الإنسان الروحي يعيش دائما في رجاء أن الله سيتدخل في حياته ويقوده إلي الخير, وذلك مهما تعقدت الأمور أمامه,ومهما عددا كل شيء مظلما, أما الذي يفقد الرجاء, فإنه يقع في اليأس, ويقع في الكآبة, وتنهار معنوياته, ويصبح في قلق واضطراب, وفي مرارة الانتظار بلا هدف, وقد يصير ألعوبة في يد الشيطان. |
أما الذي يعيش في الرجاء فكل مشكلة تبدو معقدة أمامه يري أن لها من الله حلولا كثيرة. وكل باب مغلق أمامه, له في يد الله مفتاح أو عدة مفاتيح. والله هو الذي يفتح ولا أحد يغلق. وبهذا الرجاء ينجو من الخوف ومن القلق والاضطراب. ويكون مطمئنا لعمل الله. والله قادر أن يحول الشر إلي خير, وقادر أن يحول كل مجريات الأمور لتسير في اتجاه مشيئته الإلهية الصالحة, ولذلك فالإنسان الروحي بدلا من أن ينظر إلي الحاضر المتعب الذي أمامه, فإنه ينظر بعين الرجاء إلي المستقبل المبهج الذي يعده الرب له. وهو لاينظر إلي المتاعب مجردة بدون عمل الله, الذي يقدر أن يحول الشر إلي خير. والإنسان الروحي إذا شعر بضعفه, يؤمن بالرجاء أن قوة الله سوف تدركه. ويعرف تماما أن الذي لاتستطيعه حكمته كإنسان, فإن حكمة الله تقدر عليه. ويؤمن أنه في الحياة ليس وحده, بل هو محاط بمعونة إلهية. وقوات سمائية تحيط به, وقديسين يتشفعون فيه. لكي يمتلئ قلبك بالرجاء يا أخي القارئ, ينبغي أن تثق بأن الله يحبك أكثر مما تحب نفسك. وأنه يعرف ماهو الخير لك أكثر مما لاتعرف أنت بما لايقاس. ولابد أن تعلم أنك في يد الله وحده, ولست في أيدي الناس, ولا في أيدي التجارب والأحداث, ولا في أيدي الشياطين. وعليك أن تؤمن أيضا أن الله يعتني بك, ويحفظك من كل سوء, ويحفظ دخولك وخروجك, وينقذك من كل شر. وتؤمن أنه هو الراعي الصالح الذي يرعاك. ويمنحك كل احتياجاتك فلا تحتاج إلي شيء. وإن كنت في مشكلة, فمن المريح لك أن تنتظر الله الذي سينقذك منها. ولاتنتظر عمل الرب من أجلك, وأنت متضجر ومتذمر! ولا تسخط وتقول: لماذا لم يعمل الرب حتي الآن؟! أين محبته؟ أين رعايته؟ ولاينبغي أن تشك في قيمة صلاتك وفاعليتها, إن مضي وقت ولم تصل إلي الاستجابة!! وأعرف أن الإنسان المضطرب أو اليائس أو الخائف أو المنهار, يدل علي أنه فاقد الرجاء. أما الأبرار فإنهم كلما حاربهم الشيطان بالقلق أو بالاضطراب, فإن قوة الرجاء تتجدد فيهم من تذكرهم لمواعيد الله السابقة وصفاته الإلهية المحبوبة باعتباره الحافظ والساتر والمعين, الله الحنون المحب صانع الخيرات الذي لايغفل عن أحد. إن عنايته بنا فائقة وشاملة, وحكمته هي فوق أدراكنا البشري. في حياة الرجاء نثق أن الله يعطينا باستمرار دون أن نطلب, وقبل أن نطلب. فكم بالحري إذا طلبنا. ونحن نثق أيضا أن الله يعطينا ماينفعنا, وليس حرفية ما نطلبه. لأنه ربما تكون بعض طلباتنا غير نافعة لنا فنتعب. لذلك في حياة الرجاء لابد أن نثق بحكمة الله في تدبيره لحياتنا. وهناك أمور كثيرة لاندريها, وهي معروفة ومكشوفة أمام الله. ربما الذي تطلبه يا أخي, لايكون مناسبا لك ولانافعا لك. وربما الوقت الذي تحدده لاستجابة طلبك, يعرف الله تماما أنه غير صالح, ويري أن تأجيل الاستجابة أفضل. لذلك تواضع واترك لحكمة الله أن تتصرف! وانتظر في ثقة.. إننا أحيانا نضع حلولا للأمور, واثقين أنها أفضل الحلول, أو أنها الوحيدة النافعة وربما يكون في تدبير الله حل آخر لم يخطر لنا علي بال, هو أفضل بما لايقاس من كل تفكيرنا. فننتظر إذن حل الله في رجاء.
في حياة الرجاء نؤمن أن الله قادر علي كل شيء وانه باستمرار يعمل لأجلنا, وأنه ينقذنا من كل ضيق, لقد اختبر داود النبي ذلك, فقال في أحد مزاميره نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر ونحن نجونا, عوننا من عند الرب الذي خلق السموات والأرض. لذلك فالإنسان الذي يرجو الرب, يكون دائما في اطمئنان. انه ليس فقط يؤمن أن الله سيعمل في المستقبل, إنما يؤمن تماما أن الله يعمل الآن حتي إن كان لايري هذا العمل. ولكنه يثق تماما بعمل الله حاليا. إن الطائرة قد تبدو لمن يستخدمها لأول مرة, أنها واقفة في الجو! بينما تكون في سرعة أكثر من800 كم في الساعة. وهكذا الله يعمل, وأنت لاتراه يعمل, لكن نؤمن بذلك. ويكون له رجاء في نتيجة عمله الإلهي التي ستراها بعد حين. علي أن البعض ربما يفقد الرجاء بسبب مايظن أنه تأخير في استجابة الله له! فربما يكون السبب فيما يظن تأخيرا, هو أن الله يعد له بديلا أفضل مما يطلبه. وربما يكون السبب أن مانناله بسرعة لانشعر بقيمته! وقد لا نشكر عليه! فإن تأخرت الاستجابة يزداد تعلقنا بما نطلبه ونشعر بقيمة تحقيقه. ولذلك نحرص علي ما نلناه فلا نفقده بسرعة. وربما يكون السبب فيما نظن أنه تأخير, هو أننا نطلب وقلوبنا بعيدة عن التوبة. فلا نستحق الاستجابة بسرعة. وإنما علينا قبل أن نطلب أن نرجع إلي الله لكي نستحق مانحتاج إليه. كما يحسن بنا أن نعرف أن الضيقات هي مدرسة للصلاة. ولرفع القلب إلي الله, ولذلك هي لفائدتنا سواء عرفنا أولم نعرف. ختاما.. علينا أن نحيا حياة الرجاء, ونثق بعمل الله لأجلنا سواء كنا نستحق أو لا نستحق. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق