01‏/01‏/2010

الله فردوس نفسي


للقديس أغسطينوس

+ إلهي.. تري أين أجد لساناً يقدر أن يعبر عن المجد اللائق بك من أجل نعمك المجانية؟! خلقتني لم أكن وأوجدتني بإرادتك ومن قبل أن أوجد كان لك المجد اللائق بعظمتك. إلهي... أنت بذاتك هو المجد الحقيقي فليس لي إذاً أن أدعوا خليقتك لتخبر بعظائمك. القلب يصغر عن أن يحوي عظائمك والنطق يعجز عن أن يحدها والسمع لا يقدر أن يدركها.. هذه كلها تفني، أما عظائمك فباقية الي الابد.

الفكر له بدايته ونهايته والصوت لا يلبث أن يتبدد صداه تسمعه الأذن ثم لا يلبث ينتهي، أما عظمتك فباقية إلي الأبد.تري من يقدر أن يسبحك ويمجدك كما يليق بعظمتك؟! لذلك أعود فأكرر أن مجدك دائم لا يتغير. أيها المجد الأبدي يا الله إلهي، ينبوع كل مجد راسخ، بدونك أعجز عن أن أمجدك لأن خارجاً عنك ليس إلا المجد الباطل.

+تحدث القديس بولس الرسول إلي الأثنيين عن الله قائلاً: "الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه "هذا إذ هو رب السماء والأرض لا يسكن في هياكل مصنوع بالأيادي ولا يخدم بأيادي الناس كأنه محتاج إلي شيء. إذ هو يعطي الجميع حياة ونفساً وكل شيء...أنه عن كل واحد منا ليس بعيداً "لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد "أع28:22:17". فالله ليس ببعيد عن نفوسنا بل هو مركزها! إن كانت السماء والأرض لا تسعانه لكنه يقبل النفس البشرية التي هي على صورته ومثاله عرشاً له. وهي أيضاً تمتلئ به وتستريح!

إن الله يطلب منا القلب "أم26:23 "وإذ تقدمه النفس للرب تراه سريراً صغيراً "نش1:3 "فيوسعه الرب:أش8:57 "لكنه لا يحتمل معه عريساً أخر. فالقلب راحته في الرب وحده وشبعه يكمن فيه لأنه سماوي ولا يمتلئ إلا بذاك السماوي. وكما أن الخاتم الذي يصنع خصيصاً ليوضع فيه حجر كريم مثلث الشكل لا يقبل غيره هكذا النفس لا تسعد الا بالله القدوس.

+لهذا نقول أنه من غيرالخطية ما كانت حاجة إلي وصية المحبة إذ النفس بطبيعتها تنجذب نحو الله كما ينجذب حجر ثقيل نحو الأرض طبيعياً بفعل الجاذبية الأرضية.. أما وقد دخلت الخطية إلي القلب فقد صارت هناك حاجة إلي تنقية القلب بعمل دم يسوع وتقديس الروح... مع وصية المحبة. لقد صارت هناك حاجة إلي أن يعرف الإنسان أن الله مركز حياته وسعادته، فيه كل شبع النفس وراحتها. هذا الأمر الذي ما كان لآدم أن يسمع عنه، لأنه يعرفه طبيعيا.

+أما الآن بعد السقوط فلا يكف الله عن أن يوبخ جهلنا معلناً حقيقته قائلاَ "لأن شعبي عمل شرين تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم آباراً آباراً مشققة لا تضبط ماء "أر2.وجاء رب المجد يسوع المسيح ينادينا "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم "مت28:11".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق