18‏/03‏/2012

† رسول من السماء " رثاء لقداسة البابا شنودة الثالث " - للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى



رسول من السماء
رثاء لقداسة البابا شنودة الثالث
للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى


اب انت لنا ومنك نستمد العزاء ..   وترحل عنا فى وقت الشدة والعناء
ابى انت ومنك نتعلم معنى الوفاء ..   فكيف لا نبكيك وكنت لنا نعم الرجاء
ابى انت وفى قلبك نحن فترحل عنا .. وتتركنا فكيف نعزى قلوبنا الثكلاء
ابى واب لكل قبطى ومصرى  .. تمضى وكنا بك نود الوصول الى الميناء
انت فم الذهب، امامك ينبهر الرؤساء .. ومن حكمتك واقوالك يلهج الحكماء
نودعك عزيزا ونبكى الوداعة فيك .. يا قداسة البابا شنوده فاين فيك العزاء؟
عشت قديسا بيننا ونحن بعدك يتامى .. فارسل بصلواتك لنا صبر  السماء
نحن كحزانى ولكن نحن بلقالك بالمسيح فرحين ولنا فى كلامك  حكمة وحياه
ابى حبونا ونميا وشببنا وكبرنا .. من فيض علمك نرتوى فانت بحر العطاء
ومن نهر الروح القدس الجارى .. من فمك ننال الايمان القويم برب السماء
مصر وطنا يعيش فينا لا وطنا ... نعيش فيه فانت الوطنية وانت الوفاء
رفعت شأن مصر والكنيسة فكيف ...  نوفيك حقك وانت قيم الاصالة والاخاء
ابى انت رسول من الله بيننا وانت..  لنا المحبة والايمان ومنك تعلمنا الرجاء
انت بولس عصرك بترحالك كارز ..  بقيم المسيح وانت لنا ابا لكل الاباء
كم كتبت يا ابى من كتب، وجلت ...  سفيرا تنادى بالتوبة والإيمان بحب الاله
رائحة المسيح الذكية فيك كانت لنا .. فانت ملاك المحبة فى ارض الشقاء
ابى انت نورا فى صمتك وملحا صالح كلامك وكل يوم تخرج لنا جددا وعتقاء
عالما انت بعالمنا وعلما وقديسا ...  يا ابى وعزاءاً  لكل محزون واباً لكل الفقراء
لم تمت يا ابى فقد كسباك لنا شفيعا.. وبقت لدينا عظات وكتبك وتعاليمك ضياء
ابى ستبقى حيا فى قلوب ابنائك .. فانت لنا حب المسيح العامل فينا لنحيا العطاء
ابى جاهدت الجهاد الحسن وأكملت السعى فهنئيا لك أكاليل البر ومجد السماء .

17‏/03‏/2012

† انتقل الى الامجاد السماويه - قداسة البابا شنوده الثالث


بحزن وألم نودع أب قائد ورجل حكيم , خسره العالم وكسبته السماء
في وقت صعب وزمن مرير ومرحله جديده في تاريخ مصر  انتقل الى الامجاد السماويه الاب الروحي رأس الكنيسه القبطيه المصريه قداسة البابا شنوده الثالث . تاركً ايانا جسديً وذكراه خالده في قلوب البشريه جمعاء
حبك باقٍ باقٍ , واقوالك وحكمتك راسخه في عقولنا وقلوبنا الى الابد

هنيئ للسماء بالعبد الامين
كنت امين على القليل , وسيقيمك الرب على الكثير .....
ادخل الى فرح سيدك


باسم الطائفه القبطيه بالناصره , وباسم المسيحيين في الاراضي المقدسه وباسمي انا , نعزي انفسنا  بانتقالك عنا .
نسألك  يا قداسة البابا شنوده الثالث ان تشفع لنا عند ابينا يا رجل الله .

واختم  قولي بمقولتك ونتعزى اذ نقول ونردد 
 " ربنا موجـــــ†ــــود "



14‏/03‏/2012

† تعزيه من ابناء الطائفه القبطيه بالناصره للاب مينا الاورشليمي


أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا 

ابناء , واحباء الاب مينا الاورشليمي يعزونه ويشاطرونه حزنه بفقدانه والدته ,متمنيين ان تكون خاتمه الاحزان والهموم .

متذكرين الآيه " مع المسيح ذلك افضل جدً " 

لها الرحمه ولك من بعدها طول البقاء 

12‏/03‏/2012

† النفس البشرية "الرجوع الى النفس وإلى الله" - للاب القمص افرايم الانبا بشوي




الكيان الإنسانى والدخول الى العمق
+ لقد كرم الله الإنسان بنعمة العقل والتفكير ووهبه الطاقات والامكانيات الهائله بما فيها الروح الانسانية التى لا تموت بل حتى بالموت الطبيعى تنتقل وترجع الروح الى الله الذى خلقها ، كما ان للانسان نفس عاقله وجسد  يعمل باجهزة عجيبة لتغذية خلايا الجسم والمحافظة عليها والعمل على التغلب على كل ما يصيبها من أمراض وأفات . لقد كرم الله الانسان منذ ان خلقه وجعله سيد وتاج الخليقة والمتسلط عليها، وعندما سقط الانسان من الفردوس دبر له الله الخلاص بالاباء والانبياء وبالضمير الاخلاقى ثم بالفداء العجيب على خشبة الصليب وأقتراب الله الى البشرية واعلانه عن محبته لنا فهل نحيا كأناس الله القديسين أم نتصرف بوحى من الغزائز أو الانانية والمصلحة ونُستعبد للذات واللذات؟. ان الله يدعونا الى الدخول الى العمق، أعماق النفس البشرية لكى يكون لنا النضج الانسانى أم  نتصرف بدوافع غريزية أو انانية او سطحية ومظهرية كاذبة فالرياء مدان من الله والناس. كما ادان السيد المسيح البعض قديما لريائهم {انتم ايضا من خارج تظهرون للناس ابرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثما }   (مت 23 : 28) وكما قال الشاعر ان ثوب الرياء مكشوف ومفضوح : (ثوب الرياء يشف عمـا تحته ... وإذا التحفت به فإنك عاري). الانسان السطحى أو المظهرى لا يثمر من اجل هذا دعا الرب سمعان بطرس وشركائه  للدخول الى العمق { ولما فرغ من الكلام قال لسمعان ابعد الى العمق والقوا شباككم للصيد} (لو 5 : 4). ولما دخلو الى العمق اتوا بصيد كثير. هكذا قديما قال المرتل { هم راوا اعمال الرب وعجائبه في العمق} (مز107 : 24).
+ عندما نتكلم عن النفس البشرية فاننا نتكلم عن الكيان الانسانى كله بما فيه من روح ونفس وجسد وعقل. النفس البشرية غالية فى نظر الله ويجب ان نحرص على  كرامتنا الانسانية وان نحيا البنوة لله ونحرص على خلاصنا وابديتنا. لان لنا نفس واحدة وحيدة ولن يفيدنا شئ لو ربحنا العالم كله وخسرنا نفوسنا {لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه } (مت 16 : 26). يجب ان نعرف مقدار كرامتنا وانسانيتنا { انسان في كرامة ولا يفهم يشبه البهائم التي تباد }(مز 49 : 20). النفس البشرية محبوبة لدى الله الذى يريد ان يدخل معنا فى علاقة محبة على مستوى الابناء بل يريد ان يخطب النفس الشرية على مستوى الاتحاد الروحى فتكون فى عشرة حب مع الله { واخطبك لنفسي الى الابد واخطبك لنفسي بالعدل والحق والاحسان والمراحم. اخطبك لنفسي بالامانة فتعرفين الرب} (هو 2 : 19- 20). النفس البشرية اقتناها السيد المسيح بتجسده وبذل دمه لاجل خلاصها {الذي بذل نفسه لاجلنا لكي يفدينا من كل اثم ويطهر لنفسه شعبا خاصا غيورا في اعمال حسنة }(تي 2 : 14). يجب ان نعرف نفوسنا ونصادقها ونعمل على بنائها ونموها واكتشاف جوهرها ونعمل على نضجها وتقوية صلتها بالله وان نترفع بها عن الصغائر والخطايا وان ضعف الانسان وأخطا عليه ان يعود سريعا ويرجع الى نفسه ويتوب عن اخطائه ولا يعود اليها.
+ قدم لنا السيد المسيح مثل الابن الضال ليبين محبة الله الابوية لنا ويرينا كيف يفرح برجوع الخاطئ عن طريق ضلالة فتحيا نفسه فقال: { وقال انسان كان له ابنان. فقال اصغرهما لابيه يا ابي اعطني القسم الذي يصيبني من المال فقسم لهما معيشته. وبعد ايام ليست بكثيرة جمع الابن الاصغر كل شيء وسافر الى كورة بعيدة وهناك بذر ماله بعيش مسرف. فلما انفق كل شيء حدث جوع شديد في تلك الكورة فابتدا يحتاج. فمضى والتصق بواحد من اهل تلك الكورة فارسله الى حقوله ليرعى خنازير. وكان يشتهي ان يملا بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تاكله فلم يعطه احد. فرجع الى نفسه وقال كم من اجير لابي يفضل عنه الخبز وانا اهلك جوعا. اقوم واذهب الى ابي واقول له يا ابي اخطات الى السماء وقدامك. ولست مستحقا بعد ان ادعى لك ابنا اجعلني كاحد اجراك} لو 11:15-19. كان الابن الاصغر فى بيت ابيه ولكنه كان يشتهى العيش بعيدا عن ابيه وربما ارد الهروب من حرص الاب أو وصاياه التى تعمل على تربيته على الاخلاق الفاضلة الضمير . ورغم انه لا يحق للابن فى المجتمع الشرقى ان يأخذ الميراث الا بعد وفاة الاب الا انه طلبه من ابيه وفى كرم ونبل وهبه ابوه نصيبه  فاخذه وسافر الى الكورة البعيدة حيث بدده فى عدم حكمة وغياب العقل فى عيش مسرف.
+ ان كل منا قد اخذ من الله الامكانيات والطاقات والوزنات ووهبنا الله العقل والضمير والروح وهو  يريد لنا ان نحيا البنوة فى محبة وان نطيع الوصايا من اجل سعادتنا ولكن البعض فى انانية وطيش يفقد عقله وينفصل عن انسانيته واعماقه الداخلية التى تشتهى القداسة والوجود فى حضن الآب ، البعض يسعى وراء الشهوات والاخر يعبد المال او الجمال او المناصب . ونأخذ الوزنات وقد نطمرها فى التراب او نعرضها للكلاب والذئاب ويجوع الانسان فى البعد عن الله ويشتهى طعام الخنازير النجس ولا يعطى له كما قال السيد المسيح للمرأة السامرية الخاطئة { اجاب يسوع وقال لها كل من يشرب من هذا الماء يعطش ايضا}(يو 4 : 13). وكما قال القديس اغسطينوس ( خلقت نفوسنا على شبهك ومثالك ولن تجد راحتها الا فيك ).
+ كان الاحتياج هو دافع الابن الضال للرجوع الى الله { لانه بسبب امراة زانية يفتقر المرء الى رغيف خبز وامراة رجل اخر تقتنص النفس الكريمة} (ام 6 : 26). وقد تذكر الابن كم من الاجراء فى بيت ابيه  يشبعون خبزاً وهو يهلك جوعاً. ونحن لا يجب ان تكون الحاجة فقط هى الدافع الى رجوعنا الى انفسنا والله بل يجب ان يكون الدافع هو محبة العيش فى الاحضان الابوية . فان حياة الخطية خاطئة جداً وتترك بصمتها السوداء على النفس، وخبرة الشر نتائجها قاسية ومنها الامراض النفسية والاجتماعية والصحية . قيل فى احدى القصص ان أب روحى اوصى ابنه ان يدق مسمار خشبى فى لوح كلما أخطأ وبعد فترة أمتلا اللوح الخشبى واحس الابن بالخطأ فتاب فامره ابيه الروحى ان يقوم بخلع المسامير من اللوح الخشبى لكن اللوح اصبح كله ندوب وجروح. هكذا اثار الخطية صعب أزالة نتائجها وتحتاج الى طبيب التجميل الاعظم ليعالجها وتحتاج الى سنين من الجهاد لنسيانها والتخلص من نتائجها الارضية مع مراحم ونعمة الغفران من الله للحصول على الخلاص والحياة الابدية.

الرجوع الى النفس...
+ بداية طريق التوبة هو الرجوع الى النفس، جاء عن الابن الضال  "رجع إلى نفسه" الابن الضال حين ترك أباه وسافر إلى كورة بعيدة، إنما ترك طريق الحب وتقوقع حول "الأنا"  ليعيش في أنانيته مؤلهًا ذاته، متمركزًا حول كرامته أو شبعه الجسدي أو ملذّاته. عندما يتقوقع الانسان حول "انانيته " إنما يحطم نفسه ويهلك حياته. ليتنا نحب  خلاص نفوسنا ونسعى الى رجوعها للآب القدوس، هذا ما أكده السيِّد المسيح حين أعلن ان من يهلك نفسه يخلصها، بمعنى يضبط ذاته ويوجها التوجيه السليم  ويعيش في طريق الحب لله والناس خارج دائرة الأنانية. وهذا ما أعلنه الناموس حين طالبنا أن نحب قريبنا كأنفسنا، فمن لا يحب نفسه، أي خلاصها الأبدي، كيف يقدر أن يحب قريبه محبة روحية طاهرة ؟ إن كانت الخطيَّة هي تحطيم للنفس بدخول الإنسان إلى "كورة بعيدة" أي الأنا، فإن التوبة هي عودة الإنسان ورجوعه إلى نفسه ليعلن حبه لخلاصها، فيرجع بها إلى أبيه السماوي القادر على تجديد النفس وإشباعها الداخلي. بهذا إذ يرجع الإنسان إلى نفسه إنما يعود إلى بيت أبيه، ليمارس الحب كعطيَّة إلهيَّة، ويوجد بالحق كعضو حيّ في بيت الله يفتح قلبه لله وملائكته وكل خليقته .
+ النضج النفسى يجعل الانسان يحب نفسه محبة روحية سليمة تربيها على محبة الله والقيم الروحية والاخلاقية الفاضلة والمبادئ السامية ومحبة الآخرين وخدمتهم وعمل الخير نحو الجميع . وياليتنا نربى اولادنا وبناتنا وننمى لدينا ولديهم  الضمير الأخلاقى الذى ينقاد لروح الله ونقوى الروح الانسانية المنضبطة  دون ضغط او كبت أو أكراه ونتحاور مع ابنائنا بما ينمى لديهم ملكة الافراز والتمييز والحكمة ليستطيع الانسان ان يرفض ما هو غير مناسب لقيمة ومبادئه ويختار ما هو صالح لبنيان كيانه الروحى والانسانى.
+ النضج النفسى هو ضبط للنفس ضد الاهواء والشهوات والغضب وان يكون الانسان مالك لذاته ومسيطر على حواسه وفكره وعواطفه { البطيء الغضب خير من الجبار ومالك روحه خير ممن ياخذ مدينة} (ام 16 : 32). النضج هو المقدرة على ضبط الذات عندما يتعرض الانسان للاغراء أو التجربة، ان يوسف العفيف استطاع وهو عبد فى بيت فوطى فار ان يقول لا للخطية وقال لزوجة سيده  { ليس هو في هذا البيت اعظم مني ولم يمسك عني شيئا غيرك لانك امراته فكيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ الى الله} (تك 39 : 9). وقد وضع فى قلبه ان الخطية موجهة الى الله اولاً ثم الى زوج المرأة ثانيا كما هى اساءة للأمانة الموكلة اليه . اما شمشون الجبار فقد افقدته الشهوة والخطية نذره وكرامته وعينيه وجعلته اضحوكة امام اعدائه واخيرا فقد حياته . هكذا نجد فى كل جيل لاسيما فى الايام الاخيرة اناس محبين لانفسهم والمال وغير طائعين لله ولوالديهم ويجب ان نصلى من اجل توبتهم، ولكن نعرض عن صدقتهم ولا نتشبه بهم { ولكن اعلم هذا انه في الايام الاخيرة ستاتي ازمنة صعبة. لان الناس يكونون محبين لانفسهم محبين للمال متعظمين مستكبرين مجدفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين. بلا حنو بلا رضى ثالبين عديمي النزاهة شرسين غير محبين للصلاح. خائنين مقتحمين متصلفين محبين للذات دون محبة لله. لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها فاعرض عن هؤلاء} 2تيمو 1:3-5.
+ ان وصايا الله هى لسلامنا النفسى والروحى ونمونا فى بيت الله ولخيرنا وابديتنا فلا يظن البعض ان الوصايا عائق للنجاح او السعادة فضفاف النهر تحفظ مائه من الضياع والتلف كما ان الوصايا تحفظ الانسان وتهبه السلام وحياة البر {ليتك اصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر}     (اش 48 : 18). الله يعطينا الحرية ولا يجبرنا على فعل الخير بل يحثنا عليه { وتقول لهذا الشعب هكذا قال الرب هانذا اجعل امامكم طريق الحياة و طريق الموت}(ار21 : 8). فهل نختار الخير لكى نحيا؟ وهل نعيش فى محبة الله وعمل وصاياه لنسعد ؟ وهل نقوم ونرجع الى الاب السماوى بالتوبة فيعيد لنا كرامتنا وبنوتنا له ؟ ام يتقاعس الانسان عن خلاص نفسه { فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة }(اع 17 : 30). ان التوبة هى دعوة الله والكنيسة لكل انسان وأمة  فى كل زمان ومكان { بل اخبرت اولا الذين في دمشق وفي اورشليم حتى جميع كورة اليهودية ثم الامم ان يتوبوا ويرجعوا الى الله عاملين اعمالا تليق بالتوبة }(اع  26 :  20).

الرجوع الى الله ...
+ بعد ان رجع الابن الضال الى نفسه وشعر باحتياجه وقارن مدى الشبع الذى يجده حتى الخدم فى بيت ابيه بالجوع والحرمان الذى يعانيه قام ورجع اليه { فقام وجاء الى ابيه واذ كان لم يزل بعيدا راه ابوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله. فقال له الابن يا ابي اخطات الى السماء وقدامك ولست مستحقا بعد ان ادعى لك ابنا. فقال الاب لعبيده اخرجوا الحلة الاولى والبسوه واجعلوا خاتما في يده وحذاء في رجليه. وقدموا العجل المسمن واذبحوه فناكل ونفرح.لان ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد فابتداوا يفرحون} لو 20:15-24. ان تواضع الانسان يرفعه وندمه وقيامه من ارض الخطية والانفصال عن الاشرار ومكان الشر ضرورة لا غنى عنها للتائب لكى يستطيع ان يحيا فى جو روحى سليم. كما ان الاعتراف بالخطايا يمحو الذنوب، ربما لم تكن محبة الابن الاصغر كافيه كتلك المراة التى قال لها الرب { من اجل ذلك اقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة لانها احبت كثيرا والذي يغفر له قليل يحب قليلا} (لو 7 : 47). لكن الله يثمن كل خطوة يخطوها التائب للرجوع اليه ويقبل أعترافه لينمو تدريجيا حتى يصل الى المحبة الكاملة .
+ الاب فى مثل الابن الضال  يمثل محبة الله للخاطئ ويظهر محبة  الله الفائقة نحو عودة الخطاة. لقد ركض اليه ابيه وهو لا يزال بعيدا عن بيت ابيه هكذا تفعل نعمة الله مع كل نفس تريد التوبة والخلاص. ان محبة الله لا تريد ان تجرح الخاطئ بل تداوى جراحه فهو كطبيب للنفس البشرية يعرف نفسياتنا ويطلب الضال ويسترد المطرود { انا ارعى غنمي واربضها يقول السيد الرب. واطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح واحفظ السمين والقوي وارعاها بعدل} حز 15:34-16. وسواء كان الانسان كالخروف الضال الذى ضل عن جهل او عدم اهتمام الرعاة او كالدرهم المفقود الذى اضاعته صاحبته او الابن الضال الذى ذهب بارادته الحرية الى الكورة البعيده ، فان الله يهتم بكل نفس ليخلصها لكن يجب ان نستجيب للنداء الالهى بالعودة الى احضان الله ونعمل بارادتنا الحرة ونسعى الى خلاص نفوسنا  ونعترف الاعتراف الحسن بخطايانا ونقلع عنها ونثمر ثمر البر والصلاح .
+ اظهر الابن الضال الشعوربالندم ولم يقع فى التبرير الخاطئ او الاسقاط  النفسى فلم يلقى باللوم على البيئة المعثرة التى ذهب اليها باردته أو على كرم الاب وسخائه عندما اعطاه نصيبه دون رفض أو حتى على عدم سؤال اخيه الاكبر عنه فى بعده وضلاله. الانسان مسئول امام الله عن خطئه واخطائه ولديه كامل الارادة لعمل الخير او الشر ، لكن الاكثر روعة فى مثل الابن الضال هو قبول الاب واحضانه الابوية المتلهفة لعودة الابن واستقباله له  بدون تأنيب او تاديب .فقد وهبه الله كرامة الابن بمجرد عودته وستر عريه وعوزه واعطاه الحله الاولى فالتوبة عبارة عن معمودية ثانية تغسل الخطايا، وذبح له العجل المثمن فى أشارة الى جسد ودم عمانوئيل الهنا الاقدسين ولقد قدم له الخاتم الذهبى فى يده ليعيد له كرامته فالله كاب صالح رفعنا الى مرتبة الابناء وامر بان يلبسوه حذاءاً جديداً كعلامة على السير فى طريق الصلاح والبر .
+ التوبة فرح لله وملائكته وللقديسين وللخاطئ التائب الراجع الى الله ، انها انتصار على الشيطان وحيله وفرح للابرار { اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة }(لو 15 : 7). ان كانت الخطية هى موت وانفصال روحى عن الله فالتوبة هى حياة ورجوع الى الاحضان الابوية . وان كان الانسان الخاطئ هو ضال وانسان يحيا فى غيبوبة بلا عقل فالرجوع الى الله عودة الى النفس ورجوع الى الله وعودة الى صواب العقل والتعقل . الخاطئ هو انسان ميت روحيا ومن اجل خلاصه يسعى السيد المسيح  ويتشفع القديسين ويجب ان تعمل الكنيسة والخدام من اجل عودته الى الله وحياته فى المسيح الذى تتسع احضانه الابوية لكل الخطاة .
+ ان الوقت المقبول للخاطئ هو الان واليوم وليس الغد فكلما أجل الانسان الرجوع الى الله كلما تقسى القلب وقد لا يجد الفرصة ولا الدافع للعودة الى النفس والله، فيجب ان نغتنم الفرصة ونرجع الى الله      { هذا وانكم عارفون الوقت انها الان ساعة لنستيقظ من النوم فان خلاصنا الان اقرب مما كان حين امنا. قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة ونلبس اسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسكر لا بالمضاجع والعهر لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لاجل الشهوات} رو 11:13-14. نحن فى حاجة للتوبة فى كل وقت والحديث  الودى مع الله كاب سماوى فى كل لحظات الحياة لكى ما نشبع من محبته فلا نشعر بحرمان من شئ ولا بكبت داخلى. حينئذ تتفجر داخل نفوسنا كنوز النعمة الغنية التى تشبع وتقود الى حياة الفرح والسعادة والسلام.
أقبلنا اليك ايها الاب المحب...
+ ايها الاب القدوس ان نفوسنا لن تشبع او تجد السلام والدفء الا فى احضانك الابوية ولن تجد الفرح الا فى بيتك وحضورك الدائم فى حياتنا فتحول الحياة الى عشرة حب دائم وتحول الضيقات الى نبع تعزية وسلام ، وحتى مرارة الخطية تستطيع ان تغفرها وتمحو أثارها وتعالج ما بداخل نفوسنا من ضيق والم وتحول حزننا الى فرح قلبى وتهليل كلى .
+ اصلى اليك يا الله من اجل كل نفس بعيدة لتطلبها وتردها اليك ومن اجل كل نفس ساقطة لترفعها من بئر اليأس والحرمان ، نصلى اليك من اجل القائمين لكى ما تثبتهم فيك وتمنحهم الشبع والفرح والراحة ، نصلى من اجل الرعاة لتجعلهم سفراء سلام ومصالحة ومحبة ومن اجل الرعية لكى يسعى الانسان بارادته الحرة الى الرجوع اليك دون ابطاء او اهمال او تكاسل. بل  نصغى بفرح لصوتك الابوى وعمل نعمة روحك القدوس فينا للتوبة والرجوع. نصلى من اجل اخوتنا المقيدين والمأسورين بقيود ابليس لتردهم الى احضان كنيستك فرحين .
+ اقبل يارب طلبة شعبك والتفت الى تنهد عبيدك واقبل اصوامنا وصلواتنا وتقدماتنا رائحة ذكية امامك، علمنا ان لا ندين اخوتنا كما فعل الابن الأكبر عندما رجع اخيه . بل علمنا ان نحب الخطاة ونجذبهم بالمحبة وان نترفق بكل من ضل وتاه . علمنا ان نقوم الركب المخلعة ونشدد الايدى المتراخية ونقوى  الضعفاء ، لنرجع اليك كنيسة مقدسة لا عيب فيها ولادنس ، علمنا ان نعد أنفسنا بالتوبة وثمار الصلاح لملاقاتك كل حين ونقول أمين تعال ايها الرب يسوع ،  الروح والعروس يقولان تعال ايها الرب يسوع  ومن يسمع فليقل أمين تعال ايها الرب يسوع . أمين 

09‏/03‏/2012

† تذكار نياحة البابا الانبا كيرلس السادس

يصادف اليوم 30 امشير , اي 9 مارس تذكار نياحة القديس البابا كيرلس السادس , صلاته ومعجزاته تكون معنا ولربنا المجد الدائم الى الابد آمــــ† ـــــين 

†††

البابا كيرلس السادس

بابا الإسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية الـ116



اسمه عازر، ولد ببلدة طوخ النصارى بدمنهور في مصر في الجمعة 2 أغسطس سنة 1902، ووالده هو يوسف عطا المحب للكنيسة وناسخ كتبها ومنقحها المتفانى في خدمة أمه الأرثوذكسية حريصاً على حِفظ تراثها.
ابتدأ عازر منذ الطفولة المبكرة حبه للكهنوت ورجال الكهنوت فكان ينام على حجر الرهبان.. فكان من نصيبهم ولاسيما وأن بلدة طوخ هذه كانت وقفٌ على دير البراموس في ذلك الوقت ولذلك اعتاد الرهبان زيارة منزل والده لِما عُرِفَ عنه من حُب وتضلع في طقوس الكنيسة.

St-Takla.org Image: His Holiness Pope Kirillos VI صورة في موقع الأنبا تكلا: قداسة البابا كيرلس السادس


بدأ حياة فضلى تشتاق نفوسنا لها متشبها بجيش شهدائنا الأقباط وآباء كنيستنا حماة الايمان الذين ارسوا مبادىء الايمان المسيحى للعالم أجمع المبنية على دراستهم العميقة في الكتاب المقدس فكان عازر مفلحا في جميع طرقه والرب معه؛ لأنه بِقَدر ما كان ينجح روحياً كان ينجح علمياً. إذ بعد أن حصل على البكالوريا، عمل في إحدى شركات الملاحة بالاسكندرية واسمها "كوك شيبينج" سنة 1921 فكان مثال للأمانة والإخلاص ولم يعطله عمله عن دراسة الكتب المقدسة والطقسية والتفاسير والقوانين الكنسيّة تحت إرشاد بعض الكهنة الغيورين.
ظل هكذا خمس سنوات يعمل ويجاهد في حياة نسكية كاملة، فعاش راهبً زاهداً في بيته وفي عمله دون أن يشعر به احد، فكان ينام على الأرض بجوار فراشه ويترك طعامه مكتفياً بكسرة صغيرة وقليلاً من الملح.
St-Takla.org      Divider!
إنطلاق للبرية
اشتاقت نفسه التواقة للعشرة الإلهية الدائمة؛ للانطلاق إلى الصحراء والتواجد فيها، وبالرغم من مقاومة أخيه الأكبر فقد ساعده الأنبا يوأنس البطريرك الـ113، وطلب قبوله في سلك الرهبنة في دير البرموس بوادي النطرون، بعد أن قدم استقالته من العمل في يوليو سنة 1927 (تلك التى صدمت صاحب الشركة الذي حاول استبقاءه برفع مرتبه إغراءً منه، ولكن عازر كان قد وضع يده على المحراث ولم يحاول أن ينظر الى الوراء). فأوفد البابا معه راهبا فاضلاً؛ وهو القس بشارة البرموسى (الأنبا مرقس مطران أبو تيج) فأصطحبه إلى الدير وعند وصولهم فوجئوا باضاءة الأنوار ودق الأجراس وفتح قصر الضيافة وخروج الرهبان وعلى رأسهم القمص شنوده البرموسي، أمين الدير لاستقباله، ظناً منهم أنه زائر كبير! وعندما تحققوا الأمر قبلوه على أول درجه في سلك الرهبنة فوراً مستبشرين بمقدمه، إذ لم يسبق أن قوبل راهب في تاريخ الدير بمثل هذه الحفاوة واعتبرت هذه الحادثة نبوة لتقدمه في سلك الرهبنة وتبوئه مركزاً سامياً في الكنيسة.
   تتلمذ للأبوين الروحيين القمص عبد المسيح صليب والقمص يعقوب الصامت، أولئك الذين كان الدير عامراً بهم في ذلك الوقت، وعكف على حياة الصلاة والنسك. ولم تمض سنة واحدة على مدة الاختبار حتى تمت رسامته راهباً في كنيسة السيدة العذراء في الدير، فكان ساجداً أمام الهيكل وعن يمينه جسد الانبا موسى الاسود وعن يساره جسد القديس إيسيذوروس. ودعى بالراهب مينا وذلك في السبت 17 أمشير سنة 1644 الموافق 25 فبراير سنة 1928. وسمع هذا الدعاء من فم معلمه القمص يعقوب الصامت قائلاً "سِر على بركة الله بهذه الروح الوديع الهادىء وهذا التواضع والانسحاق، وسيقيمك الله أميناً على أسراره المقدسة، وروحه القدوس يرشدك ويعلمك".
St-Takla.org Image: His Holiness Pope Kirellos VI (Pope Cyril VI) praying the Holy Liturgy صورة في موقع الأنبا تكلا: قداسة البابا كيرلس السادس يصلي القداس الإلهي

   فازداد شوقاً في دراسة كتب الآباء وسير الشهداء، وأكثر ما كان يحب أن يقرأ هو كتابات مار إسحق فاتخذ كثيراً من كتاباته شعارات لنفسه مثل "ازهد في الدنيا يحبك الله"، و"من عدا وراء الكرامة هربت منه، ومن هرب منها تبعته وأرشدت عليه". مما جعله يزداد بالأكثر نمواً في حياة الفضيلة ترسماً على خطوات آباءه القديسين وتمثلاً بهم. وإلتحق بالمدرسة اللاهوتية كباقي إخوته الرهبان، فرسمه الأنبا يؤانس قساً في يوليو سنة 1931، وهكذا اهٌله الله أن يقف أمامه على مذبحه المقدس لأول مرة في كنيسة أولاد الملوك مكسيموس ودوماديوس بالدير، كل ذلك قبل أن يتم ثلاث سنوات في الدير. فكان قلبه الملتهب حباً لخالقه يزداد إلتهاباً يوماً بعد يوم، لا سيما بعد رسامته وحمله الأسرار الإلهية بين يديه.
St-Takla.org      Divider!
تَوَحُّده
   اشتاقت نفسه إلى الإنفراد في البرية والتوحد فيها، فقصد مغارة القمص صرابامون المتوحد الذى عاصره مدة وجيزة متتلمذاً على يديه، فكان نعم الخادم الأمين. ثم توجه إلى الأنبا يؤنس البطريرك وطلب منه السماح له بالتوحد في الدير الأبيض وتعميره إن أمكن، وفعلا مضى إلى هناك وقضى فيه فترة قصيرة، ثم أقام فترة من الوقت في مغارة القمص عبد المسيح الحبشي، فكان يحمل على كتفه صفيحة الماء وكوز العدس إسبوعياً من دير البرموس إلى مغارته العميقة في الصحراء حتى تركت علامة في كتفه الى يوم نياحته.   زاره البطريرك الانبا يؤنس عام 1934 وأعجب بعلمه وروحانيته وغيرته، وشهد بتقواه مؤملاً خيراً كبيراً للكنيسة على يديه.
St-Takla.org      Divider!
شهادته للحق
   حدث أن غضب رئيس الدير على سبعة من الرهبان وأمر بطردهم فلما بلغ الراهب المتوحد هذا الامر أسرع اليه مستنكراً ما حدث منه، ثم خرج مع المطرودين وتطوع لخدمتهم وتخفيف ألمهم النفسي، ثم توجه معهم إلى المقر البابوي وعندما إستطلع البابا يوأنس البطريرك الأمر أمر بعودتهم إلى ديرهم وأثنى على القديس المتوحد.   إلا أن قديسنا إستأذن غبطته في أمر إعادة تعمير دير مارمينا القديم بصحراء مريوط، ولكن إذ لم يحصل على الموافقة توجه إلى الجبل المقطم في مصر القديمة - الذي نقل بقوة الصوم والصلاة - وإستأجر هناك طاحونة من الحكومة مقابل ستة قروش سنوياً وأقام فيها مستمتعاً بعشرة إلهية قوية وذلك في الثلاثاء 23 يونيو عام 1936. حقا لقد أحب القديس سكنى الجبال كما أحبها آباؤه القديسين من قبل الذين وصفهم الكتاب المقدس بأن "العالم لم يكن مستحقا لهم لأنهم عاشوا تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض" (عب 38:11). "لعظم محبتهم في الملك المسيح" (القداس الإلهي).
   وهناك إنصهرت حياته من كثرة الصوم والصلاة والسهر حتى تحولت إلى منار ثم إلى مزار بعد أن فاحت رائحة المسيح الزكية منه وتم القول الإلهي لا يمكن أن تخفى مدينة كائنة على جبل.
St-Takla.org      Divider!
إيمانه بشفاعة القديسين
   حدث أن داهمه اللصوص مرة في قلايته التي بناها بنفسه في الكنيسة الصغيرة داخل الطاحونة ظناً منهم أنه يختزن ثروة كبيرة واعتدوا عليه بأن ضربوه ضربة قاسية على رأسه، ثم فروا هاربين بعدما تحققوا أنه لا يملك شيئا سوى قطعة الخيش الخشنة التي ينام عليها وبعض الكتب. أما القديس فأخذ يزحف على الأرض لأن رأسه أخذت تنزف نزفاً شديداً حتى وصل إلى أيقونة شفيعه مارمينا العجايبي وصلى أسفلها وهو في شبه غيبوبة وفي الحال توقف النزيف وقام معافى. على أن علامة الضرب هذه في جبهته لم تزل موجودة إلى يوم إنطلاقه إلى الأمجاد السماوية إلا أنه لم يبق في هذا المكان الذي تقدس بالصلوات المرفوعة والذبيحة الإلهية المقدمة يوميا طويلاً إذ أثناء الحرب العالمية الثانية. وفي الثلاثاء 28 أكتوبر عام 1941 ظنه الإنجليز المحتلون أنه جاسوساً وطلبوا إليه مغادرة المكان فخرج متوجها إلى بابلون الدرج وأقام في فرن بكنيسة السيدة العذراء.
   عاش في العالم وهو ليس من العالم تعلق بالسماويات وزهد بالأرضيات، عرف معنى الغربة التي قالها مخلصنا فلم يعز عليه مكان مهما تعب فيه وعمل بيديه وسهر.لأنه كان يحس تماماً أنه ليس له ههنا مدينة باقية وإنما يطلب العقيدة، فشابه معلمه الذي لم يكن له أين يسند رأسه.   ولذياع صيته وتقواه كان الكثيرون على مختلف طوائفهم ومللهم يسعون إليه للتبرك منه وطلب صلواته0 فقام بطبع كارت خاص به عليه (بسم الله القوي) باللغتين القبطية والعربية، ثم إحدى الآيات التي كان يعيشها القديس ويحياها مثل (ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه)، أو (ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه) أو غيرها من الآيات المُحببة إليه وكان يوزعها على زائريه كما أصدر مجلة بسيطة شهرية أطلق عليها اسم "ميناء الخلاص".   وفي عام 1944 أسندت إليه رئاسة دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون بمغاغة. وسرعان ما إلتف الشباب المتحمس الذين إستهوتهم الحياة الرهبانية حوله، الذين زهدوا في مجد العالم وزيفه وقصدوا، إليه فاحتضنهم بأبوة صادقة وفتح لهم قلبه، فوجدوا في رحابه ورعايته ما أشبع نفوسهم الجوعى وروى ظمأ قلوبهم، وتتلمذ العديد على يديه فترعرع الدير وإزدهر، وسرعان أيضا ما أقام لهم المباني وبنى أسواره المتهدمة بفضل تشجيع الغيورين الذين الذين تسابقوا على رصد أموالهم وقفا للدير وفي وقت قصير تمكن من تدشين كنيسة الدير ببلدة الزورة (التابعة الآن لمركز مغاغة محافظة المنيا).
   وعلى أثر ذلك منحه المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف في ذلك الوقت رتبة الأيغومانوس (القمصية) الذي قال يومها "اشكر إلهي الذي خلق من الضعف قوة كملت به نعمته في الإبن المبارك القمص مينا وأتم هذا العمل العظيم".
   ولكن كما هو معروف عن قديسنا الحبيب أنه كثير التعلق بشفيعه مارمينا وقد رأينا كم حاول أن ينفرد في بريته بصحراء مريوط ولم يتسنى له فصمم على بناء ولو كنيسة صغيرة باسم شفيعه العجايبي يعيش فيها إلى أن يكمل غربته بسلام، وبالفعل قد أعانه الرب وهناك في مصر القديمة من المنح والهبات والهدايا المتواضعة التي كان يتلقاها من أفراد الشعب الذين عرفوا طريقه والذين كانوا يقصدونه طالبين الصلاة للشفاء من العلل وغيرها، إستطاع ببركة ربنا يسوع أن يبني له قلاية وكنيسة باسم حبيبه مارمينا وذلك سنة 1949. ثم توسع في البناء فأقام داراً للضيافة كان يستقبل فيها الشباب الجامعي المغترب ليقيم فيها مقابل قروش زهيدة. فكانت لهذه النواة بركة كبيرة، لأن اولئك الشباب سعدوا بالعشرة الإلهية لأن هذا المكان الطاهر لم يقهم وحسب من أجواء العالم الصاخب، ولكن أضفى عليهم روحانية عميقة حتى خرج الكثيرون من هذا المكان المتواضع ليسوا حاملين للشهادات العلمية من جامعاتهم ولكن فوق ذلك كله رهباناً أتقياء، تدربوا على حياة الفضيلة والزهد وحياة الصلاة الدائمة والسهر، حيث كانوا يشاهدون معلمهم يستيقظ كل يوم مع منتصف الليل ليبدأ الصلاة وقراءة فصول الكتاب على ضوء مصباح صغير داخل حجرته المتواضعة. وقبل أن يطرق الفجر أبوابه إعتاد أن يغادر صومعته ويتجه نحو فرن الكنيسة ومن دقيق النذور يبدأ عمل القربان ويشمر عن ساعديه ويعجن العجين، ثم يقطعه أحجاما متساوية ويختمه ويضعه في فرن هادئ ويظل يعمل ويتلوا المزامير حتى يفرغ منه وعرقه يتصبب ثم يتوجه إلى الكنيسة ليتلوا صلوات التسبحة ثم يقدس الأسرار الإلهية ويعود إلي مكتبته وقلايته وخدمته0 فكانت حاجاته وحاجات الذين معه تخدمها يداه الطاهرتان، يغسل ثيابه لنفسه ويطبخ ويخدم الجميع. على أن حجرته هذه باقية كما هي للآن : السرير البسيط، المكتبة، الملابس الخشنة التي كان يرتديها كل شئ كما هو قبل رسامته إلى لآن.
St-Takla.org Image: His Holiness Pope Kirellos VI (Pope Cyril VI) with the people in one of His pastoral visits صورة في موقع الأنبا تكلا: قداسة البابا كيرلس السادس مع الشعب في أحد زياراته الرعوية

   وقد قام غبطته برسامة أخيه الأكبر قمصاً على هذه الكنيسة باسم القمص ميخائيل يوسف ليشرف على هذا المكان الطاهر، ويواصل عمل القداسات وتلاوة الصلوات فيه حيث تقدس هذا البيت كما يقول الرب "وقدست هذا البيت الذي بنيته لأجل وضع إسمي فيه إلى الأبد وتكون عيناي وقلبي هناك كل الأيام" (مل 3:9). كما كان يحلوا له وهو بطريرك أن يتوجه إليه ليخلوا قليلا "ليملأ البطارية" أي ليأخذ شحنة روحية على حد تعبيره.

منقول من موقع الانبا تكلا
St-Takla.org      Divider!
إختياره للباباوية
   "وأعطيكم رعاة حسب قلبي فيرعونكم بالمعرفة والفهم" (إر 10:3). إن إختيار قداسة البابا لم يكن بعمل إنسان ولكن المختار من الله لكنيتنا القبطية وقصة تبوأه كرسيه الرسولي تدعو إلى العجب وإلى تمجيد إسم الرب يسوع الذي ينزل الأعزاء عن الكراسي ويرفع المتضعين.   كان ترتيبه بين المرشحين السادس، وكان على لجنة الترشيح حسب لائحة السبت 2 نوڤمبر1957 أن تقدم الخمسة رهبان المرشحين الأوائل للشعب0 وفي اللحظة الأخيرة للتقدم بالخمسة الأوائل، أجمع الرأي على تنحي الخامس، وتقدم السادس ليصبح الخامس. ثم أجريت عملية الاختيار للشعب لثلاثة منهم فكان آخرهم ترتيبا في أصوات المنتخبين وبقى إجراء القرعة الهيكلية في الأحد 19 إبريل 1959 ولم يخطر ببال أحد أن يكون إنجيل القداس في ذلك اليوم يتنبأ عنه إذ يقول هكذا "يكون الآخرون أولين والأولون يصيرون آخرين" وكانت هذه هي نتيجة القرعة.
   ودقت أجراس الكنائس معلنة فرحة السماء وأتوا بالقمص مينا البرموسي المتوحد ليكون البابا كيرلس السادس بابا الأسكندرية المائة والسادس عشر من خلفاء مارمرقس الرسول. وعند ذاك أيقن الشعب أن عناية الله تدخلت في الإنتخاب ومن الطريف أن يكون عيد جلوسه يلحق عيد صاحب الكرسي مارمرقس الكاروز، يتوسط بينهما عيد أم المخلص - كما إعتاد أن يدعوها غبطته - وكتبت تقاليد رئاسة الكهنوت على ورقة مصقولة طولها متر وعرضها 7 سنتيمترات.
   وقد سأله وقتئذ أحد الصحفيين عن مشروعاته المستقبلية، فكانت إجابته "لم أتعود أن أقول ماذا سأفعل ولكن كما رأى الشعب بناء كنيسة مارمينا بمصر القديمة وكان البناء يرتفع قليلا قليلا هكذا سيرون مشروعات الكنيسة".
   لقد كان أمينا في القليل فلا عجب أن إئتمنه الروح القدس على الكثير، ومنذ ذلك الإختيار الإلهي والبابا كيرلس هو الراهب الناسك المدبر باجتهاد.
St-Takla.org      Divider!
باباويته
   تميز عهد قداسته بانتعاش الإيمان ونمو القيم الروحية ولا شك أن ذلك راجع لان غبطته إنما وضع في قلبه أن يقدس ذاته من أجلهم - أي من أجل رعيته - على مثال معلمه الذي قال: "لأجلهم أقدس أنا ذاتي". فحياته هو والراهب مينا كانت هي وهو البابا كيرلس في ملبسه الخشن وشاله المعروف وحتى منديله السميك ومأكله البسيط فلم يكن يأكل إلا مرتين في اليوم الأولى الساعة الثانية والنصف ظهرا والثانية الساعة التاسعة مساءاً، وفي الأصوام مرة واحدة بعد قداسه الحبري الذي ينتهي بعد الساعة الخامسة مساءاً وفي سهره وصلواته كذلك فكان يصحوا من نومه قبل الساعة الرابعة من فجر كل يوم ليؤدي صلوات التسبحة ويقيم قداس الصباح وبعدها يستقبل أولاده.. وهكذا يقضي نهار يومه في خدمة شعبه وفي الوحدة حبيس قلايته في التأمل في الأسفار الإلهية.. لا يعرف ساعة للراحة حتى يحين ميعاد صلاة العشية فيتجه إلى الكنيسة تتبعه الجموع في حب وخشوع.
St-Takla.org Image: H. H. Pope Kiryllos VI صورة في موقع الأنبا تكلا: البابا كيرلص سادس

   فعلا كان مثال الراعي الصالح للتعليم لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق والقدوة الصالحة. إنه عينة حقيقية من كنيسة أجدادنا القديسين كنيسة الصلاة وتقديس الذات أكثر منها كنيسة المنابر والوعظ الكثير...
   فهو رجل الصلاة نعم إنه رجل الصلاة الذي أدرك ما في الصلاة من قوة فعالة فكانت سلاحه البتّار الذي بواستطها استطاع أن يتغلب على أعضل المشكلات التي كانت تقابله.   وفوق ذلك فقد حباه الله موهبة الدموع التي كانت تنهمر من مآقيه طالما كان مصلياً وموهبة الدموع هذه لا تُعطى إلا لِمُنْسَحِقي القلوب، فكان يسكب نفسه انسكاباً أمام الله ويذوب في حضرته، فإذا ما كنت معه مصلياً أحسست أنك في السماء وفي شركة عميقة مع الله.
   كثيرا ما كان يزور الكنائس المختلفة فجر أي يوم حيث يفاجئهم ويرى العاملين منهم والخاملين في كرم الرب فكان معلما صامتا مقدماً نفسه في كل شئ قدوة مقدما في التعليم نقاوة ووقاراً وإخلاصاً.
  وهذه الحياة المقدسة وهذه الروحانية العالية التي لأبينا البار فقد ألهبت قلوب الرعاة والرعية فحذوا حذوه وفتحت الكنائس وأقيمت الصلوات وإمتلأت البيع بالعابدين المصلين بالروح والحق. وأحب الشعب باباه من كل قلبه وأصبح كل فرد يشعر بأنه ليس مجرد عضو في الكنيسة بل من خاصته. وأصبحنا نرى في حضرته مريضا يقصده لنوال نعمة الشفاء، مكروبا وشاكيا حاله طالِباً للصلاة من أجله ليخفف الرب كربه. وقد وهبه الله نعمة الشفافية الروحية العجيبة فكثيراً ما كان يجيب صاحب الطلب بما يريد أن يحدثه عنه ويطمئنه أو ينصحه بما يجب أن يفعله في أسلوب وديع، حتى يقف صاحب الطلب مبهوتاً شاعراً برهبة أمام رجل الله كاشف الأسرار.
وهكذا يفتح بابه يومياً لإستقبال أبناءه فقيرهم قبل غنيّهم، صغيرهم قبل كبيرهم ويخرج الجميع من عنده والبهجة تشع من وجوههم شاكرين تغمرهم راحة نفسية لما يلمسونه من غبطته من طول أناه وسعة صدر تثير فيهم عاطفة الأبوة الحقيقية الصادقة.























07‏/03‏/2012

† حياة السلام الداخلى - للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى



أهمية السلام الداخلى ....
+ ما احوج الإنسان فى عالمنا المعاصر الى السلام الداخلى وعدم الأنقسام بين متطلبات الجسد والروح، وما اجمل حياة الهدوء والطمانينة وضرورتها لسعادة ورقي وتقدم  الفرد والجماعة . وكم يحتاج انسان اليوم للخلوة والخلود الى نفسه فى هدوء وتأمل  ليكتشف  الكنوز والقوة الروحية والنفسية لديه بعيداً عن ضوضاء العالم وصخبه . اننا نحيا وسط عالم ملئ بالحروب والقلاقل والنزاعات الداخلية والخارجية وتضارب المصالح والاهداف  وفى حياة الشعوب كما الافراد نسمع كثيراً عن الخلافات حتى بين الاخوة والاقارب ، وعن الخصومات والحوادث الماسأوية التى تحزن كل أنسان له ضمير حي ، وللأسف الشديد نجد البعض يعطى للبغضة والكراهية طابع دينى وينسب لله صفات تنفر الناس من الله والتدين .
 + اصبح عالمنا يفتقر الى السلام على المستوى الجماعي كما هو الحال على مستوى الفرد ، وعندما يغيب الإيمان السليم  يغيب الأمن والأمان والطمأنينة والهدوء . ان فاقد الشئ لا يعطيه . وكيف لمن يمجد القتال والكبرياء  ويحيا حياة الخطية والشر ان يحيا فى سلام {لا سلام قال الرب للاشرار} (اش  48 :  22). ان الله المحب يتعجب ويقول لنا كما قال لقايين { ماذا فعلت صوت دم اخيك صارخ الي من الارض} (تك 4 : 10). وهكذا تصرخ الدماء البرئية حتى الان واين يهرب الظالم من يد الله  . لقد امتدت يد الانسان للاساءة الى كوكبنا ولهذا راينا الطبيعة والارض تثور فى وجهنا مرة بزلازل مدمرة واخرى باعاصير هائلة وتارة ببركين وحمم ثائرة وهكذا نقترب بالحروب والأسلحتة الفتاكة الى نهاية العالم ومجئ يوم الرب العظيم  { ولكن سياتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الارض والمصنوعات التي فيها. فبما ان هذه كلها تنحل اي اناس يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة وتقوى} 2بط10:3 -11.
 + بالرغم  من هذه الآلام  فان الإنسان المؤمن يحيا فى سلام داخلى عميق لان الرب حصناً وملجاً له ومع داود النبي يترنم { الرب نوري وخلاصي ممن اخاف الرب حصن حياتي ممن ارتعب. عندما اقترب الي الاشرار لياكلوا لحمي مضايقي واعدائي عثروا وسقطوا. ان نزل علي جيش لا يخاف قلبي ان قامت علي حرب ففي ذلك انا مطمئن. واحدة سالت من الرب واياها التمس ان اسكن في بيت الرب كل ايام حياتي لكي انظر الى جمال الرب واتفرس في هيكله. لانه يخبئني في مظلته في يوم الشر يسترني بستر خيمته على صخرة يرفعني} مز1:27-5. نعم نحن نحتاج للسلام الداخلى لنستطيع ان نعطى سلاما لبعضنا البعض وكم يحتاج العالم لقلوب صافية لا تكره وافكار سلام نحو الجميع وسعي حقيقى لصنع السلام الدائم والعادل لاسيما فى الشرق الاوسط الذى يعاني منذ  زمن بعيد فقدان السلام والصراع الذى طال أمده {طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون} (مت  5 :  9)
السلام الداخلى فى عالم متغير
+ السلام هو عطية من الله..  السلام هبة من الله يهبها للإنسان المؤمن الذى يحيا فى ثقة بوعوده ويحيا فى مخافته . من أجل هذا السلام نصلي ونطلب ان يمنحنا اياه الله ونقول يا ملك السلام أعطنا سلامك، قرر لنا سلامك وأغفر لنا خطايانا  وهو يجيبنا قائلاً {سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب} (يو 14 : 27). الله يعطينا الوعود المطمئنة { فان الجبال تزول والاكام تتزعزع اما احساني فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب} (اش 54 : 10). ورغم الضيقات التي نمر بها والتجارب التى نتعرض لها فانه أمين {قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33) . لقد نجا الله يونان قديما  من بطن الحوت وخلص الفتية من أتون النار المتقدة ناراً وأنقذ دانيال من جب الأسود ، وكان القديس بطرس الرسول نائما فى سلام وهو مقيداً فى السجن وجاء الملاك وفك قيوده وفتح ابواب السجن وخلصه من موت محقق ، والله هو هو أمس واليوم والى الابد ، وحتى ان نسمح لنا بتجربة او اضطهاد فنحن لانخاف شراً  ولا نجزع من الموت حباً فى من مات من أجلنا فجميع الذين يريدوا ان يحيوا فى التقوى عانوا قبلنا { طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات.طوبى لكم اذا عيروكم و طردوكم و قالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين. افرحوا  تهللوا لان اجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم}(مت 10:10-12).
 لقد واجه اجدادنا القديسين كل ظروف الحياة  سلام داخلى عميق لانهم وثقوا فيه وأمنوا بكلامه وهو قادهم فى موكب نصرته. السلام الحقيقي يبدأ بالقلب لا في ساحات المعارك. السلام الحقيقي هو نزع الأحقاد والبغضاء على مستوى كل إنسان لنحيا أنسانيتا الحقة، ومن ثم نستطيع ان نتعاون ونقود حتى القادة والمسئولين الي نزع الأسلحة الذرية والهيدروجينية من أيدي الجيوش. وعندما يمتلئ القلب بالسلام الحقيقي تُنـزع الأسلحة وتتوقف الحروب، وتحل المحبة مكان الحقد والضغينة والبغضاء. السلام الحقيقي هو انتصار تلكَ المحبة وسيطرتها على حياة الإنسان.
+ التوبة وحياة السلام ... ان الأنسان الخاطى لا ينعم بالسلام من اجل هذا قال الأنجيل { لا سلام قال الرب للاشرار }(اش  48 :  22). ولما كان الله اله رأفة ورحمة لذلك هو يدعونا الى التوبة {من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم }(ام  28 :  13). جاء السيد المسيح  ليهبنا التوبة لغفران الخطايا ولكى ما ننعم بالسلام { فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مر 2 : 17). ولقد أشار الرب الى اهمية التوبة لحياة السلام الداخلى عندما غفر للمراة  الخاطئة فقال لها {فقال للمراة ايمانك قد خلصك اذهبي بسلام }(لو 7 : 50). ولهذا يجب علينا ان نسرع فى التوبة والأقلاع عن الخطية {لا تؤخر التوبة الى الرب ولا تتباطا من يوم الى يوم }(سيراخ  5 :  8).  يجب ان نعترف بخطايانا ونقترب من الله والأسرار المقدسة بتقوى وقداسة وبر ونعمل على إصلاح سيرتنا ومصالحة أنفسنا مع الله  وقبول الغفران منه وحينئذ نستطيع ان نسامح الذين يسئيون الينا { ومتى وقفتم تصلون فاغفروا ان كان لكم على احد شيء لكي يغفر لكم ايضا ابوكم الذي في السماوات زلاتكم }(مر 11 : 25). عندما نعلم ان الله يقبلنا كما نحن لنصير الى حال أفضل نستطيع ان نقبل الإخرين كما هم ونغفرلهم زلاتهم نحونا ونقول مع السيد المسيح المصلوب ظلماً وحسدا { يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون }(لو  23 :  34).
+  الجهاد وعمل النعمة .. لابد ان نجاهد لكى ما نحصل على حياة السلام الداخلى ، ونبتعد عن الغضب والكراهية والشهوات التى تحارب النفس وعلينا بالصلاة طالبين عمل نعمة الله فينا بتواضع وثقة . نعم قد توجد حروب ومعوقات خارجية او داخلية ولنستمع لنصيحة القديس ثيؤفان الناسك لكسب السلام الداخلى ( يوجد اضطراب في الداخل وهذا تعرفه من الخبرة. يجب أن تقضي عليه، وهذا ما تريده وقد قررت ذلك. ابدأ مباشرة بإزالة سبب هذا الاضطراب. السبب هو أن روحنا فقدت أساسها الأصلي، الذي هو في الله، وهي تعود إليه مجدداً بتذكر الله. إذاً، الأمر الأول هو هذا ، ضروري أن تتعوّد على تذكّر الله بدون انقطاع، إلى جانب خوفه وتوقيره. كًنْ مع الله، مهما فعلت، ووجّه نحوه كل عقلك، محاولاً أن تتصرّف كما في حضرة ملك. سوف تعتاد على هذا سريعاً، فقط لا تستسلم أو تتوقف. إذا تبِعتَ هذا القانون البسيط بضمير حي، سوف تقهر الاضطراب الداخلي) .

+ الهدوء والسلام الداخلى .. الهدوء شجرة حياة لا يموت الذين يأكلون منها  لقد جاء عن مخلصنا الصالح انه كان { لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته} (مت 12 : 19).  يجب ان يكون لنا هدوء ورقة اللسان {هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق في الروح }(ام 15 : 4). الكلام الوديع يسمع ويأتى بنتيجة أفضل من الصراخ والتسلط {كلمات الحكماء تسمع في الهدوء اكثر من صراخ المتسلط بين الجهال} (جا 9 : 17) . عندما تحاربنا أفكار الغضب او المرارة من اساءة أحد ما فيجب ان نهدء ولا نسرع الى الحديث او الرد {ان صعدت عليك روح المتسلط فلا تترك مكانك لان الهدوء يسكن خطايا عظيمة }(جا  10 :  4)  كم مرة تكلمنا ونحن فى لحظات الثورة والغضب فخسرنا أحباء لنا وندمنا ولم ينفع الندم {انه هكذا قال السيد الرب قدوس اسرائيل بالرجوع والسكون تخلصون بالهدوء والطمانينة تكون قوتكم فلم تشاءوا }(اش 30 : 15). ان كنا لا نستطيع ان نتحكم فى الظروف الخارجية او الضجيج فيجب ان نسرع لاقتناء الهدوء الداخلى  من هدوء الحواس والفكر والقلب وعدم التقلب فى الاراء او السير وراء الاهواء وفى الهدوء نتحدث الي الله ونصغى لصوته الحنون ونقتنى بالإيمان نعمة قيادة روحه القدوس لنا ذلك الروح الوديع الهادئ يقودنا  فقط فى الهدوء بعيداٌ عن الضجيج والغضب فى سلام حتى لو وسط  أمواج وتيارات العالم .

+ المحبة  طريقنا للسلام الداخلى ...  المحبة تجعلنا نحيا فى تناغم وانسجام مع الله والناس . الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثيت فى الله والله فيه .ان محبة الله اذ تدخل القلب تطرد الخوف المرضي الي خارج وتجعلنا نحيا فى سلام . ان الله يقدر ان يحررنا  من الخوف والضعف والأضطراب والقلق { فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا }(يو 8 : 36) . وان ارضى الأنسان ربه جعل حتى أعدائه يسالمونه . المحبة تجعلنا ودعاء ولطفاء مسالمين. وتعطينا القدرة والحكمة للعيش فى هدوء { البغضة تهيج خصومات والمحبة تستر كل الذنوب }(ام 10 : 12). { المحبة تتانى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ }(1كو  13 :  4) . المحبة لا تسقط ابداً . نصلى اذا  ان يحل سلام ربنا يسوع المسيح  في حياتنا.
 +التطلع الي الأبدية ..  اننا نحيا الان كغرباء على الأرض وكسفراء للسماء يجب ان نحيا وعيون قلوبنا ناظرة الى رئيس ايماننا ومكمله { لذلك لا نفشل بل وان كان انساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوما فيوما. لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا. ونحن غير ناظرين الى الاشياء التي ترى بل الى التي لا ترى لان التي ترى وقتية واما التي لا ترى  }2كو 12:4-16. ومن أجل الابدية السعيدة نحيا فى حياة التواضع وانكار الذات والمحبة نحو الجميع وعدم التعلق بمقتنيات العالم . ان كثيراً من الصرعات الفردية والجماعية تنشأ من الأنانية ونزعات السيطرة ومحبة الذات واللذات ولهذا نجاهد ونفرح لا لشهوة ننالها ولكن لرغبة غير مقدسة نُخضعها ونسيطر عليها وضابط نفسه خير من مالك مدينة .
ياملك السلام أعطنا سلامك
 + ايها الرب الاله ياملك السلام ، وسط عالم يسوده الأنقسام والصراعات والحروب والأنانية وعدم الهدوء . انت هو سلامنا وقوتنا ، منك نستمد السلام ونحيا فى هدوء وأنسجام ، نسعى فى أثر السلام وصنعه ونتصالح معك بالتوبة والرجوع اليك  ومحبتك من كل القلب والفكر والنفس والقدرة ونصلى طالبين ان يحل سلامك فى قلوبنا وحياتنا وبيوتنا وكنسيتنا وبلادنا.
+ انت هو سلامنا ومنك نتعلم كيف نحيا متواضعين ولوصاياك طائعين ولعمل نعمتك وارشاد روحك القدوس منقادين . فعلمنا يارب ان نحيا فى أنسجام ووئام فلا يكون لدينا الأنقسام بين مطالب الروح وشهوات الجسد بل نضبط ذواتنا فى كل شئ مستأسرين كل فكر الى طاعتك ، وعندما يهيج علينا العدو فاننا بك نحتمى وبروحك القدوس نجد الرائحة والامن والأيمان الواثق .
+ الهى ومخلصى علمنا ان نكون رسل سلام ووحدة ومحبة ، وارشدنا فى دروب السلام ومسالك الحق والعدل والفضيلة ، وانت الهنا القوى قادر ان تُسكت أمواج بحر العالم الهائجة ضدنا وتسد أفواه الأسود وتطفئ سهام أبليس المتقدة ناراً . واشملنا بعطفك ورحمتك لنحيا فى سلام ومحبة وهدوء وبك يعظم أنتصارنا  ومعك يجرى السلام كينبوع متجدد فى قلوبنا لمجد اسمك القدوس . أمين