قيصر هو العالم، وانشغالات الأرض، ومسئوليات الحياة اليومية، والواجبات المطلوبة من المؤمن، نحو الدولة والوطن. والسيد المسيح حدد لنا مفهوم العالم فى يوحنا (17) كما يلى: "لستم من العالم" ... أى أن طبيعتنا التى تجددت بالإيمان بالمسيح والمعمودية، والأسرار المقدسة، والأعمال الصالحة كثمار للإيمان، تظهر الإنسان المسيحى بأنه يملك رؤية مختلفة للأمور، ويرى الحياة بنظرة جديدة. فهو يحيا بأسلوب مختلف عن "أهل العالم" ... وقد أوضح لنا الرسول يوحنا ذلك بقوله "لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة" (1يو16:2 )... ولذلك فإن من يحب العالم – كشهوات ومقتنيات – إنما يفقد محبته لله.. بل يصير فى عداوة معه... "أن محبة العالم عداوة لله" (يع 4:4)..."لأن اهتمام الجسد موت" (رو6:8).. أى أن المشغول بالأرضيات والحسيات فقط، إنما يسير فى طريق الموت الأبدى. "لست اسأل أن تأخذهم من العالم" أى أن السيد المسيح لا يريد من أتباعه أن يتركوا العالم، ويعتزلوه، ويمضوا جميعاً إلى البرارى والصحارى.. بل هو يقصد أن نستمر فى العالم لنؤدى دورنا فيه، ولنجاهد ضد الدنايا والسلبيات. وهذا الجهاد لا يمكن أن ينجح بدون مؤازرة وعمل النعمة، أى عمل روح الله القدوس، فى طبيعتنا البشرية الساقطة، لتصير مقدسة بنعمته. إن القلة القليلة التى تتخذ من الرب عريساً نهائياً لها، فى طريق الرهبنة والبتولية، لها منهجها الخاص، ولكن الأغلبية المدعوة للزواج المقدس، واستمرار النوع الإنســانى، وتقديم كثيرين إلى الملكوت من أبنائهم وبناتهم، لا شك أن لهم دور جبار وهام فى بناء ملكوت الله العتيد. "كما أرسلتنى إلى العالم... أرسلهم أنا إلى العالم"... وهنا يبرز سبب استمرارنا فى الأرض، وسط الناس، لكى نقدم شهادة أمينة للرب،ونخدم إخوتنا فى المسيح خدمة مقدسة، ونعطى نماذج للمجتمع تظهر مدى وجود الله فينا، فيمجد الناس أبانا الذى فى السموات. إنها – إذن – إرسالية خدمة، شبهها الكتاب المقدس بتشبيهات عديدة مثل: - "النور"..."أنتم نور العالم" (مت14:5) الذى يهزم حلول الظلمة - "الملح" ..."أنتم ملح الأرض" (مت13:5) الذى حفظ العالم من الفساد - "السفير" ... "إذ نسعى كسفراء عن المسيح" (2كو20:5) نقدم صورة المسيح للناس، فيتعرفوا عليه من خلالنا، ويصطلحون مع السماء. - "الخميرة" ..."خميرة صغيرة تخمر العجين كله" (غل9:5) والخميرة تحتوى على بكتريا حية تتكاثر فتخمر العجين الميت، تماماً كالمؤمن الذى يشرق بالمسيح الساكن فيه، فيرى الناس نور المسيح من خلاله. _ "الرسالة" ... "أنتم رسالتنا مكتوبة فى قلوبنا معروفة ومقروءة من جميع الناس " (2كو2:3) فسلوكيات المسيحى الحقيقى، إنجيل متحرك ومعاش. - "والرائحة الزكية""أنتم رائحة المسيح الزكية"، فالمسيح رب المجد عطر وناردين، جمال روحى، وإنعاش يومى، للنفس المؤمنة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق