27‏/02‏/2012

† الأم وصناعة العظماء - للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى



الام هى مدرسة الفضيلة وصانعة المستقبل والرجال العظماء، فهل تعى امهاتنا دورهن؟ وهل هناك شئ يوفيها حقها الذى تقوم به ؟. من بين الامهات العظيمات عبر التاريخ القديم
 يوكابد أم موسى النبى ... التى ربته صغيراً كمرضعة  فى بيت بنت فرعون وارضعته لبن الإيمان وعندما كبر آبى ان يدعى ابنا لابنه فرعون مفضلاً ان يذل مع شعبه من ان يكون له تمتع وقتى بالخطية فصار محرراً عظيماً لشعبه من عبودية فرعون وهى التى انجبت هارون رئيس الكهنة ومريم النبية.
 والقديسة مونيكا ... اما القديسة مونيكا أم القديس أغسطينوس فهى التى كانت وراء عودة ابنها الى الإيمان وان يصير قديسا وعندما رأى القديس امبرسيوس اسقف ميلانو دموعها على ابنها الضال قال لها : ثقى بان ابن هذه الدموع لن يهلك!. وعاد اغسطينوس واصبح قديس ومات بين ذراعى أمه وقد استرحت بعودته الى أحضان السيد المسيح وتوبته وكتب لنا اعترافاته مبينا فضل أمه عليه.
أم المهاتما غاندى.. كانت بعد صلاة الصباح تتقدم الى كل واحد من ابنائها وتقبل جبهته وتلقنه ان يردد طيلة النهار بينه وبين نفسه هذه الكلمات " انا حرٌ! انا شجاع ! ساقول الحقيقة دائما! هكذا يا ابنائى تتعلمون السيطرة على ذواتكم" ان الافكار التى غرستها فى غاندى النحيف الزاهد جعلته محرر الهند العظيم .
أما مارى أديسون .. مدرسة القراءة والادب ام توماس اديسون فهى الذى جعلت منه مخترعا عظيما. ولد توماس اديسون في ميلان في ولاية أوهايو بامريكا في عام 1847. قام مدرسه بطرده من المدرسة لأن تصرفاته كانت غريبة في صغره بالنسبة للآخرين وجنونيه، لكنها بالنسبة له كانت مغامرات جريئه وحماسيه. وليس بغريب ان ينظر له على انه مغفل أو مجنون، فلقد قام ذات يوم في طفولته باجراء تجاربه على صديقه مايكل الذي لم يكن يقل له لا ابدا. كان يريد ان يكتشف طريقه للطيران وهو يسأل نفسه باستمرار، كيف يطير الطير وانا لا اطير؟. لابد ان هناك طريقه لذلك، فأتى بصديقه مايكل واشربه نوع من الغازات يجعله اخف من الهواء حتى يتمكن من الارتفاع كالبالون تماما وامتلأ جوف مايكل من مركب الغازات الذي اعده اديسون الصغير، مما جعله يعاني من آلام حاده ويصرخ بحده، حتى جاء اب توماس وضربه بشده ورمى قواريره واغلق قبو المنزل الذى يعمل فيه اديسون على تنفيذ أفكاره الغريبة.
 كان اديسون كثير الاسئلة وخاصه غير المعقول منها، بينما لا يميل إلى الاجابة عن الاسئلة الدراسيه. وقد ضجر منه أحد مدرسيه  وقال المدرس لأديسون: انت فتى فاسد وليس مؤهلا للاستمرار في المدرسه بعد الآن. ثم قاموا بطرده من المدرسة ،  تألمت الام عند سماعها هذا الخبر وقالت للمدرس كل المشكله ان ابني اذكى منك وسترى من يكون توماس فى المستقبل!
عادت الام بتوماس للمنزل وبدأت بتثقيفه وتشجيعه.  فساعدته على مطالعة تاريخ اليونان والرومان وقاموس العلوم. وعند سن 11 سنه درس الكتاب المقدس والتاريخ الانجليزى ونيوتن ورويات شكسبير وقصة حياة العالم الايطالى جاليلو ومن مراحل تعلمه في الصغر كان أبوه كان يمنحه مبلغ صغير من المال مقابل كل كتاب يقرأه، حتى قرأ توماس كل الكتب التي تضمها مكتبة المدينة. ومن احب المؤلفين لديه الكاتب الفرنسي فيكتور هيغو صاحب رواية البؤساء الشهيره. ومن كثرة حبه لقصصه كان يكثر من قرائتها لصبيان القريه حتى لقبوه فيكتور هيغو اديسون. عندما توفت أمه فى 1871م. حزن توماس وصدم فى وفاتها وظل بقية حياته عندما يتحدث عنها تمتلئ عيناه بالدموع
بلغ عدد مخترعاته حوالي 1093 اختراع ومنها  المصباح المتوهج الكهربائي والة عرض الصور وغيرها. عمل مبكرا موظف لإرسال البرقيات في محطة للسكك الحديدية مما ساعده عمله هذا لاختراع أول آلة تلغرافية ترسل آلياً، وأسس مختبره في عام 1876م،  أخترع الة التلغراف وارسال البرقيات ثم الكرامفون وبعدها بسنتين قام اختراعه العظيم المصباح الكهربائي. كان لاختراع المصباح الكهربائي قصة مؤثرة في حياة أديسون، ففي أحد الأيام مرضت والدته مرضا شديدا، وقد استلزم الأمر إجراء عملية جراحية لها، إلا أن الطبيب لم يتمكن من إجراء العملية نظراً لعدم وجود الضوء الكافي، واضطر للانتظار للصباح لكي يجري العملية لها، ومن هنا تولد الإصرار عند أديسون لكي  يضئ الليل بضوء مبهر. انكب اديسون على التجارب حتى خاض 99 تجربة فاشلة حتى نجح فى المرة المائة . كان الدافع وراء هذا العظيم تلك الام العظيمة. وها نحن مدينون لتوماس وأمه بالمصباح الذى يضئ عتمة ليالينا ونقدم الشكر لتوماس وامه .
قال توماس اديسون عن امه: لقد اكتشفت مبكرا في حياتي ان الام هي اطيب كائن على الإطلاق، لقد دافعت امي عني بقوه عندما وصفني استاذي بالفاسد، وفي تلك اللحظه عزمت ان اكون جديرا بثقتها، كانت شديدة الاخلاص واثقة بي كل الثقه. ولولا ايمانها بي لما أصبحت مخترعا ابدا. أن أمي هي التي صنعتني،لأنها كانت تحترمني وتثق في.  أشعرتني أنى أهم شخص في الوجود.  فأصبح وجودي ضروريا من اجلها وعاهدت نفسي أن لا اخذلها كما لم تخذلني قط. انه تحدى نضعه أمام كل أم  وأب والتحدى ؟.
 ماذا نريد ان يكون ابنائنا وبناتنا فى الغد ؟ وهل يخرج من ابنائكم توماس اديسون تانى وثالث ورابع؟!. اولادنا صنيعة ايدينا بعد الله الفخارى الأعظيم 
ان اردنا جيل من  العظماء ، فيجب ان نوجد لهم البئية السوية ونشجعهم على النجاح والابتكار، فان اردنا ان نجنى العسل لا يجب ان نحطم خلية النحل.  فان قلت لى منذ متى نحرص على تربية ابنائنا قلت لك ذلك يبداء من تربية أهلك لك ونموك السليم منذ الطفولة . الطفل يشعر بمعاناة أمه وهو فى الرحم ويتأثر بمزاجها العام وما تحب من أكل وشرب وموسيقى، الطفل يعى ما يراه ويسمعه منذ الشهور الاول ، الطفل يدرك ما يجرى حوله ويخزنه فى عقله الباطن . فلا تجنوا على اطفالكم وتقتلوا فيهم الطفولة البرئية بظنكم انهم أطفال لايفهمون .
ابنائنا وبناتنا هم أمانة فى اعناقنا وهم شباب المستقبل وبناته . فلنحرص على نموهم السليم بتنمية انفسنا فى محبة الله وفى جو الاسرة المتفاهمة والمحبة حتى نعد جيل من الشباب الناجح لا من المجرمين والفاشلين. الاطفال يرون ويسمعون ويتعذبون أكثر مما تتصورون .. فكونوا امناء على ابنائكم فيما تقولون او تفعلون امامهم ومعهم  وكما قال الكتاب {شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تانوا على الجميع} (1تس 5 : 14).

† المال خادم جيد أم معبود قاسى ؟ - للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى



المال معبود العصر ..
 معبود قاسى لا يرحم ... فى عصر المادية والقيم الأستهلاكية والسعى وراء الشهوات نجد الكثيرين قد نصبوا المال الهاً يسعون الى الحصول عليه وجمعه ، وحجتهم انه يمكنهم من شراء الكثير وتحقيق الرغبات والسفر الى حيث يرغبون، حتى اننا نجد  البعض يبيع الدين بالدنيا فى سبيل جمع المال ومع ذلك لا يشبعون، ولا حتى حين يفشلون فى الحصول على السعادة ! فان ذلك لا يثنيهم عن رغباتهم المرضية فى الرغبة فى الأمتلاك دون وازع أو ضمير . ان المال أصبح معبود العصر القاسى الذى لا يرحم ورغم ذلك يتعبد فى محرابه الكثيرين وان كانوا لا يدرون ولكن يعرف ذلك بمدى انشغالهم بالحصول عليه ومدى تفكيرهم به وجمعهم له . المال لا يكتفى بحرمان عبٌاده من سعادة الحياة بل يعرضهم لفقدان الحياة الابدية والحرمان من الحياة مع الله . المال يصير الها عند محبيه يسعون لجمعه بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة حتى وان خسروا مبادئهم وابديتهم .
قد يعطي المال الانسان ان يسافر الى حيث يشاء لكن ليس الى السماء ، يجعله يحوز على معظم الأشياء لكن ليس على السعادة، فلا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل، ولاميراث كالعلم والادب، ولا ثروة مثل الاخلاق ولا كنز كالحكمة ولا غنى يعادل غنى النفس بالله . ولهذا كان السيد المسيح صريحا وواضحا فى انه لا يستطيع الانسان ان يخدم سيدين ، فاما ان نختار الله ربا وسيدا ويكون المال خادما ووسيله واما العكس يكون المال سيدا والها ويختفى الله من حياتنا من اجل ذلك قال السيد الرب { لا يقدر احد ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد ويحب الاخر او يلازم الواحد ويحتقر الاخر لا تقدرون ان تخدموا الله والمال} (مت 6 : 24)
عدم يقينية الغنى .. يتكل البعض على أموالهم وغناهم ولكن لا يدرون ان المال زائل ومتقلب، اليوم تعطي الدنيا باليد الشمال لتاخذ باليمنى ، وهل يرد المال صحة او يهدى راحة البال ؟ ان كان المال يجعل محبيه يفقدون صوابهم متى خسروا، بل هناك من يفقد حياته فى خسارته، لان الهه قد ضاع من اجل هذا راينا  الانجيل يوصى الاغنياء ان لا يتكلوا على غير يقيقنية الغنى بل على الله الحى { اوص الاغنياء في الدهر الحاضر ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع} (1تي 6 : 17). هناك من يشتهون النوم ولا يجدون الراحة ويفقدون طعم الحياة فى سعيهم للحصول على المال وبحصولهم عليه يجدون أنفسهم قد تبددت صحتهم وكثرت أمراضهم، بل وقد يخسروا أعزء الاصدقاء وقد تنهار الاسر من اجل سعى احد اطرافها وراء مصالحه الخاصة وامواله دون مراعاة لمشاعر أقرب الناس اليه! فهل هذا يحسب نجاح؟ وماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟  قد يلتف حول محبى المال من على شاكلتهم من المنتفعين وذوى المصالح دون ان يجد اصدقاء مخلصين ؟. لقد باع يهوذا الاسخريوطى سيده المسيح وسلمه الى رؤساء الكهنة بثلاثين من الفضة رغم كل الخير الذى قدمه له معلمه لان محبة المال تعمى القلب وتشل التفكير السليم، هكذا تعمى محبة المال الكثيرين فى كل زمان ويتخلوا عن إيمانهم ومبادئهم مقابل المال وبريقة، ومع ان ليس كل ما يلمع ذهب وحتى الذهب يأتى عليه الوقت ويذهب ولا يستطيع ان ينفع صاحبه .

المال خادم جيد ..
المال عطية ووزنه .. ان المال هو عطية ووزنة قد نؤتمن عليها من الله كما الهبات الاخرى التى يهبها لنا الله ويجب ان نكون أمناء عليها.  ويجب ان نحصل عليه ونستخدمة وننفقه بحكمة وامانة ويكون وسيلة صالحة وخادم جيد فى صنع الخير لنا ولمن حولنا ولاسيما  المحتاجين، يجب ان نجمعه بطرق سليمة ونستثمره فيما هو صالح ونجعل منه خادم جيد فى صنع الخير .
لقد وجدنا فى رجال الله القديسين اغنياء كثيرين كان المال لديهم وسيلة وليس غاية ، كان ابراهيم ابو الاباء غنياً جدا ومع هذا كان كريما مضيافا وعفيف النفس رفض فى  عزة نفس ان ياخذ لنفسه من غنيمة الحرب شئ { وقال ملك سدوم لابرام اعطني النفوس واما الاملاك فخذها لنفسك. فقال ابرام لملك سدوم رفعت يدي الى الرب الاله العلي مالك السماء والارض. لا اخذن لا خيطا ولا شراك نعل ولا من كل ما هو لك فلا تقول انا اغنيت ابرام} تك 21:14-23. من اجل هذا ظهر له الرب وقال له انه حمايته وغناه { بعد هذه الامور صار كلام الرب الى ابرام في الرؤيا قائلا لا تخف يا ابرام انا ترس لك اجرك كثير جدا} تك 1:15. وهكذا كان المعلم ابراهيم الجوهرى غنيا جدا ويتصدق بكرم على الفقراء والكنائس والاديرة . ان مركز المال كخادم جيد يظهر لنا فى حياة الرسل حيث { وكان لجمهور الذين امنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن احد يقول ان شيئا من امواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركا. وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم. اذ لم يكن فيهم احد محتاجا لان كل الذين كانوا اصحاب حقول او بيوت كانوا يبيعونها وياتون باثمان المبيعات. ويضعونها عند ارجل الرسل فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج} أع 32:4-35.

الأحتراس من الطمع ومحبة المال .. علينا اذاً ان نحترس من محبة المال أومن الاتكال على المال دون الله ولهذا راينا السيد المسيح يقدم لنا مثال الغنى الغبى لنتعلم ونتعظ { وقال لهم انظروا وتحفظوا من الطمع فانه متى كان لاحد كثير فليست حياته من امواله. وضرب لهم مثلا قائلا انسان غني اخصبت كورته. ففكر في نفسه قائلا ماذا اعمل لان ليس لي موضع اجمع فيه اثماري. وقال اعمل هذا اهدم مخازني وابني اعظم واجمع هناك جميع غلاتي و خيراتي. واقول لنفسي يا نفس لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة استريحي وكلي واشربي وافرحي. فقال له الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي اعددتها لمن تكون. هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنيا لله} لو 15:12-21. هكذا من يتكل على غناه ويجعله له سيدا يسقط { من يتكل على غناه يسقط} ام 28:11. لهذا نجد الرب يحزر لا من المال بل من الاتكال عليه { فاجاب يسوع ايضا وقال لهم يا بني ما اعسر دخول المتكلين على الاموال الى ملكوت الله }(مر 10 : 2). فان شهوة الغنى تقود للسقوط فى تجربة وفخ شهوات كثيره { واما الذين يريدون ان يكونوا اغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك (1تي 6 : 9).

كنوز فى السماء...  لهذا يوصى الكتاب الاغنياء ان يتكلوا على الله لا على الغنى وان يصنعوا صلاحا وان يكونوا اسخياء فى العطاء وكرماء فى التوزيع ، يستخدمون المال كوزنة صالحة لكى يمسكوا بالحياة الابدية { اوص الاغنياء في الدهر الحاضر ان لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع. وان يصنعوا صلاحا وان يكونوا اغنياء في اعمال صالحة وان يكونوا اسخياء في العطاء كرماء في التوزيع. مدخرين لانفسهم اساسا حسنا للمستقبل لكي يمسكوا بالحياة الابدية} 1تيم 17:6-19. من اجل هذا يوصينا السيد الرب ان نكنز فى السماء ، فى خدمة المحتاجين والفقراء وكاننا نرسله امامنا الى المنازل السماوية { لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا} مت 19:6-21. لان ما نصنعه مع اخوتنا المحتاجين فاننا نصنعه بمسيحنا القدوس { فيجيب الملك ويقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم }(مت 25 : 40).
لا يجب ان نحتقر المال وانما المطلوب منا ان لا نجعل المال سيدا ينافس الله وان لا نكرس له جميع قوانا العقلية والجسدية، بل كوزنة من الله نستخدمة ونستثمره ولا نجعله عائقا بيننا وبين اخوتنا فى انانية مرة أو دون مرعاة لحاجات من حولنا ، كما اننا مطالبون بان لا نجعل من المال هدفا لحياتنا  وان لا نجمعه بالطرق المعوجة او بالمتاجرة فيما يؤذى الاخرين فان كان فى دخلنا لا سمح الله شي ما من سرقه او اجور ظالمة او تزوير او غش في التجارة فعلينا اصلاح امورنا برده لانه لا تغفر الذنوب ما لم يرد المسلوب. لقد حرر السيد المسيح زكا العشار من محبة المال وغيره بعد ان تغير ورجع عن ظلمه للغير { فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم. لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} لو8:19-10. كما كان المال عائق فى دخول الشاب الغنى الى الملكوت ومضى حزينا لانه كان ذو اموال كثيرة وخسر نفسه وماذا يفيد المال حينئذ.

من هو الوكيل الأمين الحكيم ..

المؤمن الحقيقى هو أمين فى حياته وماله واسرته ووزناته يتاجر ويربح بكل مالديه ويصنع له دائما أصدقاء حتى يقبله الله فى المظال الابدية . يجب ان نجعل محبة الله غايتنا والمال وسيلة كغيرة من الوزنات كالوقت والتفكير والمواهب، يكون فى خدمة الله وملكوته وتسيير أمورنا على الارض بما يرضى الله ونفع الانسان وتنمية مواهبه . وطوبى للانسان الذى يستخدم المال فى أطعام الفقراء وعلاج المرضى وايواء الغرباء ولخدمة الايتام والارامل { الديانة الطاهرة النقية عند الله الاب هي هذه افتقاد اليتامى والارامل في ضيقتهم وحفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم }(يع 1 : 27). طوبى لذلك العبد الذى يجده سيده يفعل هكذا فانه يقيمه فى ملكوته ويضاعف له العطاء { فقال له بطرس يا رب النا تقول هذا المثل ام للجميع ايضا. فقال الرب فمن هو الوكيل الامين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم طعامهم في حينه. طوبى لذلك العبد الذي اذا جاء سيده يجده يفعل هكذا. بالحق اقول لكم انه يقيمه على جميع امواله} لو 41:12-44. اننا جميعا مدعوين ان نكون وكلاء حكماء على ما لدينا من عطايا وأموال ومواهب وطوبى لمن يتاجر ويربح لانه سيسمع فى اليوم الاخير الصوت الحلو القائل { نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك }(مت  25 :  21).

† عذراء بورسعيد ومعجزات مستمرة - للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى




أمنا العذراء مريم حنان متدفق
+ معجزة حدثت قبل ما يزيد عن احدى عشرين عامًا وبالتحديد في 20/2/1990، ظهرت القديسة "مريم" العذراء ومعها القديس الأنبا "بيشوي" والقديسة "أليصابات" أم "يوحنا المعمدان"، والقديس "أبانوب"،  للسيدة الفاضلة " سامية يوسف باسيليوس"، وكانت تبيت فى  بيت الاب  القمص "بولا سعد" تمهيدًا للسفر لـ"القاهرة" صباحًا لعمل عملية جراحية لاستئصال ورم سرطاني في الثدي. وقامت العذراء بعمل الجراحة، وتركت علامة صليب رُسم بالدم علي  الصدر، وتركت الورم السرطاني المستأصل، وذلك بعد قصة توبة واعتراف وتناول وحياة صلاة قوية لهذة السيدة الطيبة. ولقد أكَّد الأطباء العديدون صحة المعجزة، قبل وبعد حدوثها. وبعدها شكَّل قداسة البابا "شنودة" لجنة لدراسة المعجزة وما صاحبها من نزول الزيت، أولاً من يد السيدة "سامية"، ثم من صورة "عذراء التجلي" التي كانت في بيتها، ثم تم نقل الصورة  إلي كنيسة العذراء والأنبا بيشوي الكائنة في ميدان المنشية بـ"بورسعيد".  وقد تألفت  اللجنة البابوية من نيافة الأنبا "بيشوي"- مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدس- والأنبا "موسى" أسقف الشباب، والأنبا "تادرس" أسقف مدينة "بورسعيد". وقد أكَّدت اللجنة، بعد أن قامت بفحص التقارير والمقابلات والمشاهدة، صحة المعجزة. وبعد ذلك تم تكريس الأخت "سامية" باسم "أليصابات" حتي تتخصص لخدمة الله والصلاة، بعد أن ظهرت لها العذراء والقديسين الذين قاموا بالمعجزة معها.
+ الامر المعجزى الذي استمر إلي الآن هو نزول الزيت من صورة التجلي الموضوعة في الكنيسة، والذي ينبع من يدي العذراء، وينشع من الزجاج المغلِّف للصورة بصورة إعجازية، ويكثر في ذكري حدوث المعجزة. معجزات كثيرة تحدث من  الزيت للعديد من الاشخاص وبمختلف الامراض . كما  ان الزيت ليس بعادى انه  برائحة طيبة عطرة، وهو زيت شفاف يختلف عن أي أنواع الزيوت. وهو ينساب علي شكل نقط تنضح من يدي وملابس العذراء إلي داخل الكيس الموضوع أسفل الصورة، ويتم تجميعه.  وكما أكَّد جناب الأب القمص "بولا سعد" يتزايد نزول الزيت في يوم 20/2 من كل عام، وهو يوم حدوث المعجزة. ولهذا الزيت العديد من المعجزات سجلها الذين حدثت معهم بواسطته. ومنها حالات شفاء من أورام وأمراض قلب وكبد وكلي وعيون. وقد أكَّد الأباء في الكنيسة حدوث نزول الزيت أثناء الصلوات والقداسات والتماجيد. وأن الكنيسة تشهد الكثير من حالات التوبة والرجوع إلي الله.  وزوَّار الكنيسة يغمرهم الشعور بالراحة والانتعاش الروحي والشفاء الروحي والنفسي والجسدي، وهذا هو الذي تهدف إليه المعجزة؛ تقوية ايمان المؤمنين، وجذب البعيدين، وتوبة الخطاة والرجوع إلي الله. الزيت  يرمز في الكتاب المقدس إلي عمل الروح القدس وثماره في الإنسان، ويرمز إلي التجديد الروحي، وأن أبناء الله  والقديسين كأنوار تضئ في عالم الظلمة. وها العذراء الام الحنون تقول لنا انا معكم وارافقكم بصلواتى وافيض عليكم بالبركة من رب المجد
كرامة القديسة مريم العذراء..
+ القديسة مريم العذراء بطلبتها صنع السيد المسيح أول معجزة في عرس قانا الجليل . وعلي الصليب تسلَّمت الكنيسة من رب المجد العذراء مريم  لتكون أمًا للرسل ، ولهذا فنحن نطوِّب العذراء كأم روحية لنا، وهي التي قالت {لأنه نظر إلى اتضاع أمته، فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوِّبني} (لو  1 :  48).  لقد جاء عن القديسة مريم العذراء  الكثير من الرموز والنبوات فى العهد القديم ولها كرامتها الفريدة فى العهد الجديد فهى والدة الاله الكلمة المتجسد القديسة الشفيعة انها توصينا دائما ان نطيع وصايا الله {قالت امه للخدام مهما قال لكم فافعلوه} (يو 2 : 5). انها المراة التى تنبأ عنها سفر التكوين بان نسلها يسحق راس الحية القديمة ابليس {واضع عداوة بينك و بين المراة و بين نسلك ونسلها هو يسحق راسك} (تك 3 : 15). وهى العذراء الدائمة البتولية { ولكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل} (اش 7 : 14). وهى القديسة التى حل الروح القدس عليها وقدسها وملائها نعمة وبصوت سلامها على اليصابات امتلات اليصابات من الروح القدس  { فقامت مريم في تلك الايام وذهبت بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا . ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات. فلما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلات اليصابات من الروح القدس. وصرخت بصوت عظيم وقالت مباركة انت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي. فهوذا حين صار صوت سلامك في اذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني. فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب } (لو 1 : 39-45). ومن سفر التكوين الى سفر الرؤيا نرى رموز واشارات عن القديسة مريم { وظهرت اية عظيمة في السماء امراة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى راسها اكليل من اثني عشر كوكبا } (رؤ 12 : 1).
+ والعذراء مريم لها كرامتها فى تقليد الكنيسة منذ العصر الرسولى ، فهى الإنسانة الوحيدة التى أنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم بان يتجسد منها الله الكلمة هذا الشرف الذى شرحه الملاك جبرائيل بقوله { الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله}(لو35:1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس "بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً " (أم29:31).  على الصليب عهد بها السيد المسيح الى يوحنا الحبيب { ثم قال للتلميذ هوذا امك و من تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته} (يو 19 : 27) فلو كان لها ابناء أخرين كما يدعى البعض لكانوا اجدر واحق برعايتها !. وما أكثر الالقاب التى اطلقها الاباء على القديسة مريم بما تحمله من مدلولات روحية مستمدة من الكتاب المقدس ، فهى السماء الثانية ، الحمامة الحسنة ، دائمة البتوليه ، شورية هارون ، سلم يعقوب ، الملكة القائمة عن يمين الملك كما جاء فى المزمور {قامت الملكة عن يمينك ايها الملك} مز9:45. ان الكنيسة تلقب العذراء ب "والدة الاله" الامر الذى ثبتته الكنيسة باجمعها فى مجمع افسس 431م كما جاء فى الإنجيل {فمن اين لي هذا ان تاتي ام ربي الي }(لو 1 : 43). ونقول عنها فى التسبحة ان الاب تطلع من السماء فلم يجد من يشبهك ارسل وحيده اتى وتجسد منك . ولقد بنيت اول كنيسة على اسم القديسة مريم فى مدينة فيلبي فى عصر الرسل لاكرام العذراء التى بصلواتها انحلت ابواب السجن الحديدية واخرجت القديس متياس الرسول من السجن .
  فضائل فى حياة العذراء مريم
 + التواضع فى حياة القديسة مريم . ان التواضع صفة محبوبة من الله والناس { لان قدرة الرب عظيمة وبالمتواضعين يمجد} (سيراخ 3 : 21). { يقاوم الله المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة} (يع 4 : 6). والعذراء القديسة مريم رغم ما نالته من حظوة وكرامة لدى الله نراها فى تواضع القديسين تقول { فقالت مريم هوذا انا امة الرب ليكن لي كقولك فمضى من عندها الملاك} لو 38:1 . وبعدما قال لها الملاك عن حبل اليصابات قامت مسرعة لتخدمها وعندما التقيا وامتلات اليصابات من الروح القدس وقالت لها من اين لى هذا انت تأتى ام ربى اليٌ نرى العذراء تعطى المجد لله { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. و تبتهج روحي بالله مخلصي. لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني. لان القدير صنع بي عظائم و اسمه قدوس} لو 46:1-49. احتملت العذراء فى تواضع الكرامة وسوء الظن من البعض فى تواضع عجيب وتسليم كامل لمشيئة الله . منذ طفولتها وحتى نهاية حياتها على الارض فى صمت الاتقياء { واما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها} (لو 2 : 19).
+ الإيمان والصلاة . ظهر ايمان العذراء مريم فى العديد من المواقف فى حياتها ، فلم يحدث لعذراء غير متزوجة قبلها انجاب طفل ولكن كان للعذراء الايمان القوى الذى به اجابت به الملاك ليكن لى كقولك حتى ان اليصابات طوبتها على هذا الإيمان قائلة لها { فطوبى للتي امنت ان يتم ما قيل لها من قبل الرب} (لو 1 : 45). لقد كان ايمانها وعمق صلواتها مبني على علاقتها القوية بالله والكتاب المقدس حتى ان تسبحتها الحلوة عقب زيارتها لاليصابات كانت عبارة عن ايات من العهد القديم. وعند الصليب وقفت العذراء الام تتأمل بايمان تتميم عمل الخلاص وسيف الآلم يجتاز قلبها كما سبق وانبائها سمعان الشيخ عندما كان يسوع المسيح ابن اربعين يوما وكانت تقول ( اما العالم فيفرح بقبوله الخلاص واما احشائى فتلتهب عند نظرى الى صلبوتك الذى انت صابر عليه يا ابنى والهى). وظهر ايمانها فى طاعتها وتسليمها عندما خدمت فى الهيكل وهى طفلة وفى خضوعها عند سن البلوغ وذهابها الى بيت يوسف النجار بامر الشيوخ حيث كانت يتيمة الابوين ، وفى ذهابها الى مصر مع يوسف النجار وفى طاعتها لامر السيد المسيح بان تحيا فى رعاية القديس يوحنا الحبيب .
3 – العذراء وحياة الطهارة .. لقد عاشت العذراء حياة الطهارة والعفة منذ طفولتها فى الهيكل وكما تلقبها الكنيسة بحق العذراء كل حين ، ولتنظروا حتى الى ثيابها المتشحة بها فى كل الظهورات حتى بعد صعودها الى السماء ، مكتسية بحلل البهاء ومتسربلة بثياب من نور رمزا لطهارتها وعفتها . وعندما راي القديس يوسف النجار حبلها واذ كان رجلا بارا واراد ان يخليها سراً فمن أجل اظهار برائتها ظهر له ملاك الرب مدافعا عنها { و لكن فيما هو متفكر في هذه الامور اذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخذ مريم امراتك لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس} (مت 1 : 20). وحسب التقليد الكنسي فان الذى رفع يديه ليعترض جسدها فى الطريق الى القبر فى عدم أحترام لها قطع يديه ملاك الرب مدافعا عن قداستها ولما صرخ نادما أعادها له الرسل بمعجزة . فحرى ببناتنا ان يتخذن من العذراء شفيعة وقدوة فى الطهارة النابعة من محبة الله والتأمل فى كلامه وحفظ وصاياه والعمل بها .
 ونحن نتعلم من فضائل القديسة مريم كام روحيه لنا { اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7). العذراء بمحبتها وحنانها تطلب عنا وقد اختبارنا دالتها وصلواتها المستجابة عنا، ونحن فى الكنيسة القبطية عبر تاريخها الطويل نتمتع بامومة ورعاية وشفاعة امنا القديسة مريم وظهوراتها المتكررة فى مصر على المستوى العام او معجزاتها وظهوراتها على المستوى الفردى تشهد لصحة إيماننا وقوة شفاعتها الدائمة عنا .  فطوبى لكى ايتها الشفيعة المؤتمنة التى خدمت البشرية كلها وعوضا عن مخالفة أمنا حواء للوصية ، أطعتى انت ايتها القديسة مريم وقدمتى كحواء الجديدة والثانية لله شعبا مستعدا من قبل طهارتك ، وكنتِ وستبقي على مدى الاجيال أمنا مكرمة تطوبك جميع الأجيال فانت قدوة للعذارى ومعلمة للفضيلة للجميع وانت أمنا الحنون التي نتلجأ اليها فى ضيقاتنا لترفعى معنا الصلاة وتطلبى عنا من الرب ليغفر لنا خطايانا ويقوى أيماننا ويحفظ كنيستنا رعاة ورعية.

24‏/02‏/2012

† قدسوا صوماً - للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى



الصوم الكبير وأهميته الروحية ..
+ الصوم الكبير هو ربيع السنة الليتروجية، وفيه ينبغى ان نثمر ونتخلص من الصغائر والضعفات ونقدم توبة صادقة ونقتنى الفضائل . وترجع أهمية الصوم الكبير الى انه الصوم الذى صامه ووضع حجر الأساس له السيد المسيح له المجد وأنتصر فيه لحسابنا على الشيطان ليعلمنا الطريق الى النصرة فى الجهاد الروحى الموضوع أمامنا { ثم اصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس. فبعدما صام اربعين نهارا واربعين ليلة جاع اخيرا. فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا. فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} مت 1:4-4. كما ان موسى وايليا من انبياء العهد القديم الذين استحقوا ان يروا مجد الرب ويظهرا مع السيد المسيح على جبل التجلى، كلاهما صام الاربعين يوماً {وتغيرت هيئته قدامهم واضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. واذا موسى و ايليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه} مت 2:17-3. ونحن ان كنا لا نستطيع ان نصوم طوال الاربعين يوم المقدسة بدون طعام او شراب فلابد ان نتعلم ان نزهد فى ملذات الحياة ونمارس الصوم الذى يضبط الجسد والنفس ويقوى الروح. لهذا رتبت الكنيسة لنا الصوم الجماعى الذى فيه نتفرغ حسب أمكانيات كل واحد وواحدة منا للصلاة الصراخ طلبا للرحمة والحكمة والشبع الروحى { قدسوا صوما نادوا باعتكاف اجمعوا الشيوخ جميع سكان الارض الى بيت الرب الهكم واصرخوا الى الرب} (يؤ 1 : 14).
+ الصوم فى معناه العام يعني الامتناع عن الطعام فترة من الزمن يعقبها تناول أطعمة نباتيه خالية من اللحوم ومنتجاتها أما المعنى الروحيّ فيشمل كل انواع ضبط النفس والنسك والامتناع عن الشهوات وخطايا اللسان، الصوم  ليس تحريمًا لانواع معينه محلله للأكل بل البعد عنها لفترة نسكًا وزهدًا وتعففًا من اجل أشباع الروح وضبط النفس وكما قال السيد المسيح  { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} (مت 4 : 4). الصوم جوع الى حياة البر والتقوى والشبع بالروحيات { طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون} (مت 5 : 6). الصائم يضع الشبع بالرب قبل الشبع بالخبز والشرب { اما انا فبالبر انظر وجهك اشبع اذا استيقظت بشبهك }(مز  17 :  15).
+ ان البطن هى سيدة الاوجاع التي متى تم  ضبطها، ينضبط الانسان كله روحاً وفكراً وجسداً . فمن يقدر ان يضبط  نفسه فى الأكل والشرب يستطيع ان يضبط ذاته ويقول لا لشهواته واهوائه وانفعالاته ومالك نفسه خير من مالك مدينة لذلك راينا القديس بولس الرسول يقول { بل اقمع جسدي واستعبده حتى بعدما كرزت للاخرين لا اصير انا نفسي مرفوضا }(1كو 9 : 27). لقد كان كسر الصوم بالأكل من الشجرة المحرمة علة سقوط ابوينا القدماء آدم وحواء ومن يريد ان يرجع الى الفردوس مرة اخرى عليه ان يبدأ بالصوم وضبط النفس وتقوية ارادته وأشباع روحه،  ان معظم الحروب والخصومات على المستوى الفردي والجماعي تبدأ من سعي الانسان لاشباع لذاته وشهواته وسعيه الى التملّك الاناني للاشياء دون النظر الى حاجة اخوته { من اين الحروب والخصومات بينكم اليست من هنا من لذاتكم المحاربة في اعضائكم تشتهون ولستم تمتلكون تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون ان تنالوا تخاصمون وتحاربون ولستم تمتلكون لانكم لا تطلبون. تطلبون ولستم تاخذون لانكم تطلبون رديا لكي تنفقوا في لذاتكم}.(يع 4 : 1-3). من هنا تأتى أهمية الصوم بضبط النفس وزهدها حتى فيما هو محلل لها { ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات }(غل 5 : 24).

الصوم فى الكتاب المقدس وحياة القديسين ..

 + الصوم هو وصية الله منذ القديم لاسيما فى أوقات الضيقات {اعلموا ان الرب يستجيب لصلواتكم ان واظبتم على الصوم والصلوات امام الرب} (يهو 4 : 12). راينا الصوم الجماعي فى قوته فى صوم وتوبة أهل نينوى (يو5:3-10). كما انه هناك اصوام خاصة رايناها  فى حياة كثير من رجال الله القديسين كما صام دانيال والفتية الثلاثة القديسون (دا 9 : 3). وكما صام داود النبى { اذللت بالصوم نفسي } (مز 35 : 13). ولكي يبين لنا السيد المسيح أهمية الصوم فانه بدء خدمته العامة بعد العماد بالاختلاء والصوم مع الصلاة لمدة اربعين يوماً. الصوم يعطينا القدرة على الانتصار على تجارب الشيطان. علمنا السيد الرب ان نطلب ملكوت السموات وبره  وهو يعتنى بالجسد ايضا { اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم} مت 33:4. ان الصوم قوة روحية بها نستطيع ان ننتصر على ابليس وهذا ما أكد عليه السيد المسيح عندما اتوا اليه بشاب عليه ارواح نجسة ولم يستطع التلاميذ ان يخرجوها وشفاه السيد المسيح { ولما دخل بيتا ساله تلاميذه على انفراد لماذا لم نقدر نحن ان نخرجه. فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة و الصوم} مر28:9-29. فالصوم ضرورة روحيًة للانتصار على قوات الشر، عندما كان السيد المسيح مع التلاميذ وساله اليهود { وقالوا له لماذا يصوم تلاميذ يوحنا كثيرا ويقدمون طلبات وكذلك تلاميذ الفريسيين ايضا واما تلاميذك فياكلون ويشربون. فقال لهم اتقدرون ان تجعلوا بني العرس يصومون ما دام العريس معهم.ولكن ستاتي ايام حين يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون في تلك الايام} لو33:5-35. كان وجود المسيح له المجد وجودا للعريس والفرح معهم وعندما صعد الى السماء صام الرسل .
+  اهتم السيد المسيح بعدم مظهرية الصوم بل بروحانيته { ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فانهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صمت فادهن راسك واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائما بل لابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية} مت 16:6-18. فالصوم لكى يكون مقبولا يجب ان يكون ليس للتظاهر بالتقوى بل مقرونا بالتوبة والتواضع والمصالحة مع الغير.
+ لقد اختبر اباؤنا القدّيسون الصوم وفائدته ومارسوه بمحبة وبه سمت ارواحهم وتهذبت نفوسهم وقويت ارواحهم وقالوا فيه الكثير حسب خبرتهم . قال القديس مكسيموس (من غلب الحنجرة فقد غلب كل الأوجاع)، وشيخ حدثته أفكاره من جهة الصوم قائلة (كل اليوم وتنسك غدا فقال لن أفعل ذلك .لكني أصوم اليوم وتتم ارادة الله غدا. الصوم عند الاباء هو صوم الجسد عن الطعام وصوم اللسان عن الكلام البطّال وصوم القلب عن الشهوات يقول مار اسحق (الذى يصوم عن الغذاء ولايصوم قلبه عن الحنق والحقد ولسانه ينطق بالأباطيل فصومه باطل .

 الصوم والنمو الروحى فى الفضيلة

الصوم رياضة روحية .. قل لي بماذا تهتم اقول لك من انت؟ اننا على قدر ما نهتم بارواحنا واشباعها بالله وبمحبته والنمو فى الفضيلة  نصير اناسًا روحيين { اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الابدية الذي يعطيكم ابن الانسان لان هذا الله الاب قد ختمه }(يو 6 : 27). الصوم اذاً ليس هدفاً فى حد ذاته لكنه وسيلة للأهتمام بالروحيات والشبع بكلمة الله . من أجل هذا راينا سليمان الحكيم الذى اعطاه الله حكمة عندما أهمل الروحيات واهتم باشباع شهواته وملذاته سقط وعبد الهة غريبه {ومهما اشتهته عيناى لم أمنعة عنهما }(جا 2: 1). ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه  وعصفت به الشهوات الكثيرة فالصوم يقاوم الاخطاء ويقوى الروح ويضبط النفس ويعطي صحة للجسد .
الصوم وحياة التوبة .. ان الصوم هو الفترة المناسبة للتوبة والتذلل الى الله ، ومع ان التوبة عمل مستمر للانسان الروحي الا ان الصوم فترة للتخلص من الاخطاء لاسيما خطايا اللسان والعادات الضارة،  حيث تقوى الارادة ويكون صوم الفم عن الطعام وانشغاله بعمل ارادة الله دافع للتواضع والتوبة. الصوم  والصلاة قوة جبارة فى مواجهة الضيقات تجعل الله ينظر الى تواضعنا ويرحمنا، هكذا عندما رأى الله كيف صام وتاب وتواضع اهل نينوي غفر لهم خطاياهم ، وفي صوم استير والشعب كله، حينما تعرضوا لمؤامرة هامان(أش 4: 16). كانت استجابة الرب سريعة وعجيبة. كذلك  صام نحميا لما جاءته الأخبار أن { سور أورشليم منهدم، أبوابها محروقة بالنار } (نح 1: 3، 4). ويروى سفرنحميا أيضاً كيف كانت استجابة الرب سريعة وعجيبة. كذلك يروى لنا الكتاب كيف صام عزرا وهو باك، وكيف كان تأثير ذلك في تنقية الشعب وتطهيره. وفى تاريخ الكنيسة راينا كيف ان الصوم نقل جبل المقطم فى القرن العاشر الميلادى، أيام البابا ابرام ابن زرعه.

الصوم والتداريب الروحية .. الصوم فترة مقدسة يكون فيها الجسد خفيفًا مما يساعد على الصلاة والسهر والقراءة فى الكتب الروحية والسجود لله فى مطانيات وركوع طلباً لمراحم الله  { لذلك انا ايضا ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله و الناس} (اع 24 : 16). نحن يجب ان نقرن الصوم بالتداريب الروحية ومنها  الصلاة الدائمة وقراءة الكتاب المقدس والتامل فيه والشبع بكلامه واقتناء الفضائل الروحية كالصمت والهذيذ فى وصايا الله ورفع القلب بالحديث مع الله والصلاة من اجل الآخرين ولاسيما المتضايقين والصلاة من اجل حل المشكلات التى تواجه الكنيسة وأعضاءها.
+ الصوم ونجاح الخدمة .. ان نجاح الخدمة يحتاج لايدٍ مرفوعة بالصلاة كل حين والصوم يرفع من حرارتنا الروحية . ان الرسل فيما هم يصومون ويصلون كان الربّ يعمل معهم ويقود خدمتهم { وفيما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس،افرزوا لى برنابا وشاول العمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادى} أع 13: 2، 3. من اجل هذا قال القديس بولس الرسول { بل في كل شئ نظهر أنفسنا كخدام لله..  في أتعاب في اسهار في أصوام} 2كو 6: 4 ، 5.
+ الصوم والعطاء .. الصائم يشبع بالصلاة ويبرهن على محبة لله بالنسك الجسدي ويعبر عن محبته لاخوته بالعطاء، فالصوم يجعلنا نشعر بآلام الفقراء وحاجتهم  فنعطيهم بسخاء ومحبة غير متغضين عن حاجة اخوتنا { صالحة الصلاة مع الصوم والصدقة خير من ادخار كنوز الذهب} (طو 12 : 8). من اجل هذا يوصينا الانجيل بالعطاء وان نكنز كنوزنا فى السماء {لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا} 19:6-21. ان ما نقدمة لاخوتنا المحتاجين نقدمه لله ويبقى لنا كنزاً لا يفنى {لان الصدقة تنجي من الموت وتمحو الخطايا وتؤهل الانسان لنوال الرحمة والحياة الابدية (طو 12 : 9).
الصوم ونقاوة القلب . الصوم فترة يقل فيها شغب الجسد وتتقوّى الروح وفرصة للدخول الى حياة العمق. وفي الصوم تصفو النفس ويتنقّى القلب ونتوب ونرجع الي الله . فلنحرص اذاً ان يكون صومنا ليس مجرد استبدال طعام حيوانيّ باخر نباتيّ ولا مجرد الامتناع عن الطعام لفترة من الزمن ثم نأكل ما لذ ّوطاب بل يجب ان يكون صومنا فرصة للنمو الروحي وضبط النفس وتقوية الارادة وحرارة الروح . نشبع فى الصوم بالصلاة ونتوب ونتخلص من الضعفات ونهتم بان نكنز لنا كنوزاً فى السماء بالعطاء للمحتاجين والفقراء والصلاة من أجل المتضايقين وخدمة المحتاجين والضعفاء والعمل على نقاوة القلب وقداسته فطوبى لانقياء القلب لانهم يعاينون الله .
+ الصوم والصحة النفسية والجسدية .. أن فوائد الصوم لصحة الإنسان وسلامة بدنه كثيرة جداً، منها ما يتعلق بالحالة النفسية للصائم وانعكاسها على صحته الجسدية ، حيث أن الصوم يساهم مساهمة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية والعاطفية، وتقوية إرادة الصائم، ورقة مشاعره، وحبّه للخير، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول العدوانية، وبالتالي تقوية وتدعيم شخصيته، وزياة تحمّلها للمشاكل والأعباء بالاضافة الى مساعدته في علاج الكثير من أمراض الجسم، كأمراض جهاز الهضم، مثل التهاب المعدة الحاد، وأمراض الكبد، وسوء الهضم، وكذلك في علاج البدانة وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها. ان عقولنا تصبح أكثر تعقلا واصفى ذهناً وأنفسنا اقوى ارادةً وأكثر سمواً . فكل صوم وحضراتكم بخير وليقبل الله صلواتنا وأصوامنا كرائحة وصعائد مقبولة أمامه.

23‏/02‏/2012

† أُحِبُّكَ يَا رَبُّ - للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى



الحاجة الى المحبة الإلهية
+ ان نكون محبوبين ومحبين من الحاجات الضرورية التى لا يستغنى عنها الإنسان، فالمحبة تعطى للحياة معنى، وتعطى للإنسان قيمة وهدف يناضل من أجله. واذ نبحث عن محبة صادقة وباذله ومعطاءة وتوجيه سليم  لعواطفنا،  فلن نجد خير من محبة الله التى تسمو بالمشاعر وتهذب العقل وتشبع الروح وتروض الجسد، ان المحبة الإلهية عندما تدخل قلب الإنسان تجعله يكاد يطير فرحا وتهليلاً ويقول لله بحق معك لا اريد شيئا على الارض. محبة الله تجعلنا نحب الآخرين محبة روحية ساميه تبنيهم وتقويهم وتقودهم الى الارتباط بالله ومحبتة { اجذبني وراءك فنجري ادخلني الملك الى حجاله نبتهج ونفرح بك نذكر حبك اكثر من الخمر بالحق يحبونك} (نش 1 : 4). واذ نعلن محبتنا لله فاننا نجده يوصينا ان نحب اخوتنا ايضا محبة تبنيهم وتسعدهم فى روحانية وبذل وبلا شهوة أو مصلحة ، نعمل الخير للجميع كطبيعة الله الخيرة والباذلة والمعطاءة .
+ محبة الله ضرورة لسعادتنا كما انها مطلب الهى أيضاً، فالله يطلب منا ان نحبه من كل القلب والنفس والفكر {وتحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك هذه هي الوصية الاولى} (مر 12 : 30). ونحن نصلى لكى ما يختن الله قلبنا ويملأئه بالمحبة الإلهية التى تشبع وتفرح وتقوى وتحرر وتحمى المؤمن من الوقوع فى الاخطاء {ويختن الرب الهك قلبك وقلب نسلك لكي تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك لتحيا} (تث 30 : 6). ولما كان القلب هو مركز العواطف والمشاعر فان الله يطلب منا ان نعطيه قلوبنا ونلاحظ طرقه { يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي} (ام 23 : 26). وعندما نحب الله فان المحبة تعلمنا كل شئ حسن وتقودنا فى طريق الرب بيسر وسهوله بل نجد نفوسنا وعقولنا منقادة الى حفظ وصاياه والعمل بها { الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21).
+ محبة الله هى رباط الكمال { وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال}(كو 3 : 14). فالمحبة لا تسقط ابداً. وهى مكرمة أمام الله والناس. ان وجدت المحبة فى القلوب فانها تتغلب على الضيقات والمتاعب التى تواجه الانسان فى الطريق وبالمحبة نتغلب حتى على المشكلات التى تواجه الاسرة والفرد { مياه كثيرة لا تستطيع ان تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها ان اعطى الانسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا }(نش 8 : 7). كما ان المحبة تهبنا الحكمة الإلهية { محبة الرب هي الحكمة المجيدة} (سير 1: 14). ان الله يسكب محبته فينا بروحه القدوس ويجذبنا بربط المحبة لنتبعه فى يقينية الرجاء حتى ما نصل الى السماء { والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو 5 :5 ). الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه  {ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه} (1يو 4 : 16) . ان كل أعمالنا توزن وتقيم لدى الله بمقدار بما فيها من محبة لله والقريب وكما قال الكتاب المقدس مبينا أهمية المحبة { ان كنت اتكلم بالسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن او صنجا يرن . وان كانت لي نبوة واعلم جميع الاسرار وكل علم وان كان لي كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئا. وان اطعمت كل اموالي وان سلمت جسدي حتى احترق ولكن ليس لي محبة فلا انتفع شيئا} (1كو 13 :1-  3). لقد غفر الله للمرأة الخاطئة لانها أحبت كثيراً ونحن ايضاً لابد ان نحيا فى محبة الله. ونصلى ونطلب ان يهبنا ان نحبه من كل القلب، فبالمحبة ان يغفر لنا خطايانا ويحررنا من كل محبة غريبة عن القداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب.
كيف تقوى محبتنا لله ..
+ ان تذكرنا لمعاملات الله الحسنة معنا وغفرانه لخطايانا وخلاصه لنا من أعدائنا وأبوته وحنانه تجعلنا نتغنى ونعترف بمحبته. فقد تغنى داود النبى بمحبة الله الذى أحبه وأختاره من وراء الغنم ليقيم منه ملكاً، وأنقذه من جميع أعدائه ومن بينهم شاول الملك وهو يطارده من بريه الى أخرى فى الصحراء ليقتله  فقال { احبك يا رب يا قوتي. الرب صخرتي وحصني ومنقذي الهي صخرتي به احتمي ترسي وقرن خلاصي وملجاي. ادعوا الرب الحميد فاتخلص من اعدائي . اكتنفتني حبال الموت وسيول الهلاك افزعتني. حبال الهاوية حاقت بي اشراك الموت انتشبت بي. في ضيقي دعوت الرب والى الهي صرخت فسمع من هيكله صوتي وصراخي قدامه دخل اذنيه} مز 1:18-6. اننا يجب ان نكون أوفياء تجاه هذه المحبة الغافرة التى تستر الذنوب وتبادر بالعطاء رغم عدم استحقاقنا.
+ نحن نحب الله لانه أحبنا وحبه سعى الى خلاصنا { نحن نحبه لانه هو احبنا اولا }(1يو 4 : 19). ومن أجل محبته الأبدية فهو يديم لنا الرحمة ومراحمه جديدة علينا كل صباح { اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك} مر21:3-23. {تراءى لي الرب من بعيد ومحبة ابدية احببتك من اجل ذلك ادمت لك الرحمة }(ار 31 : 3). قد ننسى مراحم ومحبة الله فنراه يردنا اليه بربط  المحبة التى قد تستخدم كل الوسائل لكى ما نرجع اليه ونحبه {كنت اجذبهم بحبال البشر بربط المحبة وكنت لهم كمن يرفع النير عن اعناقهم ومددت اليه مطعما اياه} (هو11 : 4). ان محبة الله شبع للنفس البشرية ولن نجد عنها بديلاً ولا نستطيع ان نستغنى عن الله فالإيمان قوة عظيمة للسائرين فى الطريق تمتد بنا لتصل الى الأبدية السعيده.
+ اننا نحيا فى زمن  ضعفت وبردت فيه محبة كثيرين بسبب الخطية {ولكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين} (مت 24 : 12). ولقد تمسك البعض بالشكليات دون جوهر العبادة وروحها كما وبخ السيد المسيح البعض قديما { ولكن ويل لكم ايها الفريسيون لانكم تعشرون النعنع والسذاب وكل بقل وتتجاوزون عن الحق ومحبة الله كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك }(لو  11 :  42). المحبة هى جوهر العلاقة بين الانسان والله والانسان وأخوته فى البشرية { محبة الله من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة ومحبة القريب كالنفس هي افضل من جميع المحرقات والذبائح }(مر 12 : 33).
+ ولكى تدوم المحبة يجب ان تُبنى على اسس سليمة سواء فى نطاق العلاقة بالله أو بين الانسان واخوته فيجب ان تبنى على الأحترام والتقدير والوفاء { يقترب الي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا} (مت 15 : 8). كما ان المحبة تحتاج للنمو والا تبرد وتضعف ولهذا قال السيد المسيح له المجد  {عرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم} (يو17:26). المعرفة بالله ليس  شئ نظرى نقراء عنها فى الكتب بل ننمو فى المعرفة الأختبارية والخبرات الروحية . كما ان الصدق يقوى محبتنا { المحبة فلتكن بلا رياء كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير} (رو 12: 9). كما ان المحبة ليست كلاما بل تحتاج للتعبير عنها بالعمل والحق سواء فى العلاقة مع الله أو بين الناس { يا اولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق} (1يو 3 : 18). المحبة تحتاج الى حرص وتغذية،  وان كان الله هو المبادر بالمحبة فهل نحن أوفياء لمحبة الله الباذلة والمحررة والغافرة وهل نعبر عن شكرنا الدائم لله فى كل الظروف عالمين ان كل الاشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله أم نحيا التذمر والشكوى وعدم الرضا؟.  ان الشكر على نعم الله المتنوعه حق وواجب فلا موهبة بلا زيادة الا التى هي بلا شكر. اننا نصلى لكى يهدى الله قلوبنا الى محبة وصبره لكى ما بالمحبة والصبر والرجاء والإيمان نرث المواعيد ونحيا فى محبة الله { والرب يهدي قلوبكم الى محبة الله والى صبر المسيح }(2تس 3: 5).
أحبك يارب يا قوتى...
+ أحبك يارب ياقوتى، فانا يارب دونك لا شئ ابداً وبك أستطيع كل شئ، فانت الذى تقودنا فى موكب نصرتك وتمشينا على مرتفعات، أتكل عليك ابائنا فنجو ، وكنت لهم منقذاً وخلصتهم من جميع شدائدهم، عبرت بهم البحر، فى طريق غير مسلوكة ، كنت لهم عمود سحاب نهاراً تقيهم حر الشمس وبعمود من نار ليلاً هديتهم فى البرية . وانت ضابط الكل وسيد التاريخ والامم وقادر ان تقودنا ايضا للخلاص من أعدائنا ومن ايدى جميع مبغضينا، انت تعطينا ان نسير بلا خوف، منقذين من ايدي اعدائنا لنعبدك بقداسة وبر قدامك جميع ايام حياتنا. فنحن لا نعرف أخر سواك، اسمك القددوس هو الذى نقوله فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس ولا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك .
+ أحبك يارب يا من بالمراحم تكللنى وبالاحسان تعاملنى وبالمحبة تشملنى، فانت هو لى الراعى الصالح، الذى يقودنى الى الشبع والأكتفاء وتشبع نفسى الظماء حتى الارتواء. وان ضللت فانت ترد نفسى وتهدينى، ان سرت فى وادى ظل الموت لا اخاف شراً لانك انت معى ، انت الذى تغذينى بالاسرار المعطية الحياة، وتقودنا بنعمة روحك القدوس معطياً لنا حكمة وبراً وقداسةً، ولهذا نحبك يارب ونبارك اسمك ولاننسى جميع أحساناتك، انت الذى تغفر ذنوبنا وتستر خطايانا وعيوبنا، وتشفى أمراض نفوسنا وأجسادنا وارواحنا وتكللنا بالمراحم والرأفات وتخلصنا من كل شر وتهبنا كل صلاح وخير، وتجدد مثل النسور شبابنا الروحى .
+ اعرف انى محبوب لك وقد قلت لي لا تخف لاني فديتك دعوتك باسمك انت لي (اش 43: 1). وكيف أخاف وانت القائل { انا الرب الهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف انا اعينك} (اش 41 : 13). حتى وان هاج البحر وضربت الأمواج سفينة حياتى فانت هو امس واليوم والى الابد قادر ان تحل بسلامك فى سفينة حياتنا وتهدى الريح وتسكت البحر عن ارتفاع لججه. فانت الذى نجا يونان النبى من الغرق اذ اعددت له حوتا عظيما يكون بمثابة سفينة نجاة. وان سمحت بالتجارب لكنك لن تسمح ابدا ان تكون التجربة لهلاك مؤمنيك بل لتنقيتهم وأصلاح شأنهم ورجوعهم اليك، ولكى ينالوا الأكاليل المعدة للصابرين، فالنار تنقى الذهب من الشوائب واذ تظهر فينا صورتك البهية يستعلن مجدك فينا، وانت القائل لا تخف ايها القطيع الصغير فان اباكم قد سران يعطيكم الملكوت. فلهذا نحن نحبك ايها الراعى الامين ونتبعك لا طمعاً فى المكأفاة ولا خوفاً من العقاب ولكن كابناء أوفياء لله الأمين فى صنع الخير. نعم نحبك لانك احببتنا اولاً ومازالت مراحمك تستعلن لنا فى كل ايام حياتنا. فنحن نترجى مراحمك ونعيش فى كنف محبتك ونعلن إيماننا بك ونسعى الى محبتك فوق كل الاشياء ونقول مع النبى {من لي في السماء ومعك لا اريد شيئا في الارض} (مز 73: 25) .