25‏/02‏/2014

† الصوم و الرياء - بقلم قداسة البابا تواضروس الثاني


الصوم و الرياء
بقلم  قداسة البابا تواضروس الثاني

( عظة قداسته الاسبوعية مساء يوم الاربعاء 19 فبراير 2014م )
يطلق البعض على فترة الصوم المقدس موسم التوبة و لكن التوبة هي في كل وقت و كل حين و لكن فترة الصوم المقدس فترة لا يعادلها فترة في أيام السنة كلها تحتاج منا لاستعداد و هذا اﻻستعداد هو استعداد زمني و استعداد قلبي و استعداد جسدي و لكن المهم أن كيان اﻻنسان يستعد لهذهالرحلة المهمة جدا التى تاتى مرة واحده فى كل عام


و اصحاح 58 من سفر اشعياء يتحدث عن الصوم المقدس

فترة الصوم هى فترة مهمة يكون فيها اﻻنسان صادقا مع نفسه لانه خلال العام و بحسب حياة اﻻنسان كثير ما يكون اﻻنسان غير واضح مع نفسه و كأنه يرتدى قناع يواجه به الناس و يتكلم به معهم، اخطر ما يواجه اﻻنسان السائر فى طريق الرب ان يعانى من خطية الرياء او ما نسميه بشكلية العبادة


الصوم هو ممارسه تعبدية و لكن يجب ان تخلوا من الرياء فالرياء خطية خفية تتسلل الى نفوس المتعبدين ففى هذا اﻻصحاح يشرح لنا كيف يمكن ان يكون اﻻنسان واقع فى هذه الخطية دون ان يدرى ، فمثلا فى ايات الاصحاح العدد يقول "اياي يطلبون يوما فيوما" و لكن هذه الصلاة الظاهرة هى من الشفتين او من اللسان و لا تتعدى ذلك فالاعماق كما هى لا تتغير، لذلك عندما يترك صلواته تجده يتصرف تصرفات غير مقبولة و غير لائقة و لا تتفق مع تصرفات الصلاة التى عاشها فى صلاة مستمرة و لكن مخادعة للانسان 


مظهر اخر من مظاهر الرياء المعرفة العقلانية:-
تشعر و انت جالس مع الشخص انه موسوعة و لكن ليست موسوعة اتضاع و لكن موسوعة كبرياء يفتخر بذاته و بما حصله من معارف و نقرأ فى متى 23 "ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراؤون"و كانت طائفة الكتبة و الفريسيون هم من قمة طوائف اليهود، فكلمة فريسي معناها مفرز و على الكتبة انهم اشخاص متميزون جدا (الكتبة هم الناسخون) و يقول عنهم الكتاب "يسرون بمعرفة طرقى كأمة"


اﻻمر الثالث فى هذا الرياء هو اظهار الغيرة و نسميه احيانا ناموسى:-
ناموسي بمعنى حرفى، و الحياة المسيحية عندما تقرأها تجدها تعتمد على الحياة القلبية و تعتمد على على الروح و لا تعتمد على الحرف، و من يحيابالحرف يتأخر و من يعيش بالناموس و فكر الناموس الجاف دون روحه يكون متأخر كثيرا، لذلك قال ربنا يسوع المسيح "ما جئت لانقض بل لاكمل فالمقصود هو ان يكمل الفهم، فتقرأ العهد القديم بروح العهد الجديد، مثل ما تقرأ رسالة العبرانين فهى رسالة فى العهد الجديد و لكنها تحكى كيف نفهم العهد القديم بروح العهد الجديد


صورة رابعة من صور الرياء ان اﻻنسان يتظاهر انه قريب من الله:-
"و يسرون بالتقرب الى الله" من خلال طقوس و ممارسات معينة يتظاهر انه قريب من الله و حقيقته من الداخل غير ذلك، تصور انسان يقضى يومه صوما و يمارس ممارسات و ياتى بعد فترة الصوم (فى نفس يوم الصوم) غضبه يظهر او سلوكه ينحرف، فترة الصوم هى فترة لكى ما تساعد اﻻنسان فى نموه الروحى 
ويأتى السؤال لماذا الصوم الذى تحدث عنه اﻻصحاح كان مرفوضا ؟؟


هناك ثلاث اسباب واضحة فى العدد 3-4-5 


اول شئ ان هذا الصوم كان بلا ضبط:-
هو صوم يسر صاحبه لا يسر الله، فهو صوم غير منضبط لا يسير بنظام هو احيانا يستعرض امكانياته و قدراته 


الرفض الثانى ان هذا الصوم كان بلا صمت:-
الصوم ليس عن الطعام فقط بل ايضا عن الكلام فهذا الصوم المرفوض ليس فيه صمت بل فيه خصومة مع الغير و فيه ادانة للاخرين


ايضا هذا الصوم مرفوض لان هذا الصوم بلا تذلل:-
هو شكل و بلا جوهر فهو مجرد منظر داخلى، و الكنيسة ترتب قداسات لاوقات متاخره لتساعد اﻻنسان فى هذا كوسيلة تساعدك فى سلامة الحياة الروحية


كيف نصوم و كيف ننال بركات هذا الصوم ؟؟ 


اول بركة ان هذا الصوم فيه استجابة للصلوات لانك عندما تحيا جو الصوم تشعر بالانسحاق و الخشوع و تخرج صلواتك من داخلك عميقة و تدخل فيها روح اﻻيمان، صلوات مرفوعة من قلب نقى


بركة اخرى من بركات هذا الصوم ان يصير الرب لذة للانسان، فانت تصوم عن الطعام لكى تتحول لذة الطعام فى داخلك الى لذة للرب و يكون المسيح هو لذتك و كما يقول معلمنا داود النبى فى احد مزاميره "تلذذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك


بركة اخرى من بركات الصوم ان اﻻنسان يشعر بارتفاعه و كما يقول داود النبى ليت لى جناحا كالحمامة فاطير و استريح، يرتفع فوق الماديات و حتى فوق احتياجات الجسد و يشعر ان رباطات اﻻرض تصير ضعيفة و يشعر انه يقترب من السماء و يحيا بهذه الروح
ايضا من بركات الصوم ان اﻻنسان ينال الصحة الجسدية، تقريبا ثلث سكان العالم نباتيون و الطعام النباتى يمنح اﻻنسان شكل من الطاقة الهادئة فلا يكون الطعام مثير فى جسده او فى حياته فيعطيه صحة جسدية و يقول فى اﻻصحاح "تنبت صحتك سريعا
ايضا فى الصوم ينال اﻻنسان استنارة و لا اقصد للعين الجسدية و لكن العين القلبية عندما يقرأ اﻻنجيل يفهم اكثر و عندما يشارك فى التسبيح يعيش اكثر و عندما يمارس مطانيات يتمتع اكثر،


لذلك ادعوك فى فترة الصوم القادم اقرأ هذا اﻻصحاح يوميا و قس نفسك عليه كتدريب روحى (اصحاح 58 من سفر اشعياء النبى)


فى فترة الصوم المقدس تقدم لنا ثلاثة انواع من الغذاء 


غذاء روحى و غذاء ذهنى و غذاء نسكى


العذاء الروحى:- الذى تقدمة الكنيسة هو كل شكل العبادة و ممارسة اﻻسرار، جميل ان تتقابل مع اب اعترافك قبل الصوم و تضع خطة للصوم و لا تتكاسل فى تنفيذها


الغذاء الذهنى:- الذى يعتمد اساسا على القراءات اﻻنجيلية و الكنيسة تعلمنا فى فترة الصوم المقدس ان تقرأ النبوات، و الكنيسة تقرأ النبوات فى باكر و يتاح لك ان تقرأ سفرا من اسفار النبوات و يمكنك ان تاخذ سفرا واحدا مثل اشعياء ارمياء او تاخذ مجموعة اسفار مثل اسفار اﻻنبياء الصغار لكن يجب ان تقرأ يوميا و ليست قراءة فقط بل ادرس و افهم و عيش، و قراءة النبوات مفيدة جدا و تكشف مقاصد الله فى حياتك


الغذاء النسكى:- نسكياتك هامة جدا فى الصوم الانقطاع شئ مهم لتقوية اﻻرادة فانت امام الطعام مع انه متاح تتوقف عنه قليلا ايضا الطعام النباتى هو طعام هادئ الطاقة و هو طعام صحى و طعام مفيد للانسان ، ايضا المطانيات (سجدات التوبة) من القلب و ليس بالجسد و هى مرتبطة بالصلوات فيها الصلاة القصيرة ياربى يسوع المسيح ارحمنى انا الخاطئ، و انت تسجد و ترشم نفسك بعلامة الصليب ممكن تبتدأ ب12 مطانية فى اول يوم و تزداد كل يوم مع الصوم و تقدمها بروح الصلاة و تقدمها طول النهار او فى اخر الليل و تقدم هذه المطانيات كوسيلة مساعدة لتركيزالذهن فيها تعب و هذا التعب يذكرك باتعاب المسيح من اجلك ، ايضا فترات اعتكاف و يكثر منها و يستفيد منها كفترات تأمل و قراءة و صلاة او ترنيم و تسبيح 
فترة الصوم يا أخوتى يحكمها اﻻية التى تقول كل من يجاهد يضبط نفسه فى كل شئ كورينثوس اﻻولى 9:25 و ايضا فترة الصوم ينطبق عليها اﻻية الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج ، الذين يزرعون بدموع التوبة فى فترة الصوم يحصدون بالابتهاج فى القيامة.


منقول عن المتحدث الرسمي بإسم الكنيسة القبطية الارثوذكسية

† ربيع العام الروحي - بقلم نيافة الانبا مكاريوس

ربيع العام الروحي
                    بقلم نيافة الانبا مكاريوس
بدأ الصوم الكبير والذي نسميه "ربيع العام الروحي" فيه تتفتح الاشتياقات الروحية وتنطلق عواطف الإنسان الروحية، تنهض الهمم للصلاة في المخادع ويتخلى الإنسان مؤقتاً عن احتياجاته الجسدانية بمختلف أوجهها، حتى يتسنى له أن يتذوق الشبع الروحي وكيف يصبح الله له كل شيء، فإذا ما اختبر ذلك وتأكد كيف أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان (متى 4) فعندئذ يتعلم كيف يتنازل إلاّ عن القوت والاحتياج الضروري للحياة، مهتماً فقط بما يؤهله للملكوت، فكما تسببت شهوة الطعام في طرد الإنسان من حضرة الله، هكذا ضبط النفس والتفكير في الإلهيات يعيده من جديد إلى هذه النعمة.

كما أن الصوم هو ذبيحة، يقول مار اسحق أن الله لن ينسى لك حتى اللعاب الذي ييبس في فمك بسبب الصوم، والصوم في مفهومه البسيط هو الامتناع عن الطعام كعلامة من علامات ضبط النفس، يتبعها أشكال متعددة من الضبط: مثل ضبط الفكر وضبط اللسان وغيرها .. ولكن الصوم في معناه الأرقى هو الانشغال بالله من خلال العمل الروحي (من صلاة وتأمل وقراءة) وبالتالي يضعف التفكير في الأكل والشرب وغيرهما من اهتمامات الجسد.

ولاشك أن الصوم يحتاج إلى جهاد لا سيّما بالنسبة لأولئك المستعبدين لشهوة الطعام. ومن هنا فإن الصوم ُيحسب ذبيحة، إذ أن الذبيحة هي التضحية بما هو ثمين وغالٍ حباً في الله، الذي سنتفرّغ لعبادته. وكلما كان الإنسان جسدانياً كلما كان تفكيره منحسراً في الأمور الجسدانية مثل الطعام والشراب والشهوة الرديئة، أمّا الإنسان الروحي فعقله منجذب نحو السماء والمجد، فيتضاءل حبه وانشغاله بالأرضيات.

وهذا يفسر لنا لماذا كان طعام الكثير من القديسين قليلاً جداً، فالبعض اكتفى بالقليل من التمر والآخر بالقليل من الخبز اليابس والبعض الثالث بالقليل من الأعشاب أو البقول، ومع ذلك فقد عمروا طويلاً وكانوا أصحاءا، فتقرأ عن القديس أنطونيوس أنه خرج من الحبس والنسك وهو بشوش صحيح الجسم، بل لقد عاش مئة وخمس سنوات ولم تكل عينه ولا  فقد واحدة من أسنانه.

فلنصم صوماً روحانياً بالصلاة والدموع والسجود أمام الله