22‏/10‏/2009

السلام في علاقاتك



" ان كان ممكنا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس "
(رو 12 : 18)


مؤازرة الروح التى تؤهلك وتساعدك على الصفح عن زلات الاخرين

كثيراً ما تدفع ظروف الحياة أن تقع نفس الإنسان تحت وطأة ظلم الاخرين وبغضتهم له ، ويقع على عاتق الإنسان فى سائر الأحوال ان يصنع سلاماً ويعيش في تسامح مع الاخرين والصلاة من أجل إفتقاد نعمة الرب لهم لكى تغيرهم للأفضل بما يضمن بقائهم فى حظيرة الإيمان وتبعية المسيح او ان يربحهم للخير ويحولهم من اعداء الي اصدقاء او حتي يتجنب اذيتهم وبالأقل ان يحي هو في سلام داخلي .

ولعل سبب حث كلمة الله على مسارعة الإنسان فى تسامح الأخرين هو ضعف الإنسان الذى صدرت منه الإساءة ، فلو كان هذا الأخير إنسان الله فى البر والتقوى والصلاح ، لكان صدر منه كل بر وتقوى وصلاح لأن " من فضلة القلب يتكلم الفم " (مت 12 : 34) ، ومن ثم فضعف هذا المخطىء يستلزم من كل الذين يتعاملون معه ان يحتملوا ضعفه ويغفروا له،ولكن علينا كواجب ان ننصح المخطئين او نعاتبهم في حب ، لأن هذه هى إرادة الله أن نحتمل ضعف الضعفاء ونغفر زلات الأخرين ، وفى سبيل اهتمام الله بهذه الأمور أورد لنا فى الكتاب المقدس العديد والعديد من الأمثلة والمواقف والأيات التى تؤكد لنا حرصه الشديد على سلوكنا بروح التسامح التى تضمن لنا مسرة الله وبركته فى سائر أمور حياتنا .

والشخص الذى يرغب فى تنفيذ مشيئة الرب التى يظهرها له روح الله ويحثه على قبولها ، يسهل له الروح طريق الوصول إلى ذلك ، بل إتمام ذلك فعلاً ، لأن الروح فى غاية اليقين بقدرته الفائقه على مؤازرة ضعف الإنسان ، وهذه هى روعة الحياة حسب الروح ، أن الإنسان الذى يبدو رغبته فى الجهاد الروحى والسلوك حسب الوصية المقدسة ينال إهتماماً من الروح القدس بمقدار يفوق رغبتة فى الوصول إلى مبتغاه من البر والكمال والقداسة ، وهذا ليس بالأمر العجيب لأن مسرة الروح ان يتقدس الإنسان فى طاعة الحق ، ومتى ظهرت من الإنسان رغبته فى إتمام إرادة الله ومسرة الروح ، فحتماً سيسارع الروح بتقديم كل ما يلزم لتنفيذ خطته بما يضمن تحرير الإنسان من كل ما يعوق إنطلاقه بالروح والحياه حسب الروح ايضاً ،وهذا ما قاله القديس أنبا أنطونيوس فى رسالته الأولى : " وأنا أقول إن كل الذين دخلوا بكل قلوبهم يتعلمون الصبر إلى أن يقدروا على مقاومة العدو . هؤلاء قبل كل شئ يدعوهم الروح القدس ويسهل عليهم كل الأمور حتى يُحلَّى لهم الدخول فى التوبة، ويُظهر لهم طرقها الحقيقية لكى يتوبوا بأرواحهم وأجسادهم، ويرجعوا إلى الله الخالق فيعضدهم بالقوة حتى يُقمعوا الجسد والروح لكى يطهرا كلاهما ويصيراوارثين الحياة الأبدية ،

، فإذا رغبة الروح حاضرة كل حين ، ومسرته أن يؤازر الإنسان بما يضمن له الوصول إلى مبتغاه من البر والكمال والقداسة ، كما أسلفنا منذ قليل ، ويقع على عاتف الإنسان بعد ذلك طاعة صوت الرب من خلال توجيهات هذا الروح ..

وحينما يقابل الإنسان موقفأ يستلزم منه أن يصدر منه صفحاً ومغفرة ، ويكون لديه الرغبة فى الصفح والتسامح ، ويكون فى الوقت نفسه عاجزاً عن فعل ذلك ، فلا شك ان الروح القدس لا يقف مكتوف اليدين أمام رغبة وضعف الإنسان فى تنفيذ بعض الوصايا الإلهية التى تدعو للتسامح والصفح عن زلات الاخرين ، والتى يكون من شأن العمل بها حلول رحمة الرب على الإنسان ، بل سوف يلهم الروح هذا الإنسان بما ينبغى فعله وسيدبر له العديد من المواقف التى تساعده على إتمام إرادة الرب وتنفيذ الوصية المقدسة ، حتماً سيفعل الروح كل هذا وبزيادة وإهتمام يفوق تصور كل عقل بشرى ، سيسهل لك تقديم الصفح ونسيان الإساءة ، بل وطلبك البركة لكل الذين أساؤا اليك وابغضوك دون وجه حق ..
وجدير بالإشارة إلى أن ميول الإنتقام التى تصاحب الإنسان وقت غضبه من الاخرين ، لا يستطيع الإنسان التخلص منها بدون مؤازرة الروح ، لأنه إن جاء الوقت الذى أستطاع فيه هذا الانسان أن يستعيد ماضى قوة العلاقة التى كانت تربطه بمن صنع به الإساءه ، ولكن ليس هكذا سيكون بالنسبة لميول الإنتقام ، فحتماً ستبقى هذه الميول كما هى ، وذلك لأن عملك لم يكن معمولاً بالروح ، أى بحسب تدبير الروح ، ولأن هذه الميول لا ترتبط بالموقف الذى زال وأنقضى ولكن بشخص الإنسان وضعفه ، ومن ثم فهى تظل باقيه بقاء الضعف ذاته الذى فى الإنسان ..
فالحاجة إذاً موضوعه على الإنسان أن يتقوى ويقتاد بالروح لكى ما يربح الاخرين ويكسبهم ويسالم جميع الناس ، مسالمة لا يشوبها رياء ولا يكون الغرض منها المنفعة الشخصية ، بل مجد الله وتنفيذ الوصية المقدسة . فهل تقبل عمله الآن من أجل مساعدتك على الصفح والمغفرة لكل الذين أساءوا إليك وأبغضوك ، لك القرار والمصير.
نصلي من اجل السلام..
ربي ومخلصي يامن جئت لتصالح الارضيين بالسماء بدم صليبك،
ونحن بعد خطاة مت من اجلنا وقمت من أجل تبريرنا .
نسبحك ونبارك اسمك عل نعمة السلام والغفران والمصالحة،
علمنا ان نكون صناع سلاما مع جميع الناس،
علمنا ان نحتمل ضعف الضعفاء ولا نرضي انفسنا بل الآخرين لنربحهم لك .
دربنا علي السلوك في دربك وعلي خطاك،
فليس لنا غاية في الحياة الا رضاك،
وانت رئيس السلام وقد وعدت ان تمنحنا سلامك،
وها نحن نطلب منك السلام،
علمنا ان نكون صناع سلاما حيث البغضة ،والتسامح حيث العداوة ،
قُ خطانا لنكون سفراء سلام وامنح سلامك لشعبك الرازح تحت الضعف والخطية ،
وللراجعين اليك بكل قلوبهم.
يارب السلام أمطر علينا السلام.
يارب السلام أمنح عالمنا السلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق