لا شك أن شهادة الدم والتى قدمها آباؤنا علي مر العصور وحتي في الوقت الحاضر ، هى امتداد فعلى وعملى للصليب وبذلك اقتدوا بالمسيح فى صراعهم مع قوى الشر وقدموا أنفسهم ذبيحة لأجل تقوية وتعضيد ودوام الإيمان. وبهذا أصبحوا تلاميذ أو أبناء وشهود للذى: "قدم نفسه ذبيحة وقرباناً لله من أجلنا" (أف 12:5). وفى هذا يقول أغناطيوس الشهيد: "وأنى واثق بصلواتكم أنى أتمكن من محاربة الوحوش حتى يتأتى لى بلا استشهاد، أن أصير تلميذاً للذى قدم نفسه ذبيحة لله من أجلنا".
1- الروح القدس والشهادة للمسيح .. لم يتقدم الشهداء إلى الاستشهاد بدافع وقوة من ذواتهم، وإنما بقوة الروح القدس ومعونته ويؤكد هذا القديس كيرلس الأورشليمى: "بقوة الروح القدس يؤدى الشهداء شهاداتهم.. لأنه من المستحيل عليهم أن يشهدوا للمسيح ما لم يكن ذلك بالروح القدس". ودرجة الشهادة هى نتاج طبيعى لحياة روحية ناضجة فهى كما يصفها القديس اكليمنضس السكندرى: "كمال عمل المحبة".إن الشهادة تكفل لنا أن نتحد بالمسيح فى وحدة مما يكفل لنا إكليل الحياة الأبدية وفى هذا يقول أوريجينوس: "أن الإيمان يختبر فى هذه اللحظات إن الاستشهاد واجب لكل مسيحى لأن كل الذين يحبون الله هم بالضرورة مستعدون ليتحدوا به".
2- الشهادة ضد الظلم والاستغلال والسلبية والفساد. بصفة عامة الاستشهاد: "استعداد تام للتضحية بكل ما هو ثمين وذلك حتى الموت بمحبة كاملة". وعلينا جميعاً أن نحمل داخلنا هذا المفهوم دوماً قد يختلف الأسلوب ولكن يظل المفهوم هو دون تغيير لأنه وكما قال أغناطيوس الشهيد: "فإذا لم نكن على استعداد أن نموت لآلامه فحياته ليست فينا". ولكن الظروف الحاضرة تختلف عن الماضى سواء فى نوعية الصراع أو أطرافه الأخرى بمعنى أنه إذا كان صراع آباؤنا ضد الوثنيين وكانت شهادتهم اعلان محبة فان شهادتنا نحن الآن هي ضد التحديات والهموم والمشاكل والتسلط والاستغلال والسلبية والقيم الفاسدة وشهادة للمسيح النور الذي فينا وسط عالم مظلم. اننا من أجل المسيح نمات طول النهاركما قال القديس بولس الرسول(كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح (رو 8 : 36).انا الشهادة للمسيح لا تعني مطلقا ان لا ندافع عن حقوقنا ونقوم بواجباتنا ولا نقبل الظلم فان المسيح قد جاء (قصبة مرضوضة لا يقصف و فتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة) (مت 12 : 20).
3- التصميم علي الانتصار : بهذا يمكن أن نواجه هموم العصر التى تعطلنا عن النمو بروح الشهيد المستعد أن يموت الجسد فيه ويحيا بالروح أى إماتة كل سلطان للجسد على الإنسان وذلك بسيطرة الروح: "لأن إن عشتم حسب الجسد فستموتون ولكن أن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون" (رو 7:8-13). والمقصود بالجسد ليس المعنى الحرفى وإنما كل ما هو شرير وفاسد وردىء فى العالم. والمقصود بالروح لا يعود على الروح التى هى واحدة من مكونات الإنسان (الروح النفس الجسد) وإنما الروح يعود على الروح القدس ومدى ما سمحنا له بالحركة والعمل والنشاط داخلنا، فيرشدنا ويوجهنا ويعطينا نعمة المواجهة. أخيراً إننا لو واجهنا كل ما يعوق حياتنا الروحية الخاصة أو الاجتماعية بروح الشهيد: المصمم على التغيير والانتصار واستحضار ميلاد جديد. وبالتالى نتجاوز العصر بكل همومه ومشاكله إلى ما هو أحسن. ومع كل هذا نظل مستعدين للشهادة للحق والأستشهاد لا كراهية في الحياة ولكن من أجل حياة أفضل مع مسيحنا ولمجتمعنا .
|
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق