02‏/07‏/2011

† كلام الله وثماره فى حياتنا - للأب القمص أفرايم الأورشليمى




حاجتنا الى كلام الله ..

+ اننا فى أمس الحاجة فى عالم اليوم الذى يموج بالافكار والاخبار الى كلمة الله القوية والفعالة التى تنقى وتقدس وترشد وتحيي الأنسان فى مسيرة حياته على الارض { انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به } يو2:15 . اننا نحتاج لكلمة الله لتنقى القلب والفكر والنفس من التلوث الفكرى والأعلامى الذى يحاصر الأنسان . نحتاج للتعلم من الأنجيل فعدم المعرفة بكلام ووصايا الله هلاك روحى عاتب الله عليه شعبه قديما { قد هلك شعبي من عدم المعرفة لانك انت رفضت المعرفة ارفضك انا } (هو 4 : 6). من أجل هذا يدعونا السيد المسيح للتعلم منه والثبات فى كلامه { ان ثبتم في و ثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد ابي ان تاتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي . كما احبني الاب كذلك احببتكم انا اثبتوا في محبتي.ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي و اثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم و يكمل فرحكم } يو7:15-11.



+ نحن منذ ان نستيقظ من نومنا وحتى نعود الى الفراش ، محاصرون بكم هائل من الأحاديث واللقاءات من خلال الأسرة او الزملاء أو محيط العمل أو من خلال وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة . ونحن لا ننكر أهمية العلاقات واللقاءات والأتصال بالعالم من حولنا ومعرفة أخباره فى كل المجالات، ولكن علينا ترشيدها وجعلها للبنيان . فالكثير من الأخبار معثرة أو مقلقة وهدامه . والكثير منها عديم الفائدة او يقودنا الى خصومات أو يلوث فكرنا بافكار خاطئة { المباحثات الغبية و السخيفة اجتنبها عالما انها تولد خصومات. و عبد الرب لا يجب ان يخاصم بل يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات} 2 تيمو 23:2-24 .

+ اننا فى حاجة لكلام الله فى الكتاب المقدس لكى نعرف ارادة الله لحياتنا ولكى ما يدفعنا الى التوبة وينير لنا طريقنا وينقينا من نجاسات العالم وأباطيله وهكذا يدعونا أشعياء النبي الأنجيلى للارتواء والشبع بكلام الله { ايها العطاش جميعا هلموا الى المياه و الذي ليس له فضة تعالوا اشتروا و كلوا هلموا اشتروا بلا فضة و بلا ثمن خمرا و لبنا . لماذا تزنون فضة لغير خبز و تعبكم لغير شبع استمعوا لي استماعا و كلوا الطيب و لتتلذذ بالدسم انفسكم .اميلوا اذانكم و هلموا الي اسمعوا فتحيا انفسكم .اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه و هو قريب. ليترك الشرير طريقه و رجل الاثم افكاره وليتب الى الرب فيرحمه و الى الهنا لانه يكثر الغفران. لان افكاري ليست افكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب. لانه كما علت السماوات عن الارض هكذا علت طرقي عن طرقكم وافكاري عن افكاركم. لانه كما ينزل المطر و الثلج من السماء ولا يرجعان الى هناك بل يرويان الارض ويجعلانها تلد وتنبت وتعطي زرعا للزارع و خبزا للاكل . هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع الي فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح فيما ارسلتها له}أش 1:55-3، 6-11. هكذا كما ان المطر يروى الأرض ويخرج الزرع فكلام الله لابد ان يعمل فى قلوبنا وحياتنا ويجعلنا نثمر ثمرا روحيا ونكون اشجار بر مزروعة على مجارى المياه ، تعطى ثمارها فى حينه وكل ما نصنعه فيه ننجح .



+ ان كلام الله روح وحياة { الكلام الذي اكلمكم به هو روح و حياة }(يو 6 : 63). قاله السيد المسيح بالروح القدس ، وكتبه اناس الله القديسين مسوقين بالروح وهو يعمل فينا بنعمة الروح القدس ليهبنا حياة ابديه . عندما نتعلم من الأنجيل ونتتلمذ عليه كما تسلمته الكنيسة منذ القديم وفسرته وعاشته وسلمته لنا فيقودنا الي الثبات في الايمان والخلاص {لان كلمة الله حية و فعالة و امضى من كل سيف ذي حدين و خارقة الى مفرق النفس و الروح و المفاصل و المخاخ و مميزة افكار القلب و نياته }(عب 4 : 12). فنحن فى حاجة ماسه للتعلم من المعلم الصالح والتتلمذ علي يديه والا سيكون كلام الله دينونة لنا فى اليوم الأخير { من رذلني و لم يقبل كلامي فله من يدينه الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الاخير (يو 12 : 48).



ثمار وفوائد قراءة الكتاب المقدس فى حياتنا



+الحاجة الى الواحد ..

لقد عرف الكثيرين من الرجال والنساء أهمية التلمذه على كلمة الله وكان الكتاب المقدس صديق لهم، أمنوا به وتتلمذوا عليه وصار لهم الكنز الثمين الذي يتأملون فيه ويحولونه الى حياة وسلوك . كما قال المعلم الصالح عن مريم التى تركت أهتمامات العالم المزعجة للنفس للتعلم منه والتأمل فى كلامه { و فيما هم سائرون دخل قرية فقبلته امراة اسمها مرثا في بيتها. و كانت لهذه اخت تدعى مريم التي جلست عند قدمي يسوع و كانت تسمع كلامه.و اما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة فوقفت و قالت يا رب اما تبالي بان اختي قد تركتني اخدم وحدي فقل لها ان تعينني. فاجاب يسوع و قال لها مرثا مرثا انت تهتمين و تضطربين لاجل امور كثيرة. و لكن الحاجة الى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها} لو 38:10-42. نعم يجب ان نقوم باعمالنا وواجباتنا بامانة واخلاص ولكن يجب ان لا نرتبك ونضطرب ونهتم كثيراً باهتمامات العالم الباطلة . ونقدس أعمالنا ا بالصلاة مع التأمل فى كلمة الله واثقين من قدرة الكلمة الإلهية علي شفاء جهل ومرض نفوسنا وبعدها وأضطرابها لاجل أمور كثيرة { أرسل كلمته فشفاهم} (مز 107 :20). من اجل هذا رفض الرسل الاهتمام بخدمة الموائد واقاموا لها شمامسة أم هم فكانوا يواظبون على الصلاة وخدمة الكلمة {فدعا الاثنا عشر جمهور التلاميذ و قالوا لا يرضي ان نترك نحن كلمة الله و نخدم موائد. فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم و مملوين من الروح القدس و حكمة فنقيمهم على هذه الحاجة.و اما نحن فنواظب على الصلاة و خدمة الكلمة} أع 2:6-5.



+ سلاح الغلبة والانتصار على حيل ابليس ..

لقد كانت كلمة الله فى حياة رجال الله القديسين هي سلاح الغلبة والنصرة { من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير و بعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق و لابسين درع البر . و حاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة.و خذوا خوذة الخلاص و سيف الروح الذي هو كلمة الله.مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح و ساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لاجل جميع القديسين } أف 13:6-18. ان كلام الله هو سلاح انتصارنا على الشيطان وشهوات العالم والجسد . وحتى السيد المسيح فى حربه مع الشيطان استخدم قوة سلاح الكلمة الإلهية فى التجربة على الجبل ليعلمنا كيف ننتصر على حيل أبليس الذى يخدعنا بانصاف الأيات { اما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس و كان يقتاد بالروح في البرية . اربعين يوما يجرب من ابليس و لم ياكل شيئا في تلك الايام و لما تمت جاع اخيرا. و قال له ابليس ان كنت ابن الله فقل لهذا الحجر ان يصير خبزا. فاجابه يسوع قائلا مكتوب ان ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله. ثم اصعده ابليس الى جبل عال و اراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. و قال له ابليس لك اعطي هذا السلطان كله و مجدهن لانه الي قد دفع و انا اعطيه لمن اريد.فان سجدت امامي يكون لك الجميع . فاجابه يسوع وقال اذهب يا شيطان انه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد. ثم جاء به الى اورشليم و اقامه على جناح الهيكل و قال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا الى اسفل.لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك.وانهم على اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. فاجاب يسوع وقال له انه قيل لا تجرب الرب الهك} (لو 1:4-12).ان كلمة الله هي سر قوتنا ونصرتنا

{كتبت اليكم ايها الاحداث لانكم اقوياء و كلمة الله ثابتة فيكم و قد غلبتم الشرير }(1يو 2 : 14).



+ سر نجاحنا وأثمارنا وقوتنا ..



ان كلمة الله وثباتنا فيها وسيرنا فى الحياة على نورها تقودنا الى النجاح والأثمار وتهبنا الحكمة والنعمة { ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى و مسالكها الوصايا الازلية} (سيراخ 1 : 5) . { انما كن متشددا و تشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي امرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا و لا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب.لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا و ليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لانك حينئذ تصلح طريقك و حينئذ تفلح.اما امرتك تشدد و تشجع لا ترهب و لا ترتعب لان الرب الهك معك حيثما تذهب} يش 7:1-9. انها النور والمرشد والمعين { سراج لرجلي كلامك و نور لسبيلي }(مز 119 : 105).



+ يقودنا للتوبة ويحفظنا من السقوط ..

لقد شبه السيد المسيح له المجد من يسمع كلامه ويعمل به برجل بنى بيته على الصخر { فكل من يسمع اقوالي هذه و يعمل بها اشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر.فنزل المطر و جاءت الانهار و هبت الرياح و وقعت على ذلك البيت فلم يسقط لانه كان مؤسسا على الصخر.و كل من يسمع اقوالي هذه و لا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل.فنزل المطر و جاءت الانهار و هبت الرياح و صدمت ذلك البيت فسقط و كان سقوطه عظيما} مت 24:7-27. فنحن نسمع كلام الله ونعمل ونثمر به ليقودنا الى حياة التوبة والنمو والثبات فى الله { و لكن كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم }(يع 1 : 22) . وعندما يكون لدينا المحبة لله والسعي للعمل بكلمته فان كلام الله يهبنا الحرارة الروحية التي تحرق الخطايا وتلين القلوب القاسية وتحولها الى قلوب روحية تسمع وتعمل بالكلمة وتاتي بثمار كثيرة للملكوت{ اليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب و كمطرقة تحطم الصخر} أر29:23. ويوصينا القديس الانبا أنطونيوس بان نداوم على قراءة الأسفار المقدسة لتخلصنا من النجاسة
وكما يقول القديس اغسطينوس "الكتاب المقدس هو سيف الانتصار على فيض الخلاعه التى اوشكت ان تقضى على الاداب المسيحيه" أما القديس أثناسيوس الرسولي فيوصي ان تكون لنا الحياة الصالحة لنفهم ونعمل بالكتاب المقدس "ان دراسة الكتاب المقدس ومعرفتها معرفة حقيقية تتطلبان حياة صالحة، ونفساً طاهرة وحياة الفضيلة التي بالمسيح. وذلك لكي يستطيع الذهن – باسترشاده بها – أن يصل إلى ما يتمناه وأن يدرك بقدر استطاعه الطبيعة البشرية ما يختص بالله الكلمة" .



+ كلام الله وهدايتنا وارشادنا ..

ان كلمة الله تنير عقولنا من { فتح كلامك ينير يعقل الجهال} (مز 119 : 130)

فكما أن ذهن الطفل الصغير يكون ضيق ولا يستطيع إستيعاب إلا معلومات محدودة وبسيطة على قدر سنه هكذا نحن أيضا المؤمنين نحتاج إلى كلمة الله لتوسيع أذهاننا ومداركنا وتهبنا إستنارة روحية وتعمل علي نمونا الروحى فهى تنير عقلنا وتهبنا الحكمة وتعمل فى أذهاننا كما يعمل النور فى الحجرة المظلمة ، هكذا أيضا كلمة الله تبدأ فى إنارة أذهاننا وكما أن النور يلاشى الظلمة هكذا تلاشى كلمة الله جهلنا وفقرنا الروحى من اجل هذا يقول المرتل {سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى}(مز105:119).
وكلمة الله أيضا بها كنوز وعجائب كثيرة "اكشف عن عينى فأرى عجائب من شريعتك" (مز18:119) واذا نحفظها فى قلوبنا فانها توجه سلوكنا للخير وتمنعنا من الوقوع فى الخطية {خبات كلامك في قلبي لكيلا اخطئ اليك }(مز 119 : 11). ان الكتاب المقدس هو الكنز الروحى الذى منه ننهل وبه نعرف سعي الله لخلاصنا ويعلن لنا محبة الله المتجسدة لخلاص جنس البشر {فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية و هي التي تشهد لي } (يو 5 : 39). {فقال لهم من اجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السماوات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا و عتقاء }(مت 13 : 52).

إن فعل التفتيش هو البحث بإجتهاد. فلنفتش عن الكنوز المخفاة فى كلمة الله إذ لا يسعنا الإستغناء عنها ففى كلمة الله كنوز كثيرة كافية بأن تثرى وتغنى حياتنا كأفراد وكأبناء لله . ان كلمة الله تستطيع ان توجه حياتنا فى الطريق الصحيح فلابد لمن أراد الحصول على لآلىء الحق أن ينقب عنها كما ينقب عامل المنجم عن اللؤلؤ الثمين المخفى فى باطن الأرض ، وعلى قدر سعينا وأجتهادنا يعطى لنا ويذاد . ونحن نتعلم ونتتلمذ على ابائنا القديسين الذين كلمونا بكلمة الله {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). يقول القديس مار اسحق السريانى" ان قراءه الكتاب المقدس تنير العقل و تعلم النفس الحديث مع الله ". اما القديس القديس امبروسيوس فيوصينا بالاصغاء الي صوت الله فى الإنجيل " نخاطب الرب اذ نصلى و نصغى اليه اذ نقرأ الكتاب المقدس" .



سراج لرجلي كلامك ونوراً لسبيلى ..

+ أيها الرب ربنا سراجاً لرجلي كلامك . على هديه نسير وبه ترتوى نفوسنا وتشبع وتتقوى وتنهض أرواحنا . هو نورا لحياتنا وعفة لاجسادنا وطهارة واستناره لافكارنا . فهبنا يارب ان ننحى له فى خشوع ونقراءه فى أيمان ونعمل به فى ثقة لكى ما يثمر فينا ثمر الصلاح والبر والتقوى ويقودنا الى ان نصل الى مينا الخلاص .

+ الهى نحن نثق فى قوة كلامك وانه قادر ان يلين القلوب القاسية ويذيب البرودة الروحية التى يعانى منها الكثيرين منا . واهبا لنا بالروح القدس حرارة وقوة لنكون سامعين عاملين بالكلمة . ونصلى ليعمل فينا كلامك المقدس فلقد اشتهى انبياء وابرار كثيرين ان يسمعوا ما نحن نسمع فلم يسمعوا فلنستحق ان نسمع ونعمل بانجيلك المقدس كما يحق لابناء الله القديسين .
+ الهنا الصالح يا من قاد الكنيسة عبر العصور فكانت نوراُ للذين يسيرون فى الظلمة بكلامك المقدس ،انت الان يا سيدنا وفى كل زمان أحفظ كنيستك رعاة ورعية وثبتنا فيك أيهاالكرمةالحقيقية لكى ما نتنقى بفعل روحك القدوس ونأتي بثمر ويدوم ثمرنا ونوجد بلا لوم أمام منبر ابنك الوحيد يسوع المسيح ربنا ، ولا ندان من أجل تقصيرنا أو أهمالنا أو تكاسلنا عن الكرازة ببشارة إنجيلك المحيي . بل علمنا ان نقرأ ونتأمل ونعمل ونبشر بإنجيل خلاصنا منادين للجميع { قد كمل الزمان و اقترب ملكوت الله فتوبوا و امنوا بالانجيل} (مر 1 : 15). أمين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق