16‏/05‏/2009

أختلي وناجية


فمضى كل واحد إلى بيته. أما يسوع فمضى إلى جبل الزيتون ( يو 7: 53 )
مضى كل واحد إلى بيته. ولماذا؟ فإما لكي يستريح في بيته بعد العناء، وإما لتناول بعض الطعام عند الجوع، وإما لرؤية الأهل والأقارب ... إلخ "أما الرب يسوع" فكان يختلف كل الاختلاف عنهم وعنا، فما كان يريد أن يعطي نفسه راحة لأنه كان يرى أن العمل كثير والوقت قصير والمناجه للأب السماوي شبع وسعادة وراحه .
لذلك مضى كل واحد إلى بيته ولم يمضِ يسوع إلى بيت له او لاحد احبائه ، بل مضى إلى جبل الزيتون. ولماذا؟ لكي "يصلي"، بل لكي يصرف الليل كله في الصلاة، في الشركة مع الأب وفي التمتع به، وفي تخزين القوة منه. فيا للعجب ! أبعد أن يصرف الرب يسوع ذلك المجهود العنيف اليوم كله في الهيكل، بل أيام العيد كلها يعظ ويعلم وينادي بأعلى صوته بين الجموع، أبعد هذا كله لا يريح نفسه ولا يُذيق جفنيه لذة النوم وطعم الراحة، لكي يزيل تعبه ويجدد قواه، ويقوم في اليوم الثاني مبكراً لعمله !

نعم أراد الرب يسوع أن يزيل أتعابه ويجدد قواه، ولكن بطريقة أفضل من النوم بما لا يُقاس؛ بصرف الوقت مع الله. فهناك تزول كل الأتعاب، إذ في محضره البهجة وأمامه شبع سرور، وعند رؤيته يهرب الحزن والتنهد. وفي القُرب منه كل الراحة والهناء والفرح. وأي راحة أفضل من راحة القلب وبهجة الضمير، وأي تعب يبقى وسط التعزيات الفائضة والصلوات الحارة. ألم نختبر ذلك يوماً؟ أما القوة فإن الله مصدرها لأنه من عرش النعمة تنحدر القوة والعون في حينه. قوة هائلة، قوة متواصلة، قوة فعالة، قوة هي قوة الله.

فإن كان الرب يسوع قد وجد نفسه في حاجة إلى الشركة مع الله، وصرف الليل كله والنهار كله في الصلاة والاختلاء بالله، فكم تكون حاجتنا نحن؟؟؟ نحن الذين قلما نصرف الساعات أو الدقائق، وكم تكون مسؤوليتنا ثقيلة على كاهلنا بمقدار ضعفنا وقلة شركتنا مع الله. بل كم نحن مساكين إذ نترك الفرص تمر دون أن نتمتع فيها بالوجود والاختلاء مع الله، حيث يلذ لنا الحديث وتطيب لنا العشرة، ونتلمس لأنفسنا وسائل للراحة والسرور والحلول لكل مشاكلنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق