26‏/03‏/2011

- السيد المسيح والمرأة السامرية | للأب القمص أفرايم الأورشليمى



المسيح المحرر ...

- جاء السيد المسيح له المجد لكى ما يحررنا من التمييز العنصرى البغيض على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو الرأى أوتصنيف الناس بين خطاة وابرار فى كبرياء ورياء وفى أغتصاب لحق الديان العادل .

لقد كان السامريين يهودا اختلطوا فى السبى الأشورى بالأمم وتزاوجوا من بعضهم البعض وأقتصر أيمانهم على اسفار موسى الخمسة دون بقية كتب الانبياء . كما تاثروا بالامم فلم يؤمنوا بالقيامة ولا الحياة الاخرى او الملائكة وكان اليهود فى عداوة مع السامريين {فقالت له المراة السامرية كيف تطلب مني لتشرب و انت يهودي و انا امراة سامرية لان اليهود لا يعاملون السامريين} (يو9:4). هذا التمييز الدينى الذى نراه فى صرعات عالم اليوم جاء المخلص الصالح ليبين ليحررنا منه ويعلمنا ان نحترم الجميع كما هم لا كما نريد ان يكونوا . اننا ابناء اب واحد هو أدم وام واحده هى حواء ويجب ان نحترم كل أنسان كخليقة الله العاقلة الحرة ، وكما نريد ان يفعل الناس بنا نفعل بهم نحن أيضاً لابد ان نحترم الاخرين ونقدرهم ان اردنا ان يحترموا ويستمعوا الينا . لابد ان نقبلهم كما هم لا كما نعتقد نحن عنهم عالمين ان الله يحترم الارادة الانسانية ولا يغصب أحد حتى على الإيمان به فلماذا ينصب البعض أنفسهم محل الله ؟ فى المجتمعات الغربية كما نرى ونعيش ، فى كل مجالات الحياة يُحترم الإنسان كأنسان بغض النظر عن دينه أو معتقده او عرقه او جنسه فمتى يحترم الإنسان منا كانسان فى وطننا العربى وبين أهله ومواطنى بلده بغض النظر عن دينه وجنسه او مركزه المالى او رايه السياسى .

ذهب المخلص الصالح الى السامرة خصيصاً ساعياً لخلاصهم والانفتاح على هؤلاء المنبوذين من اليهود ، بل ومدح السامرى الصالح الذى تحنن على اليهودى المجروح { و لكن سامريا مسافرا جاء اليه و لما راه تحنن} (لو 10 : 33). وكذلك مدح السامرى الذى شفاه المخلص الصالح من برصه فاتى ليقدم الشكر على الشفاء دون التسعة اليهود الباقين الذين ذهبوا ولم يعودا فى عدم عرفان بالجميل . لقد احب الله العالم وجاء المسيح ليعلن هذه المحبة للجميع { لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم} يو16:3-17.

-- راينا ك وفى السامرة التى هى نابلس بفلسطين الان وعند بئر يعقوب أبو الاباء تقابل الرب يسوع المسيح مع المرأة السامرية وكانت خاطئة وفى هذا نرى مخلص العالم يخلصنا من النظرة الدونية للمرأة وكذلك من النظرة المتعالية نحو الخطاة . نعم تعجب التلاميذ عندما وجدوا معلمهم يتحدث مع أمرأة { و عند ذلك جاء تلاميذه و كانوا يتعجبون انه يتكلم مع امراة و لكن لم يقل احد ماذا تطلب او لماذا تتكلم معها} يو 27:4 لقد كان التقليد اليهودى يقلل من شأن المرأة ويمنع من التحدث معها فى الطرق ولكن عندما تعلم التلاميذ من سيدهم رايناهم يعُلموا بالمساواه بين الناس بغض النظر عن الجنس او الدين او العرق { ليس يهودي و لا يوناني ليس عبد و لا حر ليس ذكر و انثى لانكم جميعا واحد في المسيح يسوع} (غل 3 : 28) . {غير ان الرجل ليس من دون المراة و لا المراة من دون الرجل في الرب} (1كو 11 : 11). هكذا نرى المخلص يدافع عن المرأة الخاطئة أمام طالبوا رجمها { و لما استمروا يسالونه انتصب و قال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر} (يو 8 : 7) ثم قال لها اذهبى بسلام ولا تعودى تخطئى ايضا . وهنا نراه يسير من الصباح الباكر حتى الظهر ليلتقى مع السامرية الخاطئة ليحررها من مستنقع الشهوات ويقودها لتكون شاهدة لنعمة الله المحررة والمغيرة والقادرة على كسر قيود الشر والتى تعلمنا ان نسجد لله بالروح والحق ونرتوى من نبع محبة الله .

يف سعى الراعى الصالح فى طلب الخروف الضال وكيف يستقل الابن الضال ليرده الى بيته الأبوى ويكسوه بثوب الفضيلة والبر فى مثل الأبن الضال وهنا نراه يسعى فى أثر المرأة الخاطئه لينعم لها بالتوبه والخلاص وكان الكتبة والفريسيين يعتزلون عن مخالطة الخطاة وغير الملتزمين والعامة فى كبرياء ولكن نرى المخلص يفتح لهم باب الرجاء ويعلن لهم محبته ليحررهم من الضعف والخوف والشيطان والخطية والشهوات حتى دعى محباً للعشارين والخطاة لدفاعه عنهم وسعيه لخلاصهم { فلما راى الجميع ذلك تذمروا قائلين انه دخل ليبيت عند رجل خاطئ. فوقف زكا و قال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين و ان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف.فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم. لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب و يخلص ما قد هلك} لو7:19-10.

نعم ان المسيح هو أمس واليوم والى الابد { صادقة هي الكلمة و مستحقة كل قبول ان المسيح يسوع جاء الى العالم ليخلص الخطاة الذين اولهم انا} (1تي 1 : 15). الله يسعى لخلاصنا وتحريرنا من كل أشكال التمييز والبغضة والعداوة ومن يعرف قلب الله الأبوى لابد ان يتعلم منه فغاية الوصايا من الله هى المحبة { و اما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر و ضمير صالح و ايمان بلا رياء} (1تي 1 : 5) والله يريد خلاص الجميع من كل الأمم والقبائل والشعوب { الله يريد ان جميع الناس يخلصون و الى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). وعلينا ان نسير على هدى تعاليم الأنجيل فى نشر رسالة المحبة والاحترام والتقدير والخلاص لكل أحد ان اردنا بالحقيقة ان نكون تلاميذ لمعلمنا الصالح ونحيا إيماننا الأقدس الذى اليه دُعينا

المسيح المشجع ..





- نحن فى حاجة دائمة الى الله ولكن نرى الله فى محبة لنا يعلن لنا حاجته الينا ولخدماتنا وفى مقابلته مع السامرية { جاءت امراة من السامرة لتستقي ماء فقال لها يسوع اعطيني لاشرب } (يو 4 : 7).{ قالت له فقالت له المراة السامرية كيف تطلب مني لتشرب و انت يهودي و انا امراة سامرية لان اليهود لا يعاملون السامريين.اجاب يسوع وقال لها لو كنت تعلمين عطية الله و من هو الذي يقول لك اعطيني لاشرب لطلبت انت منه فاعطاك ماء حيا (يو 4 : 9- 10). وعندما طلبت منه ان يعطيها من هذا الماء الحى لكى لا تتعب وتأتى الى البئر لتستقى قال لها يسوع أذهبى وأدعى زوجك ؟ قالت له ليس لى زوج . فمدح المخلص صراحة المرأة { اجابت المراة و قالت ليس لي زوج قال لها يسوع حسنا قلت ليس لي زوج.لانه كان لك خمسة ازواج و الذي لك الان ليس هو زوجك هذا قلت بالصدق} يو17:4-18. نعم ان المخلص يريد ان يشجعنا ويعلمنا ان نشجع صغار النفوس { شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تانوا على الجميع} (1تس 5 : 14)

- ان الرب فى حنانه مدح المرأة التى القت فلسين فى خزانة الهيكل { و تطلع فراى الاغنياء يلقون قرابينهم في الخزانة.و راى ايضا ارملة مسكينة القت هناك فلسين. فقال بالحق اقول لكم ان هذه الارملة الفقيرة القت اكثر من الجميع.لان هؤلاء من فضلتهم القوا في قرابين الله و اما هذه فمن اعوازها القت كل المعيشة التي لها} لو1:21-4. بل مدح السيد وكيل الظلم {فمدح السيد وكيل الظلم اذ بحكمة فعل لان ابناء هذا الدهر احكم من ابناء النور في جيلهم }(لو 16 : 8).ومدح السيد مريم أخت لعازر لانها جلست لتستمع اليه{ فاجاب يسوع و قال لها مرثا مرثا انت تهتمين و تضطربين لاجل امور كثيرة.و لكن الحاجة الى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها} لو 41:10-42. بل ان الله يعد بالأجر السمائى لمن يقدم كأس ماء بارد لمحتاج صغير { و من سقى احد هؤلاء الصغار كاس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق اقول لكم انه لا يضيع اجره} (مت 10 : 42). من أجل هذا يعلمنا الإنجيل ان نقدر ونشجع الأخرين { بل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء و اختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء و اختار الله ادنياء العالم و المزدرى و غير الموجود ليبطل الموجود} (1كو 1 : 27، 28). ويعلمنا ان نُكرم الفقراء {اسمعوا يا اخوتي الاحباء اما اختار الله فقراء هذا العالم اغنياء في الايمان و ورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه} (يع 2 : 5).

- ان الله يشجع الضعفاء ويقويهم بروحه القدوس { لا بالقدرة و لا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود} (زك 4 : 6).ويقدر الخطاة ويحررهم ويرفع من نفسية المتواضعين {لانه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الابد القدوس اسمه في الموضع المرتفع المقدس اسكن و مع المنسحق و المتواضع الروح لاحيي روح المتواضعين و لاحيي قلب المنسحقين} (اش 57 : 15). وهو اله الكل الذى يريد ان الجميع يخلصون والى معرفة الحق يقبلون . يشجع المخلص الصالح قطيعة الصغير فى برية هذا العالم { لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سر ان يعطيكم الملكوت} (لو 12 : 32).ويطمئن كل مضطهد قائلاً { لا تخف البتة مما انت عتيد ان تتالم به هوذا ابليس مزمع ان يلقي بعضا منكم في السجن لكي تجربوا و يكون لكم ضيق عشرة ايام كن امينا الى الموت فساعطيك اكليل الحياة} (رؤ 2 : 10).



المسيح المشبع ...

ان الإنسان بئر من الرغبات تحتاج الى الاشباع ، ويسعى كل منا الى حياة الشبع الروحى والعاطفى والنفسى والى الاحساس بالأمن والأمان والمحبة ولكن لن يشبع النفس ويغيرها للأفضل الإ محبة الله المشبعة والمحررة والمغيرة التى تعطينا الشبع الروحى ، نعم كل من يشرب من أبارهذا العالم المشققة التى لا تضبط ماء يعطش ايضاً { و لكن من يشرب من الماء الذي اعطيه انا فلن يعطش الى الابد بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة ابدية} يو 14:4. ان الله يعطينا من نبع الروح القدس المتدفق دائما {و في اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع و نادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي و يشرب.من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه لان الروح القدس} يو 37:7-39 . نعم التقت السامرية بالمسيح المشبع فتركت جرتها عند البئر كرمز لشهوات العالم وذهبت تعلن عن المسيا المخلص لأهل السامرة . وتغيرت من امرأة تجادل فى حرفية الناموس الى أنسانه تعبد الله بالروح والحق { الله روح والساجدين له بالروح والحق ينبغى ان يسجدوا} يو42:4.

- ما احوجنا يا أحبائى لهذه الروح التى تجمع ولا تفرق ، والتى تبعد عن شكلية ومظهرية العبادة لتنحنى بالسجود لله بالروح والحق . نريد ان نعرف ارادة الله الصالحة نحو كل أحد { لا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة }(رو 12 : 2). وان نعلن للجميع ان يذوقوا ما أطيب الرب { ذوقوا و انظروا ما اطيب الرب طوبى للرجل المتوكل عليه} (مز 34 : 8). حقا ان مراحم الله علينا جديدة كل صباح واحساناته ومراحمه ما أكثرها { اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو.انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول.هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه} مر21:3-25.

لقد كان شاول يضطهد الكنيسة ويقاوم الإيمان ولكن الله سعى لخلاصه وابرق حوله نور من السماء معلناُ له عن خلاصه العجيب وتحول شاول الى القديس بولس الرسول الذى جال يبشر بفضل من دعاه من عالم الظلمة الى نوره العجيب ، وهكذا تقابلت مريم المجدليه مع المخلص فاخرج منها سبعة شياطين لتتحول الى مبشرة بالقيامة للجميع حتى أمام الأمبراطور . وتقابلت مريم المصرية مع محرر الخطاة فتحولت الى مريم المصرية القديسة السائحه . وهذه النعمة الغنية تنتظرنى وتنظرك لتروينا وتحررنا وتغيرنا للأفضل ، هى نعمة غنيه تعمل مع الجميع لياتوا الى الله ويشهدوا لمحبته ، وسيبقى المخلص فاتحا ذراعيه قائلاُ {تعالوا الي يا جميع المتعبين و الثقيلي الاحمال و انا اريحكم} (مت 11 : 28) .اننا نصلى من أجل خلاص الضالين والخطاة ومن أجل الضعفاء والمنكسرى القلوب .

أمين تعال ايها الرب

نعم نحن نصلى اليك يارب الكل ومخلص الجميع .لكى ما تعمل معنا من أجل خلاصنا وارتوائنا وتحريرنا .. لقد فرقتنا الأنقسامات واحنت ظهورنا الخطية بل طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء .

انت يالله تسعى من جل خلاصنا وتبحث عن الضالين وترد الخاطئين وتحرر منكسرى القلوب وتنادى بالعتق للمأسورين والرازحين تحت ثقل الخطية فردنا اليك يا مخلص العالم ، لنعبد بالروح والحق ونسجد لك وحدك يا سيد الكل .

حررنا من كل عنصرية بغيضة وبعيدة عن روحك ، لنحب الكل كاخوة واخوات ، علمنا ان نحترم الجميع صغاراُ وكباراُ ، رجالاً ونساء ، من كل لون وعرق وراى ودين ، فنكون بالحقيقة للحق عارفين ولمشيئتك طاعين و بالمحبة والاحترام نتعامل مع الجميع .

ربى علمنا ان نصنع السلام فى عالم يسوده البغضة والأنقسام ، وان نزرع الحب حيث أشواك الكراهية ، وان نضئ ولو شمعة فى الطريق بدلاً من ان نلعن الظلام .

ربى ان نسيناك فانت الاب الحنون لن تنسانا ، وان أخطائنا اليك فانت الرحوم أغفر لنا خطايانا، وان بعدنا عنك فانت بمحبتك أجذبنا اليك ومن نبع نهر محبتك اروينا لنحيا على شاطئ نعمتك حتى نكون معك فى السماء كملائكة كل حين .







- الصبر والإحتمال | للأب القمص أفرايم الأورشليمى



مفهوم الصبر

توجد لكلمة الصبر في اللغة العربية مرادفات ومعاني عديدة منها :المثابرة، الأناة، التأني، التسامح، التجلّد، المجالدة، ضبط النفس، تمالك النفس والأعصاب، كظم الغيظ ، سعة الصدر، التروي . والصبر ثمرة من ثمار الروح القدس التي تحتاج الي جهاد ومعرفة في أقتنائها ،كما انها لا تعني عدم العمل او الركون لتدخل الله في حل المشكلات دون البحث في حلها واتخاذ افضل الوسائل للوصول للحل او علاج وانهاء المشكلات التي نواجهها في حكمة وقوة وجهاد وعمل بتأنى .

وذلك يعني انه يجب أن نفكر قبل كلّ عمل نُقدم عليه. نفكر أولا ثمّ نعمل.من أجل ان يدرك الإنسان ما يدور حوله ويعرف ما الذي يساعده وما الذي يعيقه، ما الربح وما الخسارة من وراء كلّ عمل يقوم به. قد نجد البعض يستعجل في الردّ على كلّ كلمة أو نظرة أو حركة من الغير. وردّهم هذا يمكن أن يكون وبالاً عليهم. وبالصبر ينبغي أن يترووا وأن يفكّروا قبل القيام بأي عمل وأن يتعوّدوا ضبط أعصابهم وكبح جماح أنفسهم حتى ان سمعوا ما لا يرضيهم فيكون تعاملهم بروح التسامح وسعة الصدر.

الله يطيل أناته ويصبر عليك لتتعلم

عزيزى .. الله يطيل أناته ويصبر على أخطائك فهل تطيل أناتك وتصبر على أخطاء الآخرين أليك . ان الله يُطيل أناته على الخطاة والجاحدين ، ومن أجل طول أناته لم يهلك البشر ولم يفنى العالم بكثرة شره بل أرتفع على الصليب ليحمل عقاب خطايانا وفتح ذراعية قائلاً { تعالوا إلى يا جميع المتعبين وثقيلى الأحمال وأنا أريحكم} لقد قاد الله بصبرة وطول أناته كثيرين إلى التوبة ومن أجل طول أناته يشرق شمسه على الأبرار والأشرار.

وانت عندما تواجه آخرين فيتصرفوا معك بدون لياقة وبعدم احترام فأضبط نفسك ولا تفقد رجاءك فيهم ، بل بطول أناتك أكسبهم وأعلم أن رابح النفوس حكيم ، والمثل يقول "أن قطرات من العسل تصطاد من الذباب أكثر مما يصطاده برميل من العلقم" فليكن لك الروح الوديع وسعه الصدر ولا تتبرم وتتذمر وأصبر . عندما كان داود النبى مطارداً من أمام أبنه أبشالوم أخذ أحد العامة يسبه وهو يلقى عليه بالأحجار فقال قائد جيش لداود : دعنى أقتله فرفض داود فى صبر وتواضع قائلاً : لا.. دعه لينظر الله إلى أتضاع عبده. ومن أجل تواضع داود رده الله إلى مملكته وأهلك أعدائه. وأنت أعلم أن الله يقاتل عنك وأنت صامت فلا تقابل الأخطاء بالأخطاء فالنار لا تطفأ بالنيران بل بالماء.أحتمل الافتراءات ولا تنتقم لنفسك والتمس الأعذار للناس كضعف بشرى يحتاج إلى العلاج والوقوف مع من يسئ إليك في خندق المحبة والتأنى والترفق به ولا تفقد الأمل في الإصلاح وسيأتى اليوم وستجنى ثمر الصلاح.

ثمار الصبر فى حياتنا

الصبر أساس الصداقات الناجحة والدائمة والدرع الواقى لمنع الخصومات ولذلك قال سليمان الحكيم "الرجل الغضوب يهيج الحقد ، وبطء الغضب يسكن الخصام" (1م 5 : 19). فإن أردت أن تحيا سعيداً وتعمر مديداً لا تغضب وكن صبوراً لكى لا تحطم سعادتك بيديك فالإنسان الهادئ يجلب السعادة لنفسه ، ولمن حوله ،ولمن يتعاملوا معه ويكون قوياً يستطيع أن يتعلم ويعطى من نفسه قدوة تبنى الآخرين. وثق صديقى أن مالك نفسه خير من مالك مدينه وضع أمامك أن طول الأناة والصبرمن صفات الله التى يجب أن نتعلمها. {بصبركم اقتنوا أنفسكم} (لو21: 19).وقال ميخا النبي {أصبر لإله خلاصي} (مي7: 7).وقال داود النبي {انتظر الرب واصبر له} (مز37: 7)وقال يشوع ابن سيراخ { انتظر بصبر ما تنتظره من الله لازمه و لا تتردد لكي تزداد حياة في اواخرك}(سيراخ 2 : 3)وقد صبر داود لى حروب شاول 39 سنة، حتى مات واستراح من رذائله وحل محله.وقال القديس يعقوب الرسول: { قد سمعتم بصبر ايوب ورأيتم عاقبة الرب} (يع 5: 11) لقد صبر أيوب على التجربة فاسترداد ماله وابنائه وصحته وسمعته وباركه الله .وقال القديس بولس الرسول {أنا أصبر على كل شيء}(2تي2: 10).كما قال للكل: {إنكم تحتاجون إلى الصبر} (عب10: 36). وأيضاً {صابرين في الضيق} (رو12: 12) . ومع الصبر ستنتهى الضيقة بالانتصار والفرج .

وامتدح فضيلة الصبر لشعب كنيسة تسالونيكي وقال: {متذكرين عمل ايمانكم، وتعب محبتكم، وصبر رجائكم في ربنا يسوع المسيح} (1تس1: 3) وأكد الرسول على أن الإنسان المحب والمتضع يصبر على ضعفات الناس ملتمساً لهم العذر كبشر (1كو13).وتحدث سفر الرؤيا عن صبر القديسين والشهداء، على ظلم الأشرار، واضطهاداتهم الظالمة حتى نالوا أكاليلهم في النهاية (رو5: 3)، (يع1: 3) وينبغي علينا أن نصبر مثلهم (1بط2: 20) لنكون معهم، كما قال القديس بولس {بالإيمان والأناة (الصبر) يرثون المواعيد} (عب6: 12). { إنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله (الصبر) تنالون المواعيد} (عب10: 36). فالله يسند الصابر الشاكر، ويغضب من المتذمر.وشدد بولس الرسول على أن يكون كل الخدام – على كافة درجاتهم – صبورون في التعامل مع مرضى الروح (الخطاة) (1تي6: 11). وأن يرتضوا باحتمال الآلام والضيقات بصبر وشكر (2كو6: 4، 12: 12) حتى تعبر. ويكفينا وصية الرب نفسه لنا {بصبركم تقتنون أنفسكم } (لو19:21)

أبونا إبراهيم وعابد الأصنام

جاء عن اب الأباء ابراهيم فى التقليد اليهودى أن ضيفاً قدم اليه يوماً فرحب أبينا إبراهيم بالضيف وذبح له عجلاً وأعد الأطعمة.وقبل ان يأكلا ويبيتا طلب منه الصلاة معاً ، فالسفر في الغابات خطر ويعرض الضيف للحيونات المتوحشة .. وقبِل الشيخ ذو الستين ربيعاً وعندما طلب أبينا إبراهيم من الضيف أن يصليا أخرج الضيف وثناً من جيبه وأخذ يصلى إليه ويسجد له ! هنا قال له أبينا إبراهيم إن هذا خطأ لأن هناك الله خالق السماء والأرض له نسجد ونصلى هنا لم يقبل الضيف نصيحة رجل الإيمان وأستمر في صلاته وإذ بأبينا إبراهيم يحتد عليه ويطرد الشيخ من عنده لأنه عابد وثن وفي ذات الليلة كلم الله أبينا إبراهيم معاتباً قائلاً "يا إبراهيم ستون سنه وأنا محتمل الرجل صابراً عليه .. أما قدرت أن تصبر عليه ليلة واحدة".

أن الحب والصبر يصنع المعجزات والاحتمال يقيم الأموات والغضب لا يصنع بر الله.

ولو صبر أبينا إبراهيم على الرجل وقدم له حباً لربما تغير الرجل وعبد الرب اله إبراهيم من أجل محبة إبراهيم وكرم ضيافته وحسن استقباله.

هنا واذكر ما ورد في بستان الرهبان عن الأنبا مقاريوس وتلميذه عندما قابلهم كاهن وثن في إحدى المرات وكان التلميذ يتقدم معلمة في الطريق عندما قابل كاهن الوثن فلعنه بأوثانه وهنا أمسك كاهن الوثن التلميذ وضربه وتركه، وعندما قابل كاهن الوثن القديس ابو مقار قال له القديس تصحبك الشدة يارجل النشاط وكلمة كلام طيب تغير كاهن الوثن من معاملة القديس مقاريوس وامن بالمسيح علي يد القديس مقاريوس فلنطل أناتنا علي الآخرين وليكن لنا صبر علي اخوتنا وطوبي للرحماء فانهم يرحمون .

الصبر فضيلة نجاهد لاقتنائها..

الصبر عطية إلهية، منحة من الآب السماوي لكنه ايضا فضيلة نحتاج ان نكتسبها بالتعلم والجهاد الروحى لنكون حلماء ودعاء لا نثور ولا نغضب ونفكر قبل ان نتكلم ونتصرف ، فبالصبر ومحبة الإخوة تنتصرون على تجارب الحياة المستمرّة. عندما يُفتَقَد الصبر، يخمد صلاح النفس وتنمو الخطيئة. الصبر يزيّن النفس بماسات ليست من الأرض بل من أورشليم العلوية. الصبر يزيد من طاعة الكلمات الإلهية التي كُتِبَت في الماضي، وتُكتَب الآن، وسوف تكتَب في المستقبل. الصبر هو المحبة والطاعة. مارسْ الصبر بمحبة أخيك. مارسْ الصبر لتنفع نفسك. يزيد الصبر عندما يهتمّ الإنسان بالله . الصبر هو كلمة عذبة، نَفَس لطيف، سلاح لا يُغلَب، زينة لا تُقَدَّر للرجل، بركة من الله ، الإنسان الصابر، ينتظر بإيمان تدخل الرب في المشاكل وحلها في الوقت المناسب. فالإيمان يقود إلى الإنتظار، وتسليم الأمر لله إلى أن يشاء الله، ويقدم الشكر مقدماً، ويحصل المؤمن على الرجاء (رو15: 4) الذي يجعله لا يتذمر، بل يشكر باستمرار، فينال ثمر صبره (لو8: 15).ويؤيد هذا الكلام امثالنا الشعبية القائلة "اصبر تنول" ، "الصبر طيب"، "الصبر مفتاح الفرج". والصبر دعا إليه الرب يسوع الذي كان مثالاً للصبر العملي والطويل وقال: "الذي يصبر إلى المنتهى، فهذا يخلص" (مت 10: 22)،

وما أكثر أضرار عدم الإحتمال الناتج من عدم فهم الطبيعة البشرية الضعيفة وعدم اللجوء إلى الوسائط الروحية لفعالة لتهدئة الأعصاب (غل5: 22-23)وعلينا ان نعرف جميعاً أن الصبر صعب ومُر. ولكن نهايته راحة وفرح، بينما نفاذ الصبر، وعدم الإحتمال، مدعاة لغضب الله، ومجلبة لأمراض كثيرة نفسية وعصبية وبدنية، واسأل عديمي الصبر، وما أصابهم من عدم احتمالهم وتذمرهم وغضبهم .
ويمتليء الكتاب المقدس بنماذج رائعة من الصابرين الشاكرين المنتظرين لوعود الله مهما طال الزمن. مثل أيوب الصديق (يع5: 11) وسمعان الشيخ (لو2: 25) وبولس الرسول وغيرهم كثيرين. فهل نكون مثلهم؟ أم نتذمر ونتعب نفسياً وروحياً وبدنياً؟

تذكر قول القديس يعقوب الرسول: "ها نحن نطوب الصابرين، قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب" (يع5: 11).فأصبر واشكر وانتظر فرج الرب، الذي سوف يأتي في الوقت المناسب.









24‏/03‏/2011

- مُعين من ليس له مُعين | للأب القمص أفرايم الاورشليمى





صفات الراعى الصالح ..

من صفات الراعى الصالح انه يهتم برعاية قطيعه ويحافظ عليه ويهتم بكل أموره ، ويهتم بتغذيته وحمايته ونموه وهو يسهر ولاينام ليوفر لقطيعه الرعاية والاهتمام بل يبذل نفسه عن قطيعه وقت الأخطار ، ولقد دعى مخلصنا يسوع المسيح بالراعى الصالح وقال عن نفسه {انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف} (يو 10 : 11). ولانه الراعي الصالح فانه يعرف خاصته ويهتم بخلاصهم {اما انا فاني الراعي الصالح و اعرف خاصتي و خاصتي تعرفني} (يو 10 : 14) . وهو لا يمل ان يذكرنا بوعوده الصادقة قائلاً لنا{ لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سر ان يعطيكم الملكوت} (لو 12 : 32). وهو يقول الان لكل واحد منا { لا تخف لاني فديتك دعوتك باسمك انت لي }(اش 43 : 1). ويقول لكل المحتاجين الى العون والرعاية {أنا أعينك ، يقول الرب } ( إش 41 : 14 ) . وامامنا فى كل الظروف وامام التحديات والأخطار التى تواجهنا نضع وعده الصادق { لا تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد ايدتك و اعنتك وعضدتك بيمين بري} (اش 41 : 10). لقد كان الرب مع ابائنا وشهدوا بحسن رعايته وحفظه ، كان الرب مع يعقوب المتغرب الخائف من اخيه عيسو وشهد فى نهاية ايامه بحسن رعايته الرب له {و قال الله الذي سار امامه ابواي ابراهيم و اسحق الله الذي رعاني منذ وجودي الى هذا اليوم.الملاك الذي خلصني من كل شر } تك 15:48-16. وحفظ الرب داود النبى من كل مؤمرات شاول الملك ومن العديد من المخاطر ، ورعى الله القديس اثناسيوس وحفظه من غطرسة الاباطره الاريوسيين وأتباعهم وهكذا على المستوى الجماعى رعى الشعب قديما فى البرية كما خلصهم من مؤامرة هامان لابادتهم فى السبى والله هو هو أمس واليوم والى الابد قادر ان يحفظ الكنيسة وسط المتغيرات المتسارعه فى عالمنا المعاصر لاسيما ونحن نسرع اليه ونطلب حماية من المخاطر والاعداء . فى عصر الحماية للأقليات تحت المظله العثمانية جاء سفير روسيا للبابا البطريرك بطرس الشهير بالجاولى وقال له ان روسيا والقيصر تريد ان تطلبوا حمايتها ككنيسة اورثوزكسية . قال له البابا وهل قيصركم يموت ؟ فاجابه نعم .. قال له الأب البطريرك نحن فى حمى ملك الملوك الذى لا يموت . نعم يا أحبائى قد نمر بظروف صعبه لكن الله ضابط الكل لم ولن يتركنا لحيظة ولا طرفة عين ويدبر كل الأمور لخير الكنيسة وابنائها لانها كنيسته ولاننا ابنائه .

الله الملجأ والمعين

الي كل النفوس التي تحتاج الي المعونة يقول الرب: أنا اعينك لا تخف تشدد وتقوي في الرب، الراعي الصالح والامين يناجي نفوسنا.أيها الوحيد ، أيها المريض ، أيها الكهل ، أيها العجوز ، أيها الضعيف ، أيها المسكين ، أيها اليتيم ، أيتها الأرملة .هذا وعد أكيد من الله لك : " وهو المُعين لكل من ليس له مُعين ، ورجاء لكل من ليس له رجاء ، ميناء الذين فى العاصف " فعندما ينفض الكل من حولك ، وعندما يتركك الشريك ويرحل إلى العالم الآخر ، أو يغضب .وعندما يتزوج كل الأبناء ، وتعيش وحدك ، ثق أنك لستَ وحدك ، لأن مُعينك القوى والدائم موجود معك ، وإلى جوارك فى وحدتك وآلامك ، ويشاطرك الرب أحزانك ، فتزول أو تخف .

وقال القديس بولس الرسول : {إن كان الله معنا ، فمن علينا } ( رو 8 : 31 ) ؟وقد شاهد وشهد داود ، لمعونة الرب ، بعدما تخلّى عنه الأهل ، والأبناء ، والأصدقاء والأقرباء والزملاء ، وقال : { الرب حصن حياتى ممن أرتعب ؟إن نزل علىّ جيش ، لا يخاف قلبى ، إن قامت علىّ حرب ، ففى ذلك أنا مُطمئن .. إن أبى وأمى قد تركانى ، والرب يضُمنى }( مز 27 : 1 – 10 ) . فلنقل نحن ايضاً فى كل حين مع المرتل داود النى {معونتى من عند الرب }( مز 121 : 2 ) . { وأنت يارب أعنتنى وعزّيتنى } ( مز 16 : 17 ) .ولنتمسك بوعود الرب لنا وهو الصادق والأمين والذي لا يخزى طالبوه وهذه وعود الرب لكل قلب مُحب له {يرسل لك عوناً من قدسه }( مز 20 : 2 ) .{ يذخّر معونة للمستقيمين } ( أم 2 : 7 ) . { لا تخف لأنى معك ، قد أيدتك ، وعضدتك.. يكون محاربوك كلاشئ وكالعدم ، لأنى أنا الرب إلهك ، القائل لك : لا تخف أنا أعينك }( إش 41 : 10 – 13 ) . { الرب مُعين لى ، فلا أخاف ماذا يصنع بى الإنسان } ( عب 13 : 6 ) . {إنى أنا معك ، فلن يقع بك أحد ليُؤذيك } ( أع 18 : 10 ) {معه أنا فى الضيق ، أُنقذه وأمجده } ( مز 91 : 15 ) .

ليكن لنا إيمان بالله

يسأل الرب الذين لا يلجأون إليه ، طلباً للمعونة اللازمة فى الشدة ، فيقول : { إلى من تهربون طلباً للمعونة ؟} ( إش 10 : 3 ) . فالبشر ليس عندهم عون حقيقى لنا ، وقد يسمعون شكواك ، وربما يسخرون أو ينتقدون أو يوبخون فقط .ولكن كل من إلتجأ إلى الرب ، وجد عنده المعونة العاجلة ، أو الآجلة ، ووجد عنده الحلول الكاملة لأصعب المشاكل ، لأنه لا يعسُر عليه شئ بالطبع . { وطوبى لمن إله يعقوب مُعينه }( مز 146 : 5 ) . ونحن نؤمن برعاية وأبوة الله لنا لهذا نلجأ اليه فى ضيقاتنا ونتكل عليه فى حلول مشكلاتنا ولكن ليس معنى هذا اننا لا نقوم بما يجب علينا القيام به من عمل وجهاد بل نجتهد فيما نراه لصالحنا ولصالح كنيستنا واوطاننا ولا ننام وقت الجهاد والعمل والبناء { اله السماء يعطينا النجاح و نحن عبيده نقوم و نبني} (نح 2 : 20) اننا نسعى كسفراء على الارض ونسعى الى السلام وصنعه ولا نتوانى فيما نراه يعود بالفائدة علينا ونثق ان الله يدبر ما هو لخيرنا والله الذى بدد خوف التلاميذ وقت هياج البحر عليهم ليلاً قادر ان يسكت على عواصف العالم ويُبطل كل حيل الشيطان المنصوبة ضدنا { فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الايمان ثم قام و انتهر الرياح و البحر فصار هدو عظيم (مت 8 : 26). { و ليملاكم اله الرجاء كل سرور و سلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس (رو 15 : 13).

وسط البحر الهايج

وسط الآلم وفى وقت الضيق انت يارب الراعى الصالح وانت لنا ملجأ ومينا وأحن رفيق . انت قادر ان تقود السفينة ومن فيها الى بر النجاة ، نصلى اليك ياسامع الصلاة ونلتجا اليك ياضابط الكل لنستريح من أتعاب الحياة ونحتمى من مؤامرات الاشرار .

انت تهبنا الحكمة والقوة والنعمة لنسير بك من قوة الى قوة فنجدد اجنحة كالنسور لكى لا نتعب ولا نخور بل نثق فى رعايتك ونؤمن بحمايتك ونؤمن ان كل الاشياء تعمل معنا للخير لاننا نحبك ونطلب أسمك القدوس .

نطلب منك القوة والمعونة والنصرة والسلام لنا ولكنيستنا ولبلادنا . نثق انك تقودنا رعاة ورعية ،مسئولين وشعب وانت القائل مبارك شعبى مصر . فيا من أتيت الى مصر طفلاً مع القديسة مريم وتجولت فى ربوعها هلم الان ايضاً وانظر بعين الرحمة والحنان والرعاية الى بلادنا وأهلها وليكن سلامك حصناً لشعبك .









21‏/03‏/2011

- الأم في عيدها | للأب القمص أفرايم الأورشليمى











كانسان تعزيه امه هكذا اعزيكم انا و في اورشليم تعزون (اش 66 : 13)




الأم مدرسة الفضيلة ..


من كرامة وحنان الأم لدي الله شبة نفسة بالأم التي تعزي ابنائها وتهتم به واهتم ان ينفي عن الأم الاهمال لابنائها وبناتها (هل تنسى المراة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين و انا لا انساك). (اش 49 : 15) بل أوجب علينا أكرامها (اكرم اباك و امك التي هي اول وصية بوعدٍ) (اف 6 : 2).



اكرام الوالدين وصية الهية وواجب وفاء ودين علي الابناء ويكفي اننا مديونين للوالدين بنعمة الوجود والتعَلم فى الحياة ، الأم هى مدرسة الفضائل والمعلمة الاولى ومنها نأخد الإيمان والإمان ، وبفضل رعايتها ننمو ونتعلم كيف نواجه تحديات الحياة .نحن نكرم في عيد الأم ، امهاتنا ومن هن في مقام الأمهات ونكرمهن من أجل كل أعمالهن والطيبة وأتعابهن وفضائلهن وكل القيم الطيبة التى تمثلها الأمومة . وان كان الرب قد سأل عن هؤلاء الذين شفاهم عندما شفى العشرة البرص لماذا لم ياتوا و يقدموا له الشكر فهو يحثنا علي الوفاء وأكرام امهاتنا علي محبتهم وتعبهم وعطائهم غير المحدود. ففى عيد الأم التى هى ربيع حياتنا نقدم باقات الورود وارق كلمات التقدير والوفاء لكل أم مصلين ان يهب الله لهن كل صحة وسعادة وسلام وبركة ويعوضهن عن أتعابهن خيراً وحكمةً ونعمةً وأجراً سمائياً . اننا نكرم كل أم تعبت وأنجبت وربت وكل أم لم تنعم بانجاب البنين فصارت بحنانها اماً للكثيرين ونكرم كل الذين تبتلوا وعاشوا من أجل الله حياة الجهاد والعفة والقداسة ومن أنتقلوا من أمهاتنا نطلب لهم الراحة والسعادة في فردوس النعيم .



البعض يفضل أن يسمى هذا اليوم " عيد الأسرة " لأنه إذا كنا نتذكر فضل الأم ، والآمها وتعبها من أجل أبنائها ، فإن الأب له دوره أيضاً فى رعاية الأسرة ، مادياً وروحياً واجتماعياً واقتصادياً ونفسياً ونتذكر كم الضغوط التى يتعرض لها الاباء فى توفير فرص حياة كريمة لابنائهم ، وغيرها من الأتعاب المختلفة طول أعمارهم فى الدنيا فحتى يكبر الابناء ويتزوجوا وينجبوا لا يتخلى الاباء عن مشاعر الابوة والاهتمام بهم :" أكرم أباك وأمك ، كما أوصاك الرب إلهك ، لكى تطول أيامك ، ولكى يكون لك خير على الأرض " ( تث 5 : 16 ). وأعاد الرب يسوع التأكيد على ضرورة إكرام الوالدين والإهتمام بهما ويعاقب الله الأبناء الجاحدين للأهل وقال : " إن الله أوصى ( فى التوراة ) قائلاً : " أكرم أباك وأمك ، ومن يشتم أباً أو أماً ، فليمت موتاً " ( مت 15 : 4 ) .وأعتبر رب المجد يسوع أكرام الوالدين من ضمن الوصايا التى إذا ما نفذها المؤمن ، يدخل الحياة الأبدية ( مت 19: 19 ) وقال القديس بولس الرسول : " إن كان أحد لا يعتنى بخاصته ، ولاسيما أهل بيته ، فقد أنكر الإيمان ، وهو أشر من غير المؤمن " ( 1 تى 5 : 8 ) . إلى هذا الحد يصف الإنجيل جحود بعض الابناء فمن يرفض مساعدة الوالدين يعتبر أشر من غير المؤمن . فيا ليتنا نكون اوفياء بارين باهلنا .



ليتنا نكرم والدينا طوال حياتهما ، أما اليوم – على وجه الخصوص ( يوم عيد الأسرة ) نسرع بتقديم الهدية لأمهاتنا ونعبر لهن عن شكرنا وعرفاننا ووفائنا ، معترفاً بجميلهن ، او التحدث اليهم وشكرهم ( إن كنا بعيداً عنهما ) ، أو أن تقيم لهما قداساً خاصاً ، وصدقات باسمائهم ، إن كانوا قد رحلوا إلى عالم المجد ، لكى يصلوا عنا ولنا أمام عرش النعمة عند مخلصنا الصالح .



القديسة مريم أمنا الشفيعة ..



اننا نكرم أمنا القديسة العذراء ونطوبها في يوم عيد الأم وهي التي ولدت لنا الله الكلمة المتجسد وصارت لنا شفيعه ومعينة وأما للكنيسة وأما للرسل { ثم قال للتلميذ هوذا امك و من تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته } (يو 19 : 27) فنكرم سيدتنا وأمنا العذراء ونطوبها ونطلب شفاعتها عنا. فالعذراء أم المؤمنين والشفيعة المؤتمنة وستبقى العذراء امنا تشفع فى اولادها وبناتها وتطلب منا ان نعمل كل ما يوصينا الله ان نفعله .







الكنيسة أم المؤمنين ..







ونكرم ايضا امنا الكنيسة التي من جرن معموديتها ولدنا وصرنا ابناء لله وشعبا مقدسا ،ففى الكنيسة ننمو ونشب في الأيمان ونأخد الأسرار المقدسة وترعانا من المهد للحد. وما أجمل قول أحد الاباء القديسين ( لا يستطيع احد ان يقول ان الله ابوه مالم تكن الكنيسة هى أم روحية له ) فمن الوفاء للكنيسة ان نهتم باحتياجاتها ونشارك فى صلواتها ونتغذى باسرارها ونحب ونحترم كهنتها وخدامها والعاملين فيها.







مصر وطننا الأم..







فى عيد الأم أيضاً نصلى من أجل مصر بلادنا الحبيبة وسلامها واستقرارها ومستقبلها .فعلى هذا الثرى الطيب حبونا ونمينا وكبرنا ، ومن شمسها نلنا الدفء ومن نيلها أرتوينا ومن خيرات ارضها تغذينا . علينا دين وواجب ان نكون أوفياء لبلادنا ومرقد أجدادنا وجداتنا القديسين والقديسات ، فبلادنا حتى وان جارت علينا فهى عزيزة ، نعمل على رقيها وازدهارها وحريتها وسلامها ونسعى لتنعم بلادنا بالحرية والديمقراطية والأمن والأمان . ونصلى من كل قلوبنا ان يشعر كل واحد وواحدة منا بانسانيته وأحترامه فيها . انى عندما ارى كيف تهتم الدول الغربية باطفالها وشبابها ونسائها وشيوخها ويتمتع فيها كل أحد بالرعاية الصحة والأجتماعية والنفسية والأحترام اتحسر حزناً على مصر الحضارة ومعلمة العالم وفجر الضمير عندما ارى الاهمال يدب فى ارجائها وسوء التعليم والنظافة والرعاية الصحة وعدم تقدير المواطن وانسانيته فيها . واننا نصلى وعلينا ان نعمل جميعا فى ظل الدعوة لنظام جديد يستيقظ فيه الضمير ويبعث في مصر الامل والاحترام والمساواة والديمقراطية من جديد ، حفظ الله مصر أمنا لتبقى بلد الخير والرخاء وليمتع الله كل مواطن فيها بالسلام والأمان والمستقبل المزدهر .



ياسامع الدعاء



نضرع اليك من أجل أمهاتنا وابائنا لتهبهم الحكمة والنعمة والقوة والصحة. طالبين الرحمة والسعادة لمن رحلوا عنا من أحباء ذاكرين لهم أتعابهم ومحبتهم .



نصلى من أجل أمنا الكنيسة طالبين لها السلام والقوة لتظل أمنا نرضع منها الإيمان منذ الصغر ، نعمل معاً من أجل ان يتقدس كل عضو فى الكنيسة ونشارك فى صلواتها وكل أنشطتها فالكنيسة تحتضننا وتهبنا الرعاية منذ الولادة من الماء والروح وحتى تنقلنا للأحضان الإلهية قديسين وقديسات .



نصلى من أجل بلادنا مصر وسلامها واستقرارها والامن والامان لكل مواطنيها لتصل الى ما نصبوا اليه من رقى وديمقراطية وتقدم . نطلب ونصلى طالبين من أمنا العذراء القديسة مريم ان تشفع من أجل أمهاتنا وكنيستنا ومصرنا بل وسلام ومستقبل الشرق الاوسط والعالم كله .

.









20‏/03‏/2011

- تهنئه بمناسبة عيد الام


نهنئ جميع الامهات " بعيد الام"
ونقول لهم
كل عام وانتن بخير 
والله يعطيكوا الصحه وتضلوا فوق رؤوسنا 
فمهما قلنا من كلمات ومهما فعلنا في سبيل التعبير عن حبنا لامهاتنا فهذا قليل 
نسأل الله ان يحفظ جميع الامهات  , ويعطيهم الصحه , السعاده والهناء 
وعقبال لكل سنه يا رب  





- الابن الضال والرجوع إلى الله | للأب القمص أفرايم الأورشليمى




 



رحلة البحث عن السعادة

يقدم لنا الربّ يسوع المسيح في مثل الابن الضال ، رحلة البشرية في بحثها عن السعادة بعيداُ عن الله ، وهي رحلة بعض منا للبحث عن المتعة أَو اللذة بعيداً عن قيود الأهل وبعيداً عن الله ، بل هى رحلة الهروب من الله إلى بئر شهوات العالم ومتعتهُ المتعبة للنفس . هكذا يظن البعض أن الله ووصاياه تقف عائقا أمام سعادتنا ، مع أن الله كأب سماوي بِهِ نحيا ونتحرك ونوجد ،هو الذي يهبنا الإمكانيات والمواهب والغنى ، ونحن في جهل نبحث عن العطيّة ، وننسى الرب المُعطي ونبحث عن السعادة والغنى والحرية بعيداً عن الله ، فماذا قال الربّ في هذا المثل الذي يعلن لنا حنان الله الآب :

" إنسان كان له ابنان ... فقال أصغرهما لأبيه يا أبي أعطني القسم الذي يصيبني من المال . فقسم لهما معيشتهُ . وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شيء وسافر إلى كوره بعيدة وهناك بذَّر مالهُ بعيش مسرف . فلما انفق كل شيء حدث جوع شديد في تلك الكوره فابتدأ يحتاج فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكوره فأرسله إلى حقله ليرعى الخنازير وكان يشتهي أن يملا بطنه من الخروب الذي كانت الخنازير تأكله فلم يعطهِ لهُ . لو 15 : 11 - 16

إننا في رحلة البحث عن سعادة وهمية نأخذ عطايا الله لنبذرها بعيش مسرف في كورة الخطية ، ولنصير لها عبيدًا مذلولين نجوع إلى طعام الخنازير والنجاسة فلا نجدها . نبحث عن الغنى فنجد نفوسنا وقد فقدت كل ما نملك ، ونحتاج للشبع والارتواء بالمحبة فلا نجد غير البؤس والشقاء ونشتهي طعام الخنازير النجس غير المشبع فلا يعطى لنا ، ونظل قلقين غير سعداء ، فالشرير يهرب ولا مطارد .

إننا في رحلتنا في البحث عن السعادة خارج بيت الله لن نجد شبعاً ، لا في مال أو جمال زائل أو في منصب أو في شهوة يعقبها الندم والألم ، أو في علم كاذب وحكمة أرضية شيطانية . لن نجد الشبع في كورة الخطية ، ولا الحرية في أرض العبودية ، ولا السعادة في سراب العالم الكاذب . أن الميراث الحقيقي والسمائي ينتظر أبناء الله الذين لهم في القناعة كنز ، وفي محبة الله يجدون الكرامة والعز، وفي الجلوس تحت أقدام الصليب السعادة والشَّبع والميراث والوعود الصادقة .

أن الذات هي الصنم الذي يجب ان لا نتعبّد له في أنانية بعيداً عن الله . إن نفسي صورة الله الفريدة فلنعطها لله ونبذلها من اجل محبته ، فنحيا فيه ونوجد معه وننمو في معرفته ، والله الأمين إذ نخصص ذواتنا لخدمته ومحبته ، يُنمِّي مواهبنا ويضاعف وزناتنا ويقودنا في موكب نصرته ويهبنا السعادة الحقيقية . فالنفرح به ويفرح بنا ويكون نصيبنا السماوي " فنفتخر باسم قدسه وتفرح قلوب الذين يلتمسون الرب " أخ 16:16 .

رجع الي نفسه

عندما تجوع أنفسنا بعيداً عن الله ، فحسن لنا أن نرجع اليه لنقف وقفة جادّة مع أنفسنا نحاسبها على خطاياها ، ونعاتبها على ضلالها أو حتى نعاقبها لننجو من العقاب الأبدي ونتخذ القرار السليم كما فعل الابن الضال كما جاء عنه في الإنجيل : " فرجع إلى نفسه وقال كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا اهلك جوعاً . أقوم واذهب إلى أبي وأقول يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً بعد أن ادعى لك ابناً . اجعلني كأحد أجرائك " لو 15 : 17 – 19 .

إنَّ الخطية تبدِّد كل ما نملك من مواهب ووزنات وتذهب بسعادتنا وتفقدنا مجد البنوّة لله وتورثنا القلق والمرض والضياع والعوز . لقد أخطأ الابن الضال عندما طالب بالميراث في حياة أبيه وهو متمتع بخيراته . و سعى كما يفعل الكثيرون منا الى الحياة بعيداً عن الله ، ليحيا بلا ضابط في حياة اللذة والخطية ، ليصير عبداً محتاجا لا يجد شبعاً بل تعاسة وجوعًا . لكن ربما

دارت هذه الأفكار فى ذهن هذا الابن الضال كما تدور فى أذهان البعض منا : هل لا يزال الأب السماوي يحبني ويفتح أحضانه لاستقبالي للعودة إليه ؟ . وكانت الأجابة هى نعم أن الله يحبني ويحب الخطاة ويعلن مسرته برجوعهم متغاضيا عن أزمنة الجهل. إن هروبي من الله لن يسعدني وأين اهرب منك يا رب وأنت تملا كل مكان ؟ . لقد تقوقعت حول ذاتي وأنانيتي فلم أجد إلا الشقاء. فحرّرني يا رب من أنانيتي لألتقي بك بعيداً عن فلسفات كاذبة وحكمة أرضية لا تقود إلا إلى الجوع والضياع. ربّي إني جوعان لمحبتك ، فغناي هو في حياة الفضيلة وعطشي إلى ينبوع محبتك وعمل روحك القدّوس داخلي فأنت الكنز والعريس المفرح للنفس البشرية .

ربي إنني إن أحببت أن أجد نفسي بعيداً عنك ، فاني اهلك فها أنا أتوق للرجوع إليك يا رب لتقبلني إليك معطياً لي التشجيع للعودة والتوبة والاعتراف كي أحيا في بيتك كابن حقيقي لأب صالح وأنت يا رب تسمح لى بالضيقة حتى أعود إليك شاعراً باحتياجي ، وأنت لم ترفض احدًا بل قبلت إليك أصحاب الساعة الحادية عشرة ، وأعطيتهم تماما الأجرة عينها التي أعطيتها للذين عملوا طوال اليوم والحياة . فاعنِّي يا الله إله خلاصي من اجل مجد اسمك. وأعلن محبتك المحررة والغافرة فيبتهج الكل بخلاصك ورحمتك .

التوبة تفرِّح قلبك يا أبي السماوي كاب حقيقي تسعى في طلب الضال ، وتُفرح الملائكة الذين يعملون على خلاصنا فيفرحون بتوبتنا ويقدمون ثمار أيماننا إليك . وتفُرح القديسين في السماء الذين يشفعون فينا ويكملون بنا وتفرح الكنيسة العاملة على خلاصنا ونبتهج نحن برحمتك ونقدم لَك الشكر والسجود يا من ذبحت واشتريتنا وجعلتنا ملوكًا وكهنة وشعبًا مقدسًا لله أبيك .

نعم يا رب ما زلت اذكر محبتك لي ، وعنايتك بي ، وحريتي فيك واشتياقي إليك وحنانك عليّ وأرنو إلى أحضانك . أرى نفسي بعيداً عنك عريانًا مُدنَّس بالخطية كأبرص نجس يبتعد عنه الناس ، وارى نفسي مليئة بالأحزان وادري انك غير راضٍ عن حياتي في الخطية ، ومع هذا تحبني وأنا خاطئ وبذلت ذاتك لتحريري من الخطية والشر ، وتحبني أن ارجع إليك لكي أتوب وارثي للخطاة وضعفهم عالماً بمرارة قيود الخطية . ارجع إليك وبين حنان نعمتك الغزيرة اعترف بالضعف والجهل والجوع فاعمل معي لأقوم وارجع إليك في ندم وإقرار بحاجتي إليك . ولا اطمع يا رب إلا في رحمتك لأني خاطئ ولست مستحقًا آن ادعى لك ابناً فاقبلني كأجير لديك فقط أريد أن أحيا في بيتك وفي كنَف محبتك .

الحياة المقامة والرجوع

" فقام وجاء إلى أبيه ، وإذ كان لم يزل بعيداً فراه أبوه فتحنَّن ووقع على عنقه وقبله فقال له الابن يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً أن ادعى لك ابناً . فقال الأب لعبيده اخرجوا الحلّة الأولى والبسوه واجعلوا خَاتماً في يده وحذاءً في رجليه وقدموا العجل المسمن واذبحوه . فنأكل ونفرح . لان ابني هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد ، فابتدءوا يفرحون " لو 15 : 20 – 24 .

لا تنام وقت العمل ولا ترضخ للقيود والمسيح المقام يدعوك لتقوم معه في جِدّة الحياة ناظراً إلى فوق حيث المسيح جالس. تحرر من أنانيتك لتشعر بمحبة أبيك السماوي ، الذي يهبك الحكمة، ولتتخذ القرار الصائب بالعودة إلى أحضان الآب الذي يهبك القوة للرجوع ، لأنه بدونه لا تقدر أن تفعل شيئًا وبه تؤهل للتبني والنعمة والحرية والحياة الأبدية .

أعترف إليك يا رب ،إني أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً ان ادعى لك ابناً ، وها أنا اقرّ بخطاياي وحاجتي إليك وعزمي إلى البقاء في أحضانك والتصميم على عدم العودة للخطية، فمن يعترف بخطاياه ويقرّ بها يرحم ومن يكتمها لا ينجح . حقا يا رب في البعد عنك فقدت فرحي وسلامي ومستقبلي . اعترف لك وللكنيسة باني خاطئ ، فاسرع وأعنّي وفي محبتي للعودة إليك اقبلني ابناً لك تلبسني حُلّة البرّ والرحمة وبجسدك ودمك طهرني وقوّني وثبتني فيك .



نعم يا رب أنت تسرع للقائي وتنزع عني حزني ، وبقبلاتك وقبولك تسرع فرحاً باحتضاني ورجوعي إليك محرراً إياي من نير عبودية الخطية . نعم لقد خرجت يا سيدي يسوع من علياء سمائك من اجل خلاصي رافعاً عقوبة خطاياي بموتك عني وما زال صليب حبّك يعلن إن ذراعيك ما زالتا مفتوحتين لاستقبال الراجعين إليك بقلوبهم لتغيير حياتهم وتسترهم بثوب برّك وتصالحهم مع الآب السماوي . ان السلوك في جدّة الحياة المقامة مع المسيح يجدد فكرنا ، ويقدِّس حواسنا وينقّي عواطفنا ويطهّر قلوبنا ويشبع أرواحنا ويجعلنا نجاهد بالصبر ونحن مرنمين لله .





مجد التوبة

أنت يا رب تعود فتحيينا ، فيفرح بك شعبك مز 8 : 6 نعم يا رب أنت الأب الحنون الذي تفرح برجوعي إليك وتعطي للتائبين جمالاً عوض الرماد ودهنًا فرحًا عوض النوح ورداء تسبيح عوض الروح اليائسة ليكونوا كأشجار البر وغرس الرب للتمجيد. حقاً يا رب أنت تعطي للتوبة أهمية في حياتنا وهي بدء رسالتك لنا " توبوا وآمنوا بالإنجيل " وكما قلت يا رب ان السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين لا يحتاجون إلى التوبة .



الله يفرح بعودة الخاطئ إليه " يا ابني كن حكيماً يفرح قلبي أنا أيضا " أم 23 : 15 أن الله يسعى في طلب الضالّ ويسترد المطرود ويعصب الجريح ويجبر الكسير ، أنه يركض لاستقبال الابن الضال ليعيد له ثوب الحكمة والبر ويأتمنه على الميراث الأبوي والإيمان الحي ليحتذي بالاستعداد للبشارة المفرحة بالإنجيل بعيداً عن أدناس الطريق الواسع لحياة الخطية.



التوبة تهب الإنسان سلام النفس الضائع وسلامته النفسية المفقودة، فكم من الأمراض الجسدية والنفسية ترجع أسبابها إلى الخطية وتأثيرها المدمِّر للنفس والجسد والروح ، لهذا نرى الرب يسوع المسيح عندما شفى المخلَّع قال له : لا تعود للخطيئة لئلا يصير لك أشرّ . فالتوبة تشفي النفس والجسد وتفرح القلب بالقبول الإلهي .



التوبة تكشف لنا ما في قلب الآب السماوي من محبة وقبول ، فانا لست عبدا أو أجيرا حتى رغم بعدي عن الله ، فالآب السماوي دعانا أبناء وأخصاء له ، وهو لا يقبل لنا أن نكون عبيداً للخطية أو أجراء في بيته . أننا بحريتنا نتركه ونصير عبيداً للخطية والشيطان ، ورغم هذا تظل محبة الله تنتظر رجوعنا إليه ليعيد لنا مجد البنوة وفرح الخلاص " لأنه يقول في وقت مقبول سمعتك وفي يوم خلاص أعنتك . هوذا ألان وقت مقبول هوذا ألان يوم خلاص " 2 كو 6 : 2 . فلا تؤجلي يا نفسي توبتك حتى الغد فمن يضمن حياتك للغد لأنه بينما تقولين إني في سلام وأمان يفاجئك الموت بغتة .



لقد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع عنا أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور ونصلي لله أن يحرر ربُطنا وقيودنا لنتمتع بقوة القيامة وسلامها وفرحها وأمجادها ونُفرَّح السماء بملائكتها وقديسيها .

إن الله الكلمة الابن القدّوس تجسّد من اجل خلاصنا ، وُصلب ومات من اجل فدائنا وتبريرنا وقام في مجد ليغلب لنا الشيطان والخطية والموت . ووهبنا التناول من الأسرار الإلهية لنأخذ منه طهارة وغفراناً وحياة أبدية ، فأيّ مجد هذا الذي أعطى للإنسان وما أعظم محبة الله المدخَّرة للخطاة .



ليكن لك محبة لخلاص الخطاة

احترس يا أخي أن تماثل الابن الأكبر الذي تذمر على الآب لأنه قبل أخيه الأصغر بفرح ، وذبح فرحا به العجل المسمن. وكما أدان الفرّيسيين المعلم الصالح لأنه يحب الخطاة ويأكل معهم . وهكذا لاموه عندما دخل يبيت في بيت زكّا العشار غير عالمين إن لطف الله إنما يقودنا للتوبة والبنوة لله .







لقد جاء المُخلِّص ليطلب ويخلِّص ما قد هلك ، ولأن الأصحاء لا يحتاجون إلى طبيب بل المرضى ، جاء الرب لا ليدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة . ليكن لك المحبة الإلهية والقلب المتضع الذي يفرح بعودة كل احد إلى الأحضان الأبوية ...



الابن الأكبر في قصة الابن الضال لم يرد أن يدخل بيت الأب لان ابيه كان فرحاً بعودة ابنه من الكوره البعيدة ، ولولا محبة أبيه له وخروجه إليه ليقنعه ويشفي عجرفته وكبرياء قلبه ويداوي حسده وتذمره لكان قد هلك ، انه مثل يونان النبي الذي اغتاظ من أجل توبة أهل نينوى وعدم هلاك المدينة حتى تفاهم الله معه وأقنعه بشفقته ، فأحذر أن توجد في بيت أبيك وأنت لا تعرف إرادته وتعمل في حقله متطلعاً إلى المكافأة الأرضية لتفرح فقط مع أهل العالم ، ناسياً الميراث السمائي .



نعم إن الإدانة والحسد من العوائق التي تحرمنا من التمتع بالفرح ألسمائي وتجعلنا لا نشعر بإخوتنا فلا نفرح لفرحهم ولا نحسّ بجوعهم الروحي . إن الحسد والإدانة يجعلان النفس تظلم وتجاهد في كآبة ، وتدين حتى الله على أعماله الخلاصية .

إننا نحتاج لحنان الله الذي يؤكد لنا تمتعنا بأبوته وبميراثه ألسمائي ، ولكي ما نعرف إرادته في خلاص الجميع لنحيا معه حياة الحب والبذل ، ونسعى لرجوع الخطاة بدون انانية أو تقوقع على الذات .



الله غني في المجد ، سخي في العطاء ، لا حدّ لمحبته وشفقته ، جاء ليصالح ويوِّحد الجميع فيه يهوداً وأمما ، كباراً وصغاراً رجالا ونساء . مصالحاً لمن يقبلونه غير حاسباً لهم خطاياهم وملكوته وأبوته تتسع للجميع .

أرجع اليك

أرجع إليك يا الهي و خلاصي فتفرح بي الملائكة في السماء . لقد ظننت البعد عنك سعادة فوجدتـــــــه ضــــيــاع وشـــــقاء ، وحسبت ان لى فى العالم فرح و غنى فوجدت العالم بعيداً عنك حزن وبلاء وبــدلاً مـــن مـــجـــد القداســــــة بعيداً عنك جـــــوع وعــــنـــــــاء . أرجع إليك يا الـــهي حتى لو أجير وبـــك مــن قوات الظلمــة أستجير فارحمنــــــــــي يــــــا مخلص العالم وافتــــــح لــــي الأحضـــان الأبوية وأرنــــــــي نعمتــــــــك الأزلـــية والــبــسنــي الحـــــلـل الـبــــــهية وقـــودنــــي بالتــوبة لحياة أبدية .

18‏/03‏/2011

- تأملات في عيد الصليب المجيد | للأب القمص أفرايم الاورشليمى








{ ولكننا فى هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذى أحبنا }

المسيحية والصليب

المسيحية والصليب هما أمران متلازمان ، وصنوان لا يفترقان .. فأينما وحينما يرى الصليب مرفوعا أو معلقا ، يدرك المرء أنه أمام مؤسسة مسيحية أو مؤمنين مسيحيين .. ولا عجب فالصليب هو شعار المسيحية ، بل هو قلبها وعمقها واعلان لعظمة محبة الله للبشر .

فلقد تأسست المسيحية على أساس محبة الله المعلنة لنا بالفداء على الصليب ، وعندما نتكلم عن قوة الصليب لا نقصد قطعتى الخشب أو المعدن المتعامدتين ، بل نقصد الرب يسوع الذى علق ومات على الصليب عن حياة البشر جميعا ، والخلاص الذى أتمه ، وما صحبه من بركات مجانية ، نعم بها البشر قديما ، وما زالوا ينعمون ، وحتى نهاية الدهر ...والفكرة الشائعة عن الصليب أنه رمز للضيق والألم والمشقة والأحتمال .. لكن للصليب وجهين : وجه يعبر عن الفرح ، ووجه يعبر عن الألم . ونقصد بالأول ما يتصل بقوة قيامة المسيح ونصرته .. ونقصد بالثانى مواجهة الإنسان للضيقات والمشقات .. ويلزم المؤمن فى حياته أن يعيش الوجهين ،بالنسبة للمؤمن المسيحى ، فإن الصليب بهذه المفاهيم ، هو حياته وقوته وفضيلته ونصرته .. عليه يبنى إيمانه ، وبقوة من صلب عليه يتشدد وسط الضيقات وما أكثرها .. هذا ماقصده القديس بولس الرسول بقولـه : " ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع ، الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب ، مستهينا بالخزى .. فتفكروا فى الذى احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا فى نفوسكم " ( عب 12 : 2 ، 3 ) .

ملايين المؤمنين فى انحاء العالم عبر الأجيال حملوا الصليب بحب وفرح ، وأكملوا مسيرة طريق الجلجثة ، فاستحقوا أفراح القيامة ... هذا بينما عثر البعض فى الصليب ، وآخرون رفضوا حمله ، فألقوه عنهم . ولم يكن مسلك هؤلاء الرافضين سوى موتا إيمانيا وروحيا لهم " نحن نكرز بالمسيح مصلوبا ، لليهود عثرة ولليونانيين جهالة . وأما للمدعوين يهودا ويونانيين ، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله " ( 1 كو 1 : 23 ، 24 ) .

كيف حملت الكنيسة الصليب .. هناك مفاهيم كثيرة يمكن أن تدخل تحت عنوان " الكنيسة والصليب " الصليب لا يصف حقبة من حياة الكنيسة مضت وانتهت ، انه هو حاضر الكنيسة وحياتها ومستقبلها المعاصر لقد حملت الكنيسة الصليب واحتضنته وبه انتصرت على كل قوى الشر التى واجهتها وهذا هو نداء الرب يسوع المسيح للكنيسة بان تتبعه فتحمل صليبها كل يوم . ان الكنيسة تشهد للمصلوب والصليب وسط عالم وضع فى الشرير . عاشت الكنيسة ومؤمنيها كحملان بين ذئاب ففى إرسالية السبعين رسولا التدريبية ، حينما أرسلهم الرب يسوع أثنين أثنين أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا أن يأتى ، قال لهم " اذهبوا ، ها أنا أرسلكم مثل حملان بين ذئاب " ( لوقا 10 : 3 ) .والحملان صورة للمؤمنين بالمسيح فى وداعتهم وبساطتهم .. أما الذئاب فرمز لأهل العالم فى غدرهم وشرهم .. طبيعة الكنيسة كما أسسها المسيح وكما يريدها دائما . إن الحمل صورة للرب يسوع الذى قيل عنه إنه لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته ..صورة للمسيح الوديع الذى دعانا أن نتعلم منه الوداعة وتواضع القلب فنجد راحة لنفوسنا .. المسيح حمل الله الذى بلا عيب يدعو كل من يتبعونه أن يكونوا حملانا . هكذا يقدمهم للعالم . والعجيب ، أنه فى النهاية – كما يقول القديس أغسطينوس – حولت الحملان الذئاب وجعلت منهم حملانا ويعنى أغسطينوس بذلك الشعوب الوثنية التى آمنت بالمسيح وتغيرت طبيعتها بفضل هذه الحملان .

متجردة من المقتنيات " لا تقتنوا ذهبا ولا فضةولا نحاسا فى مناطقكم ، ولا مزودا للطريق ولا ثوبين ولا عصا " ( متى 10 : 9 ، 10 ) .." لا تحملوا شيئا للطريق " ( لوقا 9 : 3 ) ... هذا ما أوصى به السيد المسيح رسله وتلاميذه حينما أرسلهم فى إرساليات تدريبية .. لقد جردهم من كل شىء : من المال والطعام والثياب وحتى العصا التى يدافع بها عن نفسه فى الطريق الموحشة .. لقد جردهم من كل شىء ليكون هو لهم كل شىء . لا تحملوا شيئا للطريق : لأنه هو نفسه الطريق .. المسيح للنفس المؤمنة هو كل شىء .. هو غناها فمن التصق به وافتقر إلى شىء ؟ .. وهو غذاء النفس ، وكساؤها .. ألم يوصينا بولس الرسول أن نلبس الرب يسوع المسيح ( رو 13 : 14 ) .

مشابهة لصورة ابن الله .. يصف القديس بولس الرسول أولئك الذين يحبون الله المدعوين حسب قصده أنهم " مشابهين صورة إبنه ليكون هو بكرا بين إخوة كثيرين " ( رومية 8 : 29 ) . .. وأحد أوجه الشبه مع ابن الله هو الألم ... يتنبأ إشعياء النبى عن السيد المسيح فيقول عنه أنه " رجل أوجاع ومختبر الحزن " ( إش 53 : 3 ) ... هذه صفة أصيلة فى المسيح المخلص . فلقد تجسد ابن الله من أجل فداء البشر ، والفداء استلزم الألم والصليب . وإن كان المسيح قد تألم ، فليس التلميذ أفضل من معلمه ، ولا العبد أفضل من سيده ( متى 10 : 24 ) .

الصليب فى حياة المسيح : إن كان إشعياء النبى قد تنبأ عن المسيح أنه رجل أوجاع ومختبر الحزن ( إش 53 : 3 ) ، فإن هذه الآلام والأحزان لم تبدأ فى جثسيمانى ، بل بدأت منذ ولادته بالجسد ...لقد ولد الطفل يسوع وهو يحتضن الصليب ، وظل يحتضنه فى حب ويحمله حتى علق عليه عند الجلجثة .. ونحن وإن كنا نجهل معظم حياة الرب يسوع بالجسد حتى بدأ خدمته الكرازية فى سن الثلاثين ، لكننا نستطيع أن نتبين ملامح الصليب ونراها من خلال بعض المواقف . نرى الصليب فى مولده ، حينما ولد فى مذود للبهائم إذ لم يكن ليوسف ومريم موضع ( لو 2 : 7 ) ... نراه فى مذبحة أطفال بيت لحم ( متى 2 : 16 ، 17 ) ... وفى الهرب إلى مصر طفلا والتغرب بين ربوعها حتى مات هيرودس الملك الطاغية الذى كان يطلب نفس الصبى ليقتله ( متى 2 : 14 ، 20 ) . ويلخص بطرس الرسول مسلك المسيح واحتماله الآلام بقولـه " لأنكم لهذا دعيتم ، فإن المسيح أيضا تألم لأجلنا ، تاركا لنا مثالا لكى تتبعوا خطواته .. الذى لم يفعل خطية ولا وجد فى فمه مكر " (1 بطر 2 : 21 ، 22 ) .. قال رب المجد يسوع " إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى " ( متى 16 : 24 ) . وإن كان المسيح قد دعانا أن ننكر ذواتنا ، فلقد أنكر هو نفسه وأخفى لاهوته فى بعض المواقف ...

فلقد أنكر نفسه حاملا الصليب حينما تقدم إلى يوحنا المعمدان كأحد الخطاة ليعتمد منه ( متى 3 : 13 ، لوقا 3 : 21 ) .. وأنكر نفسه فى تجربة إبليس له ( متى 4 : 1 – 10 ) ... وحينما قدم عظته على الجبل أفتتحها بتطويب المساكين بالروح والحزانى فى العالم ( متى 5 : 3، 4 ) ..كان المسيح يحتضن الصليب حينما شتم ولم يكن يشتم عوضا ، ولا يهدد ، بل كان يسلم لمن يقضى بعدل (1 بط 2 : 23 ) وحين أنكر اليهود بنوته لأبيه السماوى . ( يو 6 : 42 ) .وحين وجه اليهود إليه أقذع شتائمهم أنه سامرى وبه شيطان ( يو 8 : 48 ) ، وأنه لا يخرج الشياطين إلا بقوة بعلزبول رئيس الشياطين ( متى 12 : 24 ) ...وحينما أتهمه الفريسيون والكتبة أنه ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت ( يو 9 : 16 ، 5 : 18 ) ...وفى غيرها كثير جدا كان المسيح يحتضن الصليب .

أما عن حتمية حمل كل مؤمن للصليب فقال :" من لا يأخذ صليبه ويتبعنى فلا يستحقنى . من وجد حياته يضيعها . ومن أضاع حياته من أجلى يجدها " ( متى 10 : 38 ، 39 ) .." إن أراد أحد أن يأتى ورائى ، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى ، فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ، ومن يهلك نفسه من أجلى يجدها " ( متى 16 : 24 ، 25 ، لوقا 9 : 23 ، 24 ) ..." من لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذا " ( لو 14 : 27 ) . كمبدأ عام فى حياة المؤمنين قال المسيح " اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق " ( لو 13 : 24 ) ... " لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك ، وكثيرون هم الذين يدخلون منه . ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذى يؤدى إلى الحياة ، وقليلون هم الذين يجدونه " ( متى 7 : 13 : 14 ) ..أما عن تعليمه بخصوص الضيقات فقد قال :" فى العالم سيكون لكم ضيق ، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم " ( يو 16 : 33 ) تأتى ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله . وسيفعلون هذا بكم لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفونى . لكنى قد كلمتكم بهذا حتى إذا جاءت الساعة تذكرون أنى أنا قلته لكم " ( يو 16 : 2 – 4 ) . " وسوف تسلمون من الوالدين والأخوة والأقرباء والأصدقاء ويقتلون منكم . وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمى . ولكن شعرة من رؤوسكم لا تهلك . بصبركم اقتنوا أنفسكم " ( لو 21 : 16 – 19 ) . لكن لمن يحملون الصليب الوعد بالنصرة على الشيطان والعالم والتعزية والسلام الداخلى والدخول الى ملكوت السموات .

تحت ظلال الصليب

ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه خلاصنا من الموت بقوة التجسد والفداء على الصليب ، نشكرك على محبتك وخلاصك ونؤمن بابوتك وحنانك وفدائك المعلن لنا من خلال سر التجسد العجيب. ونعترف بقوة صليبك المعلنه لخلاصنا فيه وبه .

ان كلمة الصليب عثرة للبعض وجهالة للبعض الأخر ، يرفضها الجهلاء غير عالمين عظمة المحبة المعلنه فى الصليب ان يموت البار من أجل خلاص الأثمة معلنا حبه للبشرية مريداً ان يحتضنها ويقدمنا قربانا لله ابيه . نعم بالصليب نؤمن وبالمصلوب ننادى وبه نهزم قوى الشر والشيطان والعالم . وبايماننا بالفداء سنصل للقيام من الخطية والضعف والحزن والفشل لنصل الى قوة القيامة .

انت يا سيدى تعلن على الصليب تواضعك ومحبتك وفدائك ، تعلمنا كيف يبذل الحب نفسه من أجل أحبائه ، وكيف ننتصر على الذات والشهوات والشيطان فاعطانا يا سيد القوة لنقول للمسئين الينا { يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون } علمنى يارب ان أجاهد ضد الخطية وان أحمل صليبك بشجاعة وفرح لنصل الى ملكوتك السماوى ويستعلن لنا قوة الصليب والفداء.



- أهدافنا فى الحياة | للأب القمص أفرايم الأورشليمى





معنى وقيمة لحياتك

- ونحن نسير فى برية هذا العالم لابد ان يكون لحياتنا أهداف نسعى لتحقيقها والوصول اليها والإ تصبح حياتنا بلا قيمة ولا معنى ، ونعانى مشاعر الأحباط والقلق والحزن ، ونسير فى الحياة من كريشة فى مهب الريح حائرة لا تستقر على حال من القلق ، ان الكثيرين ممن نقابلهم يحتاجون للمساعدة فى أكتشاف المعنى والقيمة من حياتهم ، اننا فى المسيح يسوع مخلوقين لاعمال صالحة سبق الله فاعدها لنسلك فيها ، ولهذا قال القديس بولس الرسول { أسعى نحو الغرض لأجعل جعالة دعوة الله العليا} (فيلبي3: 14) اننا لابد ان نعرف لماذا نوجد وما هى رسالتنا فى الحياة وماذا يحدث بعد الأنتقال الى السماء .

- كثير من سكان هذا كوكبنا لهم أهداف مادية متعددة والكل يبحث عن السعادة وتحقيق الذات سوا في جمع المال او نيل الرغبات او الوصول الي سلطة اومنصب وكلها اهداف مرحلية ستنتهي حتي بعد حين بانتهاء حياتنا علي الارض . والمؤمن الحكيم يجعل الأولوية لتحقيق الأهداف الروحية، على مثال القديسين الحكماء والعارفين بالهدف السليم والروحي والاول في حياتنا وهو ان نحب الله من كل القلب والفكر والنفس ونربط انفسنا بالله ، فعشرتنا مع الله تنمو وتذداد الي ان نصل الي السماء حيث نوجد معة كل حين ونفرح بوجودنا معة الي الابد ومع محبتنا لله يجب علينا ان ننمو فى محبة الإخرين ونحب أنفسنا أيضا محبة سليمة تقودها الى الخلاص والنمو والوصول الى الإبدية السعيدة .

- لقد اوجد الانسان الكثير من الوسائل التى تساعده للوصول الى أهدافه ، والحاجة أم الإختراع كما يقولون ، فمن أجل الوصول من مكان الى أخر أوجد كل وسائل الانتقال من الباخرة الى القطار ثم السيارة وحتى الطائرة ومن أجل سهولة الاتصال والتواصل أكتشف التلغراف والتليفون والمحمول والنت وكل وسائل الاعلام ، وهكذا أوجدنا كل الأختراعات من أجل تحقيق اهداف سامية والتى قد ينحرف بها الانسان عن هدفها الاصلى الى أهداف باطله او حتى سيئة، ولهذا يجب علينا ان نتسأل ما هو الهدف من وجودنا وهل أنحرفنا عن هذا الهدف لنصحح طرقنا ونعدل من درجة أنحراف البوصلة لنصل الى بر الأمان والأيمان .

الأنسان ورسالته السامية ...

- جاء السيد المسيح له المجد ،كلمة الله المتجسد ، لكى يتمم خلاصنا ويعلن لنا محبة الأب السماوى ويقترب لنا بالمحبة والتواضع لنقترب الية ونتعلم منه { فقال لهم يسوع ايضا سلام لكم كما ارسلني الاب ارسلكم انا } (يو 20 : 21) نعم { انكم رسالة المسيح مخدومة منا مكتوبة لا بحبر بل بروح الله الحي لا في الواح حجرية بل في الواح قلب لحمية} (2كو 3 : 3). ولاننا غرباء على الارض ووطننا الحقيقى هو السماء فنحن سفراء لله وللسماء على الارض { اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله} (2كو 5 : 20) . والسفير توفده بلده ليمثلها فى البلد المضيف ويحمل قيمها ولغتها ويعمل على أعلاء مبادئها وتمثيلها التمثيل اللائق والمشرف ، فهل نحن كذلك ؟

ملح الارض ونور العالم ...

يلخص السيد المسيح له المجد رسالة المسيحى على الارض فى العظة على الجبل بقوله { انتم ملح الارض و لكن ان فسد الملح فبماذا يملح لا يصلح بعد لشيء الا لان يطرح خارجا و يداس من الناس. انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل. و لا يوقدون سراجا و يضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة و يمجدوا اباكم الذي في السماوات} مت 13:5-16.

نعم الملح يعطى مذاقة للطعام ونحن نعطى مذاقة روحية لمجتمعنا والملح رخيص الثمن والمسيحى يجب ان يكون متواضعا وهو ضرورة فى مجتمعه رغم تواضعه والملح يحفظ الطعام من الفساد وهكذا المسيحى الحق يحفظ مجتمعه من الفساد ويبكته على خطاياه ، وهكذا راينا الله يرحم العالم لوجود قلة صالحة فيه ولكن لنحترس لأنفسنا لئلا نفسد ونطرح خارجاً ونداس من الناس.

اننا نكون نورا للعالم عندما نقترب من النور الحقيقى ، شمس برنا ونكون حباً للأخرين عندما نثبت فى محبة الله ونعلن محبته لكل أحد والنور ضرورى للسائرين فى ظلمة هذا العالم يعطى قدوة ويهدى الضالين لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق { كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الايمان في الطهارة }(1تي 4 : 12). علينا ان نثمر ثمراً صالحا نبنى به أنفسنا ومجتمعنا واقربائنا وأنفسنا .ولكل منا وزنات معطاه له وقدرات وطاقات يجب ان يتاجر بها ويربح ليقدم ثمر الروح والإيمان العامل بالمحبة .



ليكون لحياتنا معنى ...

- علينا اذا على المستوى الشخصى ان ننمى أنفسنا وان نتعلم كيف نكون سفراء صالحين للسماء نعلن محبة الله للبشرية الخاطئة وان نكون نوراً فى العالم وملحاً يعطى مذاقة وسعادة لمن حوله فكل منا يمكنه ان يكون محباً للإخرين فالمحبة لا تسقط أبداً ، علينا ان نسعى للنجاح ونجاهد بامانة لكى نؤدى عملنا باخلاص وننمو فى النعمة والقامة والحكمة وان نسعى فى أثر السلام والصلح والفضيلة مما يعطى لحياتنا هدف ومعنى ، علينا ان نحافظ على حياتنا ومن حولنا وان نمد يد العون للمحتاج ونشجع صغار النفوس و هكذا سنكون سعداء ونجد من يقدرنا ويسعى لخيرنا ويكون لحياتنا معنى وقيمة .
- كما ان تبنينا لقضايا أسرتنا وكنيستنا ومجتمعنا وأوطاننا والسعى الى تحقيقها وتبنى قيم الحرية والمساواة والديمقراطية ومساعدة الفقراء والمحتاجين واى أهداف سامية فى الحياة تجعل للحياة هدف نناضل للوصول اليه مع بقاء الهدف الروحى الثابت ان نفعل مرضاة الله ووصاياه يهبنا سلاما وفرحاً داخلياً يشعرنا باهميتنا داخل نطاق الاسرة والكنيسة والمجتمع .

- كان هدف دانيال وأصحابة أن يعيشوا – مع الله – رغم فساد البيئة الوثنية في القصر البابلي (دا1: 8).وكذلك مارست أستير الصوم في القصر، حتى تدخل الله فى الأمور وانقذها الله وشعبها من ظلم الاشرار. وقال القديس بولس الرسول لكنيسة فيلبي:{"ليس أني قد نلت (الهدف) أو صرت كاملاً، ولكني أسعى لعلي أدرك ... وإنني أفعل شيئاً واحداً إذ أنا انسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام. أسعى نحو الغرض}(في3: 13-14). وهذا هو المثال الجيد لكل مؤمن. ووضع القديس أرسانيوس هدفه الروحي أمامه، وقال: "تأمل يا أرسانيوس فيما خرجت من أجله" (خلاص نفسه). وأعلن البشير لوقا أن الرب يسوع "ثبت وجهه إلى أورشليم" (نحو الصليب) (لو9: 51)، أي لتحقيق هدف مجيئة الأساسي للعالم.

- الشيطان دائماً يوجه نظر الإنسان إلى الإنشغال الدائم بمحبة الذات والشهوات، وأمور العالم التي تعوقه عن السير في طريق خلاصه فهو يلهينا باي شي الا أمر خلاصنا وحياتنا الابدية الانسان يتلهي وينشغل بامور كثيرة ولكن الحاجة الي واحد . لقد صار هدف الكثيرين الآن هو البحث عن لذة الطعام والشراب، ولذة الحواس، وجمع المال او المناصب ولا يفكرون في أهم هدف، وهو كيفية الإستعداد لمغادرة هذا العالم الفاني. ويقول قداسة البابا شنودة: "إن كان هدفك هو الله فسينحصر كل اهتمامك بالله وملكوته و كنيسته و انجيله و خدمة أولاده .... إلخ، ومسكين من ينحرف عن هدف خلاص نفسه، ويستمع لضلال الشيطان وحيله.

- فلنحاسب أنفسنا ونسأل أنفسنا ما هو هدفي من حياتي؟ وهل أسير في طريق تحقيق الهدف الأسمى وهو "ربح ملكوت الله" أم ربح الأرضيات فقط، أم نفعل هذه ولا نترك تلك . لنبحث فى حياة العظماء ورجال الله القديسين الذين كانت لهم أهداف روحية عظيمة، وصبروا حتى تحققت رغم ما لاقوه من صعاب وتجارب من أجل تحقيق هدفهم مثل يوسف الصديق و دانيال النبى والقديس الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا والقديسين والشهداء والمعترفين فما اصعب أن نركز هدفنا على أمور عالمية زائلة وباطلة وفانية، لا توصلنا إلى السعادة الأبدية، ولا حتى إلى الراحة الوقتية في الدنيا.

نحتاج ان نتعلم من الله ..

تعبنا في الطريق بدونك ايها الاب الحاني والصديق . نبحث عن السعادة ولا نجدها ، نبحث عن الحب فنجده سراب . نرجو ان نكون شيئاً فلا نجد الا التعب وعدم التقدير . لاننا نبحث عن السعادة بعيداً عنك، لاننا نبحث عن الامتلاك من دونك، لاننا نبحث عن الحب في عالم ملئ بالشهوات.

ربي علمنا ان نبحث عنك فنجدك . علمنا ان نحبك فانت قريب منا ، داخلي وانا ابحث عنك بعيداً بعيد. دعني اكتشفك داخلي ايها الحب المطلق فاجد الكنز السماوي. لتكن انت هدفي واكون سفيرك علي الارض . لاحيا لا انا بل انت تحيا في . أمين

12‏/03‏/2011

- التجارب والأنتصار | للأب القمص أفرايم الاورشليمى


أنتصار المسيح على الشيطان ..

دخل الرب يسوع المسيح التجربة على الجبل لحسابنا ومن اجلنا حتى ما يعلمنا ويكون لنا مثالاً حياً للنصرة والخلاص من قوى الشر . فاننا كابناء لله معرضون للحرب مع قوات الظلمة لا سيما كلما أقتربت نهاية الأيام لان أبليس يذيد حربه عالما ان له زماناً يسيراً بعد ، ولكن مخلصنا الصالح الذى تألم مجرباً يستطيع ان يعين المجربين . عب 17:2-18 .

ان الله يريد بالتجارب ان يعلمنا ويدربنا ، ولكى نبرهن على طاعتنا الكاملة لله ، وحتى ما نستمر متواضعين فلا ننتفخ ونتكبر . التجارب والأنتصار فيها دليل محبتنا لله وبها توهب لنا الأكاليل السمائيه ، وقد تكون التجارب تأديب لنا ولتنقيتنا وصلاحنا وتعلن مجد الله من خلالنا .
لا تخافوا اذا يا أحبائى لان التجارب هى المجال المناسب لتجلى المسيا المصلوب فى حياتنا ، وأثبتوا فى الايمان حتى تنتصروا وتأتى لكم الملائكة لتخدمكم وتسحق الشيطان ونكتشف قوة الله ويعلن ملكوته بكم وتكتشفوا ضعف الشيطان وانهزامه امام قوة الله وتأخذوا بركات لا توازيها سنوات طويله من الراحة والسلامه فالبحر الهادى لا يصنع رباناً ماهراً .

تجارب وضيقات الحياة ..

نحن نحيا فى القرن الواحد والعشرين الذى يتسم بانه عصر التكنولوجيا والنت والدش والتطور التقنى وفى ذات الوقت هو عصر يتسم بالتغيرات المتسارعه والحروب والاضطرابات المتلاحقة وصراع الافكار والاديان والحضارات ، كما ان عصرنا هو عصر المادية وسيطرة الميديا والنزعة الأستهلاكية بما تتركه فى النفوس من صراعات ورغبات داخل المجتمع والبيت والنفس البشرية . اننا من الصباح حتى ساعات النوم محاصرون بسيل جارف من المعلومات والأخبار والاتصالات المقلقة والمغرضة والتواصل البناء أو الهدام وترافقنا صراعات المصالح والافكار والاهداف ووسط هذا كله علينا ان نبحر بسفينة حياتنا دون ان تغرق او يصيبها ضرر أو تتراجع أو تتوقف بل علينا ان نعبر تجارب الحياة وضيقاتها وعثراتها وننتصر ونصل الى بر الأمان .
أنواع من التجارب ..


ونحن نعبر تجارب الحياة بانواعها يجب ان نعلم جيداً اننا لسنا وحيدين فى الحرب او متروكين بل لنا قائد ومعين ، دخل بوتقة التجارب من أجلنا وأنتصر ليعلمنا طرق الأنتصار وهو هو أمس واليوم والى الأبد فيما هو تألم مجرباً يستطيع ان يعين المجربين ، لقد جاءت التجربة على الجبل(مت1:4-11) ،(مر12:1،13)، (لو1:4-15) كعينة من التجارب التى اجتازها ربنا يسوع المسيح لكن المجرب كان يعاود التجارب حتى على الصليب كان الشيطان يتجرأ ويحارب ولكن النصرة كانت وستبقى أكيدة للأنتصار بالمسيح يسوع ربنا مادمنا نقاوم الشيطان راسخين فى الإيمان

تجربة الخبز والشبع ...

صام الرب يسوع على جبل التجربة عقب العماد ولكى ما يبدأ خدمته الجهارية بالانتصار على أبليس .صام اربعين يوماً واربعين ليلة بسر عجيب ولما جاع أخيراً تقدم له المجرب قائلاً { ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا} (مت3:4) لكن رد السيد المسيح كان رافضاً مشورته الشيطان { فاجاب و قال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} (مت4:4 ).انه نفس الحرب التى يستخدمها معنا الشيطان فيشككنا فى أبوتة الله لنا ويقول ان كنتم ابناء الله فلماذا هذه الضيقات والاضطهادات ؟ ولماذا الأمراض والاحتياج للضروريات ؟ ويوجهنا الى الأساليب الشيطانية لأشباع رغباتنا بل يلح علينا على صفحات النت وفى الاعلانات بسيل من الرغبات غير المشبعة . ونحن اذ نسير وراء قائد نصرتنا نعلم ان النفس الشبعانة بالله تدوس عسل وشهوات العالم ..ان كان المخلص لم يستخدم قدرته الإلهية فى اشباع حاجة الجسد ليعلمنا أهمية العمل من أجل ان نأكل خبزنا بعرق الجبين ، وان لا نطيع الشيطان فى مشوراته ونثق فى ابوة الله الراعى الصالح والذى يهتم بخلاصنا وابديتنا حتى لو تمحصنا بالتجارب والضيقات التى بها نتنقى. اننا لابد ان نشبع بكلمة الله التى هى روح وحياة ونهتم بملكوت الله وبره وكل الامور المادية سوف تعطى لنا وتذاد . 

ان الصوم والصلاة وكلمة الله المقدسة من أهم الأسلحة الروحية الى ينتصر بها المؤمن فى حروبه الروحية ، كما ان البطن سيدة الأوجاع والذى يشبع شرهه بالاطعمة يستحيل عليه ان يتحرر من الاثم ويشبه من يريد أخماد النار بصب المزيد من الوقود عليها. لقد طرد ابوانا أدم وحواء من الفردوس بسبب طاعة الشيطان فى شهوة الأكل . وهكذا كانت خطية سدوم الكبرياء والشبع ووفرة الترف . أما الذى يسير حياته فى زهد وأكتفاء فلابد ان يصل الى الحياة المطوبة على الارض وفى السماء .



تجربة المجد الباطل ..

لقد أعتمد المخلص الصالح فى الأنتصار على الشيطان على الكلمة الالهية { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الانسان} (تث 8 : 3) وها هو الشيطان يستخدم كلام الكتاب للحرب لكن يستخدمه بطريقة مضللة ويجزئها :

يقول المزمور { لانك قلت انت يا رب ملجاي جعلت العلي مسكنك.لا يلاقيك شر و لا تدنو ضربة من خيمتك. لانه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك. على الايدي يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك. على الاسد و الصل تطا الشبل و الثعبان تدوس} مز9:91-14) فالكتاب هنا يعلمنا ان نتكل على الله ونجعله ملجأنا وهو يحفظنا ويرعانا بملائكته لكن الشيطان يقول للمخلص الصالح ان كنت ابن الله القى بنفسك أمام الناس من أعلى جناح الهيكل مستعرضاً بالكبرياء والأفتخار والمجد الباطل أمكانياتك وسلطانك ، وهنا نرى الرب يعلمنا ان لا نجرب الرب الهنا ، إبليس يقنع ربنا باستخدام حقه كابن لله بطريقة فيها تهور، وبطريقة خاطئة وفيها تجربة للآب ولكن محبة الآب لنا لا تحتاج لإثبات بهذه الأساليب فهو يحفظنا في كل طرقنا الصالحة، ولا داعي أن نضعه موضع الامتحان.

ان كان إبليس قد حارب السيد المسيح في المدينة المقدسة وعلى جناح الهيكل أي في الأماكن المقدسة، فهو يحاربنا ايضا حتى فى أوقات الصلاة وفى بيت الله ويشككنا فى عناية وحماية الله لنا ولكن نحن نعلم ان مخلصنا ورغم انه صانع العجائب والمعجزات وقت الحاجة الإ انه أختار طريق الصليب وبه أنتصر وخرج غالباً ولكى يغلب معنا وبنا فى الصليب .فلنثبت اذاً فى الأيمان ونصرخ مستنجدين بالصليب وقوة المصلوب عليه ونثق انه قادر ان يقودنا فى موكب نصرته . قد تكون حرب الشيطان لنا ذهنية فقط أي هو يغرينا بالمجد الباطل وصنع المعجزات الذى لايخلص أما المسيح فيعلمنا ان نختار معه طريق الصليب.

نحن بالإحتمال وطول الأناة والصبر نرث المواعيد .ان الله يحفظنا من التجارب التي نتعرض لها وليس التي نصنعها بانفسنا حتى نجرب محبته الله. وعلينا أن نثق في محبة الله دون طلب إثبات.

الطريق السهل وشهوة العيون

ان الشيطان واعوانه لا يكلوا عن محاربتنا واغوائنا بملاذ الدنيا الباطلة وأتباع طرقهم { أعطيك هذه جميعها ان خررت وسجدت لى ..قال له يسوع أذهب عنى يا شيطان لانه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد } مت 8:4-10. ان الشيطان يقدم لنا الطريق السهل لتحقيق اهداف تظهر لنا ناجحه ويعدنا بالسلطه والمال والمقتنيات والمناصب والعالم وشهواته . وحتى للذين تركوا الله وعبدوا الشيطان وقواته سخر بهم وخسروا أبديتهم والله دون ان يعطيهم الا السراب والقلق والضياع .

نحن نتبع الله بكل قلوبنا فهو الهنا وخالقنا وراعينا ومعيننا فى تجاربنا ولا نتفاوض مع الشيطان فماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ؟

انها تجربة كل يوم للمؤمنين، أن يدخلوا من الباب الواسع لذلك ينبهنا الكتاب "لا تحبوا العالم ولا الاشياء التى فى العالم لان العالم يمضى وشهوته معه " . أبليس يغوي المؤمنين بعالم فانٍ زائل لا يملكه ولا يعطيه وان أعطى بالغش والرياء فانه يفقد الإنسان سلامه وراحته وابديته

نحن لا ندخل فى المساومات الشيطانيه ولا نشترك فى أعمال الظلمة غير المثمرة ولا فى المجادلات الغبية بل ننتهر الشيطان وأفكاره الشريرة منذ البداية ولا نتفاوض مع الفكر الشرير لئلا يلوث فكرنا . اذ نهرب من الفساد الذى فى العالم ومن شهواته وندرب انفسنا على طاعة الله ونبنى انفسنا على أيماننا الاقدس وكلمة الله القادرة على هدم حصون الشر ونستأسر كل فكر الى طاعة المسيح لنجد عونا من اله السماء الذى يسحق الشيطان تحت ارجلنا سريعاً .

أعنى فى تجاربى...

ربى والهى وسط أمواج بحر العالم واغراءات الشيطان وهياج وزئير الاسود الملتمسة ان تبتلعنا نصرخ اليك انت يا قائد نصرتنا ومعيننا فى تجاربنا ومبدد سهام أبليس المتقده ناراً.

انت هو، هو أمس واليوم والى الابد قادر ان تنتصر بنا وفينا من أجل مجد اسمك القدوس

هوذا الحرب لك مع عماليق من دور الى دور ونحن اعيننا نحوك ..انت تعلمنا الحرب وتعطينا أسلحته الانتصار القادرة على هدم حصون الشر،

انت يارب كنت مع ابائنا القديسين وحفظتهم ونصرتهم على مقاوميهم ومضطهديهم وبددت ظلام الوثنية بالأيمان وانارت للجلوس فى الظلمة وظلال الموت بمعرفتك ومحبتك فهل قصرت يديك أم عجزت يمينك يارب المتمجدة بالقوة .

لا تدع موت الخطية ولا حيل أبليس تقوى علينا ولا على كل شعبك المؤمن ، كن ناصراً لنا فى الحروب والشدائد ، ومعيناً لنا فى الضيقات ، ومعزياً لنا فى الاحزان ، وترساً وحصناً لنا فى الضعف والخوف .

اجعلنا نحتمى بك عندما يهيج علينا العدو ، وأشبعنا بمحبتك وأحط بنا برعايتك وقودنا فى موكب نصرتك لتفرح قلوبنا باسمك القدوس وبك على كل قوى الشر ننتصر ونصل الى الملكوت السماوى .