15‏/05‏/2010

القديس أثناسيوس الرسولي


في 15 مايو ( ايار )373 تنيح البابا العظيم الأنبا أثناسيوس الرسولي العشرين من باباوات الكرازة المرقسية وقد ولد هذا الأب 296 م . كان طفل صغير ويقوم مع اترابة بتمثيل دور الكاهن واتفق عبور البابا ألكسندروس في تلك الساعة فلما رآهم على هذه الحال قال للذين معه عن أثناسيوس لابد ان يرتقي هذا الصبي إلى درجة سامية يومًا ما .ومكث عند البابا البطريرك فعلم أثناسيوس علوم الكنيسة ورسمه شماسا وجعله سكرتيرا خاصا له فتضاعفت عليه مواهب الروح .

فترة شبابه : خلال الفترة التى قضاها بالمدرسة الاكليريكية تثقف بالعلوم واللاهوتيات والعقيدة المسيحية ولاسيما وجوده بجوار البابا الكسندروس ، ثم فشلت والدته فى أقناعه بفكرة الزواج .

أكمل أثناسيوس علومه الدينيه واللاهوتيه وتتلمذ عى يد كبار اللاهوتيين فى ذلك الوقت مثل " إكليمنضس وأوريجانوس " ودرس علم المنطق والخطابة والفلسفة اليونانية والقانون الرومانى .

أثناسيوس والقديس أنطونيوس : توجه أثناسيوس الى الصحراء بعد أستأذانه من قداسة البابا ، وتوجه الى القديس انطونيوس فى البرية ومكث معه حوالى ثلاث سنوات وخلال هذه الفتره أخذه القديس انطونيوس تلميذاً له فكان أثناسيوس متواضعاً محباً لمعلمه فكان يغسل يديه وقد ذكر ذلك في كتابة حياة الانبا انطونيوس بقلمه والذي كتبة في نفية الاول في ترير في شمال اوربا ومنه عرف العالم الغربي حياة الانبا انطونيوس وتفاصيلها.

وفى خلال هذه الفتره كتب أثناسيوس كتابين أولهما " بطلان الأوثان " والثانى عن " وحدانية الله " وقد تجلت فى هذين الكتابين مواهب أثناسيوس العجيبة .

رسامة البابا أثناسيوس : سنة 326م أحس البابا الكسندروس بدنوا أيامه فجمع الأساقفة والمطارنة وطلب إليهم أن يقيموا أثناسيوس خلفاً له لغيرته المقدسة ودفاعه عن الإيمان الصحيح فى مجمع نيقية . فعلم الأب أثناسيوس بذلك فهرب وتوجه الى الصحراء ، ثم إنتقل البابا الكسندروس فتوجه الاكليروس والشعب الى الأنبا أنطونيوس فى البرية لكى يبحثوا عن أثناسيوس ولكنهم وجدوه مع الأنبا أنطونيوس . فأقتادوه إلى الاسكندرية وساروا به رأساً الى الكنيسةالمرقسية فدخلوا فأشترك جميع الأساقفة وكان عددهم 50 أسقفاً في رسامته بطريركا علي راس الكنيسة . سنة

وبعد ان صار بابا رسم لأثيوبيا أول مطران لها هو الأنبا سلامة فإستقرت الأمور الدينية فيها بعد ان تبعت الكرازة المرقسية .

وقد نفي البابا عن كرسيه خمس سنوات

الأولى

عندما حاول أريوس بعد حرمه ان يرجع ثانية إلى الإسكندرية وقدم للملك قسطنطين خطابا مملوءا بعبارات ملتبسة تأثر بها الملك وطلب من أثناسيوس البابا أعادته فرفض البابا قبوله لما في ذلك من مخالفة لقرار المجمع المسكوني . فقام الأريوسيون بإلصاق بعض التهم بالبابا منها :

1 - انه يساعد فيلومينس الثائر على الحكومة

2 - انه كسر كأس القس اسكيرا وهدم مذبحه

3- أنه قتل الأسقف أرسانيوس واستخدم ذراعيه في السحر

4 - أنه اغتصب أيضا راهبة

وقد برأ البابا نفسه من التهمة الأولي وانعقد مجمع في صور ضد البابا أغلبه من الأريوسين ونظر المجمع في التهم ففي الأولي حرك الرب قلب القس اسكيرا الذي اتفق معهم على شهادة الزور وبرأ البابا . وفي التهمة الثانية حضر الأسقف أرسانيوس عن اتفاقهم الذي اتهم البابا زورا بقتله فحفظه البابا في غرفة مجاورة وكان الأريوسين قد أحضروا ذراعي ميت . وادعوا أنهما لأرسانيوس ولكن أرسانيوس أظهر ذراعيه للجمع وأظهر ندامته فقال الأريوسيون ان أثناسيوس سحار استطاع ان يوجد ذراعين وهاجوا ضده فخرج أرسانيوس من وسطهم ومضى للملك

ثم نظرت تهمة الراهبة وأتوا بفاجرة ادعت هذا الادعاء على القديس فقال القس تيموثاوس من حاشية البابا " كيف تتجاسرين وتقولين أني نزلت ببيتك وقهرت أرادتك ؟ " فظنت أنه أثناسيوس لأنها لم تكن تعرفه وقالت : " أنت هو " فافتضح أمرها .

أما البابا فلم يستطع مقابلة الملك بسبب تدخل الأريوسين الذين اتهموه لدي الملك أنه يمنع تصدير الغلال من الإسكندرية إلى الملك فأصدر الملك أمره بنفي البابا إلى تريف في فرنسا في 5 فبراير سنة 335 م حيث قابله أسقفها بإكرام جزيل ، ولكن أريوس مات ميته شنيعة كما قال سقراط ( ك 1 ف 68 ) "إنما أمات الله اريوس في مرحاض عمومي حيث اندلقت أمعاؤه وقد اعتبر الشعب هذه الميتة انتقاما للعدل الإلهي ، فلما بلغ الملك ذلك عرف براءة البابا وأوصي سنة 337 م بإعادته وهو على فراش الموت وقسمت المملكة بعده إلى قسطنطين الصغير على فرنسا وصارت مصر تابعة لقسطنديوس وإيطاليا إلى قسطاس . وبتوسط قسطنطين رجع البابا سنة 338 م فإستقبله الشعب بفرح وصار كل بيت ككنيسة .

النفي الثاني

الأريوسين لم يسكتوا ، فعقدوا مجمعا حرموا فيه أثناسيوس وعينوا بدله غريغوريوس وبعثوا بالقرار إلى يوليوس أسقف روما فعقد البابا سنة 340 م مجمعا بالإسكندرية أحتج فيه على الأريوسين ثم حرر رسالة دورية لجميع الكنائس فظهرت منها براءته ، ولكن الأريوسين أثروا على فيلوغوريوس ليساعد بطريركهم للاستيلاء على كنائس الإسكندرية وأثروا على الإمبراطور قسطنديوس أيضا ، فأرتاع الشعب الأسكندري وقرر المقاومة إلا ان الأريوسين هجموا على الكنائس يوم جمعة الصلب وهتكوا العذارى وذبحوا كثيرين من المصلين . فإستغاث البابا بكل الكنائس في العالم وترك كرسيه وسافر إلى روما وانعقد مجمع في سرديكا وقرروا أولا براءة البابا أثناسيوس ، وثانيا تثبيت قانون مجمع نيقية ، وثالثا حرم الأساقفة الأريوسين ، ورابعا عزل غريغوريوس . وانتدبوا أسقفين ليقابلا الإمبراطور قسطاس حاكم إيطاليا الذي وافق على ما قرره المجمع وهدد شقيقه بالحرب ان لم يرجع أثناسيوس وفي هذه الأثناء قام الشواذ من المصريين بقتل غريغوريوس سنة 349 م فعاد البابا إلى كرسيه مرة ثانية واستقبل الشعب البابا كما قال غريغوريوس الثيئولوغي واضع القداس " كان ازدحامها أشبه بالنيل عند فيضانه " وأشار إلى سعوف النخل والابسطة وكثرة الأيدي المصفقة .

النفي الثالث : خروج البابا للمرة الثالثة بسبب قسطنديوس

احتمل الأريوسيون على مضض رجوع أثناسيوس إلى ان مات قسطاس حاكم إيطاليا وأوغروا صدر قسطنديوس فحكم بمجمع أريوس بنفي البابا أثناسيوس فذهب الجند إلى كنيسة السيدة العذراء التي بناها البابا ثاونا . وكان البابا يصلي صلاة الغروب ويقول " لأن إلى الأبد رحمته فإندفع الجند بشدة إلى داخل الكنيسة للقبض على البابا لكن الله وضع غشاوة على عيونهم فلم يميزوه عن الشعب وانطفأت المصابيح وخرج البابا وذهب إلى الصحراء وبقي مدة مع الآباء الرهبان وعين الأريوسيون جورجيوس الكبادوكي أسقفا على الأرثوذكس فلم يقبلوه ، فإستولي على أوقاف الكنائس ، إلا ان الوثنيين الذين اضطهدهم قتلوه واحرقوا جسده .

عودة البابا بسبب يوليانس ثم تركه الكرسي للمرة الرابعة .

لم يستمر الحال هكذا فقد مات الإمبراطور قسطنديوس وقام ابن عمه يوليانس وكان يريد ان يجذب قلوب الشعب فطلب إرجاع أثناسيوس فعقد البابا مجمعا سنة 362 م ووضع شروط قبول الأريوسيين الراجعين كما اهتم بالتبشير وسط الوثنيين فلم يلق هذا قبولا لدي يوليانس الذي كان يحب الوثنيين ، فطلب القبض على أثناسيوس فخرج البابا من الإسكندرية وركب مركبا إلى الصعيد فتبعه الوالي في مركب أخرى ولما اقتربت من مركب البابا سألوا عن مركب البابا أثناسيوس فقالوا أنها كانت ذاهبة إلى طيبة وهو ليس ببعيد عنكم فأسرع الوالي بمركبه في طريقه ولما وصل إلى أقرب مدينة لم يعثر على أثناسيوس لأنه كان قد أختفي في مكان أخر ، وقد تأثر من حوله لكثرة الاضطهادات التي وقعت عليه فأظهر لهم أنه في وقت الاضطهاد يشعر بسلام داخلي وبازدياد شموله بنعمة الله أكثر من الوقت العادي ، ثم زاد في قوله " ان اضطهاد يوليانس كسحابه صيف سوف تنقشع وبينما هم في هذه الأحاديث أتاهم الخبر ان يوليانس قد قتل في حرب الفرس وقد قتله مرقوريوس أبو سيفين وقد لفظ الدم من جسده وهو يقول " لقد غلبتني يا ابن مريم "

عودة البابا وانفراده للمرة الخامسة بعيدا عن كرسيه ، وذلك في مقبرة أبيه

بعد ان قتل يوليانوس تولى يوبيانس ثم تولى فالنز وكان أريوسيا وفي سنة 367 م أصدر قرارا بنفي البابا فإضطر ان يهجر الإسكندرية ويختفي في مقبرة والده . قتل في أثنائها الملك ثلاثين أسقفا من الموالين لأثناسيوس . ومع هذا رأى صلابة الأقباط فقرر رفع الاضطهاد عنهم وإعادة أثناسيوس إلى كرسيه سنة 368

ومع ان أثناسيوس كان قد بلغ من العمر 72 سنة إلا أنه لم يقصر في واجباته ولثبات البابا في الحق أتى المثل الإفرنجي " أثناسيوس ضد العالم " . وللبابا أثناسيوس كتب عدة عن الأريوسيين وفي التجسد وغيرها ، وقد قرظ الأنبا قزمان هذه المؤلفات في قوله : من يجد شيئا منها فليكتبه حالا على قرطاس ومن لم يجد فليدونه على ثيابه ، وهذا البابا هو أول من لبس زي الرهبنة من يد القديس أنطونيوس وجعله زيا لكل البطاركة والأساقفة وهو الذي رسم القديس أنطونيوس قسا فقمصا وتنيح بسلام بعد ان قضى على الكرسي المرقسي خمسا وأربعين سنة

تراث البابا أثناسيوس : مجوع مؤلفاته 83 مؤلفاً عبارة عن " رسالته الى اليونانيين ، تجسد الكلمة ، مقالات الرد على الأريوسيين ، رسالة عن الروح القدس ، رسائل أثناسيوس الفصحية ، سيرة القديس أنطونيوس ، الأسفار الالهية ، رساله فى المزامير ، رسائله الى باسيليوس ، قوانين القديس أثناسيوس ، دفاعه أمام كونسطنس ، دفاعه عن الهرب ، رسائله إلى أساقفة مصر وليبيا ، رسائل متنوعه.

من أقوال المؤرخين والفلاسفة :

سقراط : " أن فصاحة أثناسيوس فى المجمع النيقاوى قد جلبت عليه كل البلايا التى صادفته فى حياته " .
الأنبا باخوميوس :" إن هذا البابا سيكابد آلاماً كثيره فى خدمة الديانة الحقة"

ملاحظات حول البابا أثناسيوس

الوحيد الذى لقب بحامى الإيمان

الوحيد الذى وصف نفسه بأنه " ضد العالم" . الوحيد الذى نفى خمس مرات.
الوحيد من حيث صغر السن الذى اعتلى العرش المرقسى على
مدار التاريخ حيث بلغ عمره وقت الرسامة 28 عاماً. يعد أعظم لاهوتى فى تاريخ المسيحية لذلك أتى اللقب " حامى الإيمان" . الوحيد فى تاريخ البطاركة الذى أعتلى العرش المرقسى فى حياة قطبى الرهبنة فلقد تتلمذ على يد الأنبا أنطونيوس وتقابل مع الأنبا باخوميوس

بركة صلواته فلتكن معنا أمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق