21‏/05‏/2011

- حياة ذات قيمة ومعنى | للأب القمص أفرايم الأورشليمى





رسالتنا فى الحياة ..

+ لقد خلقنا الله لأعمال صالحة يجب ان نقوم بها ويرجوا الله لنا ان نؤديها والا نعرض أنفسنا للتقويم والأصلاح واذ لم نتقوم نتعرض للرفض و العقاب، كما ان اى صانع لمعدة ما يكون له هدف وتصور من صناعتها ، ويسعى ان تحقق هذه الالة هدفها والا تصبح معطله وعديمة القيمة ، حينئذ يعمل على أصلاحها والا تباع فى سوق الخردة ليتم تدويرها الى شئ اخر او تلقى بين المهملات . ان محبة الله الغافرة والصابرة تعمل على تقويمنا وتهذيبنا وأصلاحنا لنكون أمناء على الوزنات المعطاة لنا وننميها ونربح بها أنفسنا وأخوتنا وملكوته السماوى { من يحب نفسه يهلكها و من يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها الى حياة ابدية} (يو 12 : 25) . علينا اذن ان نفكر ونعمل من أجل معرفة الهدف الذى يريده الله من وجودنا وتقييم حياتنا ومحاسبة أنفسنا لاسيما ان العمر يمضى وتجرى بنا السنين والايام فحياتنا أوقات ومن يضيع أوقاته يضيع حياته ومن يستغلها حسنا فى محبتة لله والخير والغير ويعمل حسنا ويحيا حياة الفضيلة والبر فانه ينال أكليل الحياة { جاهد جهاد الايمان الحسن و امسك بالحياة الابدية التي اليها دعيت ايضا و اعترفت الاعتراف الحسن امام شهود كثيرين} (1تي 6 : 12).

+ لا يستهين أحد منا بقدراته وأمكانياته .اننا فى يد الله نستطيع ان نكون قوة وبركة فخمسة ارغفة صغيرة لدى فتى قدمها ليد الرب القدير أشبعت خمسة الاف رجل ماعدا النساء والأطفال ورجل غريب فى بلد بعيد قديما هو يونان النبى الهارب قاد المدينة كلها للخلاص { واختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء و اختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء و اختار الله ادنياء العالم و المزدرى و غير الموجود ليبطل الموجود (1كو 1 : 27-28) . لقد تعلل موسى النبى عندما كلمة الله ان يذهب الى مصر لاخراج الشعب من العبودية بانه ثقيل الفم واللسان ورفض المهمة وعاد الله يلح عليه ويقدم له البراهين حتى أقنعه وهل كان الله عاجز عن أخراج الشعب بغير موسى ؟ كلا طبعاً ! ولكن الله يريد ان يشركنا معه فى العمل . كما رفض أرميا النبى الدعوة محتجاً بصغر سنه {فكانت كلمة الرب الي قائلا. قبلما صورتك في البطن عرفتك و قبلما خرجت من الرحم قدستك جعلتك نبيا للشعوب. فقلت اه يا سيد الرب اني لا اعرف ان اتكلم لاني ولد. فقال الرب لي لا تقل اني ولد لانك الى كل من ارسلك اليه تذهب و تتكلم بكل ما امرك به. لا تخف من وجوههم لاني انا معك لانقذك يقول الرب. و مد الرب يده و لمس فمي و قال الرب لي ها قد جعلت كلامي في فمك. انظر قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب و على الممالك لتقلع و تهدم و تهلك و تنقض و تبني و تغرس} ار4:1-10.ولقد استخدمه الله بقوة لينادى فى الشعب بالرجوع الى الله و نادى بالتوبة بالدموع والكلمة والحكمة والمثل . وانت ايضا مدعو للأشتراك مع الله فى كل عمل صالح .

+ لقد جاء السيد المسيح ليهبنا حياة أفضل على الأرض وفى النهاية الحياة الأبدية السعيدة { و هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك و يسوع المسيح الذي ارسلته} (يو 17 : 3) ان معرفتنا لله هى حياة ابدية كما ان نمونا فى هذه الحياة بالتلمذة والمحبة ومعرفة مشيئة الله وتتميمها فى حياتنا واجب علينا الى ان نصل الى حياة المحبة والأتحاد بالله والشهادة لفضل من نقلنا من عالم الظلمة الى نوره الحقيقى . يجب ان نكون رائحة المسيح الذكية للذين يخلصون وحتى من لا يؤمنون ويهلكون {و لكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين و يظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان. لاننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون و في الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت و لاولئك رائحة حياة لحياة و من هو كفوء لهذه الامور}2كو14:2-16. ولكن علينا ان نحيا ونعمل كسفراء للسماء { اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله (2كو 5 : 20). اننا لكى نكون هكذا سفراء يجب ان نجيد لغة أهل السماء وان يكون لدينا المهارات اللازمة والاتصال الدائم بالسماء وفى ذات الوقت ان نكون واعين بالمجتمع الذي نحيا فيها ومتطلباته وهمومه ومصالحه ونرفع بذلك كل يوم صلواتنا وهموم مجتمعنا لله وفى ذات الوقت نسعى لتحقيق دعوة الله للتوبة والمصالحة والسلام وتحقيق ملكوت الله على الأرض.

+ المؤمن الحقيقى يقترب من الله وتعاليمة ومحبته كنور للعالم { ثم كلمهم يسوع ايضا قائلا انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة }(يو 8 : 12). ومن هذا النور ينهل ويتعلم ويحيا وكما يستمد القمر نوره من الشمس وينير ليلاً هكذا نحن ناخذ من نور المسيح ونستنير وننير للأخرين {انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل} (مت 5 : 14). نحن نستنير بالإيمان والتوبة المستمرة وبكلمة الله وبالمحبة العاملة فينا وبقيادة روح الله لنا وباعمالنا الصالحة نشهد لإيماننا العامل بالمحبة { فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة و يمجدوا اباكم الذي في السماوات} (مت 5 : 16).

+ الإنسان المسيحى ضرورة لحياة مجتمعه يعطيه مذاقة روحية ويسهم بقوة فى حفظ العالم من الفساد ويجعل مجتمعه مقبولاً فى عين الله . وكما نحتاج الى الملح فى الطعام فنحن نحتاج للمؤمن فى العالم { انتم ملح الارض و لكن ان فسد الملح فبماذا يملح لا يصلح بعد لشيء الا لان يطرح خارجا و يداس من الناس }(مت 5 : 13) . فلكل منا دوره فى أسرته وكنيسته ومجتمعه وكلما كان لنا النضج الروحى كلمنا ساهمنا فى تقدم المجتمع الذى نحيا فيه وأسعاده وجعله يقترب أكثر الى الله والى الكمال النسبى الذى يريده لنا الله . نحن بالمحبة الروحية للأخرين نشهد للنور الذى فينا فالله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله ، والله فيه . نقبل الإخرين كما هم كما قبلنا السيد المسيح لمجد الله الاب فى مرونة وأنسجام حتى من يعارضنا مصلين من أجل الجميع ، نؤثر فى من حولنا ونقبل ما يتوافق مع مبادئنا ونرفض فى أدب ما يتعارض مع أخلاقنا وقيمنا المسيحية . نخدم فى محبة للجميع من كل القلب ، نحب الله والناس ونبذل من وقتنا ومالنا ومشاعرنا كل الوقت على قدر طاقتنا دون أنتظار لمقابل من أحد فناخذ المكأفاة من الله واثقين ان حتى كأس الماء المقدم للغير فى محبة لا يضيع أجره .



كيف يكون لحياتى قيمة ومعنى ؟



+ انت كانسان خلقت على صورة الله ومثاله { فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا و انثى خلقهم } (تك 1 : 27) . خلقك الله بروح خالده لا تفنى بل بعد الموت تنتقل الروح وترجع الى خالقها لتحيا الى الأبد . وجعل الله للإنسان سلطاناً على كل الكائنات الحية الإخرى بل ان كل المخترعات الحديثة فى مجال الهندسة والطب والصناعة والتكنولجيا والعلوم تشهد على عظمة الخالق فى الإنسان كاهن الخليقة وتاجها . وعندما سقط الإنسان وتمرد وطُرد من الفردوس تعهده الله بالإنبياء وفى ملء الزمان تجسد الإبن الوحيد ليعلن لنا محبة الله { لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية} (يو 3 : 16).وقد أقتنانا له بالدم الثمين على عود الصليب { لانكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في اجسادكم و في ارواحكم التي هي لله} (1كو 6 : 20) {قد اشتريتم بثمن فلا تصيروا عبيدا للناس} (1كو 7 : 23).

+ انت سواء كبير أم صغير ، رجل أم أمراة وذو وظيفة او عمل مرموق أو بسيط ، مخلوق لاعمال صالحة لتعملها فلا تنسى اذن قيمتك الثمينة لدي الله وحياتك رحلة موقته فى كوكب الارض وسترجع قريبا الى وطنك السماوى وهنا لديك الفرصة والوقت للتوبة والرجوع الى الله والإيمان بمحبته الغافرة والمحررة ومن ثم الأثمار حسب طاقاتك ومواهبك وعطايا الله لك .{ لاننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها} (اف 2 : 10). فانظر كيف تودى عملك بامانة وأخلاص ، وان تكون أمين مع اسرتك واقربائك وكنيستك ومجتمعك ، تحيا فى أنفتاح على الجميع دون تطرف او تسيب او أنغلاق مرضى . فى حكمة مع الجميع دون ان تتنازل عن مبادئك او تحيد عن أخلاقك وتحب الكل مشفقاً على الخطاة والمرضى والمحتاجين والمتألمين فرحاً مع الفرحين وحزنا مع الحزانى مفرقا بين كراهيتك للخطية ومحبتك للخطاة .

+ انت تعطى لحياتك قيمة ايضاً بما تملك من مواهب وقدرات ووزنات تنميها وتخدم بها الآخرين وتسعدهم لتكون عضواً فعالاً حياً فى اسرتك وكنيستك ومجتمعك .أقبل نفسك كما هى كما قبلها المسيح له المجد وأعرف المجالات التى يمكنك التفوق فيها وعليك بتنميتها واستخدمها حسناً وعالج أخطائك واقلع عن خطاياك وأثامك ، وأكتسب عادات أيجابية فى حياتك ومع الوقت تصبح من طباعك . أحبب نفسك محبة سليمة دون أنانية أو تدليل او قسوة مهذباً نفسك بالحكمة واسلك بتواضع قلب مع الجميع فى محبة بدون رياء . أهتم بصحتك الجسدية كوزنة من الله تحمل روحك وأنسانك الداخلى وأهتم بعقلك وتعليمة مداوما على التعلم والمعرفة وتطبيقها فى حياتك { لاحظ نفسك و التعليم و داوم على ذلك لانك اذا فعلت هذا تخلص نفسك و الذين يسمعونك ايضا }(1تي 4 : 16).أهتم بروحك وتقويتها بالصلاة والصوم والاسرار المقدسة . أعمل على أكتساب مهارات جديدة فى مجال عملك وقم بتإديته فى محبة فليس المهم ان تعمل ما تحب بل الأهم ان تحب اى عمل تقوم به فرحا بما وهبك الله من وقت وعلاقات مستغلاً كل الفرص المتاحة لتقدم الخدمة فى روحانية ومحبة للجميع .

+ علاقاتك بالناس تعطى لحياتك معنى وقيمة ويكون هدفك في علاقاتك هو خلاص نفسك ومن حولك فالخدمات او الحوارات او اللقاءات تكون لها هدف سامى دون جدل عقيم أو نميمة منفرة . المحبة الحقيقة لا تحسد ولا تتفاخر ولا تحتد او تقبح او تظن السوء ، المحبة تحتمل وتصبر حتى ان تعرضت للتجريح أو الأساءة أو الظلم بل تدافع عن الحق فى أدب وتواضع لا بهدف كسب الجدال بل بهدف كسب القلوب والنفوس . نحن نعلم انه قد لا نستطيع ان نغير الإخرين لاسيما المعاندين والكارهين ولكن يجب ان نعمل على ان لا نذيد العداوة مصلين من أجلهم ومحاولين على قدر أستطاعتنا مسالمة جميع الناس وتغييرهم وتحويلهم الى اصدقاء متى أمكن ذلك . المسيحى لا يكره او يعادى أحد عالما { فان مصارعتنا ليست مع دم و لحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات} (اف 6 : 12) . وكما يعلمنا الكتاب المقدس { فان جاع عدوك فاطعمه و ان عطش فاسقه لانك ان فعلت هذا تجمع جمر نار على راسه }(رو 12 : 20). وليست ذلك يعنى انك تريد أحراق عدوك ولكن عندما تعمل معه الخير فانه سيشعر بالذنب ويرجع عن خطئه فقديما كان المذنب او حتى القاتل ياتى بثياب كفنه ووعاء فيه نار على راسه ويذهب الى اهل المعتدى عليه طالبا المغفرة والصفح وكانه يقول انى استحق الموت والحرق ولكننى جئت طالبا المغفرة والسماح فيصفح عنه .

اذن حياتك فرصة عظيمة كل يوم لتنمية نفسك وعلاقاتك بالإخرين سواء فى محيط الأسرة الصغيرة أو العائلة او الكنيسة او العمل او المجتمع الذى تنتمى اليه ، تحبهم فتخدمهم ولديك فرصة للنمو فى محبة الله ومعرفتة الى ان تصل الى الشركة والصداقة الدائمة معه . عالما انك ابناً لله وهو جاء ليهبك الحياة الفاضلة على الارض والابدية السعيدة فى السماء {و انا اعطيها حياة ابدية و لن تهلك الى الابد و لا يخطفها احد من يدي} (يو 10 : 28) فلتقل اذن كما قال القديس بولس الرسول { لان لي الحياة هي المسيح و الموت هو ربح }(في 1 : 21). { الروح و العروس يقولان تعال و من يسمع فليقل تعال و من يعطش فليات و من يرد فلياخذ ماء حياة مجانا} (رؤ 22 : 17).

انت يالله تعطى حياتي القيمة العظمى ..

+ ايها الرب الهى يا من خلقتنى أنسان كمحب للبشر ووهبتنى نعمة العقل الواعى والروح الخلاقة والجسد المتقن ووهبتنى علم معرفتك والتعلم من وصاياك ومن عمق محبتك تجسدت لتجعلنى ابناً لك بالتبنى والنعمة أشكرك على كل مواهبك وعطاياك وأصلى لتهبنى الحكمة والنعمة والقوة لأفهم رسالتى فى الحياة واقوم بها كالتزام وواجب ومهمة ومسئولية فى محبة لك وللغير ولصنع الخير .

+ انت تريدنى اكون سفيرا للسماء اسعى نحو معرفة اراتك وان أعملها داعيا فى حكمة لمعرفتك ، ومقدما للإخرين القدوة والمثل فى الكلام والايمان والصمت والعمل والتصرف فلتهبنى ايضا يارب كل الأمكانيات والنعم الغزيزة والثمار والمواهب الروحية التى تجعلنى أهلا للقيام بدورى كسفير صالح لك وان كان ذلك صعب على فانا أثق فى نعمتك الغزيزة وانك تهبنى من نور نعمتك لاستنير وانير ولو بشمعة الطريق المظلم للأخرين ، لتجعلنى ملحاً صالحا يعطي مجتمعة مذاقة روحية وأكون رائحتك الذكية للجميع .

+ علمنى يا الهي كي أسعى جاهداً فى طريق التوبة والقداسة لكى ما اجعلك امامى فى كل حين واراك فى كل أحد يقابلنى مقدما له محبة وسلاما وبذلاً وخدمةً ، واري حكمتك وقدرتك فى كل خلائقك ومعها احيا فى أنسجام وتناغم مقدماً تسبيحا وشكراً لاسمك القدوس ، فرحاً بك اولاً ثم بكل هباتك وعطاياك وعندما تشرف رحلة حياتى على الانتهاء ضمنى الى بيتك الابوي وأحضانك الإلهية لاعيد معك عيداً لا ينتهى فى عليا سمائك ، أمين .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق