06‏/05‏/2011

- تحب قريبك كنفسك | للأب القمص أفرايم الأورشليمى






محبتنا لأنفسنا مقياس لمحبتنا للقريب

- كل منا يحب نفسه ويريد ان ينميها وان يكون ناجحاً ومحباً ومحبوباً وان يحقق لنفسه النجاح وان يقتنى الحكمة والمركز وان تكون كلمته مسموعة ومحترمة بين الناس .وان يكون سعيدا وسليماً . لكن الكثيرون يحبون أنفسهم محبة خاطئة فيريدون لها النجاح والفلاح والغنى والمركز بكل الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة ، الروحية وحتى الشيطانية . يريدون المركز المرموق والمال والجمال . ولا يتورعوا ان يصعدوا فوق أكتاف الآخرين ولسان حالهم يقول "أنا وبعدى فليكن الطوفان" وهم فى ذلك يخطئون فى حق أنفسهم ، فالإنسان الحكيم يحب نفسه محبة روحية تربطها بالله وبمعرفة وصاياه ويسعوا لخلاص أنفسهم ونجاتها من طوفان بحر هذا العالم .

- ليس عيبا أن نسعى الى النجاح والتفوق ولكن كما ان الغاية يجب ان تكون شريفة كذلك يجب ان تكون الوسائل سليمة ، لدينا وزنات يجب ان ننميها ولدينا رسالة يجب ان نؤديها وعلينا أمانة يجب ان نقوم بها . ونحن فى مهمة على الأرض علينا ان نقوم بها { اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله }(2كو 5 : 20). وسيسأل الله كل منا { اعط حساب وكالتك } (لو 16 : 2). ولهذا يجب ان نحب أنفسنا محبة روحية ونعمل بامانة على ان نكون ناجحين ونأتى بثمر ويدوم ثمرنا . وكل واحد منا سيكأفا او يعاقب حسب عمله ان كان خيراً وان كان شراً . فلنكن متيقظين ولنسلك كحكماء مفتدين الوقت لان الأيام شريرة .

- كم من أناس أحبوا أنفسهم محبة خاطئة أضاعتها ولهذا قال لنا الرب { من وجد حياته يضيعها و من اضاع حياته من اجلي يجدها} (مت 10 : 39) لقد أشتهى أخاب الملك حقل نابوت ودبر حيلة للتخلص منه وحصل على الحقل لكن أضاع نفسه وكذلك اشتهى أبشالوم المُلك عوضاً عن أبيه داود وثار ضد أبيه فهلك وخسر حياته وأخرته . والغنى الغبى الذى أهتم بثروته دون ان يعمل لأخرته خسر نفسه وترك خيراته لغيره { اقول لنفسي يا نفس لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة استريحي و كلي و اشربي و افرحي. فقال له الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي اعددتها لمن تكون} (لو19:12-20). هناك أناس وضعوا أنفسهم لخدمة الله والإخرين فربحوا أنفسهم ونالوا الطوبى والتكريم من الله والناس . من هؤلاء القديس بولس الرسول الذى خسر كل الأشياء العالمية وهو يحسبها نفاية ليربح المسيح ويوجد فيه . ولقد كرم العالم الأم تريزا التى ذهبت الى الهند تهتم بالفقراء الهنود من كل دين وجنس وكانت ترى شخص يسوع فى كل واحد منهم .

وصية جديدة لمحبة الإخرين ..

- ان محبتنا لله تدفعنا لكى ما نعبر عن هذا الحب بمحبة الاخرين كثمرة من ثمار محبة الله لنا . محبتنا للاخرين هى صدى لمحبة الله لنا وهى تجعلنا نتشبه بابينا السماوي وأن نراه فى كل أحد {و متى جاء ابن الانسان في مجده و جميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. و يجتمع امامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء.فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار.ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تاسيس العالم.لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني كنت غريبا فاويتموني.عريانا فكسيتموني مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم الي. فيجيبه الابرار حينئذ قائلين يا رب متى رايناك جائعا فاطعمناك او عطشانا فسقيناك. و متى رايناك غريبا فاويناك او عريانا فكسوناك.و متى رايناك مريضا او محبوسا فاتينا اليك. فيجيب الملك و يقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه باحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم} مت 13:25-40.

- لكن من هو قريبنا ؟ انه كل أنسان يحتاج لمحبتى . لقد سأل أحدهم السيد المسيح هذا السؤال { و اما هو فاذ اراد ان يبرر نفسه قال ليسوع و من هو قريبي. فاجاب يسوع و قال انسان كان نازلا من اورشليم الى اريحا فوقع بين لصوص فعروه و جرحوه و مضوا و تركوه بين حي و ميت. فعرض ان كاهنا نزل في تلك الطريق فراه و جاز مقابله.و كذلك لاوي ايضا اذ صار عند المكان جاء و نظر و جاز مقابله.و لكن سامريا مسافرا جاء اليه و لما راه تحنن. فتقدم و ضمد جراحاته و صب عليها زيتا و خمرا و اركبه على دابته و اتى به الى فندق و اعتنى به. و في الغد لما مضى اخرج دينارين و اعطاهما لصاحب الفندق و قال له اعتن به و مهما انفقت اكثر فعند رجوعي اوفيك. فاي هؤلاء الثلاثة ترى صار قريبا للذي وقع بين اللصوص. فقال الذي صنع معه الرحمة فقال له يسوع اذهب انت ايضا و اصنع هكذا} لو 29:10-37 . يجب اذاً ان تمتد محبتنا لتشمل الجميع حتى أعدائنا ونتمثل بالسامرى الصالح الذى ضمد جروح الانسان اليهودى الذي سلبة اللصوص ما معه وجرحوه وتركوه ملقي فى الطريق فتحنن عليه السامري و رغم العداوة التى كان يكنها اليهود للسامريين ، فان السامرى قدم محبته وعالجه واركبه على دابته دافعا حساب اقامته للعلاج متكفلا بايفاء كل احتياجه فمدحة الرب يسوع . ان ربنا يسوع المسيح هو السامرى الصالح الحقيقى الذى خرج من مجده واذ وجد فى الهيئة كانسان اطاع حتى الموت لكى ما يخلص البشرية التى جرحتها الخطية ووهبها محبته وعمل روحه القدوس كخمر وزيت وادخلها الى فندقه الامين الذى هو الكنيسة دافعا الديون عنا مقدما لنا الاسرار المقدسة كادوية للشفاء من مرض الخطية .

- المحبة اذ تسكن فى قلوبنا تمحوا كل كراهية وتجعلنا نظهر روح الاحترام والتقدير والخدمة للجميع ونعمل على اسعاد الاخرين والله ليس بظالم حتى ينسى عملنا وتعب المحبة التى نظهرها نحو اسمه اذ نخدم القديسين والخطاه على السواء . ونعتنى بخاصتنا واهل بيتنا ( ان لم يعتنى الانسان بخاصته لا سيما اهل بيته فقد انكر الايمان وهو اشر من غير المؤمن}اتى 8:5 .

- نحب الاخرين اذن محبه طاهرة روحية تسعى لخلاصهم دون تدليل او تحيز او تمييز ونحتمل ضعف الضعفاء ونصبر على مرضى الخطية ساترين عليهم ( من يستر خطية يطلب محبة ) ام 17 : 9 . فالبغضة تهيج خصومات والمحبة تستر كل الذنوب . والمحبة تترفق وتتانى على الجميع ، المحبة لا تسقط ابدا .



كيف أحبنا المسيح له المجد ؟

- لقد كانت وصية محبة القريب معروفة منذ القدم { لا تنتقم و لا تحقد على ابناء شعبك بل تحب قريبك كنفسك انا الرب} (لا 19 : 18). ولكن فى العهد الجديد ونحن نحيا وننقاد بروح الله راينا المخلص الصالح يجعلها وصية جديده بالروح والحق { وصيه جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعض كما احببتكم انا} يو 13 : 14 . لقد أحبنا الرب يسوع المسيح ونحن بعد خطاه ومات على الصليب من أجل خلاصنا وقام من أجل تبريرنا .{ اما يسوع قبل عيد الفصح و هو عالم ان ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم الى الاب اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى }(يو 13 : 1) من أجل محبته بذل ذاته فداءاً عنا ويريدنا ان نفتدى ونخلص العالم بمحبتنا . وان كنا لا نستطيع ان نفعل ذلك فعلينا بالسعى للوصول الى الكمال النسبى والصلاة بلجاجة من أجل خلاص كل أحد لاسيما هؤلاء البعيدين والذين فى الكراهية والخطية ورباطات الجهل والشيطان عائشين .

- ان الله يحبنا محبة غير مشروطة ودون مقابل ولا تتوقف على صلاحنا بل مراحم الله جديدة كل صباح على الابرار والأشرار والصالحين والطالحين . أما نحن فى ضعفنا فنتصرف كأهل العالم مرات كثيرة ناسين قلب الله الإبوى المحب للجميع الذى يريد ان يعلن بنا محبته للعالم الخاطئ . وحتى فى محيط البيت الواحد نجد تقييم البعض يختلف عن الإخر بمدى محبته لنا . ان العالم المعاصر هو عالم مريض يحتاج ليرى نور محبة المسيح فيك فهل تبخل بها وتخبى السراج تحت المكيال ؟!

- يجب ان نتدرج فى محبتنا للإخرين من محبة أهل بيتنا وأسعادهم الى الأقارب والجيران والى ابناء بلادنا مهما أختلفت دياناتهم وأعراقهم واجناسهم . الى محبة خير الأنسانية جمعا لنصل الى محبة الإعداء { و اما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم و صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم} (مت 5 : 44). ولقد أعطانا الهنا الصالح مبداً هاماً للتعامل الروحي والإنسانى الفاضل مع الإخرين { و كما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا انتم ايضا بهم هكذا} (لو 6 : 31) . انت تريد ان يحبك ويحترمك ويحتملك الناس فقدم لهم محبة واحترام وأغفر لهم واصفح عن أخطائهم لتكون بحق ابناً لمن دعاك من عالم الظلمة الى نوره العجيب .

أجعلنا أهلاً للتعلم منك ...

- ربي والهى اننا نريد ان نتعلم من كلماتك ونحيا طبقاً لوصاياك ، نريد ان نعلن محبتك لكل أحد ، للقريب والبعيد ، نزرع المحبة والسلام فى برية العالم ليفوح منا رائحتك الذكية فى كل مكان ، نحبك من كل القلب والفكر والنفس والقدرة ونحب الأخرين كانفسنا .

- علمنا ان نحب أنفسنا والأخرين محبة روحية طاهرة بلا رياء او كبرياء . نضع أنفسنا من أجل خدمة الكل فنربح أنفسنا لك وللملكوت . نحب الكل محبة غير مشروطة وبدون مقابل ونعمل على خلاص كل أحد.

- الهنا الصالح الذى أحبنا ونحن خطاة ويقدم لنا مراحمه ومحبته ورأفاته فى كل وقت ، ان العالم يحتاج ان يرى صورتك فينا وتعاليمك فى سلوكنا وأقوالنا فلتجعل منا سفراء لك ولتساعدنا ان نقوم بمهمتنا فى ان نكون رسل محبة وسلام ومصالحة وخير للجميع .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق