فوضى خلاقة أم أخلاقية
الفوضى الخلاقة ...
- الفوضى الخلاقة مصطلح أنتجه المفكرين فى الأستراتيجية الأمريكية للتعامل مع العالم العربى وان كان يرجع كتطبيق الى أحداث الثورة الفرنسية التى قادت الى سيطرة عامة الشعب وحولت الأمور الى فوضى عارمة تفتقر الى التنظيم فى ظل غياب مرجعية فكرية وسياسية قادرة على ضبط الامور فى البلاد و بدأت باحداث الثورة الفرنسية فى 1789 واستمرت حتى 1799 . والغت الاقطاعيات المطلقة و الأمتيازات الأرستقراطية وقادت لانهاء الملكية وانشاء نظام جمهورى يتميز بالفصل بين السلطات واقرت المساواة والحرية والاخاء والعدالة الأجتماعية .
- وها نحن نجد صناع السياسة فى أمريكا ومنذ عهد قريب تبنوا سياسة " الفوضى الخلاقة " ليتم تطبيقها فى عالمنا العربى وبلا شك لو لم تتهيا الظروف الداخليه لما نجحت هذه السياسة ،ان أستبداد الأنظمة وأنتشار الفساد والفقر والبطالة والبيروقراطية والرشوة ثم الثورة التكنولوجية التى جعلت الشعوب تتصل ببعضها وتتواصل من خلال الدش و شبكات النت والمحمول والرسائل القصيرة كل ذلك جعل المواطن العادى يثور على الأوضاع السائدة فى مجتمعه ويسعى للأصلاح والتغيير .
- ومع معرفتنا ان الساسة فى أمريكا والغرب يهمهم مصالحهم بالدرجة الأولى وما نشر الديمقراطية الأ ستار لهذه المصالح ولكن هذه المصلحة التقت مع تطلعات شعوب المنطقة فى تغيير الأنظمة الفاسدة وكسب ود الشعوب وتجفيف منابع العنف والقضاء على اسبابه فى عالم القرية الصغيرة التى لم يعد فيها ما يحدث فى قرى مصر أو أدغال ساحل العاج او دارفور او حتى فى اليابان بعيد عن كل متابع للأحداث فى عالمنا الصغير .ونحن لسنا مع مصلحتنا الوطنية أولاً واخيراً ويجب ان نكون أمناء مع أنفسنا والله وبلادنا ونسستفيد من تجارب الأخرين والتعاون معهم فى السعى لتحقيق المصالح المشتركة ، ولن نتخاذل يوماً فى الحفاظ على مقدراتنا ومواردنا وقيمنا وأيماننا والعمل من أجل الحفاظ على أمننا الوطنى والقومى وبناء مستقبلنا فى عالم نتكامل فيه ولا نتصارع فنحن نؤمن بتكامل وتعاون الحضارات والأديان لا بصراعها وضد محاولة البعض فرض الهيمنة والسيطرة على مقدراتنا.
- نحن لايمكن ان نتقوقع على أنفسنا ولكن يمكننا ان نتفاعل مع من حولنا ونأخذ ما يتلائم مع ظروفنا ويجب ان يكون لنا مشروعنا الوطنى والقومى الخاص ولا نبنى سياستنا على ردود الأفعال بل علينا تبنى السياسات التى تحافظ على أهدافنا الوطنية والقومية .ان مصالح مصر وتنمية مواردها واجب وطنى وأمانة فى أعناقنا جميعاً . ان هناك من يتربص بنا وبدورنا الأقليمى ويتآمر على مصادرنا الطبيعية من مياة النيل والبترول ومشتقاته وعلى أمننا ووحدتنا الوطنية ونصلى ونعمل ليفشل كل هؤلاء .
- لقد حافظنا مسيحيين ومسلمين على أثار مصر عبر الأف السنين كتراث وميراث حضارى وفكرى وسياحى ورحبنا بضيوف مصر وزائريها كواجب أخلاقى قبل ان يكون مصدراً للدخل القومى ويجب ان نستمر فى ذلك ولا نقع ضحية فكر طالبانى وافد من أفغانستان ولا يليق بنا نحن ابناء مصر وقيمها الدينية والحضارية العظيمة . كما اننا ضد تهديد السياحة كعامل جذب حضارى وأقتصادى يظهر للعالم الغنى السياحى و الثقافى والفكرى والدينى المصرى وكمصدر دخل قومى يعمل فيه ويقتات منه الملايين من ابناء شعبنا المصرى .
الفوضى الأخلاقية ...
- عندما كتب المستشرق الغربى جيمس هنرى برستيد ( فجر الضمير ) قائلا ان الشعب المصرى منذ 4 الأف سنة قبل الميلاد كان له الضمير الأخلاقى الذى يدقق فى ضميره واخلاقه ليكون "إنسان القيم" لم يكن قد شاهد ما يجرى فى مصر المحروسة اليوم من تدهور للقيم الى الحد الذى تكون فيه "البلطجة" هى المسيطر على الشارع ويعانى المصريين الفساد والأستغلال والظلم والتمييز والرشوة وعدم الشفافية ووجدنا قمة الهرم السلطوى تتخذ من المال والجنس والقمع والقتل وسائل لتحقيق غاياتها والان نرى الفساد يصل الى أخمص القدمين والى الأتجار بالدين الذى هو برئ من كل ظلم الأنسان لأخيه الأنسان مهما كان دينه او مذهبه . وكما يقول السيد المسيح " فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم لان هذا هو الناموس و الانبياء" (مت 7 : 12) وكما جاء فى الحديث الإسلامي الخالد " أنما الدين المعاملة" فلنحاسب أنفسنا على تصرفاتنا رحمة بأنفسنا وأهلنا وبلادنا وحاضرنا ومستقبلنا .
- ان ما نشاهده من أحداث قتل وسرقة وأستغلال وصل الى حد الخطف والأغتصاب الجماعى هو أمر تستنكره كل القيم والأخلاق الحميدة . كما ان الأعتداء على الكنائس والأضرحة ليس من قيم مصر القمم والقيم ، وان ينصب الأنسان نفسه محققا وقاضيا وحاكما باسم الله فان ذلك تشويه لله الخالق الرحمن الرحيم وسيضع مستقبل مصر فى مهب الريح ويقودنا الى الهاوية والطوفان الذى لن ينجو منه أحد ، ويؤدي الى أنهيار أركان الدولة وهيبتها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها .
- نحن نحتاج للثورة الفكرية التى فيها يسعى الأنسان الى تحرير نفسه من الكراهية والأساءة للأخر بل لنعمل من أجل خير جارنا قبل دارنا . يجب ان نضع ثقتنا فى الله الصالح الرحوم وان نسعى الى صنع السلام والخير والإحسان للجميع .
- لقد وضعنا ثقتنا بعد الله فى القوات المسلحة المصرية صاحبة التاريخ العريق وعليها ان تقوم بحماية مقدرات الأمة ، ورغم بعض النتائج حتى الان غير مرضية او كافية فاننا نلتمس الأعذار والمبررات للقائمين عليها ونقف معها فى خندق واحد للقيام بدورها الوطنى والقومى مطالبين اياهم بالسعى نحو توطيد أسس العدل والمساواة وحقوق الإنسان واسترداد ثروات مصر المنهوبة. وما شاهدناه من تشديد القوانين الخاصة بالبلطجة والتحرش والأغتصاب بشير خير لكن لابد ان نراه مطبقاً على أرض الواقع بصوة تحمى وتؤمن الوطن والمواطنين .
نحو مجتمع ديمقراطى متقدم
- ان الذى يهمنا فى الأمر الان بعد قيام الثورة الشعبية فى مصر ونجاحها ان ناخذ الدروس والعبر من التاريخ والحاضر ونبنى ليكون مستقبلنا بصنع أيدينا من أجل البناء والتقدم الديمقراطى لمصر وشعبها الصابر والمثابر ، علينا ان نقدم نموذج حضارى يحقق غايات القضاء على الفساد وبناء مجتمع العدل والمواطنة والمساواة والديمقراطية وحقوق الأنسان وأسترداد ثروات مصر المنهوبة وان نبنى مشروع وطنى تجتمع عليه سواعد الأمه وبدلاً من ان تبحث كل فئة أو جماعة عن نصيبها من الكعكة علينا ان نتكاثف لتنضج هذه الكعكة ونأكل منها جميعاً كل حسب حاجته .
- ان مصر المباركة والتى باركها الله فى العهد القديم ووصفها بالجنة لجمالها { كجنة الرب كارض مصر } تك 10:13 هى مصر التى بارك الله شعبها قائلاً { مبارك شعبي مصر } (اش 19 : 25) . هى مصر التى جاء اليها السيد المسيح طفلاً ليجد فيها الأمن والأمان { اذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا قم و خذ الصبي و امه و اهرب الى مصر و كن هناك حتى اقول لك لان هيرودس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه} (مت 2 : 13) وهى التى استوصى بها الأسلام خيراً كما جاء فى الحديث {اذا فتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيراً، فإن لهم دماً ورحماً وفي رواية أخرى ان لهم ذمة ورحماً } . ستبقى مصر محفوظة بعون الله وبقوة وتماسك ووحدة شعبها رغم ظلم وفساد واستبداد الذين تولوا أمرها زمناً طويلاً.
- نعلم ان لنجاح مصر وأستقرارها وتقدمها أعداء من خارج يتربصون بها فهناك الكثيرين لايريدون لنا النجاح لئلا تهتز كراسيهم وتدور عليهم الدوائر وهناك من لا يريدون مصر قوية حتى ما تكون خطراً على كيانهم . كما ان أركان النظام الماضى يسعون لأفشال الثورة وعدم أستقرار النظام لتعود لهم مراكزهم وسلطاتهم ولا تسترجع أموالهم بالاضافة الى الذين يسعون الى ركوب موجة الثورة لتحقيق أطماع ومصالح خاصة دون مصلحة شعب مصر الصابر .
- علينا ان نعمل معاً من أجل خلق مجتمع فاضل يتعاون فيه الجميع من أجل محاربة الفقر والغلاء والجهل والأمراض التى تنهش فى أجسادنا . علينا ان نحترم كرامة الإنسان بغض النظر عن مركزه الأجتماعى او ديانته او انتماءه القبلى والعائلى او الدينى او الطائفى . علينا ان ننتج ونبنى لا ان نهدم ونحرق ونخرب ونسرق ونستبيح أعراض الاخرين. وان نقف فى وجه الفساد والمفسدين .وان نكون واعين لأهمية المرحلة وان نتعاون على البر والتقوى لا على الأثم والأعتداء .
يا مصر قومى وانهضى ..
يا مصر يا بلد الأصالة والكرم ، قومى أنهضى والبسى الثوب الجديد ، دا انت ربيع الشرق وانت فجره الوليد . بلد الحضارة والضمير ، بلد القيم والقمم والنخيل والشموخ ، فى كل يوم مع الاذان تدق اجراس الكنائس وتقولنا صلوا للرحمن من أجل كل أنسان ينمو فى الأحسان ولتزيدوا في التقوى والإيمان .
يا مصر قومى وانهضى وضمى فى حضنك كل الخيرين نعمل سوا ونكون للكل بلسم وصحة ودواء ، يا مصر يا نيل الخير والمحبة ، مبسوطة ايديك للعطاء ، فيك الأمان وليكى الوفاء وشمسك نور وصحة ودفأ . حنى يا أمى على الغلبان وضمى فى أحضانك المريض والتعبان . وعلمى الجاهل ومتخلهوش يبقى فريسة للشيطان .
يا مصر قومى وانهضى واثبتى للكل انك عظيمة مش باللسان ولا بالكلام . دا انت الأمل وانت العمل . هتبقى شعلة الإيمان فيكى منوره وهتستمرى يا بلدى للعالم كله ملهمة . دا مهما عانيت من فساد صابره يا مصر ومثابره على الاصلاح وعلى خير العباد . يامصر دا انت فى الشرق دوماً هتظلى نور ومناره وعلى هامته هتكونى تاج .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق