29‏/07‏/2009

محبتنا للآخرين ولانفسنا



للأب افرايم الأورشليمي

ان محبتنا لله تدفعني لكي ما اعبر عن هذا الحب تجاه الآخرين كثمرة من ثمار محبة الله لي . فهذه هي وصيته ( وصيه جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم أنا يو 13 : 14 .

محبتي للآخرين هي إذن صدى لمحبة الله لي وهى تجعلني أتشّبه بأبي السماوي صانع الخيرات، الذي أحبنا بلا مقابل وبغير حدود .

المحبة آذ تسكن في قلوبنا ، تمحو كل كراهية وتجعلنا نظهر روح الاحترام والتقدير والخدمة من اجل إسعاد الآخرين ، والله ليس بظالم حتى ينسى عملنا وتعب المحبة التي نظهرها نحو اسمه إذ نخدم القديسين والخطاة على السواء . ونعتني بخاصتنا وأهل بيتنا ( ان لم يعتن الإنسان بخاصته لا سيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان وهو اشرّ من غير المؤمن) .

يجب ان تمتد محبتنا لتشمل الجميع حتى أعدائنا ونتمثل بالسامري الصالح، الذي ضَّمد جروح الإنسان الذي سلبه اللصوص ما معه وجرّحوه وتركوه ملقىً في الطريق ، فتحنّن عليه واركبه على دابّته دافعا حساب إقامته للعلاج متكفِّلا بإيفاء كل احتياجه ، فمدحه الربّ يسوع . ان ربنا يسوع هو السامري ( الحارس ) الصالح الحقيقي الذي خرج من مجده وإذ وُجِدَ في الهيئة كانسان ، أطاع حتى الموت لكي ما يخلص البشرية التي جرحّها الخطية ، ويهبها محبته وعمل روحه القدوس كخمر وزيت ، ويدخلنا إلى فندقه الأمين الذي هو الكنيسة ، دافعاً الديون عنا مُقدما لنا الأسرار المقدسة كأدوية للشفاء من مرض الخطية .

حبُّ الآخرين إذن محبة طاهرة روحية تسعى لخلاصهم دون تدليل أو تحيّز أو تتميز، واحتمل ضعف الضعفاء واصبر على مرضى الخطية ساترا عليهم ( من يستر خطية يطلب محبة ) ام 17 : 9 .والبغضاء تهيِّج خصومات ، والمحبة تستر كل الذنوب . والمحبة تترفَّق وتتأنى على الجميع والمحبة لا تدعنا نسقط أبداً .


محبتنا لأنفسنا ...

الله يوصينا ان نحب قريبنا كأنفسنا . ان حياتنا لها قيمة لدى الله وقد اشتراها بدمه ولابد ان تكون لها قيمة في أعيننا ، ونحن أبناء الله وحياتنا أمانة بما فيها من وقت ومواهب ووزنات لابد ان ننميها ونربح بها .

عندما نحب الله من القلب والفهم والنفس والقدرة ، فإننا ننجح بربطها بمصدرها وبالأبدية السعيدة . وعندئذ نكون ناجحين في حياتنا كما كان الربّ مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً .

كلما بذلنا ذواتنا بالعطاء والحب للآخرين ، ومن اجل الأهداف النبيلة لخدمة الغير والخير وخدمة المجتمع ، كلما ربحنا ذواتنا ، فحبة الحنطة لا تثمر إلا عندما تدفن في التربة ، من اجل ذلك قال الربّ من يهلك نفسه إي يبذلها من اجلي فأنه يجدها .

لقد جاء عن السيد المسيح انه كان ينمو في النعمة والقامة والحكمة عند الله والناس . فكان بناسوته ينمو في الروح وينمو في القامة جسديا وينمو في الحكمة عقليا . وفى علاقته بالآب السماوي وبالناس ، فجال يصنع خيراً ويشفي كل مرض وضعف في الشعب ، ويكرز ببشارة الملكوت، ونحن يجب ان نتعلم منه ان ننمو يوما فيومًا . اشبع روحك بكلمة الله وبالصلاة والتأمل وحياه التوبة والنمو في القداسة . اهتم بنفسك فابتعد بها عن الانحرافات النفسية . مُنمّيا فيها الميول الطيّبة ومحبة الآخرين وقبولهم وتشجيعهم . اهتم بعقلك فاصقله بالمعارف المفيدة والقراءة الجيدة ، وكن حكيماً في التفكير والتصّرف . اهتم بجسدك كوزنة فتقويه ولا تدنّسه.

لا تكن أنانيا واخرج من ذاتك فالله يقاوم المستكبرين، أما المتواضعين فيعطيهم نعمة . ازهد فيما هو في العالم وتذكر كيف أضاع الغني الغبي حياته وسمع الصوت القائل يا غبي في هذه الليلة تطلب نفسك منك ، فهذه التي أعددتها لمن تكون ) لو 12 : 20 .

لا تكن حكيمًا في عينيّ نفسك بل لتكن حكمتك من الله المدخّر لنا فيه كل كنوز الحكمة والعلم . ليكن لك مرشد روحي يقود خطاك ، واقرأ في سير القديسين لتتعلم كيف ساروا مع الله وعاشوا فيما لله ولم يحبوا حياتهم حتى الموت . ليكن للوقت قيمة في نظرك و كما يقول قداسة البابا شنودة الثالث (حياتنا أوقات ومن يضيع أوقاته يضع حياته ). اربط نفسك بمحبه الله وبشركة وعمل الروح القدس معك طالبا إرشاده في وقت الحاجة والضيق ، وهو قادر ان يحول ضعفنا إلى قوة ويمنحنا الحكمة والنجاح والنمو في حياة القداسة والبر والفضيلة . أمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق