29‏/12‏/2009

الصديق كالنخلة يزهو


"الصديق (البار) كالنخلة يزهو" (مز92: 12)


+ يشبه الوحي الإلهي المقدس ، الإنسان البار "بالنخلة"، ذلك للإرتفاع والنمو والسمو الروحي، حيث تمتاز بأنها ترتفع عن كل الأشجار.والإنسان الروحي يعيش في الجبال، والقمم العالية، ويحلق فيما فوق السحاب، في تأملات في إله السماء والمجد. والنخلة في ارتفاعها، رمز للبعد عن دنايا الدنيا (كذلك يسمو الإنسان الروحي على سائر الناس العاديين المنشغلين بالأرضيات الفانيات).

+ والنخلة لها ثمارها رغم نموها في بيئات صحراوية قليلة المياة وجو حار جداً، ورياح شديدة، وتدل على الصبر، واحتمال عوامل الزمن، وحيث تعمر طويلاً. هكذا أيضاً الإنسان الروحي له ثماره رغم كل الظروف الصعبة المحيطة حوله، فهو يتكل على الله الإتكال الكامل، وليس على مساعدة الناس، المحتاجين أنفسهم إلى المساندة، كما قيل: "الرب قوتي ويمشيني على مرتفعات" (حبقوق3: 19). وأن أولاد الله بمعونته "يرفعون أجنحة كالنسور" (إش40: 39) ويتشبهون به "كمعلم بين ربوة" (نش5: 10)، ويحاولون الوصول بوسائط نعمته إلى "قياس قامة ملء المسيح" (أف4: 13).

+ وتعلمنا النخلة أيضاً، ضرورة الدخول إلى العمق، والتأمل في النعمة. وبقدر الإرتفاع الروحي يكون العمق، ولولا تعمق جذور النخلة في باطن الأرض، لما استطاعت تحمل هذا الإرتفاع، وعدم الإنكسار عندما تميل من جراء العواصف (عدم تأثر المؤمن الروحي المتعمق في النعمة بالتجارب الصعبة، ولأنه ثابت في المسيح صخر الدهور)."يتأملون إلى أسفل، ويصنعون ثمراً إلى فوق" (إش37: 31). وها هو صوت الرب يقول لك "إبعد إلى العمق" (لو5: 4). "العاملون عملاً في المياة الكثيرة (العميقة) هم رأوا أعمال الرب وعجائبه في العمق" (مز107: 24). وفي رؤيا حزقيال النبي، عبر به الملاك ألف ذراع، فوصلت المياه إلى الكعبين فقط، ولا تزال أوحال الشاطيء عالقة برجليه (أي لم يبدأ التوبة والإبتعاد عن دنس الخطية)، وبعد الألف الثانية وصلت المياة إلى الركبتين (أي تعلم الصلاة والركوع). كما نقرأ ما يلي:- وفي الألف الثالثة وصلت المياة إلى الحقوين (حيث تموت شهوات الجسد وتبدأ الألف الرابعة، أدخله الملاك إلى العمق "وإذ بنهر لم يستطيع عبوره" (خر47: 3- 5)، وهنا تظهر نتيجة اختيار عمق محبة الله، وحكمته الفياضة، ونعمته الغنية بالتأملات العميقة في كنوز النعمة.

+ والإستقامة للنخلة، تشير إلى التعاليم الأرثوذكسية السليمة والرسل وصُفوا بأنهم "أعمدة" (غل2: 9) إشارة إلى استقامة السلوك والتعاليم، وكذلك البنات القديسات هن "أعمدة زوايا الهيكل المقدس (الجسد الطاهر)" (مز144: 12)... وهكذا كل نفس نقية. والإخضرار في النخلة، يشير إلى جمال الروح والإستقامة في الإنسان الروحي. "قامتك شبيهة بالنخلة" (نش6: 7)."مغروسين في بيت الرب، في ديار إلهنا يزهرون" (مز92: 13).

+ وقلب النخلة أبيض، رمز لنقاوة المؤمن، وثمارها شهية للأكل، والمؤمن الصالح له ثمار صالحة تظهر في تعامله مع الغير وفي سلوكه وكلامه. وتضرب ثمار النخلة بالأحجار لجمعها، كذلك الإنسان الروحي يقابل الإساءة بالإحسان.فتأمل يا أخي/ يا أختي) النخلة وخذ الدرس والعبرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق