12‏/02‏/2010

الصوم والفضائل الروحية



نستقبل في هذه الايام الصوم الكبير المقدس والذي يضم الاربعين المقدسه والتي صامها رب المجد قبل بدء خدمته والتي ضمت اربعين يوما صامها السيد المسيح وهو في البريه
ويسبق الاربعين المقدسه اسبوع الاستعداد وهو يعتبر مقدمه او استعداد للاربعين المقدسه ويعتبر ايضا تعويض لايام السبوت التي يتم الافطار فيها اثناء الاربعين المقدسه .
ثم بعد الاربعين المقدسه ياتي اسبوع الالام وهو ايضا من اقدس ايام العام حيث نعيش فيه الالام التي عاشها السيد المسيح قبيل صلبه وهي تبدء بعد ظهر الاحد الموافق احد الشعانين او دخول السيد المسيح اورشليم

والاربعين المقدسه تبدء بيوم الاثنين اول ايام الصوم من الاسبوع الثاني من الصوم وتنهي بالجمعه المعروفه بجمعة ختام الصوم وتسمي بذلك لانها ختام الصوم الاربعين المقدس وبها يكون صلاة القنديل العام ويتم مسح الشعب بزيت مسحة المرضي وبعدها يبدء اسبوع الالام الذي ينتهي بعيد القيامه المجيد ,,وقد كان قديما في القرون الاول كانت الكنيسه تصوم الاربعين المقدسه بعد عيد الغطاس او الظهور الالهي مباشرة مثلما فعل السيد المسيح نفسه وكان يصام اسبوع الالام منفصلا قبل عيد القيامه باسبوع مباشرة كما نفعل نحن حاليا الي ان جاء البابا ديمترويس الكرام وضم الصو م الاربعين الي اسبوع الالام كما هو الحال حاليا كما وضع الحساب الشهير المعروف بالحساب الابقطي والذي من خلاله يتم حساب يوم عيد القيامه المجيد وقد سارت كنائس العالم كله علي هذا الحساب قرون طويله وكنيستنا القبطيه الي اليوم مازلت تسير علي هذا الحساب لمعرفة يوم عيد القيامه المجيد .

اما عن الصوم وارتباطه بالكنيسه القبطيه فالصوم احد دعائم العباده في الكنيسه القبطيه وجذوره ممتده في التاريخ الكنسي منذ نشأة الكنيسه الاولي والكنيسه القبطيه تعتبر من الكنائس القلائل التي احتفظت بكل اصوامها كما تسلمتها من الكنيسه الاولي ولم تخفض منها شئ ولم تنتقص منها شئ بل علي العكس ولمحبة الكنيسه للصوم نجد انها اضافت بعض الاصوام علي مدار تاريخها منذ صوم اهل نينوي والتي اضافها البابا ابرام بن زرعه السرياني حيث لم تكن الكنيسه القبطيه تصوم هذا الصيام من قبل ولكن ولان البابا ابرام كان سرياني الجنسيه وكانت الكنيسه السريانيه تصوم هذا الصيام (وهي الكنيسه الوحيده مع القبطيه التي تصوم صوم اهل نينوي ) وكان هو يصومه فادخل هذا الصوم الي الكنيسه وصامه الشعب القبطي واصبح احد اصوامنا الشهيره والمحبوبه والتي يعتبر مقدمه للصوم الكبير ايضا ....

والصوم كما هو معروف في الكنيسه القبطيه هو عباره انقطاع عن الطعام لفترة معينه من الزمن ثم يتبعه اكل خالي من الدسم الحيواني اكل نباتي والصوم ليس فريضه او هو امر مكتوب علينا يجب ان ننفذه ولكنه فترة تدريب روحيه ننعش فيها الروح ونغذيها بالصوم والصلاه والقراءات الروحيه فترة تنمو فيها الروح وتسمو علي الشهوات والطلبات الجسديه .

والصوم بالطبع ليس المقصود به ايذاء الجسد او لان الجسد شر وجب اخضاعه بالصوم ولكن الصوم الغرض به مقاومة شهوة الجسد وخطاياه وكما قال ماراسحق السرياني (كل جهاد ضد الخطيه وشهواتها يجب ان يبتدئ بالصوم).

لذلك ياتي التدرب علي الامتناع عن الطعام عموما لفترة زمنيه او بعض انواع الطعام الشهي طوال ايام الصوم كخطوه اولي للامتناع عن امور اخري كثيره سيئه يكون الجسد او الانسان قد تعود عليها ولذلك ياتي الصوم كفرصه رائعه للامتناع عن خطايا اعتادنا عليها او عادات سيئه مثل التدخين او حتي بعض التصرفات والسلوكيات الخاطئه والغير لائقه ,

لذلك يجب ان يسير مع الصوم الجسدي مع النمو الروحي الداخلي للانسان فلذلك يجب ان يصاحب الصوم

+ الصلاة .
فكما قال الرب يسوع لتلاميذه عن اخراج الشياطين هذا الجنس لا يخرج الا بالصوم والصلاه فالصلاه دائما تكون مصاحبه للصوم ولا يوجد صوم حقيقي بدون صلاه سواء في انسحاق قلب وطلب الرحمه من الرب كما نفعل في الصوم الكبير المقدس او الصلاه من اجل خير العالم والكنيسه وكل انسان ....الخ فالصلاه سلاح قوي جبار خاصة اذا اقترن بالصوم وكما رفع الله غضبه عن اهل نينوي بالصوم والصلاه كذلك يفعل الرب مع كل انسان يلجأ اليه وتاريخ كنيستنا به الكثير جدا من الاحداث التي انقذ الرب فيها كنيسته وشعبه من مخاطر متنوعه ونظر الي سؤال قلب شعبه بعد ان توجه الي الرب بالصوم والصلاه ولعل حادثه نقل المقطم خير دليل . لذلك دائما يصحب الصوم القداسات الكثيره الي جانب الصلوات الخاصه ايضا

+ امر اخر يجب ان يلازم اصوامنا وهو القراءات الروحيه
سواء في الكتاب المقدس كلمة الله لنا او الكتب الروحيه النافعه لنا والتي بها خبرات قديسين او اخرين في حياتنا الروحيه نجد بها الارشاد الروحي والسلوك المسيحي المنضبط فنسير علي اثارهم ونتمثل بايمانهم .

+ اعمال الرحمه
دائما ما يقترن الصوم باعمال الرحمه والتي هي تدل علي قلب محب للاخرين بلا استثناء قلب علي استعداد للعطاء لكل محتاج والصائم يشارك حتي طعامه الذي لم ياكله في فترة صومه لاخوته المحتاجين كما كان يفعل اباءانا واجدادنا في الماضي وهذا جانب من جوانب الصوم ودليل علي صحة الصوم وقبول الرب له وكما يخبرنا اشعياء النبي عندما يقول الرب (اليس هذا صوا اختاره ..ان تكسر للجائع خبرزك وان تدخل المساكين التائهين الي بيتك اذا رايت عريانا ان تكسوه وان لا تتغاضي عن لحمك )..اشعياء 58::7,6

وكما ننشد دائما في قداسات الصوم الكبير العباره الرائعه التي تقول طوبي للرحمه علي المساكين .

فالرحمه علي المسكين بعد روحي جميل وضعته الكنيسه بناء علي وصايا الرب لنا ليكون تدريب اخر نقوم به في خلال هذه الفتره المقدسه المباركه ...

وهكذا الصوم المقدس هو رحله نذوق فيها حلاوة الرب ونستمتع بالعشره من خلال الممارسات الروحيه المختلفه في هذه الايام .

لذلك نصلي الي الرب لتكون ايام الصيام الكبير ايام بركه للكنيسه والعالم كله نصوم جميعنا بقلب واحد ونصلي بنفس واحده ليستجيب الرب لنا ويرفع عنا كل ضيق فنصلي من اجل خير كنيستنا ومن اجل النفوس المضطهده نصلي من اجل ان يعم السلام الكنيسه القبطيه ومصر والعالم كله نصلي في اصوامنا من اجل ان يعرف الجميع المسيح الاله الحقيقي ويكشف الرب لهم عن نوره ويرفع عن قلوبهم الظلمه , نصلي ليدافع الرب عن كنيسته وشعبه وان يحافظ علي الكنيسه وعلي راعينا قداسة البابا شنوده الثالث وجميع الخدام والرعاه معه .. وليقبل الرب منا اصوامنا وصلاوتنا امين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق