30‏/09‏/2011

- القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح " الأستنارة الروحية " - للأب القمص أفرايم الأورشليمى


الاستنارة الروحية وضرورتها ...
مفهموم الاستنارة الروحية .. يقصد بها ان يكون للانسان عيون روحية وبصيرة قادرة على تمييز ومعرفة الحقائق الروحية التى يكشفها روح الله للانسان المجاهد فى طريق الفضيلة . انها المعرفة التى تعطي بالنعمة الإلهية لكي تعلم وتعقل وتقوي المؤمن في حياة الجهاد والفضيلة لنكون ابناء لله { لذلك انا ايضا اذ قد سمعت بايمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين. لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا اياكم في صلواتي.كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته. مستنيرة عيون اذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين. وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته}أف 15:1-19. ان الاستنارة الروحية تتأتى للمؤمن بعمل الروح القدس فى المعمودية وينميها من خلال التوبة وشركة وعطية الروح القدس بالصلاة والجهاد والتواضع ليكون للانسان الوعى الداخلى والحكمة والتمييز ومعرفة الله وحكمته وحقيقة الاشياء وفهمها والشفافية الروحية لمعرفة ارادة الله وصوته والتصرف السليم نحو العالم الحاضر والأتي {لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين و لكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سر الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا. التي لم يعلمها احد من عظماء هذا الدهر لان لو عرفوا لما صلبوا رب المجد. بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله. التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلمها حكمة انسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات.ولكن الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لانه عنده جهالة ولا يقدر ان يعرفه لانه انما يحكم فيه روحيا. واما الروحي فيحكم في كل شيء وهو لا يحكم فيه من احد.لانه من عرف فكر الرب فيعلمه و اما نحن فلنا فكر المسيح} 1كو6:2-16.
إن أمور الله يمكن أن تعرف فقط بالعنصر الأسمى في الشخصية الإنسانية أى عن طريق الروح الذي يستنير بروح الله. لان الروح هى العنصر الأساسى في الإتصال بالله. ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله. وكما جاء فى الكتاب { ولكن الإنسان الطبيعى لا يقبل ما لروح الله لأن عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يحكم فيه روحياً }.ويقصد بالإنسان الطبيعى أى الذي لم يولد من جديد بنعمة الروح القدس، ولم يتجدد قلبياً وذهنياً فهو لا يتقبل هذه التعاليم التي يعلم بها روح الله، بل تبدو أمامه كما لو كانت غير منطقية وليس لديه القدرة على إدراكها، لأن مثل هذه التعاليم لا يمكن فهمها وفحصها والحكم فيها إلاّ روحياً أى بواسطة الإستنارة التي يعطيها الروح القدس والتي ليست موجودة عند ذلك الإنسان الطبيعى. إن الرسول بولس هنا يتكلم عن النفس كأداة للمعرفة البشرية في مقابل الروح كأداة للمعرفة الروحية. وعلى ذلك فالإنسان الذي يعتمد على إمكاناته الطبيعية فقط، هو إنسان طبيعى في مقابل الإنسان الروحى الذي تبلغ إليه المعرفة الإلهية.
ان امور الله تفوق ادراك الانسان ولهذا فاننا نحتاج لنعمة الروح القدس وحكمته للعيش على مستوى الروح فان كانت العين العادية ترى الاشياء الظاهرة لها فان العيم الداخلية ترى حقيقة جوهر الأشياء لذلك راينا تلمذي عمواس عندما ظهر لهم السيد المسيح بعد القيامة لم يعرفاه حتى فتح اذهانهم ليفهموا الكتب وعرفاه عند كسر الخبز{فقال لهما ايها الغبيان والبطيئا القلوب في الايمان بجميع ما تكلم به الانبياء. اما كان ينبغي ان المسيح يتالم بهذا ويدخل الى مجده. ثم ابتدا من موسى ومن جميع الانبياء يفسر لهما الامور المختصة به في جميع الكتب. ثم اقتربوا الى القرية التي كانا منطلقين اليها وهو تظاهر كانه منطلق الى مكان ابعد. فالزماه قائلين امكث معنا لانه نحو المساء وقد مال النهار فدخل ليمكث معهما. فلما اتكا معهما اخذ خبزا وبارك وكسر وناولهما. فانفتحت اعينهما وعرفاه ثم اختفى عنهما. فقال بعضهما لبعض الم يكن قلبنا ملتهبا فينا اذ كان يكلمنا في الطريق و يوضح لنا الكتب} لو 26:25-32.
بين نور البصر والبصيرة ... ذات مرة قالت الفيلسوفة العمياء ،الصماء،الخرساء (هلين كلير) :"يوجد شئ واحد أسوأ من العمي وهو إن يكون للأنسان عينان ولا يُيصر" . نعم يا أحبائي ان النظر لا يعادله شئ ، وعندما شفي الرب يسوع المسيح المولود أعمي خالقاً له عيون (يو9) تدرج الأعمي في المعرفة بالسيد المسيح قائلاً في الابتداء انه "أنسان" ثم قال في الحوار مع الذين ارادوا ان يصطادوه "انه نبي" وبعد ان هاجموا السيد المسيح قال لهم لو لم يكن هذا الانسان باراً لما كان يقدر ان يفعل هذه المعجزة فمنذ البدء لم نسمع ان أحد فتح عيون أعمي منذ ولادته ! بعد هذا قابله الرب وعرفه بذاته وقال له "أتؤمن بابن الله" قال له الأعمي من هو يا سيد لأؤمن به؟ أجابه الرب قد رايته وهو الذي يكلمك. قال له المولود أعمى : أؤمن ياسيد وسجد له، بعد هذا هاجم المتطرفين المولود أعمي وطردوه من المجمع فقال الرب { لدينونة اتيت انا الى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون. فسمع هذا الذين كانوا معه من الفريسيين وقالوا له العلنا نحن ايضا عميان. قال لهم يسوع لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية ولكن الان تقولون إننا نبصر فخطيتكم باقية} يو39:9-41 . نعم يا أحبائي هناك الكثيرين جدا عميان ولا يرون الحق هؤلاء يجب ان نصلي من أجلهم ونطلب لهم النور والهداية ،وهناك مقاوموا الحق عن عناد وأصرار ومن احبوا الظلمة أكثر من النور لان أعمالهم شريرة وهؤلاء مدعاة للرثاء والصلاة بلجاجة ليفتح الله عيونهم ليرجعوا من عالم الظلمة الي نور الأيمان والتوبة.
الولادة من فوق .. كمثال للاستنارة ومعرفة أمور اللة والسماء .. حديث السيد المسيح مع نيقوديموس وكان من أعضاء السنهدريم اعلى سلطة تشريعية وقضائية دينية فى ذلك الزمان عندما أتى للسيد المسيح ليلاً بسبب الخوف من اليهود ليسأله عن الدخول الى ملكوت الله {كان انسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس رئيس لليهود.هذا جاء الى يسوع ليلا وقال له يا معلم نعلم انك قد اتيت من الله معلما لان ليس احد يقدر ان يعمل هذه الايات التي انت تعمل ان لم يكن الله معه. اجاب يسوع وقال له الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله. قال له نيقوديموس كيف يمكن الانسان ان يولد وهو شيخ العله يقدر ان يدخل بطن امه ثانية ويولد. اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله. المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح. لا تتعجب اني قلت لك ينبغي ان تولدوا من فوق. الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من اين تاتي ولا الى اين تذهب هكذا كل من ولد من الروح . اجاب نيقوديموس وقال له كيف يمكن ان يكون هذا. اجاب يسوع و قال له انت معلم اسرائيل لست تعلم هذا. الحق الحق اقول لك اننا انما نتكلم بما نعلم ونشهد بما راينا ولستم تقبلون شهادتنا.ان كنت قلت لكم الارضيات ولستم تؤمنون فكيف تؤمنون ان قلت لكم السماويات} يو 1:3-12. كيف اذن للأنسان الارضى ان يفهم امور السماء اذا ان لم يستنير بروح الله القدوس ان كان يصعب عليه ان يفهم الامور الارضية . لهذا يجب علينا ان نأتى باتضاع قلب الى الله ونطلب اليه ان يعلمنا ويضئ أفهام عقولنا وقلوبنا وارواحنا لنفهم أمور الارض والسماء ويحق فينا قول المعلم الصالح { ولكن طوبى لعيونكم لانها تبصر ولاذانكم لانها تسمع. فاني الحق اقول لكم ان انبياء وابرارا كثيرين اشتهوا ان يروا ما انتم ترون ولم يروا وان يسمعوا ما انتم تسمعون ولم يسمعوا} مت16:13-17.
كيف ترى العالم حولك ... أننا نري العالم من خلال مرآة أنفسنا فاذا كانت سوداء او معتمة فلن نري شئ بوضوح ، وان كانت عيوننا بسيطة فجسدنا كله سيكون نيراً وان كانت عيون قلوبنا شريرة فكل حياتنا والناس حولنا لن نراهم علي حقيقتهم وهذا ما يفعلة المتعصب الذي يضع عصابة علي عيونه لكي لا يرى الا ما يعتقده . وهذا ايضا ما يفعله الانسان الشهوانى فان أفكاره تكون فى النجاسة والماديات والانسان محب المال ترى المال كل همه وينصبه له الهاً دون الله {لان محبة المال اصل لكل الشرور الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان وطعنوا انفسهم باوجاع كثيرة }(1تي 6 : 10). علي مثل هؤلاء بكي يسوع المسيح قديما {وفيما هو يقترب نظر الى المدينة و بكى عليها. قائلا انك لو علمت انت ايضا حتى في يومك هذا ما هو لسلامك ولكن الان قد اخفي عن عينيك. فانه ستاتي ايام ويحيط بك اعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة.ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرا على حجر لانك لم تعرفي زمان افتقادك }.لو 41:19-44.
السيد المسيح واهب الأستنارة
السيد المسيح يهب البصر والبصيرة لمن يريد .. صرخ أعمي اريحا للسيد المسيح طالباً ان يبصر {وجاءوا الى اريحا و فيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ ويقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك. فطرح رداءه وقام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر. فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} 46:10-52. لقد وهب السيد المسيح للأعمى البصر كما وهبه البصيرة اي استنارة الذهن والقلب والروح بنور الروح القدس. أى الحكمة الروحية . وكثيرون لهم عيون ولا تبصر ، ولا يفكرون فى عالم المجد والمستقبل الأبدى ، بل كل همهم النظر إلى الماديات والشهوات ، وقد أعمى الشيطان عيونهم وأضلهم عن طريق الحق ، من أجل هذا قال السيد المسيح عن الكتبة والفريسين فى تمسكهم بالحرف دون الروح { ثم دعا الجمع وقال لهم اسمعوا وافهموا. ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الانسان. حينئذ تقدم تلاميذه و قالوا له اتعلم ان الفريسيين لما سمعوا القول نفروا. فاجاب وقال كل غرس لم يغرسه ابي السماوي يقلع. اتركوهم هم عميان قادة عميان وان كان اعمى يقود اعمى يسقطان كلاهما في حفرة. فاجاب بطرس وقال له فسر لنا هذا المثل. فقال يسوع هل انتم ايضا حتى الان غير فاهمين.الا تفهمون بعد ان كل ما يدخل الفم يمضي الى الجوف ويندفع الى المخرج. واما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر وذاك ينجس الانسان. لان من القلب تخرج افكار شريرة قتل زنى فسق سرقة شهادة زور تجديف .هذه هي التي تنجس الانسان واما الاكل بايد غير مغسولة فلا ينجس الانسان} مت10:15-20. لهذا صلى داود النبي قديما قائلاً { اكشف عن عينى، فأرى عجائب من شريعتك } ( مز 119 : 18 ) . وكان القديس " ديديموس الضرير" فاقد البصر ، ولكن الله أعطاه استنارة الداخل، وشهد عنه القديس جيروم بأنه كان أعظم من كتب عن الروح القدس، وقد أمتدحه القديس أنطونيوس، وقال عنه ( إن الله أعطاه بصيرة روحية رأى بها نور اللاهوت ).ونحن يجب ان نصرخ طالبين من واهب البصر والبصيرة ان يهبنا أستنارة روحية . فكم نحن فى حاجة ماسة الى نور البصيرة لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله ، ونعرف كم نحن فى حاجة للألتصاق بالله والاستعداد للأبدية السعيدة. وفى الظروف الصعبة نحتاج ان نبصر بالإيمان ان الذين معنا أقوي وأكثر ممن هم علينا، نحتاج ان نبصر يد الله في الاحداث ونثق أنه ضابط الكل، نريد نشعر ونحس بحنان الله الابوى والأمان والايمان فيه. ونتبع الذى قال {انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة } يو 8 : 12 .
السيد المسيح يدعونا للنور ... جاء الربّ يسوع ليفتح عيوننا لكي نرجع من الظلمات إلى النور ومن سلطان الشيطان إلى الله . أع 26 : 28 .انه النور الهادئ الوديع الذي يكشف لنا الطريق وينير لنا الحياة ويشرق علينا بنور الإيمان كما تنبأ عنه ملاخى النبى قديما {ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها } ملا 4 : 2 . لقد قاد الله الشعب في القديم بعمود السحاب نهاراَ وعمود من النار ليلا،وهو لا يزال يهدي ويرشد وينير الذين يطلبونه. وهو الذي ينير أعين قلوبنا مانحا إيانا روح المعرفة والحكمة والفهم. وعندما جاء السيد المسيح الى ارضنا تحققت فينا نبؤة اشعياء النبى { الشعب الجالس في ظلمة ابصر نورا عظيما والجالسون في كورة الموت وظلاله اشرق عليهم نور} أش 6:42 ،مت16:4. انه يدعونا ان نؤمن به وان نسير في نوره، ونصير أبناء النور ونستيقظ من نوم وظلمة الخطية. ان الايمان به واتباع وصاياه يحقق فى النفس البشرية كلام الرب بفم أشعياء النبى { قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك ..لانه ها هي الظلمة تغطي الارض والظلام الدامس الامم اما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يرى } اش 60 : 1-2 .النور يدعونا ان نعرفه ونمشي معه وهو لا يريد إلا خيرينا .
المعمودية والاستنارة...إننا إذا اعتمدنا بالماء والروح نولد من فوق كأبناء الله بالتبني، وإذ يشرق علينا نور الإيمان نعطى استنارة داخلية . وننمو في معرفه ربنا يسوع المسيح وحقائق الإيمان المسيحي وسرّ التجسّد والفداء ونحيا أسرار الكنيسة ونجاهد برجاء منتظرين المجيء الثاني وقيامة الأموات وحياة الدهر الآتي . ويشير القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى، إلى المعرفة التي يهبها الروح القدس، فيقول {وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شئ} (1يو20:2)، ويقول أيضًا { وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد، بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شئ، وهى حق وليست كذبًا. كما علمتكم تثبتون فيه} (1يو 27:2). اطلب أذن من الله ان يعطيك البصيرة الروحية لتعرفه وتعبده بالروح والحق . اننا نتدرج في معرفة الله حسب نمونا الروحي ومقدرتنا على المعرفة والحبّ . وإلا فإننا لو نظرنا ما لا نستطيع احتماله لإصابتنا بالكبرياء ، والله يدعونا لننمو في النور والحياة معه، وهو يريد ان يأتي إلينا ويصنع عندنا منزلا فلا تتكاسل فى زمن الجهاد، بل لنطلب فنجد ، ونسأل فسيعطى لنا ، ونقرع فسيفتح لنا . آمنوا بالنور وسيروا معه وفيه وهو يقود خطواتكم ويمنحكم حياة أبدية . إن المؤمن وإن كان حائزًا على هذه النعم الروحية إلاّ أنه لايزال في صراع شديد مع الشيطان ، عدو الجنس البشرى (أف12:6) فلا يليق إذًا أن نتخاذل في هذا الجهاد بل أن نتكل على رحمة الله ونرجو رجاء مباركًا لممارسة أعمال الصلاح باستمرار وأن نضع على الدوام نصب عيوننا محبة الله وكل ما هو طاهر وجليل.
التوبة والنور... ترمز الظلمة إلى حياة الخطية ، التى يفعلها الأشرار بعيداً عن النور، لأنها مخجلة ، وتجلب العار لفاعلها ، وتحرمه من عالم النور لهذا فان رجوع الخاطئ إلى الله ينقله من الظلمة إلى نور الله العجيب، ولهذا جاء النور الى العالم ليفضح إعمال الظلمة. ومن اجل هذا دعي الرسل إلى التوبة {قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور } رو 13 : 12 . الإنسان الخاطئ يحيا في الظلام والذي يبغض أخاه يحيا في الظلمة {من قال انه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة . من يحب أخاه يثبت في النور وليست فيه عثرة }1 يو 2 : 9- 10 . فلا نخاف حتى وان حاولت قوات الظلمة ان تعثرنا ،ولنقم مجاهدين مع الله من اجل خلاص نفوسنا { لا تشمت بي يا عدوتي إذا سقطتُ أقوم ، إذا جلست في الظلمة فالربّ نور لي } أم 7 : 8 . لنحرص إذا على نقاوة حواسنا وفكرنا لا سيما عيوننا { فسراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيّراً،وان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً، فان كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون }مت 6 : 22- 23 . لنقل مع داود المرنّم {الرب نورى وخلاصي مما أخاف ، الربّ حصن حياتي ممّا ارتعب } مز 27 : 1 . ان مسيحنا هو نور العالم وشمس البر ، ونستمد منه النور ، كما أن كلمته المقدسة هى نور للنفس السالكة فى ظلمة العالم ، كما قال الكتاب { الوصية مصباح ، والشريعة نور }( أم 6 : 23 ) . ويرمز النور إلى السلوك فى الحياة المقدسة ، والقدوة الصالحة للناس : { أنتم نور العالم ، فليضئ نوركم قدام الناس ، لكى يروا أعمالكم الحسنة ، ويمجدوا أباكم الذى فى السماوات } ( مت 5 : 14 – 16 ) . ان الانسان الروحى بقيمه ومبادئه وبالمسيح الساكن فيه يضئ كنور فى العالم لمن حوله { كونوا بلا لوم وبسطاء أولاد الله بلا عيب ، فى وسط جيل مُعوج وملتو ، تضيئون بينهم كأنوار فى العالم } ( فى 2 : 15 ) .ونحن نطلب من الرب ، فى صلوات الساعات ( الأجبية ) ونقول كل يوم : أنر قلوبنا وأفهامنا ، أيها السيد الرب . فالحاجة ماسة إلى طلب الإستنارة الروحية للقلب والذهن ، من الروح القدس، ومن مداومة ممارسة كل وسائط النعمة والخلاص ، بناء على رجاء القديس بولس { مستنيرة عيون أذهانكم } ( أف 1 : 18 ) . فلنطلب من الرب من كل القلب، أن ينير عقولنا ويهبنا توبة مقبولة ، ويعطينا حكمة ونعمة دائمة ، وارتباط بكل وسائط الإستنارة الروحية ، والعملية ، ولنتعلم من كل الاباء القديسين ، التى أنارهم الروح القدس ، وأعطاهم نعمة وحكمة ، وخبرة ، لربح وخلاص النفوس، والسعى لربح السماء . ولا نركن إلى مشورة الأشرار ، أو لذوى أفكار عالمية ، مضادة لتعاليم الإنجيل ، ولا ننصت لخبرات أهل السوء ، لأنها ستقود الى الهلاك .
الروح القدس والاستنارة .. الروح القدس هو روح الله القدوس ، روح الحكمة والمعرفة والعلم، هو الذى يبكت الانسان على الخطية ليتوب عنها ويدفعه لعمل البر ويعلمنا كل شئ ويذكرنا بكلام السيد المسيح فى وقته المناسب ، انه يهبنا الصيرة الروحية التى بها نعرف ارادة الله التى بها نتصرف بحكمة من الله تجاه الناس والظروف والاحداث لنصير تحت سلطان الروح {واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم (يو 14 : 26). وكما قال القديس الانبا مقاريوس الكبير فى عظته السادسة والاربعين لابنائه الروحيين ويقول لنا ايضا ان من يلتصق بالرب يصير متحدا به ويستنير ويصير طاهرا بنعمة وعمل الروح القدس (إن الله محب البشر في حنانه نحو الإنسان، يفعل هكذا مع النفس التي تأتى إليه وتطلبه باشتياق. ولأنه يكون مدفوعاً بالمحبة، من ذاته، وبالصلاح الطبيعي الخاص به، إذ هو الكلى الصلاح، فإنه يلتصق بتلك النفس ويصير معها "روحاً واحداً" كما يقول الرسول (1كو17: 6).
النفس والرب يصيران روحاً واحداً: وحينما تلتصق النفس بالرب، ويعطف عليها الرب ويحبها ويأتى إليها ويلتصق بها، وتكون نية الإنسان وقصده أن يستمر بلا انقطاع أميناً لنعمة الرب، فإن الرب والنفس يصيران "روحاً واحداً" و‘حساساً واحداً وعقلاً واحداً، وبينما يكون جسدها مطروحاً على الأرض فإن العقل يكون بكليته في أورشليم السماوية مرتفعاً إلى السماء الثالثة، ويلتصق بالرب ويخدمه هناك.
وبينما يكون الله جالساً في عرش العظمة في الأعالى في المدينة السماوية، فهو يكون بكليته في شركة مع النفس وهى في الجسد الخاص بها. لقد وضع صورة النفس فوق في أورشليم، المدينة السماوية - مدينة القديسين، وفي نفس الوقت وضع صورته الخاصة أي صورة نوره الإلهى الفائق الوصف - في جسدها. وهو يخدمها في مدينة جسدها، بينما هي تخدمه في المدينة السماوية. لقد صارت وارثة له في السماء وصار هو وارثها على الأرض. فالرب يصير ميراثاً للنفس وتصير النفس ميراثاً للرب.
فإن كان قلب الخطاة الذين في الظلمة أو عقلهم يستطيع أن يمضى بعيداً عن الجسد ويستطيع أن يتجول في أمكنة بعيدة، وفي لحظة يسافر إلى أقطار بعيدة، وأحياناً بينما يكون الجسد مُلقى على الأرض، يكون العقل (سارحاً) في بلاد أخرى مع صديق يحبه، ويرى نفسه كأنه يعيش هناك معه، فأقول إن كانت نفس الخاطئ هكذا خفيفة ونشيطة حتى أن عقلها لا يحجزه بُعد المسافات، فكم بالأولى جداً تكون النفس التي نزع الرب عنها حجاب الظلمة بقوة الروح القدس وقد استنارت عيونها العقلية بالنور السماوي، وقد أُعتقت تماماً من شهوات الخزي، وصارت طاهرة بالنعمة، فإنها تخدم الرب كلّية في السماء بالروح، وتخدمه كلية في الجسد، وتتسع في أفكارها حسبما يريد لها الرب وحيثما يريد لها أن تخدمه. وهذا ما يقوله الرسول { لكي تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعلو والعمق، وتعرفوا محبة المسيح التي تفوق المعرفة، لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله} (أف19،18: 3). فتأمل في الأسرار الفائقة الوصف، التي لتلك النفس التي ينزع الرب عنها الظلمة المحيطة بها، ويكشف عن عينيها ويظهر لها ذاته أيضاً، وكيف يمد ويوسّع أفكار عقلها إلى الأعراض والأطوال والأعماق والارتفاعات التي في الخليقة المنظورة وغير المنظورة. فالنفس هي حقاً صنيع إلهى عظيم مملوء عجباً. وحين صنعها الرب، صنعها من طبيعة ليس فيها شر، بل صنعها على صورة فضائل الروح (القدس). ووضع فيها قوانين الفضائل والبصيرة، والمعرفة والفطنة، والإيمان، والمحبة والفضائل الأخرى بحسب صورة الروح.
وإلى الآن فإن الرب يمكن أن يأتي إليها ويكشف لها ذاته بالمعرفة والفطنة والمحبة والإيمان. وقد وضع فيها فهماً وملكات فكرية، ومشيئة وعقلاً مدبراً. وقد جعلها أيضاً لطيفة جداً وصيّرها خفيفة متحركة وغير خاضعة للتعب. ووهبها القدرة على المجيء والذهاب في لحظة، وأن تخدمه في أفكارها حيثما يشاء الروح. وبالإجمال فإنه خلقها لكي يصيّرها عروساً له وتدخل في شركة معه، لكيما يلتصق بها ويصير " روحاً واحداً" معها كما يقول الرسول { وأما من التصق بالرب فهو روح واحد} (1كو17: 6) الذي له المجد إلى الأبد أمين).
السير في النور .... اننا مدعوين ان نسلك فى نور الإيمان والقداسة والبر والتعفف لنكون ابناء النور {اسلكوا كأبناء النور} اف 5 : 8 . {وكونوا شاكرين الآب الذي أهلّنا لشركة ميراث القديسين فى النور} كو 1 : 12 . أنت كابن للنور مدعو لحياة القداسة والتعفّف ، ومدعو أن تكون نورا يضئ للذين في العالم لكن لنعلم ان النور الذي فينا ليس منا انه كنور القمر في الليل، يستمده من نور الشمس. وإذا ابتعدنا عن إلهنا ، شمس البر أصبحنا ظلمة لا نور فينا. وكلما اقتربنا من الِبرِّ ونور المسيح ازداد نورنا وبهائنا. لقد بقي موسى النبي مع لله في الجبل أربعين يوما مصليّاً وعندما رجع لم يستطع بنو إسرائيل ان يروا وجهه لأنه كان يشع نورا وأنت كذلك، عندما تجلس مع مصدر النور تستضئ بنوره ويشرق في قلبك وعقلك ويقود خطواتك، ويرى الآخرون أعمالك الحسنة ويمجّدوا أباك الذي في السموات. لكن يجب علينا ان نلاحظ أنفسنا ونحرص على خلاصنا الى النفس الاخير ولا نطفئ الروح او نفقد الاستنارة بخطايانا وتهاوننا كما هو مكتوب { لا تطفئوا الروح} (1تس19:5). فالروح نفسه لا يمكن أن ينطفئ بل هو نور دائم. ولكن إذا اهملنا خلاصنا، فبعدم توافقنا اوتعاوننا مع الروح فإننا ننطفئ ونفقد حرارة الروح . ولهذا يقول الكتاب أيضًا {لا تحزنوا الروح القدس الذي به ختمتم ليوم الفداء}(أف30:4).
الكتاب المُقدّس والنور...ان أردت ان تستنير وتقترب من فكر الله ادخل الى الكتاب المقدس في تواضع وحب، وقل أنر يا رب عينيّ قلبي وعقلي وأجلس في هدوء وأقراء كلمات الكتاب طالباً ارشاد روح الله وان صعب عليك شئياً في الفهم ابحث عن تفسيره في كتابات الأباء القديسين ،ان كلام الله نور { سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي} مز 119 : 105 .والوصية مصباح ،والشريعة نور، وعندما آتي الينا كلمة الله المتجسد اخفي هذا النور لكي نستطيع أن نقترب إليه . واستتر نور اللاهوت في الناسوت ليقترب الينا ونعرفه ونحبه { فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور أضاء في الظلمة والظلمة لم تدركه } يو 1 : 4 – 5 . وعندما أتمَّ الربّ الفداء قام بجسد نوراني ممجدًا صاعداً به للسماء كسابق لأجلنا . وطلب منا ان نحيا مفكرين فيما هو فوق فى السماء { ان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب } (كو 3 : 1).
أفتح عيني لأعاين .. يا ابن داود ارحمني أنا الأعمى . افتح عينيّ وبصيرتي لأعاين مجدك ، كن نورا في قلبي وشمسا لدربي ، واستنارة لبصيرتي وحكمة تهديني . ولا تتركني أو تدعني أسير في الظلام .
يا نور العالم والملكوت أسرع واعني . فقد خيم عليّ حزن عميق وقوات الجحيم لمسيرتي تعيق . ولا أرى في جهلي الا مشاقّ الطريق ، ومعها الضياع والهلاك . فتعال يا يسوع الحلو فأنر حياتي فانك لا تجعل ابنك يهلك بل بنورك عليه أشرق .
يا أبي السماوي الساكن في نور لا يدنى منه ونور لاهوتك نار آكلة للخطايا والأثام ، ونور حكمتك لا يمكن سبر أغوارها . ومحبتك للبشر تفوق العقول. نحبك يا أبانا القدوس ونعبدك في خشوع ، ونشكرك لعظيم رعايتك المعلنة لنا من خلال بهاء مجد ابنك الوحيد الذي أنار لنا وأعلن محبتك . نحن في شوق إلى معرفتك وقبولك والنمو في نورك فأهدنا بالروح القدس المحيّي المنبثق منك والواحد معك . العامل في الكون خالقا ومجددا ليعمل ويجدد طبيعتنا ، لنكون ابناًء مُكمَّلين بالفضائل. يا روح الله اعمل فينا وأنرْ عقولنا واروحنا وقلوبنا ، لنكون لك ونحيا في النور وبك نكون انوار تنير الطريق لكثيرين. فنحن نحتاج للاستنارة الروحية في مسيرة حياتنا علي الارض ووسط صعوبات الحياة وشرورها نحتاج لنورك ليضئ علينا لنكون نور ونسير في النور ونسكن اخيرا في الملكوت السماوي فى عالم النور .

28‏/09‏/2011

† القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح " التلمذة والتَعلُم " - للأب القمص أفرايم الأورشليمى


أهمية التلمذة والتعلم فى حياتنا

مفهموم التلمذة والتعلم فى المسيحية ... اننا نقصد بالتلمذة الالتزام الروحى والانضباط والاستعداد الدائم للتعلم المنتظم والمستمر من السيد المسيح وروحه وكتابه المقدس وذلك من خلال الملازمة والطاعة والخضوع الشخصى والتبعية مدى الحياة فى محبة وعمق وأمانة ومن ثم هى عملية تهدف الى خلق وتطوير المعارف والمهارات اللازمة للعمل الناجح وتنمية الانسان لكى ينمو روحيا ويخدم الاخرين ويقودهم فى الطريق الى الله والملكوت . لقد أدراك العالم المتقدم أهمية التعلم مدى الحياة وتوسعوا فيه ويسمونه LLL أى (lifelong learning) . والذى يعمل على استمرار بناء مهارات ومعارف الفرد طوال الحياة من خلال التجارب والتدريب والتدريس وذلك بدافع شخصى من المتعلم بغية الوصول الى التقدم وتنمية القدرات. وهذا ما قام به السيد المسيح منذ الفى عام مع الاباء الرسل الذين دعاهم له (تلاميذ). { ثم دعا تلاميذه الاثني عشر واعطاهم سلطانا على ارواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف} (مت 10 : 1). هؤلاء التلاميذ تعلموا وتتلمذوا للسيد المسيح حتى يوم صعوده الى السماء واوصاهم ان يقوموا بتلمذة المؤمنين من بعدهم { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين) مت 19:28-20 انهم يعلموا الآخرين لا لكي يكونوا تلاميذ لهم بل للسيد المسيح وروحه وتعاليمة وقيمه السامية ومحبته وهذا ما يجعل التقليد المسيحى حى بالتلمذة والخضوع لقيادة الروح القدس وتسلم الايمان بامانة من جيل الى جيل {وما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا} (2تي 2 : 2). ان التلمذة المسيحية تقوم على التعلم والانقياد للمعلم الصالح . من يعمل من الخدام على تلمذة اخرين له شخصياً قد يكون انحرف عن الصواب وفقد كل معانى ومضمون التلمذة المسيحية الحقة وكما قال القديس يوحنا المعمدان عندما اتوا اليه ليقولوا له ان السيد المسيح يعمد وصار له تلاميذ واتباع كثيرين { فجاءوا الى يوحنا وقالوا له يا معلم هوذا الذي كان معك في عبر الاردن الذي انت قد شهدت له هو يعمد والجميع ياتون اليه. اجاب يوحنا وقال لا يقدر انسان ان ياخذ شيئا ان لم يكن قد اعطي من السماء. انتم انفسكم تشهدون لي اني قلت لست انا المسيح بل اني مرسل امامه. من له العروس فهو العريس واما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحا من اجل صوت العريس اذا فرحي هذا قد كمل. ينبغي ان ذلك يزيد واني انا انقص} يو 26:3-30.

- الحاجة الى التلمذة والتعلُم .. نحن فى عصر يتسم بسرعة التقدم العلمى والمعرفي وسرعة تحديث المعلومات ، كما ان فروع المعرفة تتسع فى مختلف المجالات الروحية والعلمية والأدبية. ونحن فى المجال الروحي نحتاج للتلمذة والتعلُم من السيد المسيح والاباء الرسل والقديسين المعتبرين أعمدة فى الكنيسة وسيرتهم وكتاباتهم بما فيها من سلامة الايمان والحياة الروحية المقدسة . نحتاج الى العودة لجذورنا الروحية لأكتشاف الكنوز المخبأة فيها والتتلمذ عليها ، مع استخدام كل الوسائل الحديثة والتكنولوجيا التى ساعدت على ترجمة كتابات الاباء من القبطية واليونانية والسريانية واللاتينية الى اللغات الحية الحديثة لنعيش إيماننا ونفهمه مع متطلبات عصر العلم. ان المسيحية هى روح وحياة وهي تدعو للمحبة والقداسة والعمل من أجل حياة أفضل وليس مجرد نصوص جامدة { ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه }(كو 3 : 10). لقد أخذ قادة الكنيسة والحركة الرهبانية على عاتقهم منذ العصور الاولي عاتقها قيادة ركب التقدم والابداع والشهادة للحق وكانت الكنيسة حاضنة للعلم والابداع فى مختلف مجالات الحياة منذ العصور الاولي للمسيحية وهذا ما ينبغى للكنيسة العمل على متابعته بحكمة وتخطيط ومتابعة فى عالم اليوم ان ارادت الكنيسة ان تكون حاضرة ورائدة لقيادة ابنائها نحو مستقبل أفضل .

- ان الإنسان الذى لا يتطور ويواكب التقدم لابد ان يتأخر فى حياته ويفوته ركب الحضارة ، وان كانت العقائد شئ ثابتة على مر الزمان فاننا يجب ان نفهمها ونحياها وننمو فى المعرفة والعلاقة باللة لنصل الى ملء القامة والنعمة والحكمة . كما ان روح الله القدوس هو القادر ان يجدد طبيعتنا يوماً فيوم لنعمل ونبتكر ونتقدم فى كل المجالات { ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الارض} (مز 104 : 30). لقد تفرعت الكثير من العلوم فى اللاهوت والروحيات والطقوس والتاريخ الكنسي فى عالم اليوم أعتماداُ على الكتاب المقدس وكتابات الاباء وفهمنا لروحها مع ربطها بالعلوم الحديثة فالإيمان يدعو الى التفكير والبحث والتبصر ويجب علينا التلمذة على تعاليم الكتاب المقدس وعلومه. فى مجال اللأهوت اصبح هناك العديد من الدراسات ومنها اللاهوت النظرى والادبي والروحي والمقارن والطقسي والعقيدى والدستورى والدفاعي . ومن العلوم اللاهوتية تفرعت العديد من المجالات الدراسية منها علوم الكتاب المقدس ومناهج دراسته ، وعلوم الكرستولوجى والمريمولوجى وعلم الاباء والكنيسة وعلم الخلاص والملائكة والاخرويات وعلم النفس المسيحى وعلوم الادارة الكنسية وغيرها وعلينا أكليروس وشعب ان نفهم ونعيش إيماننا ونكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذى فينا.

+ سلامة وأستقامة الإيمان والتلمذة .. ومع أهمية التقدم الحاصل فى مختلف العلوم ،فاننا يجب ان نحتفظ باستقامة الإيمان وبسلامة العقيدة والأستمرار فى التلمذة والتعلم من كنوز إيماننا، وفكر الأباء وسير القديسين وهذه هى وصية وصلاة السيد المسيح للتلاميذ والمؤمنين للآب السماوى {كما ارسلتني الى العالم ارسلتهم انا الى العالم. ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق. ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد.انا فيهم وانت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني} يو 18:17-23. . وما أجمل الكنيسة المجتمعة حول تعاليم معلمها الصالح تتلمذ على كلامه الذى هو روح وحياة وكما تنبأ اشعياء وقال بالروح { وكل بنيك تلاميذ الرب وسلام بنيك كثيرا }(اش 54 : 13). فيجب ان يكون لدينا الرغبة المستمرة فى التلمذة والتعلم من الله وكتابه المقدس وروحة القدوس وتعاليم الاباء ، ومن مدرسة الطبيعة والحياة حتى لا ننساق بتعاليم غريبة { اما أنت فاثبت على ما تعلمت وايقنت، عارفاً ممن تعلمت } 2تى 14:3. يجب ان يكون لدينا الحكمة والأفراز فيما نقرأ ولا نتأثر بكل ريح تعليم غير سليم فى وقت يموج فيه العالم فى صراعات دينية وعقائدية وفلسفية وان نكون من الراى العام المثقف الذى لا يقبل كل ما يتلاقاه بل يميز الغث من الثمين ، بل ونكون قادة فكر ودعاه حق فالمسيحى المواظب على صلوات وقراءات وتعاليم الكنيسة والمنقاد بروح الله لابد ان يكون نوراً فى العالم وملحاً فى الأرض وسفيراً للسماء ، يستضئ الآخرين بتعاليمه فى تواضع ومحبة . وكلما اقتربنا من شمس البر نستنير وننير . نعم نحن قد نمر باوقات صعبة قال عنها القديس بولس الرسول { لانه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح ، بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكة مسامعهم ، فيصرفون مسامعهم عن الحق ، وينحرفون الى الخرافات } 2تى3:4-4. اما نحن ففى تواضع ابناء الله وفى حكمة أهل بيت الله نبنى أنفسنا على ايماننا الاقدس والمستقيم والمسلم لنا من الاباء القديسين بالدم والعرق والدموع { واما انتم ايها الاحباء فابنوا انفسكم على ايمانكم الاقدس مصلين في الروح القدس} (يه1 : 20).

التلمذة والتعلُم على المعلم الصالح ..

+ السيد المسيح أقنوم الحكمة الالهية .. السيد المسيح ، كلمة الله المتجسد من اجل خلاصنا هو أقنوم الحكمة الإلهية {المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم} (كو 2 : 3). { وبالاجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد (1تي 3 : 16) . نعم تجسد وتأنس من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم ولكن لاهوته لايحد كما لا نحد ارسال القنوات الفضائية فى جهاز التلفزيون وان كنا نجسمه ونراه يتحرك ويتكلم امامنا. وان كان الله قديما حل وتكلم مع موسى من خلال العليقة الملتهبة ناراً فلماذا يحار البعض تواضع الله وأتيانه الينا كبشر { والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} (يو1 : 14). لقد ذهب السيد المسيح الى الهيكل فى عمر الثانية عشر واخذ يحاور روساء الكهنة {وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسالهم. وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه واجوبته} لو 46:2-47.ولقد دعا قديما اليهود الذين قاوموه بعد شفاء الاعمي الى التعلم والتلمذة وتفتيش الكتب لانها تشهد له { والاب نفسه الذي ارسلني يشهد لي لم تسمعوا صوته قط ولا ابصرتم هيئته. وليست لكم كلمته ثابتة فيكم لان الذي ارسله هو لستم انتم تؤمنون به. فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية وهي التي تشهد لي. ولا تريدون ان تاتوا الي لتكون لكم حياة}يو 37:5-40. التلمذة على المسيح تقتضى منا ان يكون المعلم الصالح هو سيدنا ومعلمنا نتعلم منه { فقال يسوع لليهود الذين امنوا به انكم ان ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي} (يو 8 : 31). الثبات فى الله يجعلنا نتغذى من تعاليمه ونحولها الى حياة وسلوك ، ولقد اشار الكتاب المقدس على ذلك بطريقة روحية فى العهد القديم فالحيوانات الطاهرة التى سمح الله للإنسان ان ياكلها { كل بهيمة من البهائم تشق ظلفا وتقسمه ظلفين وتجتر فاياها تاكلون} (تث 14 : 6). والمعنى الروحى ان الأنسان الطاهر هو الذى يقراء كلمة الله ويتأمل فيها ويحولها الى حياة وسلوك وحتى الأسماك الطاهرة هى الاسماك التى بها زعانف وحراشيف اى انها تستطيع ان تسير باتزان وتوازن فى البحر ولديها الدرع والترس الذى يحميها من المخاطر الخارجية { وهذا تاكلونه من جميع ما في المياه كل ما له زعانف وحرشف في المياه في البحار وفي الانهار فاياه تاكلون }(لا11 : 9). الانسان الروحى هو الذى يسلك باعتدال ويملك الاجنحة الروحية التى تجعله يسير بافراز وتوازن فى حياته ويحتمى فى صخر الدهور الهنا الصالح ليكون له ترس ودرع وحماية غير متكل على ذراعه او عقله او حتى على معونة بنى البشر .

+السلوك فى وداعة وتواضع المعلم الصالح وصبره . { من قال انه ثابت فيه ينبغي انه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو ايضا (1يو 2 : 6). ان الانسان الروحى يتعلم من المعلم الصالح ومن الآخرين ومن السهل عليه فى تواضعه ان يقدم راى غيره على رايه متى راى صحته ومن اليسير عليه ان يقبل النصح والأرشاد . بل ويتعلم من الاحداث التى تمر به والانسان الوديع أنسان مطيع فى افراز لا يجادل ولا يغضب ويقبل النقد بصدر رحب ويعمل به متى كان للبنيان وهكذا راينا القديس بطرس المعتبر من أعمدة الكنيسة يقبل عتاب القديس بولس وتوبيخه فى مواجهه حركة التهود فى كنيسة أنطاكيا عندما وجده ملوماً (غل 11:2) .ثم نرى القديس بطرس يُظهر أحترامه وتقديره لرسائل القديس بولس الرسول . بل ان المعلم الصالح اذ اتى الينا على الارض {واذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب} (في 2 : 8). اننا اذ نتبع ونتتلمذ للرب يسوع المسيح علينا ان نحيا فى محبة لله ونحب بعضنا بعضاً {بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي، إن كان لكم حب بعضاً لبعض} يوحنا 35:13. فنحن أخوة فى جسد واحد نعمل على السير وراء الراعى الصالح كقطيع متحد به ، يجمع ولا يفرق ، يحب ولا يكره ، يعلن سمو تعاليم معلمه لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق ، نحتمل بعضنا بعض فى وحدانية الروح وطول الأناة . { واما من يبغض اخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم اين يمضي لان الظلمة اعمت عينيه} (1يو 2 : 11).

+حمل الصليب وتبعية المخلص .. ان تلمذتنا وتعلمنا من المعلم الصالح تقتضى منا حمل الصليب { ومن لا يحمل صليبه وياتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذا } (لو 14 : 27). الصليب يبدو للبعيدين عثرة أو جهالة أما لنا نحن المخلصين فهو قوة الله وحكمة الله ونجد فى حمل الصليب تعزية وفرحاً وسلاماً . ويعقب الصليب المجد والقيامة . لقد قبل تلاميذ السيد المسيح حمل الصليب وجالوا مبشرين به معلنين تبعيتهم للمصلوب من أجل خطايانا والقائم من أجل تبريرنا . فنالوا القيامة الممجدة والتكريم من المؤمنين فى كل الأجيال . ولنعلم اننا فى حمل الصليب نجد العزاء والقوة والنعمة فى ذاك الذى سار درب الآلام عنا وهو يدافع عنا ويقودنا فى كوكب نصرته . كما ان التلمذة للمعلم الصالح تحتاج الى التزام روحى بوصاياه وعدم العرج بين تبعية المخلص وشهوات العالم واباطيله فان الله فاحص القلوب والكلى ويريدنا ان نتبعه لا من اجل منفعة ما ولا منصب زائل ولا شهرة مرضية بل حباً واخلاصاً لمن أحبنا وطاعة لوصاياه { وفيما هم سائرون في الطريق قال له واحد يا سيد اتبعك اينما تمضي. فقال له يسوع للثعالب اوجرة ولطيور السماء اوكار واما ابن الانسان فليس له اين يسند راسه. وقال لاخر اتبعني فقال يا سيد ائذن لي ان امضي اولا وادفن ابي. فقال له يسوع دع الموتى يدفنون موتاهم واما انت فاذهب وناد بملكوت الله. وقال اخر ايضا اتبعك يا سيد و لكن ائذن لي اولا ان اودع الذين في بيتي. فقال له يسوع ليس احد يضع يده على المحراث وينظر الى الوراء يصلح لملكوت الله} لو57:9-62. ان من يتبع الله خوفاً فقط هم العبيد ومن يتبعه طمعاً فى الأجر هؤلاء اجراء يريدون الحصول على الأجرة أما الابناء فهم من يتبعونه لكونه ابيهم الصالح .

+أهتمام المعلم الصالح بتلاميذه وبنا ... اذ نتبع الرب يسوع ونكون له تلاميذ ويكون لنا رباً وسيداً ومعلماً وراعياً صالحا فانه يتكفل بنا ويتولى تعليمنا وارشادنا والدفاع عنا وينسبنا اليه فندعى مسيحيين نسبةً اليه . بل نكون أعضاء فى جسد المسيح كما الأغصان وثباتها فى الكرمة .عندما اتى جباة الجزية لبطرس ليأخذ من المعلم الجزية تولى الرب يسوع دفع الجزية عن نفسه وعن القديس بطرس { ولما جاءوا الى كفرناحوم تقدم الذين ياخذون الدرهمين الى بطرس وقالوا اما يوفي معلمكم الدرهمين. قال بلى فلما دخل البيت سبقه يسوع قائلا ماذا تظن يا سمعان ممن ياخذ ملوك الارض الجباية او الجزية امن بنيهم ام من الاجانب.قال له بطرس من الاجانب قال له يسوع فاذا البنون احرار. ولكن لئلا نعثرهم اذهب الى البحر والق صنارة والسمكة التي تطلع اولا خذها ومتى فتحت فاها تجد استارا فخذه واعطهم عني وعنك} مت 24:17-27. وبعد القيامة المجيدة وفى اضطهاد شاول للكنيسة ظهر الرب يسوع لشاول واعلن له ذاته فى الطريق لدمشق {وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس} أع 2:9-5 . نعم يسوع المسيح معلمنا الصالح وكل اساءة الى تلاميذه تعتبر موجهة اليه وهو قادر ان يحفظنا وكما قدم ذاته فداء عنا فنحن على استعداد لنقدم حياتنا من أجل ايماننا وثباتنا عليه .

+ لقد اهتم السيد المسيح بتلاميذه وتعليمهم عليه بطريقة المعايشة والسماع والمرافقة الدائمة وبعد ان ثقل شخصياتهم بالمعرفة الروحية العملية والأختبارية ، جعل منهم قادة يذهبوا بما لديهم من سلطان وقوة ليكرزوا أمام وجهه فى كل مدينة {وارسلهم ليكرزوا بملكوت الله ويشفوا المرضى }(لو 9 : 2) . {وبعد ذلك عين الرب سبعين اخرين ايضا وارسلهم اثنين اثنين امام وجهه الى كل مدينة وموضع حيث كان هو مزمعا ان ياتي} (لو 10 : 1) وقال لهم ان الحصاد كثير ويحتاج لخدام كثيرين {فقال لهم ان الحصاد كثير و لكن الفعلة قليلون فاطلبوا من رب الحصاد ان يرسل فعلة الى حصاده} (لو 10 : 2) . وبعد صعوده لم يتركهم بل قال لهم ها انا معكم كل الايام الي انقضاء الدهر فهو معنا وبروحه القدوس يقودنا ويرشدنا { يسوع المسيح هو هو امسا واليوم والى الابد }(عب 13 : 8). وهو يدعونا ان نتتلمذ عليه وعندما كان يكلم الجموع بامثال فقد كان يفسر لهم ما عثر عليهم على انفراد . وكان يصحيح لهم بعض المفاهيم المغلوطة لديهم فصحح لهم مفهموم الرئاسة والعظمة { فدعاهم يسوع وقال انتم تعلمون ان رؤساء الامم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم.فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما. ومن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا.كما ان ابن الانسان لم يات ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مت25:20-28. وارسلهم للخدمة فى وجوده معهم معطياً لهم وصاياه وكان يطمئن منهم على كرازتهم ويشجعهم ويعلمهم { فرجع السبعون بفرح قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رايت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء. ها انا اعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء. ولكن لا تفرحوا بهذا ان الارواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري ان اسماءكم كتبت في السماوات} لو17:10-20 . ان يسوع المسيح الهنا هو هو كائن بلاهوته معنا كل الأيام والى أنقضاء الدهر {ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين }(مت 28 : 20). وسيبقى الى انقضاء الدهر المعلم الصالح الأمين يقود تلاميذه ويطلب فعلة لحصاده وخدام أمناء يسعوا الى رد الضالين وخلاص الكثيرين والغيرة على مجد الله وملكوته . والدعوة موجهة لكل واحد منا ان نأتى بثمر ويدوم ثمرنا ويجب ان نتعلم من المعلم الصالح ومن القديسين الذين ساروا ورائه بكل قلوبهم وعملوا فى كرمه { لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا. ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله. فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا و تخوروا في نفوسكم} عب 1:12-3.



التعلم من الكتاب المقدس ..



+ اننا فى أمس الحاجة فى عالم اليوم الذى يموج بالافكار والاخبار الى كلمة الله القوية والفعالة التى تنقى وتقدس وترشد وتحيي الأنسان فى مسيرة حياته على الارض { انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به } يو2:15 . اننا نحتاج لكلمة الله لتنقى القلب والفكر والنفس من التلوث الفكرى والأعلامى الذى يحاصر الأنسان . نحتاج للتعلم من الأنجيل فعدم المعرفة بكلام ووصايا الله هلاك روحى يعاتب الله عليه شعبه { قد هلك شعبي من عدم المعرفة لانك انت رفضت المعرفة ارفضك انا } (هو 4 :6). من أجل هذا يدعونا السيد المسيح للتعلم منه والثبات فى كلامه { ان ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. بهذا يتمجد ابي ان تاتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي . كما احبني الاب كذلك احببتكم انا اثبتوا في محبتي.ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته. كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم و يكمل فرحكم } يو7:15-11.

+الكتاب المقدس يعرفنا ارادة الله لحياتنا وينير لنا طريقنا وينقينا من نجاسات العالم وأباطيله وهكذا يدعونا أشعياء النبي الأنجيلى للارتواء والشبع بكلام الله { ايها العطاش جميعا هلموا الى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا . لماذا تزنون فضة لغير خبز وتعبكم لغير شبع استمعوا لي استماعا وكلوا الطيب ولتتلذذ بالدسم انفسكم .اميلوا اذانكم وهلموا الي اسمعوا فتحيا انفسكم .اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب. ليترك الشرير طريقه ورجل الاثم افكاره وليتب الى الرب فيرحمه والى الهنا لانه يكثر الغفران. لان افكاري ليست افكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب. لانه كما علت السماوات عن الارض هكذا علت طرقي عن طرقكم وافكاري عن افكاركم. لانه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان الى هناك بل يرويان الارض ويجعلانها تلد وتنبت وتعطي زرعا للزارع و خبزا للاكل . هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي لا ترجع الي فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح فيما ارسلتها له} أش 1:55-3، 6-11. هكذا كما ان المطر يروى الأرض ويخرج الزرع فكلام الله لابد ان يعمل فى قلوبنا وحياتنا ويجعلنا نثمر ثمرا روحيا ونكون اشجار بر مزروعة على مجارى المياه ، تعطى ثمارها فى حينه وكل ما نصنعه فيه ننجح .

+ ان كلام الله روح وحياة { الكلام الذي اكلمكم به هو روح و حياة }(يو 6 : 63). كتبه اناس الله القديسين مسوقين بالروح وهو يعمل فينا بنعمة الروح القدس ليهبنا حياة ابديه . عندما نتعلم من الأنجيل ونتتلمذ عليه كما تسلمته الكنيسة منذ القديم وفسرته وعاشته وسلمته لنا فيقودنا الي الثبات في الايمان والخلاص {لان كلمة الله حية و فعالة و امضى من كل سيف ذي حدين و خارقة الى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة افكار القلب و نياته }(عب 4 : 12). فنحن فى حاجة ماسه للتعلم من المعلم الصالح والتتلمذ علي يديه والا سيكون كلام الله دينونة لنا فى اليوم الأخير { من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الاخير (يو 12 : 48).



ثمار وفوائد قراءة الكتاب المقدس فى حياتنا



+ الحاجة الى الواحد .. لقد عرف الكثيرين من الرجال والنساء أهمية التلمذه على كلمة الله وكان الكتاب المقدس صديق لهم، أمنوا به وتتلمذوا عليه وصار لهم الكنز الثمين الذي يتأملون فيه ويحولونه الى حياة وسلوك . كما قال المعلم الصالح عن مريم التى تركت أهتمامات العالم المزعجة للنفس للتعلم منه والتأمل فى كلامه { وفيما هم سائرون دخل قرية فقبلته امراة اسمها مرثا في بيتها. وكانت لهذه اخت تدعى مريم التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه.واما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة فوقفت وقالت يا رب اما تبالي بان اختي قد تركتني اخدم وحدي فقل لها ان تعينني. فاجاب يسوع وقال لها مرثا مرثا انت تهتمين و تضطربين لاجل امور كثيرة. ولكن الحاجة الى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها} لو 38:10-42. نعم يجب ان نقوم باعمالنا وواجباتنا بامانة واخلاص ولكن يجب ان لا نرتبك ونضطرب ونهتم كثيراً باهتمامات العالم الباطلة . نقدس أعمالنا بالصلاة مع التأمل فى كلمة الله واثقين من قدرة الكلمة الإلهية علي شفاء جهل ومرض نفوسنا وبعدها وأضطرابها لاجل أمور كثيرة { أرسل كلمته فشفاهم} (مز 107 :20). من اجل هذا رفض الرسل الاهتمام بخدمة الموائد واقاموا لها شمامسة أم هم فكانوا يواظبون على الصلاة وخدمة الكلمة {فدعا الاثنا عشر جمهور التلاميذ و قالوا لا يرضي ان نترك نحن كلمة الله و نخدم موائد. فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم و مملوين من الروح القدس و حكمة فنقيمهم على هذه الحاجة.واما نحن فنواظب على الصلاة و خدمة الكلمة} أع 2:6-5.



+ سلاح الغلبة والانتصار على حيل ابليس .. لقد كانت كلمة الله فى حياة رجال الله القديسين هي سلاح الغلبة والنصرة { من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق ولابسين درع البر. وحاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة.وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله.مصلين بكل صلاة و طلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لاجل جميع القديسين } أف 13:6-18. ان كلام الله هو سلاح انتصارنا على الشيطان وشهوات العالم والجسد . وحتى السيد المسيح فى حربه مع الشيطان استخدم قوة سلاح الكلمة الإلهية فى التجربة على الجبل ليعلمنا كيف ننتصر على حيل أبليس الذى يحاول ان يخدعنا بانصاف الإيات { اما يسوع فرجع من الاردن ممتلئا من الروح القدس وكان يقتاد بالروح في البرية . اربعين يوما يجرب من ابليس ولم ياكل شيئا في تلك الايام و لما تمت جاع اخيرا. وقال له ابليس ان كنت ابن الله فقل لهذا الحجر ان يصير خبزا. فاجابه يسوع قائلا مكتوب ان ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة من الله. ثم اصعده ابليس الى جبل عال واراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. وقال له ابليس لك اعطي هذا السلطان كله ومجدهن لانه الي قد دفع وانا اعطيه لمن اريد.فان سجدت امامي يكون لك الجميع . فاجابه يسوع وقال اذهب يا شيطان انه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد. ثم جاء به الى اورشليم و اقامه على جناح الهيكل و قال له ان كنت ابن الله فاطرح نفسك من هنا الى اسفل.لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك.وانهم على اياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. فاجاب يسوع وقال له انه قيل لا تجرب الرب الهك} (لو 1:4-12).

+الكتاب المقدس هو سر قوتنا ونصرتنا ونجاحنا.. {كتبت اليكم ايها الاحداث لانكم اقوياء و كلمة الله ثابتة فيكم و قد غلبتم الشرير }(1يو 2 : 14). ان كلمة الله وثباتنا فيها وسيرنا فى الحياة على نورها تقودنا الى النجاح والأثماروالقوة وتهبنا الحكمة والنعمة { ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى ومسالكها الوصايا الازلية} (سير 1 : 5) . { انما كن متشددا و تشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي امرك بها موسى عبدي لا تمل عنها يمينا ولا شمالا لكي تفلح حيثما تذهب.لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه لانك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح.اما امرتك تشدد وتشجع لا ترهب ولا ترتعب لان الرب الهك معك حيثما تذهب} يش 7:1-9. انها النور والمرشد والمعين { سراج لرجلي كلامك و نور لسبيلي }(مز 119 : 105).



+ الكتاب المقدس وبيتنا الروحي .. لقد شبه السيد المسيح له المجد من يسمع كلامه ويعمل به برجل بنى بيته على الصخربعكس الانسان الذى لا يسمع ولا يعمل فيبنى بيته على الرمل { فكل من يسمع اقوالي هذه و يعمل بها اشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر.فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط لانه كان مؤسسا على الصخر.و كل من يسمع اقوالي هذه و لا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل.فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيما} مت 24:7-27. فنحن نسمع كلام الله ونعمل ونثمر به ليقودنا الى حياة التوبة والنمو والثبات فى الله { ولكن كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم }(يع 1 : 22) . وعندما يكون لدينا المحبة لله والسعي للعمل بكلمته فان كلام الله يهبنا الحرارة الروحية التي تحرق الخطايا وتلين القلوب القاسية وتحولها الى قلوب روحية تسمع وتعمل بالكلمة وتاتي بثمار كثيرة للملكوت { اليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر} أر29:23. ويوصينا القديس الانبا أنطونيوس بان نداوم على قراءة الأسفار المقدسة لتخلصنا من النجاسة

وكما يقول القديس اغسطينوس (الكتاب المقدس هو سيف الانتصار على فيض الخلاعه التى اوشكت ان تقضى على الاداب المسيحيه) أما القديس أثناسيوس الرسولي فيوصي ان تكون لنا الحياة الصالحة لنفهم ونعمل بالكتاب المقدس (ان دراسة الكتاب المقدس ومعرفتها معرفة حقيقية تتطلبان حياة صالحة، ونفساً طاهرة وحياة الفضيلة التي بالمسيح. وذلك لكي يستطيع الذهن – باسترشاده بها – أن يصل إلى ما يتمناه وأن يدرك بقدر استطاعه الطبيعة البشرية ما يختص بالله الكلمة).



+ الكتاب المقدس وهدايتنا وارشادنا ..ان كلمة الله تنير عقولنا { فتح كلامك ينير يعقل الجهال} (مز 119 : 130). نحتاج إلى كلمة الله لتوسيع أذهاننا ومداركنا وتهبنا إستنارة روحية وتعمل علي نمونا الروحى فهى تنير عقلنا وتهبنا الحكمة وتعمل فى أذهاننا كما يعمل النور فى الحجرة المظلمة ، هكذا أيضا كلمة الله تبدأ فى إنارة أذهاننا وكما أن النور يلاشى الظلمة هكذا تلاشى كلمة الله جهلنا وفقرنا الروحى من اجل هذا يقول المرتل {سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى} (مز105:119).وكلام الله أيضا به كنوز وعجائب كثيرة {اكشف عن عينى فأرى عجائب من شريعتك} (مز18:119) واذا نحفظ كلام الله فى قلوبنا فانه يوجه سلوكنا للخير {خبات كلامك في قلبي لكيلا اخطئ اليك }(مز 119 : 11). ان الكتاب المقدس هو الكنز الروحى الذى منه ننهل وبه نعرف سعي الله لخلاصنا ويعلن لنا محبة الله المتجسدة لخلاص جنس البشر . عندما ننهل من الإنجيل نكتشف الكنوز المخبأة لنا فيه {فقال لهم من اجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السماوات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا وعتقاء }(مت 13 : 52). إن فعل التفتيش هو البحث بإجتهاد. فلنفتش عن الكنوز المخفاة فى كلمة الله إذ لا يسعنا الإستغناء عنها ففى كلمة الله كنوز كثيرة كافية بأن تثرى وتغنى حياتنا كأفراد وكأبناء لله . ان كلمة الله تستطيع ان توجه حياتنا فى الطريق الصحيح فلابد لمن أراد الحصول على لآلىء الحق أن ينقب عنها كما ينقب عامل المنجم عن اللؤلؤ الثمين المخفى فى باطن الأرض ، وعلى قدر سعينا وأجتهادنا يعطى لنا ويذاد . ونحن نتعلم ونتتلمذ على ابائنا القديسين الذين كلمونا بكلمة الله {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). يقول القديس مار اسحق السريانى (ان قراءة الكتاب المقدس تنير العقل و تعلم النفس الحديث مع الله ). اما القديس القديس امبروسيوس فيوصينا بالاصغاء الي صوت الله فى الإنجيل ( نخاطب الرب اذ نصلى و نصغى اليه اذ نقرأ الكتاب المقدس) .



التعلم من غيرنا والطبيعة والأحداث .. اننا فى التلمذة المسيحية نستمر فى التلمذة والتعلم حتى النفس الأخير . نتعلم من السيد المسيح ومن الكتاب المقدس ومن كتابات الاباء ومن غيرنا فى مختلف مجالات المعرفة والعلم بافراز وتمييز ، نتعلم من الطبيعة وهذا ما علمه لنا السيد المسيح { انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وابوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها. ومن منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة. ولماذا تهتمون باللباس تاملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل. ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان. فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم. فلا تهتموا للغد لان الغد يهتم بما لنفسه يكفي اليوم شره} مت 26:6-34. كما دعانا ان نتعلم من التاريخ والأحداث والظروف التى نراها { وكان حاضرا في ذلك الوقت قوم يخبرونه عن الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم. فاجاب يسوع وقال لهم اتظنون ان هؤلاء الجليليين كانوا خطاة اكثر من كل الجليليين لانهم كابدوا مثل هذا. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون .او اولئك الثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج في سلوام و قتلهم اتظنون ان هؤلاء كانوا مذنبين اكثر من جميع الناس الساكنين في اورشليم. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون} لو1:13-5.



25‏/09‏/2011

† القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح " الوداعة " - للأب القمص أفرايم الأورشليمى


مفهوم الوداعة وعلاماتها ..
+ الوداعة هي والهدوء والوقار واللطف والبعد عن العنف.. الوداعة هى دماثة فى الأخلاق والوقار والسكينة والحلم . الوداعة تعنى الاتزان فى التفكير والقول والعمل والالتزام بالهدوء فى مختلف الظروف العامة ومواجهة المشكلات بروح الحلم والبساطة والوقار والاخلاق . ان الوداعة هى اقتداء بالسيد المسيح الذى تميز بالوداعة والتواضع والوقار ودعانا ان نتعلم منه { احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم }(مت 11 : 29). الوداعة هي بعد عن الغضب او الكراهية تشبها بالمسيح الذي لا يخاصم ولا يصيح ولايسمع أحد في الشوارع صوته.+الوداعة ثمرة من ثمار الروح القدس .. الروح القدس هو روح الوداعة والحكمة والقداسة ومن ثمارة الوداعة بعكس السلوك حسب شهوات الجسد { واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة.عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله.واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان.وداعة تعفف} غلا 19:5-23 . عندما نحيا فى مخافة الله ومحبته ونسعى باجتهاد وصلاة ليعمل فينا فاننا نقتنى هذه الثمرة الطيبة التى بها بها نسمو ونربح من حولنا بالمحبة واللطف والهدوء. ومن خلال الوداعة والمسامحة يستطيع كل من يتعامل مع الإنسان أن يكتشف انه مسيحي، ليس بالاسم بل بالواقع العملي، لان المسيحية ليست ديانة تكتب في هوية الأحوال المدنية بل هي حياة يعيشها المؤمن الحقيقي، متسربلا بثوب العفة والطهارة واحتمال الآخرين .الوداعة هي سلاح قوي قادر أن يدخل القلوب ويغيرها لتكون رقيقة وممتزوجة بالطيبة أن الوداعة قوة خارقة قادرة أن تجعل من المرء حليما وحكيما، مع رؤسائه ومرؤوسيه . لا يتذمر ولا يقاوح اويجادل ولا يتذمر ولا يصاب بالكأبة أويواجه حتى الاساءة بالاساءة بل بالاحسان { لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير} (رو 12 : 21).
+ القساوة والكبرياء ونتائجهم السلبية.. اننا عندما ننظر حولنا ونرى النتائج المرة لقساوة القلب والغضب والعجرفة والكبرياء ندرك أهمية الوداعة . العنف لا يولد الا العنف ونحن لا نستطيع ان نطفئ نيران الكراهية بالكراهية بل بالحكمة والوداعة واحتمال نقائص الآخرين .ان القساوة تصنع مرضي نفسيين حاقدين على من حولهم مما يقود الى العنف وتفشى الجريمة وتبعد المحبة والسلام عن بيوتنا ومجتمعاتنا، والغضب ينتج عنه الخصام وعدم التفاهم. والكراهية والكبرياء تولد الخصومات والنزاعات والحروب. اننا قد صرنا نعانى من مجتمع تسود فيه ثقافة العنف الذى يفتقد فيه الانسان الى الأمن والامان وتسودة شريعة الغاب والبقاء للاقوي باللسان او الذراع او السلاح . اننا ان لم نواجه كحكماء هذه الظواهر المرضية بقوة الأخلاق والقانون والرفض الاجتماعى للعنف والكراهية والبلطجة سنجد انفسنا قد اصبحنا مجتمع بدائي متخلف ينحدر من هوة الى أخرى دون توقف اوعلاج .
+ الوداعة وترويض النفس والمكأفاة فى الارض والسماء .. لقد طوب السيد المسيح الوداعة { طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض} (مت 5 : 5) الكلمة اليونانيّة هنا المترجمة (ودعاء) إنّما تستخدم لوصف الحيوانات المستأنسة، وكأن السيّد يطوّب طبيعتنا التي كانت قبلاً شرسة، وقد خضعت لله مروّضها، فتحوّلت إلى ألفة وحسن عشرة فى علاقتها مع الذات والغير والله بعدما كانت عنيفة صارت مروضة ، قد رُوِّضت غرائزها ودوافعها. أمّا المكافأة فهي أن ترث الأرض فبعدما كان شرسًا ومقاومًا للروح صارحتى الجسد الترابى خادمًا للروح ملتهبًا بنار الروح القدس.ولئلا تُفهم الوداعة كحياة خنوع أو ضعف قدّم السيّد نفسه مثالاً للوداعة، بقوله: {تعلّموا منّي لأني وديع ومتواضع القلب}، ليس لأنه كان محتاجًا إلى ترويض، بل بوداعته الطبيعيّة غير المكتسبة يُروِّضنا. يهبنا حياته فينا فتحمل وداعته داخلنا. العالم يظن أن الشخص الوديع يفقد الكثير بسبب خبث الأشرار ومكائدهم، لهذا أكّد السيّد أن المكافأة هي (ميراث الأرض). وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: أن الأرض هنا تُفهم بالمعنى الحرفي، بينما يظن أن الوديع يفقد ماله، يعد المسيح عكس ذلك، إنه لا يحثّنا بالبركات العتيدة فحسب بل وبالبركات الحاضرة أيضًا. لكن ما يقوله لا يعني أنه يحدّد المكافأة في الأمور الحاضرة، وإنما يربطها بالعطايا الأخرى أيضًا. ففي حديثه عن الأمور الروحيّة لا يستبعد الأمور الخاصة بالحياة الزمنيّة.
+ الوداعة لا تعنى الخمول او عدم الشجاعة .. أن البعض قد يفهم الوداعة فهما خاطئاً وكأن الوديع يبقى بلا شخصية ولا فاعلية، وكأنه جثة هامدة خاملة لا تتحرك . ان هذا فهم خاطئ للوداعة يتنافى مع تعليم الكتاب ومع سير الانبياء والاباء وكما يقول قداسة البابا شنوده الثالث( الحقيقة ان الوداعة لا تتعارض مع الشهامة والشجاعة والنخوة والحزم. الوديع يعرف ان { لكل شيء زمان و لكل امر تحت السماوات وقت} جا1:3. المهم ان يعرف الوديع كيف يتصرف ومتى ؟). يجب ان نعرف اذاً متى نكون طيبين ولطفاء فى حكمة وعندما يدعو الموقف الى الشهامة والشجاعة والحزم والشهادة للحق لابد ان نكون شجعان فى شهامة وكرم . ان امتناعنا عن التحرك للدفاع عن المظلوم والايتام والضعفاء ليس وداعة بل ضعف فى الشخصية ورخاوة فى الطبع ولا مبالاة نحو من حولنا . الاخلاق الكريمة والروحانية الحقة لا تعني التمسك بفضيلة دون الاخري بل تعنى التكامل والحكمة بين الفضائل . ففضيلة الوداعة لا يجوز لها أن تعطل الفضائل الاخرى.
ابراهيم ابو الاباء كمثال .. تميز بالوداعة وطيبة القلب ومعها الشجاعة والشهامة .. رايناه وديع، طيبا مع الجميع ومع لوط ابن اخاه وكان هو العم الاكبر الذى اتى بلوط معه من اور العراق وكان يدعوه اخاه وعندما تخاصم رعاة لوط مع رعاة ابراهيم تكلم فى وداعة مع لوط لحل المشكلة بل جعل لوط يختار الافضل من الارض لانه كان عف النفس طيب القلب {ولوط السائر مع ابرام كان له ايضا غنم وبقر وخيام. ولم تحتملهما الارض ان يسكنا معا اذ كانت املاكهما كثيرة فلم يقدرا ان يسكنا معا. فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي ابرام ورعاة مواشي لوط وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الارض.فقال ابرام للوط لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبين رعاتي ورعاتك لاننا نحن اخوان.اليست كل الارض امامك اعتزل عني ان ذهبت شمالا فانا يمينا وان يمينا فانا شمالا } تك5:13-9. ولكن عندما قام جيش من شمال البلاد بالاغارة على سدوم وسبوا لوط ابن اخاه واسرته وذهبوا رايناه شجاعا شهما { فاتى من نجا واخبر ابرام العبراني وكان ساكنا عند بلوطات ممرا الاموري اخي اشكول واخي عانر وكانوا اصحاب عهد مع ابرام. فلما سمع ابرام ان اخاه سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم الى دان. وانقسم عليهم ليلا هو وعبيده فكسرهم وتبعهم الى حوبة التي عن شمال دمشق.واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطا اخاه ايضا واملاكه والنساء ايضا والشعب} تك 13:14-17. ان الرب عاقب عالى رئيس الكهنة قديماً لانه لم يكن حازما مع اولاده عندما سمع بخطاياهم البشعة ولم يردعهم {فقال صموئيل تكلم لان عبدك سامع. فقال الرب لصموئيل هوذا انا فاعل امرا في اسرائيل كل من سمع به تطن اذناه. في ذلك اليوم اقيم على عالي كل ما تكلمت به على بيته ابتدئ واكمل. وقد اخبرته باني اقضي على بيته الى الابد من اجل الشر الذي يعلم ان بنيه قد اوجبوا به اللعنة على انفسهم ولم يردعهم. ولذلك اقسمت لبيت عالي انه لا يكفر عن شر بيت عالي بذبيحة او بتقدمة الى الابد} 1صم 10:3-14.
+ الوداعة وفن التعامل مع الآخرين.. الوداعة تجعل الإنسان ناجحا فى علاقاته مع الآخرين ومحبوباً منهم فهو لا يميل الى العنف او الانتقاد بل يحترم الاخرين ويقدرهم ولا يقيم نفسه قاضيا على الغير او يتدخل فيما لا يعنيه وان طلبوا تدخله يُصلح الامور بهدوء ورقة دون ان يجرح مشاعر الغير. يجعل الاخرين يحترمون رأيه دون ان يفرضه عليهم ولا يغضب على الاخرين حتى لو صدرت منهم الفاظ جارحه بل يعالج الامور بحكمة . الشخص الوديع تراه باشا باسما، لا يعبس فى وجه الاخرين ويعلم ان وجهه ليس ملكه فهو لايراه الا فى المرآة لذلك تراه يرحب بابتسامة صادقة بالغير . واذ يعلم ان الكلام اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط ، فانه يقدم كلاما طيباً للخير من قلب محب للاخوة . الوديع يعرف ان القساوة والغضب ضعف وليس قوة فيعمل بالوداعة على ارضاء الغير {فيجب علينا نحن الاقوياء ان نحتمل اضعاف الضعفاء ولا نرضي انفسنا. فليرض كل واحد منا قريبه للخير لاجل البنيان. لان المسيح ايضا لم يرض نفسه بل كما هو مكتوب تعييرات معيريك وقعت علي. لان كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء. وليعطكم اله الصبر والتعزية ان تهتموا اهتماما واحدا فيما بينكم بحسب المسيح يسوع} رو 1:15-5.
+ صفات الشخص الوديع.. الشخص الوديع يتصف بالبشاشة والمحبة والهدوء فى الملامح والمشى والتصرفات والصمت الحكيم والتواضع امام الله والناس . يثق فى ثقة ببساطة فى وعود الله وانه صانع الخيرات الرحوم والقادر يخرجه من كل ضيقة وهو مسالم وهادئ متزن فى حله للمشكلات ومواجهته للتجارب والضيقات وفى تعامله مع الآخرين يتميز باللطف ودماثة الخلق ويتحمل ضعفات الضعفاء فى حكمة ودون ضجر اوتذمر ويتميز بسهولة التعامل معه بعكس الانسان القاسي او المتكبروالملتوي الخبيث .الوديع شخص قوى شجاع يضبط نفسه وانفعالته واقواله وتصرفاته حتى وسط الجو العاصف والخصام . الوداعة اذا فضيله حلوة نحتاج اليها فى حياتنا الشخصية والاسرية وفى مواجهة التحديات التى تواجهنا لنتجاوزها فى وداعة وحكمة وبساطه القديسين .

وداعة السيد المسيح وتعاليمه المقدسة
+ تكلمت النبؤات فى العهد القديم عن المسيح الوديع.. ومجئيه الى العالم وديع وهادى لكنه لا يكل او ينكسر حتى يضع الحق فى الارض {وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم.لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق.لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته} اش 1:42-4. لقد راي زكريا النبى دخوله الى اورشليم فى وداعة وتواضع {ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت اورشليم هوذا ملكك ياتي اليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن اتانْ} (زك 9 : 9).
وبهذه الوداعة { روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللماسورين بالاطلاق.لانادي بسنة مقبولة للرب وبيوم انتقام لالهنا لاعزي كل النائحين.لاجعل لنائحي صهيون لاعطيهم جمالا عوضا عن الرماد ودهن فرح عوضا عن النوح ورداء تسبيح عوضا عن الروح اليائسة فيدعون اشجار البر غرس الرب للتمجيد} اش 1:61-3. لهذا راينا السيد المسيح في بدء خدمته دخل الى مجمع الناصرة وقال لهم اليوم تم هذا المكتوب على مسامعكم {وجاء الى الناصرة حيث كان قد تربى ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرا. فدفع اليه سفر اشعياء النبي ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه.روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه.فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم. وكان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه} لو 16:4-22.
+ بالوداعة عمل وعلم .. كان يجول فى المدن والقرى وبين الحقول وفى الطرقات وفى المجامع والهيكل ، يعلم ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب ويمحو الذنب بالتعليم ويشبع الجموع ويشفق على الجموع وعلى كل رجل وامراة وطفل {و لما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها }(مت 9 : 36). وعندما بدء العظة على الجبل رايناه يطوب الودعاء والمساكين والمضطهدين {ولما راى الجموع صعد الى الجبل فلما جلس تقدم اليه تلاميذه . ففتح فاه وعلمهم قائلا. طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات. طوبى للحزانى لانهم يتعزون. طوبى للودعاء لانهم يرثون الارض. طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون. طوبى للرحماء لانهم يرحمون. طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله. طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون. طوبى للمطرودين من اجل البر لان لهم ملكوت السماوات. طوبى لكم اذا عيروكم و طردوكم و قالوا عليكم كل كلمة شريرة من اجلي كاذبين.افرحوا وتهللوا لان اجركم عظيم في السماوات فانهم هكذا طردوا الانبياء الذين قبلكم} مت 1:5-12. دعانا الى تعلم الوداعة والتواضع منه فنستريح {تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم.احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} مت 28:11-30.
+ وداعته فى التعامل مع الاطفال.. كان وديعا مع الأطفال محباً لهم يريد ان يشجعهم وينميهم ويجعلهم مثالاً لنا فى التواضع والوداعة والبساطة {فقدموا اليه الاطفال ايضا ليلمسهم فلما راهم التلاميذ انتهروهم. اما يسوع فدعاهم و قال دعوا الاولاد ياتون الي ولا تمنعوهم لان لمثل هؤلاء ملكوت الله. الحق اقول لكم من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله} لو 15:18-17. وعندما سالوه عن من هو الاعظم فى الملكوت قال لهم ان يتعلموا من الاطفال التواضع والوداعة والبساطة ومن وداعته قال لنا من يقبل الاطفال فكانه قبلني { في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو اعظم في ملكوت السماوات.فدعا يسوع اليه ولدا و اقامه في وسطهم. وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السماوات .ومن قبل ولدا واحدا مثل هذا باسمي فقد قبلني. ومن اعثر احد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر} مت 1:18-6.
+ كما رفع من شأن المرأة واحترمها .. ودافع عن الخطاة منهن محرراُ اياهم من قيود الخطية والظلم الإجتماعى فعندما امسك شيوخ اليهود بامرأة فى ذات الفعل تركوا الرجل وصبوا جام غضبهم على المرأة وارادوا ان يروا ما هو حكمه عليها، رايناه يدافع عنها ويحررها من ايديهم {وقدم اليه الكتبة والفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت . قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر. ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد. فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا} يو 3:8-11. ومع المرأة السامرية رايناه يرفع العداوة بين اليهود والسامريين وبين المراة والرجل ويخاطبها فى ود ويشجعها على التوبة ومعرفة وعبادة الله بالروح والحق.
+ وديعاً مع الخطاة والعشارين والمنبوذين .. كان فى حب يدافع عن الخطاة والعشارين ويقدم لهم المحبة والوداعة فاتحا لهم باب الرجاء والخلاص {لان ابن الانسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك. ماذا تظنون ان كان لانسان مئة خروف وضل واحد منها افلا يترك التسعة والتسعين على الجبال ويذهب يطلب الضال. وان اتفق ان يجده فالحق اقول لكم انه يفرح به اكثر من التسعة والتسعين التي لم تضل.هكذا ليست مشيئة امام ابيكم الذي في السماوات ان يهلك احد هؤلاء الصغار} مت 11:18-14.
كما رايناه يشفق علي المرضى بالبرص الذى كان يعتبر رمزا للنجاسة والنبذ من المجتمع { اذا ابرص قد جاء وسجد له قائلا يا سيد ان اردت تقدر ان تطهرني.فمد يسوع يده و لمسه قائلا اريد فاطهر وللوقت طهر برصه. فقال له يسوع انظر ان لا تقول لاحد بل اذهب ار نفسك للكاهن وقدم القربان الذي امر به موسى شهادة لهم} مت 2:8-4. ومع أعمى اريحا الذى كان يتسول على الطريق، راينا الجموع تزجر الاعمي ان يسكت لكن السيد المسيح يذهب اليه فى محبة ووداعة ويشفيه {وجاءوا الى اريحا و فيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي.فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ ويقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك.فطرح رداءه و قام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر .فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} مر 46:10-52.
+ وداعته مع مقاوميه واعدائه.. راينا السيد المسيح فى وداعته يعمل علي أقناع المقاومين له بحجته ومنطقه الرزين فى حكمة { ثم انصرف من هناك و جاء الى مجمعهم. واذا انسان يده يابسة فسالوه قائلين هل يحل الابراء في السبوت لكي يشتكوا عليه. فقال لهم اي انسان منكم يكون له خروف واحد فان سقط هذا في السبت في حفرة افما يمسكه ويقيمه. فالانسان كم هو افضل من الخروف اذا يحل فعل الخير في السبوت. ثم قال للانسان مد يدك فمدها فعادت صحيحة كالاخرى} مت 9:12-13.
رايناه يدافع عن تلاميذه عندما جاعوا فى السبت واخذوا يلتقطون السنابل ويفركوها بايديهم وياكلونها وكان هذا للفريسيين بمثابة كسراً لقدسية السبت {في ذلك الوقت ذهب يسوع في السبت بين الزروع فجاع تلاميذه و ابتداوا يقطفون سنابل وياكلون. فالفريسون لما نظروا قالوا له هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في السبت. فقال لهم اما قراتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه. كيف دخل بيت الله واكل خبز التقدمة الذي لم يحل اكله له ولا للذين معه بل للكهنة فقط. او ما قراتم في التوراة ان الكهنة في السبت في الهيكل يدنسون السبت وهم ابرياء.و لكن اقول لكم ان ههنا اعظم من الهيكل.فلو علمتم ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لما حكمتم على الابرياء. فان ابن الانسان هو رب السبت ايضا} مت 1:12-8.
وعندما اتهموه انه برئيس الشياطين يخرج الشياطين لم يغضب عليهم بل كان حزينا على غلاظة قلوبهم وناقشهم بالمنطق والحجة {ثم دخل ايضا الى المجمع و كان هناك رجل يده يابسة. فصاروا يراقبونه هل يشفيه في السبت لكي يشتكوا عليه.فقال للرجل الذي له اليد اليابسة قم في الوسط.ثم قال لهم هل يحل في السبت فعل الخير او فعل الشر تخليص نفس او قتل فسكتوا.فنظر حوله اليهم بغضب حزينا على غلاظة قلوبهم وقال للرجل مد يدك فمدها فعادت يده صحيحة كالاخرى. واما الكتبة الذين نزلوا من اورشليم فقالوا ان معه بعلزبول وانه برئيس الشياطين يخرج الشياطين.فدعاهم وقال لهم بامثال كيف يقدر شيطان ان يخرج شيطانا. وان انقسمت مملكة على ذاتها لا تقدر تلك المملكة ان تثبت. وان انقسم بيت على ذاته لا يقدر ذلك البيت ان يثبت. وان قام الشيطان على ذاته وانقسم لا يقدر ان يثبت بل يكون له انقضاء.لا يستطيع احد ان يدخل بيت قوي وينهب امتعته ان لم يربط القوي اولا وحينئذ ينهب بيته} مر1:3-5،22-27.
+ السيد المسيح يحذرنا من الغضب .. ان السيد المسيح يدعونا الى ان نتعلم منه التواضع والوداعة ويحذرنا من الغضب لخطورته { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم.واما انا فاقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه رقا يكون مستوجب المجمع و من قال يا احمق يكون مستوجب نار جهنم} مت 21:5-22. ان الغضب يفقدنا حلمنا ووداعتنا ويقودنا الى فقد أعصابنا وقد يتطور ويقود الى الكراهية والحقد والجريمة { الرجل الغضوب يهيج الخصام و الرجل السخوط كثير المعاصي} (ام 29 : 22). ومع الغضب تكثر الاخطاء والخطايا لهذا قال القديس يعقوب الرسول { لان غضب الانسان لا يصنع بر الله} (يع 1 : 20). وينبهنا الكتاب قائلا{ لا تسرع بروحك الى الغضب لان الغضب يستقر في حضن الجهال} (جا 7 : 9). من اجل هذا قال القديس اسحق السريانى : ( ان الذى يصوٌم فمه عن الغذاء ولا يصٌوم قلبه عن الغضب والحقد ولسانه عن الأباطيل فصومه باطل فصلاة الحقود كبذار وقعت على الصخر، فالحقود يستثمر فى صلاته ما يستثمره الزارع فى البحر من الحصاد).
+ الوداعة والحزم والشجاعة .. لم تكن وداعة السيد المسيح ضعفا او افتقاراً للشجاعة بل شجاعة وقف أمام رؤساء الكهنة ومجمع السندريهم وامام هيرودس وبيلاطس معترفاً الاعتراف الحسن {في ذلك اليوم تقدم بعض الفريسيين قائلين له اخرج واذهب من ههنا لان هيرودس يريد ان يقتلك. فقال لهم امضوا وقولوا لهذا الثعلب ها انا اخرج شياطين واشفي اليوم وغدا وفي اليوم الثالث اكمل. بل ينبغي ان اسير اليوم وغدا وما يليه لانه لا يمكن ان يهلك نبي خارجا عن اورشليم. يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا.هوذا بيتكم يترك لكم خرابا والحق اقول لكم انكم لا ترونني حتى ياتي وقت تقولون فيه مبارك الاتي باسم الرب} لو 31:13-35. ورايناه قبل الصلب فى شجاعة وغيرة روحيه يطهر الهيكل من الباعة والصيارفة الذين حولوا بيت الصلاة الى مغارة لصوص {وجاءوا الى اورشليم ولما دخل يسوع الهيكل ابتدا يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام.ولم يدع احدا يجتاز الهيكل بمتاع.وكان يعلم قائلا لهم اليس مكتوبا بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الامم وانتم جعلتموه مغارة لصوص.وسمع الكتبة ورؤساء الكهنة فطلبوا كيف يهلكونه لانهم خافوه اذ بهت الجمع كله من تعليمه} مر15:11-18. وعلى الصليب كان كحمل يرفع خطايا البشرية لم يكن ضعيفا بل راينا وديعا يطلب من الآب السماوى المغفرة لصالبيه {فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون } (لو 23 : 34).
+ الرسل القديسين وحياتهم وتعليمهم بوداعة.. سار الاباء الرسل على نهج معلمهم الصالح بوداعة ودعوا اليها فها هوذا القديس بطرس يوصينا بالوداعة واللطف والكلام الحسن حتى مع مبغضينا {والنهاية كونوا جميعا متحدي الراي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء.غير مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة. لان من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه ان تتكلما بالمكر. ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد في اثره.لان عيني الرب على الابرار واذنيه الى طلبتهم ولكن وجه الرب ضد فاعلي الشر.فمن يؤذيكم ان كنتم متمثلين بالخير. ولكن وان تالمتم من اجل البر فطوباكم واما خوفهم فلا تخافوه و لا تضطربوا.بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف.ولكم ضمير صالح لكي يكون الذين يشتمون سيرتكم الصالحة في المسيح يخزون في ما يفترون عليكم كفاعلي شر.لان تالمكم ان شاءت مشيئة الله وانتم صانعون خيرا افضل منه وانتم صانعون شرا} 1بط 8:3-17.
وعلى ذات الدرب عمل وعلم القديس بولس الرسول { فاطلب اليكم انا الاسير في الرب ان تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها.بكل تواضع ووداعة وبطول اناة محتملين بعضكم بعضا في المحبة. مجتهدين ان تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام.جسد واحد وروح واحد كما دعيتم ايضا في رجاء دعوتكم الواحد.رب واحد ايمان واحد معمودية واحدة} اف 1:4-5. فكمختاري الله القديسين يكون لنا أحشاء رافات ووداعة. هكذا علينا ان نسير فى طريق الفضيلة والتقوى لنمسك بالحياة الابدية التى اليها دعينا {هذا واتبع البر والتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة. جاهد جهاد الايمان الحسن وامسك بالحياة الابدية التي اليها دعيت ايضا واعترفت الاعتراف الحسن امام شهود كثيرين} 1تيم 11:6-12.
كيف نقتنى الوداعة ...
+ السيد المسيح قدوتنا.. نحتاج ان نجعل السيد المسيح قدوة لنا فى وداعته وتواضعه واحتماله وصبره { لانكم لهذا دعيتم فان المسيح ايضا تالم لاجلنا تاركا لنا مثالا لكي تتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر.الذي اذ شتم لم يكن يشتم عوضا و اذ تالم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن يقضي بعدل.الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر الذي بجلدته شفيتم.لانكم كنتم كخراف ضالة لكنكم رجعتم الان الى راعي نفوسكم واسقفها} 1بط 21:2-25 . اننا يجب ان نفكر فى مختلف مواقف الحياة بماذا كان يرد او كيف كان يتصرف السيد المسيح لو كان مكاننا؟ { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي} (غل 2 : 20). بهذا نغلب العالم ونقتنى الوداعة والحكمة { لانه من عرف فكر الرب فيعلمه و اما نحن فلنا فكر المسيح }(1كو 2 : 16).
+ اللطف والبعد عن القسوة ... اننا نحتاج الى الوداعة والرقة والبشاشة والشفقة والترفق بالآخرين والبعد عن الخشونة والقسوة والتعامل الإنسانى الذى يتسم باحترام الأخر وقبوله والتعاون مع الغير فى حل المشكلات {كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين} (أف 2:4) . فهذه هى وصية الكتاب المقدس لنا { فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين احشاء رافات ولطفا وتواضعا ووداعة وطول اناة} (كو 3 : 12). علينا ان نسعى لاكتشاف النقاط المشتركة والبيضاء فى كلام وتصرفات وسلوك الاخرين ونبنى علينا ونعمل على كسب قلوبهم ونشجعهم على السلوك الحسن فنحن حين نريد ان نجنى العسل لا يجب علينا ابداً ان نحطم خلية النحل بل يجب علينا ان نغذى النحل ونزرع له الورود حتى وان تعرضنا للسعاته فى بعض الاحيان . فاننا لا ننكر ان الوديع قد يعانى من الظواهر السلبية حوله ولكن يحتمل الآخرين كمرضى فى حاجة الى علاج وليس كعدوى نبتعد عنها بسلبية وبغضة تذيد من تفاقم المرض.
+ التواضع ولوم النفس.. الانسان المتواضع لا يغضب من أحد ولا يغضب أحد ، تراه يلقى بالملامة على نفسه . وان أخطأ اليه أحد يسامحه ويقول فى داخل نفسه انى استحق ذلك بسبب خطاياى فيجد نعمة فى عين الله والناس { كذلك ايها الاحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعا خاضعين بعضكم لبعض وتسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه.ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم.واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الابدي في المسيح يسوع بعدما تالمتم يسيرا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم} 1بط 5:5-10. اننا سنقف أمام الديان العادل لنعطى حسابا عن أفكارنا وأقوالنا وأعمالنا من اجل هذا نحرص ان لا نذيد أثقالنا بالكبرياء والغضب بل بالمحبة نستر كثرة من الخطايا ونستثمر ربح جزيل فى مسامحة المخطئين الينا{ فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي }(مت 6 : 14).
+ الجواب اللين فى حكمة .. يجب ان نحرص على هدوء أعصابنا وافكارنا واذا ما واجهنا انسان غاضب علينا او على من حولنا نعمل على تهدئته بالكلام اللين { الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط (ام 15 : 1) . وان لم نستطيع فلنبتعد عن مصادقة الغضوبين او نبعد عنهم وقت غضبهم ان أمكن {لا تستصحب غضوبا ومع رجل ساخط لا تجئ }(ام 22 : 24). قد نحتاج الى الحكمة فى الرد فمع البعض يكون الصمت علاج ومع الاخرين يكون شرح الأمور وتفسيرها العلاج الناجع ومع البعض يكون أخذ الامور بهدوء والرد بفكاهة او ابتسامة او اعتذار هو الذى يلطف الجو ويهدئ المشاعر .
+ تذكر نتائج عدم الوداعة والغضب... يجب علينا ان نتذكر فى ساعات الغضب ، النتائج السيئة التي تترتب عليه ونضبط ذواتنا. نحن فى غضبنا نقول كلاما صعباً نندم عليه وليس من السهل علاجه واصلاحه وقد يتطور الغضب الى ما هو اسوء من خصام وأيذاء واعتداء على الغير وعلينا وتحطيم وأفساد للعلاقات . كما ان الغضب هزيمة للانسان الروحى وأنتصار لشيطان الغضب ويجلب الامراض ويفقدنا أبديتنا . لكن ليس معنى هذا ان نهرب من التعامل فى انطواء بل نهدء ونعمل على نقاوة قلوبنا وفى اوقات الهدوء نعاتب الاخرين فى محبة ووداعة وأعتذار على الاخطاء سواء منا او من الغير فنحن نهدف الى نمو المحبة وحسن المعشر وتقوية الروابط الاخوية فى حكمة ونمو فى حياة الفضيلة والبر.
الوداعة من أقوال مار افرام السرياني
مغبوط بالحقيقة مغبوط الإنسان الحاوي الوداعة لأن الرب المخلص القدوس يضمن له الارض والسماء قائلاً : مغبوطون الودعاء فإنهم يرثون ملكوت السموات، ويرثون الأرض. فماذا يكون أعظم من هذا التطويب ؟ ماذا يكون أعلى من هذا الوعد ؟ ماذا يكون أبْهى من هذا السرور ؟ أن يرث إنسان أرض الفردوس. فلذلك يا أخوتي إذ قد سمعتم فضل سمو هذا الوعد وجسامة وقدر ثروته فبادرا أن تقتنوا الوداعة ، وسارعوا إلى بَهاء الفضيلة إذ قد سمعتم شرفها فتخشعوا واحرصوا بكافة قوتكم أن ترثوا هذه الأرض لئلا نبكي بكاءً مراً متندمين حيث لا ينفع الندم ، إذ قد سمعتم تطويب الوداعة فبادروا إليها، أسمعتم ما قال عنها إشعياء النبي الصادق بالروح القدس: إلى من أنظر قال الرب إلا إلى الوديع الهادئ المرتعد من أقوالي. أترى لا يجب أن نتعجب من هذا الوعد، لأنه ماذا يكون أشرف من هذه الكرامة ؟ فاحذروا يا أخوتي أن يسقط أحدكم من هذا التطويب ومن الفرح والابتهاج الذي لا يحصى، أتضرع إليكم أن تبادروا متسارعين لتقتنوا الوداعة . فإن الوديع تزين بكل عمل صالح. الوديع إن سُبَ فرح، إن حزن شكر، يُسَكن غيظ الساخطين بالمحبة، يلبث متأدباً هادئاً في الخصومة، يبتهج في الأسهار، يفرح بالتواضع، لا يستعلي ذهنه بتقويماته، لا يتحير، يستعمل السكوت لدى الكل، يتعبد في كل طاعة، مستعد لكل عمل نجيب، في كل شئ ممدوح من الجماعة، خالٍ من الرياء.