تعزية وتغذية روحية (3)
أنا هو لا تخافوا
(مر 6 : 50)
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
وسط بحر الحياة وهياجه... كان تلاميذ السيد المسيح يواجهون الأمواج فى بحيرة طبرية تتقاذف سفينتهم الرياح العاتية والأمواج القاسية ليلاً واذ بهم ينظروا السيد المسيح قادماً اليهم ويأمر الريح ان تسكت والبحر ان يهدأ(مت 24:14-34).الى ان جاء وأمر الريح والموج ان يسكتا وقال لهم { ثقوا انا هو لا تخافوا} (مر 6 : 50) فتعجب التلاميذ جدا ودخل معهم الى السفينة لتصل الى الميناء بسلام. وقد يسمح الله لرياح التجارب ان تلاطم سفينة حياتك وتظن ان الله عنك بعيد لا يستطيع ان يسكت الأمواج. لكن علينا أن نثق أنه سياتي فى الوقت المناسب ويهدئ الامواج ويسكت الرياح وبالإيمان تصل السفينة الى بر النجاة.
ما احوجنا فى هذه الايام الى دخول الله الى سفينة حياتنا والثقة فى شدة قوته وفى حفظه وعنايته، ان الرب يوكد لنا إهتمامه بنا بل وعنايته حتى بالعصفور الصغير، فلماذا نخاف ونحن أفضل من عصافير كثيرة { اليست خمسة عصافير تباع بفلسين وواحد منها ليس منسيا امام الله.بل شعور رؤوسكم ايضا جميعها محصاة فلا تخافوا انتم افضل من عصافير كثيرة.}( لو6:12-7 ). فليس نفوسنا وحياتنا ومستقبلها فقط معروف لدى لله ويتمتع بعنايته بل وحتى شعور رؤوسنا محصى لديه. فالذي على دراية دائمة بعدد شعور رؤوسنا ولا تسقط شعرة منا الا باذنه!. هل يغيب عنه حفظ حياتنا طوال أيام غربتنا على الأرض؟. وهل لا يقدر ان يحفظنا وهو ضابط الكل مدبر الكون القدير؟ فلماذا اذا الخوف من المستقبل او الناس الاشرار او من حمل الصليب او المجهول؟. علينا أن نثق فى الهنا الصالح الذى لا ينعس ولا ينام. ان الثقة فى الله نتعلمها ونختبرها من خلال وعود الله الامينة ومن صفاته المقدسة ومن تعاملات الله مع شعبه. يجب أن نتذكر إحسانات الله معنا في الماضي ونثق انه قادر أن يخلصنا من ضيقاتنا الأن وغدا ونتكل عليه مما يهبنا السلام والهدوء ويجعلنا نحيا الرجاء المسيحي فى الهنا القادر على كل شئ .
الإيمان وثماره فى حياتنا.. الإيمان الحقيقي بالله يثمر فى حياتنا مانحا ايانا حياة الطمانينة وعدم الخوف. الايمان بالله ضابط الكل وبعنايته وحسن رعايته وصدق وعوده { فان الجبال تزول والاكام تتزعزع اما احساني فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب} (اش 54: 10). حتى ان واجهنا ضيقات يجب ان نواجهها بثقة فى غلبة الله على الشيطان وكل حيله الشريرة ونحن لا ننظر ونتطلع الى الضيقات بل نصلى ونطلب من الله ان يحل بسلامه فى قلوبنا وبيوتنا وكنيستنا وبلادنا وان يهبنا سلامه الحقيقي. وكل الضيقات ستنتهى بل وحتى حياتنا ستنتهى فيا ليتها تنتهى من اجل عمل صالح، علينا ان نتعلم من التجارب ونصلى فى عمق ونلتصق باله الصبر والرجاء ونرى بالإيمان يد الله فى الاحداث ونثق ان كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله، المدعوين حسب قصده. نعم قد نواجه متاعب وتجارب لكن نثق ان الله هو المنتصر والغالب {قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33). لقد وعدنا بالنصرة على الشر { واله السلام سيسحق الشيطان تحت ارجلكم سريعا نعمة ربنا يسوع المسيح معكم امين} (رو16 : 20). فلا نأخذ سلامنا من الظروف المحيطة ولا من الإتكال على مال ولا جمال ولا وظيفة ولا سلطه بل من الله بل من الله الذى يعطي السلام وعدم الخوف وسط أصعب الظروف كما فعل مع الفتية فى أتون النار.
حياة التوبة وعدم الخوف.. اذ نحيا حياة التوبة والاستعداد فلا نخاف حتى من الموت، لان الانسان الشرير او الخاطئ لا يستطيع ان يحيا فى سلام لانه يحيا الخوف والقلق وعدم السلام حتى بدون اعداء حوله فالشر يفقد السلام ويجلب الخوف { الشرير يهرب ولا طارد اما الصديقون فكشبل ثبيت} (ام 28 : 1). الله يتكلم بالسلام لشعبه وقديسيه وللراجعين اليه بكل قلوبهم { لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة ورجاء. فتدعونني وتذهبون وتصلون الي فاسمع لكم. وتطلبونني فتجدونني اذ تطلبونني بكل قلبكم} (ار 11:29-13). لنثق اذا فى الله ملك السلام القادر ان يهبنا سلامه الكامل { وليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس} (رو 15 : 13). نسعى فى صنع السلام ونصلى ونعمل من أجله {فلنعكف اذا على ما هو للسلام وما هو للبنيان بعضنا لبعض } (رو 14 : 19).
أنواع الخوف وعلاجها ...
إن كان الله معنا فمن علينا. صحبة الرب لنا وحضوره الدائم فى عالمنا ووجودنا الدائم في حضرته هو الضمان الأكيد لزوال الخوف. يجب أن نتكل عليه {على الله توكلت فلا أخاف} (مز4:56). ولقد إختبر داود النبي ذلك حين قال {إلهنا ملجأنا وقوتنا، ومعيننا في شدائدنا التي أصابتنا جدا. لذلك لا نخشى إذا تزحزحت الأرض، وإنقلبت الجبال إلى قلب البحار} (مز 2،1:46).
+ الخوف من الناس... فهناك نوعيات مختلفة من الناس، بعضهم صالح وبعضهم عدواني او شرير وقد أمرنا الرب أن نحب الجميع {أحبوا أعدءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم} (مت44:5). وهو قادر ان يحفظنا من مؤامرات الاشرار ويرد عنا ظلمهم {إن أرضت الرب طرق إنسان، جعل أعداءه أيضاً يُسالِمونه} (أم 7:16). قد يخاف البعض من بعض الرؤساء الظالمين في العمل، ولكن يجب علينا الشهادة للحق مهما حدث. وها هو الرب يهمس في آذاننا {الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون}(خر14:14). {من يؤذيكم إن كنتم متمثلين بالخير؟ ولكن وإن تألمتم من أجل البر فطوباكم. أما خوفهم فلا تخافوه ولا تضطربوا} (1بط 14،13:3). فلا تخافوا الأقوياء والرؤساء اوالمعاندين،. فتهديدهم ووعيدهم دينونة لهم وطوبى للمضطهدين من أجل البر لان لهم ملكوت السموات
+ الخوف من حمل الصليب.. حمل الصليب هو بركة وواجب على كل مؤمن بالمسيح يسوع ربنا والصليب يعني المضايقات والمشاكل والامراض والإضهادات، وقد وعدنا الرب انه سيكون معنا كل الأيام {إن نيري هيِّن وحِملي خفيف} (مت30:11). الله قادر ان يعطي التعزية وسط الضيق { لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضاً} (2كو 5:1). { مبارك الرب أبو ربنا يسوع المسيح الذي يعزينا في كل ضيقتنا} (2كو4،3:1). لقد حمل الكثيرين صليبهم بفرح ووجدوا فيه التعزية والفرح والرجاء فالوجه الاول للصليب سواء فى المرض او الحاجة او الاضطهاد هو الآلم والوجه الأخر هو المجد والقيامة والتعزية والرجاء والفرح.
+ الخوف علي المستقبل .. عندما نرى ثورات البشر او الطبيعة او الحروب او الكوارث حولنا نرفع عقولنا وقلوبنا لله ونصلى اليه ان ينجى العالم من المخاطر والاهوال والضيقات وان يحفظ الله أتقيائه من ساعة التجارب التى تحل على العالم كله. نتذكر من إنتهر الرياح (مت26،25:8)، {فإذا سمعتم بحروب وبأخبار حروف فلا ترتاعوا لأنها لابد أن تكون} (مر7:13). ولاتقلقوا من أجل المستقبل { لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون. ولا لأجسادكم بما تلبسون. أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس..؟ فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس؟ فان هذه كلها تطلبها الأمم. لأن أباكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها. لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تُزاد لكم. فلا تهتموا للغد. لأن الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره} (مت25:6-34). { كنت فتى وقد شخت، ولم أر صدِّيقاً تُخُلِّيَ عنه، ولا ذرية له تلتمس خبزاً} (مز25:37).
+ الخوف من أخطاء الماضي.. البعض منا يخشى من أخطاء ماضيه ومطاردتها له ولكن نحن نثق فى الله غافر الخطايا الذى اذ نتوب اليه يغفر خطايانا ويطرحها فى بحر النسيان ويعلمنا ان نغفر وننسى وهو أب صالح وليس ضابط بوليس او قاضى ظالم { ولكني أفعل شيئا واحداً؛ إذ أنا أنسى ما هو وراء، وأمتد إلى ما هو قدام}(فى 13:3). نحن نتوب ونعرف ارادة الله الصالحة والكاملة ونعملها {إن إعترفنا بخطايانا، فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم} (1 يو9:1). ثقوا فى الله الذى غفر للص والمرأة الخاطئة وقبل اليه توبة داود النبي ونكران بطرس وشك توما وتوبة أغسطينوس ومريم المصرية وهو يقول لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم أتى لادعو ابرار بل خطاة الى التوبة .
+ الخوف من المجهول .. يخاف البعض من الغد وما يحمله لهم من مخاطر ويقلقوا وما علينا الا ان نحيا يومنا بسلام وثقة فى الله ونعمل ما يجب علينا القيام به، وندع الغد لمن يهمه مستقبلنا وفى يده حياتنا وهو لا يسمح ابداً بتجربة ً تفوق قدرتنا على الإحتمال وعندما يسمح بتجربة يعطى معها المخرج. فالله يعرف ويرى كل شيء، وهو الذي سيبدد مخاوفك من المجهول ومن كل تغيير يطرأ في حياتك الإجتماعية والوظيفية.
+ الخوف من حروبه الشيطان .. البعض يخشى الحروب الروحية والسقوط لكن يجب ان نعلم ان الرب الذى انتصر على الشيطان وكل قواته أعطانا السلطان ايضا ويهبنا النصرة ومادمنا نحيا حياة التواضع ونطلب العون من رب السماء فهو يهبنا الحكمة والقوة والنعمة لنقوم وننتصر {واله السلام سيسحق الشيطان تحت ارجلكم سريعا نعمة ربنا يسوع المسيح معكم امين} (رو 16 : 20). {فاخضعوا لله قاوموا ابليس فيهرب منكم} (يع 4 : 7)
لاخوف مع المحبة.. عندما تواجه سفينة حياتنا المخاطر والأمواج أو يهيج علينا العدو نتطلع اليك يا كلى الحكمة ودائم الوجود وضابط كل الاشياء لكي ما تأتى وتملك وتقود السفينة ومن فيها لتصل الى بر النجاة . ان وعودك الصادقة وحفظك الدائم وعنايتك ورعايتك المستمرة عبر التاريخ تهبنا ثقة فيك وإيمان فى قوتك وكما كنت مع دانيال النبي فى جب الأسود وحفظت الفتية فى أتون النار انت يارب قادر تحفظ ابنائك من سهام إبليس المتقدة نارا ومن مؤامرات الاشرار . فلا خوف مع المحبة لان محبتك لنا تطرد الخوف خارجا. نعلم جيدا عظيم محبتك لنا كآب صالح ونبادلك المحبة ونسير فى هدى تعاليمك ونصلى من أجل المسيئين الينا والذين يضطهدوننا، لكي تحررهم من الكراهية والظلم
والشر، ونصلى اليك يا الله من أجل بلادنا وعالمنا لتنعم علينا بالسلام وتهب الحكمة للكل حكام ومحكومين، رعاه ورعية، وتهدى ارجلنا وحياتنا الى طرق السلام، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق