إبراهيم الخليل
رجل الإيمان والطاعة لله (1)
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
{فامن ابراهيم بالله فحسب له برا }(رو4 : 3)
إبراهيم ابو المؤمنين..
+ حياة أبينا إبراهيم حياة قديمة ترجع لحوالي اربعة الآف سنه، لكنها متجدده فى ذاكرتنا الروحية وكانه يعيش بيننا كل يوم باعتباره مثل وقدوة لرجال الايمان على الارض، وحتى عندما نذهب الى السماء ليستقبلنا مرحبا كجد أكبر للمؤمنين. رجل إيمان وطاعة لله، صلاة وعفة نفس وكرم، شجاعة تواضع قلب. وحياة ابونا إبراهيم على الارض امتدت الى 175 سنه وشغلت اربعة عشر اصحاح فى سفر التكوين من الاصحاح الثاني عشر حتى الخامس والعشرين وهو قدوة ومثال لكل المؤمنين. وعلى ايمانه يجمع اليهود والمسيحيين والمسلمين واليه ينتسب الجميع اليهود والمسلمين يفتخروا بانتسابهم الجسدي كذرية لابراهيم من جهة اسحق واسماعيل. والمسيحيين ينتسبوا الى ابراهيم بايمانه. فهو أب عظيم {ابراهيم كان ابا عظيما لامم كثيرة ولم يوجد نظيره في المجد وقد حفظ شريعة العلي فعاهده عهدا} (سير44 :20). ولهذا فاننا نتأمل حياته لنتعلم منها الكثير كايمان حي عامل بالمحبة ومصدق لمواعيد الله كما نرى فيها الضعف البشري والمساندة والعون الإلهي وكلها دروس لنا فى الحياة. لقد باركة الرب وقال له بنسلك تتبارك جميع قبائل الارض { وقال الرب لابرام اذهب من ارضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الارض التي اريك. فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك وتكون بركة. وابارك مباركيك ولاعنك العنه وتتبارك فيك جميع قبائل الارض}(تك1:12-4).
+ كان اسمه اولا ابرام أي الأب المرتفع ثم غير الله اسمه وأعطاه اسم إبراهيم اي أب لجمهور وهو الجيل العاشر من نوح، ولد مولده فى سنة 2000ق م. تقريبا وولد بعد موت نوح وهاجر في السبعين من عمره الى الارضي المقدسة التي دعى اليها من حاران. ونرى أثر الصداقة الإلهية في حياته وفعلها العظيم عليه فطبعت فيه من الصفات ما جعله رجل إيمان ومبادئ حتى ان المؤمنين فى السماء يتكئون مع ابراهيم كما قال السيد المسيح له المجد { واقول لكم ان كثيرين سياتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع ابراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السماوات} (مت8 : 11). وكما قال عن لعازر المسكين{ فمات المسكين وحملته الملائكة الى حضن ابراهيم}(لو 16 : 22)
+ إبراهيم والطاعة والغربة... لقد دعا الله ابرام فى اور الكلدانيين وخرج مع ابيه تارح وزوجته ساراي ولوط ابن اخيه هاران حيث سهل دجله والفرات فى جنوب العراق فاتوا الى حاران شمال العراق فتعطلت مسيرته بعض الوقت حتى مات ابيه ان قيادة تارح للرحلة وتاخرها يرمز الى قيادة الجسد للروح واذ نستسلم له تتعطل مسيرتنا الى ارض الموعد والسماء وامجادها ثم ظهر له الرب من جديد لينتقل الي الاراضي المقدسة التي لم يكن يعرفها. لقد اراد الله ان يعزل ويفصل ابرام عن الجو الذى عاش فيه في أور الكلدانيين كانت موبوءة بالوثنية ونجاساتها، فالانسان بطبعه ضعيف ومعرض للسقوط، وإبراهيم نفسه وهو فى ضعف إيمانه الذى كان ينموا بالاختبارات العملية مع الله لم شك فى قدرة الله على إعالته فى أرض كنعان لما حدثت مجاعة فنزل إلى مصر دون مشورة الله، وكذب وقال عن زوجته سارة أنها أخته خوفا أن يقتله فرعون وياخذها له زوجة. من هذا نفهم حكمة الرب فيما قاله على لسان أشعياء النبي { اعتزلوا اعتزلوا. أخرجوا من هناك. لا تمسوا نجسا} (أش 52: 11). ومع هذا ضرب ابرام المثل فى الطاعة للصوت الإلهي الذى دعاه فاطاع وتغرب وهو لا يعلم الى اين يذهب { بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي}( عب 8:11). وان كنا لا نعلم على أية صورة ظهر له الرب فى حاران، هل ظهر له فى هيئة ملاك كما ظهر بعد ذلك في كنعان عندما زاره في خيمته ومعه ملاكان؟ أو ظهر له في رؤيا؟ أو ظهر متكلماً كما يظهر الرجل مكلما صاحبه وجهاً لوجه؟. او اتاه صوت من السماء؟ لكن نثق أن هذا اللقاء كان له الاثر العظيم والعميق فى حياة ابراهيم كما انطبعت صورة السيد المسيح في التجلي على بطرس الرسول عندما صاح { يا رب جيد ان نكون ههنا} (مت 17 : 4) والتى غرست فى اعماقه ليقول فى رسالته { لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللَّهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْداً، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهَذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ».وَنَحْنُ سَمِعْنَا هَذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ} ( 2بط 16:1 -18). أطاع ابرام فى زمن لا توجد فيه الا الجمال والحمير كوسيلة للمواصلات ولا توجد فيه وسائل اتصال فيها نعرف ظروف البلد التي نسعى للهجرة اليها واحوالها او نتواصل مع اهلنا بالصوت والصورة . ومع هذا نقول لمن يسعون للهجرة من بلدان الشرق الاوسط هل هذه دعوة الله لكم وهل استشرنا الله فى السفر؟. ان ابراهيم نجح فى غربته لانها كانت بناء على دعوة من الله. ولكنه تعرض لصعوبات جمه عندما انتقل الى مصر او الى جرار بنا على رايه الشخصي ودون استشارة لله وبناء علي مخاوفه من الضيق والجفاف والظروف الاقتصادية الصعبة ليلجأ الى اماكن يظن انها أفضل له فاخذت زوجته منه ولولا دفاع الله عنه لكان قد فقد ساره زوجته أو فقد حتى النسل بل وحياته كلها كانت فى خطر. لكن لرعاية الله له عامله فرعون مصر بكرم ورد له زوجته دون ان يؤذيها وقد حفظها الله وردهما باملاك جزيلة من مصر. اننا فى مسيرة حياتنا يجب ان يكون لنا الاذن الروحية التي تسمع صوت الرب وتطيعه حينئذ يباركنا الله ونكون بركة .
+ ربما حسب الظاهر نري إبراهيم قد خسر أرضه وعشيرته وبيت أبيه بهجرته من اور الكلدانيين. لكن إبراهيم ربح الكثير. كما ان الانسان الخاطي عندما يترك العالم وملذاته يربح المسيح هكذا ابراهيم ترك القليل من اجل الله فربح الايمان والسماء وامجادها وصار بركة. فى دعوة إبراهيم نرى الله يوضح الطريق الروحي الذى ينبغى أن يسلك فيه الإنسان في تكريسه لله {أخرج من أرضك} هذه تشير الى الزهد بالجسد. فيزهد الإنسان فى الثروة والممتلكات. {ومن عشيرتك} وهذه تشير إلى نبذ وترك أساليب السلوك القديم والرذائل الخاصة بالروح والجسد. ثم { الى الأرض التي أريك } ماهي هذه الأرض؟ انها ارض الاحياء{ طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض} انها السماء بامجادها {ثم رأيت سماء جديدة وارضا جديدة} فبالأيمان تغرب إبراهيم لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله.
http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/02/1-4-3.html
رجل الإيمان والطاعة لله (1)
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
{فامن ابراهيم بالله فحسب له برا }(رو4 : 3)
إبراهيم ابو المؤمنين..
+ حياة أبينا إبراهيم حياة قديمة ترجع لحوالي اربعة الآف سنه، لكنها متجدده فى ذاكرتنا الروحية وكانه يعيش بيننا كل يوم باعتباره مثل وقدوة لرجال الايمان على الارض، وحتى عندما نذهب الى السماء ليستقبلنا مرحبا كجد أكبر للمؤمنين. رجل إيمان وطاعة لله، صلاة وعفة نفس وكرم، شجاعة تواضع قلب. وحياة ابونا إبراهيم على الارض امتدت الى 175 سنه وشغلت اربعة عشر اصحاح فى سفر التكوين من الاصحاح الثاني عشر حتى الخامس والعشرين وهو قدوة ومثال لكل المؤمنين. وعلى ايمانه يجمع اليهود والمسيحيين والمسلمين واليه ينتسب الجميع اليهود والمسلمين يفتخروا بانتسابهم الجسدي كذرية لابراهيم من جهة اسحق واسماعيل. والمسيحيين ينتسبوا الى ابراهيم بايمانه. فهو أب عظيم {ابراهيم كان ابا عظيما لامم كثيرة ولم يوجد نظيره في المجد وقد حفظ شريعة العلي فعاهده عهدا} (سير44 :20). ولهذا فاننا نتأمل حياته لنتعلم منها الكثير كايمان حي عامل بالمحبة ومصدق لمواعيد الله كما نرى فيها الضعف البشري والمساندة والعون الإلهي وكلها دروس لنا فى الحياة. لقد باركة الرب وقال له بنسلك تتبارك جميع قبائل الارض { وقال الرب لابرام اذهب من ارضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الارض التي اريك. فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك وتكون بركة. وابارك مباركيك ولاعنك العنه وتتبارك فيك جميع قبائل الارض}(تك1:12-4).
+ كان اسمه اولا ابرام أي الأب المرتفع ثم غير الله اسمه وأعطاه اسم إبراهيم اي أب لجمهور وهو الجيل العاشر من نوح، ولد مولده فى سنة 2000ق م. تقريبا وولد بعد موت نوح وهاجر في السبعين من عمره الى الارضي المقدسة التي دعى اليها من حاران. ونرى أثر الصداقة الإلهية في حياته وفعلها العظيم عليه فطبعت فيه من الصفات ما جعله رجل إيمان ومبادئ حتى ان المؤمنين فى السماء يتكئون مع ابراهيم كما قال السيد المسيح له المجد { واقول لكم ان كثيرين سياتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع ابراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السماوات} (مت8 : 11). وكما قال عن لعازر المسكين{ فمات المسكين وحملته الملائكة الى حضن ابراهيم}(لو 16 : 22)
+ إبراهيم والطاعة والغربة... لقد دعا الله ابرام فى اور الكلدانيين وخرج مع ابيه تارح وزوجته ساراي ولوط ابن اخيه هاران حيث سهل دجله والفرات فى جنوب العراق فاتوا الى حاران شمال العراق فتعطلت مسيرته بعض الوقت حتى مات ابيه ان قيادة تارح للرحلة وتاخرها يرمز الى قيادة الجسد للروح واذ نستسلم له تتعطل مسيرتنا الى ارض الموعد والسماء وامجادها ثم ظهر له الرب من جديد لينتقل الي الاراضي المقدسة التي لم يكن يعرفها. لقد اراد الله ان يعزل ويفصل ابرام عن الجو الذى عاش فيه في أور الكلدانيين كانت موبوءة بالوثنية ونجاساتها، فالانسان بطبعه ضعيف ومعرض للسقوط، وإبراهيم نفسه وهو فى ضعف إيمانه الذى كان ينموا بالاختبارات العملية مع الله لم شك فى قدرة الله على إعالته فى أرض كنعان لما حدثت مجاعة فنزل إلى مصر دون مشورة الله، وكذب وقال عن زوجته سارة أنها أخته خوفا أن يقتله فرعون وياخذها له زوجة. من هذا نفهم حكمة الرب فيما قاله على لسان أشعياء النبي { اعتزلوا اعتزلوا. أخرجوا من هناك. لا تمسوا نجسا} (أش 52: 11). ومع هذا ضرب ابرام المثل فى الطاعة للصوت الإلهي الذى دعاه فاطاع وتغرب وهو لا يعلم الى اين يذهب { بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي}( عب 8:11). وان كنا لا نعلم على أية صورة ظهر له الرب فى حاران، هل ظهر له فى هيئة ملاك كما ظهر بعد ذلك في كنعان عندما زاره في خيمته ومعه ملاكان؟ أو ظهر له في رؤيا؟ أو ظهر متكلماً كما يظهر الرجل مكلما صاحبه وجهاً لوجه؟. او اتاه صوت من السماء؟ لكن نثق أن هذا اللقاء كان له الاثر العظيم والعميق فى حياة ابراهيم كما انطبعت صورة السيد المسيح في التجلي على بطرس الرسول عندما صاح { يا رب جيد ان نكون ههنا} (مت 17 : 4) والتى غرست فى اعماقه ليقول فى رسالته { لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللَّهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْداً، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهَذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ».وَنَحْنُ سَمِعْنَا هَذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ} ( 2بط 16:1 -18). أطاع ابرام فى زمن لا توجد فيه الا الجمال والحمير كوسيلة للمواصلات ولا توجد فيه وسائل اتصال فيها نعرف ظروف البلد التي نسعى للهجرة اليها واحوالها او نتواصل مع اهلنا بالصوت والصورة . ومع هذا نقول لمن يسعون للهجرة من بلدان الشرق الاوسط هل هذه دعوة الله لكم وهل استشرنا الله فى السفر؟. ان ابراهيم نجح فى غربته لانها كانت بناء على دعوة من الله. ولكنه تعرض لصعوبات جمه عندما انتقل الى مصر او الى جرار بنا على رايه الشخصي ودون استشارة لله وبناء علي مخاوفه من الضيق والجفاف والظروف الاقتصادية الصعبة ليلجأ الى اماكن يظن انها أفضل له فاخذت زوجته منه ولولا دفاع الله عنه لكان قد فقد ساره زوجته أو فقد حتى النسل بل وحياته كلها كانت فى خطر. لكن لرعاية الله له عامله فرعون مصر بكرم ورد له زوجته دون ان يؤذيها وقد حفظها الله وردهما باملاك جزيلة من مصر. اننا فى مسيرة حياتنا يجب ان يكون لنا الاذن الروحية التي تسمع صوت الرب وتطيعه حينئذ يباركنا الله ونكون بركة .
+ ربما حسب الظاهر نري إبراهيم قد خسر أرضه وعشيرته وبيت أبيه بهجرته من اور الكلدانيين. لكن إبراهيم ربح الكثير. كما ان الانسان الخاطي عندما يترك العالم وملذاته يربح المسيح هكذا ابراهيم ترك القليل من اجل الله فربح الايمان والسماء وامجادها وصار بركة. فى دعوة إبراهيم نرى الله يوضح الطريق الروحي الذى ينبغى أن يسلك فيه الإنسان في تكريسه لله {أخرج من أرضك} هذه تشير الى الزهد بالجسد. فيزهد الإنسان فى الثروة والممتلكات. {ومن عشيرتك} وهذه تشير إلى نبذ وترك أساليب السلوك القديم والرذائل الخاصة بالروح والجسد. ثم { الى الأرض التي أريك } ماهي هذه الأرض؟ انها ارض الاحياء{ طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض} انها السماء بامجادها {ثم رأيت سماء جديدة وارضا جديدة} فبالأيمان تغرب إبراهيم لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله.
http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/02/1-4-3.html
------------
إبراهيم الخليل
رجل الصلاة والعهود (2)
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
+ إبراهيم رجل الصلاة ... عاش ابراهيم حياته رجل صلاة وصداقة وعشرة مع الله، يقيم المذبح اينما حل وسكن، فكانت ارضاء الله هو أهم شئ فى حياة ابراهيم. كان الله هو مرجعيته فى حياته ومعينه فى ضيقاته واليه يرفع صلاته {ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى الْجَبَلِ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلٍ وَنَصَبَ خَيْمَتَهُ وَلَهُ بَيْتُ إِيلَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَعَايُ مِنَ الْمَشْرِقِ. فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ}(تك8:12). كان يقدم الذبائح لله ويتحدث مع الله كصديق ودعي من الله خليله اي صديقه { ابراهيم خليلي } (اش41 :8). ان تصادق انسان عظيم المقام فهذا شرف عظيم لنا، وأي شرف ناله ابراهيم عندما يقول الله عنه انه خليلي!. ان الصداقة تقتضى الموافقة فى الاراء وحلاوة الجلوس مع الاصدقاء والاعتماد عليهم فى وقت السراء والضراء. الصداقة ثقة والثقة إيمان والإيمان طاعة وحب { فامن ابراهيم بالله فحسب له برا ودعي خليل الله} (يع 2 : 23). فلا شئ يجعلنا قريبين الى الله أكثر من المحبة لله والصلاة فى ثقة به والطاعة له واللجوء اليه فى السراء والضراء. شرب ابراهيم من نهر الشركة العميقة مع الله فلم نسمع أنه بنى بيتاً يسكن فيه، بل كان ينصب خيمته حيثما حل وينقضها كلما ارتحل ولكنه في كل مكان كان يبني مذبح للرب ويقدم ذبيحته ويقترب إلى الله العلي في خوف وخشوع وجلال. وعند بلوطات ممرا حيث انتقل إلى هناك بنى مذبحاً للرب، وفي بئر سبع دعا هناك باسم الرب الإله السرمدي. ومع أنه في مصر وفي جرار اختبر الخوف والضعف مع فرعون وأبيمالك، من جهة سارة زوجته لكن الله صديقه العظيم لم يتركه في المحنة والخوف والضعف، بل دافع عنه على النحو الكريم الطيب المعروف من إله لا يصنع معنا حسب خطايانا أو يجازينا حسب آثامنا لأنه يعلم أننا تراب ورماد كما قال ابونا إبراهيم { فاجاب ابراهيم وقال اني قد شرعت اكلم المولى وانا تراب ورماد }(تك 18 : 27). وعندما نكون اصدقاء مع الله فسنجده لنا معين ومخلص لاسيما فى الضعف، وتصير صلاتنا اليه لا واجباً أو عبئاً يقع عليك بل هي حب وفرح وراحة نتمتع بها، كما تمتعت مريم عندما جلست عند قدمي المخلص واختارت النصيب الصالح الذي لا يمكن أن ينزع منها.
ان عمق علاقة ابراهيم بالله فى الصلاة نراها فى روح التشفع والصلاة من اجل سدوم وعموره وفي التشفع نرى الله وإبراهيم يتحدثان معاً فى شركة بين الخالق والمخلوق، وبين المحب والحبيب والله يبادر ويعلن خطته لخليله ويتركه يتشفع ويتفاوض معه { فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ. وَإِبْرَاهِيمُ يَكُونُ أُمَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ؟لأَنِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ بَنِيهِ وَبَيْتَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَحْفَظُوا طَرِيقَ الرَّبِّ لِيَعْمَلُوا بِرّاً وَعَدْلاً لِكَيْ يَأْتِيَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ». وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً} (تك17:18-20) فان سر الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم. وجيد للمؤمن أن يتعلم فن الاستماع وفن وادب المخاطبة لاسيما مع الله. فالصديق المتعمق في الشركة مع الله، هو الذي يجهز أذنه ويقول: تكلم فإن عبدك سامع! إذ ما أكثر الذين يكلمون الله دون أن ينصتوا إليه ويسمعوه. لكن إبراهيم كان يحسن الإنصات، ويحسن أيضاً الكلام والحديث مع سيده وخالقه ومحبه وصديقه. وفي التشفع من أجل سدوم وعمورة نرى تحدث إلى الله من أجل إنقاذ اناس لا يمتوا له بصلة بل قد يكونوا اعداء الغد له ولنسله فهل لنا روح الصلاة حتى لاعدائنا هذا هو سر عظمة وسمو إبراهيم الذى يرتفع فوق كل خبث وأنانيه تجاه الصديق أو العدو على حد سواء، ومن أجل ذلك ألح إبراهيم بلجاجة من أجل المدن الشريرة الخاطئة، التي صعد صراخها القبيح المزعج أمام الله في السماء إن الصلاة والتشفع فى الخطاة عند إبراهيم يبدأ بالحب والحنو والصفاء ورغبة الخير لجميع الناس، مهما فكروا، ومهما أضمروا، ومهما كانت نواياهم في الحاضر أو المستقبل خيراً أو شراً على حد سواء فديان الأرض كلها عادل فى رحمته ورحيم فى عدله. إن الصلاة من اجل الاخرين أمر واجب علينا وحسن ومقبول عند الله { فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ أَنْ تُقَامَ طِلْبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ،لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ،لأَنَّ هَذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ} (1تيم1:2-4). وان كانت الصلاة والتشفع من اجل سدوم وعموره لم تصل الى غايتها لكن الله يقدرها كثيرا ومن اجل قلة من الابرار يصبر الله ويرحم مدننا وقرانا فلنواصل الصلاة فى تقوى ومحبة لله لينجينا من الدمار والخراب والطوفان لكن كانت صلاة ابراهيم سببا فى نجاة لوط وبناته { وحدث لما اخرب الله مدن الدائرة ان الله ذكر ابراهيم وارسل لوطا من وسط الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط } (تك19 : 29) ونتسأل هل ضاعت هذه المدن بسبب شرها الرهيب المخيف، أم بسبب آخر هو أن إبراهيم توقف في شفاعته عند حدود العشرة الأبرار الذين كان يظن أنهم موجودون بها، دون أن يوجدوا؟. وهل لو أنزل العدد إلى حدود ثلاثة أو أربعة أما كان من المتوقع أن تنجو المدينة من أجل الثلاثة أو الأربعة؟. لقد قال الله على لسان ارمياء النبي { طُوفُوا فِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ وَانْظُرُوا وَاعْرِفُوا وَفَتِّشُوا فِي سَاحَاتِهَا.هَلْ تَجِدُونَ إِنْسَاناً أَوْ يُوجَدُ عَامِلٌ بِالْعَدْلِ طَالِبُ الْحَقِّ فَأَصْفَحَ عَنْهَا؟} (ار1:5). لقد كانت الصلاة هى مصدر الالهام والرؤيا الإلهية لدى إبراهيم والتى سندته وقوته فى مخاوفه واعلنت له رعاية الله. فبعد استرداده للوط وأهل بيته من ملوك الشمال بعد معركة كدر لعومر خاف ابراهيم من هجوم قبائل الشمال عليه فظهر له الرب قائلاً { بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى أَبْرَامَ فِي الرُّؤْيَا:لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ.أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدّاً}(تك 1:15). ولانه فى عزة نفس رفض ان ياخذ شئ من الغنائم فان الله وعده بالاجر الكثير من لدنه.
عهد الله مع إبراهيم.. هنا دخل الله فى عهد مع إبراهيم ولقد اعتاد القدماء ان يقطعوا عهودهم على ذبيحة يشقونها نصفين، ويجوز كل طرف بين الشقين، وكأنه يقبل أن يشقه الله مثل الذبيحة إذا خان العهد. وهكذا قطع الله عهده مع إبراهيم بهذه الصورة المألوفة { فَقَالَ لَهُ:«خُذْ لِي عِجْلَةً ثُلاَثِيَّةً وَعَنْزَةً ثُلاَثِيَّةً وَكَبْشاً ثُلاَثِيّاً وَيَمَامَةً وَحَمَامَةً». فَأَخَذَ هَذِهِ كُلَّهَا وَشَقَّهَا مِنَ الْوَسَطِ وَجَعَلَ شِقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مُقَابِلَ صَاحِبِهِ. وَأَمَّا الطَّيْرُ فَلَمْ يَشُقَّهُ. فَنَزَلَتِ الْجَوَارِحُ عَلَى الْجُثَثِ وَكَانَ أَبْرَامُ يَزْجُرُهَا. وَلَمَّا صَارَتِ الشَّمْسُ إِلَى الْمَغِيبِ وَقَعَ عَلَى أَبْرَامَ سُبَاتٌ وَإِذَا رُعْبَةٌ مُظْلِمَةٌ عَظِيمَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَيْهِ. فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيباً فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ فَصَارَتِ الْعَتَمَةُ وَإِذَا تَنُّورُ دُخَانٍ وَمِصْبَاحُ نَارٍ يَجُوزُ بَيْنَ تِلْكَ الْقِطَعِ. فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقاً}(تك 9:15-13، 17-18). أننا نرث الأرض الجديدة التى يسكن فيها البر عن طريق ذبيحة المسيح على الصليب. كانت الطيور الجارحة تنزل على جثث الذبائح، لكن إبراهيم كان يزجرها، وهذه الجوارح ترمز للشياطين، وهكذا ينبغى أن نحفظ ذبائحنا الروحية وصلواتنا التي نقدمها لله من الأفكار الشريرة والخضوع للشيطان ومشوراته أو شيطان المجد الباطل. لقد انبأ الله ابراهيم عن الضيقة التي سيتعرض لها نسله ثم الخروج والتحرر الذى يأتي بعدها. الله يكفكف دموع المؤمنين المظلومين ويحررهم ويعاقب القائمين عليهم ان هذا يعطينا ثقة فى معاملات الله الطيبة معنا فى كل زمان. ان مصباح النار المتقد الذى مر بين الذبائح يشير إلى وجود الله الدائم وسط شعبه فى الضيقات والآلام. وتحمل الله لمسئولية تنفيذ الميثاق مع البشر وهكذا كانت مصالحتنا مع الله بموت المسيح إنعاما من جانب الله نحو الإنسان الضعيف.
ميثاق سلام بئر سبع ... كان إبراهيم رجل سلام وعهود ولقد قطع أول ميثاق سلام بينه وبين ابيمالك الذى صنع معروفا مع ابراهيم وافكول رئيس جيش الفلسطينين فى بئر سبع. ان ذلك يجب ان يكون أساس لسلام دائم بين الاسرائيلين والفلسطينين. السلام العادل والشامل يدوم ولا يقوم الاغتصاب أو العدوان او الكراهية فالارض تكفى للعيش المشترك والتعاون على اسس تكامل المصالح والاحترام المتبادل والعمل على مد جسور السلام والتصالح بين سكان الاراضى المقدسة من ابناء ابراهيم التى تباركت بايمان ابراهيم وحياته فيها من مختلف الاعراق والامم { وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَنَّ أَبِيمَالِكَ وَفِيكُولَ رَئِيسَ جَيْشِهِ قَالاَ لإِبْرَاهِيمَ: «اللهُ مَعَكَ فِي كُلِّ مَا أَنْتَ صَانِعٌ. فَالْآنَ احْلِفْ لِي بِاللهِ هَهُنَا أَنَّكَ لاَ تَغْدُرُ بِي وَلاَ بِنَسْلِي وَذُرِّيَّتِي. كَالْمَعْرُوفِ الَّذِي صَنَعْتُ إِلَيْكَ تَصْنَعُ إِلَيَّ وَإِلَى الأَرْضِ الَّتِي تَغَرَّبْتَ فِيهَا». فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «أَنَا أَحْلِفُ». وَعَاتَبَ إِبْرَاهِيمُ أَبِيمَالِكَ لِسَبَبِ بِئْرِ الْمَاءِ الَّتِي اغْتَصَبَهَا عَبِيدُ أَبِيمَالِكَ. فَقَالَ أَبِيمَالِكُ: «لَمْ أَعْلَمْ مَنْ فَعَلَ هَذَا الأَمْرَ. أَنْتَ لَمْ تُخْبِرْنِي وَلاَ أَنَا سَمِعْتُ سِوَى الْيَوْمِ».فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ غَنَماً وَبَقَراً وَأَعْطَى أَبِيمَالِكَ فَقَطَعَا كِلاَهُمَا مِيثَاقاً. وَأَقَامَ إِبْرَاهِيمُ سَبْعَ نِعَاجٍ منَ الْغَنَمِ وَحْدَهَا. فَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَا هِيَ هَذِهِ السَّبْعُ النِّعَاجِ الَّتِي أَقَمْتَهَا وَحْدَهَا؟» فَقَالَ: «إِنَّكَ سَبْعَ نِعَاجٍ تَأْخُذُ مِنْ يَدِي لِكَيْ تَكُونَ لِي شَهَادَةً بِأَنِّي حَفَرْتُ هَذِهِ الْبِئْرَ». لِذَلِكَ دَعَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِئْرَ سَبْعٍ. لأَنَّهُمَا هُنَاكَ حَلَفَا كِلاَهُمَا. فَقَطَعَا مِيثَاقاً فِي بِئْرِ سَبْعٍ. ثُمَّ قَامَ أَبِيمَالِكُ وَفِيكُولُ رَئِيسُ جَيْشِهِ وَرَجَعَا إِلَى أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ. وَغَرَسَ إِبْرَاهِيمُ أَثْلاً فِي بِئْرِ سَبْعٍ وَدَعَا هُنَاكَ بِاسْمِ الرَّبِّ «الإِلَهِ السَّرْمَدِيِّ». وَتَغَرَّبَ إِبْرَاهِيمُ فِي أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ أَيَّاماً كَثِيرَةً.} (تك 21:21-34). علي قاده وشعوب الاراضي المقدسة والمنطقة العمل الجاد والأمين من أجل التغلب على مشاعر العداوة والكراهية والتوصل الى صيغة مقبوله ومتوازنة تضمن العيش بسلام وأمن والتعاون من أجل مستقبل افضل لابناء وشعوب المنطقة جميعا.
http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/02/2.html
إبراهيم الخليل
الشجاع عزيز النفس (3)
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
شجاعة ابراهيم وعزة نفسه.. ابونا إبراهيم من الشجعان فى وقت الخطر الذين تظهر جراءتهم فى وقت الشحاجة والشدة. هو الصديق الصدوق والرجل عزيز وعفيف النفس الذى لا ينتظر أجر بشرى على تقديمه العون لمن هم فى خطر. هو شامخ عزيز النفس وليس قصبة تهزها الريح. يكفي انه اطاع الله وذهب فى رحلة نحو المجهول {خرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي} إلا أنه كان بالإيمان على يقين أن الله يعد له الأفضل، أعطي ظهره للوطن والصحاب والأرض، ومن غير تردد عبر الصحراء والقفار من غير لفتة هنا وهناك حتى يصل إلى الأرض التي وعد بها، مهما طال به الطريق، أو امتد به الزمن لهذا اخذ النصيب الافضل انه آمن بمن قال { وكل من ترك بيوتا او اخوة او اخوات او ابا او اما او امراة او اولادا او حقولا من اجل اسمي ياخذ مئة ضعف ويرث الحياة الابدية} (مت 19 : 29) إن رحلة إبراهيم العظيمة لا يمكن أن يقوم بها قبل اربعة الاف سنة إلا مغامر جسور، وقد وقف أبو المؤمنين بذلك على أعلى ربوة في جسارة الإيمان وهو يتطلع إلى الأرض التي رحل إليها، والمدينة التي ما يزال المؤمنين يسعون إليها { وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء في الأرض، فإن الذين يقولون مثل هذا يظهرون أنهم يطلبون وطناً فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع} (عب 13:11-15).
+ فى شجاعة عندما سمع ابراهيم ان لوط ابن اخاه قد سبى فى معركة كسر لعومر لملوك الشمال مع مناطق الجنوب اخذ غلامانه الثلثمائة والثمانية عشر وحول الهزيمة الى نصر واسترد لوط ومن معه واملاكهم {فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ. وَانْقَسَمَ عَلَيْهِمْ لَيْلاً هُوَ وَعَبِيدُهُ فَكَسَّرَهُمْ وَتَبِعَهُمْ إِلَى حُوبَةَ الَّتِي عَنْ شَمَالِ دِمَشْقَ. وَاسْتَرْجَعَ كُلَّ الأَمْلاَكِ وَاسْتَرْجَعَ لُوطاً أَخَاهُ أَيْضاً وَأَمْلاَكَهُ وَالنِّسَاءَ أَيْضاً وَالشَّعْبَ}( تك 14:14-16)
وقد اظهر ابراهيم عفة النفس مع لوط ومع ملك سدوم، وبكل المعايير المعروفة في ذلك التاريخ كان من حق إبراهيم أن يأخذ ما يريد أو ما يشاء، ففي النزاع بين ورعاة مواشي لوط ورعاة مواشي إبراهيم كان من حقه وهو العم الأكبر للوط وهو قائد الرحلة أن يختار المكان المناسب ولكنه اختار السماحة والتعفف، وترك للوط أفضل مراعي وأبهج المروج، في سبيل الحب، والإخاء، والسلام، والإيثار لابن أخيه. وكان مثلاً رائعاً في طرح الماديات للإبقاء على القرابة والعشرة {حدَثَتْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنَ رُعَاةِ مَوَاشِي أَبْرَامَ وَرُعَاةِ مَوَاشِي لُوطٍ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفِرِزِّيُّونَ حِينَئِذٍ سَاكِنِينَ فِي الأَرْضِ. فَقَالَ أَبْرَامُ لِلُوطٍ: «لاَ تَكُنْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ رُعَاتِي وَرُعَاتِكَ لأَنَّنَا نَحْنُ أَخَوَانِ. أَلَيْسَتْ كُلُّ الأَرْضِ أَمَامَكَ؟ اعْتَزِلْ عَنِّي. إِنْ ذَهَبْتَ شِمَالاً فَأَنَا يَمِيناً وَإِنْ يَمِيناً فَأَنَا شِمَالاً». فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ قَبْلَمَا أَخْرَبَ الرَّبُّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ كَجَنَّةِ الرَّبِّ كَأَرْضِ مِصْرَ. حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى صُوغَرَ. فَاخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ وَارْتَحَلَ لُوطٌ شَرْقاً. فَاعْتَزَلَ الْوَاحِدُ عَنِ الْآخَرِ} ( تك 7:13-11). ان شيطان النصيب الأكبر يهزم الكثيرين وقد اغرت الارض الجيدة الخضراء التى اختارها لوط لكنها كانت سبب لهلاك زوجته وضياع أملاكة وكانت نفسه تتعذب بفساد الاشرار الساكن بينهم حتى احرقت سدوم وعموره حيث سكن وخرج منها خالي الوفاض وفقد زوجته التى خرجت من سدوم ولكن سدوم كانت فى قلبها وكانت فى يد الملاك ولكنها لم تنجو من الهلاك لان قلبها لم يكن مع الله بل مع شهوات العالم وغناه فتحولت لعمود ملح { فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتاً وَنَاراً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ وَكُلَّ الدَّائِرَةِ وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ وَنَبَاتَ الأَرْضِ. وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ!} ( تك 24:17-26). من اجل ذلك يحذرنا الرب من الرجوع بعد التوبة والإيمان الى العالم بشهواته { فقال له يسوع ليس احد يضع يده على المحراث وينظر الى الوراء يصلح لملكوت الله} (لو 9 : 62).
فى عفة نفس رفض ابونا ابراهيم بعد الرجوع من المعركة مع ملوك الشمال واسترداد لوط وكل املاك من معه من الجنوبيين من اسرى والغنائم عندما التقى مع ملك سدوم، رفض كمنتصر في الحرب أن ياخذ شئ ولا حتى خيط أو شراك نعل، فى عزة نفس الامر الذى وقع فيه غيرة وازدادت شهيتهم للحرب والغزو والغنائم والسلب بل وشجعوا الغير عليه { وَقَالَ مَلِكُ سَدُومَ لأَبْرَامَ: «أَعْطِنِي النُّفُوسَ وَأَمَّا الأَمْلاَكَ فَخُذْهَا لِنَفْسِكَ». فَقَالَ أَبْرَامُ لِمَلِكِ سَدُومَ: «رَفَعْتُ يَدِي إِلَى الرَّبِّ الإِلَهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ولاَ آخُذَنَّ لاَ خَيْطاً وَلاَ شِرَاكَ نَعْلٍ وَلاَ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ لَكَ فَلاَ تَقُولُ: أَنَا أَغْنَيْتُ أَبْرَامَ} ( تك 21:14-23). وهنا ضرب مثل رائع وعجيب لغنى النفس المترفعة المتعففة. فالله وحده هو الذي يغني البشر، وهو الذي يغني إبراهيم وهو لديه كنز عظيم فابراهيم لا يرغب أن يكون مديناً لأحد بشئ بل بالمحبة. وبالمحبة والكرم يخدم الغير، لهذا أعطاه الله كل شيء بغنى للتمتع. من اجل هذا ظهر الله لابراهيم بعد ذلك قائلا{ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى أَبْرَامَ فِي الرُّؤْيَا: «لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ. أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدّاً»}( تك 1:15). اننا نحتاج كأبناء إبراهيم من المؤمنين ان نتعلم كيف يكون التعفف السمح وعفة النفس الذي يمد بجذوره إلى نهر الله الواسع العظيم الفياض دون الاتجاء إلى الناس أو انتظار عطائهم قل هذا العطاء أم كثر.
http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/03/3.html
ابراهيم الخليل وملشيصادق (4)
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
لقاء تاريخي مبارك ...
تقابل إبراهيم مع ملكى صادق بعد رجوعه من الحرب وانتصاره { وملكي صادق ملك شاليم اخرج خبزا وخمرا وكان كاهنا لله العلي. وباركه وقال مبارك ابرام من الله العلي مالك السماوات والارض. ومبارك الله العلي الذي اسلم اعداءك في يدك فاعطاه عشرا من كل شيء} ( تك 18:14-14) وهكذا يظهر لنا السيد المسيح بعد أن نجاهد روحيا وننتصر بنعمته، لقد قدم له إبراهيم العشور من كل شيء. والعشور وبركاتها مارسها الإنسان قبل عصر الشريعة، وقبل أن يعطى الله وصية مكتوبة عنها. انه لقاء البركة الذى سجله الكتاب المقدس بين اثنين باركهما الله وملشيصادق وكهنوته كرمز لكهنوت السيد المسيح رئيس الكهنة الأعظم وذبيحة العهد الجديد من الخبر والخمر ولقائه مع ابراهيم الذى باركه الله وبنسله يسوع المسيح ربنا تتبارك جميع قبائل الارض.
ملشيصادق كاهن الله العلي فضلا عن انه اقيم ملكا على اورساليم اي مدينة السلام أورشليم او مدينة السلام ويذكر فى المزامير كهنوته.(مز110:4) وهو يرمز إلى المسيح (عب 7: 1 – 3)، كان ملشيصادق اكبر من ابراهيم وهو ليس له نسب من اللاويين لكنه عشر ابراهيم وبارك الذي له المواعيد وبدون اي مشاجره الاصغر يبارك من الاكبر وكما ذكر القديس بولس الرسول فى مقارنته بين الكهنوت الهارونى وكهنوت العهد الجديد { فلو كان بالكهنوت اللاوي كمال اذ الشعب اخذ الناموس عليه ماذا كانت الحاجة بعد الى ان يقوم كاهن اخر على رتبة ملكي صادق ولا يقال على رتبة هرون. لانه ان تغير الكهنوت فبالضرورة يصير تغير للناموس ايضا.لان الذي يقال عنه هذا كان شريكا في سبط اخر لم يلازم احد منه المذبح. فانه واضح ان ربنا قد طلع من سبط يهوذا الذي لم يتكلم عنه موسى شيئا من جهة الكهنوت. وذلك اكثر وضوحا ايضا ان كان على شبه ملكي صادق يقوم كاهن اخر. قد صار ليس بحسب ناموس وصية جسدية بل بحسب قوة حياة لا تزول. لانه يشهد انك كاهن الى الابد على رتبة ملكي صادق} (11:7-17)
من هو ملشيصادق ..
ملشيصادق هو حفيد من احفاد سام. ملشيصادق ابن فالج ابن عابر وسام هو ابو كل بني عابر (تك10: 21). بعد ان اقام ملشيصادق فتره تعبد في الغابات المجاورة لجبل الجلجثه حيث اتى برفات جده الاول آدم ودفنها سمع به ملوك المنطقة واهلها فجاءوا له بهدايا وتقديمات كرجل الله. ورفض ملشيصادق التقدمة فبنوا بها هيكل فوق قبر ادم ثم بنوا مدينه سموها ساليم واقيم ملشيصادق ملكا على المدينة كما كان كاهن الله العلي وعرفت فيما بعد باسم اورشليم. ان ملشيصادق لا بدايه ايام له ولا نهاية حياة في الخدمة الكهنوتية كما هو الحال بالنسبة للكهنة اللاويين حيث تبدأ خدمتهم في سن الثلاثين وينتهوا من الخدمة في سن الخمسين وهذا ما نجده في (عد 4 : 3). اما ملشيصادق لم يكن كهنوته محدود بالسن لبداية وظيفته ولنهاية وظيفته ككاهن الله العلي {أقسم الرب ولن يندم أنت هو الكاهن الى الابد على رتبة ملشيصادق} (مز4:110) والى الابد وردت كثيرا في الكتاب المقدس لتعني حتى نهاية حياة الشخص. لهذا قيل عن صموئيل النبي سفر { متى فطم الصبي أتي به ليترئى امام الرب ويقيم هناك الى الابد} ( 1صم1:22).
سمو كهنوت ملكي صادق ..
{لان ملكي صادق هذا ملك ساليم كاهن الله العلي الذي استقبل ابراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه. الذي قسم له ابراهيم عشرا من كل شيء المترجم اولا ملك البر ثم ايضا ملك ساليم اي ملك السلام. بلا اب بلا ام بلا نسب لا بداءة ايام له ولا نهاية حياة بل هو مشبه بابن الله هذا يبقى كاهنا الى الابد.}(عب 1:7-3) ان هذا السمو لكهنوت ملشيصادق لم يصل اليه من ابيه واجداده كما هو الحال بالنسبة لكهنوت اللاويين الذي كان محصور في نسل لاوي رئيس احد الاسباط وفي ذرية هارون بالذات الذي اقامه اخو موسى وذريته لخدمه الكهنوت في اسرائيل بلا نسب، اي بلا سلف كهنوتي ولكن تلك الوظيفة اخذها ملشيصادق من الله مباشرة وتدوم وظيفته الكهنوتية ليقدم التسبيح لله فى السماء وعلى مثالها يقام كهنوت العهد الجديد هكذا يقدم لنا كهنوت العهد الجديد ذبائح الخلاص وغفران الخطايا والحياة الابدية ورجاء أفضل به نتقرب الى الله الاب باتحادنا يسوع ربنا فى سر القربان الاقدس.
وهكذا نصلى فى قسمة سبت الفرح ونعلن ملك الله الازلي الابدي ورئاسته الكهنوتية الي الابد على طقس ملكى صادق وانعامه علينا بجسده الالهي ودمه الكريم فى سر القربان (يا يسوع المسيح ذا الإسم المخلص الذي بكثرة رحمته نزل إلى الجحيم وأبطل عز الموت انت هو ملك الدهور غير المائت الأبدي كلمة الله الذي على الكل راعي الخراف الناطقة رئيس كهنة الخيرات العتيدة الذي صعد إلى السموات وصار فوق السموات ودخل داخل الحجاب موضع قدس الأقداس الموضع الذي لا يدخل إليه ذو طبيعة بشرية وسار سابقاً عنا صائراً رئيس كهنة إلى الأبد على رتبة ملكي صادق انت هو الذي تنبأ من أجلك أشعياء النبي قائلاً: مثل خروف سيق إلى الذبح ومثل حمل بلا صوت أمام الذي يجزه هكذا لا يفتح فاه رفع حكمه في تواضعه وجيله من يقدر أن يقصه جرحت لأجل خطايانا وتوجعت لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليك وبجراحاتك شفينا كنا ضالين مثل خراف أتيت يا سيدنا وأنقذتنا بمعرفة صليبك الحقيقية وأنعمت لنا بشجرة الحياة التي هي جسدك الإلهي ودمك الحقيقي وأنعمت لنا بشجرة الحياة التي هي جسدك الإلهي ودمك الحقيقي من أجل هذا نسبحك ونباركك ونخدمك ونسجد لك ونمجدك ونشكرك كل حين نسأل ونطلب إليك يا محب البشر اللهم أقبل ذبيحتنا منا يا سيدنا كما قبلت قرابين وبخور وسؤالات رؤساء الآباء والأنبياء والرسل وجميع قديسيك
-----------------------
إبراهيم الخليل (6)
رجل الكرم والنهاية الصالحة
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
رجل الكرم والشهامة.. ان كرم ابينا إبراهيم به أضاف إبراهيم الملائكة وهو لا يدري ولهذا يوصينا الانجيل بان لا ننسي اضافة الغرباء { لا تنسوا اضافة الغرباء لان بها اضاف اناس ملائكة وهم لا يدرون}(عب 13 : 2). إذ أن الله محسن الينا وكريم ويشرق شمسه على الابرار والاشرار وهكذا المؤمنين به ولقد استحق ابراهيم فى كرمه ان يستضيف الله الكلمة فى احدى ظهورات قبل التجسد مع ملاكين معه حسب أغلب مفسري الكتاب{ وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار. فرفع عينيه ونظر واذا ثلاثة رجال واقفون لديه فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد الى الارض. وقال يا سيد ان كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك. ليؤخذ قليل ماء واغسلوا ارجلكم واتكئوا تحت الشجرة. فاخذ كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثم تجتازون لانكم قد مررتم على عبدكم فقالوا هكذا نفعل كما تكلمت. فاسرع ابراهيم الى الخيمة الى سارة وقال اسرعي بثلاث كيلات دقيقا سميذا اعجني واصنعي خبز ملة. ثم ركض ابراهيم الى البقر واخذ عجلا رخصا وجيدا واعطاه للغلام فاسرع ليعمله. ثم اخذ زبدا ولبنا والعجل الذي عمله ووضعها قدامهم واذ كان هو واقفا لديهم تحت الشجرة اكلوا.}(تك 1:18-8). لقد خدم ضيوفه ابراهيم فى سعادة وكرم وحب للغرباء وهو لايدرى ان الله وملائكته ومع انهم فى الحقيقة لا يأكلون ولا يشربون وان تظاهروا له بذلك. لقد رد له الله الاجر وصادق على وعده بولادة أبن الموعد وقال الله لابراهيم انه على مدار عام ستلد سارة ابن كما وعده الله من قبل { فقال اني ارجع اليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امراتك ابن وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهى وراءه. وكان ابراهيم وسارة شيخين متقدمين في الايام وقد انقطع ان يكون لسارة عادة كالنساء. فضحكت سارة في باطنها قائلة ابعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ. فقال الرب لابراهيم لماذا ضحكت سارة قائلة افبالحقيقة الد وانا قد شخت.هل يستحيل على الرب شيء في الميعاد ارجع اليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة ابن} (تك10:18-14). واتم الله وعده وولد اسحق كما قال الرب وختنه ابراهيم والختان عهد دم بين الانسان والله ويرمز إلى موت الانسان العتيق وإلى المعمودية، وكلاهما إشارة إلى الموت مع المسيح {مدفونين معه فى المعمودية} (كو 2: 8 –12). { وصنع إبراهيم وليمة عظيمة يوم فطام إسحق} (تك 21: 8). الوليمة صنعها يوم الفطام فالفرح الحقيقي يكون يوم فطام المؤمن عن العالم وشهواته، والخطية وتوابعها. ولما رات سارة ان اسماعيل يمزح على اخيه اسحق طردت ساره هاجر من البيت إلى برية بئر سبع وعندما تاهت أفتقدها الله إله المساكين والضعفاء والمعوزين، وكبر اسماعيل وزوجته أمه من سيدة مصرية وسكن فى برية فاران بسيناء، وصار لإسماعيل 12 ولدا، صاروا رؤساء قبائل، وعاش إسماعيل 137 سنة (تك 25: 17). وعاشت سارة 127 سنة ثم ماتت فى قرية أربع وهى فى الخليل ودفنت فى حقل المكفيلة الذى اشتراه ابراهيم من بني حث. وفى نفس المكان دفن إبراهيم وأسحق ويعقوب، ورفقة وليئة وقد بكاها ابراهيم كشريكة لحياته التي احتملت معه مسيرة طويلة من الكفاح والعطاء .
زواج إسحق من رفقة .. لقد طلب إبراهيم من كبير خدام بيته لعازر الدمشقي أن يذهب إلى آرام النهرين إلى مدينة ناحور، موطنه الأصلى، ليخطب لأبنه أسحق، وأستحلفه بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا يأخذ زوجة لأبنه إسحق من بنات الكنعانيين حتى لا يميلن قلبه لعباداتهم الوثنية ويبتعد عن الله إله أبيه. ولم يشأ إبراهيم أن يذهب أسحق إلى مدينة ناحور حتى لا تستهويه الحياة الناعمة هناك ولا يرجع إلى الأرض التى وعد الله بها.أما رفقة زوجة اسحق النشطة والمضيافة فكانت تجيد رعي الغنم والطهى وفوق هذا لديها حياة الثقة والتسليم لمشيئة الله. وإذ وصل لعازر التقى إلى بئر المدينة نحو المساء سأل من الرب القدير إله إبراهيم سيده أن يهبه تيسيرا لمهمته ويصنع لطفا إلى سيده، فما أجمل أن يحيا شبابنا من الجنسين حياة التسليم لله والبساطة والثقة الكاملة فى الله الذى يدبر حياتنا ويقودنا ويرسل الشريك المناسب لكل طرف. ان حياة الإيمان التى عاشها ابراهيم انعكست أشعتها حتى على حياة كل فرد فى بيت إبراهيم لاسيما ابنه اسحق المطيع ولعازر الدمشقي كبير خدام بيت ابراهيم. وقد استجاب الله لطلب ذلك العبد الأمين حتى أتم إجراءات الخطبة بنجاح وعاد ومعه رفقه الى بيت سيده إبراهيم التى كانت تعزية لاسحق بعد وفاة أمه. هكذا اذ يسلم الشباب حياته لله فى إيمان وصلاة مع التفكير السليم والتصرف الحسن دون انقياد الى الاهواء او المصالح فان الله يدبر حياته ويختار له الشريك المناسب .
سنى إبراهيم الأخيرة .. بعد موت سارة عاد إبراهيم فأخذ زوجة أسمها قطورة وكان سنه حوالى 140 سنة، ولعله فعل ذلك لأنه وصل إلى هذه السن، ولم يصبح نسله كنجوم السماء كما وعده الله وغاب عن عيني ابراهيم انه سيصير ابا لكل المؤمنين ومن نسله بالجسد سيأتي المسيح . ولدت له قطورة ستة بنين. وأعطى إبراهيم إسحق كل ما كان له. وأما بنو هاجر وقطورة اللواتي كن لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحق إبنه وهو بعد حي. وفى سن المائة خمسة وسبعين {أسلم إبراهيم روحه ومات بشيبة صالحة شيخا وشبعان أياما وأنضم إلى قومه}(تك 25: 7، 8). انتقل إبراهيم وانضم الى صفوف الابرار ودفنه ابناه إسحق وإسماعيل في مغارة المكفيلة. بعد ان عاش غريبا علي الارض وقد تبرر إبراهيم بالإيمان العامل بالمحبة الذي جعل إبراهيم يترك ارضه وعشيرته ويذهب وراء الرب والذى جعله يقدم ابنه ذبيحة فى طاعة لله. لهذا مدح الكتاب المقدس ايمان ابونا ابراهيم وسارة قائلا:{ بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي. بالايمان تغرب في ارض الموعد كانها غريبة ساكنا في خيام مع اسحق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه. لانه كان ينتظر المدينة التي لها الاساسات التي صانعها وبارئها الله. بالايمان سارة نفسها ايضا اخذت قدرة على انشاء نسل وبعد وقت السن ولدت اذ حسبت الذي وعد صادقا. لذلك ولد ايضا من واحد وذلك من ممات مثل نجوم السماء في الكثرة وكالرمل الذي على شاطئ البحر الذي لا يعد. في الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بانهم غرباء ونزلاء على الارض} ( عب 8:11-13). فهؤلاء كلهم مشهودا لهم بالايمان لم ينالوا الموعد. اذ سبق الله فنظر لنا شيئا افضل لكي لا يكملوا بدوننا. هكذا علينا ان نسير على خطى رجال الله القديسين وسيرتهم الطيبة ونتمثل بهم { انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم (عب 13 : 7)، أمين
http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/03/6.html
رجل الصلاة والعهود (2)
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
+ إبراهيم رجل الصلاة ... عاش ابراهيم حياته رجل صلاة وصداقة وعشرة مع الله، يقيم المذبح اينما حل وسكن، فكانت ارضاء الله هو أهم شئ فى حياة ابراهيم. كان الله هو مرجعيته فى حياته ومعينه فى ضيقاته واليه يرفع صلاته {ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى الْجَبَلِ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلٍ وَنَصَبَ خَيْمَتَهُ وَلَهُ بَيْتُ إِيلَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَعَايُ مِنَ الْمَشْرِقِ. فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ}(تك8:12). كان يقدم الذبائح لله ويتحدث مع الله كصديق ودعي من الله خليله اي صديقه { ابراهيم خليلي } (اش41 :8). ان تصادق انسان عظيم المقام فهذا شرف عظيم لنا، وأي شرف ناله ابراهيم عندما يقول الله عنه انه خليلي!. ان الصداقة تقتضى الموافقة فى الاراء وحلاوة الجلوس مع الاصدقاء والاعتماد عليهم فى وقت السراء والضراء. الصداقة ثقة والثقة إيمان والإيمان طاعة وحب { فامن ابراهيم بالله فحسب له برا ودعي خليل الله} (يع 2 : 23). فلا شئ يجعلنا قريبين الى الله أكثر من المحبة لله والصلاة فى ثقة به والطاعة له واللجوء اليه فى السراء والضراء. شرب ابراهيم من نهر الشركة العميقة مع الله فلم نسمع أنه بنى بيتاً يسكن فيه، بل كان ينصب خيمته حيثما حل وينقضها كلما ارتحل ولكنه في كل مكان كان يبني مذبح للرب ويقدم ذبيحته ويقترب إلى الله العلي في خوف وخشوع وجلال. وعند بلوطات ممرا حيث انتقل إلى هناك بنى مذبحاً للرب، وفي بئر سبع دعا هناك باسم الرب الإله السرمدي. ومع أنه في مصر وفي جرار اختبر الخوف والضعف مع فرعون وأبيمالك، من جهة سارة زوجته لكن الله صديقه العظيم لم يتركه في المحنة والخوف والضعف، بل دافع عنه على النحو الكريم الطيب المعروف من إله لا يصنع معنا حسب خطايانا أو يجازينا حسب آثامنا لأنه يعلم أننا تراب ورماد كما قال ابونا إبراهيم { فاجاب ابراهيم وقال اني قد شرعت اكلم المولى وانا تراب ورماد }(تك 18 : 27). وعندما نكون اصدقاء مع الله فسنجده لنا معين ومخلص لاسيما فى الضعف، وتصير صلاتنا اليه لا واجباً أو عبئاً يقع عليك بل هي حب وفرح وراحة نتمتع بها، كما تمتعت مريم عندما جلست عند قدمي المخلص واختارت النصيب الصالح الذي لا يمكن أن ينزع منها.
ان عمق علاقة ابراهيم بالله فى الصلاة نراها فى روح التشفع والصلاة من اجل سدوم وعموره وفي التشفع نرى الله وإبراهيم يتحدثان معاً فى شركة بين الخالق والمخلوق، وبين المحب والحبيب والله يبادر ويعلن خطته لخليله ويتركه يتشفع ويتفاوض معه { فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ. وَإِبْرَاهِيمُ يَكُونُ أُمَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ؟لأَنِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ بَنِيهِ وَبَيْتَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَحْفَظُوا طَرِيقَ الرَّبِّ لِيَعْمَلُوا بِرّاً وَعَدْلاً لِكَيْ يَأْتِيَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ». وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً} (تك17:18-20) فان سر الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم. وجيد للمؤمن أن يتعلم فن الاستماع وفن وادب المخاطبة لاسيما مع الله. فالصديق المتعمق في الشركة مع الله، هو الذي يجهز أذنه ويقول: تكلم فإن عبدك سامع! إذ ما أكثر الذين يكلمون الله دون أن ينصتوا إليه ويسمعوه. لكن إبراهيم كان يحسن الإنصات، ويحسن أيضاً الكلام والحديث مع سيده وخالقه ومحبه وصديقه. وفي التشفع من أجل سدوم وعمورة نرى تحدث إلى الله من أجل إنقاذ اناس لا يمتوا له بصلة بل قد يكونوا اعداء الغد له ولنسله فهل لنا روح الصلاة حتى لاعدائنا هذا هو سر عظمة وسمو إبراهيم الذى يرتفع فوق كل خبث وأنانيه تجاه الصديق أو العدو على حد سواء، ومن أجل ذلك ألح إبراهيم بلجاجة من أجل المدن الشريرة الخاطئة، التي صعد صراخها القبيح المزعج أمام الله في السماء إن الصلاة والتشفع فى الخطاة عند إبراهيم يبدأ بالحب والحنو والصفاء ورغبة الخير لجميع الناس، مهما فكروا، ومهما أضمروا، ومهما كانت نواياهم في الحاضر أو المستقبل خيراً أو شراً على حد سواء فديان الأرض كلها عادل فى رحمته ورحيم فى عدله. إن الصلاة من اجل الاخرين أمر واجب علينا وحسن ومقبول عند الله { فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ أَنْ تُقَامَ طِلْبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ،لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ،لأَنَّ هَذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ} (1تيم1:2-4). وان كانت الصلاة والتشفع من اجل سدوم وعموره لم تصل الى غايتها لكن الله يقدرها كثيرا ومن اجل قلة من الابرار يصبر الله ويرحم مدننا وقرانا فلنواصل الصلاة فى تقوى ومحبة لله لينجينا من الدمار والخراب والطوفان لكن كانت صلاة ابراهيم سببا فى نجاة لوط وبناته { وحدث لما اخرب الله مدن الدائرة ان الله ذكر ابراهيم وارسل لوطا من وسط الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط } (تك19 : 29) ونتسأل هل ضاعت هذه المدن بسبب شرها الرهيب المخيف، أم بسبب آخر هو أن إبراهيم توقف في شفاعته عند حدود العشرة الأبرار الذين كان يظن أنهم موجودون بها، دون أن يوجدوا؟. وهل لو أنزل العدد إلى حدود ثلاثة أو أربعة أما كان من المتوقع أن تنجو المدينة من أجل الثلاثة أو الأربعة؟. لقد قال الله على لسان ارمياء النبي { طُوفُوا فِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ وَانْظُرُوا وَاعْرِفُوا وَفَتِّشُوا فِي سَاحَاتِهَا.هَلْ تَجِدُونَ إِنْسَاناً أَوْ يُوجَدُ عَامِلٌ بِالْعَدْلِ طَالِبُ الْحَقِّ فَأَصْفَحَ عَنْهَا؟} (ار1:5). لقد كانت الصلاة هى مصدر الالهام والرؤيا الإلهية لدى إبراهيم والتى سندته وقوته فى مخاوفه واعلنت له رعاية الله. فبعد استرداده للوط وأهل بيته من ملوك الشمال بعد معركة كدر لعومر خاف ابراهيم من هجوم قبائل الشمال عليه فظهر له الرب قائلاً { بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى أَبْرَامَ فِي الرُّؤْيَا:لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ.أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدّاً}(تك 1:15). ولانه فى عزة نفس رفض ان ياخذ شئ من الغنائم فان الله وعده بالاجر الكثير من لدنه.
عهد الله مع إبراهيم.. هنا دخل الله فى عهد مع إبراهيم ولقد اعتاد القدماء ان يقطعوا عهودهم على ذبيحة يشقونها نصفين، ويجوز كل طرف بين الشقين، وكأنه يقبل أن يشقه الله مثل الذبيحة إذا خان العهد. وهكذا قطع الله عهده مع إبراهيم بهذه الصورة المألوفة { فَقَالَ لَهُ:«خُذْ لِي عِجْلَةً ثُلاَثِيَّةً وَعَنْزَةً ثُلاَثِيَّةً وَكَبْشاً ثُلاَثِيّاً وَيَمَامَةً وَحَمَامَةً». فَأَخَذَ هَذِهِ كُلَّهَا وَشَقَّهَا مِنَ الْوَسَطِ وَجَعَلَ شِقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مُقَابِلَ صَاحِبِهِ. وَأَمَّا الطَّيْرُ فَلَمْ يَشُقَّهُ. فَنَزَلَتِ الْجَوَارِحُ عَلَى الْجُثَثِ وَكَانَ أَبْرَامُ يَزْجُرُهَا. وَلَمَّا صَارَتِ الشَّمْسُ إِلَى الْمَغِيبِ وَقَعَ عَلَى أَبْرَامَ سُبَاتٌ وَإِذَا رُعْبَةٌ مُظْلِمَةٌ عَظِيمَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَيْهِ. فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيباً فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ فَصَارَتِ الْعَتَمَةُ وَإِذَا تَنُّورُ دُخَانٍ وَمِصْبَاحُ نَارٍ يَجُوزُ بَيْنَ تِلْكَ الْقِطَعِ. فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقاً}(تك 9:15-13، 17-18). أننا نرث الأرض الجديدة التى يسكن فيها البر عن طريق ذبيحة المسيح على الصليب. كانت الطيور الجارحة تنزل على جثث الذبائح، لكن إبراهيم كان يزجرها، وهذه الجوارح ترمز للشياطين، وهكذا ينبغى أن نحفظ ذبائحنا الروحية وصلواتنا التي نقدمها لله من الأفكار الشريرة والخضوع للشيطان ومشوراته أو شيطان المجد الباطل. لقد انبأ الله ابراهيم عن الضيقة التي سيتعرض لها نسله ثم الخروج والتحرر الذى يأتي بعدها. الله يكفكف دموع المؤمنين المظلومين ويحررهم ويعاقب القائمين عليهم ان هذا يعطينا ثقة فى معاملات الله الطيبة معنا فى كل زمان. ان مصباح النار المتقد الذى مر بين الذبائح يشير إلى وجود الله الدائم وسط شعبه فى الضيقات والآلام. وتحمل الله لمسئولية تنفيذ الميثاق مع البشر وهكذا كانت مصالحتنا مع الله بموت المسيح إنعاما من جانب الله نحو الإنسان الضعيف.
ميثاق سلام بئر سبع ... كان إبراهيم رجل سلام وعهود ولقد قطع أول ميثاق سلام بينه وبين ابيمالك الذى صنع معروفا مع ابراهيم وافكول رئيس جيش الفلسطينين فى بئر سبع. ان ذلك يجب ان يكون أساس لسلام دائم بين الاسرائيلين والفلسطينين. السلام العادل والشامل يدوم ولا يقوم الاغتصاب أو العدوان او الكراهية فالارض تكفى للعيش المشترك والتعاون على اسس تكامل المصالح والاحترام المتبادل والعمل على مد جسور السلام والتصالح بين سكان الاراضى المقدسة من ابناء ابراهيم التى تباركت بايمان ابراهيم وحياته فيها من مختلف الاعراق والامم { وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَنَّ أَبِيمَالِكَ وَفِيكُولَ رَئِيسَ جَيْشِهِ قَالاَ لإِبْرَاهِيمَ: «اللهُ مَعَكَ فِي كُلِّ مَا أَنْتَ صَانِعٌ. فَالْآنَ احْلِفْ لِي بِاللهِ هَهُنَا أَنَّكَ لاَ تَغْدُرُ بِي وَلاَ بِنَسْلِي وَذُرِّيَّتِي. كَالْمَعْرُوفِ الَّذِي صَنَعْتُ إِلَيْكَ تَصْنَعُ إِلَيَّ وَإِلَى الأَرْضِ الَّتِي تَغَرَّبْتَ فِيهَا». فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «أَنَا أَحْلِفُ». وَعَاتَبَ إِبْرَاهِيمُ أَبِيمَالِكَ لِسَبَبِ بِئْرِ الْمَاءِ الَّتِي اغْتَصَبَهَا عَبِيدُ أَبِيمَالِكَ. فَقَالَ أَبِيمَالِكُ: «لَمْ أَعْلَمْ مَنْ فَعَلَ هَذَا الأَمْرَ. أَنْتَ لَمْ تُخْبِرْنِي وَلاَ أَنَا سَمِعْتُ سِوَى الْيَوْمِ».فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ غَنَماً وَبَقَراً وَأَعْطَى أَبِيمَالِكَ فَقَطَعَا كِلاَهُمَا مِيثَاقاً. وَأَقَامَ إِبْرَاهِيمُ سَبْعَ نِعَاجٍ منَ الْغَنَمِ وَحْدَهَا. فَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَا هِيَ هَذِهِ السَّبْعُ النِّعَاجِ الَّتِي أَقَمْتَهَا وَحْدَهَا؟» فَقَالَ: «إِنَّكَ سَبْعَ نِعَاجٍ تَأْخُذُ مِنْ يَدِي لِكَيْ تَكُونَ لِي شَهَادَةً بِأَنِّي حَفَرْتُ هَذِهِ الْبِئْرَ». لِذَلِكَ دَعَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِئْرَ سَبْعٍ. لأَنَّهُمَا هُنَاكَ حَلَفَا كِلاَهُمَا. فَقَطَعَا مِيثَاقاً فِي بِئْرِ سَبْعٍ. ثُمَّ قَامَ أَبِيمَالِكُ وَفِيكُولُ رَئِيسُ جَيْشِهِ وَرَجَعَا إِلَى أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ. وَغَرَسَ إِبْرَاهِيمُ أَثْلاً فِي بِئْرِ سَبْعٍ وَدَعَا هُنَاكَ بِاسْمِ الرَّبِّ «الإِلَهِ السَّرْمَدِيِّ». وَتَغَرَّبَ إِبْرَاهِيمُ فِي أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ أَيَّاماً كَثِيرَةً.} (تك 21:21-34). علي قاده وشعوب الاراضي المقدسة والمنطقة العمل الجاد والأمين من أجل التغلب على مشاعر العداوة والكراهية والتوصل الى صيغة مقبوله ومتوازنة تضمن العيش بسلام وأمن والتعاون من أجل مستقبل افضل لابناء وشعوب المنطقة جميعا.
http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/02/2.html
إبراهيم الخليل
الشجاع عزيز النفس (3)
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
شجاعة ابراهيم وعزة نفسه.. ابونا إبراهيم من الشجعان فى وقت الخطر الذين تظهر جراءتهم فى وقت الشحاجة والشدة. هو الصديق الصدوق والرجل عزيز وعفيف النفس الذى لا ينتظر أجر بشرى على تقديمه العون لمن هم فى خطر. هو شامخ عزيز النفس وليس قصبة تهزها الريح. يكفي انه اطاع الله وذهب فى رحلة نحو المجهول {خرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي} إلا أنه كان بالإيمان على يقين أن الله يعد له الأفضل، أعطي ظهره للوطن والصحاب والأرض، ومن غير تردد عبر الصحراء والقفار من غير لفتة هنا وهناك حتى يصل إلى الأرض التي وعد بها، مهما طال به الطريق، أو امتد به الزمن لهذا اخذ النصيب الافضل انه آمن بمن قال { وكل من ترك بيوتا او اخوة او اخوات او ابا او اما او امراة او اولادا او حقولا من اجل اسمي ياخذ مئة ضعف ويرث الحياة الابدية} (مت 19 : 29) إن رحلة إبراهيم العظيمة لا يمكن أن يقوم بها قبل اربعة الاف سنة إلا مغامر جسور، وقد وقف أبو المؤمنين بذلك على أعلى ربوة في جسارة الإيمان وهو يتطلع إلى الأرض التي رحل إليها، والمدينة التي ما يزال المؤمنين يسعون إليها { وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها وأقروا بأنهم غرباء ونزلاء في الأرض، فإن الذين يقولون مثل هذا يظهرون أنهم يطلبون وطناً فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع} (عب 13:11-15).
+ فى شجاعة عندما سمع ابراهيم ان لوط ابن اخاه قد سبى فى معركة كسر لعومر لملوك الشمال مع مناطق الجنوب اخذ غلامانه الثلثمائة والثمانية عشر وحول الهزيمة الى نصر واسترد لوط ومن معه واملاكهم {فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ. وَانْقَسَمَ عَلَيْهِمْ لَيْلاً هُوَ وَعَبِيدُهُ فَكَسَّرَهُمْ وَتَبِعَهُمْ إِلَى حُوبَةَ الَّتِي عَنْ شَمَالِ دِمَشْقَ. وَاسْتَرْجَعَ كُلَّ الأَمْلاَكِ وَاسْتَرْجَعَ لُوطاً أَخَاهُ أَيْضاً وَأَمْلاَكَهُ وَالنِّسَاءَ أَيْضاً وَالشَّعْبَ}( تك 14:14-16)
وقد اظهر ابراهيم عفة النفس مع لوط ومع ملك سدوم، وبكل المعايير المعروفة في ذلك التاريخ كان من حق إبراهيم أن يأخذ ما يريد أو ما يشاء، ففي النزاع بين ورعاة مواشي لوط ورعاة مواشي إبراهيم كان من حقه وهو العم الأكبر للوط وهو قائد الرحلة أن يختار المكان المناسب ولكنه اختار السماحة والتعفف، وترك للوط أفضل مراعي وأبهج المروج، في سبيل الحب، والإخاء، والسلام، والإيثار لابن أخيه. وكان مثلاً رائعاً في طرح الماديات للإبقاء على القرابة والعشرة {حدَثَتْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنَ رُعَاةِ مَوَاشِي أَبْرَامَ وَرُعَاةِ مَوَاشِي لُوطٍ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفِرِزِّيُّونَ حِينَئِذٍ سَاكِنِينَ فِي الأَرْضِ. فَقَالَ أَبْرَامُ لِلُوطٍ: «لاَ تَكُنْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ رُعَاتِي وَرُعَاتِكَ لأَنَّنَا نَحْنُ أَخَوَانِ. أَلَيْسَتْ كُلُّ الأَرْضِ أَمَامَكَ؟ اعْتَزِلْ عَنِّي. إِنْ ذَهَبْتَ شِمَالاً فَأَنَا يَمِيناً وَإِنْ يَمِيناً فَأَنَا شِمَالاً». فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ قَبْلَمَا أَخْرَبَ الرَّبُّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ كَجَنَّةِ الرَّبِّ كَأَرْضِ مِصْرَ. حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى صُوغَرَ. فَاخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ وَارْتَحَلَ لُوطٌ شَرْقاً. فَاعْتَزَلَ الْوَاحِدُ عَنِ الْآخَرِ} ( تك 7:13-11). ان شيطان النصيب الأكبر يهزم الكثيرين وقد اغرت الارض الجيدة الخضراء التى اختارها لوط لكنها كانت سبب لهلاك زوجته وضياع أملاكة وكانت نفسه تتعذب بفساد الاشرار الساكن بينهم حتى احرقت سدوم وعموره حيث سكن وخرج منها خالي الوفاض وفقد زوجته التى خرجت من سدوم ولكن سدوم كانت فى قلبها وكانت فى يد الملاك ولكنها لم تنجو من الهلاك لان قلبها لم يكن مع الله بل مع شهوات العالم وغناه فتحولت لعمود ملح { فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتاً وَنَاراً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَلَبَ تِلْكَ الْمُدُنَ وَكُلَّ الدَّائِرَةِ وَجَمِيعَ سُكَّانِ الْمُدُنِ وَنَبَاتَ الأَرْضِ. وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ!} ( تك 24:17-26). من اجل ذلك يحذرنا الرب من الرجوع بعد التوبة والإيمان الى العالم بشهواته { فقال له يسوع ليس احد يضع يده على المحراث وينظر الى الوراء يصلح لملكوت الله} (لو 9 : 62).
فى عفة نفس رفض ابونا ابراهيم بعد الرجوع من المعركة مع ملوك الشمال واسترداد لوط وكل املاك من معه من الجنوبيين من اسرى والغنائم عندما التقى مع ملك سدوم، رفض كمنتصر في الحرب أن ياخذ شئ ولا حتى خيط أو شراك نعل، فى عزة نفس الامر الذى وقع فيه غيرة وازدادت شهيتهم للحرب والغزو والغنائم والسلب بل وشجعوا الغير عليه { وَقَالَ مَلِكُ سَدُومَ لأَبْرَامَ: «أَعْطِنِي النُّفُوسَ وَأَمَّا الأَمْلاَكَ فَخُذْهَا لِنَفْسِكَ». فَقَالَ أَبْرَامُ لِمَلِكِ سَدُومَ: «رَفَعْتُ يَدِي إِلَى الرَّبِّ الإِلَهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ولاَ آخُذَنَّ لاَ خَيْطاً وَلاَ شِرَاكَ نَعْلٍ وَلاَ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ لَكَ فَلاَ تَقُولُ: أَنَا أَغْنَيْتُ أَبْرَامَ} ( تك 21:14-23). وهنا ضرب مثل رائع وعجيب لغنى النفس المترفعة المتعففة. فالله وحده هو الذي يغني البشر، وهو الذي يغني إبراهيم وهو لديه كنز عظيم فابراهيم لا يرغب أن يكون مديناً لأحد بشئ بل بالمحبة. وبالمحبة والكرم يخدم الغير، لهذا أعطاه الله كل شيء بغنى للتمتع. من اجل هذا ظهر الله لابراهيم بعد ذلك قائلا{ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى أَبْرَامَ فِي الرُّؤْيَا: «لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ. أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدّاً»}( تك 1:15). اننا نحتاج كأبناء إبراهيم من المؤمنين ان نتعلم كيف يكون التعفف السمح وعفة النفس الذي يمد بجذوره إلى نهر الله الواسع العظيم الفياض دون الاتجاء إلى الناس أو انتظار عطائهم قل هذا العطاء أم كثر.
http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/03/3.html
ابراهيم الخليل وملشيصادق (4)
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
لقاء تاريخي مبارك ...
تقابل إبراهيم مع ملكى صادق بعد رجوعه من الحرب وانتصاره { وملكي صادق ملك شاليم اخرج خبزا وخمرا وكان كاهنا لله العلي. وباركه وقال مبارك ابرام من الله العلي مالك السماوات والارض. ومبارك الله العلي الذي اسلم اعداءك في يدك فاعطاه عشرا من كل شيء} ( تك 18:14-14) وهكذا يظهر لنا السيد المسيح بعد أن نجاهد روحيا وننتصر بنعمته، لقد قدم له إبراهيم العشور من كل شيء. والعشور وبركاتها مارسها الإنسان قبل عصر الشريعة، وقبل أن يعطى الله وصية مكتوبة عنها. انه لقاء البركة الذى سجله الكتاب المقدس بين اثنين باركهما الله وملشيصادق وكهنوته كرمز لكهنوت السيد المسيح رئيس الكهنة الأعظم وذبيحة العهد الجديد من الخبر والخمر ولقائه مع ابراهيم الذى باركه الله وبنسله يسوع المسيح ربنا تتبارك جميع قبائل الارض.
ملشيصادق كاهن الله العلي فضلا عن انه اقيم ملكا على اورساليم اي مدينة السلام أورشليم او مدينة السلام ويذكر فى المزامير كهنوته.(مز110:4) وهو يرمز إلى المسيح (عب 7: 1 – 3)، كان ملشيصادق اكبر من ابراهيم وهو ليس له نسب من اللاويين لكنه عشر ابراهيم وبارك الذي له المواعيد وبدون اي مشاجره الاصغر يبارك من الاكبر وكما ذكر القديس بولس الرسول فى مقارنته بين الكهنوت الهارونى وكهنوت العهد الجديد { فلو كان بالكهنوت اللاوي كمال اذ الشعب اخذ الناموس عليه ماذا كانت الحاجة بعد الى ان يقوم كاهن اخر على رتبة ملكي صادق ولا يقال على رتبة هرون. لانه ان تغير الكهنوت فبالضرورة يصير تغير للناموس ايضا.لان الذي يقال عنه هذا كان شريكا في سبط اخر لم يلازم احد منه المذبح. فانه واضح ان ربنا قد طلع من سبط يهوذا الذي لم يتكلم عنه موسى شيئا من جهة الكهنوت. وذلك اكثر وضوحا ايضا ان كان على شبه ملكي صادق يقوم كاهن اخر. قد صار ليس بحسب ناموس وصية جسدية بل بحسب قوة حياة لا تزول. لانه يشهد انك كاهن الى الابد على رتبة ملكي صادق} (11:7-17)
من هو ملشيصادق ..
ملشيصادق هو حفيد من احفاد سام. ملشيصادق ابن فالج ابن عابر وسام هو ابو كل بني عابر (تك10: 21). بعد ان اقام ملشيصادق فتره تعبد في الغابات المجاورة لجبل الجلجثه حيث اتى برفات جده الاول آدم ودفنها سمع به ملوك المنطقة واهلها فجاءوا له بهدايا وتقديمات كرجل الله. ورفض ملشيصادق التقدمة فبنوا بها هيكل فوق قبر ادم ثم بنوا مدينه سموها ساليم واقيم ملشيصادق ملكا على المدينة كما كان كاهن الله العلي وعرفت فيما بعد باسم اورشليم. ان ملشيصادق لا بدايه ايام له ولا نهاية حياة في الخدمة الكهنوتية كما هو الحال بالنسبة للكهنة اللاويين حيث تبدأ خدمتهم في سن الثلاثين وينتهوا من الخدمة في سن الخمسين وهذا ما نجده في (عد 4 : 3). اما ملشيصادق لم يكن كهنوته محدود بالسن لبداية وظيفته ولنهاية وظيفته ككاهن الله العلي {أقسم الرب ولن يندم أنت هو الكاهن الى الابد على رتبة ملشيصادق} (مز4:110) والى الابد وردت كثيرا في الكتاب المقدس لتعني حتى نهاية حياة الشخص. لهذا قيل عن صموئيل النبي سفر { متى فطم الصبي أتي به ليترئى امام الرب ويقيم هناك الى الابد} ( 1صم1:22).
سمو كهنوت ملكي صادق ..
{لان ملكي صادق هذا ملك ساليم كاهن الله العلي الذي استقبل ابراهيم راجعا من كسرة الملوك وباركه. الذي قسم له ابراهيم عشرا من كل شيء المترجم اولا ملك البر ثم ايضا ملك ساليم اي ملك السلام. بلا اب بلا ام بلا نسب لا بداءة ايام له ولا نهاية حياة بل هو مشبه بابن الله هذا يبقى كاهنا الى الابد.}(عب 1:7-3) ان هذا السمو لكهنوت ملشيصادق لم يصل اليه من ابيه واجداده كما هو الحال بالنسبة لكهنوت اللاويين الذي كان محصور في نسل لاوي رئيس احد الاسباط وفي ذرية هارون بالذات الذي اقامه اخو موسى وذريته لخدمه الكهنوت في اسرائيل بلا نسب، اي بلا سلف كهنوتي ولكن تلك الوظيفة اخذها ملشيصادق من الله مباشرة وتدوم وظيفته الكهنوتية ليقدم التسبيح لله فى السماء وعلى مثالها يقام كهنوت العهد الجديد هكذا يقدم لنا كهنوت العهد الجديد ذبائح الخلاص وغفران الخطايا والحياة الابدية ورجاء أفضل به نتقرب الى الله الاب باتحادنا يسوع ربنا فى سر القربان الاقدس.
وهكذا نصلى فى قسمة سبت الفرح ونعلن ملك الله الازلي الابدي ورئاسته الكهنوتية الي الابد على طقس ملكى صادق وانعامه علينا بجسده الالهي ودمه الكريم فى سر القربان (يا يسوع المسيح ذا الإسم المخلص الذي بكثرة رحمته نزل إلى الجحيم وأبطل عز الموت انت هو ملك الدهور غير المائت الأبدي كلمة الله الذي على الكل راعي الخراف الناطقة رئيس كهنة الخيرات العتيدة الذي صعد إلى السموات وصار فوق السموات ودخل داخل الحجاب موضع قدس الأقداس الموضع الذي لا يدخل إليه ذو طبيعة بشرية وسار سابقاً عنا صائراً رئيس كهنة إلى الأبد على رتبة ملكي صادق انت هو الذي تنبأ من أجلك أشعياء النبي قائلاً: مثل خروف سيق إلى الذبح ومثل حمل بلا صوت أمام الذي يجزه هكذا لا يفتح فاه رفع حكمه في تواضعه وجيله من يقدر أن يقصه جرحت لأجل خطايانا وتوجعت لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليك وبجراحاتك شفينا كنا ضالين مثل خراف أتيت يا سيدنا وأنقذتنا بمعرفة صليبك الحقيقية وأنعمت لنا بشجرة الحياة التي هي جسدك الإلهي ودمك الحقيقي وأنعمت لنا بشجرة الحياة التي هي جسدك الإلهي ودمك الحقيقي من أجل هذا نسبحك ونباركك ونخدمك ونسجد لك ونمجدك ونشكرك كل حين نسأل ونطلب إليك يا محب البشر اللهم أقبل ذبيحتنا منا يا سيدنا كما قبلت قرابين وبخور وسؤالات رؤساء الآباء والأنبياء والرسل وجميع قديسيك
-----------------------
إبراهيم الخليل (6)
رجل الكرم والنهاية الصالحة
الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
رجل الكرم والشهامة.. ان كرم ابينا إبراهيم به أضاف إبراهيم الملائكة وهو لا يدري ولهذا يوصينا الانجيل بان لا ننسي اضافة الغرباء { لا تنسوا اضافة الغرباء لان بها اضاف اناس ملائكة وهم لا يدرون}(عب 13 : 2). إذ أن الله محسن الينا وكريم ويشرق شمسه على الابرار والاشرار وهكذا المؤمنين به ولقد استحق ابراهيم فى كرمه ان يستضيف الله الكلمة فى احدى ظهورات قبل التجسد مع ملاكين معه حسب أغلب مفسري الكتاب{ وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار. فرفع عينيه ونظر واذا ثلاثة رجال واقفون لديه فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد الى الارض. وقال يا سيد ان كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك. ليؤخذ قليل ماء واغسلوا ارجلكم واتكئوا تحت الشجرة. فاخذ كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثم تجتازون لانكم قد مررتم على عبدكم فقالوا هكذا نفعل كما تكلمت. فاسرع ابراهيم الى الخيمة الى سارة وقال اسرعي بثلاث كيلات دقيقا سميذا اعجني واصنعي خبز ملة. ثم ركض ابراهيم الى البقر واخذ عجلا رخصا وجيدا واعطاه للغلام فاسرع ليعمله. ثم اخذ زبدا ولبنا والعجل الذي عمله ووضعها قدامهم واذ كان هو واقفا لديهم تحت الشجرة اكلوا.}(تك 1:18-8). لقد خدم ضيوفه ابراهيم فى سعادة وكرم وحب للغرباء وهو لايدرى ان الله وملائكته ومع انهم فى الحقيقة لا يأكلون ولا يشربون وان تظاهروا له بذلك. لقد رد له الله الاجر وصادق على وعده بولادة أبن الموعد وقال الله لابراهيم انه على مدار عام ستلد سارة ابن كما وعده الله من قبل { فقال اني ارجع اليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امراتك ابن وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهى وراءه. وكان ابراهيم وسارة شيخين متقدمين في الايام وقد انقطع ان يكون لسارة عادة كالنساء. فضحكت سارة في باطنها قائلة ابعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ. فقال الرب لابراهيم لماذا ضحكت سارة قائلة افبالحقيقة الد وانا قد شخت.هل يستحيل على الرب شيء في الميعاد ارجع اليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة ابن} (تك10:18-14). واتم الله وعده وولد اسحق كما قال الرب وختنه ابراهيم والختان عهد دم بين الانسان والله ويرمز إلى موت الانسان العتيق وإلى المعمودية، وكلاهما إشارة إلى الموت مع المسيح {مدفونين معه فى المعمودية} (كو 2: 8 –12). { وصنع إبراهيم وليمة عظيمة يوم فطام إسحق} (تك 21: 8). الوليمة صنعها يوم الفطام فالفرح الحقيقي يكون يوم فطام المؤمن عن العالم وشهواته، والخطية وتوابعها. ولما رات سارة ان اسماعيل يمزح على اخيه اسحق طردت ساره هاجر من البيت إلى برية بئر سبع وعندما تاهت أفتقدها الله إله المساكين والضعفاء والمعوزين، وكبر اسماعيل وزوجته أمه من سيدة مصرية وسكن فى برية فاران بسيناء، وصار لإسماعيل 12 ولدا، صاروا رؤساء قبائل، وعاش إسماعيل 137 سنة (تك 25: 17). وعاشت سارة 127 سنة ثم ماتت فى قرية أربع وهى فى الخليل ودفنت فى حقل المكفيلة الذى اشتراه ابراهيم من بني حث. وفى نفس المكان دفن إبراهيم وأسحق ويعقوب، ورفقة وليئة وقد بكاها ابراهيم كشريكة لحياته التي احتملت معه مسيرة طويلة من الكفاح والعطاء .
زواج إسحق من رفقة .. لقد طلب إبراهيم من كبير خدام بيته لعازر الدمشقي أن يذهب إلى آرام النهرين إلى مدينة ناحور، موطنه الأصلى، ليخطب لأبنه أسحق، وأستحلفه بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا يأخذ زوجة لأبنه إسحق من بنات الكنعانيين حتى لا يميلن قلبه لعباداتهم الوثنية ويبتعد عن الله إله أبيه. ولم يشأ إبراهيم أن يذهب أسحق إلى مدينة ناحور حتى لا تستهويه الحياة الناعمة هناك ولا يرجع إلى الأرض التى وعد الله بها.أما رفقة زوجة اسحق النشطة والمضيافة فكانت تجيد رعي الغنم والطهى وفوق هذا لديها حياة الثقة والتسليم لمشيئة الله. وإذ وصل لعازر التقى إلى بئر المدينة نحو المساء سأل من الرب القدير إله إبراهيم سيده أن يهبه تيسيرا لمهمته ويصنع لطفا إلى سيده، فما أجمل أن يحيا شبابنا من الجنسين حياة التسليم لله والبساطة والثقة الكاملة فى الله الذى يدبر حياتنا ويقودنا ويرسل الشريك المناسب لكل طرف. ان حياة الإيمان التى عاشها ابراهيم انعكست أشعتها حتى على حياة كل فرد فى بيت إبراهيم لاسيما ابنه اسحق المطيع ولعازر الدمشقي كبير خدام بيت ابراهيم. وقد استجاب الله لطلب ذلك العبد الأمين حتى أتم إجراءات الخطبة بنجاح وعاد ومعه رفقه الى بيت سيده إبراهيم التى كانت تعزية لاسحق بعد وفاة أمه. هكذا اذ يسلم الشباب حياته لله فى إيمان وصلاة مع التفكير السليم والتصرف الحسن دون انقياد الى الاهواء او المصالح فان الله يدبر حياته ويختار له الشريك المناسب .
سنى إبراهيم الأخيرة .. بعد موت سارة عاد إبراهيم فأخذ زوجة أسمها قطورة وكان سنه حوالى 140 سنة، ولعله فعل ذلك لأنه وصل إلى هذه السن، ولم يصبح نسله كنجوم السماء كما وعده الله وغاب عن عيني ابراهيم انه سيصير ابا لكل المؤمنين ومن نسله بالجسد سيأتي المسيح . ولدت له قطورة ستة بنين. وأعطى إبراهيم إسحق كل ما كان له. وأما بنو هاجر وقطورة اللواتي كن لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحق إبنه وهو بعد حي. وفى سن المائة خمسة وسبعين {أسلم إبراهيم روحه ومات بشيبة صالحة شيخا وشبعان أياما وأنضم إلى قومه}(تك 25: 7، 8). انتقل إبراهيم وانضم الى صفوف الابرار ودفنه ابناه إسحق وإسماعيل في مغارة المكفيلة. بعد ان عاش غريبا علي الارض وقد تبرر إبراهيم بالإيمان العامل بالمحبة الذي جعل إبراهيم يترك ارضه وعشيرته ويذهب وراء الرب والذى جعله يقدم ابنه ذبيحة فى طاعة لله. لهذا مدح الكتاب المقدس ايمان ابونا ابراهيم وسارة قائلا:{ بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي. بالايمان تغرب في ارض الموعد كانها غريبة ساكنا في خيام مع اسحق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه. لانه كان ينتظر المدينة التي لها الاساسات التي صانعها وبارئها الله. بالايمان سارة نفسها ايضا اخذت قدرة على انشاء نسل وبعد وقت السن ولدت اذ حسبت الذي وعد صادقا. لذلك ولد ايضا من واحد وذلك من ممات مثل نجوم السماء في الكثرة وكالرمل الذي على شاطئ البحر الذي لا يعد. في الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بانهم غرباء ونزلاء على الارض} ( عب 8:11-13). فهؤلاء كلهم مشهودا لهم بالايمان لم ينالوا الموعد. اذ سبق الله فنظر لنا شيئا افضل لكي لا يكملوا بدوننا. هكذا علينا ان نسير على خطى رجال الله القديسين وسيرتهم الطيبة ونتمثل بهم { انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم (عب 13 : 7)، أمين
http://the-goodshepherd.blogspot.com/2013/03/6.html