31‏/03‏/2013

† الأب المحب والإبن الضال - للأب أفرايم الانبا بيشوى




ربما مثل هذه الأفكار راودت الابن الضال فى وقت رجوعه لابيه



جايلك يا أبويا بكل ذنوبي

أنت عارف ضعفي وعيوبي

وشايف عريي وتمزق توبي

حاسس كمان بفقدي لصوبى

بعنادي انا ضيعت نصيبي

برفضي وبعدي فقدت الوداعة

وعشت الضياع دا اللذه ساعة

يعقبها ألم وحسره وشناعة

رمي الشيطان عليا سهامه

وسرت وراه وكأني ميت حي

حلي الخطية قدام فكري وعيني

واصدقاء الشر حوليا نسوني

ازاي أعيش طاهر وعفيف

لحد ما احتجت انا للرغيف

سبوني جايع وراحو لغيري

بعد ما آكلوا أطيابي وخيري

وبقيت اشتهى أكل الخنازير

عشت للخطية كساعي حقير

من يأسي قلت، أرمي نفسي فى بير

لكن حبك خلاني آجي اليك كفقير

قلت ارجع لابويا ولو كأجير

رجعت واثق فيك اني انت الخير

رجعت وراسي مطاطي مكسوف

لقيتك بتركض وعلي تطاطي

بقبلات حارة ومحبة بتغمرنى

وبثوب البر بتستر عوراتي

وتقول انت ابنى وقلبي ولذاتي

العجل المثمن وندعو الناس ندبح

نفرح دا اليوم، دا يوم خلاص

ابنى دا كان ميت وعاش

فى بالى قلت حرمت خلاص

بيت ابويا عز وجاه يا ناس

وبعيد عن ربى دا فيه إفلاس

الخطية تنجس وتوطي الرأس

بصيت لابويا وبدموعي قلت:

سامحني يا ابويا انا خاطئ

بصليا ابويا وقالى خلاص قام

دا انا كلى ليك محبه واخلاص

باغلي ما عندي يا ابني أفديك

وارحمك من النار وأنجيك

وكل ماهو لي، هو ليك

وكنيستي يا ابني ليك مفتوحه

وكمان لمجدى فى سمايا هاوديك.

شكرا يا ابويا على فضلك

وحياتي من الان هي ملكك

ووقتي كله بين ايديك

هنادي للبعيد يرجع اليك

دا يارب بتغمرنا محبتك

ونعمتك يالهي أمر بتآمرنا

نعيش نتغنى بافضالك

!من مثلك أب فى رقتك وجمالك

تصنع الرحمة معانا في كل أعمالك

وتفرح قلوبنا برحمتك واحتمالك

دا انا كنت ضال وانت لقيتى

ومن الخطية ومن الموت فديتنى

† التوبة والرجوع الى الله - الاب القمص أفرايم الانبا بيشوى




+ قدم لنا السيد المسيح مثل الابن الضال ليبين لنا محبة الله الابوية ويرينا كيف يفرح برجوع الخاطئ عن طريق ضلالة فتحيا نفسه فقال: { وقال انسان كان له ابنان. فقال اصغرهما لابيه يا ابي اعطني القسم الذي يصيبني من المال فقسم لهما معيشته. وبعد ايام ليست بكثيرة جمع الابن الاصغر كل شيء وسافر الى كورة بعيدة وهناك بذر ماله بعيش مسرف. فلما انفق كل شيء حدث جوع شديد في تلك الكورة فابتدا يحتاج. فمضى والتصق بواحد من اهل تلك الكورة فارسله الى حقوله ليرعى خنازير. وكان يشتهي ان يملا بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تاكله فلم يعطه احد. فرجع الى نفسه وقال كم من اجير لابي يفضل عنه الخبز وانا اهلك جوعا. اقوم واذهب الى ابي واقول له يا ابي اخطات الى السماء وقدامك. ولست مستحقا بعد ان ادعى لك ابنا اجعلني كاحد اجراك} (لو 11:15-19). كان الابن الاصغر فى بيت ابيه ولكنه كان يشتهى العيش بعيدا عن ابيه وربما ارد الهروب من السلطة الابوية مع انها للبناء لا للهدم ومن اجل الرعاية لا السلطان وحتى وصاياه تعمل على تربيته الابناء على الاخلاق الفاضلة، ورغم انه لا يحق للابن فى المجتمع الشرقى ان يأخذ الميراث الا بعد وفاة الاب الا انه طلبه من ابيه وفى كرم ونبل وهبه ابوه نصيبه فاخذه وسافر الى الكورة البعيدة حيث بدده فى عدم حكمة وغياب العقل فى عيش مسرف.

+ ان كل منا قد اخذ الامكانيات والطاقات والوزنات ونعمة العقل والضمير والروح كوزنات من الله الذى يريد لنا ان نحيا البنوة فى محبة وان نطيع الوصايا من اجل سعادتنا ولكن البعض فى انانية وطيش يفقد عقله وينفصل عن انسانيته واعماقه الداخلية التى تشتهى القداسة والوجود فى حضن الآب ، البعض يسعى وراء الشهوات والبعض الاخر يسعى فى طمع وراء المال او الجمال او المناصب. أوقد نأخذ الوزنات ونطمرها فى التراب او نعرضها للكلاب والذئاب ويجوع الانسان فى البعد عن الله ويشتهى طعام الخنازير النجس ولا يعطى له كما قال السيد المسيح للمرأة السامرية الخاطئة { اجاب يسوع وقال لها كل من يشرب من هذا الماء يعطش ايضا} (يو 4 : 13).فنفوسنا خلقت على صورة الله ولن نجد راحة ولا سعادة الا فيه.

+ كان الاحتياج هو دافع الابن الضال للرجوع الى الله وحقا قال الكتاب { لانه بسبب امراة زانية يفتقر المرء الى رغيف خبز وامراة رجل اخر تقتنص النفس الكريمة} (ام 6 : 26). وقد تذكر الابن كم من الاجراء فى بيت ابيه يشبعون خبزاً وهو يهلك جوعاً. لا يجب ان تكون الحاجة فقط هى الدافع الى رجوعنا الى انفسنا والله بل يجب ان يكون الدافع هو محبة العيش فى الاحضان الابوية . فان حياة الخطية خاطئة جداً وتترك بصمتها السوداء على النفس، وخبرة الشر نتائجها قاسية ومنها الامراض النفسية والاجتماعية والصحية . قيل فى احدى القصص ان أب روحى اوصى ابنه ان يدق مسمار خشبى فى لوح كلما أخطأ وبعد فترة أمتلا اللوح الخشبى واحس الابن بالخطأ فتاب فامره ابيه الروحى ان يقوم بخلع المسامير من اللوح الخشبى لكن اللوح اصبح كله ندوب وجروح. هكذا اثار الخطية ونتائجها على النفس انها تحتاج الى طبيب التجميل الاعظم ليعالجها وتحتاج الى سنين من الجهاد لنسيانها والتخلص من نتائجها الارضية مع مراحم ونعمة الغفران من الله للحصول على الخلاص والحياة الابدية.



الرجوع الى النفس...

+ بداية طريق التوبة هو الرجوع الى النفس، جاء عن الابن الضال "رجع إلى نفسه" الابن الضال حين ترك أباه وسافر إلى كورة بعيدة، إنما ترك طريق الحب وتقوقع حول "الأنا" ليعيش في أنانيته، متمركزًا حول كرامته أو شبعه الجسدي أو ملذّاته. وبدلا من ان يجد السعادة رايناه يحطم نفسه ويهلكها ويدمر سمعته ومستقبله. فياليتنا نحب خلاص نفوسنا ونسعى الى رجوعها للآب القدوس، هذا ما أكده السيِّد المسيح حين أعلن ان من يهلك نفسه يخلصها، بمعنى يضبط ذاته ويوجها التوجيه السليم ويعيش في طريق الحب لله والناس خارج دائرة الأنانية. وهذا ما أعلنه الناموس حين طالبنا أن نحب قريبنا كأنفسنا، فمن لا يحب نفسه، أي خلاصها الأبدي، كيف يقدر أن يحب قريبه محبة روحية طاهرة ؟ إن كانت الخطيَّة هي تحطيم للنفس بدخول الإنسان إلى "كورة بعيدة" أي الأنا، فإن التوبة هي عودة الإنسان ورجوعه إلى نفسه ليعلن حبه لخلاصها، فيرجع بها إلى أبيه السماوي القادر على تجديد النفس وإشباعها الداخلي. بهذا إذ يرجع الإنسان إلى نفسه إنما يعود إلى بيت أبيه، ليمارس الحب كعطيَّة إلهيَّة، ويوجد بالحق كعضو حيّ في بيت الله يفتح قلبه لله وملائكته وكل خليقته .

+ النضج النفسى يجعل الانسان يحب نفسه محبة روحية سليمة تربيها على محبة الله والقيم الروحية والاخلاق الفاضلة والمبادئ السامية ويحب الآخرين ويعمل الخير نحو الجميع . وياليتنا نربى اولادنا وبناتنا وننمى لدينا ولديهم الضمير الأخلاقى الذى ينقاد لروح الله ونقوى الروح الانسانية المنضبطة دون ضغط او كبت أو أكراه ونتحاور مع ابنائنا بما ينمى لديهم ملكة الافراز والتمييز والحكمة ليستطيع الانسان ان يرفض ما هو غير مناسب لقيمة ومبادئه ويختار ما هو صالح لبنيان كيانه الروحى والانسانى.

+ النضج النفسى هو ضبط للنفس ضد الاهواء والشهوات والغضب وان يكون الانسان مالك لذاته ومسيطر على حواسه وفكره وعواطفه { البطيء الغضب خير من الجبار ومالك روحه خير ممن ياخذ مدينة} (ام 16 : 32). النضج هو المقدرة على ضبط الذات عندما يتعرض الانسان للاغراء أو التجربة، ان يوسف العفيف استطاع وهو عبد فى بيت فوطى فار ان يقول لا للخطية وقال لزوجة سيده { ليس هو في هذا البيت اعظم مني ولم يمسك عني شيئا غيرك لانك امراته فكيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ الى الله} (تك 39 : 9). وقد وضع فى قلبه ان الخطية موجهة الى الله اولاً ثم الى زوج المرأة ثانيا كما هى اساءة للأمانة الموكلة اليه . اما شمشون الجبار فقد افقدته الشهوة والخطية نذره وكرامته وعينيه وجعلته اضحوكة امام اعدائه واخيرا فقد حياته . هكذا نجد فى كل جيل لاسيما فى الايام الاخيرة اناس محبين لانفسهم والمال وغير طائعين لله ولا لوالديهم ويجب ان نصلى من اجل توبتهم ونعمل على جذبهم لمحبة المسيح { ولكن اعلم هذا انه في الايام الاخيرة ستاتي ازمنة صعبة. لان الناس يكونون محبين لانفسهم محبين للمال متعظمين مستكبرين مجدفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين دنسين. بلا حنو بلا رضى ثالبين عديمي النزاهة شرسين غير محبين للصلاح. خائنين مقتحمين متصلفين محبين للذات دون محبة لله. لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها فاعرض عن هؤلاء} (2تيمو 1:3-5).

+ ان وصايا الله هى لسلامنا النفسى والروحى ونمونا فى بيت الله ولخيرنا وابديتنا فلا يظن البعض ان الوصايا عائق للنجاح او السعادة فضفاف النهر تحفظ مائه من الضياع والتلف كما ان الوصايا تحفظ الانسان وتهبه السلام وحياة البر {ليتك اصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر} (اش 48 : 18). الله يعطينا الحرية ولا يجبرنا على فعل الخير بل يحثنا عليه { هكذا قال الرب هانذا اجعل امامكم طريق الحياة وطريق الموت}(ار21 : 8). فهل نختار الخير لكى نحيا؟ وهل نعيش فى محبة الله وعمل وصاياه لنسعد؟ وهل نرجع الى الاب السماوى بالتوبة فيعيد لنا كرامتنا وبنوتنا له؟ أم يتقاعس الانسان عن خلاص نفسه { فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة }(اع 17 : 30). ان التوبة هى دعوة الله والكنيسة لكل انسان وأمة فى كل زمان ومكان { بل اخبرت اولا الذين في دمشق وفي اورشليم حتى جميع كورة اليهودية ثم الامم ان يتوبوا ويرجعوا الى الله عاملين اعمالا تليق بالتوبة }(اع 26 : 20).



الرجوع الى الله ...

+ بعد ان رجع الابن الضال الى نفسه وشعر باحتياجه وقارن مدى الشبع الذى يجده حتى الخدم فى بيت ابيه بالجوع والحرمان الذى يعانيه قام ورجع اليه { فقام وجاء الى ابيه واذ كان لم يزل بعيدا راه ابوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله. فقال له الابن يا ابي اخطات الى السماء وقدامك ولست مستحقا بعد ان ادعى لك ابنا. فقال الاب لعبيده اخرجوا الحلة الاولى والبسوه واجعلوا خاتما في يده وحذاء في رجليه. وقدموا العجل المسمن واذبحوه فناكل ونفرح.لان ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد فابتداوا يفرحون} (لو 20:15-24) تواضع الانسان يرفعه وندمه وقيامه من ارض الخطية والانفصال عن الاشرار ومكان الشر ضرورة لا غنى عنها للتائب لكى يستطيع ان يحيا فى جو روحى سليم. كما ان الاعتراف بالخطايا يمحو الذنوب، ربما لم تكن محبة الابن الاصغر كافيه كتلك المراة التى قال لها الرب { من اجل ذلك اقول لك قد غفرت خطاياها الكثيرة لانها احبت كثيرا والذي يغفر له قليل يحب قليلا} (لو 7 : 47). لكن الله يثمن كل خطوة يخطوها التائب للرجوع اليه ويقبل أعترافه لينمو تدريجيا حتى يصل الى المحبة الكاملة .

+ الاب فى مثل الابن الضال يمثل محبة الله للخاطئ ويظهر محبة الله الفائقة نحو عودة الخطاة. لقد ركض اليه ابيه وهو لا يزال بعيدا عن بيت ابيه هكذا تفعل نعمة الله مع كل نفس تريد التوبة والخلاص. ان محبة الله لا تريد ان تجرح الخاطئ بل تداوى جراحه فهو كطبيب للنفس البشرية يعرف نفسياتنا ويطلب الضال ويسترد المطرود { انا ارعى غنمي واربضها يقول السيد الرب. واطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح واحفظ السمين والقوي وارعاها بعدل} (حز 15:34-16). وسواء كان الانسان كالخروف الضال الذى ضل عن جهل او عدم اهتمام الرعاة او كالدرهم المفقود الذى اضاعته صاحبته او الابن الضال الذى ذهب بارادته الحرية الى الكورة البعيده ، فان الله يهتم بكل نفس ليخلصها لكن يجب ان نستجيب للنداء الالهى بالعودة الى احضان الله ونعمل بارادتنا الحرة ونسعى الى خلاص نفوسنا ونعترف الاعتراف الحسن بخطايانا ونقلع عنها ونثمر ثمر البر والصلاح .

+ اظهر الابن الضال الشعوربالندم ولم يقع فى التبرير الخاطئ او الاسقاط النفسى فلم يلقى باللوم على البيئة المعثرة التى ذهب اليها باردته أو على كرم الاب وسخائه عندما اعطاه نصيبه دون رفض أو حتى على عدم سؤال اخيه الاكبر عنه فى بعده وضلاله. الانسان مسئول امام الله عن خطئه واخطائه ولديه كامل الارادة لعمل الخير او الشر ، لكن الاكثر روعة فى مثل الابن الضال هو قبول الاب واحضانه الابوية المتلهفة لعودة الابن واستقباله له بدون تأنيب او تاديب. فقد وهبه الله كرامة الابن بمجرد عودته وستر عريه وعوزه واعطاه الحله الاولى فالتوبة عبارة عن معمودية ثانية تغسل الخطايا، وذبح له العجل المثمن فى أشارة الى جسد ودم عمانوئيل الهنا الاقدسين ولقد قدم له الخاتم الذهبى فى يده ليعيد له كرامته فالله كاب صالح رفعنا الى مرتبة الابناء وامر بان يلبسوه حذاءاً جديداً كعلامة على السير فى طريق الصلاح والبر .

+ التوبة فرح لله وملائكته وللقديسين وللخاطئ التائب الراجع الى الله، انها انتصار على الشيطان وحيله وفرح للابرار { اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة }(لو 15 : 7). ان كانت الخطية هى موت وانفصال روحى عن الله فالتوبة هى حياة ورجوع الى الاحضان الابوية . وان كان الانسان الخاطئ هو ضال وانسان يحيا فى غيبوبة بلا عقل فالرجوع الى الله عودة الى النفس ورجوع الى الله وعودة الى صواب العقل والتعقل . الخاطئ هو انسان ميت روحيا ومن اجل خلاصه يسعى السيد المسيح ويتشفع القديسين ويجب ان تعمل الكنيسة والخدام من اجل عودة الخطاه الى الله وحياتهم مع المسيح الذى تتسع احضانه الابوية لكل الخطاة .

+ ان الوقت المقبول للخاطئ هو الان واليوم وليس الغد فكلما أجل الانسان الرجوع الى الله كلما تقسى القلب وقد لا يجد الفرصة ولا الدافع للعودة الى النفس والله، فيجب ان نغتنم الفرصة ونرجع الى الله { هذا وانكم عارفون الوقت انها الان ساعة لنستيقظ من النوم فان خلاصنا الان اقرب مما كان حين امنا. قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة ونلبس اسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسكر لا بالمضاجع والعهر لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لاجل الشهوات} (رو 11:13-14). نحن فى حاجة للتوبة فى كل وقت والى الحديث الودى مع الله كاب سماوى فى كل لحظات الحياة لكى ما نشبع من محبته فلا نشعر بحرمان من شئ ولا بكبت داخلى. حينئذ تتفجر داخل نفوسنا كنوز النعمة الغنية التى تشبع وتقود الى حياة الفرح والسعادة والسلام.

ايها الاب المحب اليك نصلى...

+ ايها الاب القدوس ان نفوسنا لن تشبع او تجد السلام والدفء الا فى احضانك الابوية ولن تجد الفرح الا فى بيتك وحضورك الدائم فى حياتنا فتحول الحياة الى عشرة حب دائم وتحول الضيقات الى نبع تعزية وسلام، وحتى مرارة الخطية تستطيع ان تغفرها وتمحو أثارها وتعالج ما بداخل نفوسنا من ضيق والم وتحول حزننا الى فرح قلبى وتهليل كلى .

+ اننا نصلى اليك يا الله من اجل كل نفس بعيدة لتطلبها وتردها اليك ومن اجل كل نفس ساقطة لترفعها من بئر اليأس والحرمان، نصلى اليك من اجل القائمين لكى ما تثبتهم فيك وتمنحهم الشبع والفرح والراحة، نصلى من اجل الرعاة لتجعلهم سفراء سلام ومصالحة ومحبة ومن اجل الرعية لكى يسعى الانسان بارادته الحرة الى الرجوع اليك دون ابطاء او اهمال او تكاسل. بل نصغى بفرح لصوتك الابوى وعمل نعمة روحك القدوس فينا للتوبة والرجوع. نصلى من اجل اخوتنا المقيدين والمأسورين بقيود ابليس لتردهم الى احضان كنيستك فرحين .

+ اقبل يارب طلبة شعبك والتفت الى تنهد عبيدك واقبل اصوامنا وصلواتنا كرائحة ذكية امامك، علمنا ان لا ندين اخوتنا كما فعل الابن الأكبر عندما رجع اخيه بل نحب الخطاة ونجذبهم بالمحبة وان نترفق بكل من ضل وتاه. علمنا ان نقوم الركب المخلعة ونشدد الايدى المتراخية ونقوى الضعفاء ، لنرجع اليك كنيسة مقدسة لا عيب فيها ولادنس، علمنا ان نعد أنفسنا بالتوبة وثمار الصلاح مستعدين لملاقاتك كل حين، أمين.



28‏/03‏/2013

† نقاوة القلب - للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى


نقاوة القلب

قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي

(مز 51 : 10)



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

قلبك مسكن الله

ان أفضل واحب مسكن لله هو قلب الانسان المؤمن. لهذا يطلب منا الله أن نحبه من كل القلب والنفس والقدرة كأفضل ذبيحة مقبولة امامه { فمحبة الله من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة ومحبة القريب كالنفس أفضل من جميع المحرقات والذبائح } (مر 12 : 33) . ولهذا وعاتب الله قديماً الشعب الذي يقترب منه بفمه ويكرمه بشفتيه وأما قلوبهم فبعيدة عنه (أش 9 2 : 13) الله يخاطبنا قائلا {يا ابني أعطيني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي} (أم 23 : 26 ). القلب الذى نتحدث عنه ليس المضخة التي تضخ الدم فى الجسد فقط بل هو مركز الإنسان الداخلي والذي منه تصدر العواطف والمعرفة العاقلة وهو جوهر وباطن الإنسان بما فيه من ذكريات وقرارات والذى فيه يتحاور الإنسان وينفتح على الله أو يتعلق باشياء او اشخاص أو شهوات . ولمّا كان من العسير على الآخرين النفاذ إلى الإنسان الداخلي فان مظهر الإنسان الخارجي يدل على داخله، كما ان أفعاله تشهد على ما في قلبه وما يقوله يحكم على ما في قلبه من تصورات وأفكار لأنه من فضلة القلب يتكلم اللسان .

لقد خلق الله الإنسان على صورته وكشبهه بقلب صالح، ولما كان السقوط رأينا الإنسان يهرب من الحديث مع الله {ورأى الرب إن شرّ الإنسان قد كثر في الأرض وان تصور أفكار قلبه إنما هو شر كل يوم}( تك 5 : 6) فانه الخطية تدنس القلب وبالكبرياء يفسد وتفارق نعمة الله القلب. وبإتباع الإنسان لأهوائه وشهوات قلبه تتقسي القلوب.لهذا عمل الله بالناموس الطبيعي والضمير وبالأنبياء عمل على إيقاظ قلوب بني البشر ليرجعوا إلى الله فيجدونه وان يعطوا الله قلوبهم ويلاحظوا طرقه ووصاياه {ثم إن طلبت الرب إلهك تجده أذا التمسته بكل قلبك وبكل نفسك } (تث 4 : 29). بل وعد أن يختن الرب إلهنا قلوبنا، لكي نحبه من كل القلب والنفس فنحيا به وهذا ما أتمه الله في العهد الجديد بحلول الروح القدس على المؤمنين، ليصير قلبهم مسكناً لروحه يقدسه له لنصير هياكل روح الله ويصير قلبنا مذبحاً مُكَّرساً للعبادة وبصلوات التقية والمحبة الصادقة وإذ يتنقى القلب يعاين الله ويعمل المسيح بالإيمان فيه .

أنواع من القلوب

هناك العديد من القلوب التي تعتبر مريضة وتحتاج إلى العلاج والإصلاح، فالقلوب القاسية هي قلوب حجرية لا ترقُّ لضعف، ولا ترحم أحداً، كما انه توجد قلوب شريرة تعمل وتفكر فى الشر ولهذا يخرج منها الشر {لأن من القلب تخرج أفكار شريرة، قتل، زنى، فسق، سرقة ، شهادة زور، تجديف} ( مت 15 : 19) هذه تنجس الإنسان كله {القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه}(أر 7 1 :9 ) إن الله قادر ان يطهر كل القلوب الخاطئة عندما تتوب وتجاهد وترجع الى الله. فلقد وهب الله سليمان قلباً حكيماً ومميزاً حتى انه لم يكن مثله من قبل ولا يقوم بعده نظيره (1مل 3 : 12) وأعطاه حكمة وفهماً كثيراً ورحابة قلب كالرمل الذي على شاطئ البحر (1مل 4 : 29 ) لانه طلب ذلك من الله وجاهد ليكون له القلب الحكيم كما انه مسح ملكا وحل عليه روح الله ، لكن هذا القلب الحكيم عندما أستسلم لحياة اللذة والترف {كان في زمان شيخوخته إن نساءه أملن قلبه وراء ألهه أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب كقلب داود أبيه}(1مل 4 :11).

كما خدعت دليلة شمشون الجبار وأسلمته لأعدائه عندما احبها وكشف لها سر قوته عندما قالت له { كيف تقول احبك وقلبك ليس معي وهوذا ثلاث مرات قد خذلتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة } (قض 15 : 16) فلما باح لها بسرّ قوته سلمته لأعدائه ليعاملونه كالحيوان يطحن لهم.

لهذا يحذرنا الله من محبة العالم وشهواته وخطاياه والسير فيها {لا تتبع هواك ولا قوتك لتسير في شهوات قلبك}( سير 2 : )5 وكذالك يحذرنا من محبة المال الذي هو أصل كل الشرور، لان الطمع يفسد القلب، ويظلم البصيرة الداخلية . {فانظروا أيها الإخوة أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن محبة الله الحي}(عب 3 : 12). كما ان هناك قلوب منقسمة بين محبة الله ومحبة العالم وشهواته وليست كاملة امام الله ولهذا يحذرنا الكتاب من ان نعرج بين الفرقتين فالقلب المنقسم لا ينجح ولا ينال شيئا صالحا .



كيف أقتني قلباً صالحاً ؟

- إن الخطية والشهوات تلوث القلب وعندما نصنع الخطية فان الشيطان والافكار الشريرة تنجس القلب، فبدلاً من أن يكون مصدر الصلاح والخير يصير مدنس ونجس. فلنعمل جاهدين على الصراخ إلى الله بتواضع ودموع لحراسة قلبونا وتنقيتها لكي تصير مسكناً لله ومذبحا للصلاة. ولكي نقتني القلب الصالح يجب ان نجاهد متضرعين لله ان يعمل فيك ولتسندك نعمته الغزيرة .

- لنحيا بتواضع القلب ... نسلك ونحيا متواضعين ونداوم علي الصلاة إلى الله، والرجوع إليه وبتجديد الإنسان الداخلي بكلمة الله الحية والفعالة والتناول من الاسرار المقدسة { تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتعرفوا إرادة الله الكاملة الصالحة المرضية} وإذ نعرف إرادة الله نُصمِّم على تنفيذها باتضاع قلب ووداعة .

- الإيمان العامل بالمحبة ... إن إيماننا بالتجسد الإلهي . وبان الله جاء وأعطانا البصيرة الروحية يحررنا من الخطية واثقين في قدرة الله وفي فدائه الثمين وحبه {هذه هي المحبة ليس إننا نحن أحببنا الله بل انه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا}( 1 يو 4 : 10 ) علينا ان نسعى فى طاعة وصايا الله وان نصنع ارادته {غاية الوصية هي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء} (1تي 1 : 5). بالتجسد الإلهي امتلك ربنا يسوع المسيح قلباً مثلنا لكنه كان طاهرا بلا خطية يمتلئ بالحنان نحو البشر. بهذا القلب الحنون المحبّ أشفق على المرضى والمحتاجين والخطاة وداوى كل أمراضنا ودفع ديون خطايانا ساترا على ضعف الضعفاء، وشافيا للمتسلط عليهم إبليس. وهو لا زال يعمل ويريد إن يعمل معك، فان أمنت فكل شيء مستطاع للمؤمن.

- نعمة الروح القدس تطهر القلب... يصرخ المرنم طالباً {قلباً نقياً اخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدّده في أحشائي، لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني}. إن القلب المنكسر والمنسحق لا يرذله الله. إن المعمودية هي ولادة جديدة للإنسان من الماء والروح تطهر القلب وتعطينا غفراناً لخطايانا الأصلية والتي اقترفناها قبل العماد وبالميرون المقدس نصير هياكل للروح القدس الوديع الذي يحرق خطايانا ويقودنا في حياة الفضيلة والبرّ، لتظهر ثمار الروح القدس في حياتنا. ثم بعد ذلك ياتى دور التوبة والاعتراف عن الضعفات اليومية لغفران الخطايا التي نقترفها بالجهل والضعف والنسيان. وكلما جاهدنا مدققين في حياتنا الروحية يصير قلبنا مسكنًا يستريح فيه الله، ومذبحاً ترتفع منه الصلوات النقيّة، فلنحرص على عبادة الله ومحبته من كل القلب ليضرم الله نعمة روحه القدوس داخلك مطهراً القلب جاعلاً إياه مسكناً له .

- الثبات في الربّ وكلامه.. إن كلمة الرب تنقّي الإنسان وتقدسه وكلما حرصنا على قراءتها في صلاة وتأمل وتواضع. فهي لها الفعالية في نمونا وتقديسنا { لان كلمة الله حيّة وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والنخاع ومميزة لأفكار القلب ونياته}( عب 4 : 12). يجب ان نعرف ان وصايا اللى يجب ان تطاع لنثبت فى الرب ونأتي بثمر ويدوم ثمرنا {فشكراً لله إنكم كنتم عبيداً للخطية ولكن أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها}( رو 6 : 12). فلنحرص على قراءة الكتاب المقدس وكتابات الاباء القديسين فإنها تحررنا من النجاسة وتعطينا مادة مقدسة للصلاة والتأمل، ولنلاحظ نفوسنا والتعليم ونداوم على ذلك فمتى فعلنا هذا نخلص نفوسنا والذين يسمعوننا أيضا. ان سر قوتنا هي كلمة الله التي تغلب الشرير {خبأت كلامك في قلبي كي لا اخطأ إليك} (مز 115 : 119) فلنحفظ كلمة الله في قلب جيد صالح ، ونثمر بالصبر ثمارا تليق بأبناء الله .

- التناول من الأسرار المقدسة باستمرار وباتضاع قلب ونطلب من الرب أن يهبنا حياة العفة والقداسة والنمو في الإيمان، فان جسد ودم المسيح يسوع المُقدّسين قوة للثبات في الرب، وغفران الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه بانسحاق قلب ومداومة على الصلاة ، التناول يجعلنا نتغذى من عصارة الكرمة الحقيقة يسوع المسيح الهنا القادر على أن يقودك في موكب نصرته. ومتى طلبنا باستقامة قلب فان الرب سيعطينا سؤل قلوبنا .

صلاة القلب ...

- في مجال النمو الروحي يجب ان نصلى الصلاة الدائمة كل حين ولا نمل. ففى عملنا وطريقنا وبيوتنا نرفع قلوبنا بالصلاة الى الله حتى فى النوم، تقول عروس النشيد للرب {نائمة أنا أما قلبي مستيقظ} (نش 5 : 2). فيكون القلب مضخة للصلاة تضخ للسماء تسبيحًا وطلبات وتوسلات من اجل خلاص العالم ، ومن اجل الخطاة، ومن اجل كل من هم في حاجة، وبهذا نقتني قلبًا شفوقًا يحل فيه ملكوت الله.

- أن ذلك يأتي بالصلاة الدائمة عبر هدوء الحواس من الطياشة والفكر من السرحان فيما يضر وبمناجاة للاسم الحلو الذي لربنا يسوع المسيح أثناء الشهيق والزفير " يا رب يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ " أو غيرها من الصلوات السهمية القصيرة " يا الله التفت إلي معونتي يا رب أسرع وأعنِّي " أو كما علّم القديس أنبا انطونيوس تلاميذه " يا رب يسوع ارحمني ، يا رب يسوع اعني ،أنا أسبحك يا رب يسوع " نقولها في هدوء ونتعود عليها طالبين من الرب أن يلهب قلوبنا بروحه القدوس كما قال تلميذا عمواس { فقالا لبعضهما البعض الم يكن قلبنا ملتهباً فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب}( لو 24 : 32). في عملنا نردّد صلواتنا كعمل داخلي للقلب ونتلذذ باسمه الحسن فيعطينا سؤل قلبنا ويلهب القلب من نار محبته فلا نسكت ابدا ولا نكف عن الصلاة كما جاء في ارميا النبي {فقلت لا اذكره ولا انطقه بعد باسمه فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فمللت من الإمساك ولم استطيع}(أر 9 : 20). لنحمل نير المسيح ونتعلّم منه لأنه وديع ومتواضع القلب فنجد راحة لنفوسنا، ونصرخ طالبين منه أن يهبنا نقاوة القلب لكي نعاينه داخلنا ، ويُتحرِّك قلبنا بالرحمة نحو كل الخليقة العاقلة وغير العاقلة وترتفع صلواتنا من اجل الجميع .

- علينا ان نحترس من كل خطية حتى لو كانت الثعالب الصغيرة، فإنها تفسد الكروم والثمار المتولدة من الصلاة والصلاح وننقي قلبنا من الغضب والذم والكراهية والرياء والإدانة فان هذه الخطايا تمنع نعمة الله من الجريان داخل قلبك.

- البعد عن الكلام البطّال والذى يضر ومنه تبرد حرارة القلب، ولا نطلب مديحاً من الآخرين وإلا نكون قد استوفينا أجرنا. لا نجعل قلبنا يتعلق بما هو ارضي بل ليكون كنزك في السماء لأنه حيث يكون كنزنا هناك يكون قلبنا أيضا.

- نضع الأبدية في قلبنا، فاننا غرباء علي الأرض ووطننا الحقيقي هو السماء التي نحن سفراء لها ولأتعابنا على الأرض مكافأة على الأرض بها نسعد ونسر للحياة في كنف الأب السماوي المحب وفي النهاية حياة أبدية .

أمتلك قلبي يا رب ......

ارحمني يا الله كعظيم رحمتك وامحُ إثمي بنعمتك، لأنك رءوف رحيم ادعوك ، ولأنك تحبني وفديتني أهبك حياتي . قلباً نقياً اخلق في يا الله ،وروحًا مستقيمًا جدّد في أحشائي، لا تطرحني من قدام وجهك، وروحك القدوس لا تنزعه مني . اسمع صلاتي يا سيدي ، والى صراخي أمل أذنيك، لأنك وحدك الهي وغايتي. لك وحدك نعطي قلبي، فأرسل لنا نعمة روحك القدوس، لتشبع جوع نفوسنا ويحل ملكوتك داخلنا، فنحيا معك كل الايام، أمين .

24‏/03‏/2013

† النصرة فى التجربة - للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى






إنتصار السيد المسيح على الشيطان ..
دخل الرب يسوع المسيح التجربة على الجبل لحسابنا ومن اجلنا لكي ما يعلمنا ويكون لنا مثالاً حياً للنصرة والخلاص من قوى الشر. اننا كابناء لله مادمنا على الارض فنحن معرضون للتجارب والحرب مع قوات الظلمة لا سيما كلما إقتربت نهاية الأيام لان إبليس يزيد حربه عالما ان له زماناً يسيراً بعد، ولكن كما غلب السيد المسيح يقدر ان يعيننا لكي نغلب، وكما تألم مجرباً يستطيع ان يعين المجربين. (عب 17:2-18).ان الله يريد بالتجارب ان يعلمنا ويدربنا، ولكي نبرهن على طاعتنا الكاملة لله، وحتى ما نستمر متواضعين فلا ننتفخ ونتكبر. الإنتصار في التجربة ورفض أساليب الشيطان الخاطئة دليل محبتنا لله وبانتصارنا توهب لنا الأكاليل السمائية. لا تخافوا اذا يا أحبائي لان التجارب هي المجال المناسب لتجلى المسيا المصلوب فى حياتنا، وأثبتوا فى الايمان حتى تنتصروا وتأتى لكم الملائكة لتخدمكم وتسحق الشيطان ونكتشف قوة الله ويعلن ملكوته فينا ونكتشف ضعف حيل الشيطان وانهزامه امام قوة الله وناخذ بركات لا توازيها سنوات طويله من الراحة والسلامة فالبحر الهادي لا يصنع رباناً ماهراً.



أسباب التجارب فى حياتنا..

ان للتجارب فى حياتنا اسباب متعدده . قد تكون التجربة بسماح من الله او تكون أيضا بسعينا اليها أو بدخولنا فى علاقات خاطئه تكون لنا عواقب وخيمه. وقد تكون بسبب كبرياء الانسان ومفارقة النعمة ليعرف الانسان ضعفه. وقد تكون التجارب لتنقيتنا أو إصلاحنا وصلاحنا وتعلن مجد الله من خلالنا متى كان الانسان بارا. وقد تكون بحسد إبليس وأعوانه فهو عدو كل بر ويريد ان يسقط الانسان معه. وفى كل الحالات يجب ان نصلى ونطلب ارشاد ومعونة الله ونقاوم السقوط ولا نطاوع الشيطان وأفكاره وحيله. ويجب ان نصلى ان لا ندخل فى تجربة ولكن يجب ان نعلم اننا مادمنا فى الحياة فنحن معرضون للتجارب، يقدّم لنا القدّيس يوحنا الذهبي الفم اسباب متعدده للتجارب منها أولاً: ليعلمك أنك قد صرت أكثر قوّة. ثانيًا: لكي تستمر متواضعًا، فلا تنتفخ بعظمة مواهبك، إذ تضغط التجارب عليك. ثالثاً: لكي يتأكّد للشيطان الشرّير أنك تركته تمامًا وقد أفلتّ من بين يديه. رابعًا: بالتجارب تصير أكثر قوّة وصلابة. خامسًا: لكي تحصل على دليل واضح للكنوز المعهود بها إليك. فإن الشيطان لا يريد محاربتك ما لم يراك في كرامة أعظم. على سبيل المثال في البداية هاجم آدم، لأنه رآه يتمتّع بكرامة عظيمة. ولهذا السبب أيضًا هيّأ الشيطان نفسه للمعركة ضدّ أيوب لأنه رآه باراً يزكّيه الجميع ويشهد الله على بره . ان التجارب تنقى المؤمن وتعلمه وتهب له أكاليل الانتصار.
ونحن نحيا فى القرن الواحد والعشرين الذى يتسم بانه عصر التكنولوجيا والنت والدش والتطور التقني وفى ذات الوقت هو عصر يتسم بالتغيرات المتسارعة والحروب والاضطرابات المتلاحقة وصراع الافكار والقيم، كما ان عصرنا هو عصر المادية وسيطرة الميديا والنزعة الإستهلاكية بما تتركه فى النفوس من صراعات ورغبات داخل المجتمع والبيت والنفس البشرية . اننا محاصرون من الصباح حتى ساعات النوم بسيل جارف من المعلومات والأخبار المقلقة والمغرضة والتواصل البناء أو الهدام وترافقنا صراعات المصالح والافكار والاهداف ووسط هذا كله علينا ان نبحر بسفينة حياتنا دون ان تغرق او يصيبها ضرر أو تتراجع أو تتوقف بل علينا ان نعبر تجارب الحياة وضيقاتها وعثراتها وننتصر ونصل الى بر الأمان . ان الانتصار ليس صعبا فنحن لسنا وحدنا فى الجهاد مادامنا ثابتين فى المسيح. فمعه نستطيع كل شئ ومنه نستمد القوة والحكمة والنصرة .


أنواع من التجارب ..
ونحن نعبر تجارب الحياة بانواعها يجب ان نعلم جيداً اننا لسنا وحيدين فى الحرب او متروكين بل لنا قائد ومعين، دخل السيد المسيح بوتقة التجارب من أجلنا وأنتصر ليعلمنا طرق الإنتصار وهو هو أمس واليوم والى الأبد فيما هو تألم مجرباً يستطيع ان يعين المجربين ، لقد جاءت التجربة على الجبل فى الانجيل فى (مت1:4-11) ،(مر12:1،13)، (لو1:4-15) كعينة من التجارب التي اجتازها ربنا يسوع المسيح لكن المجرب كان يعاود التجارب حتى على الصليب كان الشيطان يتجرأ ويحارب ولكن النصرة ستبقى أكيدة بالمسيح يسوع ربنا مادمنا نقاوم الشيطان راسخين فى الإيمان

تجربة الخبز والشبع ...
صام الرب يسوع عقب العماد أربعين يوما واربعين ليلة على جبل التجربة، لكي ما يبدأ خدمته الجهارية بالانتصار على إبليس . ولما جاع أخيراً تقدم له المجرب قائلاً { ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا} (مت3:4) لكن رد السيد المسيح كان رافضاً مشورته الشيطان { فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} (مت4:4 ).انه نفس الحرب التي يستخدمها معنا الشيطان فيشككنا فى أبوة الله لنا ويقول ان كنتم ابناء الله فلماذا هذه الضيقات والاضطهادات ؟ ولماذا الأمراض والاحتياج للضروريات ؟ ويوجهنا الى الأساليب الشيطانية لإشباع رغباتنا بل يلح علينا على بسيل من الرغبات غير المشبعة . ونحن اذ نسير وراء قائد نصرتنا نعلم ان النفس الشبعانة بالله تدوس عسل وشهوات العالم .

لم يستخدم المخلص قدرته الإلهية فى اشباع حاجة الجسد ليعلمنا أهمية العمل من أجل ان نأكل خبزنا بعرق الجبين، وان لا نطيع الشيطان فى مشوراته ونثق فى ابوة الله الراعي الصالح والذى يهتم بخلاصنا وابديتنا حتى لو تمحصنا بالتجارب والضيقات التي بها ننتقى. اننا لابد ان نشبع بكلمة الله التي هي روح وحياة ونهتم بملكوت الله وبره وكل الامور المادية سوف تعطى لنا وتذاد . وان كان لنا قوت وكسوة فلنكتفى بهما فمتى كان لاحد كثير فليس حياته فى امواله ؟



ان الصوم والصلاة وكلمة الله المقدسة من أهم الأسلحة الروحية الى ينتصر بها المؤمن فى حروبه الروحية ، كما ان البطن سيدة الأوجاع ويجب ضبطها وترويضها فالذى يضبط بطنه قادر ان يضبط الجسد كله. ومن هو شره للاطعمة يستحيل عليه ان يتحرر من الاثم ويشبه من يريد إخماد النار بصب المزيد من الوقود عليها. لقد طرد ابوانا أدم وحواء من الفردوس بسبب طاعة الشيطان فى شهوة الأكل. وهكذا كانت خطية سدوم الكبرياء والشبع ووفرة الترف. أما الذى يسير حياته فى زهد وإكتفاء فلابد ان يصل الى الحياة المطوبة على الارض وفى السماء .



تجربة المجد الباطل ..

استخدم الشيطان كلام الكتاب للحرب مع السيد المسيح بطريقة مضللة ومجزئة : يقول المزمور { لانك قلت انت يا رب ملجاي جعلت العلي مسكنك.لا يلاقيك شر ولا تدنو ضربة من خيمتك. لانه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك في كل طرقك. على الايدي يحملونك لئلا تصدم بحجر رجلك. على الاسد والصل تطا الشبل والثعبان تدوس} (مز9:91-14) فالكتاب هنا يعلمنا ان نتكل على الله ونجعله ملجأنا وهو يحفظنا ويرعانا بملائكته لكن الشيطان يقول للمخلص الصالح ان كنت ابن الله القى بنفسك أمام الناس من أعلى جناح الهيكل مستعرضاً بالكبرياء والإفتخار والمجد الباطل إمكانياتك وسلطانك ، وهنا نرى الرب يعلمنا ان لا نجرب الرب الهنا، إبليس يقنع مخلصنا الصالح باستخدام حقه كابن لله بطريقة فيها تهور، وبطريقة خاطئة وفيها تجربة للآب ولكن محبة الآب لنا لا تحتاج لإثبات بهذه الأساليب فهو يحفظنا في كل طرقنا الصالحة، لكن لا ينبغى نضعه موضع الامتحان. وان كان إبليس قد حارب السيد المسيح في المدينة المقدسة وعلى جناح الهيكل أي في الأماكن المقدسة، فهو يحاربنا ايضا حتى فى أوقات الصلاة وفى بيت الله ويشككنا فى عناية وحماية الله لنا ولكن نحن نعلم ان مخلصنا ورغم انه صانع العجائب والمعجزات وقت الحاجة الإ انه أختار طريق الصليب وبه أنتصر وخرج غالباً ولكي يغلب معنا وبنا فى الصليب. فلنثبت اذاً فى الأيمان ونصرخ مستنجدين بالصليب وقوة المصلوب عليه ونثق انه قادر ان يقودنا فى موكب نصرته . قد تكون حرب الشيطان لنا ذهنية فقط أي هو يغرينا بالمجد الباطل وصنع المعجزات الذى لا يخلص أما المسيح فيعلمنا ان نختار معه طريق الصليب. نحن بالإحتمال وطول الأناة والصبر نرث المواعيد .ان الله يحفظنا من التجارب التي نتعرض لها وليس التي نصنعها بانفسنا حتى نجرب محبته الله. وعلينا أن نثق في محبة الله دون طلب إثبات.



الطريق السهل وشهوة العيون ..

ان الشيطان واعوانه لا يكلوا عن محاربتنا واغوائنا بملاذ الدنيا الباطلة وأتباع طرقهم فهو يريد ان نسير معه كعبيد له وصانعين لارادته { أعطيك هذه جميعها ان خررت وسجدت لي. قال له يسوع أذهب عنى يا شيطان لانه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد } (مت 8:4-10). الشيطان يقدم لنا الطريق السهل لتحقيق اهداف تظهر لنا ناجحه ويعدنا بالسلطة والمال والمقتنيات والمناصب والعالم وشهواته. ونعلم ان الذين تركوا الله وعبدوا الشيطان وقواته سخر بهم وخسروا أبديتهم فالشيطان لا يعطي الا السراب والقلق والضياع ويسلبنا سلامنا وحريتنا وسعادتنا متى ما سرنا وراء مشوراته الشريرة؟

نحن نتبع الله بكل قلوبنا فهو الهنا وخالقنا ومعيننا فى تجاربنا ولا نتفاوض مع الشيطان فماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ انها تجربة كل يوم للمؤمنين، أن يدخلوا من الباب الواسع لذلك ينبهنا الكتاب {لا تحبوا العالم ولا الاشياء التي فى العالم لان العالم يمضى وشهوته معه }. إبليس يغوي المؤمنين بعالم فانٍ زائل لا يملكه ولا يعطيه وان أعطى بالغش والرياء فانه يفقد الإنسان راحته وابديته. ونحن لا ندخل فى المساومات الشيطانية ولا نشترك فى أعمال الظلمة غير المثمرة ولا فى المجادلات الغبية بل ننتهر الشيطان وأفكاره الشريرة منذ البداية ولا نتفاوض مع الفكر الشرير لئلا يتلوث فكرنا. يجب ان نهرب من الفساد الذى فى العالم ومن شهواته وندرب انفسنا على طاعة الله ونبنى انفسنا على أيماننا الاقدس وكلمة الله القادرة على هدم حصون الشر ونستأسر كل فكر الى طاعة المسيح لنجد عونا من اله السماء الذى يسحق الشيطان تحت ارجلنا سريعاً .



أعنى فى تجاربي...

ربى والهى وسط أمواج بحر العالم واغراءات الشيطان وهياج وزئير الاسود الملتمسة ان تبتلعنا نصرخ اليك انت يا قائد نصرتنا ومعيننا فى تجاربنا ومبدد سهام إبليس المتقدة ناراً. وانت هو هو أمس واليوم والى الابد قادر ان تنتصر بنا وفينا من أجل مجد اسمك القدوس. فانت لك حرب مع عماليق من دور الى دور ونحن اعيننا نحوك. انت تعلمنا الحرب وتعطينا أسلحته الانتصار القادرة على هدم حصون الشر.

انت يارب كنت مع ابائنا القديسين وحفظتهم ونصرتهم على مقاوميهم ومضطهديهم وبددت ظلام الوثنية بالأيمان وانارت للجلوس فى الظلمة وظلال الموت بمعرفتك ومحبتك ولم تقصر يديك ولم تعجز يمينك يارب المتمجدة بالقوة ؟. فلا تدع يارب موت الخطية ولا حيل إبليس تقوى علينا ولا على كل شعبك المؤمن، كن ناصراً لنا فى الحروب والشدائد، ومعيناً لنا فى الضيقات، ومعزياً لنا فى الاحزان، وترساً وحصناً لنا فى الضعف والخوف .

http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/03/blog-post_24.html


22‏/03‏/2013

† بمناسبة عيد ظهور الصليب - للاب القمص أفرايم الانبا بيشوى



 
 
بمناسبة عيد ظهور الصليب
 والذكرى الاولى لانتقال
طيب الذكر قداسة البابا شنوده الثالث
بدير القديس الانبا بيشوى
 
للاب القمص أفرايم الانبا بيشوى
 
قداسة البابا تواضروس الثاني يقول:
 
البابا شنودة حمل الصليب وعلم به كقوة الله للخلاص
 
احتفلت الكنيسة بدير القديس الانبا بيشوى بعيد ظهور الصليب المقدس والذكرى الاولى لانتقال الطيب الذكر قداسة البابا شنودة الثالث فى قداس ترأسه قداسة البابا تواضروس الثاني وحضور نيافة الانبا باخوميوس مطران البحيرة ومرسي مطروح والخمس مدن الغربية ونيافة الانبا صرابامون رئيس دير الانبا بيشوى العامر والعديد من الاساقفة من مصر والمهجر والاباء رهبان دير الانبا بيشوى وبعض من رهبان برية شهيت من الاديرة القريبة وبحضور جمع كبير من المؤمنين الذى حرصوا على الحضور فى هذه الذكرى ولاخذ بركة الدير ومزار قداسة البابا شنودة الذى يرقد فيه جسده الطاهر فى الدير الاثري.
وفى عظة عقب قراءة الانجيل المقدس قال قداسة البابا تواضروس الثاني : الصليب يلخص ايماننا المسيحي القائم على محبة الله والغير وعمل الخير. الله خلق الانسان عاقلا عاملا وكل اشكال التطور الحضاري حولنا هي نتاج العقل البشرى المبدع. وقد اعطانا الله القلب والمشاعر لنحب الله ونتقابل معه بالمحبة فى كل زمان ومكان والله يحب ان يسكن فى قلوبنا وهناك معه نلتقى. اننا يجب ان نملأ القلب بمحبة الله كل حين من خلال الوسائط الروحية ومنها سر التوبة والاعتراف والتناول من الاسرار المقدسة ومن خلال الصوم المقدس والقراءات الروحية  والخلوة مع النفس وحساب الذات للانطلاق من الأنانية الى حب الخير والغير
 الصليب رمز لمحبة الله للعالم كله وليس لافراد او شعوب دون الغير. محبة الله التي تشمل كل إنسان فى كل زمان ومكان {  لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية} (يو  3 :  16) وضرب قداسة البابا مثال على محبة الله لاغسطينوس وهو فى الخطية ولمريم المصرية التي عاشت فى الخطية زمان كبير وتابوا وصاروا قديسين. وعلى الصليب طلب السيد المسيح من الآب السماوي القدوس المغفرة لصاليبه {  يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون} (لو  23 :  34).
الصليب يحتوى على عارضتين واحدة راسية لننمو فى المحبة نحو الله والاخرى عرضية لنمتد بالمحبة نحو الغير. والغير هو أي انسان سواء القريب أو البعيد كما ضرب السيد المسيح مثل السامري الصالح لذلك اليهودي الذى سأله عن من هو قريبي مطالبا اياه ان يصنع رحمة مع الجميع حتى من يعتبروا انفسهم أعداء له.
فى عيد الصليب الذى حمله قداسة البابا نحتفل بذكراه الطيبة ونطلب منه ان يصلى من اجلنا ومن اجل بلادنا وسلامها . لقد كتب قداسة البابا كتابا عن الصليب المقدس ووعظ عنه محبا للجميع و محتملا بشكر وترك لنا ميراثا من الكتب الروحية والعظات العميقة.
وقد طالب قداسة البابا تواضروس من الاستفادة من هذا الارث الروحي العميق لقداسة البابا فى ذكراه الاولى ليبقى حي بيننا نسير على خطي تعاليمه المقدسة كما سار هو على خطي السيد المسيح والاباء القديسين.
ومن المكان المقدس الذى يرقد فيه قداسته البابا شنوده الثالث نصلى طالبين ان يصلى عنا ويبارك الله حياتكم جميعا .
هذا وقد زار قداسة البابا والمطارنة والاساقفة والاباء والحضور مزار قداسة البابا عقب القداس طالبين صلواته عنا جميعا، أمين

18‏/03‏/2013

† البابا الراهب الحكيم فى ذكراه - للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى







فى الذكرى الاولي لإنتقال ابينا طيب الذكر مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث فاننا نتذكر إيمانه المستقيم وجهاده الدائم واعماله الكثيرة  وصلواته واهتمامه وسعيه لخلاص كل أحد. انها وصية الكتاب المقدس ان نذكر بالفضل ابائنا القديسين الذين كلمونا بكلمة الله { اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم } (عب 13 : 7). وسيخلد التاريخ على صفحات من نور اسم قداسة البابا شنوده الثالث كمدبر ومحب للرهبنة وباعث نهضتها فى القرن العشرين، وكمعلم وواعظ لاهوتي قدير ترك لنا ما يزيد عن مائة وخمسين كتابا فى مختلف انواع المعرفة الروحية والايمان الارثوذكسي وكمدبر وبابا وبطريرك يهتم بالرعاية وخدمة الكنيسة وابنائها داخل مصر وخارجها. وكأب محب لاولاده يحمل قلبا طيبا رقيقا يحنو على الجميع. الصغير والكبير، الغنى والفقير، القريب والبعيد داخل مصر أو فى مختلف بلاد المهجر. حقا يا أحبائي لقد دخل قداسة البابا شنوده قلوبنا واحببناه لانه سار على نهج معلمه رئيس الكهنة الأعظم رئيس ايماننا ومكمله الرب يسوع المسيح. وستبقي ذكراك يا ابينا القديس للبركة على مر السنين {ذكر الصديق للبركة} (ام 10 : 7)

ان الكنيسة تعلمنا ان نعيد للقديسين فى يوم انتقالهم الى السماء، فهذا هو الميلاد الحقيقي يوم نتحرر من قيود الجسد المادي وتنطلق الروح الى السماء وتكون مع الله كل حين. وهكذا نعيد بالذكري الاولي لانتقال أبينا قداسة البابا شنوده للسماء وقداسته مؤلف كتاب إنطلاق الروح كباكورة لكتبه واشعاره فقد عاش يعد نفسه وشعبه معه ليحيوا حياة صالحة ويرثوا السماء وامجادها.

 الراهب أنطونيوس الزاهد الحكيم .. 

 كان البابا يحمل قلب راهب محبا لله  يسعى لاقتناء الحكمة الروحية ويحيا حياة الفضيلة على خطي الاباء القديسين حتى قبل مجيئه للدير فقد كتب فى اشتياق ووعي القصص والاشعار الرهبانية وهو شاب كما ان الانبا ثوفيلس اسقف دير السريان دعاه ان يحاضر عن الرهبنة للاباء قبل ان تتم رهبنه. وعندما تمت رسامة قداسة البابا رهباً فى 18 يوليو 1954م وكان فى قمة النضج الفكري فى عمر الحادية والثلاثين، أختار اسم اب ومؤسس الرهبة فى العالم كله القديس أنطونيوس الكبير، وقد احب ان يقتدى به ويتتلمذ على حياته وكما كتب لنا القديس اثناسيوس الرسولي حياة الانبا أنطونيوس فقد عاش البابا يحمل فكر وزهد القديس الانبا أنطونيوس كما كتب لنا كتابا عن حياة الانبا أنطونيوس كان إنعكاسا لحياة البابا الراهب الشخصية . الرهبنة هي موت عن شهوات العالم ليحيا الانسان فيما لله كانت حياة الراهب أنطونيوس وحياة  البابا شنودة متمما قول  القديس بولس الرسول { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي} (غل 2 : 20). كان قداسته كما قال يود ان يحيا ويموت راهبا  ولكن السماء كانت تعده لشئ آخر، ليقود الكنيسة طيلة ما يزيد عن اربعين عاما  وعندما أختير اسقفا للتعليم  فى 1962م. فقد ذهب لمقابلة قداسة المتنيح البابا كيرلس السادس مع الانبا ثاوفيلس اسقف دير السريان العامر مساء بناء على طلب قداسة البابا كيرلس وقد وضع قداسته يده عليا اسقفا للتعليم فى المقابلة بالرغم من عدم رغبته ثم رسمه بعد ذلك وكان لسان حاله قول ارميا النبي  {عرفت يا رب انه ليس للانسان طريقه ليس لانسان يمشي ان يهدي خطواته }(ار 10 : 23). ثم وقعت عليه القرعة ليرسم بطريرك فى 14 نوفمبر 1971م. وحتى انتقاله للسماء فى 17 /12/2012م. ظل البابا شنوده يحمل فكر الراهب أنطونيوس السرياني ويقضى نصف الاسبوع فى رحاب دير الانبا بيشوى العامر حتى ابعدته موقتا سنوات مرضه الاخيرة. وعندما جاء فى احداث عام 1981م الى الدير ليقضى فترة العزل فى عصر الرئيس السادات ظن البعض انها ستكون فترة نفي لقداسته لكنه قال مقولته الشهيرة ( لقد رجعت الى الفردوس مرة اخرى) ورغم صعوبة تلك الأيام فى حياته وحياة الكنيسة الا انه كان كرجل صلاة يحيا فى سلام وثقة ان الله يعمل للخير ولقد حفظ الله حياته لنا بابعاده للدير فلو كان لم يستبعده السادات وحضر حادث المنصة الشهير فى 6 أكتوبر 1981م فالله يعلم ماذا سيكون مصيره فلقد راح ضحية هذا الحادث نيافة الانبا صموئيل اسقف الخدمات وكأنه قدم ذاته فدءاً عن ابيه البطريرك. وكانت فترة الدير هذا فترة خصبة وعميقة للصلاة ان يرفع الله  غضبه عنا كما كانت غنية بالعظات الرهبانية والتأليف الروحي فى حياة قداسته.

 الرهبنة فى فكر قداسة البابا شنوده الثالث...

الرهبنة فى حياة  قداسة البابا شنوده الثالث لايمكن  نلخصها فى كلمات لكن يكتب عنها كتب وقد احسن دير البراموس العامر عندما اصدر كتاب عظات رهبانية لقداسة البابا شنودة فى ما يزيد عن 650 صفحة من الحجم الكبير ومعا سي دي لعظاته الرهبانية لمن يريد ان يقراء ويسمع  ويعي فكره الرهباني الذى هو تعبير  صادق عن حياته وإنعكاس لها يقول قداسة ( ان الرهبنة هي حياة الفضيلة، ياليت كل واحد فينا يسأل نفسه ما هي الفضيلة التي أقتنيتها طوال هذا الزمان كله الذى قضيته فى الرهبنة؟). هكذا عاش قداسته يجاهد ويعلم عن الإيمان بمعلم الفضيلة ربنا يسوع المسيح ودعوته لنا لنحيا حياة الفضيلة التي علم وعمل بها. الرهبنة فى فكر البابا هي حياة الصلاة الدائمة والتواضع يقول قداسته ( تمسك بالله وكن معه دائما وقل له لا اتركك حتى تباركنى واذا وجدت نفسك تسير فى الطريق الصحيح وصححت من أخطائك ونميت فى النعمة فلا يكبر قلبك.. تذكر الدٌرجات الكبيرة جدا التي وصل لها القديسين وقل أين انا والي اين ذاهب بالنسبة لهولاء؟.. هل انا وصلت لصلب الفكر الذى وصل اليه القديس مكاريوس السكندرى؟ وهل وصلت للصلاة الدائمة التى سار هو فيها؟ وهل وصلت للعمق الذى عاش فيه القديسون؟ مازال أمامي الكثير والكثير.) لقد علق قداسة البابا شنوده وهو فى قلايته فى الوحدة كما ذكر نيافة الانبا صرابامون رئيس دير الانبا بيشوى الذى تتلمذ علي قداسته البابا منذ عام 1959م ورقه  مكتوب عليها ( لسه بدري عليك) لكي ما تكون أمامه فى جهاده مقارنا نفسه بالقديسين العظماء ليسير على نهجهم.

لم يعتمد البابا الراهب فى حياته على جهاده الشخصي فقط بل وثق فى نعمة الله الغنية العاملة معه وفيه لهذا قال قداسته: ( الانسان محتاج فى حياته الروحية الى سهر دائم على خلاص نفسه، لكن فى نفس الوقت سهر الإنسان وحده لا يكفي وإنما لابد من تدخل الله في حياة الانسان، لان مجهود الانسان كله بدون عمل الله لا يفيد شئياً، ليست الحياة الروحية مجرد اعتماد على ذراع بشري، لكن الحياة الروحية هي عمل الله مع الانسان، أو هي عمل الانسان مع الله، أو هي شركة الروح القدس.)

الهدف المستقيم من الرهبنة أمر هام جداً يقول قداسته ( لماذا خرج الانسان من العالم وجاء لللرهبنة؟ هذا يحدد مسيره داخل الرهبنة. لابد ان يوجد هدف ولابد ان يكون الهدف مستقيم. طبعا الهدف الوحيد هو محبة الله، من أجل الله خرج الانسان من العالم.. لو كان له هدف آخر أذاً هدفه غير صالح ونحن نقول فى القداس الإلهي عن الرهبان " سكنوا فى الجبال والبراري وشقوق الارض من أجل عظم محبتهم للملك المسيح". أي إنسان من محبته لله ترك العالم لكي يتخصص فى ما لله. واذا كان الهدف هو هذا فلابد ان تكون الوسيلة مناسبة للهدف.. الذى اراه فى الراهب الذى يأتي للدير ربما شئ من الثلاثة الاتية ولو غير هذه الثلاثة فهو مخطئ.. اما حياة الوحدة والسكون والهدوء والنمو فى ذلك.. وامٌا حياة الخدمة سواء داخل الدير أو خارج الدير فى أسلوب الرهبنة .. أمٌا نقاوة القلب والسلوك فى حياة التوبة والسلوك فى الفضائل مثل التواضع والوداعة والاحتمال والهدوء والطاعة.. الخ) ولقد جمع البابا شنوده بين هذه الاهداف معا بين الرهبنة والخدمة، والفضيلة والنمو فى محبة الله حتى انتقل الى الأمجاد السمائية.

الراهب البطريرك كان يرى أهمية خاصة لسعى الراهب نحو تنفيذ مشيئة وارادة الله فى حياته وهو يصلى دائما قائلا لتكن مشيئتك  يقول قداسته ( حياتنا الروحية ليست استقلالا عن الله أنما نحن جزء من مملكة الله .. ملكوت الله .. ليس لنا مشيئة خاصة.. إنما مشيئة الله هي التى تنفذ فى ملكوته، لذلك نقول " ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك" أي عندما تملك تنفذ عندئذ مشيئتك. وعندما نقول لتكن مشيئتك اذا لتكن مشيئتك لا مشيئتي انا ولا مشيئة الناس.. بل مشيئة الله فى حياتنا... وعندما نقول يارب لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الارض" معناها ان تتحول الارض الى شبه السماء والناس الذين فيها كشبه ملائكته ينفذون مشيئة الله على الارض كما هي منفذة فى السماء.. فليعطينا الرب باستمرار أن ننفذ مشيئته ولينفذ الله مشيئته فى حياتنا)

كانت حياة قداسة البابا نمو فى محبة الله  وعمل مشيئته  الله فى حياته ودعوة لنا ايضا لتنفيذ مشيئتة الله فى حياتنا وبعد ان قضى من العمر ما يقرب من التسعة والثمانين عاما فى خدمة باذله ومحبة لله والغير وعمل الخير وسعى فى طريق الكمال النسبي بمقدار ما هو ممكن لانسان تقى محب خائف الله  استحق ان يرقد بسلام بين جنبات دير القديس الانبا بيشوى حسب وصيته  كتعبير أخر عن محبة قداسته للرهبنة واشتياقه ان يكون مستقر جسده الطاهر بين جنبات أديرتها العامرة لتنطلق روحه بسلام لتكون مع الاباء القديسين، نطلب بركة 

صلواته لكم ولنا جميعا فى السماء وليكن ذكره  كقدوة صالحة لنا جميعا فى دروب القداسة والخدمة والعطاء، أمين

http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/03/blog-post_16.html

† العلاقات الاسرية الناجحة - للأب أفرايم الأنبا بيشوى






العلاقات الاسرية واهميتها ...

{ ايتها النساء اخضعن لرجالكن كما يليق في الرب. ايها الرجال احبوا نساءكم ولا تكونوا قساة عليهن. ايها الاولاد اطيعوا والديكم في كل شيء لان هذا مرضي في الرب. ايها الاباء لا تغيظوا اولادكم لئلا يفشلوا.} ( كو18:3-21)

الاسرة هي نواة المجتمع والكنيسة، والاسرة المسيحية تقوم باتحاد الرجل والمرأة فى سر الزيجة المقدس الذى يباركه السيد المسيح وينمي المحبة فيه ومن ثم ياتي الاولاد كثمرة لهذا الحب ولكي ينمو الاطفال فى بيئة اسرية صالحة يجب ان تنشأ الاسرة كجسد واحد فى محبة وتناغم وتفاهم واحترام وطاعة وشعور بالمسئولية ويعرف الاباء والامهات اسس التربية وعلم النفس ويتفقا على الاسلوب السليم فى التربية والتفاهم  والحوار بين أفراد الاسرة  لنمو المحبة والاقناع الفكري أو الحث علي اداء عمل أو للتخلي عن فكر أو عمل ما واشاعة روح التقارب أو الدف العاطفي والروحي وازالة الحواجز النفسية وتقوية علاقات المحبة. وكما ان اعضاء الجسد الواحد تتعاون وتعمل معا لديمومة الحياة فى تكامل هكذا يجب علينا ان نكون داخل الاسرة الواحدة .

الحياة الاسرية تحتاج الى التفاهم والحوار فى الاسرة والذى يجب يقوم علي المحبة والرغبة في اقتناء فهم عميق للأخر من أجل تعميق الشركة بين الأطراف بدون عزلة أو انطواء والتوازن بين الحياة الخاصة لكل فرد والحياة الاسرية المشتركة وتقديم الدعم وانماء الشخصية والوصول الى تحقيق الاهداف مشتركة للحياة. اننا ننزعج عندما نرى الحوارات فى الاعلام فيها الكثير من الحدة والالفاظ الخارجة عن الذوق الرفيق ومحاولة كل طرف هزيمة الاخر وإثبات وجهة نظرة مع ان الاختلاف والتنوع سنة الحياة فلا توجد بصمة شخص فى العالم تتطابق مع أخر، يجب ان لا يكون داخل الاسرة الا المحبة لا الكراهية والتكامل لا التنافس والعطاء والبذل لا الانانية وحب الذات. الاحترام والتقدير لا الالفاظ الجارحة والتحطيم.

الأسرة المسيحية مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا شديداً، وهذا الارتباط مصدره المسيح، فهم أعضاء فى جسد واحد يكملون بعضهم بعضاً، ويحتاجون إلى بعضهم بعضا ويتعاونون مع بعضهم بعضا ولذلك كانت المحبة والحوار والمشاركة هم أسلوب الترابط والتعامل ومواجهة كل ظروف الحياة التي يتعرضون لها خلال رحلة الحياة التي يسيرون فيها معا. الحديث الودود بين أفراد الأسرة للتفاهم فى أمر من الأمور. أو لتبادل وجهات النظر أو لاتخاذ قرار فى شأن أحد الأمور التي تهم كيان الأسرة.  
لا يجب أن ينتهى الحوار بخصام أو انفعال أو اتخاذ قرار وقت الغضب .الحوار الذى يأخذ شكل عتاب على خطأ ما حين ينتهى بالاعتذار يكون حواراً ناجحاً ويجب ان يقابل بالتسامح والغفران والتغاضي عن الاخطاء فالقلب الكبير هو القلب المتسامح ولكن يجب خلال العتاب أن نستفيد من أخطائنا ويجب ان نختار الوقت المناسب للعتاب وان نمتدح الاشياء الجيدة قبل ان ننبه الى الاخطاء حتى لا نحطم معنويات من هم معنا. ولا ياخذ الحوار شكل الغالب والمغلوب السعى  للوصول إلى الأفضل للأسرة.

مقومات هامه للحياة الاسرية..

المحبة والاحترام .. بالمحبة نحاول ان نكتشف الأخر وننميه في محبة صادقة مخلصة لتصل الاسرة الى السعادة  بعيدا عن الأنانية في أحترم للاخر كانسان متميز فان كان الله قد تعامل فى حوار ودي مع ابراهيم ابو الاباء فيجب ان يقوم هذا الحوار على المحبة والاقناع لا الامر والنهي {هل اخفي عن ابراهيم ما انا فاعله}{تك 17:18). والمحبة العملية نظهر فيها محبتنا بتقديم وعمل ما يبني الأخر ويشجعه ويسانده  ويقدره ويلغي الحواجز النفسية بين الأطراف سواء الزوجين أو الابناء. يجب على الوالدين ان يفرقوا بين الشخص المخطئ والسلوك الخاطئ، فهم يحبوا ابنائهم ولكن لا يقبلوا السلوكيات الخاطئة وفى محبة يقوموها فى اقناع ومناقشة ثم متابعة الابناء. البيت المسيحي يبنى على اساس محبة الله والاحساس بوجود الله معنا بابوته فهو يرانا ويسمعنا ويحاسب على كل كلمة بطالة. لهذا نجد احترام مشاعر افراد الاسرة لبعضهم وكل طرف يقدم الاخر فى الكرامة وبعطية الفرصة لشرح وجهة نظره حتي لو كانت مخالفة (مقدمين بعضنا بعضا في الكرامة ) وبالأكثر امام الضيوف. علينا ان لا نحرج الابناء أمام الغير ونقلل من أوجه الخلاف للتكامل ونحرص ان لا نستخدم كلمة "لا" التي تغلق باب الحوار  الا فى الامور التي لا يمكن قبولها ولكن من خلال التفاهم والاقتناع او تأجيل القرار الى وقت مناسب لمراجعه الاطراف لنفسها ومواقفها.

التشجيع والقبول والمشاركة....  لقد قبلنا السيد المسيح كما نحن لا كما يجب ان نكون ومحبته القوية دافع لنا للتغير للأفضل كما ان المحبة والتشجيع منه لنا ونحن خطاة هي دافع قوى لنا للتوبة من اجل هذا يوصينا الكتاب { ونطلب اليكم ايها الاخوة انذروا الذين بلا ترتيب شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تانوا على الجميع} (1تس 5 : 14). ان قبول الله لنا دافع عملي لقبولنا لبعض(لذلك اقبلوا بعضكم بعضا كما ان المسيح ايضا قبلنا لمجد الله) (رو 15 : 7). ويجب ان تكون لنا الأذن الروحية التي تستمع وتفهم وتقدر وتشجع فى عصر يتعرض فيه أفراد الاسرة للكثير من الضغوط من الخارج، سواء من وسائل الاعلام او فى العمل والشارع . فلنكن مصدر سعادة  ومحبة ودعم بعضنا لبعض. وان يشترك افراد الاسرة معا فى الحياة الاسرية ويشارك كل واحد بمواهبه وامكانياته فى سعادة الاسرة. ان ما يحزن قلب المسيح المحب ان يجد الاسرة تعيش في بيت واحد وكأنهم في فندق ولا يعرف الواحد ماذا يتعب أو يفرح الأخر. يجب ان نفهم التنوع في نفسية الناس ولا نهمل المواهب ونتفهم الظروف المحيطة بنا . كل واحد منا وسط ضغوط الحياة العاصرة يجب ان يظهر العواطف الطيبة والتقدير والمساندة للأخر فالناس تحتاج للحب أكثر من حاجتها للخبز، ولعازر البلايا فى بيتنا يحتاج للمحبة والعطاء والدعم ولا يجد المساندة منا. لا يجب ان يظن الاباء ان مسئوليتهم فقط توفير لقمة العيش للابناء بل تقديم المحبة والتشجيع والقبول كعامل هام للسعادة والنضج السليم للابناء. نحتاج الى ان نصادق ابنائنا وبناتنا وكما يقول المثل ( ان كبر ابنك خاويه) اي اتخذه أخ لك واستمعوا لهم فى تفهم وتقدير كما يجب ان نشجعهم على اتخاذ اصدقاء محبين لله وناجحين فى حياتهم ونتابع ذلك  فى مصارحة وتفهم.

أساليب خاطئة فى العلاقات الاسرية ...

ان الإنسان عامة لايريد من يعرية نفسيا امام الاخرين ولهذا  قد يلجأ الي الأسلحة الدفاعية أثناء الحوار ومنها بعض الاساليب الخاطئة فى التعامل. ومنها الثورة والغضب كوسيلة لمنع الأخر من الدخول في حوار نفسي وروحي مما يجعل الطرف الأخر ينطوي علي ذاته ويخيب  امله ويبرد في علاقته وتصيبه الامراض . كما يلجأ البعض الى البكاء اما لاستدرار عطف أو لتحقيق طلبات دون نقاش أو جدال أو وهذا اسلوب يجب علاجة عند ابنائنا منذ الطفولة المبكرة فلا يكون البكاء هو وسليتهم للنجاح فى تحقيق رغباتهم فهو عدم نضج نفسي. كم ان النقد اللاذع  هو وسيلة لقتل الحوار فالنقد والشكوى الدائمة والتذمر هم مقبرة الحياة الزوجية السعيدة  كذلك الابناء في حاجة لاب حقيقي وأم متفهمة يتألموا لألم ابنائهم ويشاركوهم اهتماماتهم ويفرحوا لفرحهم وهنا اشير الى كتاب ديل كارنيجى الجميل "كيف تكسب الاصدقاء وتؤثر فى الناس" وخاصة القسم الخاص بالاسرة لمن يحب القراءة  للاستفادة منه. قد يلجأ البعض الى الصمت أو الثرثرة كوسيلة لإهمال الحوار أو تجاهله والبعض يثرثر في اشياء ليست لها قيمة لصرف النظر عن مشكلة أو اخفاء شئ عن الأخر. كما يلجأ احد الاطراف الى الالحاح  المتعب كوسيلة ضغط نفسي أو عاطفي لنيل هدفهم مما يؤثر سلبا على العلاقات فى الاسرة ويقيمها على المصلحة والمنح والمنع كما الحت دليلة على شمشون حتى باح لها بسر قوته (فقالت له كيف تقول احبك و قلبك ليس معي هوذا ثلاث مرات قد خذلتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة) (قض 16 : 15). كما يشتكى بعض افراد الاسرة من افشاء الاسرار من احد اعضائها لعائلته مما يتسبب فى هدم سعادة الاسرة بل يصل الامر الى حد الهجر والانفصال فيجب ان يكون لكل بيت اسوار عالية  تحميه  من تطفل الأخرين ومن اقتحام العابثين وتمنحه الخصوصية دون تدخل الاهل فلا يجب ان تخرج اسرار البيت من احد اطراف البيت الي الاصدقاء أو حتي الاهل مما يخدش الثقة بين أويجرحها.

خطوات لتدعم العلاقات الأسرية 
فى زمن الغلاء قد نجد الاباء والامهات أو احدهم يعمل لساعات طويلة وقد يسافر الابد بعيدا لتأمين لقمة العيش. ووسط انشغال الوالدين عن الابناء نجد حالات كثيرة من أدمان الكمبيوتر والدش أو البقاء على المقاهي لساعات ويجعل ابنائنا عرضة للانحراف. لهذا على الوالدين الاهتمام بالحياة الروحية للاسرة بحضور الصلوات والقداسات كاسرة. والاهتمام بالصلاة العائلية والقراءة فى الكتاب المقدس. وان يكون الوالدين قدوة للابناء. وعليهم قضاء ما يمكنهم من عطل معا سواء خارج البيت او داخله والاهتمام بتناول وجبة اليوم الرئيسية معا فى جو اسرى مشجع وليكن للاسرة الإهتمامات أو الهواية المشتركة وعلى الوالدين الإتفاق علي اسلوب التربية بين الاب والام حتي لا ينقسم البيت ويوجد الصراع بدلا من الحب ولا يجب ان ينتقد طرف الأخر امام الأبناء بل يظهر له الاحترام والتأييد. كما يجب ان نحرص على الاحترام المتبادل بيننا فليس من اللائق ان نبذل الجهد لكسب الغرباء ونتعامل معهم بذوق واتيكيت ولا نفعل ذلك مع اهلنا وأحبائنا علينا ان نرحب بقدومهم ونسألهم عن أحوالهم ونحتفل معهم بمناسباتهم الخاصة فالأسرة التي تتكون على محبة القدير والصلوات المشتركة والتقرب من الاسرار المقدسة وقراءة الانجيل وطاعته لا تهدمها الريح مهما كانت قوتها بل تثبت وتأتي بثمار كثير علي الارض وترث ملكوت السموات.

اساليب التعامل مع الأبناء .. فى تعاملنا مع ابنائنا يجب أن نتعلم كم الضغوط التي يتعرضوا لها فى المدرسة والشارع ومن وسائل الاعلام  كما نعى التغيرات النفسية التي يتعرضوا لها من الداخل ولهذا يجب ان نحتضنهم بالمحبة وان كان الكتاب يوصى الابناء بطاعة الوالدين فهم يوصى الوالدين بان لا يغيظوا ابنائهم لئلا يفشلوا {{أيها الأولاد أطيعوا والديكم فى كل شئ لأن هذا مرضىُّ فى الرب. أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم لئلا يفشلوا} (كو3: 20-21 ).

الحوار والاقناع...  لم يعُد أسلوب السلطة والأمر يصلح لأبناء هذا الجيل، ولذلك يجب نستمع لهم أكثر من التكلم اليهم حين نتحاور معهم  ونصادقهم ونحترم ارائهم فان كان الله يطالبنا ان نتحاور معه ونصادقة فكم بالاحرى الوالدين مع ابنائهم { هلم نتحاجج يقول الرب ان كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج ان كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف} (اش 1 :  18). نحن نتحاور مع ابنائنا لكي نتعرف على مشاكلهم ونساعدهم على النضج فى اتخاذ القرار السليم بانفسهم فى اقتناع وليس بالامر والنهي. ويجب ان نحترمهم أثناء الحوار فلا يجب أن نسخر منهم أو يكونوا مادة للفكاهة والضحك عليهم لأن هذا الأمر يقودهم إلى التمرد والعصيان ومتى خرج الأبناء عن إطار احترام والديهم أثناء الحوار يجب أن نتغاضى عن ذلك الخطأ ولا ننهى الحوار بل نؤجله إلى فرصة أخرى إذا لم نوفق فى الحوار في بعض الأحيان. لابد ان ننمي ابنائنا على الحوار والتفاهم والاقتناع واتخاذ القرار الصائب والمناسب لعمره مع تقديم النصح والمشورة.

 الصداقة مع الابناء .. الصداقة فى روح المحبة والمصارحة والاتفاق وقضاء وقت مشبع مع الابناء يقوى الثقة والمحبة فى الاسرة ويقوى دائرة التوجيه والإرشاد والمتابعة كمسئولية للوالدين. مع احترام خصوصية الأبناء وعدم التدخل فى خصوصياتهم الا وقت الاحساس بخطأ مع الاتفاق على ذلك حتى لا نقودهم إلى التمرد والرفض والاستقلال المتطرف عن الوالدين. علينا ان نصادقهم  ونتابعهم فى وداعة وحزم دون تدليل أو قسوة. وعلينا كاسرة ان نشترك معافى قراءة الكتاب المقدس والصلاة او مشاهدة برامج ناجحة او زيارات اسرية وعائلية معا وحضور القداسات الاسبوعية كاسرة لنكون قدوة صالحة لابنائنا منذ الصغر وتنشأ الاسرة مترابطه ومتحابة وفى داخل اطار المحبة والصداقة نوجههم لاختيار اصدقاء صالحين { المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة }(1كو 15 : 33). على الوالدين معرفة اصدقاء ابنائهم وعلاقاتهم ومتابعتهم بدون تطفل او عدم مبالاه ابنائنا وبناتنا فى عدم تمييز بين الابناء والبنات وفى تشجيع لكل فرد فيهم.

التشجيع وتحمل المسئولية .. يجب ان نهتم بتشجيع ابنائنا ونكتشف مواهبهم وننميها فى اي مجال يحبونه سواء الموسيقى أو الرسم او الشعر والادب أو القراءة او الابتكار العلمى. ونعودهم على تحمل المسئولية منذ الصغر ونعلمهم التدبير والتوفير من مصروفهم واختيار ملابسهم  المناسبة فى نصح وان نشركهم فى مناقشة واستعراض امور الاسرة والحياة العامة وإعطاء  كل فرد رأيه مثل مشكلة الهجرة والسفر للخارج وطرق استخدم الكمبيوتر والانترنت وحتى مشاهدة البرامج التلفزيونية وغيرها من امور الحياة،  لكى يكبر الابناء وهم قادرون على المشاركة فى المجتمع والنجاح فى التعامل مع الغير وعلينا أثناء الحوار مع الأبناء يجب أن نلتزم بعدم الكذب وبالمصداقية وإلا فقدنا كل تأثير إيجابي فى تربية الأبناء. ان التشجيع للابناء ومراعات مشاعرهم لاسيما امام اصدقائهم وزملائهم وامام الضيوف بل والتقدير ومدح الصفات الطيبة فيهم أكبر عامل لنجاحهم فى الدراسة { شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تانوا على الجميع }(1تس 5 : 14). يجب ان نربى اطفالنا على الشعور بالمسئولية بباقي أفراد الأسرة فهم ليسوا بمفردهم وهكذا نزرع فيهم التعاون والمشاركة. يجب أن يكون هدف نجاح ابنائنا الروحي والدراسي والعملي مع  زرع الفضائل المسيحية فى الأبناء منذ نعومة أظافرهم. 

التهذيب والتقويم ...

الهدف من التهذيب والتقويم وحتى العقاب هو الاصلاح وتنشئة اطفالنا على اسس سليمة حتى لا ياتى باثر عكسي عليهم ويحطم ولا يبني نفسيتهم أويعوق تقدمهم الدراسى والحياتى. فالعقاب وسيلة وليس هدف فى حد ذاته ولابد من ان ينطلق من المحبة وان يفهم الابناء ذلك { لان الذي يحبه الرب يؤدبه وكاب بابن يسر به} (ام 3 : 12). علينا مراعاة نفسية الابناء وان لا نجرحهم أو ننتقدهم النقد الهدام فقد تكون سلوكيات الاولاد الخاطئة وسيلة لا شعورية لجذب انتباه الاهل او المحيطين فى انشغالهم عنهم أو تعبير عن الاحتجاج والرفض للتعامل القاسي او الجارح.

الحوافز ومبدأ الثواب والعقاب. من الاساليب الناجحة فى التربية الحديثة فيأخذ الطفل مكافأة ما متى حقق نجاحا أو قام باداء عمل ما ويحرم منه متى لم يقم بالمطلوب منه فى أطار أمكانياته وقدراته فان اردنا ان نطاع يجب ان نأمر بما هو مستطاع. والمدح والتقدير متى قام الطفل بسلوك جيد والعتاب غير الجارح كوسيلة لتدارك الابناء لاخطائهم. الضرب وسيله فاشلة للتربية ولا يوصى به ابدا كوسيلة للعقاب لاسيما عند حدوث خطأ من الابناء وفى حالات غضب الاباء. بل يجب ان نهدء ونعرف اسباب السلوك الخاطئ ونعالجها بالمحبة والاخذ بيد الابناء لتدارك الاخطاء والنجاح فى الحياة.

فى التهذيب والتربية نعد الابناء على الاعتذار على الخطأ لمن يخطئ فى حقه ويجب ان نكون نحن قدوة لهم فى ذلك فنعتذر لهم عن اشياء قصرنا فيها تجاههم مثلا ونعدهم ان لا يتكرر الامر. وقد نطلب منهم تعويض الخطأ متى حدث من مصروفه او وقته متى حدث. وقد يكون الحرمان من شئ محبب للطفل اداة مناسبة للاصلاح كحرمان من مصروف ليوم مثالا او يومين لكي لا ندفع الاطفال لسلوك خاطئ. او حرمان مر رحله او لقاء مع اصدقاء او حتى بالعزل داخل غرفهم لوقت محدد. وارجو من الوالدين قراءة كتب الانبا يوسف اسقف جنوبي الولايات المتحدة فى التربية ومنها ( رٌب الولد) فى جزئين  فانها مفيدة ونافعه فى هذا المجال.

ان تربيه ابناء ناضجين وناجحين واعدادهم ليكونوا شباب متميز ومتفوق ليس عملا سهلا ويحتاج منا للفهم والمعرفة والدراسة واعداد الشباب لانفسهم فى مرحلة قبل الزواج لتحمل مسئولياتهم فى تكوين اسرة مقدسة وابناء صالحين واثقين من انفسهم وقادرين على تحمل ضغوط الحياة ومواجهة التحديات واتخاذ القرارات الصائبة فى نضج ووعى. وعندما نصادق ابنائنا ونتحاور معهم فى احترام ونكون قدوة لهم ونصلى معا { واما انا وبيتي فنعبد الرب} (يش 24 : 15). ونتعاون معا بروح الصلاة فسيكون حاضرنا سعيد ومستقبلنا واولادنا أفضل، أمين


http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/03/blog-post_14.html

10‏/03‏/2013

† البابا كيرلس السادس رجل الصلاة، المحب لشعبه - للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى




البابا كيرلس السادس

رجل الصلاة، المحب لشعبه

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

سيرة مقدسة لعملاق روحي..

بمناسبة مرور 42 عام على إنتقال صاحب السيرة العطرة مثلث الرحمات قداسة البابا كيرلس السادس إلي فردوس الابرار ليكون لنا شفيعا أمام الله مع سحابة الشهود الذين قال عنهم القديس بولس الرسول { لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا} ( عب 1:12).

فاننا نتذكر سيرته الطيبة والعطرة والمتجددة كعملاق روحي تنمو محبتنا له يوما بعد يوم ونتمثل بإيمانه الواثق بالله ونطلب صلواته المقبولة ونحن نرى معجزاته التي لا تحصى مع كل من التجأ اليه طالبا شفاعته ليصلي ويطلب عنا أمام الله وقداسته القائل: ( قلب المحب لله هو عرش يسكنه الروح القدس ويحل فيه الثالوث الأقدس). ولانه احب الله من كل قلبه بصلوات واصوام فى ركوع وخشوع ودموع من اجل هذا عمل فيه الله ومنحه ثمار ومواهب الروح القدس. واحببناه نحن كرجل الله القديس محبة عميقة جدا قد لا نستطيع ان نعبر عنها فى كلمات قليلة أو حتى صفحات، ليس كاقباط فى مصر والمهجر فقط بل والكثير من اخوتنا من الكنائس الشقيقة بل والكثير من الاجانب الذين تعرفوا عليه من خلال ابناء كنيستنا فى كل العالم. اننا نذكره ونتمثل بإيمانه { اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7)

حياته ورسامته بطريرك وأهم اعماله..

ولد البابا كيرلس فى الثاني من أغسطس 1902م من أسرة تقية مشبعة بروح القداسة وتسمى عازر ونشأ في دمنهور وكان ناسكا منذ حداثته وبعد ان انهى دراسته عمل فى احدى الشركات الاجنبية العاملة فى الاسكندرية وكان موضع إحترام وتقدير الجميع الذين تركهم ليذهب الى دير البراموس في 27 يوليو سنة 1927م ورُسم راهباً في بداية فبراير سنة 1928م باسم الراهب مينا. واتّصف طوال حياته بالتواضع الجم ومحبة الجميع وحبه للقراءة في سير الآباء وتعاليمهم لاسيما نسكيات القديس ماراسحق السريانى التي نسخها بخط يده كما اهتم بمكتبة الدير وقراء الكثير من كتبها.وقد رُسِم قسا في يوم الأحد 18 يوليو 1931م بيد الانبا ديمتريوس مطران المنوفية ودرس اللاهوت فى الكلية اللاهوتية بحلوان ثم توحد فى مغارة خارج الدير، هي مزار للكثيرين من محبة الى اليوم ثم اوكل له البابا الانبا يوأنس ال 113 رئاسة وتعمير دير الأنبا صموئيل المعترف. ثم من محبته للقديس العظيم مارمينا اشترى ارض فى مصر القديمة واقام عليها كنيسة باسمه وبنى بجوارها سكن للطلبه المغتربين الذين تتلمذوا عليه وصاروا رهبان وكهنة وخدام امناء كما اصدر مجلة مينا الخلاص ولمحبة لله والصلاة فى تواضع انعم الله عليه بمواهب كثيرة منها الإفراز وشفاء الأمراض وإخراج الأرواح النجسة. ثم وقع عليه الاختيار لكرسي الإسكندرية بالقرعة الهيكلية يوم الأحد 19 إبريل 1959م وتمت رسامته بطريرك في يوم الأحد 10 مايو 1959م باسم البابا كيرلس السادس بعد ان رأى في رؤيا البابا كيرلس الخامس فطلب أن يحمل اسمه.

ويرجع له الفضل فى تعمير دير القديس مارمينا الذي خُرب في القرن العاشر وأعاد اليه الحياة الرهبانية وأوصى ان يدفن فيه وقد تم ذلك واصبح دير الشهيد مارمينا له الشهرة ليس فى مصر بل والعالم بفضل قداسة ومعجزات هذا العملاق الروحي بالاضافة الى اهتمامه باديرة الرهبان والراهبات وتطويرها. ومن الناحية الروحية اللاهوتية شجع قداسته الكلية الاكليركية والمعاهد الدينية ورسم لها الاساقفة. وكان رجلا وطنيا محبا لمصر وربطته صداقة قوية مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى اشترك معه في وضع حجر الأساس للكنيسة المرقسية الكبرى بالأنبا رويس وساهم فى بنائها.

صاحب القلب المحب والصلوات المقبولة..

تميز البابا كيرلس بانه صاحب القلب المحب المنفتح على الكل والباب المفتوح لكل ابناء شعبه وكان يقيم القداسات اليومية منذ ان رسم قسا وحتى انتقل الي السماء وبعدها يلتقى ويبارك الجميع فى ابوة صادقة ورعاية حانية وصلوات مقبولة وقد استمر هذا حتى بعد انتقاله الي السماء فما من احد التجأ الى شفاعته الا وقد لبى النداء وطلب من رب السماء واستجاب له فكم من نساء عواقر انجبت بصلواته وكم من مرضى تم لهم الشفاء وكثير من المشكلات قد حلها الله بشفاعته، لم يقوم البابا كيرلس بكتابة الكتب الروحية لكنه كان كتاب روحي مفتوح ولم يلقى الكثير من العظات لكنه كان وسيبقى عظة عملية ومدرسة روحية فى التواضع والصلاة والعمق الروحي والعطاء والمحبة لشعبه حتى بعد انتقاله. كان البابا كيرلس يحيا فى سلام رغم المتاعب التي تعرض لها وكان سر سلامه ما قاله (لا يوجد شئ تحت السماء يكدرني او يزعجني لأنى محتمي فى ذلك الحصن الحصين داخل الملجأ الأمين مطمئن فى أحضان المراحم حائز على ينبوع من التعزية) واذ انعم عليه الله بسلام من روحه القدوس فكان يوصى ابنائه ويصلى قالا ( أمنحنا سلامك وعلمنا أن نسالم بعضنا بعضا وشجع نفوسنا لكي لا تصغر واسندنا بقوة ذراعك لكي لا نضعف وامنحنا الخير والفرح كل حين... ليكن صومكم أيضا مصحوبا بالصلاة وبالقراءة فى الكتاب المقدس والكتب الروحية وسير القديسين)

قال عنه سلفه مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث (قد عرفت قداسته سنة 1948 حينما كنت أتردد على كنيسته فى مصر القديمة، وأنتهى بي الأمر الى أن سكنت هنالك أتمتع بقداسته وصلواته ورعايته وإرشاده فى ذلك الجو الجميل. وكنا فى دير السريان نعتبر أنفسنا أبناء له، وكنا نذهب اليه فى أوقات متفرقة نسترشد برأيه. ولا يوجد فى تاريخ الكنيسة كله إنسان مثل البابا كيرلس أستطاع أن يقيم كل هذه القداسات. أنه صلى ما يزيد عن 12000 قداس. وهذا أمر لم يحدث فى تاريخ أي بابا من باباوات الإسكندرية أو العالم أو الرهبان. كان عجيبـاً فى صلواته. هكذا قضى الفترة التي تصل الى حوالى 12 سنة وكأنه جيل كبير مملوؤ بصالح الأعمال وبالمفاهيم الصالحة).

تجلي العذراء مريم... لقد ايدت السماء رجل الصلاة قداسة البابا كيرلس بظهور وتجلى السيدة العذراء فوق قباب كنيستها بحي الزيتون بالقاهرة منذ ليلة 2 إبريل سنة 1968م، ولمدة سنتين وأربعة شهور متتالية. وصاحب التجلي ظهورات سمائية مثل الحمام وروائح بخور ذكية، بالإضافة إلى معجزات شفاء كثيرة شملت المسيحيين والمسلمين على السواء. والي قداسته يرجع الفضل فى ارجاع رفات كاروز الديار المصرية القديس مار مرقس الرسول فى23 يونيو سنة 1968م، بعد ان كان قد نقل الى ايطاليا منذ حوالي أحد عشر قرنًا.

كانت محبة البابا كيرلس السادس قوية لله فكان مستودع لمواهب وثمار الروح القدس الذى وهبه الشفافية الروحية والبصيرة الروحية وصنع المعجزات كما كانت تربطه صداقة قوية مع القديسين وأهل السماء الذين كثيراً ما كان يراهم ويحاورهم وبصفة خاصة صديقه الشهيد مار مينا العجايبي.

انطلقت روح البابا كيرلس في 9 مارس سنة 1971م للسماء بعد جهاد مع المرض استمر لخمس سنوات واقيمت عليه الصلوات بالكاتدرائية الكبرى بالأزبكية. ثم نُقِل جثمانه الطاهر ليدفن تحت مذبح الكاتدرائية الضخمة التي كان قد شيدها في دير مار مينا بمريوط وذلك تحقيقا لوصيته.
وبعد انتقال قداسته صار قريبا من الله يشفع فينا ويظهر لكثيرين، ويتوب ويرجع الي الله الكثيرين بقراءة سيرته ومعجزاته. لقد خدم البابا كيرلس سيده بامانه وتبعه بقلب كامل وصلوات دائمة من اجل ذلك استحق ان يكون مع سيده فى السماء وان يكرمه الآب القدوس ويستجيب لصلواته عن محبيه {ان كان احد يخدمني فليتبعني وحيث اكون انا هناك ايضا يكون خادمي وان كان احد يخدمني يكرمه الاب }(يو 12 : 26). ونحن ايضا نطلب ان نفوز برحمة الله وسلامه الكامل وثمار الروح القدس بصلواته أمام الله من اجلنا،
.أمين
http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/03/blog-post_8.html


† الله بالنسبة لي - الاب افرايم الانبا بيشوي






الله بالنسبة لي!



الاب افرايم الانبا بيشوي

{هو يدعوني ابي انت الهي وصخرة خلاصي}

(مز 89 : 26)

بيسألوني الله بالنسبة ليك هو أيه؟

قلت هو أبويا وكمان صديقي الوفي اللي

فى فرحي وضيقي وكل وقتي الجاء اليه

الهي وصخرة خلاصي وانا باحتمى فيه

سامع صلاتي ونفسي دواها من شفتيه

دا رحمته فى كل وقت تشهد لحبه ليا

وانا من حنيته اشهد بضعفي لحبي ليه

هو حبيبي وساكن فى قلبى، وراحتى فيه

وهو ربى اللي بسجد وانحنى انا بين ايديه

دا انا مهما اقول معرفش اعبر عن عظمته

او قوته ولا وداعته او جماله احترنا فيه

دا هو شبعى وفرحي وحياتي من غيره تيه

انا بارتوي فى حديثه ليا ومناجاتي ليه

هو خالقي ومصدر حياتي وانفاسي بيه

هو اللي خلق السماء والارض والبحار

وكل اللي فيها خاضع لاردته وعمل ايديه

منقذ حياتنا من الفساد اللي العالم بيعانيه

قائدي فى غربتي باسمع لصوته وارضيه

دا عريس لنفسي وجنتي فى دنيتي وقوتي

فى رحلة العمر ان طالت ولا قصرت

وبعدها يضمني للسماء فى حضن قلبه

ويكمل جهادى ويحيا في وانا احيا فيه

http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/03/blog-post.html