حق الحياة والتحديات المعاصرة ...
- ونحن نواجه موجات الأوبئة والامراض التي تواجه بلادنا من مرض فيرس الكبد الوبائي الذى يتوحش على ابناء مصرنا الغالية الى الفشل الكلوي وامراض السرطان الى الفقر والبطالة والغلاء، فاننا نعانى بشده من وباء الكراهية القاتل وهو أشد فتكاً وأقسى ضرراً من كل الامراض والاوبئة لانه يهدد المجتمع بالخراب والدمار بل يقود إلي الفتن التي تاتي على الأخضر واليابس. ويرجع بنا الى عصور التخلف والجهل، ذلك الوباء الذي يجب ان يتصدى له كل عاقل وحكيم بل وعلى كل إنسان ان يحمى نفسه وأهله منه انه وهو وباء الكراهية القاتلة للنفس والمهلكة للروح والمدمرة للجسد.
- ان الكراهية تهدد فى مقتل العيش المشترك بين ابناء الوطن الواحد، الذى نريد ان يتوطد وينمو. الكراهية تؤذى صاحبها وتوجه طاقاته للهدم بدلا من البناء وعندما لا يضبطها تقوده للحقد والحاق الأذى بنفسه وسمعته ومستقبله وبالأخرين وعندما تتطور الكراهية لتصل الى القتل تحول القاتل الى مجرم قاتل وتحرمه من الحياة الكريمة والحياة الابدية، وبدلا من يكون صاحب قضية يدافع عنها بالمنطق والعقل يتحول الى متهم مطلوب للقضاء والعدالة الارضية والعدالة الإلهية.
- الكراهية وباء يدمر صاحبه ويؤذى الأخرين ويعوق تقدم المجتمع وتتطور نتائجه من عدم قبول الأخر الى تشويه سمعته وهو القتل الأدبي وتنمو فى الحاق الأذى بالأخرين ومحاربتهم فى معيشتهم وممتلكاتهم وابنائهم وأمنهم ومستقبلهم. ويتطور القتل من قتل فرد الى حروب مدمرة والى الابادة الجماعية او التمييز العنصري البغيض على أسس دينية او عرقية او ايديولوجية او قبلية الامر الذى يهدد بقاء المجتمعات الانسانية ويوسمها بالعار والتخلف والجهل.
- أن حق الإنسان فى الحياة من أسمى الحقوق التي لا يحق لاحد ان يسلبها منه واي نظام سياسى يجب ان يحافظ على سلامة مواطنيه وأمنهم وتأمين حياة كريمة لهم ومقاومة كل اشكال الكراهية والتمييز. ان قضايا التمييز والقتل على أسس ديني أو عرقي او مذهبي او سياسي هي جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي المحلى والدولي وهى قضايا لا تسقط بالتقادم. وتعرض أي نظام حاكم للمسئولية القانونية امام المحاكم الدولية ، ان دم هابيل البار وللأن امام الله والتاريخ يصرخ من الأرض شاهدا على ظلم الإنسان لأخيه ، وكل دم بار يطالب به الله ولن ينجو مجرم من عدالة السماء.
اسباب الكراهية ومعالجتها ...
- أننا لابد ان نتساءل أمام موجات الكراهية والعداء وامام ما تتعرض له كنيستنا القبطية من إرهاب أدى الى استشهاد بعض من الشباب فى الخصوص واصابة الكثيرين وقبلها مرورا بحوادث فى الاسكندرية حتى احداث الجيزة وبنى سويف وصولا الى كوم امبو باسوان. وصولا الى الهجوم البربري على المشيعين لجنازات شهداء الخصوص فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية فى ظل تفرج رجال الامن، ثم استمرار الهجوم على الكاتدرائية كرمز مسيحى ومعلم حضارى وبيت للصلاة لله و ما يتعرض له المسيحيين فى مصر من تمييز وإضطهاد وصمة فى جبين كل مواطن شريف المسلم قبل المسيحي ولابد من العمل معا لذوى الضمائر الصالح من المثقفين ورجال السياسة والدين للتقريب بين ابناء الوطن الواحد والسعي لاجتثاث وباء الكراهية فى النفوس والتوعية لاهمية العيش المشترك بينا والبحث عن أسباب الكراهية والفرقة والانقسام وعلاجها . يجب على الجميع ان يفهم أهمية وقيمة قبول الآخر سوء من نفس الدين او المذهب او العرق أو الراي السياسي او المختلف عنه حتى تنهض بلادنا وتتقدم وان تحل المشكلات فى اطار سيادة القانون وبالعدل وليس بالمحاباة والبلطجة واستخدام السلاح فان الوطن فى مهب الريح ويجب ان تقف السلطة الحاكمة بحزم أمام مظاهر الفوضى والبلطجة والظلم ان ارادت ان تبقى وان تنهض بمصر للامام.
- أن المسيحيين فى مصر خاصة والشرق عامة هم عنصر أصيل من مركب الشرق الحضاري وتاريخهم الطويل منذ فجر المسيحية ثم مشاركاتهم فى بناء حضارة الشرق قبل الإسلام وبعده ووطنيتهم الصادقة وتبنيهم لقضايا أوطانهم لم تكن محل شك فى يوم من الأيام. كما ان المحافظة على التنوع الديني والثراء الفكري والتواجد المسيحي العربي فى المشرق كمعلم حضاري وكحق أصيل ومستقبل مشترك هو مسئولية تقع علينا جميعا كما انها واجب على أخوتنا فى الأوطان من المسلمين قبل أن تكون مسئولية النظم السياسية الحاكمة وأجهزتها وهى مسئولية أمام الله والوطن والتاريخ والعالم .
- اننا فى بحثنا عن الأسباب لابد ان نقف بحزم أمام كل يحض على الكراهية للمختلف دينيا او فكريا سواء فى منهاج التعليم المدرسي او الديني وفى وسائل الأعلام والاجهزة المختلفة والحرص على الوحدة الوطنية والمساواة والعدل والمحبة بين ابناء الوطن الواحد. يجب ان يجرم القانون وبحزم كل اشكال الحض على الكراهية والقتل وان يطبق بنزاهة وأمانة وعلى كل فى موقعه مدعو لمحاربة الفكر الأرهابى المحرض على تكفير وقتل الأخر وأظهار ما فى الدين من عدل وتسامح وقبول ومساواة . ويجب ان يلتزم الاعلام بمختلف وسائلة بالامانة والمسئولية امام القانون والضمير بالعمل على بث روح التسامح والعيش المشترك .
- أننا كمسيحيين كنا وسنظل نحب الله ونتمسك بايماننا وأوطاننا ونلتزم بمحبة أخوتنا فى الوطن كدعوة صادقة لكتابنا المقدس وتعاليم مخلصنا الصالح التي تعلم بمحبة القريب كالنفس وتمتد حتى الى تشمل محبة الأعداء والمسيئين، ونحن دائما لدينا القلب المنفتح والمحب لاخوتنا المسلمين فى الوطن عمل بقول السيد المسيح له المجد { سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم. لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين. لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل} مت 43:5-48
- أننا نثمن أصوات الكثيرين من العقلاء الرافضين لحوادث الاعتداء والبلطجة من أبناء أوطاننا المسلمين، ونطالب بالوقوف والعمل معاً من أجل حاضر بلادنا ومستقبلها ضد كل أعمال الكراهية والعنف والقتل ومعالجة آثارها النفسية حرصا منا على توفير حياة أمنه كريمة للجميع. اننا مسلمين ومسيحيين نسير فى قارب واحد وقد عشنا معاً اربعة عشر قرنا نقطف الورد معا ونجرح من الشوك معاً ولنا تاريخ وحاضر مشترك وسنبقى معاً الى قيام الساعة فلنتعاون من أجل بناء مستقبل وسمعة أوطاننا، ولنقاوم معاً الجهل والفقر والمرض والإرهاب والكراهية ومعا نبنى مستقبل سعيد لأبنائنا .
- أننا نعزى أسر وذوى الشهداء ونصلى من أجل الجرحى والمصابين طالبين لهم الشفاء والنعمة والصبر، نصلى من أجل النفوس يعتصرها الحزن والأسى نتيجة هذه الحوادث الإرهابية ونقول لهم {الرب يهدي قلوبكم الى محبة الله والى صبر المسيح } (2تس 3 : 5) أن جرائم الكراهية والتحريض على القتل مرفوضة تماما منا ومن كل هو أمين لدينه ووطنه ولن تقابل منا الا بالرفض ومعه المحبة كعلاج لوباء الكراهية والصلاة من أجل المسيئين عملاً واقتداء برئيس أيماننا ومكمله الذى صلى من أجل المغفرة لصالبيه قائلا { يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون} (لو 23 : 34).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق