23‏/02‏/2010

قراءات الصوم وترابطها




لنيافتة الحبر الجليل الانبا روفائيل

إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العميقة فى كل شئ، العميقة فى طقوسها وقراءاتها رتبت أن يكون هناك هدف يربط بين قراءات الصوم المقدس، وهذا يتضح من خلال أن هناك
أولاً: الموضوع العام للصوم المقدس
إن الكنيسة رتبت لنا أن تدور القراءات التى تتلى خلال الصوم المقدس حول موضوع واحد وهو "الجهاد الروحى"، لأنها تعلم مع بولس الرسول "لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية" (عب 4:12) وهى تناشد كل منا أن يجاهد الجهاد الحسن كما كان بولس الرسول يناشد تلميذه تيموثاوس قائلاً: "جاهد جهاد الإيمان الحسن وأمسك بالحياة الأبدية التى إليها دعيت أيضاً واعترفت الإعتراف الحسن أمام شهود
كثيرين" .1تى 12:6.
ثانياً: الموضوعات العامة لأسابيع الصوم

قسمت الكنيسة الأربعين المقدسة إلى ستة أسابيع يبدأ كل منها يوم الإثنين وينتهى يوم الأحد، وأضافت فى أولها أسبوعاً للاستعداد وهو مقدمة للصوم. ثم جعلت جميع القراءات التى تتلى فى أيام كل أسبوع من هذه الأسابيع السبعة تدور حول موضوع واحد وهدف واحد يعتبر حلقة من حلقات الموضوع العام للصوم.
الأسبوع الأول : تدور قراءاته حول الاستعداد للجهاد وإذا حذفنا قراءات هذا الأسبوع سوف نجد أنها لن تؤثر على الموضوع العام للصوم لأنه استعداد.
الأسبوع الثانى : وموضوع قراءاته هو الجهاد الروحى وطبيعته
الأسبوع الثالث : وتدور قراءاته حول التوبة أو طهارة الجهاد.
الأسبوع الرابع : هو أسبوع الإنجيل أو دستور الجهاد.
الأسبوع الخامس : أسبوع الإيمان أو هدف الجهاد.
الأسبوع السادس : أسبوع المعمودية أو صبغة الجهاد.
الأسبوع السابع : أسبوع الخلاص "خلاص الجهاد".
ثالثاً: الموضوعات العامة لأيام الصوم
أيام الأسبوع الأول
وقراءات هذا الأسبوع بمثابة الاستعداد لرحلة الجهاد، حيث أن قراءات الأيام السبعة لهذا الأسبوع تسير على الترتيب الآتى:
ترك الشر - الالتصاق بالخير - محبة الآخرين - النمو الروحى - الإتكال على الله - السلوك بالكمال - الهداية إلى الملكوت.
أيام الأسبوع الثانى
بعد أن أعدت الكنيسة نفوس أولادها للجهاد الروحى على النحو السابق فهى فى هذا الأسبوع تبين من خلال قراءاتها طبيعة الجهاد المطلوب منهم فتتحدث عن:
صلاة الجهاد - صدقة الجهاد - أمانة الجهاد - دستور الجهاد - ثبات الجهاد - ضيقات الجهاد - نصرة الجهاد
أيام الأسبوع الثالث
وفى الأسبوع الثالث توضح لنا الكنيسة أن الجهاد لابد أن يكون متسماً بطهارة القلب والفكر عن طريق التوبة الحقيقية من خلال قراءات الأيام السبعة وهى كالتالى
اعتراف التوبة - بر التوبة - تجارب التوبة - دينونة التوبة - أمان التوبة - مغفرة التوبة - قبول التوبة.
أيام الأسبوع الرابع
وقراءات هذا الأسبوع تتحدث عن دستور الجهاد الذى هو
الكتاب المقدس وهكذا تشير موضوعات هذا الأسبوع على الترتيب التالى إلى :
روح الإنجيل - الكرازة بالإنجيل - سلام الإنجيل - إنارة الإنجيل - الإيمان بالإنجيل - العمل بالإنجيل - عزة الإنجيل
أيام الأسبوع الخامس
إن الهدف من الكرازة بالإنجيل هو أن يؤمن به سامعوه،
والكنيسة تعالج موضوع الإيمان من خلال قراءات الأسبوع الخامس كما يلى:
إتكال الإيمان - خدمة الإيمان - رجاء الإيمان - تحرير الإيمان - قصاص الإيمان - هداية الإيمان - تشديد الإيمان.
أيام الأسبوع السادس
ان العضوية فى كنيسة المسيح لا تتم لمن يؤمن إلا إذا نال سر المعمودية، وقد رتبت الكنيسة أن توزع أبحاثها فى هذا السر على أيام الأسبوع فى ضوء عقيدتها والطقس المتبع فى إتمامه لذلك. فالقراءات تدور حول توبة المعمودية - إعتراف المعمودية - دينونة المعمودية - حياة المعمودية - قيامة المعمودية - خلاص المعمودية - إنارة المعمودية.
أيام الأسبوع السابع
أن الخلاص هو غاية الذين يتوبون ويؤمنون بالإنجيل ويعتمدون، وقد رتبت الكنيسة أن تبحث فى موضوع الخلاص ممثلا فى شخص الرب يسوع من النواحى الآتية:
شهود المخلص - الإعتراف بالمخلص - الإيمان بالمخلص - قيامة المخلص - دينونة المخلص - بركة المخلص - فداء المخلص
وعلى ذلك تسير الموضوعات طوال أيام الصوم، ويلاحظ أن
هذه القراءات تتألف من فصول العهد القديم والجديد لكل يوم من أيام هذا الصوم.
رابعاً: الموضوعات الخاصة لأيام الصوم
إن المتأمل فى القراءات الموضحة لكل يوم من أيام الصوم المقدس يرى أنها تتألف من ثلاث مجموعات هى النبوات والأناجيل والرسائل. وهذه المجموعات بينها إرتباط وثيق، وكلها تدور حول موضوع واحد هو الموضوع العام لليوم.

خامساً: موضوعاً قسمى الصوم

لقد قسمت الكنيسة الصوم إلى قسمين
القسم الأول : يتألف من أسبوع الاستعداد والأسابيع الثلاثة التالية له، وموضوعات هذا القسم كلها تدور حول ما هو مطلوب من هذا الشعب من مظاهر الجهاد الروحى، مثل ترك الشر وممارسة الصلاة والصدقة والتوبة وإطاعة الإنجيل وما إلى ذلك.
والقسم الثانى : وهى تشمل الأسابيع الثلاثة الأخيرة والقراءات فى هذا القسم كلها تدور حول ثمرة الجهاد أى مدى استجابتهم له كإيمانهم بالإنجيل والتمتع بثمار المعمودية والفوز بالخلاص.
سادساً: موضوعات السبوت والآحاد
إن الكنيسة ميزت موضوعات السبوت والآحاد عن أيام الصوم الإنقطاعى الخمسة بميزتين فمن يدقق النظر فى نظامهما يرى
أن موضوعات الأيام الخمسة تنصب على ما يبذله الشعب من جهاد، فى حين أن موضوعات السبوت والآحاد تنصب على نعم المخلص المتعددة التى يمنحها لهم جزاء لهذا الجهاد
أ- الميزة الأولى : أن موضوعات الأيام الخمسة تنصب على
ما يبذله الشعب من جهاد، فى حين أن موضوعات السبوت والآحاد تنصب على نعم المخلص المتعددة التى يمنحها لهم جزاء لهذا الجهاد
فإذا تابوا مثلاً يقبل توبتهم مثل الإبن الضال.
وإذا سمعوا الإنجيل وعملوا به روى نفوسهم كما ارتوت السامرية.
وإذا أمنوا شدد إيمانهم كما شدد قوى المخلع.
وإذا اعتمدوا أنار بصيرتهم كما استنار المولود أعمى.
ب- الميزة الثانية : هى الإرتباط الوثيق بين موضوعات السبوت وموضوعات الآحاد. فحلقات الموضوع العام فى أى أسبوع تبدأ بيوم الإثنين وتنتهى يوم الجمعة، لأن هذه الأيام الخمسة مرتبطة ببعضها، قائمة بذاتها، مستقلة عما عداها.
ثم تستأنف الكنيسة نفس الموضوع يوم السبت، ولكن بحلقة جديدة من الحلقات. فتطالب الشعب بناحية جديدة من الجهاد حتى إذا قام بها حمل إليه إنجيل الأحد ثواب المخلص له على هذا الجهاد.
على سبيل المثال قراءات الأسبوع الثالث تدور حول التوبة،
ففى يوم الإثنين الحلقة الأولى منه تدور حول الإعتراف به، يليها تبرير المعترف، ثم تعرضه للتجارب وهكذا.. أما فى يوم السبت
فإن الكنيسة تحث التائب على المغفرة لغيره، فإذا فعل ذلك قبلت توبته، كما يوضح ذلك إنجيل الأحد أى أن إنجيل السبت يمثل جهاد الشعب وإنجيل الأحد يمثل نعمة المخلص له على هذا الجهاد وهكذا فى كافة الأسابيع.
هذه هى موضوعات الصوم كما وضعتها الكنيسة، ولابد أن نلاحظ أن الإهتداء إلى هذه الموضوعات ليس بالأمر الهين، فقد يقتضى ذلك أن نبدأ بقراءة إنجيل القداس ورسالة البولس والنبوة الأولى عدة مرات لمعرفة سر الإرتباط بينها، ثم قراءة النبوات واحدة واحدة لمعرفة موضوعها الخاص، وكذلك الحال فى بقية الأناجيل والرسائل - ثم البحث فى مدى إرتباط قراءات اليوم ببعضها البعض لإستخراج الموضوع العام لقراءات هذا اليوم، ثم الموضوع العام للأسبوع الذى يربط بينها. فإذا انتهينا من الموضوعات العامة للأسابيع
توصلنا إلى معرفة الموضوع العام للصوم كله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق