أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل (يو 10:10)
الفخارى والاوانى الخزفيه
(إش 45 ، إر 18 ، زك 11 ، رو 9 )
إيها القارئ .. هيا معى نزور بيت الفخارى لنرى سويا المنظر الذى يريدنا الوحى أن نتأمل فيه
ماذا نرى ؟
كتل كثيرة من الطين اللين .. هذه هى المادة التى تستخدم فى صناعة الأولى الخزفية .. أما دولاب العمل فهو عبارة عن قرص أفقى يدور حول مركزه ، يتحكم الفخارى فى سرعته بقدميه ، واثناء دورانه يضع عليه كتلة من الطين يعمل بيديه فيها ويشكلها بحسب ما يرى ليصنع منها آنية ذات فائدة .. والآن ما هى الدروس الثمينة التى يقدمها الله لنا هنا ؟ صديقى تحتاج أن تتوقف عن القراءة بضعة دقائق الآن .. ترفع قلبك لمن احبك وتقول له .. ربى تحدث معى الآن .. إننى فى احتياج أن أفهم مقاصدك نحوى ..
للخزاف (الفخارى ) سلطان كامل ومطلق على الطينة التى يشكلها .. لا تملك ان تعارضه ، فإذا كان الخزاف يشير إلى الله فهذا يعنى ان الله له سلطة مطلقة عليك .
ببساطة لن يقدر إنسان أن يستمر إلى النهاية يتحدى الله كاسرا وصاياه ..لن يقدر أن يظل طويلا يقول للخالق " لى حياتى .. لا شأن لك بى .. " صديقى .. الله له كل حق السيادة أن يملك عليك تماما كالخزاف بالنسبة للطين الذى يشكله .. وكل إنسان يقسى قلبه ويرفض الخضوع لله ويظل فى الخطية متجاهلا أن اجرتها موت فلا يتوب عنها ولا يعترف بها ولا يأتى إلى الصليب ليتطهر منها بدم الحمل الغافر لن يستمر هكذا بلا عقاب .. انظر معى ماذا يقول الكاتب عن الرافضين للتوبة " غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس واثمهم " (رو 18:1) .. " مخيف هو الوقوع فى يدى الله الحى " (عب 31:10) .. "هوذا قد جاء الرب فى ربوات قديسيه ليصنع دينونة على الجميع ويعاقب جميع فجارهم على جميع اعمال فجورهم التى فجروا بها " (يه 14،15) والوحى يقول لهم : "ابكوا مولولين على شقاوتكم القادمة " (يع 1:5) . يامن تعيش فى الخطية .. رجاء لا تستهن بلطف الله ، فليس معنى إنه لم يعاقبك إلى الآن أنه راضى على سلوكك .. كلا لكنه يؤجل العقاب ليعطيك فرصه اكبر لآن تتوب ، فاذا ظللت غير متجاوب مع ندائه لك بالرجوع " ارجعوا ايها البنون العصاة فأشفى عصيانكم " (ار 22:3) فدينونته حتما ستقع عليك .. "كيف ننجو " نحن إن اهملنا خلاصا هذا مقداره " (عب 3:2) . الله هو الخزاف الأعظم وله كل الحق على خليقته .. اسمع معى ما يقوله الوحى " ويل لمن يخاصم جابله .. خزف (هو الانسان ) بين اخزاف الأرض " (إش 9:45) .
صورة مسبقة فى ذهن الخزاف
لن يمد الخزاف يديه على الطين ولن يحرك بقدميه القرص الدائر إلا بعد أن يكون قد تخيل صورا للأوانى التى يريد صناعتها .. قط لا يعمل الخزاف بلا خطة مسبقة .. صديقى .. قلب الرب يسوع الخزاف الأعظم يمتلئ بمشاعر الحب نحوك . نعم وفى فكره صورة رائعة لك يريدها أن تتحقق .. لا تصدق إبليس إن قال لك إنك بلا فائدة وستظل دائما فى الفشل الروحى .. كلا هذه ليست الحقيقة ، لقد أتى بك الله إلى العالم خطة محددة وكم يتوق أن تنفذ .. وليس اعتباطا أنك نشأت فى هذه البلدة بالتحديد ، وفى هذا الوقت بالذات ووسط هذه الآسرة دون غيرها .. هذه أمور ليست وليدة الصدفة بل تدخل ضمن خطة الله العظيمة لك . لكن ياللآسف ، كثيرا ما نستخدم الحرية التى اعطاها لنا الخزاف الآعظم فى تعطيل اتمام هذه الخطة التى صممها لمجدنا .. آه ياللغباوه التى تكون لنا وقتذاك .. الخزاف يشكل الآنية
والآن كيف يشكل الخزاف آنيته ؟ يضع كتلة مناسبة من الطين اللين على القرص الافقى .. يحركه بقدميه فيدور حول مركزه ، تارة يحركه بسرعة واخرى ببطء .. وفى ذات الوقت يستخدم يديه فى تشكيل الطينة ، يضغط على جزء منها ويحنو على جزء آخر وهكذا تتنوع لمساته من جزء لآخر وتتغير سرعة القرص من لحظة لأخرى بحسب ما يراه مناسبا ليتشكل فى النهاية الاناء كما هو فى ذهنه . قرص يدور وايدى تضغط .. ماذا يعنى هذا ؟ ايها القارئ .. بنفس هذه الطريقة سيشكلك الخزاف الأعظم لتصبح بحسب الصورة التى فى ذهنه .. وسيأخذ هذا وقتا . سيستخدم القرص الدائر ، الظروف المحيطة المتنوعة جنبا إلى جنب مع يديه الضاغطة بكل الحكمة والحب .. يداه تضغطان ترى هل جزت مواقف محددة شعرت فيها بوضوح بيدى الرب وهى تضغط لتشكلك ؟ إذا استرجعت سنى حياتك التى خلت فستتذكر العديد منها .. عظة سمعتها .. اصحاح قرأته .. جلسة مع أب روحى .. ضغطة للضمير .. مواقف شعرت بها بضغط التأنيب وهو يصل إلى قلبك ولكن ألا يعزينا جدا أنها ضغطات محبة خالصة .. اليدان اللتان تضغطان علينا هما اليدان اللتان ثقبتا على صليب العار حبا لك ..
قرص يدور ..نعم يدير الله جميع الظروف المحيطة ليتمم قصده فيك .. يحرك كل ظرف منها ويوجهه بحكمة فائقة ليحقق خطته التى وضعها لك .. الله ليس فقط إله الفداء وغفران الخطايا بل أيضا إله كل الظروف التى تحيط بنا .. صديقى ألم تشعر فى حياتك بهذا القرص الدائر ؟ .. عندما يكون ضغط يد الرب شديدا على أحد ويدور القرص بسرعة فتأتى عليه الأحداث الغير متوقعة متلاحقة ، فهذا يعنى أن الله يعده ليصير إناءا له غير عادى يستخدمه لمجده بصورة فائقة .. هذا ما تراه بكل وضوح فى سنوات الاعداد العظيمة لكل رجال الله المقتدرين .. خذ مثلا يوسف .. أدار الله القرص وضغط بيديه عليه فرموه اخوته فى عمق البئر .. آه ياللضغطة القاسية ولكن الله كان يريد ليوسف أن يتحول حبه لاخوته وللجميع من مستوى المحبة النفسية التى تتأثر بالاساءة الى مستوى المحبة التى بالروح التى تحب حتى الآعداء .. وأجبر يوسف أن يفارق اسرته وانقطعت كل اخبارهم عنه لسنوات عديدة ، لقد حرمه الله من كل سندة بشرية ليعلمه أن يعتمد على الايمان ويتقوى به .. ودار القرص مرة أخرى ، ووجد يوسف نفسه فى بيت فوطيفار الغنى محاربا بالحياة المترفة والاغراء وكان قصد الله أن يعمق فيه الادراك بحضوره وسط أجواء الدنس ، ثم دار القرص بسرعه اكبر .. فطرح يوسف فى السجن وهو برئ "آذوا بالقيد رجليه .. فى الحديد دخلت نفسه " (مز 18:105) .. كانت يدا الله الماهرة تشكله فاستخدمت هذه الآلام لتعمق ثقته فى حب الله ولتعلمه ان يشكر فى كل شئ .. استسلم يوسف ليدى القدير فصار بالفعل من أعظم أوانى الكرامة التى استخدمت لمجد النعمة .. ايهاالقارئ .. سيحرص الخزاف الآعظم أن يفتت كل كتلة صلبة من الطين يجدها فيك .. سيضغط عليك ، ربما يستخدم المرض أو رحيل الأحباء .. إخفاق عاطفى أو دراسى .. مواقف التخلى من الأصدقاء أو الاشاعات الكاذبة .. سيستمر القرص دائرا وبسرعة حتى تنكسر هذه الكتلة فى يديه فيستطيع أن يشكلها لمجد الاناء .. صديقى هو لا يفعل هذا لأنه سيد قاس .. بل على العكس لأنه راعى حكيم للغاية يهمه كمالنا ونضوجنا أكثر من تمتعنا بالفرح والتعزية .. قداستنا فى نظره هى الموضوع الأهم.. صديقى .. لا تخف من هذه الضغطات ولا تنزعج من حرارة شمس البرية اللافحة ولا تتذمر إذا مال بك فى الطريق على بلدة مثل "مارة " ذات المياه المرة (خر 23:15) أو إذا اعترض مسيرتك جيش أتى ليحاربك بعنف كعماليق (خر 8:17) .. لا لن يحدث شئ لك بلا قصد .. وراء كل هذا الخزاف الأعظم وبحكمة فائقة يدير القرص ليشكلك .. لا تخش أن تخضع لحبه وهو يضغط عليك ليكسر ذاتك بيده فلا تعود تنشغل بها .. تذكر دائما أن الخمسة أرغفة لم تكن لتشبع الجموع لو لم تقبل اولا ان تكسر فى يديه ..
أيها القارئ ..
إن قصد الخزاف ليس فقط أن يحررنا من جميع خطايانا بل أن يحررنا أيضا مما هو أخطر .. من الذات ، هذه لن نتحرر منها بمجرد قراءاتنا مقالات روحية أو سماعنا لعظة بل عندما يقودنا الله عبر ليالى الدموع .. آه لن نتعلم حقا صلوات التسليم الحقيقية إلا ونحن عابرين وادى البكاء .. ونحن نتشكل بالأيدى المحبة الضاغطة والقرص الدائر .. اخصع له والآن ايها الصديق .. ماذا عنك أنت .. هل تخضع ليد الله وهى تشكلك؟ هل تقبل التجارب بشكر .. فكر معى .. أى جزء من عجينة الطينة يحتاج لضغط أكثر أثناء التشكيل ؟ أليس الجزء الصلب الذى يقاوم .. نعم كلما قاومنا ضغطات الله علينا وتمسكنا بذواتنا كلما زاد من ضغطاته علينا لمحبته لنا حتى نستسلم
كونوا شاكرين لمشيئته التى فيها خيرنا .. يقول أحد الآباء " الذى يتذمر على التجربة تضاعف عليه " . انظر ايضا ماذا قال داود النبى؟ "لما سكت (لم أعترف بخطأى) بليت عظامى من زفير اليوم كله لأن يدك ثقلت على نهارا وليلا تحولت رطوبتى إلى يبوسة القيظ اعترف بخطيتى ولا أكتم إثمى " (مز 5:32) .. لماذا قاسى داود هكذا ؟ واضح من الآية لأنه قاوم ضغط الخزاف .. لأنه فى البداية سكت ولم يرد أن يكسر ذاته ويعترف بخطاياه . سيدى يسوع .. فى كل مرة تضغط على ، اعطنى أن أثق أكثر فى حبك لى وإن كل ما يحدث هو لكى تنقينى لتستخدمنىلك بمجد أفضل .. ساعدنى أن أقول لك دائما فى كل ظرف أشكرك ..
فى حقل الفخارى
والآن لنترك بيت الخزاف ولنلقى نظرة على حقله .. نرى كتلا من الطين التالف الذى لم يصلح ، مبعثرة هنا وهناك والآن ماذا يقول لنا الكتاب عن هذا الحقل .. فى إنجيل متى 7:27،8 نقرأ أن رؤساء الكهنة اشتروا حقل الفخارى بالثمن الذى دفعوه لكى يسلم المسيح بواسطة يهوذا واطلقوا على هذا الثمن "ثمن دم " .. وصار اسم الحقل "حقل دم " .. صديقى ربما تقول "إننى لا أصلح الآن لأى شئ يتعلق بالله .. لا جدوى منى لا رجاء لى فقد طردت الرب من حياتى مرارا .. صرت كتلة صلدة بلا فائدة ملقاة بين الطين التالف فى حقل الفخارى " . صديقى أدعوك الآن أن تفرح .. فقد إشترى هذا الحقل بالدم .. دم يسوع الثمين .. نعم يوجد بعد رجاء .. إقرأ معى هذه الآية الذهيبة ودعها تملأ قلبك بالرجاء .. "ففسد الوعاء الذى كان يصنعه من الطين بيد الفخارى فعاد وعمله وعاء آخر كما حسن فى عينى الفخارى ان يصنعه " (إر 4:18) . مبارك الله إلهنا المحب .. فقد جاء إلى حقل الفخارى ليأخذ بيده كتل الطين التالفة يصنع منها من جديد إن هى خضعت له أوانى للكرامة يملأوها بعصير الحياة والحب والخلود ليستقى منه الجالسون فى أرض ظلال الموت .. سيدى .. خزف أنا بين يديك .. تمم قصدك فى لمجد اسمك القدوس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق