التحرر من القيود..
ان الانسان المخلوق على صورة الله ومثاله يشتاق الى التحرر من قيود الشيطان والخطية ومن الاستعباد للمادة والشهوات والذات والاشياء . وان كان البعض قد ارتضى لنفسه ان يحيا فى العبودية باشكالها المختلفة الا ان ذوى الهمم والنفوس الكبيرة التى تسعى الى الكمال فانهم يسعون دوما الى التحرر من كل القيود حتى من قيد الجسد المادى ونحن نعلم ان {الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا} (يو 4 : 24). ونحن نصلى ونطلب من الله ان يحررنا من كل القيود ويجب ان نجاهد ونعمل لكى نحيا فى حرية مجد ابناء الله ..
الصياد والعابد فى الصحراء .. خرج أحد الصيادين يوماً لصيد بعض الحيوانات البرية وبعد أن توغل في الصحراء اخد يطارد غزالا برياً حتى وصل الى مغارة سمع منها صوتاً خافتاً ولما أقترب منها أدرك أنها تراتيل تنبعث من المغارة التى يعيش فيها عابد في قلب الصحراء ولما دنا منه وحياه وجده شيخاً جاثياً على ركبتيه وقد أصبح قاب قوسين من الموت .
عرض الصياد على الراهب المسن المريض أن يترك المغارة وينزل معه إلى المدينة حتى يهتم به ويعالج أمراضه رفض الشيخ شاكراً، ونظر إليه الشيخ قائلاً أنظر يا حبيبى أنه لم يبقى بينى وبين السماء والهى سوى هذا الجسد وأشار إلى جسده وقال {أن نقضى بيت ضيقنا الأرضى فلنا في السموات بناء من الله بيت مصنع بيد أبدى}(2 كو 5 : 1). استغرب الصياد فقال له الشيخ : يا ابنى الكتاب يقول { لأننا مادمنا مستوطنين في الجسد فنحن متغربون عن الرب لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان فنثق ونسرى بالأولى أن نتغرب عن الجسد ونستوطن عند الرب}(2 كو 5 : 8). نحن نريد أن نتحرر من هذا العالم لننطلق إلى بيتنا الأزلى الأبدى .
سأله الصياد كيف وصلت إلى هذه الرغبة في التحرر من الجسد ؟
وهل الجسد خطيئة يا أبتى ؟
أجابه الشيخ أن الجسد نعمة من الله يا ولدى ، ألم يقدس الله الجسد حين حل بيننا متجسداً ؟ وكما يقول الكتاب {عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد} (1تي 3 : 16) الله يهتم باجسادنا ويغذيها ويقيتها انما الخطأ والخطية هو أن نستبعد لشهوات الجسد يا أبنى .. الخطأ أن نهتم كل الاهتمام بالجسد وننسى أن لنا روح تحتاج أن تحيا بالله ومع الله وفي الله.
ان نهتم بأجسادنا وصحتها هذا واجب فهى وزنه مقدسة من الله ،فالجسد أيضاً سيقوم جسداً نورانياً في اليوم الأخير ، فالله يكافئ الجسد والروح.
أما كيف نصل إلى التحرر من الجسديات ؟
فنحن باهتمامنا بالروحيات بالصلاة والصوم والقراءة والعشرة مع الله والاتحاد به أوحتى بخدمة الآخرين ومساعدتهم ، نمتلئ بمعرفة الله وتضمحل الخطيئة فينا ، لننطلق يا ولدى من العبودية للمادة والحواس إلى عالم الروح الواسع الفسيح السعيد وتسبى عقولنا بمحبة الله فنتغرب عن البشر .
وبما تنصحنى يا أبى ...
يا أبنى أنت تتغرب لتصطاد حيواناً برياً .. وأن كان ذلك شئ سمح به الله .. فأنت لك السلطان على حيوان البر وكذلك لك أن تأكله .. أما أنا يا ولدى .. فلى سلطان على حتى الحيوانات المتوحشة هنا ونحيا معاً في سلام وتعاون كما كان أدم في الفردوس .
نصيحتى اليك ... أن تذهب لتصطاد الناس إلى الملكوت وتدعوهم للمصالحة مع الله ليجعلك الله صياد للناس .
اجابه الشاب .. اريد ان تأتى معى يا أبى فتكون مرشداً لنا وقدوة لنا في الطريق .
سأدعو لك يا أبنى بالتوفيق وانا اراقب عملك من السماء،
أما أنت فوارى جسدى في هذه المغارة لانه لهذا قد ارسلك الله .
قال الشيخ هذا ثم نظر الى فوق وقال ايها الاب القدوس في يديك استودع روحى .
فاذكرنى يارب متى جئت فى ملكوت .. ولما قال هذا سمع الشاب صوتاً حنوناً يقول
اليوم تكون معى فى الفردوس .. واسلم الشيخ الروح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق