الحاجة الى المحبة الإلهية
+ ان نكون محبوبين ومحبين من الحاجات الضرورية التى لا يستغنى عنها الإنسان، فالمحبة تعطى للحياة معنى، وتعطى للإنسان قيمة وهدف يناضل من أجله. واذ نبحث عن محبة صادقة وباذله ومعطاءة وتوجيه سليم لعواطفنا، فلن نجد خير من محبة الله التى تسمو بالمشاعر وتهذب العقل وتشبع الروح وتروض الجسد، ان المحبة الإلهية عندما تدخل قلب الإنسان تجعله يكاد يطير فرحا وتهليلاً ويقول لله بحق معك لا اريد شيئا على الارض. محبة الله تجعلنا نحب الآخرين محبة روحية ساميه تبنيهم وتقويهم وتقودهم الى الارتباط بالله ومحبتة { اجذبني وراءك فنجري ادخلني الملك الى حجاله نبتهج ونفرح بك نذكر حبك اكثر من الخمر بالحق يحبونك} (نش 1 : 4). واذ نعلن محبتنا لله فاننا نجده يوصينا ان نحب اخوتنا ايضا محبة تبنيهم وتسعدهم فى روحانية وبذل وبلا شهوة أو مصلحة ، نعمل الخير للجميع كطبيعة الله الخيرة والباذلة والمعطاءة .
+ محبة الله ضرورة لسعادتنا كما انها مطلب الهى أيضاً، فالله يطلب منا ان نحبه من كل القلب والنفس والفكر {وتحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك هذه هي الوصية الاولى} (مر 12 : 30). ونحن نصلى لكى ما يختن الله قلبنا ويملأئه بالمحبة الإلهية التى تشبع وتفرح وتقوى وتحرر وتحمى المؤمن من الوقوع فى الاخطاء {ويختن الرب الهك قلبك وقلب نسلك لكي تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك لتحيا} (تث 30 : 6). ولما كان القلب هو مركز العواطف والمشاعر فان الله يطلب منا ان نعطيه قلوبنا ونلاحظ طرقه { يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي} (ام 23 : 26). وعندما نحب الله فان المحبة تعلمنا كل شئ حسن وتقودنا فى طريق الرب بيسر وسهوله بل نجد نفوسنا وعقولنا منقادة الى حفظ وصاياه والعمل بها { الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21).
+ محبة الله هى رباط الكمال { وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال}(كو 3 : 14). فالمحبة لا تسقط ابداً. وهى مكرمة أمام الله والناس. ان وجدت المحبة فى القلوب فانها تتغلب على الضيقات والمتاعب التى تواجه الانسان فى الطريق وبالمحبة نتغلب حتى على المشكلات التى تواجه الاسرة والفرد { مياه كثيرة لا تستطيع ان تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها ان اعطى الانسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا }(نش 8 : 7). كما ان المحبة تهبنا الحكمة الإلهية { محبة الرب هي الحكمة المجيدة} (سير 1: 14). ان الله يسكب محبته فينا بروحه القدوس ويجذبنا بربط المحبة لنتبعه فى يقينية الرجاء حتى ما نصل الى السماء { والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو 5 :5 ). الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه {ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه} (1يو 4 : 16) . ان كل أعمالنا توزن وتقيم لدى الله بمقدار بما فيها من محبة لله والقريب وكما قال الكتاب المقدس مبينا أهمية المحبة { ان كنت اتكلم بالسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن او صنجا يرن . وان كانت لي نبوة واعلم جميع الاسرار وكل علم وان كان لي كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئا. وان اطعمت كل اموالي وان سلمت جسدي حتى احترق ولكن ليس لي محبة فلا انتفع شيئا} (1كو 13 :1- 3). لقد غفر الله للمرأة الخاطئة لانها أحبت كثيراً ونحن ايضاً لابد ان نحيا فى محبة الله. ونصلى ونطلب ان يهبنا ان نحبه من كل القلب، فبالمحبة ان يغفر لنا خطايانا ويحررنا من كل محبة غريبة عن القداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب.
كيف تقوى محبتنا لله ..
+ ان تذكرنا لمعاملات الله الحسنة معنا وغفرانه لخطايانا وخلاصه لنا من أعدائنا وأبوته وحنانه تجعلنا نتغنى ونعترف بمحبته. فقد تغنى داود النبى بمحبة الله الذى أحبه وأختاره من وراء الغنم ليقيم منه ملكاً، وأنقذه من جميع أعدائه ومن بينهم شاول الملك وهو يطارده من بريه الى أخرى فى الصحراء ليقتله فقال { احبك يا رب يا قوتي. الرب صخرتي وحصني ومنقذي الهي صخرتي به احتمي ترسي وقرن خلاصي وملجاي. ادعوا الرب الحميد فاتخلص من اعدائي . اكتنفتني حبال الموت وسيول الهلاك افزعتني. حبال الهاوية حاقت بي اشراك الموت انتشبت بي. في ضيقي دعوت الرب والى الهي صرخت فسمع من هيكله صوتي وصراخي قدامه دخل اذنيه} مز 1:18-6. اننا يجب ان نكون أوفياء تجاه هذه المحبة الغافرة التى تستر الذنوب وتبادر بالعطاء رغم عدم استحقاقنا.
+ نحن نحب الله لانه أحبنا وحبه سعى الى خلاصنا { نحن نحبه لانه هو احبنا اولا }(1يو 4 : 19). ومن أجل محبته الأبدية فهو يديم لنا الرحمة ومراحمه جديدة علينا كل صباح { اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك} مر21:3-23. {تراءى لي الرب من بعيد ومحبة ابدية احببتك من اجل ذلك ادمت لك الرحمة }(ار 31 : 3). قد ننسى مراحم ومحبة الله فنراه يردنا اليه بربط المحبة التى قد تستخدم كل الوسائل لكى ما نرجع اليه ونحبه {كنت اجذبهم بحبال البشر بربط المحبة وكنت لهم كمن يرفع النير عن اعناقهم ومددت اليه مطعما اياه} (هو11 : 4). ان محبة الله شبع للنفس البشرية ولن نجد عنها بديلاً ولا نستطيع ان نستغنى عن الله فالإيمان قوة عظيمة للسائرين فى الطريق تمتد بنا لتصل الى الأبدية السعيده.
+ اننا نحيا فى زمن ضعفت وبردت فيه محبة كثيرين بسبب الخطية {ولكثرة الاثم تبرد محبة الكثيرين} (مت 24 : 12). ولقد تمسك البعض بالشكليات دون جوهر العبادة وروحها كما وبخ السيد المسيح البعض قديما { ولكن ويل لكم ايها الفريسيون لانكم تعشرون النعنع والسذاب وكل بقل وتتجاوزون عن الحق ومحبة الله كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك }(لو 11 : 42). المحبة هى جوهر العلاقة بين الانسان والله والانسان وأخوته فى البشرية { محبة الله من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة ومحبة القريب كالنفس هي افضل من جميع المحرقات والذبائح }(مر 12 : 33).
+ ولكى تدوم المحبة يجب ان تُبنى على اسس سليمة سواء فى نطاق العلاقة بالله أو بين الانسان واخوته فيجب ان تبنى على الأحترام والتقدير والوفاء { يقترب الي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا} (مت 15 : 8). كما ان المحبة تحتاج للنمو والا تبرد وتضعف ولهذا قال السيد المسيح له المجد {عرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم} (يو17:26). المعرفة بالله ليس شئ نظرى نقراء عنها فى الكتب بل ننمو فى المعرفة الأختبارية والخبرات الروحية . كما ان الصدق يقوى محبتنا { المحبة فلتكن بلا رياء كونوا كارهين الشر ملتصقين بالخير} (رو 12: 9). كما ان المحبة ليست كلاما بل تحتاج للتعبير عنها بالعمل والحق سواء فى العلاقة مع الله أو بين الناس { يا اولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق} (1يو 3 : 18). المحبة تحتاج الى حرص وتغذية، وان كان الله هو المبادر بالمحبة فهل نحن أوفياء لمحبة الله الباذلة والمحررة والغافرة وهل نعبر عن شكرنا الدائم لله فى كل الظروف عالمين ان كل الاشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله أم نحيا التذمر والشكوى وعدم الرضا؟. ان الشكر على نعم الله المتنوعه حق وواجب فلا موهبة بلا زيادة الا التى هي بلا شكر. اننا نصلى لكى يهدى الله قلوبنا الى محبة وصبره لكى ما بالمحبة والصبر والرجاء والإيمان نرث المواعيد ونحيا فى محبة الله { والرب يهدي قلوبكم الى محبة الله والى صبر المسيح }(2تس 3: 5).
أحبك يارب يا قوتى...
+ أحبك يارب ياقوتى، فانا يارب دونك لا شئ ابداً وبك أستطيع كل شئ، فانت الذى تقودنا فى موكب نصرتك وتمشينا على مرتفعات، أتكل عليك ابائنا فنجو ، وكنت لهم منقذاً وخلصتهم من جميع شدائدهم، عبرت بهم البحر، فى طريق غير مسلوكة ، كنت لهم عمود سحاب نهاراً تقيهم حر الشمس وبعمود من نار ليلاً هديتهم فى البرية . وانت ضابط الكل وسيد التاريخ والامم وقادر ان تقودنا ايضا للخلاص من أعدائنا ومن ايدى جميع مبغضينا، انت تعطينا ان نسير بلا خوف، منقذين من ايدي اعدائنا لنعبدك بقداسة وبر قدامك جميع ايام حياتنا. فنحن لا نعرف أخر سواك، اسمك القددوس هو الذى نقوله فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس ولا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك .
+ أحبك يارب يا من بالمراحم تكللنى وبالاحسان تعاملنى وبالمحبة تشملنى، فانت هو لى الراعى الصالح، الذى يقودنى الى الشبع والأكتفاء وتشبع نفسى الظماء حتى الارتواء. وان ضللت فانت ترد نفسى وتهدينى، ان سرت فى وادى ظل الموت لا اخاف شراً لانك انت معى ، انت الذى تغذينى بالاسرار المعطية الحياة، وتقودنا بنعمة روحك القدوس معطياً لنا حكمة وبراً وقداسةً، ولهذا نحبك يارب ونبارك اسمك ولاننسى جميع أحساناتك، انت الذى تغفر ذنوبنا وتستر خطايانا وعيوبنا، وتشفى أمراض نفوسنا وأجسادنا وارواحنا وتكللنا بالمراحم والرأفات وتخلصنا من كل شر وتهبنا كل صلاح وخير، وتجدد مثل النسور شبابنا الروحى .
+ اعرف انى محبوب لك وقد قلت لي لا تخف لاني فديتك دعوتك باسمك انت لي (اش 43: 1). وكيف أخاف وانت القائل { انا الرب الهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف انا اعينك} (اش 41 : 13). حتى وان هاج البحر وضربت الأمواج سفينة حياتى فانت هو امس واليوم والى الابد قادر ان تحل بسلامك فى سفينة حياتنا وتهدى الريح وتسكت البحر عن ارتفاع لججه. فانت الذى نجا يونان النبى من الغرق اذ اعددت له حوتا عظيما يكون بمثابة سفينة نجاة. وان سمحت بالتجارب لكنك لن تسمح ابدا ان تكون التجربة لهلاك مؤمنيك بل لتنقيتهم وأصلاح شأنهم ورجوعهم اليك، ولكى ينالوا الأكاليل المعدة للصابرين، فالنار تنقى الذهب من الشوائب واذ تظهر فينا صورتك البهية يستعلن مجدك فينا، وانت القائل لا تخف ايها القطيع الصغير فان اباكم قد سران يعطيكم الملكوت. فلهذا نحن نحبك ايها الراعى الامين ونتبعك لا طمعاً فى المكأفاة ولا خوفاً من العقاب ولكن كابناء أوفياء لله الأمين فى صنع الخير. نعم نحبك لانك احببتنا اولاً ومازالت مراحمك تستعلن لنا فى كل ايام حياتنا. فنحن نترجى مراحمك ونعيش فى كنف محبتك ونعلن إيماننا بك ونسعى الى محبتك فوق كل الاشياء ونقول مع النبى {من لي في السماء ومعك لا اريد شيئا في الارض} (مز 73: 25) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق