للأب القمص أفرايم الأورشليمى
أنظر داخلك ومن حولك
انه سؤال هام يجب علينا ان نسأله لأنفسنا ، ونسأل الله ان يهبنا الأجابة الصالحة التى نعيها كرسالة لنا فى الحياة نعمل بها ونحياها ليكون لنا نصيباً وميراثاً مع جميع القديسين . فنحن لسنا مخلدون على وجه الإرض وحياتنا ما هى الا أشبار أو بخار ماء يظهر قليلاُ ثم يضمحل ان قيست بالحياة الأبدية ، فان الابدية سميت هكذا لانه لا نهاية لها وهى مستقر الإنسان الأخير . والكتاب المقدس يدعونا للحياة الإبدية {جاهد جهاد الايمان الحسن و امسك بالحياة الابدية التي اليها دعيت } (1تي 6 : 12) .
رغم ان حياتنا على الارض قصيرة ورغم أهمية العمل للحياة الإبدية الإ ان الكثيرين لا ينظرون الى المستقبل الأبدى ويهتمون فقط بحياتهم على الأرض وقد تناسوا المستقبل الإبدى وانشغلوا عنه باوجاع وهموم كثيرة بل يعمل الكثيرين ويكدوا ويدخروا من أجل تأمين حياة كريمة لهم ولأبنائهم على الإرض وفى سبيل ذلك تراهم يكدوا ويجاهدوا ليلا ونهارا ويكنزوا لهم كنوزاً على الإرض وفى طرفة عين نراها تنهار ؟ أو فى ثوان معدودة نراهم تركوها الى العالم الأخر كالغنى الغبى الذى ظن ان له خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة فقال لنفسه كلى واشربى {فقال له الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي اعددتها لمن تكون} (لو 12 : 20)
نرى الذين فى مناصب يتناسوا انها لوقت قليل وسيتركونها بارادتهم او رغماً عنهم ، فتراهم يتشبسون بمناصبهم ويتسلطوا على مرؤسيهم ويمارسوا الفساد والظلم ولا يتعلموا من وكيل الظلم الذى استطاع ان يدخر بحكم منصبه محبة للناس وخدمة وتخفيف الديون حتى اذا عزلوه من الوكاله يجد بيوتاً تفتح له ابوابها وقلوباً تستقبله بالمحبة ومن أجل ذلك أستحق المديح من رب المجد.
اخرون نراهم أغراهم المال او الجمال او الأهتمام الذائد بهموم الحياة وملاذها فاخذوا يهتمون بتنمية ثرواتهم أو الأهتمام بأجسادهم وملاذها وشهواتها ، او اهتموا حتى بهموم الحياة دون ان يتطلعوا بعيون الرجاء الى الأبدية السعيدة .
سؤال يحتاج الى أجابة وحياة..
لقد جاء الى السيد المسيح خلال خدمته على الأرض أثنين يسالأنه ماذا يفعلان ليرثا الحياة الإبدية وكانت إجابة المخلص هى توجيههما الى الكتاب المقدس وما هو مكتوب فيه ليفعلا كما جاء بالكتاب {و اذا ناموسي قام يجربه قائلا يا معلم ماذا اعمل لارث الحياة الابدية. فقال له ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرا. فاجاب و قال تحب الرب الهك من كل قلبك و من كل نفسك و من كل قدرتك و من كل فكرك و قريبك مثل نفسك. فقال له بالصواب اجبت افعل هذا فتحيا} . لو 25:10-28
وعندما جاء أخر للرب يسأله نفس السؤال راينا الرب يوجهه نحو الوصايا السلوكية بين الانسان واهله ومجتمعه ثم يوجهه الى قامة أعلى فى الكمال { و فيما هو خارج الى الطريق ركض واحد و جثا له و ساله ايها المعلم الصالح ماذا اعمل لارث الحياة الابدية...فقال له يسوع انت تعرف الوصايا لا تزن ،لا تقتل ،لا تسرق ،لا تشهد بالزور، لا تسلب، اكرم اباك و امك. فاجاب و قال له يا معلم هذه كلها حفظتها منذ حداثتي. فنظر اليه يسوع و احبه و قال له يعوزك شيء واحد اذهب بع كل ما لك و اعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء و تعال اتبعني حاملا الصليب، فاغتم على القول و مضى حزينا لانه كان ذا اموال كثيرة. } .مر17:10-22
ونحن نحتاج ان نوجه هذا السؤال لله ولانفسنا ومن خلال الكتاب المقدس نفهم ماذا يجب علينا ان نفعل لنرث الحياة الإبدية ونكون مع الله فى السماء ونتمتع بعشرة القديسين فى المجد ..
الأيمان بالله ومحبته وخلاصه
نحتاج للإيمان والثقة بالله ومحبته وخلاصه وأبوته وعمل روحه القدوس. وان تكون لنا علاقة محبة بالله الذى أحبنا قبل تأسيس العالم واعلن لنا محبته بالتجسد الإلهى واقتراب الينا ليعلن لنا محبته وفدائه وفعل الإيمان يحتاج الى ثقة وحب ورجاء { و كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان و الذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد}. يو 14:3-18.
نحن بالإيمان نحيا ونعتمد بالماء والروح لنصير ابناء الله وورثة لملكوته السماوى ، وبالإيمان نعمل ما يرضى الله وبالايمان نصلى ونصوم ونمارس اسرار الكنيسة ونحيا حياتنا الكنسية وبالإيمان نصدق الله وكلامه ووعوده وصفاته وكتابه المقدس { و انك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة ان تحكمك للخلاص بالايمان الذي في المسيح يسوع (2تي 3 : 15)
و اما البار فبالايمان يحيا و ان ارتد لا تسر به نفسي (عب 10 : 38) بل ان غاية الكتاب المقدس وآياته هو ان نؤمن وتكون لنا الحياة الإبدية { و ايات اخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. و اما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله و لكي تكون لكم اذا امنتم حياة باسمه }. يو30:20-31.
ليكن لنا ايمان بالله ونحيا حياة الإيمان التى تهبنا الرجاء والسلام والطمانينة وبايماننا الاقدس والحياة طبقاً له يقدم لنا بسعة الدخول الى الحياة الأبدية .
التوبة والرجوع الى الله ...
ان حياة الخطية هى موت روحى وانفصال عن الله من اجل هذا قال الرب يسوع المسيح فى مثل الأبن الضال عندما رجع بالتوبة { و لكن كان ينبغي ان نفرح و نسر لان اخاك هذا كان ميتا فعاش و كان ضالا فوجد} لو 30:15 ولكل الخطاة جاء الله ، المخلص والمحرر والطبيب يدعونا قائلاً { لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة } (مر 2 : 17) وعندما بدء الرب يسوع المسيح دعوته كان يدعونا الى التوبة { من ذلك الزمان ابتدا يسوع يكرز و يقول توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات}. (مت 17:4). لكن للأسف الشديد نرى الكثير من المؤمنين يؤخرون توبتهم وهم لا يعلمون ان فى ذلك عدم أمانه لله وضياع لوقت ربما نطلبه او نطلب التوبه فلا نجدها وقد نكون قد تعودنا على نمط حياة خاطئة وأصبحت لنا ارتباطات وعادات خاطئه لا نستطيع التخلص منها ، ويحيا الانسان الخاطئ فى قلق وعدم سلام وفقدان للرجاء والفرح وها هو الرب يحذرنا اننا ان ان لم نتوب فسنهلك {كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون} (لو 13 : 3) وينبه علينا الأنجيل المقدس ان لا نؤخر توبتنا بل نتوب ونعترف بخطايانا { لا تؤخر التوبة الى الرب و لا تتباطا من يوم الى يوم (سيراخ 5 : 8). ان اعترفنا بخطايانا فهو امين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم (1يو 1 : 9) فلماذا نهمل خلاص هذا مقداره { هذا و انكم عارفون الوقت انها الان ساعة لنستيقظ من النوم فان خلاصنا الان اقرب مما كان حين امنا. قد تناهى الليل و تقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة و نلبس اسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر و السكر لا بالمضاجع و العهر لا بالخصام و الحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح و لا تصنعوا تدبيرا للجسد لاجل الشهوات} رو 11:13-14 .
حياة الفضيلة والبر وثمر الروح..
اننا مدعوين الى حياة الكمال المسيحى ولابد ان نثمر ثمر البر والروح { كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في } (مت 7 : 19) ولان الله رحوم وبار فانه يطلب منا الثمر على مقدار الوزنات والأمكانيات المتاحة لنا ولكن علينا ان ننمى هذه الوزنات ونربح بها لحساب الملكوت السماوى .ولهذا يدعونا الكتاب ان نقدم فى ايماننا فضيلة وتقوى { لهذا عينه و انتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة و في الفضيلة معرفة. و في المعرفة تعففا و في التعفف صبرا و في الصبر تقوى. و في التقوى مودة اخوية و في المودة الاخوية محبة. لان هذه اذا كانت فيكم و كثرت تصيركم لا متكاسلين و لا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح.لان الذي ليس عنده هذه هو اعمى قصير البصر قد نسي تطهير خطاياه السالفة. لذلك بالاكثر اجتهدوا ايها الاخوة ان تجعلوا دعوتكم و اختياركم ثابتين لانكم اذا فعلتم ذلك لن تزلوا ابدا. لانه هكذا يقدم لكم بسعة دخول الى ملكوت ربنا و مخلصنا يسوع المسيح الابدي} .2بط5:1-11.
ان كل شجرة تصنع ثمر كجنسها والإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح { لانه ما من شجرة جيدة تثمر ثمرا رديا و لا شجرة ردية تثمر ثمرا جيدا ،لان كل شجرة تعرف من ثمرها فانهم لا يجتنون من الشوك تينا و لا يقطفون من العليق عنبا (لو 6 : 43، 44) ولهذا نحن لا نشترك فى أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحرى نوبخها باعمالنا وحياتنا البارة . ونسلك منقادين لروح الله وارشاده فنثمر ثمراً صالحاً {و اما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان } (غل 5 : 22) {لان ثمر الروح هو في كل صلاح و بر و حق} (اف 5 : 9) . ان الثمار الصالحة هى ثمار الأيمان العامل بالمحبة وتعبيراً عن محبتنا لله فى كل محتاج وحزين وبائس، ولهؤلاء حتى كأس الماء البارد لن يضيع اجرة من الله الذى يعطى كل واحد وواحدةً حسب عملهم ، ولان نجم يمتاز عن نجم فى المجد فعلينا ان نسعى لكى ننال ونحصل على الأكاليل التى لا تذبل وننسى ما وراء فى تواضع العبيد البطالين ليرفعنا الله الى مرتبة الابناء الامناء فى بيت الله وهكذا نمسك بالحياة الإبدية التى لها دعينا.
أجذبنا ورائك فنجرى ...
ربنا الحبيب انت أجمل نصيب وأعظم مكأفاة للنفس البشرية. معرفتك حياة أبدية ومحبتك كنز النفس البشرية . معك لا نريد شئياً على الإرض وبك نحن سعداء وفرحين ونحيا على رجاء الحياة الأبدية .
الى من نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك والى من نلتجأ وانت الراعى الصالح والاب الحنون والمرشد الأمين ، كلامك شبع للنفس ومحبتك حياة أبدية وسلامك يفوق العقول والبعد عنك شقاء وفناء وهلاك .
ربى والهى وسلامى ، علمنى انا أحبك لا طمعا فى الحياة الابدية ولا سعياً للمكافأة والاجر السمائى ولا خوفاً من الهلاك الابدى ، بل أحبك لانك أبى والهى والتصق بك لانى مخلصى الأمين ، ولانك أحببتنى قبل ان أوجد وتقدم لى ذاتك حباً بلا مقابل .
اريد يا ابتاه ان يعرف العالم انك أحبببتهم وانك تفتح أحضانك لرجوع الخطاة ولقبول التائبين ولتهب القوة للضعفاء والحكمة للجهال والمحبة للمحرومين والرجاء للبائسين والسلام للقلقين والأيمان للجاحدين ، فانت غافر الخطايا، ومانح العطايا وكنز كل البركات.
لتنظر يارب بعين الرحمة والحنان لكل البشرية وتقودها للرجوع اليك ، لتنظر لبلادنا وشعبك فيها وتمنحها السلام والإيمان والمحبة والرجاء فى مستقبل أفضل ، لتسعى فى طلب الضالين مانحا معرفتك وسلامك للعالم الذى يسير نحو الهاوية ، ومن أجل القلوب الضارعة والأيدى المرفوعة والنفوس الأمينة والبقية الباقية ارجع وأطلع من السماء وتعهد هذه الكرمة التى غرستها يمينك واهبنا ايانا الحياة الإبدية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق