الحاجة الى الارشاد والقيادة
عندما كنا نسافر بالعربات عبر الطرق السريعة فى أوربا ، الى بلاد أو مدن أو شوارع نجهلها كان لا بد لنا من جهاز نيفيجتور موصل عبر الاقمار الصناعية كدليل يرشدنا ويقودنا الى المدينة
والبيت الذى نذهب اليه . كنا نسير على هديه وقيادته لنصل الى المكان الذى نريد الوصول اليه ونحن لا نعرف الطريق الى المكان المقصود وكنا نصل فى الزمن المحدد، وعندما كنا نخطئ فى السير فى الطريق التى يرسمه لنا الجهاز كان يعيد حساباته ويصحح لنا المسار والزمن حتى نصل الى المكان الذى نريد الوصول اليه ، هكذا تسير السفن فى قلب البحار بالبوصلة كمرشد الى الميناء الذى تتجه اليه وتقطع الطائرات المسافات عبر البلاد والقارات لتصل الى المطار المراد الوصول اليه وهو يحدد لها المسافة والوقت والخط الملاحى الذى ينبغى ان نتتبعه .
هكذا نحتاج الى قيادة الروح القدس وارشاده كقوة عليا موجهه لنفوسنا وارواحنا وعقولنا لننجح فى الحياة ونصل الى السماء ، اننا نجهل الكثير عن حاضرنا ومستقبلنا فكم بالأكثر نجهل أمور السماء وشرائعها وعادتها ولغتها وقوانينها، ولهذا نحتاج الى البوصلة والدليل والموجه الذى لا يخطئ ليقودنا ، نحتاج لروح الله القدوس الذى خلقنا ويستطيع ان يقودنا ويهدينا كخالق لجبلتنا وهو عارف لامكانياتنا ومستقبلنا كما انه يسعى ويهمه خلاصنا {روح الله صنعني ونسمة القدير احيتني} (اي 33 : 4). وعندما نشترى اى معدة او آلة ولا نعرف تشغيلها نرجع الى صانعها وكتالوجها لنعرف التشغيل الأمثل لها .هكذا نحتاج دائما ان نكون منقادين لروح الله الكلى الحكمة والعلم . وعندما ننقاد لروح الله نكون بحق ابناء له { لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله} (رو 8 : 14). ولان الله روح فيجب ان نعرفه ونعبده بالروح والحق { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا} (يو 4 : 24).
ولما كان لنا أعداء كثيرون وماكرون يسعون الى تضليلينا وابعادنا عن الطرق الصحيح ، ويعملون على تشتيت الذهن أو الهاء الناس عن خلاصهم ، هؤلاء الاعداء " الشيطان وجنوده " لهم الخبرة والنشاط والخداع والكذب كارواح هائمة تريد ان تفترس وتهلك على كل حال قوما فيجب ان نتيقظ بالأكثر ونحيا فى رعاية وقيادة روح الله { اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم. واله كل نعمة الذي دعانا الى مجده الابدي في المسيح يسوع بعدما تالمتم يسيرا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم ويمكنكم} 1بط 8:5-10. لهذا يجب ان نثبت فى روح الحق المعزى ولا ننقاد لكذب ابليس وشهواته {انتم من اب هو ابليس وشهوات ابيكم تريدون ان تعملوا ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لانه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فانما يتكلم مما له لانه كذاب وابو الكذاب} (يو 8 : 44). ان الانسان مخلوق على صورة الله ومثاله وقد تشوت هذه الصورة بالخطية وتدنس فكر الإنسان بمعرفة الشر الملبس الموت وسيطرت عليه الأنانية ومحبة الذات والعالم وشهواته ووسط صراعات الحياة والافكار والفلسفات وصعوبة
الطريق وحروبها وكم الأفكار التى تعتمل فى العقل البشرى تظهر مدى حاجتنا الماسة لقيادة الروح القدس.
الروح القدس وتعليم النفس وقيادتها وتعزيتها..
الروح القدس هو روح القداسة والحكمة والعلم {لان روح الرب ملا المسكونة وواسع الكل عنده علم كل كلمة} (حك 7:1). لهذا قال لنا السيد الرب يسوع المسيح انه يعلمنا كل شئ {واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26). فهل نريد ان نتعلم من الروح القدس ونسأله ما هو الصح أو الخطأ قبل ان نتصرف؟ ، وهل نصلى ونطلب ارشاد الروح القدس فى امور حياتنا الحاضرة والعتيدة فى روحانية وموضوعية وبلا تحيز أو هوى ؟ .
ان الروح القدس هو روح الحكمة والفهم { ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب} (اش 11 : 2) وهو يسعى الى تقديس النفوس وعنايته تسوس الجميع لكن روح الحكمة والقداسة يبتعد عن الاثم أوالنفوس المستعبدة بالخطية { ان الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق للخطية} (حك 1 : 4) من اجل هذا نرى روح الضلال تسود العالم الشرير { الضلال والظلمة خلقا مع الخطاة والذين يرتاحون الى الشر في الشر يشيخون} (سي 11 : 16).{ نحن من الله فمن يعرف الله يسمع لنا ومن ليس من الله لا يسمع لنا من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال} (1يو 4 : 6). اننا فى أمس الحاجة للصلاة والتلمذة لروح الله القدوس وكتابة المقدس كما عاشته كنيستنا منذ العصور الأولى للمسيحية فانجبت القديسين واللاهوتيين وهى التى أسست مدرسة الاسكندرية اللاهوتية الى تخرج منها قادة الكنيسة فى اوج ازدهارها ثم قدمت الشهداء باللآف عبر عصور الاضطهاد وانجبت قادة الرهبنة الذى أحتضنت الروحانية فى حكمة، واللاهوت فى بساطة وعمق، وزينت السماء بالقديسين من القرى والنجوع والمدن عبر كل العصور .
الروح القدس هو الذى أعطى يوسف العفيف الحكمة والقدرة لتفسير أحلام فرعون مصر وهو الذى وهب الحكمة والفهم لدانيال النبى وهو الذى قاد الكنيسة عبر تاريخها الطويل وهو الذى أفرز برنابا وشاول للكرازة والخدمة { وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما اليه} (اع 13 : 2). وهو الذى عمل فى الانبياء والرسل ليكتبوا لنا الكتاب المقدس مسوقين بروح الله { لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس }(2بط 1 : 21).وهو أمس واليوم والى الابد ، ولهذا نصلي نحن أيضا ضارعين لله ليعطينا من روحه القدوس حكمة ومعرفة وينير عيون قلوبنا وافهامنا لنعلم ماهو رجاء دعوته وما هو غنى ميراثه فى القديسين {لذلك انا ايضا اذ قد سمعت بايمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين. لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا اياكم في صلواتي. كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته. مستنيرة عيون اذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين. وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته} أف 15:1-19.
القيادة الدائمة للروح القدس ..
الروح القدس يهبنا الحياة ويرافقنا منذ الخلق حتى الابدية السعيدة { ترسل روحك فتخلق و تجدد وجه الارض }(مز 104 : 30) . يحل علي المعمودية لنولد به من الماء والروح {اجاب يسوع الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله} (يو 3 : 5) ، وعندما نمسح بالميرون المقدس تنسكب علينا نعمته ومواهبه ويعلمنا ويقدسنا كهياكل له { واما انتم فالمسحة التي اخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم الى ان يعلمكم احد بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء وهي حق وليست كذبا كما علمتكم تثبتون فيه }(1يو 2 : 27) ، الروح القدس هو الذى يبكت المؤمن متى أخطأ ويحثه على التوبه ويدفعه الى البر وعمل الخير وذلك كنتيجة لاستحقاق عمل الرب يسوع المسيح الخلاصى لدى الآب القدوس { لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي ولكن ان ذهبت ارسله اليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة} يو7:16-8. الروح القدس هو الذى يحتنا ويقودنا لكى نثمر ويدوم ثمرنا { واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان، إيمان وداعة وتعفف }(غل 5 : 22) وهو الذى يعمل فى الاسرار لتقديسنا وهو الذى يعزينا فى احزان الحياة وضيقاتها وهو الذى يرشدنا الى سبل البر ويعلمنا ويقدسنا ويقودنا وهو الذى يقيم أجسادنا فى اليوم الاخير .
لقد حل الروح القدس على التلاميذ بعد صعود السيد المسيح كوعده الصادق وملائهم من كل معرفة وفهم وحكمة روحية ووهبهم القوة للكرازة باسمه القدوس {لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم و في كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} (اع 1 : 8). وبقوة الروح كانت الكنائس تبنى وتسير فى سلام وخوف الله {واما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر} (اع9 : 31). وكم نحن فى حاجة ماسه هذه الأيام الصعبة الى الدليل والقائد الإلهى ليقود مؤمنينا وكنيستنا ، رعاة ورعية لناخذ من روح الله ، الحكمة والفهم والافراز والقوة والوحدة . نحن نصلى ونطلب من روح الله القدوس حكمة وقوة عوضا عن حيل وخداع ومكر اهل العالم أوالأتكال على ذراع بنى البشر وقوتهم ودعمهم { وانما ان كان احدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطى له} يع 5:1 .
ان سر قوة الكنيسة الاولى انها كانت مقودة بالروح القدس فى كرازتها وخدمتها وقراراتها وكان الخدام من شمامسة وكهنة واساقفة يتم أختارهم من الروح وبشرط ان يكونوا مملؤين من الروح القدس والحكمة { فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة} اع 3:6. كان الروح القدس هو الذى يقود فى أتخاذ القرارات { لانه قد راى الروح القدس ونحن ان لا نضع عليكم ثقلا اكثر غير هذه الاشياء الواجبة }(اع 15 : 28). وفى كرازة الرسل وخدمتهم كان الروح القدس هو العامل والمتكلم فيهم { لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سر الحكمة المكتومة التي سبق الله فعينها قبل الدهور لمجدنا. التي لم يعلمها احد من عظماء هذا الدهر لان لو عرفوا لما صلبوا رب المجد. بل كما هو مكتوب ما لم تر عين و لم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله. التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلمها حكمة انسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات. ولكن الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لانه عنده جهالة ولا يقدر ان يعرفه لانه انما يحكم فيه روحيا} 1كو6:2-14. وكان الهدف من الخدمة ليس مجداً شخصياً بل مجد الله بواسطة الروح القدس لذلك نمت الكرازة وأمتدت فى كل مكان { الذين اعلن لهم انهم ليس لانفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الامور التي اخبرتم بها انتم الان بواسطة الذين بشروكم في الروح القدس المرسل من السماء التي تشتهي الملائكة ان تطلع عليها }(1بط 1 : 12).
نحن يا احبائى نحتاج الى التوبة والرجوع الى الله لكى لا نحزن روح الله القدس ولكى ما يقودنا واهبا لنا ان نصلى بالروح والحق { واما انتم ايها الاحباء فابنوا انفسكم على ايمانكم الاقدس مصلين في الروح القدس }(يه 1 : 20). واذ نستودع أنفسنا فى يد الله الامينة لا نخاف من الظروف المحيطة ولا تغير الاشخاص أو الازمنه فنحن دائما وابداً فى قيادة وحكمة الروح القدس نسير من قوة الى قوة واثقين من قيادة الإلهية لنفوسنا وكنيستنا { ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مراة نتغير الى تلك الصورة عينها من مجد الى مجد كما من الرب الروح} (2كو 3 : 18). ولكن هل نحن أمناء فى النقياد لروح الله؟ اننا رغم الضعف البشرى وعدم أمانة البعض نثق فى الله انه أمين وعادل لا يقدر ان ينكر نفسه وسيقودنا بهذا الرجاء المبارك ولن يسمح بشئ الا ما هو لخيرنا ولخير كنيسته التى اقتناها بدمه . ولهذا نحيا حياة الإيمان الفرح والسلام والرجاء {وليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس} (رو 15 : 13).أمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق