10‏/04‏/2011

- المسيح نور العالم | للأب القمص أفرايم الاورشليمى



ما بين نور البصر والبصيرة ..

- الله نور وساكن فى النور وتسبحة ملائكة النور ويريد لنا ان نحيا فى النور وبقدر ما نقترب من الله نستنير ونعرف الحق والحق يحررنا . لقد جاء النور الحقيقى الى العالم يسوع المسيح ربنا "كلمة الله المتجسد" لكى ما يعلن لنا ذاته { ثم كلمهم يسوع ايضا قائلا
انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة} (يو 8 : 12) وهذا ما أعلنه لنا أشعياء النبى قبل ما يزيد عن سبعمائة سنة من التجسد الإلهى {قومي استنيري لانه قد جاء نورك و مجد الرب اشرق عليك }(اش 60 : 1) وتنبأ ذلك النبى بالروح قائلاً { و لكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل و تلد ابنا و تدعو اسمه عمانوئيل} (اش 7 : 14). لقد كان التجسد الإلهى رسالة محبة وأستنارة ومعرفة للة لكل أنسان . جاء السيد المسيح ليهبنا نعمة الإيمان، كنور يشرق فى القلب والفكر والروح . ولكى ما يعطى الخطاة التوبة والرجوع من عالم الظلمة الى عالم النور . أقترب الله الينا لكى ما نستنير بتعاليمه ونعرف محبته وأبوته ولكى ما تكون لنا تعاليمه ووصاياه نور لحياتنا وطرقنا ولكى ما نتعلم منه كيف نسلك مع بعضنا بالمحبة والرحمة والعدل والحق فنكون ابناء نور ومن ثم نكون وارثين للملكوت السماوى فى النور .

 - ان كثيرين يا أحبائى ممن يدعُون انهم مبصرين ويحيوا فى النور هم فى الحقيقة عميان يتخبطون فى الجهل ويحيون فى ظلام الفكر ولم يعرفوا الله ولا نور الإيمان به من أجل ذلك قال المخلص { لدينونة اتيت انا الى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون و يعمى الذين يبصرون . فسمع هذا الذين كانوا معه من الفريسيين و قالوا له العلنا نحن ايضا عميان. قال لهم يسوع لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية و لكن الان تقولون اننا نبصر فخطيتكم باقية} يو 39:9- 41 قال هذا بعد ان صنع طيناً وطلى به عينى المولود أعمى فابصر . وكان ذلك فى يوم سبت . فحاكم الفريسيين المولود أعمى كيف يشفى فى السبت ؟ ولا يجوز ان يمارس المسيح عملاً فيه؟ وقالوا عن السيد انه كاسر للسبت وخاطئ! { اجاب الرجل و قال لهم ان في هذا عجبا انكم لستم تعلمون من اين هو و قد فتح عيني. و نعلم ان الله لا يسمع للخطاة و لكن ان كان احد يتقي الله و يفعل مشيئته فلهذا يسمع. منذ الدهر لم يسمع ان احدا فتح عيني مولود اعمى. لو لم يكن هذا من الله لم يقدر ان يفعل شيئا} يو 30:9-33.

 - أصر هؤلاء العميان على أدانة النور واتوا بالمولود اعمى الذى شفاه الرب يسوع ثانية واردوا منه ان ينكر المعجزة ويتبرأ من المخلص وعمله العجيب { فدعوا ثانية الانسان الذي كان اعمى و قالوا له اعطي مجدا لله نحن نعلم ان هذا الانسان خاطئ. فاجاب ذاك و قال اخاطئ هو لست اعلم انما اعلم شيئا واحدا اني كنت اعمى و الان ابصر} يو 24:-25. لم يكن هذا هجوم من الرجل على الرب بقدر ما هو أثبات عملى على قدرته على الأشفاء . نحن نقرأ هذا الأنجيل فى احد التناصير الذى نعطى فيه سر العماد للمقبلين على الإيمان المسيحى لنعلن ان المعمودية من الماء والروح تعطى بصيرة روحية للمعمدين ليكونوا ابناء النور ويلبسوا حلل بيضاء وشموع مضيئة فى أيديهم ليسيروا كابناء النورويبعدوا عن عالم الخطية والظلمة ويصبحوا وارثى ملكوت النور .

التدرج فى معرفة النور الحقيقى ..

- ان الله يريد ان يعلن لنا ذاته ويكشف لنا عن نوره ومحبته واسرار ملكوته ويبحث عن العميان ليفتح عيون قلوبهم ليعرفوه .ان النور من طبيعته الأنارة والمحبة طبيعتها حب والله يدعونا للأيمان والسير فى النور {ما دام لكم النور امنوا بالنور لتصيروا ابناء النور } (يو 12 : 36). هكذا جاء السيد المسيح الى أورشليم الى الإعمى ودون ان يطلب منه الأعمى الشفاء لكنه راى فيه الأستعداد للأيمان والشهادة للنور {واسير العمي في طريق لم يعرفوها في مسالك لم يدروها امشيهم اجعل الظلمة امامهم نورا و المعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها و لا اتركهم} (اش 42 : 16) وهذا المولود أعمى ربما لم يكن سمع عن يسوع من قبل ،جاء اليه السيد وصنع طيناً ووضعه على عينيه وأمره ان يذهب ليغتسل فى بركة " سلوام" فاظهر الأعمى طاعة وأيمان وذهب وأغتسل فعاد بصيراً وعندما سألوه عن من شفاه قال { فقالوا له كيف انفتحت عيناك. اجاب ذاك و قال انسان يقال له يسوع صنع طينا و طلى عيني و قال لي اذهب الى بركة سلوام و اغتسل فمضيت و اغتسلت فابصرت} يو 10:9،-11. كان هذا بدء معرفة بالسيد المسيح ولكنه أخذ يفكر ويتأمل ويبحث وعندما ساله الفريسيين محاولين ان يدينوا المخلص { فساله الفريسيون ايضا كيف ابصر فقال لهم وضع طينا على عيني و اغتسلت فانا ابصر. فقال قوم من الفريسيين هذا الانسان ليس من الله لانه لا يحفظ السبت اخرون قالوا كيف يقدر انسان خاطئ ان يعمل مثل هذه الايات و كان بينهم انشقاق. قالوا ايضا للاعمى ماذا تقول انت عنه من حيث انه فتح عينيك فقال انه نبي} يو15:9-17. نعم ارتفع الى مرتبة اعلى فى معرفة فعندما جاء السيد المسيح على الأرض أخذ جسدا وصار انسان مثلنا لكن بغير خطية { و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا} (يو 1 : 14) ثم كان من أحدى أعماله "النبوة" جاء يعلن لنا ارادة الأب السماوى ويعرفنا اسرار ملكوته السماوى {لكي يتم ما قيل بالنبي القائل سافتح بامثال فمي و انطق بمكتومات منذ تاسيس العالم} (مت 13 : 35).

 - وعندما زاد هجوم الفريسيين على المخلص واحضروا اهل المولود اعمى وسالوهم أهذا ابنكم الذي تقولون انه ولد اعمى وكيف أبصر قال ابواه نعلم ان هذا ابننا وانه ولد اعمى اما كيف أبصر فلا نعلم ؟ قالا هذا خوفاً من اليهود لانهم قالوا انه ان أعترف أحد بيسوع انه المسيح يخرجوه من المجمع لذلك قالا { هو كامل السن اسالوه } فاحضرا المولود أعمى وقالوا له أعطى مجداً لله . لقد قدموه للمحاكمة وسيطرد من المجمع ويحرم من كافة حقوقه كيهودى ، هنا راينا الأعمى يجاوب فى شجاعه ان يسوع من الله { اجاب الرجل و قال لهم ان في هذا عجبا انكم لستم تعلمون من اين هو و قد فتح عيني. و نعلم ان الله لا يسمع للخطاة و لكن ان كان احد يتقي الله و يفعل مشيئته فلهذا يسمع. منذ الدهر لم يسمع ان احدا فتح عيني مولود اعمى. لو لم يكن هذا من الله لم يقدر ان يفعل شيئا} يو30:9-33. نعم قد يسمع الله للخاطى عندما يرجع بالتوبة الى الله ويقبله أما ان يفتح أعين العميان ويقيم الأموات من القبور ويشفى البرص والعرج والسقم ويخرج الشياطين فلابد انه يكون من الله . لكن الأنسان المصر على عماه والذى يرفض النور فسيحيا فى الظلام الى منتهى الدهور

- حكم الفريسيين على الرجل واخرجوه من المجمع فبحث عنه السيد المسيح وضمه الى حظيرته { فسمع يسوع انهم اخرجوه خارجا فوجده و قال له اتؤمن بابن الله. اجاب ذاك و قال من هو يا سيد لاومن به. فقال له يسوع قد رايته و الذي يتكلم معك هو هو. فقال اومن يا سيد و سجد له } يو 35:9-38. نعم قِبل المخلص أعتراف وسجود المولود أعمى بل ودعاه اليه لانه { ليس احد يقدر ان يقول يسوع رب الا بالروح القدس} (1كو 12 : 3) . ونحن أخذنا روح التبنى بالمعمودية التى بها نؤمن باله واحد "كائنا بذاته ناطق بكلمته وحى بروحه القدوس" وهذا ما نؤمن ونبشر ونكرز به { فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس. و علموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به و ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} مت 19:28-20. لان الذى يشهد فى السماء {فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب و الكلمة و الروح القدس و هؤلاء الثلاثة هم واحد} (1يو 5 : 7) . {من امن و اعتمد خلص و من لم يؤمن يدن} (مر 16 : 16) . ونحن واثقين بمن نؤمن وعالمين انه قادر على رعايتنا وقيادتنا لنكون له ابناء وخدام لملكوته السماوى فى نوره العجيب { الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة و المحبة و النصح . فلا تخجل بشهادة ربنا و لا بي انا اسيره بل اشترك في احتمال المشقات لاجل الانجيل بحسب قوة الله . الذي خلصنا و دعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى اعمالنا بل بمقتضى القصد و النعمة التي اعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الازمنة الازلية . و انما اظهرت الان بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي ابطل الموت و انار الحياة و الخلود بواسطة الانجيل . الذي جعلت انا له كارزا و رسولا و معلما للامم . لهذا السبب احتمل هذه الامور ايضا لكنني لست اخجل لانني عالم بمن امنت و موقن انه قادر ان يحفظ وديعتي الى ذلك اليوم }.2 تيمو 7:1-12.

أمنوا بالنور وسيروا فيه ...

- جاء المسيح يسوع نورا للعالم ومن يؤمن به يحيا فى النور ويسير فى النور ويكون له نور ابدياً ليرث الملكوت السماوى ويكون كملائكة النور { في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان و بغيره لم يكن شيء مما كان. فيه كانت الحياة و الحياة كانت نور الناس. و النور يضيء في الظلمة و الظلمة لم تدركه. كان انسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته.لم يكن هو النور بل ليشهد للنور.كان النور الحقيقي الذي ينير كل انسان اتيا الى العالم.كان في العالم و كون العالم به و لم يعرفه العالم. الى خاصته جاء و خاصته لم تقبله.و اما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه.الذين ولدوا ليس من دم و لا من مشيئة جسد و لا من مشيئة رجل بل من الله. و الكلمة صار جسدا و حل بيننا و راينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة و حقا}.يو1:1-14

 - علينا ان نسلك فى النور ونتوب عن الخطايا والذنوب { و هذه هي الدينونة ان النور قد جاء الى العالم و احب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة لان كل من يعمل السيئات يبغض النور و لا ياتي الى النور لئلا توبخ اعماله و اما من يفعل الحق فيقبل الى النور لكي تظهر اعماله انها بالله معمولة (يو 3 : 19- 21). فالايمان نور نشكر الله عليه ونحياه { شاكرين الاب الذي اهلنا لشركة ميراث القديسين في النور (كو 1 : 12) وكلام الله نور نهتدى به فالوصية مصباح والشريعة نور وسراجاً لارجلنا وسلاح لنا للنصرة على قوات الظلمة { قد تناهى الليل و تقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة و نلبس اسلحة النور} (رو 13 : 12). وكلما ثبتنا فى الله ومحبته نثبت فى النور ونكون نورا { انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل.و لا يوقدون سراجا و يضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة و يمجدوا اباكم الذي في السماوات} مت 14:5-16.

انت يالله تنير ظلمتى

- لقد دعوتنا للأيمان بك ولكى نحيا فى نور الأيمان بك فانر يارب ظلمة حياتنا بنورك العجيب ولا تدع ظلمة هذا العالم الشرير تقوى   علينا بل لتنير عيوننا و قلوبنا وافكرنا واروحنا بنور معرفتك فنحيا نور الإيمان ونشهد له باعمالنا واقوالنا وحياتنا .

 - يامن بحثت على المولود أعمى قديما ووهبت له نور البصر والبصيرة ، انت هو أمس واليوم والى الأبد فابحث يارب عن العميان والضالين يامن بنوره أهتدى شاول المقاوم وصار كارزاً بنورك العجيب ، أهدى يارب كل النفوس ليعرفوك ويحيوا فى النور .

 - لتكن كلماتك نوراً فى قلوبنا وهادياً لسلوكنا وسلاماً فى حياتنا وعندما تهاجمنا قوات الظلمة فلتكن كلماتك سلاح الغلبة الذى ننتصر به على كل الأعداء .

 - ايها الرب الاله الذى أحبنا وجاء ليعلن لنا نور محبته وخلاصه لاتدع موت ظلمة الخطية يقوى علينا ولا على كل شعبك بل كن نوراً دائماً لحياتنا وعندما تأتى ساعة أنطلاقنا الى السماء فلترافقنا ملائكة النور لنحيا نور الملكوت السماوي فى النور .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق