11‏/04‏/2009

أحد الشعانين

.



عيد أحد الشعانين
حضرة صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين


وهو عيد دخول السيد المسيح إلى أورشليم كحمل حقيقي تحت الحفظ من اليوم العاشر من نيسان إلى اليوم الرابع عشر حيث يذبح (مثلما كان يحدث مع خروف الفصح) وكلمة شعانين مأخوذة من كلمة هوشعنا أي خلصنا وهي كلمة عبرية يقابلها باليونانية أوصانا وكلها بمعنى خلصنا...


لماذا السعف؟ اشارة للنصرة كما ورد في (رؤ 7 : 9) حسبما رأى يوحنا الرائي المنتصرون...


لماذا أغصان الزيتون؟ غشارة للسلام والأمان والحياة الدائمة (مثلما حدث مع نوح)


مكانة العيد في الكنيسة: هو عيد سيدي كبير تحتفل به الكنيسة متذكرة هذا الحدث المهم الذي فيه تحققت النبوات وبدأت الأحداث الفعلية للخلاص الذي تم على الصليب... (1كو 5 : 7) "لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا"... فخروف الفصح كان مجرد رمزاً للمسيح.


أولاً: البعد اللاهوتي للعيد: من أحداث ذلك اليوم يظهر ما يدل على لاهوت السيد المسيح...


معرفة السيد المسيح بالغيب: إذ هو الإله الحقيقي الذي يعرف المستقبل...


+ (مت 21 : 2 ، 3) " إذهبا إلى القرية التي أمامكما فللوقت تجدان أتاناً مربوطاه وجحشاً معها فحلاها وإتياني بهما وإن قال لكما أحد شيئاً فقولا الرب محتاج إليهما فللوقت يرسلهما"... وقد تم كل ذلك.. مع ملاحظة تعبير (الرب) دلالة على لاهوته...


+ (لو 19 : 42 – 44) أعلن الرب ما سيحدث لأورشليم فقال (إنك لو علمت أنت أيضاً حتى في يومك هذا ما هو لسلامك ولكن الآن قد أُخْفِيَ عن عينيك فإنه ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجراً على حجر لأنك لم تعرفِ زمان إفتقادك"... وقد حدث كل ذلك على يد تيطس القائد الروماني سنة 70 ميلادية... أي بعد حديث الرب بحوالي 40 عاماً...


تحقيق النبوات عن هذا اليوم: نبوة (زكريا 9 : 9) "ابتهجي جداً يا ابنة صهيون إهتفي يا بنت أورشليم هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وجحش ابن أتان"...


وكما ورد في (لو 19 : 45 ، 46) عن تطهير الهيكل وقول الرب للناس (ان بيتي بيت الصلاة وأنتم جعلتموه مغارة للصوص... نرى نبوة (إش 56 : 7) "آتي بهم إلى جبل قدسي وأخرجهم في بيت صلاتي وتكون محرقاتهم وذبائحهم مقبولة على مذبحي لأن بيتي بيت الصلاة يدعى لكل الشعوب".. وهكذا في نبوة (إرميا 7 : 11) "هل صار هذا البيت الذي دعي اسمي عليه مغارة لصوص في أعينكم". وكذلك ما ذكر في (يو 2 : 17) عن عبارة أنه مكتوب أن غيرة بيتك أكلتني...


تطهير الهيكل: طرد الباعة والمشترين وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام مت 21 : 12 ولم يدع أحد يجتاز بمتاع (مر 11 : 16) وهذا سلطان غير عادي سأله الفريسيون عنه... وقد صنع الرب ذلك معلناً عن وجوده كذبيحة حقيقية فلماذا الرمز إذن؟!!!... كما قال أحد القديسين: إن طرد باعة الحمام يحمل عملاً رمزياً فقد جاء السيد المسيح فصحنا ليبذل نفسه فدية عنا لذا كان يجب إبطال الذبيحة الحيوانية الدموية فلا حاجة للبيع والشراء... وفي سؤال الفريسيين عن السلطان وإجابة الرب (مت 21 : 24 – 27) ما يؤكد أنه هو المخلص فقد شهدت السماء عنه من خلال معمودية يوحنا المعمدان ولم يستطيعوا انكار ذلك وهذا دليل آخر على لاهوت السيد المسيح...


حديث الرب عن نفسه: بيتي بيت الصلاة يدعى – من أفواه الأطفال والرضعان هيأت تسبيحاً – مملكتي ليست من هذا العالم (يو 18 : 26)... ان سكن هؤلاء لنطقت الحجارة (مت 21 : 16)...


كذلك شهادة الأطفال والرسل والناس: أوصانا لابن داود – أوزصانا في الأعالي – مبارك هو الآتي باسم الرب – مباركة هي مملكة داود أبينا – (مت 21 : 9)


ثانيا: البعد الروحي للعيد: المعنى الانتصاري للعيد في دخول الرب ليحقق النصرة على الموت وعلى الخطية... وهذا هو مفهوم الخلاص الذي ذُبح الرب من أجله... لذلك في التسابيح يذكرون مملكة داود لأنه رمز للسيد المسيح حين انتصر على الشيطان (جليات)... ويعلق ق. أغسطينوس على لو 19 : 10 قائلاً عن لأن إبن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك لقد جاء الرب يبحث عن المفقودين الذين اختفوا بين الأشواك وتشتتوا بين الذئاب لذلك حمل الأشواك في جبينه فخلصهم منها بذبحه لأجلهم...


والمعنى الثاني : التسبيح : دليل الفرح الحقيقي الذي ينتج عن الخلاص... ويقول الأنبا موسى: لا يقدر على التسبيح إلا مت تمتع بالخلاص والحياة الأبدية... أما من دخلوا في مملكة إبليس فلا يقدرون على التسبيح بل يرفضونه... ليس في الجحيم من يشكرك ولا في الهابطين إلى الجب... أما نحن الأحياء فنباركك إلى الأبد..


فكرة التطهير:التطهير من الخطية والشكلية والعبودية المرة للشر... يقول ق. امبروسيوس الله لا يريد أن يكون هيكله موضعاً للتجارة لأن هيكله مقدس مؤكداً على خدمة الكهنوت أنها لا تتم بالاتجار بالدين بل بالبذل الإرادي مجاناً... فالتجارة تشير إلى روح العالم (مغارة لصوص) والتطهير يتم بالتوبة والاعتراف والحل والتناول (الحياة السرائرية) بالمسيح من خلال خدمة الكهنوت... والتطهير له بعد الصلوات والعبادات لتقديس الهيكل وبالصوم كذلك.


ثالثاً: البعد الرعوي: صورة الرب وسط تلاميذه والجموع (الفرحين به كمخلص) هي صورة للرعاية من خلال عمل المسيح الخلاصي لكل من يؤمن به ويحيا معه من خلال الأسرار فقد جاء الرب ليعيد ملكية الله على الإنسان... وينقذ مملكته من يد الشيطان... إنها صورة الخدمة في كل الأجيال وهدف الرعاية السامي جداً... وبركات الرعاية في الآتي:


فرش القمصان: يشير لخلع المظاهر الخارجية لتكون الحياة مع الله من الأعماق... مو 129 : 1 ، 2 كو 10 : 5 مستأثرين كل فكر لطاعة المسيح ، مز 119 لصقت بالتراب نفسي...


مسك الأغصان: للإعلان عن الداخل الحي الأبيض النقي الدائمة الحياة من الرب... وعلي الإثمار الحقيقي نتيجة عمل الروح القدس في الداخل (غلا 5) ثمر الروح...


إرتجاج المدينة: إحساساً بقوة المخلص الذي ملك على خشبة منتصراً على الموت...


مظاهر هذه القوة: هدم الشر مثل الهرطقات والنجاسات كما رأينا في سير القديسين الذين سلكوا في العفة... النصرة على الخيانة... (ممثلة في يهوذا ورؤساء الكهنة والفريسيون)... والخيانة سمة في مملكة الشيطان... لقد بكى الرب (كأمانه) على أورشليم .

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق