للأب افرايم الأورشليمي
راعي الطائفه القبطيه بالناصره
أصدقاء وأحباء لله
عاش أبونا آدم في جنه عدن قديماً ومعه أمنا حواء في عشرة وصداقة مع الله ، ومع بعضهم البعض في محبه وتفاهم ، وكان الله يتحدث معهما ويدعوهما لتسمية الأشياء بأسمائها . ودعاهما ان يتسلطا على طيور السماء وحيوانات الأرض وان ينموا ويكثرا .
ومع غواية الحية جاء السقوط والخوف والاختباء من الله وإلقاء اللوم على الآخر، وبهتت الصداقة الإلهية . فالخطية تمثل فاصلا بيننا وبين الله المحبّ .
ومع هذا وجدنا في العهد القديم أمثله طيبة للصداقة الإلهية والمحبة المتبادلة بين الله والبشر . فاخنوخ المنادي للبرّ سار في صداقة وعِشرة مع الله، ولم يوجد لان الله نقله . وإبراهيم أبو الآباء صار صديقا لله عندما دعاه ان يخرج من أرضه وعشيرته وبيت أبيه، فخرج وهو لا يعلم إلى أين يذهب وقال له الله " انا هو الله القدير سر أمامي وكن كاملا " وكان الله لا يخفي عليه أمر ما ويقول هل أخفى عن إبراهيم ما أنا فاعله ؟ فكان يتناقش معه كما يحدث الرجل صاحبه .
وموسى النبي كان يكلّم الله كما يكلّم الرجل صاحبه أيضا، ولهذا اخذ من الله حكمة وحلمًا ، واستطاع ان يقود الشعب في البرية القفراء.
وهكذا تمضي السنين ويرسل الله الأنبياء ليرشدوا البشرية ويدعوهم الى الرجوع إليه، ويعاتب الله البشرية على عدم طاعتها . " ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعليّ قد عصوا " بل ومن تحنن أحشائه على شعبه يعتبر بعدهم عنه كابتعاد الزوجة عن زوجها وخيانتها له . ويأتي علينا زمن الحب الالهى فياتي الله متجسدا حتى ما يدعونا له أصدقاء وأحباء وأبناء " والذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه، الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل، بل من الله ولدوا " يو 1 : 13 .
لقد انفتح لنا باب الصداقة الإلهية على مصراعيه وأصبح الله قريبا منا ودعانا أحباء " انتم أحبائي ان فعلتم ما أوصيتكم به . لا أعود اسمّيكم عبيدا لان العبد لا يعرف ما يعمل سيده ، لكن سميتكم أحباء لاني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبى " يو 15 : 14 – 15 .
ان الله ألآب في المسيح يسوع يريد أن يجمع الكل من كل الأمم والقبائل والألسنة والشعوب كأبناء له، ويجعل من كل واحد منا ومن كل واحدة موضع مسرته ومحبته . وهكذا رأينا في كل جيل رجالا ونساء نموا في معرفة الله ومحبته لتكون لهم عِشرة وصداقة واتحاد بالله .
وأصبح كل واحد منهم يحس بالحضور الإلهي، والحديث المتبادل حتى فى العمل اليومي البسيط فيكون الله العامل معنا والمشارك لنا والمبارك لتحركاتنا وقائد مسيرتنا ليس في الأعمال العظيمة الكبيرة بل وفى ابسط واصغر الأمور .
حديث المحبة
ان الله ليس عنا ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد، وهو بالإيمان يحلّ في قلوبنا ويصيّرها مسكنا له، ولأنه محبة فانه لا يسكن إلا في القلب المحبّ ، ويريدنا ان نتحدث معه حديث الحب، فنكشف له عن مكنونات نفوسنا ، نشكره على ما نقدمه له من خير ، نشكو له همومنا وأحزاننا وشكوكنا . نقدم له طلباتنا ونشبع به جوع قلوبنا ، نسمع كلامه ونحفظ وصاياه .
ان الذي لا يدعنا نحسّ بهذه الصداقة والحب هي قسوة القلب وبعده عن الله أو هروبنا من وجهه وإتباعنا لشهواتنا وخداع إبليس . قد تكون هموم ومشاغل العالم وملذاته سببًا في عدم إحساسنا بصداقة الله الذي لازال ينتظر، بل ويطلب صداقتنا له، ويفرح بحبنا له كفرح العريس بالعروس، ويناجي أنفسنا قائلا: " ها أنا واقف على الباب واقرع . ان سمع احد صوتي ادخل إليه وأتعشّى معه وهو معي .
الطاعة وحفظ الوصية
ان الله يريد منا الطاعة كأبناء بل ان التمرد عليه وعصياننا هو جحود لمحبته " الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني ، والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه واظهر له ذاتي " يو 14 : 21 . ونحن لا نحب باللسان والكلام، بل بالعمل والحق . أنت مدعوٌ إذن لطاعة الله وحفظ وصاياه والعمل بها، ومدعو ان تنكر ذاتك وتحمل صليبه كل يوم وتتبعه . انسَ اذن ما وراء وامتد إلى ما هو قدام طالبا منه ان يجذبك برابط المحبة، وقل له يا صديقي
لأفهم كلامك وليقويني روحك القدوس الناري الذي يحرق ظلمة الخطية ويفتح أعين العميان .
ان كلام الله نور " سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي " مز 119 : 105 .
والوصية مصباح ،والشريعة نور، وعندما آتي الينا كلمة الله المتجسد اخفي هذا النور لكي نستطيع أن نقترب إليه . واستتر نور اللاهوت في الناسوت ليقترب الينا ونعرفه ونحبه " فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور أضاء في الظلمة والظلمة لم تدركه " يو 1 : 4 – 5 .
وعندما أتمَّ الربّ الفداء قام بجسد نوراني ممجدًا صاعداً به للسماء كسابق لأجلنا . وطلب منا ان نحيا مفكرين بما هو فوق فى السماء " ان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب " .
إننا غرباء على الأرض وليست لنا هنا مدينه باقية لكننا نطلب العتيدة ونحرص كنا مستوطنين في الجسد او متغربين ان نكون مرضيين عنده 2 كو 5 : 9.
السير مع الله
أنت لست وحيدًا في هذه الحياة ،حتى لو تخلّى عنك الأصدقاء فلك المسيح قائدا ،وهو يبحث عن الخروف الضالّ ليحمله على منكبيه ويدعو الأصدقاء ليفرحوا معه برجوع الضالين . ان الله يسير معك في رحله الحياة ويحملك وقت التعب ويرويك وقت العطش الروحي والعاطفي والنفسي ، هو يفرح بنا اذ نتخذه صديقًا محبًّا، ويفرح بقيادته لنا فهو الراعي الصالح . اجعل الله سيدا لحياتك وصديقا في رحلة عمرك وان لم تكن لك الخبرة الروحية الكافية، تعلم من سِيَّر الآباء القديسين الذين ساروا معه قبلك وكيف كانت كلمة الله حياتهم والصلاة وسيلتهم واسم الرب برج حصين لهم. والروح القدس مرشداً ومعزّياً في مسيرة الحياة " فمن يتقي الربّ يحصل على صداقة صالحة لان صديقه يكون نظيره " سير 6 : 17 .
قدم لنا الإنجيل الرب يسوع المسيح صديقا للبشرية يخرج من سمائه ويقترب إليها ويقدم لها ذاته على مذبح الحب فوق الصليب . لا لفضل فينا ولا لاستحقاق بنا بل بمقتضى نعمته ومحبته . ان هذه الصداقة لا تطلب منك شيئًا إلا ان تطلبها وان تسأله يوما فيوم ماذا تريد يا رب ان افعل؟ وهو يقودك ويكون فردوسا لنفسك وصديقا شخصيا لك وفرح لنفسك الباحثة عن الحب والحياة والفرح .
الهي كن صديقي
الهي وحبيبي ابحث عنك وآنت في
يا صديق نفسي أين أنت ؟
ولماذا لم أجدك منذ الصغر .
نعم يا صديقي كنت تراقب جهادي . وتحملني وقت الشدة والضيق ولم تدعني معوزا لشيء .
وأنا لم تعد تستهويني الأشياء ولا أحب في العالم سواك . فكن صديقي واظهر لي ذاتك، لأحدثك حديث الحب وأتعلم منك كيف أسير معك في دروب الحياة واثق في قيادتك طول الطريق وأجعلك عريس نفسي الدائم ،فلا يستطيع احد ان يخطفني من يدك أو يجعلني أحوّل عينيّ عنك فأنت ابرع جمالا من بني البشر ، ومعك ينمو حبي وينتشر ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق