التنفيذ... فإنه يصبر عليهم، ويطيل أناته، إلى أن يتمكنوا من التنفيذ. إنه يعطي فرصة لسامعه، ولِمَن يتتلمذ عليه، لكي يصل حسبما تسعفه إمكانياته. فإن لم يصل اليوم فقد يصل غداً أو بعد غد، دون التحكم في عامل الزمن، الذي تتحكم فيه أسباب عديدة.

+ من صفات الوديع أيضاً أنه متسامح: إن أخطأت في حقه، لا يخطأ في حقك. إن له طباعاً لا يستطيع أن يتجاوزها، وله مبادئ لا يمكنه أن يكسرها. فهو لا يستطيع أن يخطئ.




والإنسان الوديع لا يتحدث من فوق، من موقع السُّلطة، مهما كان في مركز عالٍ أو رئاسة. والناس يدافعون عن الوديع دون أن يُدافع هو عن نفسه.

19‏/09‏/2010

- انجيل الاحد


 انجيل يوم الاحد 19/09/2010 الموافق 9 توت 1726

 
مزمور القداس



من مزامير أبينا داود النبي ( 20 : 1 ، 2 )



ياربُّ بِقوَّتِكَ يَفرحُ الملكُ. وبِخلاصِكَ يَتهللُ جداً. شهوةَ قلبهِ أعطيتهُ. وسؤالَ شَفتيهِ لم تَمنَعهُ. هللويا.







إنجيل القداس



من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 10 : 21 ـ 28 )



وفى تِلك السَّاعة تهلَّل يسوع بالرُّوح القُدس وقال: " أشكُرك أيُّها الآبُ، ربُّ السَّماء والأرض، لأنَّك أخفَيت هذه عن الحُكماءِ والفُهماءِ وأعلنتها للأطفال. نعم أيُّها الآبُ، لأنه هكذا صارت المسَرَّةُ أمامَك. كل شيءٍ قد دُفِعَ إليَّ مِن أبي. وليسَ أحدٌ يَعرفُ مَن هو الابنُ إلاَّ الآبُ، ومَن هو الآب إلاَّ الابن، ومَن يُريد الابن أن يُعلِنَ له ". ثم عاد إلى تلاميذهِ على انفرادٍ وحدهم وقال لهُم: " طُوبى للعُيون التى تَنظُرُ ما تَنظُرونَهُ، لأنِّي أقولُ لكُم: إنَّ أنبياءَ كَثيرينَ ومُلوكاً أرادوا أن يَنظُروا ما أنتُم تنظُرون فلم ينظروا، وأن يَسمعوا ما أنتُم تَسمعُون فلم يَسمعُوا ".



وإذا ناموسيٌّ قَامَ يُجرِّبه قائلاً: " يا مُعلِّمُ، ماذا أصنعُ لأرِثَ الحياةَ الأبدِيَّةَ؟ " فقال له: " ما هو مَكتوبٌ في النَّاموسِ. كيف تقرَأُ؟ " فأجاب وقال: " تُحِبُّ الربَّ إلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ، ومِنْ كُلِّ نَفسِكَ، ومِنْ كُلِّ قوَّتِكَ، ومِنْ كُلِّ فِكرِكَ، وقَرِيبَكَ مِثلَ نَفسِكَ ". فقال له: " بِالصَّوابِ أجبتَ. اِفعَل هذا فَتَحيَا ".







( والمجد للـه دائماً )

















18‏/09‏/2010

- الحِفظ الإلهي

بقلم قداسة البابا شنوده الثالث




ما أجمل تلك العبارات التي وردت في المزمور. وهى: " الرب يحفظك. الرب يحفظك من كل سوء. الرب يحفظ نفسك. الرب يحفظ دخولك وخروجك ". إنها عبارات جميلة ومُعزِّيَّة. وتُطمئن النَّفس بأنها في حِمَى اللَّه الحافظ. وقد قِيل في ذلك أيضاً: " يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات. وأمَّا أنت فلا يقتربون إليك ".
إن عبارة الرب يحفظك هى العبارة التي يقولها كل أب لابنه، وكل أم لابنها. الرب يحفظ دخولك وخروجك. وهى عبارة أيضاً يقولها كل مُرشد روحي لتلاميذه أن يحفظهم اللَّه من كل سوء. بل هى عبارة تُقال لكل جندي خارج إلى الحرب: " الرب يحفظ نفسك " ... بل هى أيضاً دُعاء يقوله الشعب لقائده حينما يذهب في مفاوضات لأجل البلد. فيُقال له: الرب يحفظ دخولك وخروجك.



نعم إن كل إنسان يكون في حفظ اللَّه، فلن تستطيع قوة في العالم أن تؤذِهِ. لأن حياته هى في يد اللَّه الحافظ وليست في أيدي المعتدين. وكل خطر لابد أن يفقد خطورته إذا كانت مشيئة اللَّه أن يُحُفظ.



+ والذي يؤمن بالحفظ الإلهي، لا يخاف أبداً، ولا يضطرب ولا يقلق. شاعراً أن حماية اللَّه ستنقذه من كل ضيق، ومن كل الأعداء مهما كانت قوَّتهم. بل يقول كما قال داود النبي في المزمور: " أحاطوا بي مثل النحل حول الشهد، وإلتهبوا كنارٍ في شوكٍ ... دُفِعت لأسقط والرب عضدني ... فلن أموت بعد بل أحيا وأُحدِّث بأعمال الرب ".



إنَّ الحفظ الإلهي نابع من حنو اللَّه، ومن رحمته، ومن رعايته لشعبه. فهو ـ تبارك اسمه ـ إن رآهم وقد أحاطت بهم المشاكل وأرهقتهم، حينئذ تتدخل رحمته لكي تنقذهم بحفظه الإلهي. وما أكثر الأوقات التي يرسل اللَّه فيها ملائكته لتحفظ الملتجئين إليه. وكثيراً ما تدخَّل الحفظ الإلهي أثناء المجاعات، والأوبئة، وكوارث الطبيعة من زلازل وفيضانات وسيول ... إننا لا ننسى حينما هجم وباء الكوليرا على مصر وهى من أمراض البلاد الحارة وقد أودت بكثيرين ... لا ننسى أنه في السنة التالية سمح أن تكون قارصة البرد، بحيث إختفى وباء الكوليرا. ولا ننسى إطلاقاً كيف حفظ الرب بلادنا من الزلزال ولم يدرك الخطورة.



+ ولا ننسى حفظ اللَّه للأطفال، الذين قد يتعرَّضون لأخطار شديدة نتيجة لجهدهم وعدم حرصهم. لكن اللَّه يحميهم ... وقد حفظ اللَّه موسى النبي في طفولته بطريقة معجزية أنقذته من الموت الذي كان يحكم به فرعون وقتذاك على الأطفال ... وحفظ اللَّه للأطفال لا يعني فقط الصغار في السن. بل أيضاً هو حافظ لكل ضعيف محتاج إلى حماية. أي كل مَن لا يقوى على حماية نفسه، فيتدخَّل اللَّه ويحميه ويحفظ له كيانه. وما أجمل ما قاله داود النبي في هذا الموضوع. إذ قال: " نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ إنكسر ونحن نجونا. عوننا بِاسم الرب الذي صنع السماء والأرض ". حقاً ماذا يستطيع العصفور المسكين أمام فخ الصيادين؟! وإذ لا يستطيع شيئاً لإنقاذ نفسه، حينئذ يدركه.



+ اللَّه أيضاً في حفظه، يحفظ كذلك من حروب الشياطين. إنه في رحمته لا يترك الشيطان يُحاربنا بكل خبثه وضلاله، بل يضع له حدوداً. وبغير هذه الحدود كان الشيطان يستطيع أن يملأ الدنيا شراً. أمَّا الحفظ الإلهي فقد قيَّده ... وهكذا أيضاً يحفظ اللَّه الناس في حروب الخطيئة. إذ تتدخل نعمة اللَّه الحافظة وتقف إلى جوار الإنسان كُلَّما ضغطت عليه الخطايا في عنف. فيُساعده اللَّه لكي لا يسقط. هذا إذا استجاب الإنسان إلى عمل النعمة واشترك معها.



+ لقد حفظ اللَّه أيضاً النُّسَّاك المتعبدين في البراري والجبال. حفظهم من البرد والحر، ومن الحيَّات والعقارب ودبيب الأرض. وحفظهم من الملل والضجر، ومن حروب الخوف والشَّكّ، ومن هجمات الشياطين. كذلك حفظهم من الأمراض حيث لا يوجد لهم طبيب ولا دواء في وحدتهم ... ويقيناً لولا حفظ اللَّه، ما كان أولئك النُّسَّاك يستطيعون أن يقضوا حياتهم في البراري وشقوق الجبال دون أيَّة معونة مادية.



حفظ اللَّه للبشر عموماً يشمل حفظهم في البر والبحر والجو. فما أكثر ما تعرَّضت السفن لأمواج البحر العاتية التي تكاد تُغرقها، ولكن اللَّه الحافظ يدوس على كبرياء البحر. وعند إرتفاع لُججه هو يُسكتها ... كذلك حفظ اللَّه للطائرات في الجو، وأحياناً تدركها أخطار من تقلب الجو ومن المطبات الخطيرة. ولولا حفظ اللَّه لتعرَّضت كثيراً من الطائرات إلى الضياع ... وهناك أخطار أيضاً في البَر، فما أكثر الأحداث الخطرة. ولكن اللَّه يحفظ في غالبيتها.



+ أقول من جهة الحفظ الإلهي: إن اللَّه يحفظنا كثيراً حينما نطلب منه الحفظ، وأحياناً يحفظنا دون أن نطلب. لذلك حينما نشكر اللَّه على حفظه لنا، لا نشكر فقط على ما نعرفه من حفظه. وإنما هناك أمور حفظنا اللَّه فيها ونحن لا نعلم. ومنع المشاكل من الوصول إلينا دون أن نعرف.



+ والحفظ الإلهي يلزمه من جانبنا الإيمان والشُّكر. فأنت حينما تؤمن بحفظ اللَّه تطمئن. وبإيمانك بالحفظ الإلهي، يدخل السلام إلى قلبك. وتقول للَّه مع داود النبي: " إن سِرْتَ في وادي ظل الموت لا أخاف شراً، لأنك أنت معي ". أمَّا الذي يكون إيمانه ضعيفاً، ويتعرَّض لذلك الخوف، فعليه أن يُصلِّي لكي يمنحه اللَّه هذا الإيمان. وبما يُقوِّيه أيضاً أن يذكر ما يعرفه من قصص الحفظ الإلهي. إن الإيمان والصلاة تسبقان الحفظ، والشُّكر يكون نتيجة لهذا الحفظ. لأنه لا يليق بنا أبداً أن يحفظنا اللَّه ونحن لا نشكر! على أن حِفظ اللَّه لنا يزيدنا إيماناً بحفظه.



+ وعبارة يحفظ الرب دخولك وخروجك، لتكن في ذاكرتك وعلى فمك، في كل مرَّة تخرج فيها من بيتك أو ترجع إليه. وأيضاً في كل مرَّة تدخل إلى مكان عملك أو تخرج منه. وكما حفظ اللَّه دخولك إلى هذا العالم، فليحفظ خروجك منه. وليحفظ دخولك إلى العالم الآخر. وعليك أن تُصلِّي وتقول: أنت يارب الذي تحافظ علينا. فمَن مِنَّا يستطيع أن يحفظ نفسه بل أنت يارب الذي تحافظ على نفسي من كل شر ومن كل سقطة، ومن كل تجربة. فليكن حفظ هذا مستمراً معنا كل حين. حتى إن لم نعمل على حفظ أنفسنا تحفظها أنت. لأنك يارب إن فتحت أعيننا لنرى كل ما حفظتنا منه، ما كانت حياتنا كلها تكفي لشُّكرك

- انجيل السبت


انجيل يوم السبت الموافق 18 سبتمبر 2010 , 8 توت 1727 ش (شهداء)

+

مزمور القداس



من مزامير أبينا داود النبي ( 98 : 5 ـ 6 )



مُوسَى وهارونُ في كهنتهِ. وصَموئيلُ في الذينَ يَدعونَ بِاسمهِ. كانوا يَدعونَ الربَّ وهو كانَ يَستجيبُ لهُم. بعمودِ الغمام كان يُكلِّمهُم. هللويا.







إنجيل القداس



من إنجيل معلمنا متى البشير ( 23 : 14 ـ 36 )



الويلُ لكم أيُّها الكتبة والفريسيُّون المراؤون، لأنَّكم تُغلقون ملكوت السَّموات قُدَّام النَّاس، فأنتم لا تدخلون ولا تدعون الآتين أن يدخلوا. ويلٌ لكم أيُّها الكتبة والفريسيُّون المراؤون، لأنكم تطوفون البحر والبر لتصنعوا غريباً واحداً، وإذا كان فتصيرونه ابناً لجهنَّم مضاعفاً عليكم. ويلٌ لكم أيُّها القادة العميان القائلون: من يحلف بالهيكل فليس بشيءٍ، ومَن يحلف بذهب الهيكل كان عليه. أيُّها الجُهَّال والعُميان، أيُّما أعظـم: الذَّهب أم الهيكل الذي يُقدِّس الذَّهب؟ ومن يحلف بالمذبح فليس بشيءٍ، ومن يحلف بالقربان الذي فوقه كان عليه. يا أيُّها الجُهَّال والعُميان، أيُّما أعظم: القربان أم المذبح الذي يُقدِّس القربان؟ فمَن يحلف بالمذبح فقد حلف به وبكلِّ ما فوقه. ومَن يحلف بالهيكل فقد حلف به وبالسَّاكن فيه، ومَن يحلف بالسَّماء فقد حلف بعرش الله وبالجالس عليه. ويلٌ لكم أيُّها الكتبة والفريسيُّون المراؤون، لأنكم تُعشِّرون النَّعناع والشِّبثَّ والكمُّون وتركتم عنكم أثقل النَّاموس: الحكم والرَّحمة والإيمان. وكان يجب أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. أيُّها القادة العُميان، الذين يُصفُّون عن البعوضة ويبلعون الجمل. ويلٌ لكم أيُّها الكتبة والفريسيُّون، لأنكم تنظفون خارج الكأس والصَّحفة، وداخلهما مملوء اختطافـاً ونجاسـة. أيُّها الفريسـيُّ الأعمى، طهِّـر أولاً داخل الكأس والطاس لكي يتطهَّر خارجهما. الويلُ لكم أيُّها الكتبة والفريسيُّون المراؤون، لأنَّكم تُشبهون قبوراً تبدو مُبيَّضة خارجها يظهر حسناً، وداخلها مملوء عظام أمواتٍ وكل نجاسة. هكذا أنتم أيضاً: تبدو ظواهركم للنَّاس مثل الصدِّيقين وبواطنكم مُمتلئة رياءً وكل إثم. ويلٌ لكم أيُّها الكتبة والفريسيون المراؤون، لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتُزيِّنون مدافن الأبرار، وتقولون: لو كُنَّا في أيَّام آبائنا لم نكُن شركاءهم في دم الأنبياء. فتشهدون إذاً على نفوسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء. وأكملتم أنتم أيضاً مِكيال آبائكم. أيُّها الحيَّات أولاد الأفاعي، كيف تهربون من دينونة جهنَّم؟ من أجل هذا هأنذا أُرسِل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة، فتقتلون منهم وتَصلِّبونَ، وتجلِدون منهم في مجامعكم، وتطردونهم من مدينة إلى مدينة، لكي ما يأتي عليكم كل دم زكيٍّ سُفِكَ على الأرض، من دم هابيل الصدِّيق إلى دم زكريَّا بن براخيَّا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح. الحقَّ أقول لكم: إن هذه جميعها تأتي على هذا الجيل.







( والمجد للـه دائماً )

.







12‏/09‏/2010

- السلام مع الناس



بقلم قداسة البابا شنوده الثالث



ما أجمل الحياة في سلام مع الآخرين. والمجتمع الذي يسوده السلام، هو مجتمع مثالي محبوب. لذلك فعلى قدر طاقتك حاول أن تُسالم جميع الناس. وأقول على قدر طاقتك، لأن عدم السلام أحياناً قد يكون سببه منهم وليس منك. وقد يكونون هم الذين يقاومونك. وحتى في مثل هذه المواقف حال أن تحتفظ بسلامك الداخلي إن استطعت. ولكنك ربما لا تستطيع مسالمة الكل، إذا كانت تلك المُسالمة على حساب ضميرك وروحياتك.



إن هناك أموراً يُمكن للإنسان أن يمررها في هدوء، دون أن يفقد السلام بينه وبين الناس. ولا يعطي خطورة لأمثال تلك الأمور البسيطة التي لا تتعب ضميره. فكيف يستطيع الإنسان أن يتعامل في سلام مع الذين يعاملونه في غير سلام؟! أو كيف يُسالم الذين يتعبونه ويقاومونه؟ هناك بلا شك بعض مبادئ روحية وأساليب معاملات، إن اتبعناها يمكننا أن نعيش في سلام مع الكل: ومن ذلك حياة الوداعة والاتضاع. فالإنسان الوديع، الهادئ، الطيب القلب، الدمث الخلق، الرقيق، اللطيف، المُبتسم، البشوش ... لاشك أنه يستطيع أن يُسالم جميع الناس. وبالمِثل الإنسان المتواضع، الذي ـ في تواضعه ـ لا يغضب من أحد، ولا يُغضب أحداً. وبعكس ذلك الشخص العصبي الثائر. لذلك إن أردت أن تُسالم الكل، لا تكن عصبياً. حاول في كل حين أن تهدئ أعصابك. ولا تكن سهل الاستثارة. وإن حاول أحد أن يثيرك، لا تستسلم إلى الضعف البشري وتُثار. إن الشخص القوي هو الذي يستطيع أن يحتمل. لذلك إن غضبت وثُرت على مَن يسيئ إليك، تكون ضعيفاً لم تحتمل. وإن ثُرت عليه بالمثل تكون أيضاً ضعيفاً لم تقدر على ضبط نفسك. وإن قابلت الإساءة بمثلها، فإنك تخسر مَن أساء إليك. بل تكون قد هبطت من مستواك الروحي وأصبحت مثل أولئك المسيئين. وما أجمل قول سليمان الحكيم: " لا تجاوب الجاهل حسب حماقته، لئلا تعدله أنت "، أي صرت معادلاً له أو مساوياً له في أخطائك.





+ إذن كيف تعامل من يثيرك ويغضب عليك؟ يقول الحكيم: " الجواب اللين يصرف الغضب. والكلام الموجع يهيج السخط ". إذن فالإنسان الوديع هو الذى يقابل غضب غيره بكلام طيب هادئ. وبهذا الأسلوب يصرف غضبه عنه ويسالمه. أما إن رد عليه بكلام موجع، فإنه يهيجه عليه بالأكثر. وقد يتحوَّل الأمر إلى معركة. لذلك حسن ما قاله الآباء في هذا المجال: " إن النار لا تطفأها النار. بل يطفئها الماء ". النار تزيد النار اشتعالاً. أمَّا الماء فإنه يخمد لهيبها بليونته.





+ لذلك إن أردت أن تُسالم الناس، لا تكن حساساً جداً في مقابلة أخطائهم، لا تقُل هذه الكلمة جرحتني أو أغضبتني، وهذه الكلمة جرحتني، وهذه الكلمة أهانتني. لأنه إن كان كل شيء يجرحك، فلن تستطيع أن تحيا في سلام مع الناس. لا تكن كنبات الخروع الذي تهزه أي ريح. بل كُن مثل السنديانة الصلبة التي تثبت أمام الريح العاصفة ولا تهتز.



+ تستطيع أيضاً أن تُسالم الناس، إن اكتسبت فضيلة الهدوء والاحتمال. لا تقُل فلان متعب، فلم أقدر أن أتعامل معه. ولكن لو كان عندك احتمال، ما إستطاع هذا المُتعب أن يتعبك. تأكَّد يا أخي أن ما يتعبك، ليس هو أخطاء الناس، بل أعصابك وطريقة تفكيرك. فإن استطعت أن تهدئ أعصابك، ولا ترهق تفكيرك بالحكم على تصرفاتهم، حينئذ يُمكنك أن تُسالمهم، ولو بالبُعد عن مجالهم المتعب. وهنا أذكرك بقول القديس يوحنا ذهبي الفم: " لا يستطيع أحد أن يؤذي إنساناً، ما لم يؤذي هذا الإنسان نفسه ". فأنت تؤذي نفسك إن تركت أفكارك تتعبك. لذلك قال نفس هذا القديس: " هناك طريقة تستطيع بها أن تتخلَّص من عدوك. وهى أن تحوّل هذا العدو إلى صديق. وكيف تحوله إلى صديق؟ ذلك بالمُسالمة بل والإحسان إليه ولا تجعل شره يغلبك، بل أغلب الشر الذي فيه بالخير الذي فيك".



كذلك تستطيع أن تُسالم الناس بالحكمة. فالإنسان الحكيم، يتصرَّف برزانة، وبهدوء، وبُعد تفكير. ولا يخسر الناس لأنَّ " رابح النفوس حكيم ". والنفوس لا تستطيع أن تربحها بالمنازعة والعداوة ومقابلة المِثل بالمِثل. إنما بالمسالمة.



إنَّ الإنسان الحكيم يعرف ما هو المفتاح الذي يمكنه به أن يدخل إلى قلب أحد. وهكذا يُعامل كل شخص بما يُناسبه، حسب دراسته بطبعه وصفاته. وهكذا ليس فقط يُسالم الناس، بل بالأكثر يكسب محبتهم. إذن لكي تسالم الناس، إدرس شخصياتهم، وعاملهم بما يناسبهم. وفي حكمة لا تتسرَّع بمجابهة الأمور. بل عامل الغير بطول أناة وسعة صدر ورحابة قلب. بل حسب التعبير العامي لتكن لك صفة إنسان " بحبوح ". إنك قد تخسر الناس بوجهك العابس المتجهِّم، وبجديتك الزائدة، ومقابلة كل أمر بحزم شديد! إنما بالبشاشة واللطف، يمكنك أن تكسب الناس في أصعب المواقف. حاول أن يكون لك روح المرح في معاملة الآخرين. ورُبَّما الشخص الذي يُعاملك بطريقة مُتعبة: إن ابتسمت في وجهه ورددت عليه بفُكاهة تُضحكه فإنه قد يُشاركك المرح فتكسبه. وطبعاً ليس الجميع يمكنهم أن يُتقنوا أسلوب المرح هذا. إنَّي أنصحك بالبشاشة واللطف. والوجه البشوش محبوب من الناس، ويُمكنه أن يكسبهم. أو على الأقل يعيشوا في سلام معه. وثِق أنك لو كنت إنساناً غليظ القلب، لإنفض الناس من حولك. ولو كنت تُحاسب غيرك على كُل كلمة وتصرُّف ولا تُسامح فإنك لن تقدر على مسالمة الناس، فأُذكر قول الشاعر:



إذا كنت في كل الأمور معاتباً
فعِش واحداً أو صِل أخاك فإنه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى
...

...

...
صديقك لم تلق الذي تعاتبه
مقارف ذنباً مرة ومجانبه
ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه





أخيراً أقول لك رُبَّما يسمح اللَّه أن يعترض طريقك بعض المُتعبين، لكي تتدرب على فضيلة الاحتمال وعلى المغفرة للمسيئين.

.

09‏/09‏/2010

- الاحتفال برأس السنه القبطيه والعبريه

+
كل عام والجميع بخير بمناسبة حلول  رأس السنه القبطيه (عيد النيروز) 1727 شهداء  
وايضا بمناسبة حلول راس السنه العبريه ה'תשע"א  5771 

اعاده الله على الجميع بالخير واليُمن 

سنه سعيده وعيد سعيد
نوفري رومبي نيم نوفري شاي



الأصل التاريخي لعيد النيروز

النيروز وعيد رأس السنة المصرية هو أول يوم في السنة الزراعية الجديدة...وقد أتت لفظة نيروز من الكلمة القبطية ( ني - يارؤو) = الأنهار، وذلك لأن ذاك الوقت من العام هو ميعاد أكتمال موسم فيضان النيل سبب الحياة في مصر.. ولما دخل اليونانيين مصر أضافوا حرف السي للأعراب كعادتهم (مثل أنطوني وأنطونيوس ) فأصبحت نيروس فظنها العرب نيروز الفارسية..



ولأرتباط النيروز بالنيل أبدلوا الراء بالام فصارت نيلوس ومنها أشتق العرب لفظة النيل العربية..


أما عن النيروز الفارسية فتعني اليوم الجديد (ني = جديد ، روز= يوم ) وهو عيد الربيع عند الفرس ومنه جاء الخلط من العرب.


ويقول الأنبا لوكاس المتنيح أسقف منفلوط: أن النيروز أختصار (نيارو أزمورووؤو) وهو قرار شعري أيتها لي للخالق لمباركة الأنهار..


( لاحظ كلمة أزمو التي نستخدمها في التسابيح القبطية مثل الهوس الثالث وتعني سبحوا وباركوا). وعوضا عن كتابة القرار كامل بنصه أختصروا إلي كلمة واحدة (مثل صلعم في العربية) توضع فوقها خط لتوحي للقاريء بتكميل الجملة (مثل كلمة أبشويس القبطية) وأصبحت نياروس ومعناه الكامل عيد مباركة ألأنهار..

أما توت أول شهور السنة القبطية فمشتق من الأله تحوت أله المعرفة وهوحكيم مصري عاش أيام الفرعون مينا الأول وهو مخترع الكتابة ومقسم الزمن.. وقد أختار بداية السنة المصرية مع موسم الفيضان لأنه وجد نجمة الشعري اليمينية تبرق في السماء بوضوح في هذا الوقت من العام..




مما يعني أن السنة القبطية، سنة نجمية وليس شمسية مما يجعلها أكثر دقة من الشمسية التي أحتاجت للتعديل الغرغوري وبالتالي لم تتأثر بهذا التعديل وذلك لأن الشمس تكبر الارض بمليون وثلث مليون مرة والشعري اليمينية تكبر الشمس بـ200مرة، مما يعني أنها أكبر من الأرض بـ260 مليون مرة مما يحعل السنة النجمية أدق عند المقارنة بالشمسية..


ومع عصر دقلديانوس إحتفظ المصريين بمواقيت وشهور سنينهم التي يعتمد الفلاح عليها في الزراعة مع تغيير عداد السنين وتصفيره لجعله السنة الأولي لحكم دقلديانوس = 284 ميلادية = 1 قبطية = 4525 توتية ( فرعونية )، ومن هنا أرتبط النيروز بعيد الشهداء.. حيث كان في تلك الأيام البعيدة يخرج المسيحيين في هذا التوقيت إلي الأماكن التي دفنوا فيها أجساد الشهداء مخبئة ليذكروهم. وقد أحتفظ الأقباط بهذه العادة حتي أيامنا فيما يسمونه بالطلعة.. أن عيد النيروز هو أقدم عيد لأقدم أمة..



حارب فيه شهدائنا الظلم وضحوا بنفوسهم لأجل من أحبهم ولكن ياتري ما هم فاعلين في زمن حول الشيطان حربه ألي حرب داخلية دفاعا عن القيم الروحية بين الأنسان ونفسه وحرب خارجية أشد هوادة متمثلة في المعاناة التي يعيشها المواطن المصري وأهمها أن يشعر أنه غريبا في وطنه..





(عن كتاب: عيد النيروز أقدم عيد لأقدم أمة: للأغنسطس نبيل فاروق - مراجعة وتقديم الأنبا متاؤس)

.

08‏/09‏/2010

- التفاؤل والرجاء

.بقلم قداسة البابا شنوده الثالث
 

إن التفاؤل يأتي من الإيمان بعمل الله من أجلنا، ومن الرجاء بأنه لابد سيعمل عملاً. بالتفاؤل يرى الإنسان أن الليل مهما بلغ ظلامه، لابد سيأتي بعده الفجر المنير. وأن برد الشتاء يعقبه دفء الربيع، وهكذا يتأمل الشخص في النقاط البيضاء في كل ما حوله. وبالإيمان يرى الخير في كل شئ. لا ينظر إلى الظلمة الحالية، بل إلى النور الذي سيأتي. لا ينظر إلى ما يراه الآن، وإنما ما أعده الله له فيما بعد.



+ وقد كنت أقول للذين في ضيقة: تذكروا ثلاث عبارات هى "ربنا موجود. كله للخير. مصيرها تنتهي". فلا توجد ضيقة تستمر. فمهما طال زمانها لابد أنها ستنتهي. إنما تأخذ شكلاً هرمياً. فترتفع حتى تصل إلى قمتها. ثم تنحدر إلى أسفل وتنتهي. وتنتهي على خير. وحقاً كله للخير، لأن ربنا موجود. فبالرجاء يتأكد الشخص أن الله لابد سيتدخل. وحينئذ سوف تزول كل المشاكل وينصلح الأمر. إن نظرة الخوف والشك تجلب اليأس. أما نظرة التفاؤل والإيمان، فإنها تؤكد أن الله لابد سيعمل عملاً، ولو في الساعة الرابعة والعشرين.



والإيمان يقول: ليس ما نراه نحن، إنما ما يراه الله لأجلنا. وليس ما نعمله نحن، إنما ما يعمله الله من أجلنا. وعمل الله في القديم، يعطينا الثقة والرجاء بعمله في المستقبل. إن عمل الله قادر أن يغير القلوب وأن يبنيها من جديد.



+ كثيرون جداً تصغُر نفوسهم أمام المشاكل التي تبدو معقده وبلا حل، فتزيد حروب الشيطان من متاعبه. ويحتاجون إلى كلمة تعيد إليهم الرجاء. يحتاجون إلى نافذة من نور تبدد الظلمة التي تكتنف نفوسهم، والرجاء إذن هو شئ هام في الحياة. ولو فقد الإنسان الرجاء، فقد كل شئ. بل قد يقع في اليأس، ويقع في الكآبة، وتنهار معنوياته، ويقع في القلق والإضطراب ومرارة الإنتظار بلا هدف. وقد يقع العوبه في يد الشيطان الذي يقال عنه إنه يقطع الرجاء. أما الإنسان الروحي فمهما تعقدت الأمور أمامه، ومهما بدى أن الله قد تأخر في إرسال المعونة، فإنه لا يفقد رجاءه أبداً. إنه يؤمن بأن غير المستطاع عند الناس، هو مستطاع عند الله. وأن كل أمر مهما بدى مستعصياً وصعباً ومعقداً، فهناك رجاء يقدمه الله. 



+ إن الإنسان الروحي لا يرى أن الله سيعمل في المستقبل، فهذا إيمان ضعيف، وإنما هو يؤمن أن الله يعمل حالياً، وإن كان لا يرى عمله. لكنه واثق تماماً أن الله يعمل. ويكون له رجاء بنتيجة عمله التي سيراها فيما بعد. إنه لا ينظر إلى الضيفات، إنما ينظر إلى الله الذي يبعد عنه الضيقات. لذلك فإن الرجاء يصاحبه في كل حين، وفي كل حال. ولا يفارقه أبداً. إنه رجاء في محبة الله، وفي مواعيده الصادقة. ورجاء في قوة الله القادر على كل شئ. رجاء في أن الله الذي عمل في القديم، والذي يعمل كل حين، هو قادر أن ينجيه من كل ضيقة. وهذا الرجاء في معونة الله، يعطي الإنسان سلاماً في القلب، وطمأنينة في الداخل، وفرحاً لعمل الله.



+ والذي يعيش في الرجاء، ينظر دائماً باباً مفتوحاً في السماء، مهما كانت أبواب الأرض مغلقة. فالله حينما يفتح لا يستطيع أحد أن يغلق. والإنسان المؤمن يعرف تماماً أن الله يحبنا أكثر مما نحب أنفسنا. ويعرف الخير لنا أكثر مما نعرف الخير لأنفسنا. ويوقن أن الله يدبر أمور الكون كلها حسب حكمته غير المحدودة. ويقول في ضميره إن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله. ونقصد الخير بالمقاييس الإلهيه، وليس الخير بمفاهيمنا البشرية. ويقول أحياناً إذا ضاقت به الأمور: إن المر الذي يختاره الرب لي، خير من الشهد الذي أختاره لنفسي.



+ والمؤمن يرى ـ في حياة الرجاءـ أن كل مشكلة لها عند الله حل أو عشرات الحلول. وأن كل الأمور التي تمر بنا في حياتنا: إن كانت خيراً فسوف تصل إلينا بكل بركة. وإن كانت شراً، فإن الله صانع الخيرات سيحول الشر الذي فيها إلى خير. والمؤمن يثق أيضاً أن حياته هى في يد الله وحده، وليست في أيدي الناس، ولا في أيدي التجارب والأحداث، ولا في أيدي الشياطين. وما دامت حياته في يد الله، فإن الله سوف يحفظه في سلام، ويحرسه في الليل والنهار، ويحفظ دخوله وخروجه. 



+ لذلك إن كانت لديك مشكلة، فإنتظر الله لكي يريحك وينقذك منها. ولكن لا تنتظر الرب وأنت متضايق وخائف ومتذمر وفي ضجر. وتقول في داخل نفسك: لماذا لم يعمل الرب حتى الآن؟ وأين محبته ورعايته وأين عمله؟! نعم لا تنتظر عمل الرب وأنت في شك من المستقبل، وفي شك من قيمة الصلاة وفاعليتها!! إن كل تلك المشاعر ضد فضيلة الرجاء. فالإنسان المضطرب أو اليائس أو المنهار، إنما يدل على أنه فاقد الرجاء. أما منتظرو الرب فأنهم ينتظرونه في قوة غير خائفين. وإنما يثقون بمواعيد الله السابقة وبصفاته الإلهية المحبوبة، باعتباره الراعي والحافظ والساتر والمعين. وأنه رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين. وأنه يعطينا باستمرار دون أن نطلب وقبل أن نطلب. فكم بالحري إذا طلبنا. 



+ واعرف تماماً أن الله إذا سمح لك بضيقة، فإنما يكون ذلك لمنفعتك. والضيقات هى دائماً مدرسة الصلاة. ربما حياة التنعم تبعدنا عن الله. أما الآلم فأنه يقربنا إليه. فتصير صلواتنا أعمق وأكثر. وتصير أصوامنا أكثر روحانية. إن الضيقات التي احتملها داود النبي، صارت نبعاً لمزاميره، يغنيها على العود والقيثار والمزمار. وصارت ينبوعاً لتأملات روحية وصلوات عميقة تصليها الآجيال من بعده. بل الضيقات أعطته قوة في شخصيته. 



+ ومن جهة الأمراض. فعلى الرغم من أن المرض آفة يحاربها الناس، ويهربون منها إلى الطب والدواء، فإن أمراضاً كثيرة قادت إلى التوبة، وفعلت ما لم تفعله أعمق العظات، وبخاصة الأمراض الخطيرة والمؤلمة. فكم قد أدخلت كثيرين في عهود مع الله، وفي نذور قدموها إليه، وفي حياة جديدة معه، أو في توبة واستعداد للموت. حقاً إن كل الأمور تعمل معاً للخير. لذلك عش سعيداً مهما حدث لك. وقل في ثقه
"كله للخير".

.

05‏/09‏/2010

- محبة الناس




شروطها وأنواعها

بقلم قداسة البابا شنوده الثالث

محبة الناس هى لكل الناس جميعاً. فالبشر كلهم أقرباء بعضهم لبعض كلهم أبناء آدم وأبناء حواء. خلقهم اللَّه من هذيْن الأبويْن ليكونوا جميعاً أسرة واحدة، تربطهم رابطة الدم، وبالتالي رابطة الحُب.

لهذا فإن عدم الحب بين البشر هو أمر غير طبيعي. وهو فى نفس الوقت لا يتفق مع الصالح العام، كما لا يتفق مع مشيئة اللَّه ولا مع وصاياه.



+ والعجيب أن أول إيذاء حدثنا عنه التاريخ كان من إنسان ضد إنسان، ولم يكن من وحش افترس إنساناً. وهكذا فإن هابيل البار قام عليه أخوه وقتله. وبدأت البُغضة والقسوة بين الناس. ولم تستطع البشرية أن تحتفظ بالحب حتى بين أفراد الأسرة الواحدة. ومعروفة قصة يوسف الصِّدِّيق مع إخوته ... وتتابعت مأساة فقدان الحب فى تاريخ البشرية. وكثرت قصص العداوة والبغضاء، وقصص الحسد والغيرة وتصادم الأغراض، والنزاعات والحروب، والتنافس على الرزق وعلى السُّلطة والمناصب. واكتست الأرض بدماء بريئة وبدماء غير بريئة، وأصبح الأخ يعتدي على أخيه والأخ يخاف أخاه. حتى قال أحد الشعراء:





عوى الذئب فاستئنست بالذئب إذ عوى ... وصوت إنسان فكدت أطير



+ وقدَّم لنا اللَّه وصايا لإعادة المحبة بين الناس، وتقديم القدوة في ذلك، ومعالجة الأسباب التي أوصلت البشرية إلى التخاصُم والعداوة والقسوة. وقام المصلحون الاجتماعيون والرعاة الروحيون لبذل أقصى الجهد فى العمل على ترميم بناء المحبة المنهدمة. كما وضع اللَّه الأُسُس للتعامل بين الناس: أمَّا الأساس الإيجابي، فهو مشاعر الود والتعاطف والتعاون. وأما الأساس السلبي فهو الكف عن الكراهية والاعتداء. فالكراهية هى المشاعر الكامنة داخل القلب. والاعتداء هو التعبير الظاهر عن تلك المشاعر الداخلية ... والمطلوب هو الارتقاء بكل مشاعر الإنسان للوصول إلى مستويات الحُب. والحُب هو القمة التى تصل إليها المشاعر البشرية. وفي يوم الدينونة العظيم، ستفحص كل أعمالنا وعواطفنا، ويُستخلص ما فيها من حب، فيكافئنا اللَّه عليه. على أن هذا الحب له قواعد ينبغي أن نعرفها، لكى تكون محبتنا بعضنا للبعض سليمة ومقبولة.



+ أولاً ينبغى أن تكون محبتنا للناس داخل محبتنا للَّه. فلا تكون ضدها، ولا تزيد عليها. فلا نحب أحداً عن طريق كسر وصية من وصايا اللَّه. فالصديق الذى يحب صديقه بحيث يُجامله فى كل خطأ، ويخشَى أن يُقدِّم له نصيحة مخلصة لئلا تجرح شعوره. هنا لا يحبه بالحقيقة. والأم التى تُدلِّل ابنها تدليلاً يُفسده، أو تُغطي على أخطائه. بحيث لا يعرفها أبوه. لا تكون محبتها لابنها محبة حقيقية ولا نافعة. بل لا نُسمِّيها حباً إنما تدليلاً.



+ ومن شروط المحبة الحقيقية أن تكون عملية. فتظهر محبتنا للناس فى معاملاتنا لهم، فى اخلاصنا لهم، ومشاركتنا الوجدانية، ووقفنا معهم فى وقت الشدة، وتخليصنا لهم من ضيقاتهم. ومحبتنا للفقراء تظهر فى عطفنا عليهم، وإعطائهم ما يلزمهم. وليست فى مُجرد كلام العطف أو الدُّعاء. وهكذا ارتبط الحب عموماً بالعطاء بل والبذل. فلا يوجد حُب أعظم من هذا أن يبذل أحد نفسه لأجل الآخرين. ويظهر الحُب والعطاء بالأكثر، فى أن يُعطي الإنسان من أعوازه، وأن يضحي باحتياجاته سبباً فى إسعاد الآخرين. وهنا نقول إن المحبة لا تطلب ما لنفسها بل بما لغيرها.



+ ومن شروط المحبة أن تكون طاهرة. فمحبة شاب لفتاة، لا يمكن أن تكون محبة حقيقية اطلاقاً، إن كان يفسد عفتها، ويفقدها سمعتها فى المجتمع الذى تعيش فيه، ويضيع أبديتها. ومثل هذا الشاب لا نقول إنه يحب الفتاة، إنما يحب نفسه محبة خاطئة، ويحب اشباع شهواته، ولا يهتم بصالح الفتاة. وهنا أُكرِّر ما قُلته من قبل فى الفرق بين المحبة والشهوة:

( المحبة تريد دائماً أن تُعطي. بينما الشهوة تريد دائماً أن تأخذ ).



+ ومن شروط المحبة أنها تكون صادقة أى أن تكون المحبة بلا رياء ولا نفاق. ويدخل فى ذلك أيضاً كل كلام الملق، والمديح الكاذب. ولا تكون محبة فيمن يُساعد غيره على إهلاك نفسه أو على ارتكاب خطاياه. إنما المحبة الحقيقية هى محبة روحانية. فيها تحب شخصاً بأن تساعده على حياة البِرّ، ولا تشاركه في خطأ، ولا توافقه على ذلك ولا تنصحه به.



+ والقلب المُحب لا يعرف البغضة مطلقاً. فهو بالبغضة يكون بعيداً عن اللَّه والناس، لأن اللَّه محبة. والقلب المُحِب لا ينتقم لنفسه، ولا يرد الإساءة بإساءة. لأنَّ الإنتقام هو لون من الكراهية والعداوة والقساوة. وأيضاً هو لون من محبة الذات لا محبة الغير. لذلك يُعلِّمنا الدين أنه: إن جاع عدوك فاطعمه وإن عطش فاسقهِ.





+ والمحبة تكون محبة للكل، ولا تكون أبداً تحيُّزاً لجنس أو لون أو دين، بلا تمييز بسبب شيء من هذا كله، بل ملتزمة بالحق والموضوعية. ومن أنواع المحبة: محبة الأبوة والأمومة، ومحبة البنوة والأخوة، ومحبة الأزواج، ومحبة الأصدقاء، ومحبة العشيرة، ومحبة الوطن، ومحبة بيت اللَّه، ومحبة الفريق، ومحبة المُجتمع كله. وهكذا توجد المحبة العامة التي تشمل العالم أجمع. وما أكثر ما نقرأ عن الهيئات العالمية التي تعمل في نطاق الخير والإغاثة، لأي شعب على وجه الأرض ... وهنا تظهر أيضاً المحبة للغرباء.



+ وأسمَى درجة من المحبة هى المحبة للأعداء. فعدونا الوحيد هو الشيطان، أمَّا الباقون الذين يُسمُّون أعداء فهم ضحايا ذلك الشيطان، ينبغي أن نُصلِّي من أجلهم أن يهديهم اللَّه ويُغيِّر سلوكهم، من أجل أنفسهم وأبديتهم ومن أجلنا أيضاً. وقد يقول البعض: " من الصعب عليَّ أن أحب عدوِّي. فماذا أفعل؟ "، أقول لك: على الأقل لا تبغضه، وحاول أن تغفر له في قلبك وتسامحه. وأيضاً لا تشمت به إذا فشل، ولا تفرح إطلاقاً بسقوطه. فهذا أيضاً يفقدك نقاوة قلبك.

.