انسان الله والجهاد الروحى ..
خلق الله الانسان على صورته ومثاله .. نحن مخلوقين على صورة الله ونستطيع ان نحيا حياة الجهاد والنصرة ونستخدم ما لدينا من فكر وعواطف وارادة وكل طاقاتنا فى تمجيد اسم الله والانتصار على قوى الشر .ان اردنا وسعينا الى ذلك فى جهاد وقداسة وبر. { فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وانثى خلقهم} تك 27:1. لقد خلقنا الله بروح لا تموت بل تنتقل الى عالم الخلود بعد الموت.ومنحنا الله عقل بشري يتسم بالحكمة والتمييز ونعمة التفكير وبنفس لها دوافعها وارادتها وقلب له عواطفه وميوله والانسان كائن حر وعاقل ومسئول ولما سقط الانسان بمخالفة الوصية لم يتركه الله بل وهبه الضمير الاخلاقى الذى يقوده للتمييز بين الخطأ والصواب ثم تكلم معنا الله من خلال الاباء والانبياء واخيراً تجسد الله الكلمة ليقودنا دفعة اخرى الى معرفته الحقيقية ويهبنا حياة ابدية ودعانا الى حياة الكمال والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب .
الله لنا اباً وعونا فى الطريق الروحى .. لم يتركنا بلا مرشد او معزى فى طريق الجهاد بل ترك لنا كلمته المقدسة فى الإنجيل كنور وحياة { كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتاديب الذي في البر. لكي يكون انسان الله كاملا متاهبا لكل عمل صالح} 2تيم 16:3-17. ووهبنا الوسائط الروحية التى تبنى الروح وتغذيها وجعل لنا من الصلاة صلة وعلاقة بها نتحدث معه حديث المحبة كآب صالح يستمع لنا ويعلمنا ويرشدنا واعطانا نعمة روحة القدوس { واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26). ويجب علينا ان ننقاد فى حياتنا بروح الله لنكون اناس روحيين نغلب تيار الأثم الذى فى العالم وقوى الشر الروحية والخطية بإيماننا وبصلتنا بالله وبروحه القدوس {لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله. اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب. الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله.فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله و وارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} رو 14:8-17.
الجهاد الروحي فى الحياة .. نحن فى فترة اختبار أو جئنا لمهمة ورسالة فى الحياة وعلينا بالجهاد الروحى من توبة وصلاة وصوم وسهر وبذل وخدمة وعطاء وصبر على التجارب والضيقات وفي ذلك يشترك الجسد والنفس والفكر والضمير والروح والارادة من اجل إرضاء الله وصنع إرادته ومقاومة الأهواء سواء أتت من داخل الإنسان وميوله أو من البيئة المُعثرة في إغرائها أو سواء أتت من الشيطان في حروبه سواء كانت حروب يمينية كالكبرياء والمجد الباطل او حروب شماليه من شهوات وكراهية وصغر نفس وغيره من خطايا لاننا لا نجهل حيل الشيطان .
ان القلب المحصن بمحبة الله والفكر المقدس الذى يعمل على إرضائه والحواس المختومة بالنعمة والجسد المضبوط بالجهاد لا يجعل للخطية مكان فينا {واما انت يا انسان الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة . جاهد جهاد الايمان الحسن وامسك بالحياة الابدية التي اليها دعيت ايضا واعترفت الاعتراف الحسن امام شهود كثيرين} (1تي 6 : 11-12). لقد سار ابائنا القديسين هذا الطريق من قبلنا مقتدين بالمعلم الصالح ونحن نقتفى أثارهم وكما سلك ذاك ، هكذا نسلك نحن ايضاً لنكون مشابهين صورة ابنه { لان الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين اخوة كثيرين }(رو 8 : 29). واذ نحيا كاناس الله القديسين فانه سيقيمنا فى اليوم الاخير { فان سيرتنا نحن هي في السماوات التي منها ايضا ننتظر مخلصا هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته ان يخضع لنفسه كل شيء} فى20:3-21.
الضمير الصالح وتنميته ...
الضمير هو أحد المرجعيات فى حياتنا .. التى ينبغى ان نراعيها وننميها فى حياتنا لتكون رقيبا ودافعا للتصرف الحسن ومبكتاً لنا على الخطية أو سوء التصرف {في جميع اعمالك اقتد بضميرك فان ذلك هو حفظ الوصايا }(سير 32 : 27). وان كان الضمير ايضا قد يتأثر بالعادات والقيم المجتمعية لكنه كالعقل او الروح يمكن ان نقويه او نضعفه . ان عدم تبكيت الضمير للإنسان على الخطأ فهذا يمثل خلل فيه وقد ينحرف الضمير بان يفرح الانسان بالشر. فيظن انه بقتل الاخرين او ايذائهم يفعل الخير كما قال السيد المسيح { بل تاتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة لله} (يو 16 : 2). هكذا كان شاول الطرسوسى يفعل مع المسيحيين الاول وشهد هو بذلك بقوله { وانا اشكر المسيح يسوع ربنا الذي قواني انه حسبني امينا اذ جعلني للخدمة. انا الذي كنت قبلا مجدفا ومضطهدا ومفتريا ولكنني رحمت لاني فعلت بجهل في عدم ايمان. وتفاضلت نعمة ربنا جدا مع الايمان والمحبة التي في المسيح يسوع. صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول ان المسيح يسوع جاء الى العالم ليخلص الخطاة الذين اولهم انا. لكنني لهذا رحمت ليظهر يسوع المسيح في انا اولا كل اناة مثالا للعتيدين ان يؤمنوا به للحياة الابدية} 1تيم12:1-16. يجب ان تتعاون الاسرة والمجتمع والتربية والدين والقيم ليكونوا مهذبا ومربيا للضمير الاخلاقى الواعى والمستقيم .
تأثر الضمير بالوسط المحيط وضبطه ... الضمير قد يقع تحت تاثير المعرفة او العاطفه او تاثير الجماعة او القاده او الارادة وان كان الضمير يمثل الى حد كبير صوت الله داخلنا حتى قبل الانبياء فهو الشريعة الادبية والباعث الاخلاقى لدى الانسان التقى الذى يحاسب نفسه ويرجع الى صفاء ضميره ولكن يجب ان نسترشد مع الضمير الى روح الله وكتابه المقدس ويجب ان لا نقاوم ضميرنا أو نجعله يسير كقشة فى مهب الريح مع ريح الاعلام الموجه او تأثير اصدقاء السوء او ضعاف العقول الذين يسعون الى عدم الخير او هدم الغير ويجب ان نتدرب ان يكون لدينا الضمير الصالح { لذلك انا ايضا ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله و الناس} (اع 24 : 16) وان يكون ضميرنا غير منحاز الى تبرير تصرفاتنا بل موجهاً لارادتنا نحو الخير ولا يتهرب الانسان من تبكيت الضمير أو دفعه اياه نحو الخير والسلام بل ننقاد لله ووصاياه فى ضمير كل منا { لان فخرنا هو هذا شهادة ضميرنا اننا في بساطة واخلاص الله لا في حكمة جسدية بل في نعمة الله تصرفنا في العالم ولا سيما من نحوكم (2كو 1 : 12). ان وصايا الله الهدف منها ان يكون لدينا محبة لله والناس من قلب طاهر وضمير صالح {واما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء} (1تي 1 : 5).
العقل ونعمة التفكير السليم ..
نعمة العقل والتمييز .. يمتاز الانسان عن غيره من الكائنات الحيه الاخرى بنعمة العقل والتفكير والقابلية للتعلم وأكتساب المعرفة ورغم التفاوت فى نسب الذكاء أو فرص أكتساب المعرفة فيوجد لدينا القدرة على التمييز والفحص والدراسة وقبول بعض الافكار والاقتناع بها ورفض ما لا يبنينا او ما نراه خطأ . يجب ان نسعى لاكتساب المعرفة الروحية فالجهل وعدم المعرفة من اسباب هلاك الانسان وانقياده الى الخطية والانحراف { قد هلك شعبي من عدم المعرفة } (هو 4 : 6) وترجع أهمية العقل والفكر الى انه هو الموجه للارادة نحو التصرف والافعال والتى تتولد منها العادات والسلوك ومن مجموع العادات تكون حياتنا كما يقولون فالانسان عادات تمشى ومن ثم تكون حياتنا وبمقتضاها تكون ابديتنا ايضاً فقل لى بماذا تفكر أقول لك من انت كما قال أحد الفلاسفة .
قد يتأثر الفكر بالثقافة السائدة فى المجتمع او بالعواطف المتغيرة من حين الى أخر وقد يعانى البعض من الجهل وعدم الادراك لابعاد الموضوعات أو المشكلات والكيفية السليمة لمواجهتها وقد يخضع العقل للمؤثرات العائلية او تاثير الاعلام او قادة الدين او الفكر فى المجتمع ونحن لا نفكر بعقلانية تامه بل قد تلعب العاطفة دورا هاما فى توجيه العقل مثل وقوع الشباب تحت تاثير الشهوة فى علاقات خاطئة تحت تاثير العاطفة مما يؤثر على حياتهم ومستقبلهم .
الأستنارة الفكرية والحكمة ... نحن فى حاجة دائمة للاستنارة الفكرية والحصول على الحكمة بكلمة الله كسراج يضئ الطريق للانسان { لان كلمة الله حية وفعالة وامضى من كل سيف ذي حدين وخارقة الى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة افكار القلب و نياته} (عب 4 : 12). كما نحتاج للصلاة كصلة روحية بالله ومنه نستلهم سلامة الفكر{ لانه من عرف فكر الرب فيعلمه واما نحن فلنا فكر المسيح} (1كو 2 : 16). { لتكن اقوال فمي وفكر قلبي مرضية امامك يا رب صخرتي ووليي} (مز 19 : 14). نحتاج لانارة العقل بسير القديسين وأقوال الاباء الذين ساروا فى الطريق قبلنا وتجربوا وانتصروا وتركوا لنا خبرتهم لنتعلم منها. ونحتاج الى التوبة والتجديد المستمر لننقاد بروح الله {فاميتوا اعضاءكم التي على الارض الزنى النجاسة الهوى الشهوة الردية الطمع الذي هو عبادة الاوثان.الامور التي من اجلها ياتي غضب الله على ابناء المعصية. الذين بينهم انتم ايضا سلكتم قبلا حين كنتم تعيشون فيها. واما الان فاطرحوا عنكم انتم ايضا الكل الغضب السخط الخبث التجديف الكلام القبيح من افواهكم. لا تكذبوا بعضكم على بعض اذ خلعتم الانسان العتيق مع اعماله.ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه} كو 5:3-10. وكلمنا اقتربنا من الله عرفنا أفكاره من نحونا { اني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة ورجاء} (ار 29 : 1). { وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع }(في 4 : 7).
الجسد الإنساني في المسيحية ...
كرامة الجسد الانساني .. لقد اخذ الجسد الإنساني كرامة ومجداً بتجسد الله الكلمة { والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الأب مملوء نعمة وحقاً } يو 1 : 14 . لقد شابهنا الرب يسوع المسيح في تجسده في كل شيء ما عدا الخطية وحدها وعندما قام من الموت وصعد للسماء فانه صعد بجسد القيامة النورانى الروحانى الممجد للسماء ليكون سابق لأجلنا. إن الكنيسة تؤمن بقيامة الجسد في اليوم الأخير للمكافأة أو العقاب { لأننا لا بد جميعاً أن نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد منا ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيراً كان أم شراً } 2 كو 5 : 10 .وتكرم الكنيسة والمؤمن الجسد الإنساني ذلك الكيان الأنسانى الذي يحمل نسمة الحياة داخله من الله ، وهو هيكل الروح القدس الذي يحل عليه بالعماد والميرون المقدس ليقدسه ويطهره " أم لستم تعلمون إن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله ولستم لأنفسكم " . الجسد هو الكيان الذي يتناول من الأسرار المقدسة {من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير} يو 6 : 54 . إن أجسادنا لها كرامتها بكونها أعضاء جسد المسيح السري الذي هو كنيسته المقدسة {أم لستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء جسد المسيح } 1 كو 6 : 9 . وهذا الجسد الترابي وان مات وتحلل فانه سيقوم جسد نوراني ممجد في القيامة العامة ليحيا في السماء {الذي سيغير جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء} في 3 : 21 . ولهذا تكرم الكنيسة رفات القديسين وتضعهم تحت المذبح وفي الكنائس لأنهم أكرموا الله في أجسادهم وأرواحهم التي لله . لقد أقامت عظام اليشع النبي الميت عندما لامسته قديماً وكانت المناديل وعصائب القديس بولس المأخوذة من على جسده تشفي الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة . وما زالت رفات القديسين تصنع المعجزات في كنائسنا حتى اليوم لأنها تحمل سمات وقوة أشخاصهم وهم كسحابة شهود محيطة بنا وليسوا عنا ببعيد والرب اله أبائنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب واثناسيوس وانطونيوس ومار جرجس اله أحياء وليست اله أموات لان الجميع عنده أحياء .
الأهواء والشهوات الجسدية .. المسيحي مطالب أن يسير ويحيا بالروح ، لا حسب الأهواء والشهوات الجسدية بل ينقاد بروح الله للقداسة والمحبة والسلام {الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات} غلا 5 : 24 . أي إننا مطالبون أن نصلب الأهواء والشهوات من النفس وليس ضد الجسد كلحم ودم فالنفس العفيفة تجعل الجسد مقدساً فأعمال وأهواء الطبيعة البشرية العتيقة الخاطئة هي التي نحاربها ونجاهد ضدها. إن علاج الخطيئة والشهوات الجسدية هو محبة الله والشركة معه فعندما ننجذب لله ونتحد به بالأسرار والمحبة تتقدس أجسادنا وتعود لنا الصورة الإلهية للإنسان المخلوق على صورة خالقه في القداسة والبر.
إن الجسد بما فيه من أجهزة وأعضاء بشرية كلها مقدسة وطاهرة حتى الأعضاء التناسلية لها كرامتها الفائقة كمستودع لامتداد الحياة البشرية والتعبير عن المحبة الطاهرة ، سر الزواج مقدس فلماذا يستحى البعض من أعضاء لم يستحى الله إن يخلقها بل إعطاها قدسية واحترام { فان الجسد أيضا ليس عضواً واحداً بل أعضاء كثيرة . لا تقدر العين أن تقول لليد لا حاجة لي إليك ولا الرأس أيضا للرجلين لا حاجة لي إليكما . .بل بالأولى أعضاء الجسد التي تظهر اضعف هي ضرورية. وأعضاء الجسد التي نحسب أنها بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل } 1 كو 12 : 14 – 23. فإن أردت لجسدك كرامة ومجداً ولكيانك وجوداً فاعلاً وحياة أبدية فليكن ذلك بان تحترمه وتزينه بالوداعة والتواضع وتسعى في اقتناء الفضائل ولا يجب ان نعثر أحد بميول الجسد فننحرف عن قصد الله السامى فى خلقه لنا بل تكون اجسادنا اداة لمجد وخدمة الله . أن الاتضاع يعطي الانسان كرامة {ثوب التواضع هو مخافة الرب هو غنى وكرامة وحياة} أم 22 : 4 .فلا تخاصم جسدك أو تكرهه بل ربيه وقوته لكن تدليله بالأكل الذائد أو الكسل فيثور عليك ولا تضعفه وتهمله وتقسوة عليه فيعتل ويعجز عن الخدمة كما يليق .إن النسك والزهد المسيحي هو حياة ترك وبذل للذات من اجل المسيح الذي بذل ذاته عنا فهو حب وبذل وصوم وجهاد روحي .
الطهارة والعفاف المسيحي.. فضيلة ايجابية تعني طهارة الوجدان وقداسة الفكر الداخلي وعفة الحواس والجسد سواء للشباب وللبتولين . وللمتزوجين فالطهارة هي الامتناع عن عمل ما لا يحل من شهوات جسدية تتعارض مع السلوك الروحي حسب وصايا المسيح . فان الزواج المسيحي سر مقدس يعمل فيه الله ليوحد الاثنين {ويكون الاثنان جسداً واحداً فالذي جمعه الله لا يفرقه الإنسان} مت 19 : 5. إن الأب السماوي يبارك الزواج المسيحي وهو الذي ككل أبوينا ادم وحواء في الفردوس وبارك الرب يسوع عرس قانا الجليل . ويعمل الروح القدس ليقدس الزوجين ويرفع الزواج ليكون كسر اتحاد المسيح بالكنيسة ويقدس الرب البيت المسيحي وكلما كانت محبة الله في بيوتنا انتفى الخصام ويحب الرجل زوجته كنفسه ويبذل من اجل سعادتها وتحترم الزوجة رجلها وتطيعه في تفاهم وتضحية ولا يكون لأحد منهما سلطان على جسده بل للأخر . ويوحد الروح القدس اتصالهما وتكون العشرة الزوجية تعبيراً عن هذا الحب المقدس والوحدة . وتكون ثمرة البطن الأبناء مصدر سعادة للأسرة ولبناء ملكوت الله على الأرض وفي السماء، وتكون الحياة في تفاهم وانسجام وحب واحترام وتعاون وبذل، شهادة لإيماننا وسعادة لحياتنا وعون للأسرة للسعادة على الأرض و الدخول للملكوت السماوي .
القلب والعواطف وتقديسها ...
القلب هو مركز العواطف .. ليس المقصود بالقلب فى الحياة الروحية مضخة الدم العاملة بلا توقف لتغذية الجسم كله بالدم بل الانسان الداخلى بما فيه من مشاعر وانفعالات ومحاسبة للذات والله يهتم كثيرا بالقلب والعواطف وتقديسها ويطلب منا ان نعطيه القلب { يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي }(ام 23 : 26). ويجب ان نتحفظ ونراقب قلبنا ومشاعره { فوق كل تحفظ احفظ قلبك لان منه مخارج الحياة }(ام 4 : 23) ويطلب منا الله ان نحبه من كل القلب { ثم فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك} (مت 22 : 37) وبالقلب نطلب الله ونعبده بمشاعر صادقة فنجده ويعلن لنا ذاته { ان طلبت من هناك الرب الهك تجده اذا التمسته بكل قلبك وبكل نفسك }(تث 4 : 29).
نقاوة القلب والجهاد الروحي.. انتصار الانسان على الخطية او الانانية او الشيطان لابد ان ينبع من الداخل بالتوبة القلبية مع تجديد القلب والسعى للوصول الي نقاوة القلب ليحل الله بالإيمان فيه بنعمة الروح القدس لانه من فضلة القلب يتكلم الفم { الانسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح والانسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر فانه من فضلة القلب يتكلم فمه} (لو 6 : 45) . وليس معنى ان يكون القلب غير صالح ان يترك الانسان نفسه للشر بل ان نعود لله بالتوبة والاعتراف ونعمل على اصلاح القلب القاسى او الملتوى او المنقسم { فالان انزعوا الالهة الغريبة التي في وسطكم واميلوا قلوبكم الى الرب } (يش 24 : 23). { ولكن الان يقول الرب ارجعوا الي بكل قلوبكم وبالصوم و البكاء والنوح (يؤ 2 : 12). فيجب ان لا نقسى قلوبنا ونستمع لصوت الرب { اذ قيل اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم كما في الاسخاط} (عب 3 : 15). ويجب ان نصلى { ليحل المسيح بالايمان في قلوبكم} (اف 3 : 17). ان اقتناعنا بالاهتمام بنقاوة القلب واهمية خلاص انفسنا وسعينا فى طرق الجهاد يملأ قلوبنا بنعمة وثمار الروح القدس التى نحتاجها من محبة وسلام وفرح وإيمان ولطف وعفة وطول إناة وصبر فتكون صلواتنا مشاعر صادقة وقلوبنا طاهرة ومسكناً لله .
ان البعض تقودهم عواطفهم ومشاعرهم فقط بما فيها من محبة أو بغضة، هدوء وفرح او غضب أو فتور، فتراهم يتصرفون بلا توازن داخلي بين العواطف والفكر والضمير والروح وقيادة روح الله وكلامه . لكن الانسان الحكيم هو الذى يتحرك وفقا لكل الانسان الداخلى وحتى عواطفه تأتى متوازنة بين البساطة والعمق والجدية والفرح وفى حياتنا نعطى لكل شئ وقته المناسب فى مجال الاهتمام والرعاية للانسان وعلاقته بذاته وباسرته واصدقائه ودراسته وعمله وخدمته وعبادته ولكل المسئوليات التى توكل اليه .
الارادة الانسانية وبناء الانسان...
مفهوم الارادة الانسانية ... الارادة هى قوة النزوع والرغبة لعمل شئ او الامتناع عنه وفقا لقيم الفرد أو تصوراته ومصالحه. والانسان حر بطبيعته ولهذا فهو مسئول عن تصرفاته وافعاله أمام الله والناس والانسان المخلوق على صورة الله ومثاله هو خير بطبيعته ولكن هناك الكثير من العوامل التى قد تضعف من الاراده او تقويها والارادة السليمة تحتاج الى سلامة الجسد والنفس والروح والبيئة الاجتماعية ونضال الانسان فى مجتمعه للحصول على التكيف الاجتماعى وبناء الذات وفقا لإيمانه ومبادئه .
ضعف الارادة وتقويته ... ان الشهوة ، سواء شهوة الجسد او المال او المناصب او الانتقام او غيرة قد تضعف الارادة لاسيما ان لم يضبط الانسان ذاته وشهواته ويطردها من القلب قبل ان تتملك فيه كما اشتهت امنا حواء الشجرة المحرمة { فرات المراة ان الشجرة جيدة للاكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهية للنظر فاخذت من ثمرها واكلت واعطت رجلها ايضا معها فاكل} تك 6:3. لقد سيطرت شهوة الانتقام على قايين رغم قدرته على السيادة عليها لكنه انصاع لها وقتل اخيه { ان احسنت افلا رفع وان لم تحسن فعند الباب خطية رابضة واليك اشتياقها وانت تسود عليها} (تك 4 : 7). كما ان البيئة الخاطئة توثر على الارادة دون ان ترغم الانسان على الوقوع فى الخطأ لذلك فان يوسف العفيف رفض الخضوع للخطية وهو مباع عبد وسط ظروف صعبة لهذا علينا ان نبتعد عن مسببات الخطية لئلا تضعف ارادتنا { لا تضلوا فان المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة} (1كو 15 : 33). فيجب ان نعاشر الاصدقاء الروحيين ونبنى انفسنا على ايماننا الاقدس فالله يريد خلاصنا { الله يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). لقد عاتب السيد المسيح قديما اهل اورشليم قائلاً { يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا} (مت 23 : 37).
ان اردت ان تحيا قوى الارادة فاعمل على ان تكون مسيطراً على ذاتك ضابطأ لنفسك فتحيا لا كقصبة تحركها الريح كيف تشاء ولكن كجبل لا تهزه الاحداث ولا تؤثر فيه الشرور المحيطة به . المؤمن القوى بمبادئه واخلاقه وقيمة يؤثر فيمن حوله ان العيش فى مخافة الله وعبادته بمحبة وبنفس راغبة مصدر سعادة المؤمن { ماذا يطلب منك الرب الهك الا ان تتقي الرب الهك لتسلك في كل طرقه وتحبه وتعبد الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك} (تث 10 : 12). لنصنع الحق ونقوله ونعمله مع أنفسنا قبل ان نطالب به الغير ونتواضع أمام الله الرحوم { قد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك (مي 6 : 8). ولنحرص على الارتباط بالله ووسائط النعمة المقوية للارادة من صوم وصلاة وقراءة فى كلمة الله والاستجابة لعمل روحه القدوس ولنقتدى بمخلص النفوس الذى اذ وجد فى الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع الآب السمائى حتى موت الصليب من أجل السرور الموضوع امامه مستهينا بالخزى فجلس عن يمين العظمة. ونحن يجب ان نغصب أنفسنا على طاعة الله ومحبته وصنع الخير من أجل ان نكون ابناء لله مقتدين بتعاليمه وكما علمنا {ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه }(مت 11 : 12) وعندما نبدأ بالتغصب لاكتساب عادات جيده تقوى ارادتنا وصلتنا بالله ونعمل الخير بالارادة الحرة.
الروح الانسانية والانقياد لروح الله ...
الروح الانسانية هى باعث الحياة .. وهى النفخة التى من الله المخلوقة على صورته ومثاله وهى عنصر الحياة التى توجد بارتباط الروح بالجسد عند الخلق { وجابل روح الانسان في داخله }(زك 12 : 1) وهى التى نفخها الله فى آدم فصار نفساً حيه { وجبل الرب الاله ادم ترابا من الارض ونفخ في انفه نسمة حياة فصار ادم نفسا حية} (تك 2 : 7). والروح تفارق الجسد بالموت لتصعد الى الله الذى خلقها { يسلم الروح كل بشر جميعا ويعود الانسان الى التراب} (اي 34 : 15). والروح خيره وتسعى الى الصلاح لكنها قد تنساق وراء شهوات الجسد او ميول النفس أو أفكارالانسان وميوله النفسية. ان الكثير حتى من غير المؤمنين مثل الهندوس والذين يمارسون اليوجا كرياضة روحية يستطيعوا بالتداريب الروحية الوصول الى قوى روحيه ساميه ويسلكوا حياة صالحة بعيدة عن شهوات العالم أما للمسيحى فعليه ان يقوى روحه ويدربها فى طريق البر والفضيلة والتقوى وايضا يعمل على أضرام موهبة الروح القدس داخله ويشترك فى العمل مع الله ليقتنى ثمار ومواهب الروح القدس داخله ليصل الى السمو الروحى المسيحى .
صلتنا بالروح القدس .. نحن بالعماد نولد من الروح القدس وننمو حتى نصل الى شركة الروح القدس وثماره ومواهبه فينا { اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح. لا تتعجب اني قلت لك ينبغي ان تولدوا من فوق. الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من اين تاتي ولا الى اين تذهب هكذا كل من ولد من الروح} يو 5:3-8 . وبالميرون المقدس نختم بمسحة الروح القدس لتكون لنا مسحة مقدسة وخاتم لا ينحل ونغرس كابناء لله بالتبنى فى كنيسة الله المقدسة { اما تعلمون انكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم} 1كو 16:3. ان روح الله القدوس يشترك فى العمل مع المؤمن متى استجاب له ويبكته الروح على الخطية فيتوب عنها ثم يحثه على عمل البر والخير والصلاة لنصبح حارين فى الروح (رو11:12) وبهذا تكون حياتنا الروحية ملتهبه بعمل روح الله فينا فى الصلاة والخدمة والعمل لمجد الله وكلما ينمو الانسان فى النعمة ويطلب قيادة الروح القدس له يمتلئ بالروح (أف 18:5) لنحصل على ثمار الروح القدس فينا { واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة. عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله. واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان. وداعة تعفف ضد امثال هذه ليس ناموس. ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء و الشهوات.ان كنا نعيش بالروح فلنسلك ايضا بحسب الروح} غل 19:5-25.
ان الروح القدس يعزى المؤمن فى الضيق ويشبعه ويرويه ويجعله موصل جيد لنعمة الله كما قال السيد المسيح { وفي اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي ويشرب. من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه } يو 37:7-39. وهكذا امر السيد المسيح تلاميذه ان لا يخدموا بدون ان تحل نعمة الروح القدس عليهم فى يوم الخمسين { وفيما هو مجتمع معهم اوصاهم ان لا يبرحوا من اورشليم بل ينتظروا موعد الاب الذي سمعتموه مني... لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} أع 4:1،8.
للروح الانسانية غذائها ... كما قال السيد الرب { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله }(مت 4 : 4).فان كنا نهتم باجسادنا ونغذيها بالعناصر اللازمة لبناء الجسم فان الروح تحتاج الى ان تشبع بكلمة الله وبالصلاة والعلاقة القوية بروح الله وطلب ارشاده وقيادته لنا والتناول والاجتماعات الروحية والترانيم والالحان الروحية والمعاشرات الروحية والتلمذة وعمل الخير والتحلى بالفضائل كما يجب ان نبتعد بها عن كل ما هو خطية وشر وضار ومعدى من خطايا وان اخطانا عن جهل او كسل او نسيان فيجب ان نسرع الى التوبة ولا نعود اليها حينئذ نتبرر وننقاد بروح الله { لا شيء من الدينونة الان على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح} رو 8:1. ولنحيا يا احبائي بالروح لا فى حرفية أو شكلية العبادة بل فى حكمة وافراز ويكون حتى كلامنا بقوة الروح { لان لستم انتم المتكلمين بل روح ابيكم الذي يتكلم فيكم }(مت 10 : 20). ان النمو الروحى يمتد ليصل بنا الى الكمال المسيحى الذى فيه نحقق قول السيد الرب { فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل }(مت 5 : 48).
اننا يجب ان نستخدم فى حربنا كل اسلحة الحرب الروحية لننتصر عل حيل ابليس وجنوده ونتقوى فى الايمان بروح الصلاة والصوم والتواضع ونتمسك بكلمة الله القادرة على هدم حصون الشر ونطلب ارشاد الروح القدس ونستدعى قوة ربنا يسوع المسيح وسلطانه القادر يقودنا فى الجهاد الموضوع أمامنا { اخيرا يا اخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس. فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات. من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق ولابسين درع البر. وحاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله. مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لاجل جميع القديسين} أف10:6-18. وعندما يرى الله اخلاصنا فى طاعته ومحبته فانه يمدنا بالحكمة والقوة والنعمة ويكمل جهادنا بسلام .