للأب افرايم الأورشليمي
الوداعة تعنى إن الإنسان يكون شفوقاً مراعياً مشاعر الآخرين وظروفهم واللطف هو
التعامل برقه وعدم جرح مشاعر الآخرين أو الاستخفاف بهم.والتواضع يعني الشعور
بالمسكنة والانسحاق وان ننظر للأخرين بانهم افضل منا فلا نبخث من قدر احد ونتعلم
من الرب يسوع الوديع والمتواضع القلب .كما أن الوداعة تفيد الوديع وتجعله يحيا خاضعاً طائعاً لإرادة الله.
الشخص الوديع يكون لدية قابلية للتعلم ولا يتكبر ويعترف بالخطأ متى صدر منه ، أنه يستمر منفتحاً لتقبل كل إدراك وفهم جديد
الوداعة لا تعنى الضعف ، فالوديع يمتلك في ذاته قوة هائلة كافية فيه يضبط بها نفسه ويقوم بها ميوله وبحكمة يوجه الآخرين.
وداعة الراعى الصالح :
لعل أوضح صورة تبرز لنا جانب الوداعة واللطف في ألهنا الصالح هى قصة المرآة التى أمسكت في ذات الفعل (يو 8 :1-11) ،
لقد رد السيد بقوة ووداعة على قادة اليهود الذين حاولوا أن يصطادوه ولم يقيموا أدنى اعتبار لمشاعر المرآة كإنسانه.
لم يمنع السيد الرب هؤلاء من رجمها فقط بل ووبخهم وبكتهم على ذلك مبيناً لهم خطاياهم وجعلهم يتركوها ويمضوا.
لم يلق السيد المسيح على المرآة محاضرة بسبب فسادها وعدم مراعاتها للأخلاق كما يفعل الكثيرون اليوم لم ينذرها عن
الأضرار التى جلبتها على نفسها أو على عائلتها ولم يعنفها بل قبلها برحمة ولطف "وقال لها يا أمرآة أين هم المشتكون عليك ،
أما أدانك أحد ، فقالت لا يا سيد ، فقال لها ولا أنا أدينك أذهبى بسلام ولا تخطئ أيضاً". لقد قال لها كل ما تحتاج أن تسمعه عرفها
أن خطاياها قد غفرت لها وحذرها من العودة إليها وأقامها من سقطتها مطمئناً قلبها الكسير. أن خطاه اليوم يحتاجون إلى نفس
الأسلوب في الإصلاح والإرشاد من القادة واللطفاء.
الوداعة وعظمة الخلق ..
نحن نميل عادة بحسب بيئتنا أن نحسب اللطف والوداعة والتواضع كلمات تفيد معنى الضعف بينما الحقيقة أن الوداعة واللطف
تعنى ضبط النفس وعظمة الخلق أكثر بكثير من القوة المزعومة التى تجعل الشخص يندفع إلى قذف الكلمات اللاذعة أو ينطلق في
المجادلات الفاسدة مع الخصومات المرة. الشخص الويع المتواضع يقتدي بسيدة الوديع والمتواضع القلب فيجد راحة لنفسة
المتعبة ويريح الآخرين ويكون كالبسمة والنسمة والدواء للجميع وهذا يعطية نعمة امام الله والناس.
الترفق واللطف
جاء في أسطورة عن الشمس والرياح إن الشمس والرياح اختلفا فيما بينهما من يكون منهما الأقوى !
قالت الريح للشمس سأبرهن لك أننى الأقوى .. هل ترين هذا الرجل العجوز ! بامكانى أن أجعله يخلع معطفه أسرع مما
تستطيعين أنت !؟ اختفت الشمس وراء الغيمة وبدأت الريح تهب وتزمحر وكلما اشتدت الريح كلما أحكم الرجل إغلاق معطفه ..
أخيراً هدأت الريح وسلمت بالفشل.
خرجت الشمس من وراء الغيمة وهى تبتسم برقة للرجل العجوز الذى مسح جبينه وخلع معطفه عندها قالت الشمس للرياح أن الرفق واللين واللطف هما دائماً الأقوى من العنف والغضب.
قد نختلف مع الآخرين في محيط العمل أو الرأى أو الاتجاهات السياسية أو حتى الدينية حتى داخل الأسرة الواحدة ، فإن كنت تثور
وتغضب وتجادل بحدة فأعلم أنك ستخصر من حولك وحتى أن تغلبت برأيك فأنت ستخصر قلب الناس وتعاونهم معك أما إن تسلحت
بالرفق واللطف وجعلت نفسك موضع الأخر فإن ذلك سيكون طريقك إلى النجاح.
من أجل ذلك قال الإنجيل "فالبسوا كمختارى الله القديسين للمحبوبين احشاء رأفات ولطفاً وتواضعاً ووداعه وطول أناة ، محتملين
بعضكم بعضاً ومسامحين بعضكم بعضاً إن كان لأحد على أحد شكوى كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضاً وعلى جميع هذه البسوا
المحبة التى هى رباط الكمال" (كو 3 : 13-14).
إن طريق الأناة والترفق واللطف لا يجب أن يقتصر على أحبائنا بل يجب أن نقدمه حتى لم يظنوا أنهم أعداء أو من يسلكوا معنا
سلوك الأعداء ، حتى لو كانوا أخوة مثلما فعل يوسف الصديق مع أخوته الحاقدين عليه الذين باعوه عبداً ، ومع هذا عاملهم
برفق وقال لهم "لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتمونى إلى هنا ، لأنه لاستبقاء حياة أرسلنى الله قدامكم وبكى يوسف لما عرفهم بنفسه (تك 45 : 21).
الأسلوب الودي والترفق يستميل الناس ويقنعهم ويجعلهم يتخيلون عن أخطائهم ويندمون عن أساءتهم لك أما النقد فيولد العناد والعداوة ويثير الشفقة.
لقد ضرب لنا السيد المسيح له المجد مثل السامرى الصالح مبيناً لنا طريق المحبة المترفقة "فقد جاء عنه وقع بين اللصوص
فعروة وجرحوه وتركوه بين حى وميت ، فلما رآه اللاوى ثم الكاهن تركوه ومضوا واحداً تلو الأخر ولما رآه السامرى الذى كان
في حالة عدواه مع كل ما يهودى ، لما رأى تحنن عليه وضمد جراحاته وأركبه على دابته وأتى به إلى فندق ليعتنوا به ودفع له
كل النفقات" (لو 10 : 30-37).فهل نتمثل بالسامرى الصالح في ترفقنا ولطفنا مع الآخرين .. لقد قدم السيد له المجد مثلاً أعلى
في الترفق مع كل خليقته حتى مع الصالبين والمسيئين قال "يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون" وعندما هرب التلاميذ
وقت التجربة والصلب وتركوه لم يوبخهم أو يعاقبهم بعد قيامته بل أعطاهم القوة والسلام ! ثم دعاهم للكرازة مما جعلهم يقدموا
حياتهم لمن أحبهم.
علمنى يارب قوة الترفق وعظمة اللطف ، دربنى أن أسير في دروبك وأسلك في طريق وصاياك ، علمنى أن أكون ضابطاً لنفسى
مالكاً لزمام قلبى ولسانى ويدى أعطنى روحك الوديع الهادى أعطنى أن أترفع عن الصغائر وأسير سامرى صالح فلعازر البلايا
ملقى عند أبوابى وأنا أقفل أمامه بابى فساعدنى أن أحمل الآخرين وأريح المتعبين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق