28‏/11‏/2010

- انجيل الاحد 2010/11/28


( الأحد الثالث من شهر هاتور المبارك )



28 نوفمبر 2010

19 هاتور 1727







عشــية

مزمور العشية



من مزامير أبينا داود النبي ( 86 : 2 ، 3 ، 4)



خلص عبدك يا إلهى، المتكل عليك، إرحمنى يارب فإنى صرخت إليك النهار كله، فرّح نفس عبدك. هليلويا



إنجيل العشية



من إنجيل معلمنا متى البشير ( 11 : 25 – 30)



في ذلك الوقت اجاب يسوع وقال احمدك ايها الاب رب السماء والارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء و الفهماء واعلنتها للاطفال. نعم ايها الاب لان هكذا صارت المسرة امامك. كل شيء قد دفع الي من ابي وليس احد يعرف الابن الا الاب ولا احد يعرف الاب الا الابن ومن اراد الابن ان يعلن له. تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم. لان نيري هين وحملي خفيف.







( والمجد للـه دائماً )







باكــر

مزمور باكر



من مزامير أبينا داود النبي ( 113 : 3 ، 4)

من مشرق الشمس الى مغربها اسم الرب مسبح. الرب عال فوق كل الامم فوق السماوات مجده. هلليلويا







إنجيل باكر



من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 24 : 1 – 12)



ثم في اول الاسبوع اول الفجر اتين الى القبر حاملات الحنوط الذي اعددنه ومعهن اناس. فوجدن الحجر مدحرجا عن القبر. فدخلن ولم يجدن جسد الرب يسوع.



وفيما هن محتارات في ذلك اذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة. واذ كن خائفات ومنكسات وجوههن الى الارض قالا لهن لماذا تطلبن الحي بين الاموات. ليس هو ههنا لكنه قام اذكرن كيف كلمكن وهو بعد في الجليل.



قائلا انه ينبغي ان يسلم ابن الانسان في ايدي اناس خطاة ويصلب وفي اليوم الثالث يقوم. فتذكرن كلامه. ورجعن من القبر واخبرن الاحد عشر وجميع الباقين بهذا كله.



وكانت مريم المجدلية ويونا ومريم ام يعقوب والباقيات معهن اللواتي قلن هذا للرسل.



فتراءى كلامهن لهم كالهذيان ولم يصدقوهن. فقام بطرس وركض الى القبر فانحنى ونظر الاكفان موضوعة وحدها فمضى متعجبا في نفسه مما كان.







( والمجد للـه دائماً )







القــداس

البولس من رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكي



( 1 : 1 – 12)



بولس وسلوانس وتيموثاوس الى كنيسة التسالونيكيين في الله ابينا والرب يسوع المسيح. نعمة لكم وسلام من الله ابينا والرب يسوع المسيح.



ينبغي لنا ان نشكر الله كل حين من جهتكم ايها الاخوة كما يحق لان ايمانكم ينمو كثيرا



ومحبة كل واحد منكم جميعا بعضكم لبعض تزداد. حتى اننا نحن انفسنا نفتخر بكم في كل كنائس الله من اجل صبركم وايمانكم في جميع اضطهاداتكم والضيقات التي تحتملونها. بينة على قضاء الله العادل انكم تؤهلون لملكوت الله الذي لاجله تتالمون ايضا. اذ هو عادل عند الله ان الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقا.



واياكم الذين تتضايقون راحة معنا عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته. في نار لهيب معطيا نقمة للذين لا يعرفون الله والذين لا يطيعون انجيل ربنا يسوع المسيح. الذين سيعاقبون بهلاك ابدي من وجه الرب ومن مجد قوته. متى جاء ليتمجد في قديسيه ويتعجب منه في جميع المؤمنين لان شهادتنا عندكم صدقت في ذلك اليوم. الامر الذي لاجله نصلي ايضا كل حين من جهتكم ان يؤهلكم الهنا للدعوة ويكمل كل مسرة الصلاح وعمل الايمان بقوة. لكي يتمجد اسم ربنا يسوع المسيح فيكم وانتم فيه بنعمة الهنا والرب يسوع المسيح.







( نعمة اللـه الآب فلتحل على أرواحنا يا آبائي وإخوتي. آمين. )







الكاثوليكون من رسالة بطرس الرسول الأولى



( 4 : 3 – 11)



لان زمان الحياة الذي مضى يكفينا لنكون قد عملنا ارادة الامم سالكين في الدعارة



والشهوات وادمان الخمر والبطر والمنادمات وعبادة الاوثان المحرمة.



الامر الذي فيه يستغربون انكم لستم تركضون معهم الى فيض هذه الخلاعة عينها مجدفين. الذين سوف يعطون حسابا للذي هو على استعداد ان يدين الاحياء والاموات.



فانه لاجل هذا بشر الموتى ايضا لكي يدانوا حسب الناس في بالجسد ولكن ليحيوا حسب الله بالروح. وانما نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات.



ولكن قبل كل شيء لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة لان المحبة تستر كثرة من الخطايا. كونوا مضيفين بعضكم بعضا بلا دمدمة. ليكن كل واحد بحسب ما اخذ موهبة يخدم بها بعضكم بعضا كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوعة. ان كان يتكلم احد فكاقوال الله وان كان يخدم احد فكانه من قوة يمنحها الله لكي يتمجد الله في كل شيء بيسوع المسيح الذي له المجد والسلطان الى ابد الابدين امين.







( لا تحبوا العالم، ولا الأشياء التي في العالم، لأن العالم يزول وشهوته معه،



وأما من يعمل بمشيئة اللـه فإنه يبقى إلى الأبد. )







الإبركسيس فصل من أعمال آبائنا الرسل الأطهار



( 5 : 30 – 42)



اله ابائنا اقام يسوع الذي انتم قتلتموه معلقين اياه على خشبة. هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا ليعطي اسرائيل التوبة وغفران الخطايا. ونحن شهود له بهذه الامور والروح القدس ايضا الذي اعطاه الله للذين يطيعونه. فلما سمعوا حنقوا وجعلوا يتشاورون ان يقتلوهم. فقام في المجمع رجل فريسي اسمه غمالائيل معلم للناموس مكرم عند جميع الشعب وامر ان يخرج الرسل قليلا. ثم قال لهم ايها الرجال الاسرائيليون احترزوا لانفسكم من جهة هؤلاء الناس في ما انتم مزمعون ان تفعلوا. لانه قبل هذه الايام قام ثوداس قائلا عن نفسه انه شيء الذي التصق به عدد من الرجال نحو اربعمئة الذي قتل وجميع الذين انقادوا اليه تبددوا وصاروا لا شيء.



بعد هذا قام يهوذا الجليلي في ايام الاكتتاب وازاغ وراءه شعبا غفيرا فذاك ايضا هلك



وجميع الذين انقادوا اليه تشتتوا. والان اقول لكم تنحوا عن هؤلاء الناس واتركوهم لانه ان كان هذا الراي او هذا العمل من الناس فسوف ينتقض. وان كان من الله فلا تقدرون ان تنقضوه لئلا توجدوا محاربين لله ايضا. فانقادوا اليه ودعوا الرسل وجلدوهم واوصوهم ان لا يتكلموا باسم يسوع ثم اطلقوهم. واما هم فذهبوا فرحين من امام المجمع لانهم حسبوا مستاهلين ان يهانوا من اجل اسمه. وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل وفي البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح.







( لم تَزَلْ كَلِمَةُ الربِّ تَنمُو وتكثر وتَعتَز وتَثبت، في بيعة اللـه المُقدَّسة. آمين. )







مزمور القداس



من مزامير أبينا داود النبي ( 85 : 14 ، 15)



وأنت أيها الرب الإله أنت رحوم ورؤوف، أنت طويل الروح وكثير الرحمة وصادق، أنظر إلىّ وارحمنى، إعط عزة لعبدك وخلص ابن أمتك. هليلويا







إنجيل القداس



من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 14 : 25 – 35)



وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت وقال لهم. ان كان احد ياتي الي ولا يبغض اباه وامه وامراته واولاده واخوته واخواته حتى نفسه ايضا فلا يقدر ان يكون لي تلميذا. ومن لا يحمل صليبه وياتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذا.



ومن منكم وهو يريد ان يبني برجا لا يجلس اولا ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله. لئلا يضع الاساس ولا يقدر ان يكمل فيبتدئ جميع الناظرين يهزاون به.



قائلين هذا الانسان ابتدا يبني ولم يقدر ان يكمل. واي ملك ان ذهب لمقاتلة ملك اخر في حرب لا يجلس اولا ويتشاور هل يستطيع ان يلاقي بعشرة الاف الذي ياتي عليه بعشرين الفا. والا فما دام ذلك بعيدا يرسل سفارة ويسال ما هو للصلح. فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع امواله لا يقدر ان يكون لي تلميذا. الملح جيد ولكن اذا فسد الملح فبماذا يصلح. لا يصلح لارض ولا لمزبلة فيطرحونه خارجا من له اذنان للسمع فليسمع.



( والمجد للـه دائماً )











27‏/11‏/2010

- إنجيل السبت 27/11/2010


27 نوفمبر 2010 18 هاتور 1727



مزمور القداس

من مزامير أبينا داود النبي ( 18 : 1 ، 4 )

السَّموات تُذيع مجد اللـه. الفَلَكُ يُخبرُ بعملِ يديهِ. في كلِّ الأرض خرج منطقُهُم، وإلى أقطار المسكونة بلغت أقوالهم. هللويا.


إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا متى البشير ( 10 : 1 ـ 15 )

ثمَّ دعا تلاميذهُ الاثني عشرَ وأعطاهم سلطاناً على أرواحٍ نجسةٍ حتَّى يُخرجوها ويشفوا كلَّ مرضٍ وكلَّ سقم. وأمَّا أسماء الاثني عشر رسولاً فهيَ هذه: الأوَّلُ سمعانُ الذي يُقالُ له بطرسُ، وأندراوسُ أخوهُ. يعقوبُ بن زبدي، ويوحنَّا أخوه. فيلُبُّسُ، وبرثولماوسُ. توما، ومتَّى العشَّارُ. يعقوبُ بن حلفى، وتدَّاوسُ. سمعان القانويُّ ويهوذا الإسخريوطيُّ الذي أسْلَمَهُ. هؤلاء الاثنا عشرَ أرسلهم يسوعُ وأوصاهم قائلاً: " إلى طريقِ أُممٍ لا تذهبوا وإلى مدينةٍ للسَّامريِّينَ لا تدخلوا. بلْ اذهبوا بالحريِّ إلى خرافِ بيتِ إسرائيلَ الضَّالَّةِ. وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلينَ: إنَّه قد اقتربَ ملكوت السَّمواتِ. اشفوا المرضى. أقيموا الموتى. طهِّروا البُرص. أخرجوا الشياطين. مجَّاناً أخذتم مجَّاناً أَعطوا. لا تقتنوا لكم ذهباً ولا فضَّةً ولا نُحاساً في مناطِقِكُم، ولا مزوداً لكم في الطَّريق ولا ثوبين ولا أحذيةً ولا عصاً. لأنَّ الفاعلَ مُستحقٌّ طعامهُ.

وأيَّةُ مدينةٍ أو قريةٍ تدخلونها فافحصوا مَن فيها مُستحقٌّ، وأقيموا هناك حتَّى تخرجوا. وحين تدخلونَ البيتَ سلِّموا عليه، فإن كان البيت مُستحقّاً فليأتِ سلامُكم عليه. ولكن إنْ لم يكُن مُستحقّاً فليرجع سلامكم إليكُم. ومَن لا يقبلكم ولا يسمع كلامكم فاخرجوا خارجاً من ذلك البيتِ أو من تلكَ المدينةِ أو القريةِ وانفضوا غُبارَ أرجلكم. الحقَّ أقول لكُم: ستكونُ لأرضِ سدومَ وعمورةَ يومَ الدِّينِ راحةٌ أكثرُ ممَّا لتلكَ المدينةِ.



( والمجد للـه دائماً )


26‏/11‏/2010

- ما نتعلَّمه من الأطفال


بقلم قداسة البابا شنوده الثالث


يبدو عنوان المقال غريباً، فنحن لا نتعلَّم من الأطفال وإنما نُعلِّمهم. ولكنني لا أقصد من جهة العقل. وإنما ما نتعلَّمه من الأطفال من جهة القلب، والروح الطيِّبة، والنفسية الصافية، والطباع. والمقصود بلاشكّ ما نتعلَّمه من الطفل السوي، وليس الذي وُلِدَ بميول أو طباع منحرفة، سواء من جهة الوراثة أو لأسباب أخرى ... فما هو إذن ما ينبغي أن نتعلَّمه من الأطفال؟

+ أوَّل ما نتعلَّمه منهم: البراءة والبساطة. فالطفل يُولَد بريئاً، ويعيش فترة طفولته في براءة. إنه لا يعرف شرَّاً بل لا يعرف أي نوع من الشرور. لا يعرف الخُبث ولا المكر ولا الكراهية. وكل هذه من طباع الكبار التي قد يغرسونها فيه حينما يكبر، للأسف الشديد. وهو لا خبرة له أيضاً للشر. وبراءة الطفل أصبحت مثلاً عند الناس. وكما قال نزار القباني على الشخص الذي يحاول أن يتظاهر بالبراءة: 

اليوم عاد كأن شيئاً لم يكن + + +  وبراءة الأطفال في عينيه 



نعم، إن الخداع ليس من طبيعة الأطفال وإنما هو من طبع بعض الكبار. ونحن حينما نتكلَّم عن براءة الأطفال حينما نقول: إن لهم الفكر البريء، والمشاعر البريئة. ولأنهم لا خبرة لهم بالشر، لذلك لا يخجلون مِمَّا يخجل منه الكبار.



ومن الصفات الجميلة عند الأطفال أنه يحب المعرفة والتعليم. وهو يسأل ويريد أن يعرف. ولا يخجل من السؤال والإقرار بعدم المعرفة. وهو يقبل التعليم، وعن طريقه ينمو في المعرفة يوماً بعد يوم.
 
أمَّا الكبار فقد يمنعهم عن التعلُّم: إمَّا كبرياء لا تريد أن تظهر أنها لا تعرف. أو يمنعهم الخجل من السؤال، أو يمنعهم الإكتفاء بما هم فيه من معرفة. وكُلَّما كبر الإنسان في سنه أو في مركزه، فقد يخجل أيضاً من التعلُّم. وهو لا يتدرَّب على المعرفة بألاَّ يُخطئ أثناء تدربه. أمَّا الطفل فإنه أقدر على تعلُّم كل شيء. فهو مثلاً أقدر على تعلُّم اللغة من كبار السن. لأنه لا يخجل من أن ينطق ولو نُطقاً خاطئاً يُصحِّحه له مُعلِّمه. بينما الكبير لا يفعل ذلك.

وأنت يا أخي القارئ حاول أن تتشبَّه بنمو الأطفال في المعرفة. واقصد المعرفة النافعة لك. ومادمت قد كبرت في السن، أمامك ألوان أساسية في المعرفة غير ما يسعى إليه الطفل. عليك مثلاً أن تعرف نفسك، وأن تعرف اللَّه، وتعرف الحق، وتعرف الطريق السليم الذي يوصلِّك. وليكن لك التواضع الذي به تسأل وتطلب المعرفة، دون أن تخجل. ولا تتظاهر في كل شيء بأنك تعرف، ودون أن تكون حكيماً في عيني نفسك ... إن الطفل يرتفع عن هذا المستوى. ويسأل باستمرار. ولا يشعر أن السؤال يخدش كرامته. فالطفل مرتفع عن مستوى هذا الاهتمام الضخم للكرامة.



+ من صفات الطفل أنه دائم النمو. فهو ينمو دائماً في القامة، كما ينمو في المعرفة، وهو ينمو في أشياء كثيرة. فمن جهة القامة يصل الكبار إلى حد مُعيَّن لا تنمو فيه قامتهم. ولكنهم من جهة النمو عليهم أن ينمو في مجالات أخرى ينبغي أن يمارسوها. ومنها النمو في الروح والعقل، وفي المعرفة وفي الحكمة، وفي كل فضيلة وعمل صالح. إذن حاولوا أن تتعلَّموا من الأطفال فضيلة النمو، في المجالات المتاحة لكم.
 
+ من صفات الطفل أيضاً الصدق، وعدم الشكّ. فهو يقول الصدق باستمرار، إلاَّ إذا خاف من عقوبة الكبار. لذلك على الكبار أن يطمئنوه باستمرار، ولا يصحّ أن يلجأوا إلى العقوبة في كل شيء إنما بالإرشاد بدلاً من العقوبة. وهكذا ينزعون منه عامل الخوف الذي يكون جديداً عليه، وبالتالي يثبتونه في الصدق الذي هو طبيعته.

من طبيعة الطفل أيضاً أنه يثق ولا يشكّ. إلاَّ إذا خدعه الكبار، فيبدأ أن يشكَّ. أمَّا الشكّ فهو إذن دخيل على طبيعته النَّقيَّة. هل يستطيع الكبار أن تتنقَّى طبيعتهم من الشكّ؟ أم أن فلاسفتهم يقولون إنَّ الشكَّ هو الطريق إلى المعرفة! وبهذا يُعلِّمون الأطفال الشكّ أيضاً.



+ يعجبني في الطفل أيضاً صفة البشاشة. فهو باستمرار بشوش ويحب البشاشة. يحب المرح، ويحب أن يضحك، ويحب مَن يضحكه. إنه لا يحمل أمور الدنيا فوق كتفيه كما يفعل الكبار. ولا يُفكِّر في مشاكل اليوم ولا مشاكل الغد ولا هموم المستقبل. بل يعيش باستمرار في سلام قلبي لا يعرفه الكبار. بل هو لا يعرف كلمة " مشكلة " إنها لم تدخل في مفردات قاموسه اللغوي بعد. وإن حدث وصادفه شيء من الضيق، يلقي كل ذلك على أبيه وأمه، ويستمر في نقاوة قلبه من الضيق. وحتى في أشد الأوقات خطورة، تجد البيت كله منزعجاً ومتوتِّراً ومتوقِّعاً شرَّاً، ما عدا الطفل. فليتك يا أخي القارئ تتشبَّه بما يحمله الأطفال من هدوء ومن سلام قلبي ومن فرح. وإن صادفتك مشكلة، حاول أن تحتفظ بهدوئك، واشعر بان لها حلولاً. إن لم تقدر عليها، فإن اللَّه ـ تبارك اسمه ـ هو حلاَّل المشاكل.

من صفات الطفل الجميلة أيضاً أنه لا يحمل حقداً. قد يوجد ما يُغضبه أو يُضايقه أو يُحزنه. ولكن هذا كله يأخذ وقته وينتهي، دون أن يخزنه في قلبه أو في مشاعره كما يفعل الكبار وما أسرع أن يتصافى ويلعب مع طفل آخر كان يتعارك معه منذ لحظات. فالطفل سريع التصالح. وقد يضربه أبوه أو أمه. وبسرعة يأتي فيرتمي في حضنهما. وفي عطفهما ينسى كل ما حدث.
 
والطفل يتميَّز بعُمق الإيمان ويقبل كل حقائق الإيمان. دون أدنى شك. إنه يولد مؤمناً. نقول له نُصلِّي، فيُصلِّي. قل يارب، فيقول، دون أن يسأل مَن هو اللَّه؟ وما هى السماء؟
 
+ وقع كل ذلك أسمع من بعض الأمهات الشكوى من " شقاوة " الأطفال، إن ما يُسمَّى بكلمة شقاوة هو نوع من نشاط للطفل الذي يريد أن يتحرَّك ويجري ويتكلَّم. وعلى الرغم من كل ما قلناه قد يوجد للطفل بعض الأخطاء مِمَّا يترسَّب فيه من البيئة ومن تربية خاطئة. أمَّا طبيعة الطفل الفاضلة فهى أمثولة طيبة وقدوة صالحة للكبار.

- بيان عاجل من منظمة التضامن القبطي


تبدي منظمة «التضامن القبطي» انزعاجها الشديد إزاء الأحداث المؤسفة التي بدأت «بالغارة الأمنية» التي قامت خلالها قوات كثيفة بمهاجمة الأقباط المعتصمين بمبنى خدمات تحت الإنشاء تابع للكنيسة بالعمرانية فجر الأربعاء 24 نوفمبر 2010 وذلك لفض الاعتصام احتجاجا على قيام محافظة الجيزة بوقف البناء.

ندين استخدام أجهزة الأمن للقوة المفرطة، بما في ذلك قنابل الغازات المسيلة للدموع والطلقات المطاطية وربما أيضا الرصاص الحي، مما أدى إلى مقتل شاب وإصابة العشرات، بما في ذلك عدد ممن فقدوا البصر بسبب الطلقات المباشرة ضدهم
.
نلفت النظر إلى أن «المخالفات» التي يقال أن القائمين على البناء قد ارتكبوها ـ إن كانت حقيقية ـ ليست جرائم ولا تستدعى مثل هذه الدرجة من البطش، خصوصا وأن المنطقة معروفة بكونها من المناطق «العشوائية» التي تحدث فيها مئات المخالفات لا تقابل سوى بغرامات مالية.
نؤكد أن أقباط منطقة العمرانية الذين خرجوا احتجاجا على «الغارة الأمنية» ضدهم هم مواطنون انفجرت مشاعرهم بعد طول كبت وقهر وازدواجية المعايير وتلاعب السلطات. ومحاولات أجهزة الأمن والإعلام الحكومي تصوير الأمر على كونهم «المعتدين» و «الخارجين عن الشرعية» هي إمعان في الإذلال وتجاهل للحقائق وللخلفيات المرتبطة بها.
نلاحظ «الاهتمام الفائق» الذي يوليه السيد النائب العام بالتحقيق مع «مثيري الشغب» (!!) وتوجيه كافة أنواع الاتهامات لهم، ومن بينها «محاولة قتل» رجال الأمن.... ومن ناحية أخرى كنا نتمنى أن تعطي النيابة العامة عُشر هذا الاهتمام لمئات الأحداث التي يعتدي فيها مثيرو الشغب من المسلمين على أرواح ومنازل وممتلكات الأقباط الأبرياء والتي لم يحدث مرة واحدة أن عوقب المتهمون فيها. وآخر هذه الأحداث هو ما وقع مؤخرا في قرية تابعة لـ «أبو طشت» حيث حرق المعتدون عشرنن منزلا ولم يقبض على شخص واحد، إذ قامت أجهزة الأمن المتواطئة بتصوير الأمر على أنه مجرد «خناقة بين عائلتين».
نلاحظ أن توقيت الحادث يبدو مريبا إذ يأتي بعد بعد صدور تقرير الحريات الدينية الأمريكي وكأن الدولة المصرية تخرج لسانها للعالم وتقول أنها مستمرة في سياساتها ولا يهمها أحد
. كما أن وقوع الحادث أثناء فترة الانتخابات هو رسالة من الدولة «الشارع الإسلامي» بأنها لا تقل «غيرة على الإسلام» عن جماعة الإخوان..
يؤسفنا أن يقوم بعض المسؤولين بتوجيه أصابع الاتهام «لجهات أجنبية» هربا من الاعتراف بأن المشاكل التي يعاني منها الأقباط «صناعة محلية» مائة بالمائة.
أخيرا نؤكد أن الرئيس حسني مبارك ـ بحكم مسؤليته الدستورية ـ يتحمل تبعات هذه الأحداث المتكررة والمتزايدة، بسبب السياسات التمييزية التي تمارسها الدولة مع سبق الإصرار، مثل التعنت في رفض إصدار قانون «دور العبادة»، وترك «ملف الأقباط» بأكمله في يد أجهزة أمنية تهربا من المعالجات السياسية الضرورية. ونحذر من تدهور الأضاع إذا ما لم يتم تدارك الأمور على وجه السرعة.

21‏/11‏/2010

- إنجيل الاحد 21/11/2010


( الأحد الثاني من شهر هاتور المبارك )
21 نوفمبر 2010 12 هاتور 1727




مزمور القداس

من مزامير أبينا داود النبي ( 103 : 16 ، 10 )

تَشْبَعُ جميعُ شجر الحقل. وأرزُ لُبنانَ الذي غرستهُ. الذي يُرسلُ العيونَ في الأوديةِ. وفي وسطِ الجبال تعبُرُ المياهُ. هللويا



إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا متى البشير ( 13: 1 ـ 9 )

في ذلكَ اليوم خرجَ يسوعُ من البيتِ وجلس عند عبر البحر، فاجتمعَ إليه جموعٌ كثيرةٌ، حتَّى إنَّهُ صعد إلى السَّفينة وجلس. والجمعُ كلُّهُ وقفَ على الشَّاطئ. فكلَّمهم كثيراً بأمثالٍ قائلاً: " هوذا الزَّارعُ قد خرجَ ليزرعَ، وفيما هو يَزرعُ سقطَ بعضٌ على الطريق، فجاءتِ الطُّيورُ وأكلته. وسقطَ آخرُ على الأماكن المحجرة، حيثُ لم يكن لها عمق أرض، فنبتَ حالاً إذ لم يكن لهُ عمقُ أرضٍ. ولكن لمَّا أشرقت الشَّمسُ احترقَ، وإذ لم يكن لهُ أصلٌ جفَّ. وسقطَ آخر على الشَّوك، فطلعَ الشَّوكُ وخنقهُ. وسقط آخرُ على الأرض الجيِّدة فأعطى ثمراً، بعضٌ مئةً وآخرُ ستِّينَ وآخرُ ثلاثينَ. مَن لهُ أذنان للسَّمعِ، فليسمع ".

( والمجد للـه دائماً )

20‏/11‏/2010

- إنجيل السبت 2010/11/20




20 نوفمبر 2010

11 هاتور 1727







مزمور القداس



من مزامير أبينا داود النبي ( 101 : 11 ، 14 )



أنتَ يا اللـهُ ترجعُ وتترأَّفُ على صهيون، لأنَّهُ وقتُ التراؤف عليها لأنَّ الزمانَ قد حضرَ. لأنَّ الربَّ يبني صهيونَ ويظهرُ بمجدِه. لأنَّهُ نظرَ إلى صلاةِ المساكين. هللويا.



إنجيل القداس



من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 1 : 1 ـ 25 )



مِن أجل أن كثيرين أخذوا في كتابة أقوال مِن أجل الأعمال التي أُكملَت فينا، كما سلَّمها إلينا الأولونَ الذينَ عاينوا وكانوا خدَّاماً للكلمةِ، اخترتُ أنا أيضاً إذ قد تَتَبَّعتُ كلَّ شيءٍ مِن الأوَّل بتدقيقٍ أن أكتُبَ لكَ أيُّها العزيزُ ثاؤفيلُس، لتَعرفَ قوَّة الكلام الذي وُعِظتَ بهِ.
كانَ في أيَّام هيرودسَ ملك اليهوديَّةِ كاهنٌ اسمهُ زكريَّا مِن أيَّام خدمة آبيَّا، وامرأتُهُ كانت مِن بناتِ هرونَ واسمُها أليصاباتُ. وكانا كلاهُما بارَّين أمام اللـهِ، سالكينِ في جميع وصايا وحقوق الربِّ بلا لومٍ. ولمْ يكُن لهُما ولَدٌ، إذ كانت أليصابات عاقراً. وكانا الاثنان مُتقدِّمين في أيَّامهما.
فكان بينما هو يَكهَنُ في رُتبة أيام خدمتهُ أمام اللـهِ، حسبَ عادة الكهنوت، أصابتهُ القُرعةُ أن يَرفع بخوراً فدخل إلى هيكل الربِّ. وكان كلُّ جمهورِ الشَّعبِ يُصلُّونَ خارجاً وقتَ البخورِ. فظهرَ لهُ ملاكُ الربِّ واقفاً عن يمينِ مذبح البخورِ. فلمَّا رآه زكريَّا اضطربَ ووقعَ عليهِ خوفٌ. فقال له الملاكُ: " لا تخفْ يا زكريَّا، لأنَّ طلبتكَ قد سُمِعتْ، وامرأتُكَ أليصاباتُ ستَحبل وتلِدُ لكَ ابناً وتسمِّيهِ يوحنَّا. ويكونُ لكَ فرحٌ وابتهاجٌ، وكثيرونَ سيفرحونَ بولادتهِ، لأنَّه يكونُ عظيماً أمام الربِّ، وخمراً ومُسكراً لا يشربُ
ومِن بطنِ أمِّهِ يَمتَلِئُ من الرُّوح القدسِ. ويردُّ كثيرينَ من بني إسرائيلَ إلى الربِّ إلاههم. وهو يَتقدَّمُ أمامهُ برُوح إيليَّا وقوَّتهِ، ليردَّ قلوبَ الآباءِ إلى الأبناءِ، والعصاةَ إلى فكرِ الأبرارِ، لكي يُهيِّئ للـربِّ شعباً مُبرراً ".
فقال زكريَّا للملاك: " كيف أعلَمُ هذا، لأنِّي أنا شيخٌ وامرأتي مُتقدِّمةٌ في أيَّامها؟ " فأجاب الملاكُ وقال لهُ: " أنا جبرائيل الواقفُ قدَّام اللـهِ، وأُرسِلتُ لأُكلِّمكَ وأُبشِّركَ بهذا. وها أنتَ تَصيرُ صامتاً ولا تستطيعُ الكلام، إلى اليوم الذي يكونُ فيهِ هذا، لأنَّكَ لم تُصدِّق كلامي الذي سَيَتمُّ في وقتهِ ". وكان جميعُ الشَّعبُ ينتظرُ زكريَّا وكانوا مُتَعّجِّبينَ مِن إبطائهِ في الهيكل. فلمَّا خرجَ لم يستطع أن يُكلِّمهُم، فعلموا أنَّهُ قد رأى رؤية في الهيكل. فكان يُشيرُ إليهُم بيده وبقيَ صامتاً.
ولمَّا كَمِلَتْ أيَّام خدمتهُ مضى إلى بيتهِ. وبعد تلكَ الأيَّام حبِلت أليصابات امرأتهُ، وأخفتْ نفسها خمسة أشهر قائلةً: " أنَّه هكذا قد صنَعَ بي الربُّ في الأيَّام التي فيها نظرَ إلىَّ، لينزعَ عاري مِن بين النَّاسِ ".







( والمجد للـه دائماً )



19‏/11‏/2010

- مؤثِّرات على العقل والفكر




بقلم قداسة البابا شنوده الثالث


فكر الإنسان أمر هام في حياته. والفكر ينبع من مصادر، ويُصب في أخرى. وحواس الإنسان هى من منابع الفكر. فالحواس توصِّل للعقل أفكاراً. وما يفكر فيه العقل، يوصِّل إلى القلب مشاعر وأحاسيس. وما أسهل أن مشاعر القلب تصل إلى الإرادة، ومنها إلى العمل ... إنها سلسلة متتابعة.

+ والحواس لا تؤثر على العقل الواعي فقط، إنما على العقل الباطن أيضاً. فما تراه العين وما تسمعه الأذن من مناظر وسماعات وقراءات، كثيراً ما تنطبع ـ حسب عمقها ـ في العقل الباطن. وتظهر فيما بعد كأحلام أو ظنون أو أفكار أخرى. لأن الفكر يلد فكراً أو أفكاراً كثيرة. والعقل دائم العمل لا يتوقَّف. وحسب الغذاء الذى تُقدِّمه للعقل، تكون أفكارك. فقد تجلب له الحواس أفكاراً خيّرة، وقد تجلب له أفكاراً شريرة. وحسب نوعية الوقود تكون النار. فاحرص يا أخي على حواسك، لتضمن سلامة فكرك. وإسأل نفسك أى نوع من الفكر يدور في عقلك؟ أهو فكر رديء، أم فكر خطية أم فكر تافه من أمور العالم الزائلة؟

+ كذلك القراءات تؤثر كثيراً على حياتك وشخصيتك. ويمكن أن تغرس في النفس مبادئ وقيماً، حسب نوعية القراءة. فالذي يقرأ كثيراً عن الحرية وأنواعها، غير الذي يقرأ عن الإلتزام وعن الضوابط. والذي يقرأ عن الهدوء، غير الذي يقرأ عن الكفاح والجهاد والحماس... حقاً أن القراءة يمكنها أن تساهم في تشكيل شخصية الإنسان. كذلك أيضاً القراءة توسِّع الفكر، وتُعمِّق مفاهيم مُعيَّنة، وتزيد المعارف. وما أصدق الشاعر الذى قال عن القراءة في التاريخ:

ومن وعى التاريخ في صدره ***  ضاف أعماراً إلى عمره 



والقراءة تستطيع أن تبعد الفكر عن التوافه. المرأة التى لا تقرأ، ربما لا تعرف سوى الحديث عن الأعمال المنزلية، وعن الملابس والحفلات، وأخبار الناس. بعكس المرأة المثقفة التى تُجيد الكلام في موضوعات لها عمق. وبالمِثل الرجل الذى لا يعرف المقهى والنادي ودور اللهو، تكون شخصيته سطحية، وأحاديثه بلا نفع أو قد تضُر. وعلى عكسه الرجل الذي يقرأ، ويكون كلامه ذا نفع.

  وبهذا نحن نفرح بتعليم المرأة، ونحث الناس على القراءة حتى الأطفال. ونُشجِّع على تكوين المكتبات. ونطلب من الآباء والمُرشدين أن يوجِّهوا أبناءهم إلى نوعية القراءة التي تُفيدهم والتي تناسبهم. والروحيون إذا قراءوا كُتباً روحية، يرتفع مستواهم ويزداد عمقهم بما يقراؤن. المُهم أن يتخيَّر الناس ما يصلح للقراءة وما ينفع.

والقراءة تمنح الفكر لوناً من النمو والنضوج. فهى تشرح للعقل موضوعات ما كان يعرفها. وتناقش معه أفكاراً ربما كان يتلقاها من قبل بالتسليم. فأصبح يدخلها في نطاق الحوار.
 
وما كنا نقوله منذ سنوات عن مراحل السن عند الأطفال، قد تغيَّر حالياً عن ذي قبل تغيراً كبيراً جداً، بقدر ما يُقدِّمه المجتمع للطفل والشاب من معلومات، وما يُقدِّمه أيضاً لرجل الشارع، وكذلك بإزدياد المطبوعات ووسائل التكنولوچيا الحديثة، قد تغير الفكر عن ذي قبل، بحسب نوعية القراءة ونوعية الثقافة.

+ مِمَّا يؤثِّر في الإنسان أيضاً: السماعات؛ فأنت تسمع كثيراً في الإجتماعات العامة والخاصة، وفي محيط الأقرباء والأصدقاء والمعارف. وتسمع من وسائل الإعلام كالراديو والتليفزيون والڤيديو والكاسيتات والـ CD. ولكن المُهم هو في أمريْن: أن تتخيَّر ما تسمع، وتتحكَّم فيما تسمع. إن اللَّه قد خلق لك أُذنين. ومن الناحية الرمزية لكي تسمع الرأي، وتسمع الرأي الآخر. ولا تكن خاضعاً لرأي واحد، ولا لكل ما تسمعه. إنما تحكم عقلك فيما تسمع. فتقبل ما يصلح، وترفض ما يضر. ولا تجعل عقلك خاضعاً لأذنيك أي لا تكن سماعاً. ولا تُصدِّق كل ما تسمعه. بل إفحص كل شيء، وإبحث عن الحقيقة. ولتكن أذنك مصغية إلى السماع المفيد، أي إلى كلمة النُّصح، وكلمة المنفعة، وكلمة التوبيخ المُخلص، وكلمة الإرشاد من الحكماء. وعموماً إلى الكلمة التي تبني أي تبنيك روحياً وفكرياً، وتثبتك في الحياة مع اللَّه. واحترص من كلام الملق ومن كلام الإغراء.
 
+ وفي مجال السماع أيضاً، لا يمكن نسيان تأثير الموسيقى والألحان والأغاني. فإن لكل ذلك تأثيراً عميقاً في النفس. وفي مجال السماع أيضاً إحترص مِمَّا يسميه البعض ( غسيل المخ ). وذلك بوقوع العقل أحياناً تحت تأثير فكري مُعيَّن، يُضيِّع منه كل ما أخذه من قبل وكل ما إقتنع به. وذلك بأن تغرس فيه شكوك وأفكار أخرى، دون أن تكون له فرصة لمعرفة الرد على ما يسمعه، أو الإتصال بالرأي الآخر ... إلى أن يخرج من هذا الغسيل شخصاً مختلفاً تماماً عمَّا كان من قلب ... وإلى جوار الإختيار الطيب لما تسمعه، عليك أن لا تردد كل ما تسمعه وتصبه في آذان غيرك. وإحترص من أسلوب الببغاوات، لئلا تنتقل شائعات أو معلومات قد تكون ضارة. وكما لا تنشر كل ما تسمعه، لا تنشر أيضاً كل ما تقرأه. ذلك لأن البعض لا يكتفون بتأثره بأفكار جديدة مُعيَّنة، بل يتحمَّسون لها بالأكثر لدرجة أنهم ينشرونها في كل المحيط الذي يعيشون فيه. كذلك لا تعجب بكل جديد مِمَّا يصل إلى فكرك بل عليك أن تفحصه بكل دقة قبل أن تعتنقه .

+ أخيراً لا تقل إني لا أتأثر بشيء، وقد تأثرت عقليات أخرى كبيرة. وإلاَّ فماذا كان مصدر البدع الجديدة التي عرفها العالم؟ إنها لم تأتِ من فراغ. إن نظرية أينشتين كان لها تأثيرها. والماركسية كان لها تأثيرها ... بل حتى الخرافات التي يؤمن بها بعض الناس لها تأثيرها، والشعوذة أيضاً لها تأثيرها. والمرشدون المُضلِون لهم تأثيرهم. والعقل ليس معصوماً من الخطأ، وكذلك الفكر. والإنسان الحكيم يحترص جداً من كل ما يؤثِّر على عقله وفكره. ويحتفظ بثباته.

15‏/11‏/2010

- نظرتان إلى الأمور



بقلم قداسة البابا شنوده الثالث


ظروف الحياة كثيرة، ويتعرَّض لها الكل. ولكن إنفعال البعض بها يختلف عن إنفعال البعض الآخر. البعض له نظرة بيضاء مستريحة متفاءلة، والبعض الآخر له نظرة سوداء حزينة متشائمة.

فمن جهة المشاكل لا يوجد أحد لا تُصادفه مشاكل. كل إنسان له مشاكله. ولكن البعض ينظر إلى المشكلة بنظرة سوداء مُعقَّدة، كما لو كانت مشكلته بلا حل ولا مخرج ولا منفذ. كما لو كانت ألماً دائماً وضياعاً. وأنه ليس له خلاص!!

أمَّا البعض الآخر الذي له نظرة بيضاء، فإنه يرى أن كل مشكلة لها حل. وأن الأمر ليس خطيراً وليس مُستحيلاً. وأن اللَّه لابد أن يتدخل في المشكلة ويحلَّها. وبهذه النظرة البيضاء، يُقابل المشكلة بأعصاب هادئة. ويرى أنها مجال لخبرة روحية سيدخل فيها. هذا من جهة خبرته الشخصية، وأيضاً من جهة خبرته مع اللَّه في حل مشاكله. وهنا نرى أن المشكلة واحدة ولكن تختلف النظرة إليها والإنفعال بها، أي يختلف الـ Response أي نوع إنفعاله بها أو تجاوبه معها. فهناك أُناس يسبب لهم بعض المشاكل أمراضاً صعبة: مثل ضغط الدم، أو السكر، أو تعب الأعصاب، أو تعب النفسية التي قد يصل الحد بها إلى إنهيار عصبي، أو بسبب المشكلة يُصاب بذبحة أو سكتة قلبية .. كل هذا بحسب درجة إنفعاله السيئ بها، وبحسب مقدار ضغطها عليه، وشعوره أنه قد إنتهى ولا خلاص! أمَّا صاحب النظرة البيضاء فيمزج المشكلة بالإيمان والرجاء، وثقته بوجود اللَّه أثناء المشكلة، ويد اللَّه العاملة. فلا يأبه كثيراً بالمشكلة ولا تعصره، ولا يسمح لها أن تضغط عليه. إنه أكبر من المشكلة. أمَّا صاحب النظرة السوداء فالمشكلة أكبر منه. ولذلك قد تقوده أحياناً إلى اليأس.

+ ننتقل إلى نقطة أخرى وهى نظرة الناس إلى المادة وإلى المال وإلى الجسد: فهناك شخص ينظر إلى المادة كأداة يخدم بها اللَّه والناس والمجتمع كله. وهناك شخص آخر ينظر إليها كوسيلة لخدمة شهواته. المادة هى نفس المادة. ولكن نوعية النظر إليها، تُحدِّد نوعية العلاقة بها والتصرف معها. فالبنسبة إليك هل المادة تملكك أم أنت تملكها؟ المال هو نفس المال ولكنه في يد البعض يُستخدم للخير وفي يد آخرين يقودهم إلى الضلال.



نفس الوضع بالنسبة إلى الجسد: هل تنظر إليه كأنه شر في ذاته، ومجال للعبث واللهو. أم تستخدمه في تعب الجسد لأجل إراحة الآخرين.

+ نقطة أخرى وهى الفرق بين الشكر والتذمُّر: إنسان ينظر إلى الذي معه، فيرضى ويشكر. وآخر ينظر إلى الذي ينقصه، فيشكو ويتذمَّر. وقد يكون الاثنان في نفس الظروف ونفس الأوضاع أمَّا نوع النظرة فيتغيَّر. ولو أن المتذمِّرين نظروا إلى الذي معهم، لوجدوا أنهم في خير، وقد أعطاهم الرب الكثير. ولكنهم لا يكتفون إطلاقاً. بل باستمرار ينظرون إلى مستوى أعلى وأبعد فيشعرون بنقصهم! حقاً إنه بنوع نظرة الإنسان إلى الحياة، يسعد نفسه أو يشقيها. فليست الظروف الخارجية هى التي تتعبك، إنما يتعبك أسلوبك في التفكير ونوع نظرتك إلى الحياة. 

+ نقطة أخرى وهى النظرة إلى أعمال الآخرين: فإنسان ينظر إلى الخير الذي فيهم فيمدحهم بل ويحبهم. وشخص آخر لا ينظر إلاَّ ما فيهم من النقائص والعيوب. وهكذا تكون له نظرة نقَّادة، لا يرى إلاَّ الشيء الأسود. فهو مُتخصِّص في رؤية العيوب. ما أسهل عليه أن يجد في أي شخص عيباً ينتقده! إن تخصُّصه هو أن ينتقد، ويُعارِض، ويتكلَّم بالسوء على كل أحد. ولا يعجبه أي تصرُّف، سواء بالنسبة إلى شخص مُعيَّن، أو إلى مجموعة مُعيَّنة من الناس.

أمَّا صاحب النظرة البيضاء، فإنه يرى في كثيرين شيئاً يُحب، وشيئاً يُمتدَح. لذلك يا أخي القارئ درِّب نفسك على هذه النظرة البيضاء. لا تُفكِّر في عيوب الناس إنما فكِّر في فضائلهم. وما فيهم من محاسن.

إن الذى لا ينظر إلا إلى العيوب، قد تجده ساخطاً على المجتمع كله. لا يعجبه شيء. قد يقف لينادي بالإصلاح. يبحث عن شيء يهاجمه. وإن لم يجد، يخترع شيئاً يهاجمه. وبعض أصحاب هذه النظرة السوداء وعدم الثقة بالمجتمع. قد يتحوَّل بعضهم من الهجوم إلى الإنعزال. فينطون على ذواتهم إذ لا يجدون أحداً يعجبهم ولا شيئاً يرضيهم. فهم ساخطون على كل شيء وبعض هؤلاء قد يُصابوا بالكآبة Depression فباستمرار يمكنهم الحزن. وبعضهم قد يصابوا بالعصبية. فتجده غضوباً باستمرار، حاد الطبع، عالِ الصوت، دائماً يحتد وربما بلا سبب. وفي غضبه يثور، ويتكلَّم بما لا يليق. إنه لا يرى سوى سواد يثيره.

+ حتى في العلاقة مع اللَّه: صاحب النظرة البيضاء يرى أن اللَّه مُحب ورحيم، ويعطف عليه ويحل مشاكله. أمَّا صاحب النظرة السوداء فيتصوَّر أن اللَّه لا يهتم به، وأن اللَّه قد أهمله ولا يستجيب لصلواته. بل يَصل به الأمر إنه لا يشعر فقط أن كل الناس ضده، بل إن اللَّه أيضاً ضده. وقد يصل به الأمر أنه يُجدِّف على اللَّه. والماركسيون كانوا يقولون: إن اللَّه في برج عالٍ لا ينظر إلى متاعب الناس. إن الشيطان قد يهمس في أذن الإنسان المتضايق أو صاحب النظرة السوداء، ويقول له لماذا يعاملك اللَّه هكذا؟! لماذا تثقل يده عليك؟!



إن صاحب النظرة السوداء يرى أن كل نهار بعده ليل مُظلم. أمَّا صاحب النظرة البيضاء فيرى أن كل ليل مُظلم يعقبه نهار مضيئ. النظرة السوداء تتعب من كل خطأ موجود. أمَّا النظرة البيضاء فتقول: إن كل خطأ يمكن تصحيحه.





14‏/11‏/2010

- إنجيل الأحد 2010/11/14


الأحد الأول من شهر هاتور المبارك


14 نوفمبر 2010

5 هاتور 1727







مزمور القداس

من مزامير أبينا داود النبي ( 64 : 10 ،11 )



فلتُروَ أتلامها ولتكثرْ أثمارُها. وتفرحُ بقطراتِها وتَنبتُ. باركْ إكليلَ السنةِ بصلاحِكَ. وبقاعُك تمتلئُ مِن الدسم. هللويا.





إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 8 : 4 ـ 15 )



فلمَّا اجتمعَ جمعٌ كثيرٌ أيضاً من الذين جاءوا إليه من كلِّ مدينةٍ، قال بمثلٍ: " خرج الزَّارع ليزرعَ زرَعهُ. وفيما هو يزرع سقط بعضٌ على الطَّريق، فانداسَ وأكلتهُ طيور السَّماء. وسقط آخرُ على الصَّخر، فلمَّا نبت جفَّ لأنَّه لم تكن لهُ رطوبةٌ. وسقط آخرُ في وسطِ الشَّوكِ، فنبتَ معهُ الشَّوكُ وخَنقهُ. وسقط آخرُ على الأرض الجيَّدة، فلمَّا نبتَ صنعَ ثمراً مئةَ ضعفٍ ". قال هذا ونادى: " مَن له أُذنان للسَّمع فليسمع! ".



فسألهُ تلاميذهُ قائلين: " ما عسى أن يكونَ هذا المثلُ ؟ ". فقال لهم: " أمَّا أنتم فقد أُعطي أن تعرفوا أسرار ملكوت الله، وأمَّا للباقين فكان يُكلمهم بأمثالٍ، حتَّى إنَّهم مُبصرين لا يُبصرونَ، وسامعين لا يسمعون. ولا يفهمون. وهذا هو المثل: الزَّرع هو كلامُ الله، والذين على الطَّريق هم الذين يسمعون، ثمَّ يأتي إبليس وينزعُ الكلمةِ من قلوبهم، لئلاَّ يؤمنوا فيَخلَّصوا. والذين على الصَّخرِ هُم الذين متى سمعوا يقبلَّون الكلمة بفرحِ، وهؤلاء ليس لهم أصلٌ، فيؤمنون إلي حينٍ، وفي وقت التَّجربةِ يرتدُّون. والذي سقط بين الشَّوك هُم الذين يسمعونَ، فيختنقون من هموم الحياة وغِنَاها ولذَّاتها، ولا يثمرون ثمراً. والذي سقط على الأرض الجيِّدة، هُم الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلبٍ جيِّدٍ صالح، ويُثمرون بالصَّبرِ.







( والمجد للـه دائماً )





13‏/11‏/2010

- دعوه لمقاطعة اعمال المدعو " حنا شماس"



شاهدت وللاسف العرض المخزي بعنوان " بعرض امي " للمدعو " حنا شماس " والذي اقيم في مدينة الناصره (مدينة البشاره ) وللاسف الشديد فالمستوى منخفض جدً ,و يتعرض للمسيحيه بشكل كبير ظنً منه انه يسمح للمسيحي ان يتكلم بهذا الاسلوب وبهذه الطريقه طاعنًُ باسرار الكنيسه وبإيمانها وشاتم بالذات الإلهيه ناهيك عن الشتائم من الزنار ونازل . ولكن يكفينا ان نقول مقولة السيد المسيح له المجد " اغفر لهم يا ابتاه لانهم لا يعلمون ما يفعلون " .
 
ولكن فعلا صدقت يا حنا في شيئ واحد فقط .....  اذا قلت انك " مش زلمه" فلو كنت " زلمه " كنت تعرضت للديانات الاخرى مثلا !!! ولكنك تعرف جيد ماذا كان يمكن ان يكون مصيرك لو تفوهت بشيئ يمس الديانات الاخرى , ولكن لمعرفتك ان المسيحيين متسامحين  فقد تماديت وتجاوزت حدودك الدينيه والاخلاقيه . لن اكتب اكثر لكي لا نكبر من شأن السفهاء اكثر مما يستحقون .

وبالنهايه اطلب من الجميع مقاطعة اعمال المدعو " حنا شماس"  ألا اخلاقيه رخيصة المستوى .


- إنجيل السبت 13/11/2010




13 نوفمبر 2010  الموافق 4 هاتور 1727

مزمور القداس



من مزامير أبينا داود النبي ( 98 : 5 ، 6 )



مُوسَى وهارونُ في الكهنةِ، وصَموئيلُ في الذينَ يَدعونَ بِاسمه، كانوا يَدعونَ الربَّ وهو كانَ يَستجيبُ لهُم. بعمودِ الغمام كان يُكلِّمهُم. هللويا.







إنجيل القداس



من إنجيل معلمنا يوحنا البشير ( 16 : 20 ـ 33 )



الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُم إنَّكُم ستبكُونَ وتنوحونَ والعالمُ يَفرحُ، أنتُم ستحزَنونَ ولكِنَّ حُزنكُم يتحوَّلُ إلى فرحٍ. المرأةُ وهى تلِدُ تحزنُ لأنَّ ساعتها قد جاءتْ، وإذا ولدت الابن لا تعودُ تتذكرُ الشِّدَّة لسببِ الفرحِ لأنها ولَدت إنساناً في العالم. فأنتُم كذلكَ الآنَ ستتكبَّدونَ حُزناً، ولكنِّى سأراكُم أيضاً فتفرحونَ ولا ينزعُ أحدٌ فرحَكُم مِنكُم. وفى ذلكَ اليوم لا تسألونني شيئاً. الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُم إنَّ كُلَّ ما تطلبونهُ من الآبِ بِاسمي أُعطيكُم إيَّاه. إلى الآنَ لم تطلُبوا شيئاً بِاسمي، اُطلُبوا فتأخُذوا ليكونَ فرحُكُم كاملاً.
قد كلَّمتُكُم بهذا بأمثالٍ ولكِن تأتي ساعةٌ حينَ لا أُكلِّمُكم أيضاً بأمثالٍ بل أُخبرُكم عن الآبِ علانيةً. في ذلكَ اليـوم تطلُبونَ بِاسمي، ولستُ أقولُ لكُم إنِّي أنا أسألُ الآبَ مِن أجلِكُم، لأنَّ الآبَ نفسهُ يُحبُّكم لأنكُم قد أحببتُموني وآمنتُم أنِّى مِنْ عندِ الآبِ خرجتُ. خرجتُ مِن عندِ الآبِ وقد أتيتُ إلى العالم وأيضاً أترُكُ العالمَ وأذهبُ إلى الآبِ. قال لهُ تلاميذهُ هوَذا الآنَ تتكلَّمُ علانيَةً ولستَ تقولُ مَثلاً واحداً. الآنَ نَعلَمُ أنكَ عالمٌ بكلِّ شيءٍ ولستَ تحتاجُ أنْ يسألكَ أحدٌ، لهذا نؤمنُ أنكَ مِن اللهِ خرجتَ. أجابهُم يسوعُ الآنَ تؤمنونَ، هوَذا تأتي ساعةٌ وقد أتت الآنَ تتفرَّقونَ فيها كُلُّ واحدٍ إلى خاصَّتهِ وتتركوني وحدي، وأنا لستُ وحدي لأنَّ الآبَ كائنٌ معي. قد كلَّمتُكُم بهذا ليكونَ لكُم فيَّ سلامٌ، في العالم سيكونُ لكُم ضيقٌ ولكن ثِقوا أنا قد غلبتُ العالمَ.







( والمجد للـه دائماً )







08‏/11‏/2010

- خطايا تتنكَّر في زي فضائل



بقلم قداسة البابا شنوده الثالث



إن الشيطان لا يُحارِب الناس بالخطية مكشوفة وواضحة إلاَّ للمستهترين. أمَّا الذين يريدون أن يعيشوا في خوف اللَّه فإن الشيطان إذا حاربهم، كثيراً ما يأتيهم بالخطية في زي متنكِّرة في زي فضيلة، حتى لا يتنبَّهوا لها. وسنضرب أمثلة لأمثال هذه الخطايا.

+ فمثلاً تحت اسم الحكمة، كثير من الخطايا تختبئ. فقد يقع الإنسان في التَّملُّق وفي الجُبُن وفي الرياء. ويُسمِّي هذه حكمة لكي يكسب محبة الرؤساء. أو قد يقع في مجاراة الشر، والسير في التيار العام الخاطئ. ويُسمِّي هذه حكمة لكي يستطيع أن يعيش مع الناس بلا شذوذ. وأحياناً يستخدم الشخص الكذب والخديعة واللف والدوران. ويُسمِّي هذه حكمة لأنها أقصر الطُّرُق التي توصّله إلى غرضه أو تحفظه في أمان. وكأن الوصولية أيضاً حكمة!

وهنا يكون قد أخطأ في مفهوم الحكمة. لأن الشر ليس حكمة. ولأنه ليس من الحكمة أن يخسر الإنسان مصيره الأبدي من أجل أي غرض أرضي زائل. إن الحكمة التي تصبح لوناً من المكر والدَّهاء والحيلة، ليست هى حكمة روحية.

كم يحتاج أمثال هؤلاء " الحكماء " أن يتوبوا عن حكمتهم. ولكن من الصعب أن يتوبوا لأنهم لا يرون أن ما يفعلونه خطيئة. بل يقنعون أنفسهم أن تصرفاتهم تدل على ذكاء وحُسن تصرُّف! وهل من المعقول أن يتوب الإنسان عن الذكاء وحُسن التَّصرُّف؟! كلا. بل للأسف أن كثيرين يقصدون هؤلاء ليعلموهم كيفية الوصول، ويصبحون مرشدين إلى طُرق خاطئة. وقد يفتخرون بحكمتهم هذه، وكيف أنهم استطاعوا أن يستخدموا العقل للوصول إلى الغرض.

مثال ذلك التاجر الذي يفتخر بأنه إستطاع أن يلعب بالسوق، ويكذب ويخدع ويكسب. وأيضاً الموظف الذي يفتخر بأنه طوى رئيسه بأسباب مُلفَّقة عرضها عليه، فإن طلت عليه الحيلة وصدَّقه! وكذلك الذي يفتخر بأنه يستطيع أن يُمثِّل أي دور على أي أحد، ويكسب الموقف بتمثيله المُتقن! أو كالشاب الذي يفتخر بأنه يستطيع أن يُسقِط أيَّة فتاة مهما كانت مُتديِّنة، بحيله وحكمته!!
لا يمكن لأحد من هؤلاء أن يتوب، لأنه يفتخر بأخطائه، ويُغطِّيها بِاسم الحكمة والحيلة. يُذكِّرني هذا الأمر بالشياطين التي تفتخر بإسقاطها لأحد من القديسين إذا إستطاعت.

+ هناك أيضاً خطايا تختبئ تحت اسم الحرية. فالشباب الذي يحيا في حياة العبث واللهو، يُسمِّي تصرفاته بالحرية. وبعض الصُّحف التي تُشهِّر بالآخرين وبسُمعتهم، تطلق على هذا الأمر حرية النشر. وجماعة الوجوديين في كل أخطائهم يتعلَّلون بِاسم الحرية والشعور بالكيان الشخصي أي الشعور بوجودهم! وتحت هذا الاسم يقترفون كل أنواع الإباحية والإعتداء على حريات الآخرين. وصدق مَن قال: " كم من جرائم اقترفت بِاسمِك أيتها الحرية! "، والذين يخرجون عن التقاليد المتبعة والعُرف المعروف، وينشرون بعض البِدَع التي لمَّا يألفها الناس. يُسمِّون هذا تجديداً! وإن قاومهم المتمسِّكون بالتقاليد والعُرف، يقولون: هل تحجرون على تفكيرنا؟! لاشكَّ أن لنا الحرية أن نُفكِّر كما نشاء! وأيضاً أن ننشر أفكارنا هذه وسط الآخرين.
وما أكثر التسميات التي تختبئ حولها الكثير من الأخطاء. فتحت اسم الدُّعابة والمُزاح مثلاً تستتر خطايا كثيرة: يتهكَّم إنسان على آخر ويجرح شعوره، ويتخذه مجالاً للضحك فيهزأ به الآخرون، غير مُبالٍ بوقع كل هذا عليه ... وإن لُمته، يقول: إن هذا مُجرَّد مُزاح ودالة وعشم! وهكذا يُسمِّي عدم احترامه لغيره مُزاحاً ودالة! ... وتحت اسم المُزاح أيضاً قد يكذب، ويُسميه كذباً أبيض أو دُعابة؟ وكل أنواع الهزل غير اللائق يختفي تحت اسم المُزاح والدُّعابة... وتدخل كلها تحت اسم خفَّة الدَّم واللُطف وخفَّة الروح! وتسأل: أليس لهذا المُزاح حدود؟! فلا تجد جواباً.


وأيضاً قسوة الأب على أبنائه تختفي تحت اسم الحزم والتأديب. ويجد هذا الأب القاسي مفهوماً جديداً للتربية يختبئ وراءه. وقد يقتل أب ابنته الخاطئة. ولا يسمي هذا الأمر جريمة قتل، وإنما يُسمِّيه غسلاً ومحواً للعار ودِفاعاً عن الشرف. كل ذلك لتبرير الخطأ.



وبالمثل فإن كثيراً من ألوان الغضب والنرفزة قد تختفي وراء اسم الدِّفاع عن الحق، أو الدِّفاع عن النظام، أو الدِّفاع عن الكرامة. وكذلك اضطهاد الشخص لِمَن يخالفه في الرأي أو العقيدة يُسميه الغيرة المقدسة. وما أكثر ألوان الإباحية والخطأ التي قد يُسميها البعض أنها ألوان من الفن! والتدخين الذي يضيع الصحة، ويستعبد الإرادة، وتنفق فيه الأموال، يأخذ عند المدخنين اسم المتعة وإراحة النفس لكي لا يتعبهم ضميرهم كثيراً.

+ أمَّا أنت يا أخي القارئ، فاهرب من التسميات الخاطئة التي يحاول البعض أن يبرِّروا بها أخطاءهم أو يخفوها. ولتكن لك مبادؤك الثابتة الراسخة التي لا تتزعزع بمسميات جديدة ومفاهيم غير روحية. واحتفظ بنقاوتك. ولا تسمح أن تسمي خطيئتك بِاسم آخر يريح ضميرك إراحة وقتية زائفة. بينما تشعر في أعماقك أن التسمية الجديدة هى لون من الهروب من المسئولية. لأنك إن سميت خطيئتك بِاسم آخر، فلن تتوب. أمَّا سبيل التوبة فهو أن تكون صريحاً مع نفسك. لا تشفق عليها شفقة زائفة. واعرف أن الذين يسمون أخطاءهم بأسماء فضيلة، فإنهم قد يدافعون عن سلوكهم الخاطئ، وبالتالي يستمرون فيه. وقد يصبح عادة لهم أو طبعاً لهم أو منهجاً ثابتاً في حياتهم لا يغيرونه. ذلك لأنهم لا يسمون الخطية باسمها الحقيقي. إنما بالتسمية الجديدة التي تغطيها، لا يعترفون بالخطأ. بل قد تهتز المبادئ والقيم عندهم. ولنحترص إذن من الشيطان الذي في حيله الشريرة، يعمل على تغيير القيم من جذورها. ويدخل الناس في حرب مسميات، أو حرب مفاهيم. وكلها خدعة.

07‏/11‏/2010

- إنجيل الأحد 2010/11/07


( الأحد الرابع من شهر بابه المبارك )



7 نوفمبر 2010

28 بابه 1727







مزمور القداس



من مزامير أبينا داود النبي ( 78 : 14 )



شاكِرينَ لكَ إلى الدَّهرِ مِنْ جيلٍ إلى جيلٍ، لأنَّنا نَحنُ شَعبُكَ وغَنمُ

رعيَّتِكَ. هللويا.







إنجيل القداس



من إنجيل معلمنا لوقا البشير ( 7 : 11 ـ 17 )



ولمَّا صَارَ الغدُ مَضى يَسوع إلى مدينةٍ تُدعَى نَايينَ، وذهبَ مَعهُ تلاميذهُ وجمعٌ كثيرٌ. فلمَّا اقتَربَ إلى بَابِ المَدينةِ، إذا واحدٌ مَحمُولٌ، قد مات وهو ابنٌ وحيدٌ لأُمِّهِ، وكانت أرملةٌ وكان مَعَها جمعٌ كثيرٌ مِنَ المدينةِ. فلمَّا رآها يسوعُ تراءف عليها وقال لها: " لا تَبكي ". ثُمَّ تَقدَّمَ ولمَسَ النَّعشَ، فَوَقَفَ الحَامِلُونَ. وقال: " أيُّها الشَّابُّ، لَكَ أقولُ قُمْ اجلس ". فَجَلسَ المَيتُ وابتدأ يتكَلَّمُ، فَدَفَعَهُ إلى أُمِّهِ. فاعترى الجَمِيعَ خوفٌ، ومَجَّدوا اللهَ قائلينَ:

" قَدْ قَامَ فِينَا نبيٌّ عظيمٌ، وافتَقدَ اللهُ شَعْبَهُ ". وشاعَ هذا الكلامُ عَنْهُ في جميعِ اليَهُوديَّةِ وكُلِّ الكورَةِ.



( والمجد للـه دائماً )

06‏/11‏/2010

- إنجيل السبت 06/11/2010


6 نوفمبر 2010 27 بابه 1727



مزمور القداس

من مزامير معلمنا داود النبي (1 : 1)

طوبى للرجل، الذى لم يسلك فى مشورة المنافقين، وفى طريق الخطاة لم يقف، وفى مجلس المستهزئين لم يجلس. هللويا



إنجيل القداس

من إنجيل معلمنا متى البشير ( 4 : 23 - 5 : 16)

وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب.فذاع خبره في جميع سورية فاحضروا اليه جميع السقماء المصابين بامراض واوجاع مختلفة والمجانين والمصروعين والمفلوجين فشفاهم.فتبعته جموع كثيرة من الجليل والعشر المدن واورشليم واليهودية ومن عبر الاردن. ولما راى الجموع صعد الى الجبل فلما جلس تقدم اليه تلاميذه. ففتح فاه وعلمهم قائلا.طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السموات. طوبى للحزانى لانهم يتعزون. طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض. طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون. طوبى للرحماء لانهم يرحمون. طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله. طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون. طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات. طوبى لكم اذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا لان اجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم. انتم ملح الارض ولكن ان فسد الملح فبماذا يملح لا يصلح بعد لشيء الا لان يطرح خارجا ويداس من الناس. انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل ولا يوقدون سراجا ويضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت.فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السماوات.



( والمجد لله دائماً).



02‏/11‏/2010

- قسوة القلب




بقلم قداسة البابا شنوده الثالث


إن اللَّه ـ تبارك اسمه ـ إله رحيم، يتصف بالحنو والشفقة على عباده، ولا يعاملهم أبداً بالقسوة. وهو يطيل أناته حتى على الخطاة منهم، ولا يعاملهم بقسوة. ولو أنه عاملهم بما يستحقون، ما كان يمكن أن يخلص أحد. وهو يريدنا أن نكون أيضاً لُطفاء بعضنا نحو بعض لا نقسو على غيرنا، ولا حتى على الحيوان. ومن هنا وجدت جمعيات للرفق بالحيوان. والقسوة مكروهة من الكل، وبخاصة من أصحاب القلوب الرقيقة.

+ ونبدأ أولاً بالحديث عن القسوة في مُحيط الأسرة: فاحياناً يقسو الأب على أولاده بحجة الحزم في تربيتهم. وهكذا يفقدهم الحنان الذي يحتاجون إليه منه كمصدر طبيعي للحنان. فيضطر بعضهم إلى طلب الحنان من مصدر خارجي غير مضمونة نتائجه. وفي محيط الأسرة قد يقسو الزوج أيضاً على زوجته. وبسبب غيرته الخاطئة قد يراقبها في كل أعمالها وأقوالها كما لو كانت مُتهمة أمامه. وبعض الأزواج قد يحبسون زوجاتهم فلا يخرجن إلاَّ بإذن أو بسبب جوهري. بل قد تصل القسوة أحياناً إلى الضرب ... وما أسهل ما ينتهي الأمر في مثل هذه العلاقة الزوجية إلى الطلاق أو الخُلع.

وهناك نوع آخر من القسوة في مُحيط الأسرة حينما يطلب الأبناء من آبائهم نفقات مُعيَّنة تفوق قدرتهم المالية بكثير، وأيضاً حينما تطلب الزوجة طلبات فوق قدرة زوجها. ولكن أبشع ما قرأنا عنه في الجرائد هو قسوة بعض الأبناء على آبائهم أو أمهاتهم لدرجة القتل. عجيب أن يقتل شخص أباه أو أمه في شيخوخة أحدهما وعدم قدرته في الدفاع عن نفسه. إنه لون من ألوان القسوة البشعة.

 
+ والمعروف أن القسوة تبدأ أولاً في القلب. وقد تتطوَّر إلى قسوة في اللسان من جهة الكلمة القاسية أو النظرة القاسية. وقد قال سليمان الحكيم في ذلك: " الجواب الليِّن يصرف الغضب، والكلام الموجع يُهيج السخط ". ولذلك ننصح كل أحد أن يتخيَّر ألفاظه التي يتكلَّم بها مع الآخرين. فيبعد عن كل كلمة جارحة وعن كلمات الإهانة، وكلمات التَّهكُّم وخصوصاً التَّهكُّم اللاذع لأنه جارح أيضاً. لأن اللَّه لا يعاقب فقط على المعاملة السيئة وإنما أيضاً عن مُجرَّد الكلام السيئ. إن القسوة كما تخرج من القلب وتصل إلى اللسان وإلى النظرة القاسية حينما تصل كذلك إلى المعاملة. ولعلنا نذكر أيضاً قسوة الحماة في معاملة زوجة ابنها بحجة محبتها لهذا الابن، بينما عليها أن تحبه للحفاظ على استقراره في حياته العائلية. وكذلك عليها أن تُحب زوجة ابنها باعتبارها ابنة لها أيضاً.
 
+ إن القسوة تظهر أيضاً في درجة العقوبة. فهناك رئيس في العمل يُحاسب بلا رحمة على كل صغيرة وكبيرة. وفي قسوته لا يمكن أن يجد عذراً لأحد من الذين يعملون تحت رئاسته. وإذا عاقب يفرض أقصى عقوبة ممكنة ... وأحياناً قد تصل عقوبته إلى فصل هذا العامل من وظيفته، وإلقائه إلى الشارع بلا رزق وبلا حنو غير واضع في نفسه مصير هذا الإنسان وأسرته معه! بينما هناك درجات من العقوبات يمكن أن تفرض. أمَّا القساة فيفرضون أصعب العقوبات ولا يبالون: وقد توجد القسوة أيضاً بين صديق وصديقه، في لون العتاب ودرجته. فالعتاب القاسي هو الذي يكون بشدة وعُنف وباتهامات تكون سبباً في ضياع العلاقة بين الاثنين. وكما قال الشاعر:

ودع العتاب فرُّبَّ شرّ  *** كان أوله العتابا 




+ إن القلب القاسي هو بعيد عن الوداعة والرحمة وعن الشفقة والحنو. بل أنه يتصف بالعُنف أيضاً. بينما يطلب منا اللَّه أن تكون لُطفاء بعضنا نحو بعض بعيدين عن القسوة.



+ والقسوة عموماً مُنفِّرة لا يقبلها أحد، والقاسي قد يخسر الآخرين، ويعطي صورة سيئة عن نفسه. وما أكثر النتائج الضارة من القسوة للشخص نفسه وللآخرين. وقساوة القلب قد تدفع إلى الحدة وإلى الغضب وتشتعل مشاعر القاسي ضد غيره بسرعة، ويحتد، ويثور، ويُهدِّد. ولا يحتمل أن يمسه أحد بكلمة. وفي نفس الوقت لا يراع مشاعر الآخرين، فيجرح غيره بسهولة وفي لامبالاة. والعجيب أن الإنسان القاسي يجمع بين أمرين متناقضين: فيكون حسَّاساً جداً من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس، ولا إحساس له من جهة وقع معاملته القاسية على الآخرين.



والقسوة قد تكون على الجسد أو على النفس. فأبشع قسوة على الجسد هى في تعذيبه، كما كان يفعل الضباط الرومان. ومن أمثلة ذلك ما رأيته في إنجلترا في مكان يُسمَّى بيت الرّعب House of Terror فيه نماذج من ألوان التعذيب التي حدثت في بعض العصور. أمّا القسوة على النفس فيكون ذلك بإذلالها وفي التشهير بها وفي المعاملة المُهينة لها. ومن أمثال ذلك مُعاملة العبيد. ويحضرني هنا قول الشاعر:

لا تشترِ العبد إلاَّ والعَصا معه ***  إن العبيدَ لأنجاسٌ مناكيد 



حيث كان العبد يُحرم من كل حقوقه البشرية أحياناً إلى جوار ضربه وجلده. ونذكر أيضاً في هذا المجال المعاملة القاسية التي كان البيض يعاملون بها السُّود في القرون الماضية. وقد تعرَّض لبعض هذه المعاملة المهاتما غاندي حينما كان محامياً في جنوب أفريقيا قبل ذهابه إلى الهند. ولعلَّ من الأمثلة البارزة للقسوة في التاريخ قسوة فرعون.



+ هناك قسوة أخرى تظهر في قلب البخيل الذي يرفض أن يحن ويشفق على المحتاجين مهما كانت سوء حالتهم. وهناك لون آخر من القسوة في التعليم الذي يفرض على البعض درجة فوق مستوى قدرتهم. ومن أمثلة ذلك المُعلِّمين الذين لا يُراعون المستوى الذي يُناسب كل أحد من جهة قدرته الروحية. على أن هناك أشخاص قُساة القلب من جهة رفضهم لعمل اللَّه في قلوبهم. فهُم يرون وصايا اللَّه ثقيلة عليهم، بينما الثقل كله هو في قلوبهم وإرادتهم. فالواحد منهم لا يتأثَّر بالكلام الروحي، بل قد يسخر ويتهكَّم ويرفض السماع!! ومن أمثلة هؤلاء الوجوديون الذين يرون أن وصايا اللَّه تلغي وجودهم وحريتهم. فمن الخير أن اللَّه لا يوجد لكي يتمتعوا هم بذلك الوجود الوهمي.