للأب افرايم الأورشليمي
من هو قريبنا ..
أراد السيد المسيح أن يعرف الناموس الذى جاء يوماً يجد به ، من هو قريبه ، فقدم له مثلاً عن السامرى الصالح فقال له "أنساناً كان نازلاً من أورشليم إلى أريحا فوقع بين لصوص فاعتدوا عليه وتركوه بين حى وميت ، وأتفق أن كان كاهناً يهودياً نازلاً في تلك الطريق فرآه وعبر عنه"!
لقد كان الجريح من بنى جنسه وكان صوت الرحمة يناديه فالجريح مطروح ملئ بالجروح وبالدماء وصوت الله يدعوه قائلاً "أنى أريد رحمة لا ذبيحة" والناموس يقول "لا تنظر حمار أخيك أو ثوره واقعاً في الطريق وتتغافل عنه" "لكنه نسى أن الدين رحمة" ومضى مر بعد ذلك على الجريح لاوى وهو أقل من الكاهن درجة لكنه يخدم في الهيكل ويجب أن يكون قلبه عامر بالرحمة فيخدم هذا البائس لكن جاء إليه ونظر معبر عنه.
مر بعد ذلك سامرى وهو مبغوض من اليهود لكنه عندما رأى ذلك اليهودى مجروحاً مطروحاً نسى الفوارق والعداوة ودفعه حبه للإنسان والإنسانية أن يتقدم إليه كإنسان محتاج للمساعدة وحسب ، وتحنن عليه وضمد جراحاته وصب عليها زيتاً وخمراً وأركبه على دابته وأخذه إلى فندق وسهر على راحته ودفع له مقدماً أجر الفندق .. ووعد بسداد كل حاجاته لصاحب الفندق عند عودته أن ذادت نفقاته عن أعطاه.
ثم سأل السيد المسيح هذا الناموس من صار قريباً في هؤلاء لهذا المجروح الطريح ، فأجابه الرجل ، أنه السامرى ، قال له الرب ، أفعل هكذا فتحيا ، وهكذا فكل أخاً لنا في البشرية هو قريبنا لاسيما المحتاج.
محبتنا صدي لمحبة الله
لقد تجلت هذه المحبة الإلهية في تعاملات الله مع الإنسانية في مسيرة تاريخها الطويل ، وكان أعظم إعلان لمحبة الله في تاريخ البشرية عندما تجسد الله الكلمة "الكلمة صار جسداً أو حل بيننا" ومات السيد المسيح على الصليب ليحمل عنا قصاص خطايانا الذى نستحقه "هكذا أظهرت محبة الله فينا .. أن الله أرسل أبنه الوحيد إلى العالم لكى نحيا به ، في هذه المحبة ليس أننا أحببنا الله بل أنه هو أحبنا وأرسل أبنه كفارة لخطايانا" (ايو 4 : 9،10).
لقد أحبنا الله ونحن خطاة ، ومازال يحبنا ويغفر لنا خطايانا فهل نتعلم منه أن نحب الجميع ونقدم لهم الحب حتى لأعدائنا ، إن قبول الله لنا يحركنا للتوبة عن أنانيتنا وضعفنا لكى ما نقدم حباً لكل أحد.
نقبلهم كما يقبلهم المسيح ويقبلنا ، ونظهر هذا القبول باحترامنا وتقديرنا وشفقتنا على كل أحد فتكون محبتنا للآخرين صدى لمحبة الله لنا ونكون بنو العلى الذى يشرق شمسه على الجميع.
المحبة الواثقة ..
بقبولى لمحبة الله لى وتفاعلى معها أصير إنسان الله ، يعلن من خلالى للعالم البائس الهالك قبوله وثقته به وغفرانه لخطاياه .. أختار الله أن يثق بنا وأن يكلفنا أن نوصل رسالة الخلاص للآخرين ، أن نعلن خلاصة للعالم ، فهل نحن أهلاً لهذه الثقة ، وهل نمنح ثقتنا للآخرين.
محبة الله وقبوله وثقته فينا ، تفجر الإمكانات الكاملة في داخلنا تحولنا من أناس يائسين إلى أناس يحققون أشياء عظيمة ، لقد أختار الله الرسل من عامه الشعب وضع ثقته بهم ائتمنهم على الكرازة ونشر الإيمان في العالم كله ، لقد قواهم بروحه القدوس فأدوا العمل بجداره حتى أنهم استطاعوا أن يجولوا العالم كله وينقلوا بشرى الخلاص لكل المسكون فيه.
ثقة الله بنا تجعلنا نعمل بجد ونشاط ، تحررنا من الجرى وراء الحصول على القبول ، تملاء حياتنا بالولاء والشكر. قد نكون قد خيبنا أمل الله بنا مرات كثيرة ، لكن الله يجدد ثقته بنا ، ويعطينا فرصة تلو الفرصة كما نعمل مع يونان النبى بعد هروبه من أمام وجه الرب لكنه أنقذه وكلفه بنفس المهمة وإعادة لكى يؤدى نفس الرسالة.
شفاء الله ..
إن الخطية تجرح النفس والمشاعر لكن محبه الله تستطيع أن تجدد وتشفى ذكرياتنا المشوهة ، ومشاعرنا الجريحة الله وحدة يقدر أن يغفر لنا ويعيد بناء عواطفنا من جديد "أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها .. وهو مجروح لأجل معاصينا ومسحوق لأجل آثامنا ، تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا" (اش 53 : 4،5).
أحزاننا وأوجاعنا وجراحنا تشفى لو جائنا لله واثقين وطرحنا خطايانا ونلنا منه الغفران طالبين فلنا من الروح الشفاء ونحيا فرحين بالرجاء يكفى أن نحس ونعيش غفران الله لنا .. أن الله غافر الخطايا يمنحنا نعمة الشفاء الروحى وبهذا نحن نسير على نفس الدرب ، نزرع البسمة في الشفاه ونعطى للبائسين الرجاء ونشفق على الساقطين فمحبه الله تعطى الأمل للمظلومين وتوحد المنقسمين وترد الضالين وتأسر قلوب البشر.
كلما تمتنعا بحب الله ووثقنا في قبوله وثقته بنا وشفائه لجراحنا فأننا نستطيع أن نعلن محبتة ونصنعها مع كل أحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق