17‏/12‏/2013

† تأملات في الميلاد (1-ملئ الزمان) - بقلم مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث



إن إنتظاره " ملء الزمان " هو درس روحي عميق نستفيده في حياتنا ، عندما نتأمل قصة التجسد وكيف حدد الله ميعادها .

وعندما أخطأ آدم وحواء وعدهما الله بالخلاص ، قائلاً لهما إن نسل المرأة سيسحق رأس الحية . وإنجبت المرأة قايين وهابيل وشيث ... ولم يحدث أن أحداً منهم سحق رأس الحية . بل ظلت الحية رافعة رأسها في خطر ، حتى كادت تهلك العالم كله في أيام نوح ...

ـ فإلى متي يارب ننتظر ؟ متى تحقق وعدك بالخلاص ؟

ـ " ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي جعلها الآب في سلطانه ( أع1 : 7 ) . فاصبروا وإنتظروا خلاص الرب . وكل شئ سيتم في حينه ، في ملء الزمان .
إن الله يعمل في الوقت المناسب ، حين يري العمل والظروف كلها تساعد على هذا العمل . الله طويل الأناة في تدبيره . ومعالجته للمشاكل ربما تأخذ وقتاً ولكنها تكون قوية ونافعة .

متى نفذ الرب وعده بالخلاص ؟ نفذه بعد آلاف السنين ...

والحكمة في ذلك سنوضحها فيما بعد . ولكننا نقول آلان يوماً عند الرب كألف سنة ، وألف سنة عنده كيم واحد " ( 2بط3 : 8 ) كل تلك الآلاف عند الله كأنها لحظة أو طرفة عين . أما البشرية فإنها شغوفة بأن تنهي كل شئ بسرعة ... حمي الإسراع هي حمي تنتاب البشر جميعاً . تريد التعجل في كل شئ ، ولا تستطيع صبراً على شئ . الناس يجرون وراء حاجاتهم جرياً بدون تفكير في غالبية الأوقات .

محبه العجلة والإسراع :

·  وعد الرب أبانا إبراهيم بأن يكون له نسل ، مثل نجوم السماء ورمل البحر . وأنتظر إبراهيم طويلاً ولم يعط نسلاً كنجوم السماء ... ولا حتي إبناً واحداً ... ماذا يارب ، هل نسيت مواعيدك ؟ كلا ، إنني لم أنس ، ولكنك أنت الذي تريد أن تتعجل الأمور قبل مواعيدها ... " تقو وليتشدد قلبك ، وأنتظر الرب " ...
·   وعاد إبراهيم ، فإنتظر مدة أطول ، ولكن النسل لم يعط له ... فبدأ اليأس يتطرق إلى قلبه ، ودفعه إليأس إلى أن يدخل على جاريته هاجر ، وينجب منها إبناً ... ولكن مشئيته الله ظلت كما هي " بسارة يدعي لك نسل " ( تك17 : 9 ) ... وعاد إبراهيم فإنتظر سنوات أخري ...
وحتى بعد ولادة إسحق ، مرت عليه عشرات السنوات ، ومازال الوعد الخاص بنجوم السماء ورمل البحر ينتظر التحقيق ... وعاد إبراهيم فاتخذ قطورة زوجة له . فولدت له زمران ويقشان ومديان ويشباق وشوحا ( تك25 : 1 ، 2 ) ... لم تكن مشيئته الرب في كل هؤلاء ، فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحق إبنه ... وإنتظر حتي يحقق الرب وعده ، في ملء الزمان ... بطريقته الهادئة ، التي لا تعجل فيها ...
·   إن اليأس من وعود اله ومواعيده يدعو إلى التعجل . والعجلة تدعو إلى إستخدام الطريق البشرية . والطريق البشرية تتنافي مع طرق الله الصالحة . وسنأخذ مثلاً لذلك رفقة زوجة إسحق .
·   قال الرب لرفقة وهي بعد حبلي : " في بطنك أمتان ، ومن أحشائك يفترق شعبان : شعب يقوي على شعب ، وكبير يستعبد لصغير " ( تك25 : 23 ) . والكبير هو عيسو ، يستعيد للصغير الذي هو يعقوب .
·   كيف هذا يارب ؟ كيف يستعبد الكبير للصغير ؟ طالما هو البكر فهو السيد . فهل سيفقد البكورية ؟ كيف يكون ذلك ؟
·   يجيب الرب : اتركوا هذه الأمور لي ، سأعلجها بطريقتي الخاصة ، الهادئة الصالحة . ومرت الأيام والسنون ... أين يارب وعدك ؟ يجيب : إنتظروا ، سيتم كل شئ في حينه ، في ملء الزمان . ثم أتي اليوم الذي طلب فيه إسحق صيداً من إبنه عيسو ، لكي يباركه . وهنا لم تستطع رفقة أن تحتمل ، فقدمت حيلة بشرية لأبنها يعقوب ليأخذ بها البركة عن طريق خداعة لأبيه ...
لماذا أسرعت رفقة ؟ ولماذا لم تنتظري الرب ؟ ولماذا لجأت إلى الطرق البشرية الخاطئة التى لا تتفق مع مشيئته الله الصالحة ؟ إنها حمى الإسراع وعدم إنتظار ملء الزمان ... وماذا كانت النتيجة ؟ كانت سنوات طويلة من المتاعب والآلام ، قضاها يعقوب شريداً هارباً وخائفاً من أخيه . ومتعباً من معاملة لابان السيئة وخداعة له . وقد سجل يعقوب ملخص حياته هذه بقولة : " ايام سني غربتي ... قليلة وردية " ( تك 47 : 9 ) .
حنة أيضاً كانت تطلب إبناً من الرب ، وكانت ضرتها تغيظها غيظاً . وبدا كما لو أن الرب كان يسمع . ويظل ساكتاً !
ومرت الأيام ، وحنة ما تزال عاقراً " وهكذا صار سنة بعد سنة ، كلما صعدت إلى بيت الرب أن ( ضرتها فننه ) كانت تغيظها . فبكت ولم تأكل " ( 1صم1 : 7 ) . والرب يسمع ويري ، ومع ذلك يبدو ساكتاً لا يعمل شيئاً ! ... إلى متى يارب لا تستجيب ؟ إلى متى تحتمل بكاء حنة من إغاظة ضرتها ؟
يجيب الرب :إنتظروا ملء الزمان . إن الذي يتعبكم ليس هو طول أناتي ، بل الذي يتعبكم هو حمي الإسراع . إنتظرونا ، فالانتظار له فائدة ...
وكان من فائدة الانتظار أن حنة نذرت نذراً أن تعطي إبنها للرب كل أيام حياته . وقد كان ، وولد لها صموئيل .
ولد صموئيل في ملء الزمان ، متأخراً جداً . ولكنه كان أفضل من جميع أولاد فننة ، ضرة أمه التي كانت تغيظها ... من هم أولاد فننة ؟ إننا لا نعرف شيئاً عنهم ولا حتى عن أسمائهم ، أما صموئيل فيعرفه الجميع ...
ليتنا إذن في معاملاتنا للرب ، نصبر ، وننتظر ملء الزمان .
إن الضيقات تحتاج إلى طول أناة ، حتى يرفعها الرب عنا في الحين الحسن ، في ملء الزمان ، بعد أن نكون قد أخذناه بركتها . ولكننا أحياناً لا نفعل هكذا بل نضيق بسرعة ، ونصرخ : " لماذا يارب تركتنا ؟ لماذا لم تسمع الصلاة ؟ " ...
قد يكون لك مريض تطلب شفاءه ، وتلح في ذلك . وقد يبطئ الرب في الإستجابة حتي يأتي ملء الزمان الذي يحدده للمريض حسب حكمته في إختيار الأوقات . أما أنت فتضجر وتصيح في ضجر : " ليه يارب ما بتسمعش ؟ أمال إيه لازمة الصلاة ؟ أمال إيه فايدة سر مسحة المرضي !! " وتعمل خناقة مع ربنا ... ليس لأن الله قد أخطأ في حقك ، وإنما بسبب محبتك للإسراع وعدم إنتظارك ملء الزمان .

ملئ الزمان هو الوقت المناسب :

بنفس حكمة ملء الزمان ، إنتظر الرب حتى يعد كل شئ لتجسده ، ثم بعد ذلك نزل إلينا في الوقت المناسب ...
لم يكن هناك وقت مناسب أكثر من موعد مجيئه بالذات . كان كل شئ مهداً وكل شئ معداً . لذلك كان عمل مجيئه قوياً ، وكان تقبل الناس له سريعاً ...
كانت النبوءات قد إكتملت ، وكذلك الرموز . وأعد الرب فهم الناس لها خلال مدي طويل ، حتى يستطيعوا أن يستوعبوها عندما يتم المكتوب ويتحقق الرمز ...

خذوا لذلك مثالاً هو فكرة الذبيحة والفداء :

كيف تدرج الله بهم من الذبيحة التي غطي آدم وحواء وعريهما بجلدهم إلى ذبيحة هابيل التي " من أبكار غنمة ومن سمانها " ، إلى فكرة ذبيحة الإبن الوحيد التي تمثلت في إسحق ، إلى شروط الذبيحة الت بلا عيب ، التي تحمل خطية غيرها وتموت عنه ... وتركهم آلافاً من السنين حتى احتضنوا الفكرة واستوعبوها وصارت من بديهيا تهم ...
إن الله طريقته هادئة وطويلة المدي ، ولكنها منتجة ونافعة ...
صدقوني ، لو أن الله صبر كل تلك الآلاف من السنين حتى يجد العذراء الطاهرة التي تستحق أن يولد منها الرب ، والتى تحتمل أن يولد منها الرب ، لكان هذه واحده سبباً كافياً .
وكان ينبغي أن ينتظر حتى يوجد الرجل البار الذي تعيش تلك العذراء في كفنه ، ويحفظها في عفتها ، ويحتمل أن تحبل من الروح القدس ، ويقبل الفكرة ، يحمى الفتاة ، ويعيش كأنه أب لإبنها في نظر المجتمع ..
وكان ينبغي الانتظار حتى يولد الملاك الذي يعد الطريق قدام ملك الملوك  ، أعني يوحنا المعمدان ذا الشخصية الجبارة والتأثير العميق . الذي يستطيع أن يقول : " في وسطكم قائم الذي تعرفونه ، هو الذي يأتي بعدي ، الذي صار قدامي ، الذي لست بستحق أن أحل سيور حذائه " ( يو1 : 27 ) " وينبغي أن ذاك يزيد ، وأني أنا أنقص . الذي يأتي من فوق ، هو فوق الجميع . الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع .. ( يو3 : 30 ، 31 ) .
لعل أحداً يسأل : ولماذا لم يوجد الله كل هؤلاء منذ زمن ؟ نجيب بأن الله لا يرغم البشر على البر والقداسة . إنه ينتظر حتى توجد الآنية المستعدة بكامل أرادتها ..
هناك أسباب عديدة جداً توضح شيئاً من حكمة الرب في الانتظار حتى يأتي ملء الزمان . وأوضحها هو إعداد العالم كله وتهيئته لقبول فكرة التجسد وفكرة الفداء ...
وأخيراً ، عندما كمل كل شئ " لما جاء ملء الزمان ، أرسل الله إبنه مولوداً من إمرأة تحت الناموس ، ليفتدي الذين تحت الناموس ، لننال التبني " ( غل4 : 4 : 5 ) .

29‏/11‏/2013

† تأملات فى صوم الميلاد المجيد - للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى


تأملات فى صوم الميلاد المجيد
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ صوم الميلاد هو رحلة استعداد.. أذ تستعد الكنيسة وتهيئ وتعد مؤمنيها لاستقبال الكلمة المتجسد ليحل بالإيمان فى قلوبنا وندرك عظمة هذا السر، سر استعلان الله فى جسد إنسان { عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد}(1تي 3 : 16). وكما صام موسي النبي قديما أربعين يوما وأربعين ليلة ليستضئ فكره وقلبه وروحه لاستلام لوحى العهد المكتوبة بإصبع الله { وقال الرب لموسى اكتب لنفسك هذه الكلمات لانني بحسب هذه الكلمات قطعت عهدا معك ومع اسرائيل. وكان هناك عند الرب اربعين نهارا واربعين ليلة لم ياكل خبزا ولم يشرب ماء فكتب على اللوحين كلمات العهد الكلمات العشر. وكان لما نزل موسى من جبل سيناء ولوحا الشهادة في يد موسى عند نزوله من الجبل ان موسى لم يعلم ان جلد وجهه صار يلمع في كلامه معه. فنظر هرون وجميع بني اسرائيل موسى واذا جلد وجهه يلمع} (خر27:34-30). فاننا نصوم فى رحلة مقدسه لاربعين يوم لنستطيع ان نفهم ونعيش فرحة التجسد الالهي والخلاص والتحرر من عبودية إبليس وثقل الإنسان العتيق فيستحيل على الإنسان الطبيعي المنغمس فى لذة الأكل والشرب وملاهي العالم أن يؤمن ويثق ويحيا بالروح والحق ويدرك أبعاد التجسد الالهي لتواضع ووداعة وعمق محبة الله الآب الذى أرسل ابنه الوحيد الى العالم لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. الكنيسة بالصوم تعدنا روحيا لنحيا أفراح ميلاد المسيح الذى إنتظرته الأجيال في ترقب وبالصوم نتقدس بالتوبة ويتقدس الجسد والفكر والروح.
الاستعداد للميلاد بالتوبة.. الرجوع الى الله من كل القلب هو صميم دعوة الرب يسوع المسيح { من ذلك الزمان ابتدا يسوع يكرز ويقول توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات (مت 4:17). الصوم عن الطعام هو ضبط للجسد والاهواء فالبطن سيدة الأوجاع من يستطيع ان يضبطها يسير فى طريق الكمال ويقدر أن يضبط الجسد كله { الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات} (غل 5 : 24). لابد ان يصحب الصوم عن الطعام لفترة من الزمن الأكل النباتي الخفيف فى إعتدال ليصح الجسد وتصفو النفس وتقوى الروح يرافقه صوم الحواس عن الطياشة فيما لا يفيد، وصوم اللسان عن الكلام غير النافع وضبط الفكر عن التجوال في الارضيات وهموم وغرور العالم ليرتفع ويشبع بالله فى تأمل فى كلامه المشبع { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله }(مت 4 : 4). الصوم الروحي يعنى الشبع بالصلاة وكلمة الله المحيية والخلوة الروحية لمحاسبة الذات ومعاتبتها أو معاقبتها لترجع الى الله وتعترف بخطاياها وأخطائها وتقلع عنها وتكتسب العادات الإيجابية التي تقربها من الله وتتقدس بالاسرار المحيية وتتهيأ لحلول المسيح بالإيمان فيها.
صوم الميلاد والإستنارة الروحية.. كان العالم قبل ميلاد المسيح قد بعد عن الله وأظلم الفكر { يمدون السنتهم كقسيهم للكذب لا للحق قووا في الارض لانهم خرجوا من شر الى شر واياي لم يعرفوا يقول الرب} (ار 9 : 3). تعلق الناس بالمادة وغرور الغنى وهموم الحياة  واصبح الناس فى فى ظلمة الخطية والجهل { يتلمسون في الظلام وليس نور ويرنحهم مثل السكران} (اي 12 : 25). وحتى البقية الباقية التي تعرف الله كانت عبادتهم فريسية وشكليه والقلة القليلة التي تتوقع استعلان مجد الله كانت تعاني وتتعذب أنفسهم البارة بافعال من حولهم الأثمة فالبعد عن الله جهل { قد هلك شعبي من عدم المعرفة }(هو 4 : 6). فجاء السيد المسيح النور الحقيقي الذى ينير لكل إنسان أت الى العالم ليهبنا الاستنارة ويجعلنا ابناء النور كما تنبأ عنه اشعياء النبي { ولكن لا يكون ظلام للتي عليها ضيق كما اهان الزمان الاول ارض زبولون وارضنفتالي يكرم الاخير طريق البحر عبر الاردن جليل الامم. الشعب السالك في الظلمة ابصر نورا عظيما الجالسون في ارض ظلال الموت اشرق عليهم نور.....لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. لنمو رياسته و للسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الان الى الابد غيرة رب الجنود تصنع هذا} ( أش 1:9-7). ولكي يشرق علينا نور شمس البر والشفاء فى أجنحتها وتستنير قلوبنا بنور الإيمان وننتقل من عالم الظلمة الى ملكوت النور فاننا فى رحلة صوم الميلاد والاحاد الخاصة بشهر كيهك نتأمل سر الله المتجسد ومسيرة الخلاص فى العهد القديم والتنبؤات الخاصة بالتجسد والبشرى بميلاد السابق يوحنا المعمدان لكي يهيئ طريق الرب ثم بشرى التجسد الإلهي للقديسة مريم العذراء وميلاد القديس يوحنا المعمدان لنصل الى ميلاد السيد المسيح الوديع والمتواضع والغالب والمنتصر ليهبنا إمكانيات الخلاص من عبودية إبليس بتجسده وصليبه المحيي وقيامته المجيدة . { يولد لنا ولد نعطي ابنا} تجسد وتأنس ابن الله ليصير ابناً للإنسان بغير إنفصال ولا إمتزاج ولا تغيير وهو ابن الله الازلي { فاذ قد تشارك الاولاد في اللحم و الدم اشترك هو ايضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت اي ابليس} (عب 2 : 14). لقد وهبنا التجسد الإلهي استنارة روحية ترفع طبيعتنا المائتة وتعطينا ان نعرف الله ومحبته ونتحد به ونكون رعية واحدة لراع واحد { عرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم }(يو 17 : 26). لقد دعانا الرب للإيمان والاستنارة كابناء له بالتبني بمقتضى مسرته { واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله.} (يو 12:1-13) نولد ثانية من الماء والروح { الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله.}( يو5:3). ولكل نفس يوجه الرب نداه لتؤمن وتتوب وتستنير{قومي استنيري لانه قد جاء نورك و مجد الرب اشرق عليك} (اش 60 : 1).
صوم الميلاد والفرح بالرب.. يقال ان القديسة مريم هي أول من صام صوم الميلاد المجيد ففى أخر الثلث الأخير من الحبل الإلهي وقد ظهر حملها بالمخلص وقد أتهمها البعض ظلما، فقد صامت وصلت الى الله من أجل إعلان مجده ونجاتها من أعدائها ومن أيدي مبغضيها. وكانت تناجي الله وتخاطبه بتسابيح وصلوات قديسي العهد القديم. وقد صامته الكنيسة منذ القرون الاولى وقد ذكره القديس مار أفرام في تسابيحه ونتذكر فيه ما كانت عليه الخلقة من إنتظار للخلاص ونفرح بميلاد عمانوئيل وحلوله بيننا وتجسده لخلاصنا وقد أضيف الي الاربعين يوم لصوم الميلاد ثلاثة أيام تذكار نقل جبل المقطم فى عهد البابا أبرام ابن زرعه فى عهد المعز لدين الله الفاطمي.
فصوم الميلاد هو صوم الفرح بالخلاص من الشيطان والخطية والموت للمؤمنين باسم المسيح ولهذا رتبت الكنيسة تسابيح شهر كيهك الذى تدعونا فيه لنسبح الله فنقول فى بدء الهوس الكيهكي( سبحوا الرب تسبيحاً جديداً. سبحوا الرب أيها الارض كلها، سبحوا الرب وباركوا أسمه. بشروا بخلاصه يوماً فيوم. وأخبروا بمجده فى الأمم وبعجائبه فى جميع الشعوب). نسهر مصلين لله وشاكرين تجسده المحيي ونطوب القديسة مريم التي إستحقت ان تلد الله الكلمة المتجسد ولهذا نقول فى تسبحة ايام الاحاد( تهللوا بالروح أيها الارثوذكسيين لاجل القديسة مريم. يسوع المسيح الهنا الحقيقي الذى اتى من اجل خلاصنا وتجسد. من أجل خطايانا نزل وقلب حزننا الى فرح قلب) وهكذا نسبح الله حتى نصل الى عيد الميلاد المجيد لتكون النفس قد تنقت وتقدست بالصلاة والشكر والتناول من الاسرار المقدسة لنسبح مع ملائكة الميلاد { وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين. المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة.} (لو 13:2-14)
الصوم يا أحبائي هو وسيلة روحية نقترب بها من الله وتصفو النفس وتستنير الروح ونتوب عن الخطايا والضعفات التي تبعد الإنسان عن الله وندرب أنفسنا على الشبع بكلمة الله والفرح بمحبته وعندما يكون الصوم صوما مقدسا تصومه الكنيسة كلها يتحنن الله ويمطر مراحمه على كنيسته وشعبه وقديسيه والراجعين اليه بكل قلوبهم.

28‏/11‏/2013

ترسي سفينة بلادى - للأب أفرايم الأنبا بيشوى


ترسي سفينة بلادى

للأب أفرايم الأنبا بيشوى

بحبك يا بلدي
مهما بعتيني بالرخيص
ومهما جرتى عليا
يفضل ترابك عندي غالى، نفيس
أصلى المحبة عندي تضحية
مش كلام ولا مكر ولا تدليس
دا أنتي العروسة الغالية فى عيوني
ولو جوزوكي بالاكراه والتدليس
ومهما فصلوا دساتير تفصيل
وظلموني وجاروا علي
الحق لابد يوم ينتصر
والباطل ينكشف أنه دا تفليس
.....
بحبك يا بلدي
يا مهد الحضارة والنضارة
وفجر الضمير الحي
مهما أتسرقتي أو ضعفتي
والفساد ساد فى كل حي
ومهما بقيت ثورة عوره
وشمتوا فيكي اللي رايح واللي جاي
ومهما قالوا لي أرحل دا أنت غريب!
ومهما حرقوا كنيستي وبيتي
 وبقي  قتلى شئ عادى
وظلمونى فى وظيفتي ولقمة أولادي
ومهما مرت عليا أحزان
بفضل يابلدي بيكي هيمان
وبقوة الهي أنا فرحان
..........
انا القبطي يا أخوان مش أي إنسان
أنا معجون بتراب ها الاوطان
ومحبتي لبلدي محفورة فى الوجدان
من منارة إسكندرية
للشلالات فى أسوان
ومن الفرما اللي استقبلت المسيح
لمطروح مار مرقس اللي دخلها زمان
ومحبتي لأخويا أحمد ومحمود
ملحمة تتغنى بالالحان
ودائما بصلي لله
 يتوب ويرجع فيك الإنسان
ويبقى معجون بالرحمة والأحسان
وينصلح حال البلد
وتبقى من أحسن الأوطان
وأحس انى فيها لي مكان
فى البرلمان بالمساواة والكفاءة
مش بدينى ولا عشيرتى
يكون لى مكان
وأعيش فى أمان
مش عشان حكاية كدابه
عن قصة حب خلابه
يحرقوا بلدي ويهجروا ولدى
وأعاني من الحرمان
دا عمر البلد ما هتعمر كدا
الا بعمار العقول والقلوب والأبدان
وبحب الخير للنفس و الغير
ترسى سفينة بلادى لبر أمان

26‏/11‏/2013

† نحيا لله سفراء - للأب أفرايم الأنبا بيشوى


نحيا لله سفراء
للأب أفرايم الأنبا بيشوى

أجعلني قلم فى يدك
يعبر عن حبك كما تشاء
أعطيك قلبي يا سيدي
ينبض شوقا ورجاء
وأيدي مرفوعة تصلي
فاستجب يارب ولبى النداء
لك حياتي يا قدوس
فقد وضعت حياتك من أجلى
وأنا خاطئ ميت، لتمنحى حياة
لك روحي ونفسي وقواى
أقدمها تخدمك بوفاء
.........
حبك يارب علمني
إن لا أتعلق بالأشياء
وإن لا أفرح بسعادة وقتية
ولا يجذبني أغراء
فروحك يا الهي يأخذني
الى عالم طهر ونقاء
فسراب مياه العالم
لا يروي نفس واحدة ظماء
حبك أشبعني ويرويني
من نبع النعمة بسخاء
علمني حبك كيف أرى؟
كل الناس فى تقدير وإخاء
وأكون أنشودة فرح ورجاء
فى عالم يحيا فى شقاء
حبك يعطي أمل فى التوبة
للخاطئ يحيا فى طهر وهناء
..........
سيدي أنت وربى والهي
أفتخر بانى أنتمي
لأب قدوس جعلنا له أبناء
قد جاء الينا وأقترب
وتنازل وتجسد من أعلى سماء
ودعانا أن نحيا بتواضع
 وودعاء القلب وحكماء
ونعطي كملح جيد
مذاقة روحية لكل الأشياء
ونكون رسالتك المقرؤة
لمن يريد أن يتعلم
وندين الظلمة ونحيا للنور أبناء
ننقاد بالروح ونتجدد
ونقدم محبة، إيمان، ورجاء
نحيا حياة أفضل
ونمتد الى الأبدية
بعيون الروح
نحيا لله سفراء

25‏/11‏/2013

† جاهد وإغصب نفسك - بقلم مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث

                 
                                              

جاهد وإغصب نفسك
بقلم مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث

      الذي يُريد أن يسير في الطريق الروحي، كيف يبدأ؟ حقاً أن الحياة الروحية بمعناها السليم، هى أن الإنسان يحب اللَّه، ويحب الخير، ويحب الملكوت السماوي، ويحب جميع الناس، ويسلُك في طريق البِرِّ ونقاء القلب بكل رضا واشتياق، ويشعر أن عِشرته مع اللَّه هى ملء السعادة. وشهوة القلب. ولكن هل كل الناس يبدأون بهذا المستوى؟ كلا بلا شكّ.
«« هل محبة الإنسان للَّه قد تكون نهاية الطريق، وقمة العلاقة مع اللَّه. وليست هى نقطة البدء، بل عملياً يبدأ الشخص بمخافة اللَّه، كما قال الكتاب: " بدء الحكمة مخافة اللَّه ". فيستيقظ إلى نفسه. وتبدأ مخافة اللَّه تدخل إلى قلبه. فيخاف من دينونة خطاياه، ومن غضب اللَّه، ويخاف أن يأتيه الموت وهو غيرمستعد. وهذا كله يدعوه إلى أن يُغيِّر طريقه. ولكن كيف يُغيِّر طريقه؟ يُغيِّره بالتغصُّب لأن محبة اللَّه لا تكون قد ملكت على قلبه منذ البداية. وهكذا يكون التَّغصُّب هو نقطة البداية العملية في الحياة الروحية.
«« إنسان دخل جديداً في الطريق الروحي. لم يتدرّج بعد على الصلاة. ولم يتعوَّد الاستمرار فيها طويلاً. وليست له المشاعر الروحية التي تساعده على صلاة الحب والعاطفة والخشوع والتأمُّل. ولكنه يغصب نفسه على الصلاة. وإن حُورِب بإنهائها، يغصب نفسه على الاستمرار فيها. ففي الليل مثلاً يشعر أنه مُثقَّل بالنوم، وأنه مُتعب جسدياً وليست لديه قوة على الوقوف للصلاة. وليست له رغبة في ذلك. ولكنه يغصب نفسه على الصلاة والركوع والسجود، ويغصب نفسه على تركيز حواسه في الصلاة، ومنع ذاته من الشرود والسرحان.
      قال أحد الآباء: إنك لو انتظرت إلى أن تصل إلى الصلاة الطاهرة الخاشعة النَّقية، ثم بعد ذلك تُصلِّي، فإلى الأبد لا تُصلِّي. كذلك أن الصلاة في كمالها ليست هى نقطة البدء، بل هى قمة العمل الروحي في الصلاة. إنما أنت، عليك أن تغصب نفسك على الاستمرار في الصلاة، حتى لو كنت مُثقَّلاً بالنوم. واللَّه ينظر إلى تعبك وجهادك وصبرك وإصرارك. ويشرق عليك بنعمته ويجذبك إلى كمال الصلاة.
«« نفس الوضع نقوله بالنسبة إلى كل فضيلة من الفضائل: وقد لا تبدأ ممارسة الصوم بمحبة الصوم، ولكن تغصب نفسك على ذلك. وقد لا يكون لك اشتياق إلى قراءة كتاب اللَّه والتأمُّل في كلماته. ولكنك تغصب نفسك على ذلك. وبالمثل تغصب نفسك على التوبة، وعلى التسامح، وعلى دفع نصيب اللَّه من مالك. وتغصب نفسك على ضبط الفكر، وضبط الحواس ... الخ.
«« ولكن لعلّ سائلاً يسأل: هل اللَّه يقبل الفضيلة التي بتغصُّب وهى خالية من الحُب؟! أولاً أقول لك إنها ليست خالية من الحُب. ولولا الحُب ما كنت تبدأ بها. ولكنه حُب مبتدئ، يقاومه عادات النفس القديمة، وتقاومه ارتباطات بالمادة والجسد. كما تقاومه محاربات الشياطين ومعطلات عديدة. واللَّه يقبل هذا التغصُّب باعتباره لوناً من الجهاد الروحي ومحاولة قهر النفس.
      ثانياً إن الشخص قد يُمارس العمل الروحي بتغصُّب. ولكنه بعد حين يجد لذَّة في هذا العمل الروحي، فيكمله في حُب ويسعى إليه باشتياق قلب. وهكذا يكون التَّغصُّب هو مُجرَّد مرحلة روحية تنتهي بالفضيلة في وضعها الكامل.
«« ولكن الشيطان قد يهزأ بالتَّغصُّب. ويحاول أن يتخذه وسيلة لإبطال العمل الروحي جملة. فيقول لك هل من الأدب الحديث مع اللَّه بتغصُّب؟! أين الحب الذي قال عنه داود النبي للرب في صلاته: " باسمِكَ أرْفَعُ يَدَيّ، فتشبع نفسي كما من لحم ودسم "... وحينئذ يدعوك الشيطان أن توقف هذه الصلاة احتراماً للمثاليات التي تنقصها!! ولكن اللَّه يقبل صلاتك. كما يقبل الحروف التي يتلفَّظها الطفل بلا معنى في أولى درجات الكلام حتى يصل إلى الكمال. ويرى تحركات الطفل المتعثِّرة، على أنها أولى الخطوات للسير المنتظم السريع. إنه سبحانه لا يحتقر هذا التَّغصُّب بل يُشجِّعه كخطوات نحو نمو سليم. وبهذا لا يستمر التَّغصُّب تغصُّباً, بل يكون خطوة تتحوَّل إلى أفضل.
«« مثال آخر وهو العطاء والذي نُقدِّمه للمحتاجين: الوضع السليم أن نُعطي بسرور، ونُعطي بسخاء. فهل نوقف عطاءنا إلى أن نصل إلى هذا المستوى؟! وما ذنب الفقير أو المحتاج لعطائك، إن كنت لم تصل بعد إلى هذه الدرجة؟! إذن الوضع العملي هو أن تُعطي لغيرك ولو بشيء من التَّغصُّب. ثم يتطوَّر الأمر إلى أن تُعطي كل مالك للفقراء، وأنت مسرور بذلك ... ألست ترى إذن أن التَّغصُّب هو فضيلة مرحلية لا تستمر هكذا. وفي مجال التَّغصُّب نذكر أيضاً التداريب الروحية.
«« من فوائد التَّغصُّب: الانتصار على العادات الخاطئة وعلى الخطيئة التي انتصرت على الشخص زمناً وأذلته وإستعبدته. ولم يكن من السهل أن يتركها. إنما يحتاج إلى أن يغصب نفسه على ذلك. والتَّغصُّب هو بلا شك ثورة على تدليل النفس، أو هو حرب ضد الذات واشتياقاتها إلى رغبات مُعيَّنة، أو إلى محبة الراحة والاسترخاء.
        ثم ألا ترى إننا أحياناً نحتاج إلى أن نغصب الأطفال في البدء الذين لم يتعوَّدوا الفضيلة. بينما لو تركناهم حسب هواهم، لكانت النتيجة الحتمية هى ضياعهم زماناً.
      وكثير من الخاطئين لم يستفيدوا بسرعة. ولم يرجعوا إلى اللَّه حُباً. رجعوا إليه غصباً بتجارب وآلام متنوعة. فخير للإنسان إذن أن يغصب نفسه بإرادته على عمل الخير، من أن تغصبه التجارب أو الأحداث أو العقوبات.
      أخيراً إجعل ضميرك هو الذي يغصبك، وليس القانون. وارتفع فوق مستوى القانون لتصل إلى محبة الخير.